الفينيق "رضوان طيارة" في ذمـة الله .. في ذاكرة الفينيق/ زياد السعودي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ✒ ✒ محابر خاصة ✒ ✒ > ۩ في ذمـة الله .. في ذاكرة الفينيق ⋘

۩ في ذمـة الله .. في ذاكرة الفينيق ⋘ رحمهم / رحمهن ..الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-2013, 04:31 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي الفينيق "رضوان طيارة" في ذمـة الله .. في ذاكرة الفينيق/ زياد السعودي



سلام الله

تعودنا أن نضع نصاً تحت الضوء
ومن خلاله نشتغل
هنا ووفاءً لتجربةٍ فذّة
سنستميح روح الفينيق

رضوان طيارة

لنضعه تحت الضوء،إذ به يليق الضوء
رحمه الله
وادخله فسيح جنانه جنانه



سلسلة قراءات السعودي : المارد الفلسطيني / رضوان طيارة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص : المارد الفلسطيني
الناص : رضوان طيارة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النص
ــــــــــــــــ

الشعب قدْ رص الصفـوف و لَمْلما
و الجرحُ قد خلع السكوت و زمْزما
و المارد العـمـلاق إنْ قَمْقَـمْتَه
زمـنا أقمـتَ خـلاله متنعـما
هَزتْه كف أنت تدري زندها
فنضا غبارَ الذل عنه فحطما
أنسيتَ أن جذوره من أمة
تبني من الهامِ الجبابرِ سُلما
أحلمتَ بالقول الذي زعمتْ به
أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
إن الإله اختارنا و قضى لهم
أن يلبثوا حول الأسِرة خدما
قوم أقاموا القتل قانونا لهـم
و المكر مِنْ بعد الكليم و قبْلَما
فأتيتَ تفتـعل الرذيلة مثلهم
لكأنهم ضعفوا فجئتَ متمما
وحشرتَ ما اسْطَعتَ اللصوص ولم تزل
من كـل ماخـور تُجَـمع مجـرمـا
و نفختَ فيهم ما أردتَ فصدقــوا
أن لو يشاؤوا لاسـتباحوا الأنجما
صهيون مهلا فالحقيقة عكس ما
تبدو لديك فعدْ لجُـحْركَ تسلما
حلق بِوَهْمكَ ما استطعتَ فإنهم
آتون مثل السيل يهدر عارما
نهضوا من الأنقاض يملأ قلبَهم
نور يفيض على النفوس مُقَوما
حتى إذا وَعَتِ الطريقَ عقولُهم
و استلهموا التاريخ ما قد ألهما
و قضَوا على النعرات تقصم ظهرهم
مـن عهـد هولاكو قضاء مبـرما
و تصافحتْ كف بكف و التقى
قلـب بآخر عالشهادة أقسما
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما
ملأوا فِجاج الأرض و انتصبوا على
كل المشـارق كالحِمـام دواهـما
لم يثنهم عـن عزمهم مـوت فـقد
أخذوا من الموت الشـريف عزائما
يا أهلنا المتمسكيـن بأرضـكم
و السائرين إلى القتال ضراغما
و الناذرين إلى الإله نفوسَكم
و الثابتين إذا اللهيبُ تقدما
و الحالبين الدهر من أشطاره
و الشاربين من الليالي علقما
لا تحسبوا أنا تركنا سُوحَكم
فلقد كتبنا في الصمود ملاحما
دمنا من القلب الذي هو منـكم
و الأصل قد ربط الفروعَ فأحْكَما
إنا سنزحف في الصباح كتائبا
تمتد من عمق الوهاد إلى السما
ها قد حشدنا كل أشرسَ كاسر
جيشا يمور من التِرات عرَمْرما
لا يثْنِكم خَوَرُ الـذين تسـابقوا
ليقَبـلوا قـدما و كفا ناعـما
يتصاغرون لأجل جاه خُلب
أَوَيرْفع الجاهُ المزيف خادما
لكنه المرض الخبيث إذا وعـوا
فروا فرار البهم من سيل طمى
يا أيها الحجـر المعطـر بالدما
كن في يد الأبطال طودا راجما
فهُمُ الزناةُ و أينما مروا على
وجه البسيطة يزرعون مآثما
فَجرْ رؤوسَهم و دك صدورهم
دكا يحيل الوحش حَمْلا ناعما
و اتركْ دَعِيا في البداية غانما
يجثو و يندب في النهاية غارِما
و كن الرؤوم إذا ضممتَ مُضَرجا
حمـلتْه أجنحةُ الملائـكِ للسما
رطبْ رميم عظامه و افتحْ له
بابا إلى روض الجنان لينعما
و كنِ الطبيبَ إذا تَعَفر مُثخَن
يبغي لبُرْء الجرح عندكَ بلسما
قدمْ له الترياق طهرْ جرحه
فله حنين أن يعود ليقحما

-------------


القراءة والتحليل :

المارد الفلسطيني
العنوان :
ــــــــــــــ

المارد الفلسطيني
حمل العنوان الدلالة الاولى التي تفضي الى الغرض
ث انه حمل النص الى التجنيس الثانوي كادب مقاومة
على اعتبار ان التجنيس الرئيس
هو عمود الشعر من خلال استحقاقات البحر الكامل
الذي اتت عليه القصيدة في ( 37 ) بيت
مما يدل على طول النفس الشعري لدى الناص

البنية الإيقاعية:
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الخارجي: تضمن بحر النص الكامل (متفاعلن)
مع وحدة القافية برويها الميم وهي مطلقة مجردة من الردف
والتأسيس , وموصولة بحرف مدّ مع اعتماد التصريع .

الإيقاع الداخلي :
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الداخلي كان حاضرا من خلال التكرار الصوتي
فنرى اصواتا عدة قد تكررت في عدة ابيات
صوت النون ( المتمسكيـن السائرين الناذرين الثابتين ... الخ )
وصوت واوا الجماعة ( يلبثوا أقاموا ضعفوا لاسـتباحوا .. الخ )
وكلها أصوات متقاربة في الصفة أو المخرج
مما وزع نغمة الايقاع على ارجاء النص
تكرار اللفظ ( كف بكف )
وبعض الطباق ( البداية النهاية )


( الشعب قدْ رص الصفـوف و لَمْلما
و الجرحُ قد خلع السكوت و زمْزما )


المطلع المصرع اتى تقريريا في صدره
وانزاح في عجزه نحو الاستعارة
ليشُدَّ بيان العجز تقرير الصدر

(أنسيتَ أحلمتَ فأتيتَ وحشرتَ نفختَ )

اعتمد الناص في بناء منجزه الشعري
على تقنية مخاطبة المفرد المذكر ( صهيون )
من خلال افعال استئنافية استفهامية استنكارية
واستخدم تقنية العطف في بناء الجمل الشعرية
مما اسهم في ابقاء المتلقي في حالة تناص مع النص غرضا وبيانا


( آتون مثل السيل يهدر عارما
نهضوا من الأنقاض يملأ قلبَهم
و استلهموا التاريخ ما قد ألهما
و قضَوا على النعرات تقصم ظهرهم
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما )


ومن ثم تغير شكل الخطاب ليأخذ شكل السرد
لتظهر عاطفة الشاعر المتناغمة مع تعداد حميد الخصال
ومظاهر المجد والسؤدد في القوم
متخذا من افعال الجمع بصيغة الماضي
مفتاحا لبناء الجمل الشعرية مستلهما ومبشرا

( صهيون مهلا فالحقيقة عكس ما
تبدو لديك فعدْ لجُـحْركَ تسلما
حلق بِوَهْمكَ ما استطعتَ فإنهم
آتون مثل السيل يهدر عارما )


تجلى الغرض الشعري في هذه الابيات
التي اتت في متن القصيد
لتبقي على اللهجة والبناء المنبري للنص

( قوم أقاموا القتل قانونا لهـم
و المكر مِنْ بعد الكليم و قبْلَما )


استناد موفق على القصص القرآني توظيفاً
لخدمة البنية المعنوية

( أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
إن الإله اختارنا و قضى لهم )


اسقاط للاكذوبة اليهودية التلمودية الواهمة
المتمثلة بانهم شعب الله المختار

( و تصافحتْ كف بكف و التقى
قلـب بآخر عالشهادة أقسما
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما
ملأوا فِجاج الأرض و انتصبوا على
كل المشـارق كالحِمـام دواهـما
لم يثنهم عـن عزمهم مـوت فـقد
أخذوا من الموت الشـريف عزائما )


تجلت عاطفة الحماس والفخر في هذه الابيات
التي صبّت في الوحدة الموضوعية للنص
وفق تسلسل مدروس للسياق الشعري
الملتصق بالغرض الشعري
والذي امتزج فيه الشعر بالفكر والتاريخ

الأساليب الموظفة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


غلب الأسلوب الإنشائي من خلال

النداء :

( يا أهلنا المتمسكيـن بأرضـكم
يا أيها الحجـر المعطـر بالدما )


الأمر:

( فروا فرار البهم من سيل طمى
كن في يد الأبطال طودا راجما
فَجرْ رؤوسَهم و دك صدورهم )


الاستفهام:

( أنسيتَ أن جذوره من أمة ؟
أحلمتَ بالقول الذي زعمتْ به ؟ )


الصور الشعرية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


على الرغم من منبرية النص وايقاعه الخطابي
الا ان بعض الصور وما احتوته من تشبيه واستعارات

( أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
آتون مثل السيل يهدر عارما )


قد ادت الى ارتفاع منسوب الشعر في الكلام على ندرتها

المعجم :
ـــــــــــــــــ


غلب عليه الطابع التقليدي وشهد النص بعض المفردات المعجمية
( نضا ، عرمرم ، فِجاج ، التِّراتُ ، خُلب )


يسجل على النص ما يلي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ

* غياب التشكيل عن النص في مواطن يكون فيها التشكيل ضرورة
* غياب علامات الترقيم .
* اقحام الضرورة الشعرية فيما لا اجد له تخريجاً في : قلـب بآخر عالشهادة أقسما
وربما كان يمكن ان يقول : قلـب بآخر بالشهادة أقسما
* منبرية النص لا تشفع للشاعر غياب المخيال وندرة الصور
* عيوب في القافية السِّناد: وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي ما بين فتح وكسر

زياد السعودي




الشاعر ماهر عمر يرثي الشاعر رضوان طيارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في رثاء أخي و أستاذي الشاعر رضوان طيارة

حين ارتحلت إلى العلا أشجيتنا جرى الدمع على قبر يضمخه الشذا ويفوح
على سماء الفينيق نثر الحمام هديله و الشمس أرخت حمر ضفائرها تنوح
يا من رفعت للعلم راية أوجعتنا لفقدك و نثرت فينا الجروح
لفقدك تأوّه الحرف و انحنى هدّمت للجهل حصونا و صروح
توّسد الرمل الحنون و بكى الثرى الجرح فينا ظل نازفا يسيح
عشت حياتك بيننا زاهدا ما غوتك يوما مغانم أو مديح
كذب الدمع و سال دما إن كتمته حينا سيظل وجعي مفضوح



نماذج من انتاج الفقيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغريران


قبيل الصباح
تفتح وجه
بأقصى نقاط السكون
فلون جدران روحي
وفاح
حملتُ وريدي
ولهفة وجدي
ففاض حنيني
بصمت
وباح ..
وجئتُ
على صهوات الأماني
أضم شعاعا
تراءى
على جبهة
كالعقيق
ولاح ..
وذبنا كلانا
كشمس
تلم ظلال القوافي
ونجم
تلاشى على شفتيها
هوى
واستراح ..
غريران نحن
وطفلان سارا
بغير اتجاه
إلى غير قصد
نهيم غدوا
ونلهو رواحا ..
يقول
فتسمع رجع السواقي
وتحكي
فيسمع شجو النخيل
وفي الصمت
حرمة كل اللغات
أباحا ..
تركنا الدنا حولنا
وارتقينا
خفيفان
طارا إلى صدر نجم
مساء
وشدا لجنات عدن
صباحا ...


اِلإشارة ...

علي أن أكون أنيقا
وأن أعبث بأصابع المجرات كما أشتهي
وأنسى بأني شققت الطريق
للمجهدين
وأن الدموع التي واكبتني
أضْفتْ على صمتها الجليل
بعض عطر
وكثيرا من ذبول
قالتْ
فيك شيء من جنون الطبيعة
واحتراف الفراشات اللهيب
كانت الشلالات تساقط خلفي
وأنا أعبر حاجز الخوف
قلتُ لا تنظري للوراء
ولا تتشبثي بأقدامك اللازبة
كان اليمام يسهر فوق الجبين
والريح تبدو طائشة
عليكِ أن تكوني أنيقة
وأن تلبسي كل يوم لبوس المترفات
وأن تدعيني أتسلق تلك الجدائل
كيما أصل
كنتُ مزهوا بفيضي
والحروف تهدل في الوريد
كان الحاء يملأ البهو
والكاف محور الكل
وأنت بدوية الشفتين
قلتِ ترهات الحنين
وغبتِ
فكيف لي أن أحمل هذا الشجن
وأشرتُ إليك
ونحن مسرفون في العلو
فأرسلتِ ضحكتك التي تشربني
ونسينا الإشارة
فانكفأنا
كانت الأنواء تسأل عن سر هذا الجنون
وكنا نجيب برعد وبرق
وفي لحظة مستحيلة
انهمرنا
كان علينا أن نبقى متلازمين
ومنفصلين
كي نتدفق في الينابيع
أذكر يوم ارتقينا معا
وصنعنا للربيع أكماما من ياسمين وفل
وحفرنا معالمنا على صدر الطريق
فكيف مات البريق
وكيف انكسرنا .....


كوني .. فقط


كوني على نفس المسافة
لا تحتمل عيناك
أكثر من نشيج
فالقاع روضه السابلة
وليس من اللائق أن أرعوي
كوني بذاتك
لي قمر
لا توقظي الكثبان
من هدآتها
فسترحل الأشجار
نحو المنحدر
كوني مراياك الصقيلة
أو يجيء القصف
مثلثا
ومسدسا
كوني رصيفك
أو يضيع الملتقى
لا شيء يصدر صوته المعتاد
إن برق البصر
وتنمحي الخطوات
في المد الرجيم
كوني اشتعالي
حين تنطفئ التخوم ..
فيقودني الحمأ الأليف
إلى دمي ..
كوني لظاك
أو مدي جناحك
مستحيلا خامسا
كوني ارتداءك
حين يطويني الصقيع
على مشارف رقصة
وحماقتين
كوني وشاحا
للنخيل
إذا بكى
شيء بقلبي
أو تعطل نبضه
ذات انخماص
على شطط
كوني
فقط ....


شرذمة


في أفضل حالات الإخفاق
تسريب
معني بالوجه
أعلن مقاطعة الصفر
وخارج كل إطار
يتعهد الطرف الثالث
على ما يبدو
حتى الآن
أن لا ضير
هي كيفية
كل خطاب
فصل
وفي أزمنة أخرى
كان توقعهم
منصوبا
في المصدر
على غير التزام
والطاقم
عربد
في منتصف الحيلة
لجهة الحصة
أوراق الضغط
بلا إغراء
من أروقة الطرف الآخر
ثمة أسراب
لا ترهب
أو تمتد
ما إن تتنصل
أو تهدف
يتناوله الشك
في الموج
يختزل العد ...


المحو

لم أكن أدرك
علكَ مشدوها بطيف
تعلق بالذكريات
ونام
علكَ كنتَ
على مدى قبلة وحنين
قلتُ إني لم أكن أدرك
أجن لصوتكِ
حين محا مسافته الفاصلة
واستقام
أعرف هذا الخرير
وجئتُ على أمل في لقاكِ
وقلتُ أموت قليلا
وجئتكِ قلبا نديا
يدور على نسمة
من شذاكِ
لم أكن أدرك
تركتُ حروفي هناك
فراحت كل النجوم
تلم الحكايا
وتسكبها في النهار
وكنتُ ألاحظ أنكِ أبعد
مما أظن
وأني استويت
على هجعة من يباب
وقلتُ عساها ترد افتقاري إليها
لم أكن أدركُ
قلتُ سأسأل عن هذه النار
وعن هذه المسكونة بالتراتيل
ظننتُ غيابي فناء الشواهد
فقلتِ غيابكَ سر الحضور
فتهتُ
ثم أعدتِ
فتهتُ
ثم تلاشيتِ
فقمتُ
ثم لم أكن
حين أدركتُ هذا القيام ....


خيوط الندى

عبقتْ بجانحتي
خيوط
من شآبيب الندى
فسكبتُ لحن الوجد
في أوراقي ..
وكتمتُ هذا الحب
عن عين الورى
فتفجرت
روح تضج من البكا
ومآقي ..
ومشتْ ترانيم الفؤاد
على الربا
حتى تفتق
سحرها
فالريح ناي
والدموع
سواقي ..
وتمددتْ
بين الشغاف
فبعثرتْ
وَلَهي
وطغى على
شمس الدنا
إشراقي ..
يا قلبُ مالك
إن لمستُ شعاعها
تزهو
وتفنى
إذا اضطربت
بألوان النوى
أعماقي ..
ألأنني
وأنا المريض
من الهوى
تُلقى على شفة القنا
أحداقي ..
ولأن طبعي
دافئ
وسريرتي
سمح
يكون على كف الهجير
مساقي ..
أخبرتُها
أن الخيوط
كئيبة
والصمت
يؤذن بيننا
بفراقِ ..
همستْ
أنا موجودة
يا غاليا
لكن عينَك
لا ترى
أشواقي ..
فلثمتُ خد الكون
منتشيا بها
وطويتُ كل نجومه
بعناقي ...


الموج الذي تكسر


أتيت البحر أشكو ما بقلبي
و عين البحر ترقب ما يباح
و لا صوت سوى همسات موج
ترجع شجو ما ضم الجناح
جلسنا هاهنا بالأمس نهذي
و هذي الحب أحرفه فصاح
و ضوء البدر يسبي كل عين
كما تسبي عقول الشرب راح
فطرنا عن وجود نحن فيه
و ضمتنا سماوات فساح
تحيط بنا الملائك حانيات
و تزجينا إلى عدن رياح
نعب من النعيم و ليس ندري
أخسر كل ذلك أم رباح
هنا يا بحر أشعلني جمال
و غاب فأثخنت قلبي الجراح
لمن أشكو ومن يحنو بعيد
و كيف لعاشق مثلي ارتياح
يرى وجه الحبيبة أين يرنو
فلا نظر سوى هذا متاح
أنا يا بحر مثلك لا أبالي
أليل ما سيأتي أم صباح
تكسر موجي العاتي و غطى
ضياء الشمس عن عيني وشاح


همس النبض


يا شاعرا قد دنا منا ليهدينا
فراحَ يهتِك أستارا و يغْويْنا
و يسرقُ النوم من أجفاننا خَلَسا
فأصبحتْ حنظلا مرا ليالينا
و عاثَ بالجمر نفخا كي يؤججه
فشبتِ النارُ في أحلى أمانينا
كنا نظن الهوى بعد الذي عصفتْ
رياحُه من قديم سالف فينا
قد لَفه الموتُ في طيات معطفه
لكن تَنفَسَ حتى عاد يكوينا
يا قلب احذر فهذا الحب أعرفه
يبيعنا سلْعة حينا و يشْرينا
يا قلب أنتَ المعنى إن ألَنْتَ له
جناحَك الأخضر الريان يصْلينا
يا قلب ندري إذا راحتْ أنامله
على الشغاف تناجيها فتشجينا
سيحتويكَ و يدنينا فإن لمستْ
أحلامَنا راحةُ الكفين يُقْصِيْنا
آه من الحب كم نسعى لندرأه
عنا فإن جاء لا تُجدي مساعينا
و أنت يا شاعري و الشعر يسحرنا
في أي صقع من الأصقاع ترمينا
خِلْنا بأنا و جدنا فيك نافذة
لِعالم واسع الأرجاء يُرْضيْنا
لكنْ حملتَ لنا ما لا نطيقُ له
صبرا و تعلمُ كم لقياه يُضنينا
ما كنتُ مُنْتَهكا سترا لفاتنة
لكنني زِدْتُ همسَ النبضِ تَبْيينا
غمستُ ريشتيَ المِطْواعِ في رئتي
فأزهر الحرفُ ريحانا و نسرينا
أخرجتُ قلبكِ من صمت يُفَتته
فأوسعَ الكون أنغاما و تلحينا
مزقتُ عن وجهكِ الوضاء برقعَه
و قلتُ للثغر هيا صُب و اسقينا
الحب روض من الآمال يزرعه
فينا الإله و يسقيه ليُحْيينا
هو الحياة إذا ما البؤس جردنا
تَنْهَل فيضا من النُعمى تغطينا
هو الخلود إذا راح الزمان بنا
يجري فيفنى الصِبا فينا و يفنينا
فإن أتانا شَبَكْنا حوله يدنا
نطويه من لهفة حرى و يطوينا


ظلال

مَنْ ذا أثار
هواجعي
مَنْ قَدّ خيطا من رؤى
فتناثرتْ فوق الطلولِ
مدامعي ؟

مَنْ ذا بلا إذن
تربع
في سماء مشاعري
ثم استوى كالنجم
يَسْتَقْري خطوط
طوالعي ؟

مَنْ ذا المُهيمن
في الجهات الست
يغرز كل آن
نَصْلَه
فتفيض من كل المسام
مواجعي ؟
مَنْ ذا استباح بمقلتيه
زنابقي
فتسربتْ
بين الحروف
روائعي ؟

مَنْ ذا بِضم الحاء
أشعلَ وجنتي
و على تخوم الباء
قضّ مضاجعي ؟

مَنْ ذا تَسَرْبل بالندى
فتفتحتْ
روحُ الملائك
في هشيم
زوابعي ؟

مَنْ ذا أضاء بوجهه
صمتَ الهوى
فتفجرتْ لغةُ العقيق
على هدير
نوازعي ؟
مَنُ ذا أتى
و الروح زهر
كلها فإذا انثنى
فالبيد تنفخُ
في عروق
مرابعي ؟

مَنْ ذا الذي
أومى إليّ بومضة
و مضى
فأخذتُ أعدو في المدى
ثم انكسرتُ
على حطام
فواجعي ...؟


أيها السابح في حلم الصبايا

[ مهداة .. إلى أم كل طفل شهيد ..]
لهذا الساكن
بين واحات العيون
أغني ..
لهذا المتمدد
في كل المفارق
لهذا الغض
والدافئ
والساقي لعروق المتاهات
أغني ..
يا صغيري..
كيف تنساب مع الغيم
وتأتي ؟
كيف تظهر في ورد الحدائق
كيف تغسل هذه البيد
أو تبرق في ثغر القمر ؟
كيف تأتيني مع الأنفاس
في كل شهيق
وزفير ؟
كيف أغدو بك أكبر
من هذا الفراغ ؟
كيف تدرأ كل السيل
عني ..؟
يا حبيبي
كيف أنت الآن
قل لي ؟
هل أتى برد – الشوارين –
إليك ؟
أم تراها
نار ذات البين
أم ذئب البراري
سافرا
في مقلتيك ؟
خذ شغافي يا حبيبي
واحتمي بين أضلاعي
كما كنت
وهجي
بابا . وماما
كأحلى مناغاة
ولحن ..
يا وليدي ..
كلما ضج من الكيزان
عطر
أو تنفس في العناقيد
لون
أدفن في – مريولك – الأزرق
بوحي
أجمع ألعابك ومناديلك
من كل ركن ..
أيها السابح
في حلم الصبايا
هنا كنت تلعب
وها كرسيك الهزاز
مازال يسأل
عن دفء المرايا
كل أيامك عيد
فتزين
واغتسل من مآقي
وأشرق
في حنايا الجلنار
كل حين ..
ومساء
أنتهي من نسج شراييني
رداء
تشتهيه
وسأبتاع حذاء
وستأتيني كما كنت
ريانا
نديا
كحقول الكستناء
لا تلمني
إن علا صوتي
قليلا
أو تلفعت بصمتي
فأنا الآن
لا أعرف رسما للفراشات
ولا ظلا
لشمس
لا تلم دمعا تحجر
في ذؤابات الشواهد
لا تلم نوح السواقي
لا تلم طفلا شريدا يتنقل
من حضن
لحضن ..
يا وحيدي
قد تعبت
وأضناني ارتياحي
لست أبكي
فأنا مازلت على الوعد
أغني ....

متْ


قفْ
ووقفتُ منتشيا
بعطر جبينها
أتقي ما اسطعت
سيلا
من رحيق ..
لُجْ
وولجت أبهاء التحول
ساطعا
في ضوئه الشعشاع
سيفا
من بريق ..
صلْ
ووصلت حاءا
من حنان الحور
في باء لنهر
من عقيق ..
صهْ
وتعلقتْ بالهمس
حنجرتي
وتاه الحرف
مصلوبا
على شين الشهيق ..
بُحْ
وغدوت أذرف
فوق جيد
كالزبرجد
بحر عشق
مثل عينيها
عميق ..
متْ
وتوقف النفس المعلق
بالصبابة
واحتوى نبض المنى
زمن الحريق ..
قمْ
وشمختُ مزهوا
بنرجسها المعتق باللمى
أشدو على الشفتين
في بوح رقيق ..
عُدْ
وقفلتُ محمولا
على وله النوارس
ساكبا شوقي
على ألق الطريق ....


حواريات


أنيخي
قرب أحداقي
فقد تعبت خلايا الروح
من تمزيق
أوراقي
لعلي أرتوي يوما
فتمشي الشمس
بين صقيع أشواقي ..

يا سيد العشاق
مازلت أجمع أشلائي
وأبحث عنك
في بطن المسافات القصية
ليتني ما كنت أهذي
ولا كانت
تلك الحماقات الشهية
ليت هذا الوجد
ما زارني أبدا
ولا هطلت نجوم
من مآقينا
عصية ..
تعالي
وشِِعي
في تخوم الليلك الوحشي
فإني قد فقدت [ البوصلة ]
وأضعت أحلام الرصيف
على شفار المقصلة
وأضاعني قمري
وضعت
على رموش الهاوية
لم أدر أنك غاوية
وأن أسفاري
ومهما أسرفت طرقي
إلى شفاهك موصلة ..
يا رجلا
تكسرت تحت جناحك الريح
فردت الآن أغصاني
فحُط كما تشاء
وهذا شهد شطآني
فعب من الأكواب
أشهاها
سأغسل وجهك المشغوف
بالسفر
وأجلو عنك ما شط المزار بنا
وناء ..
يا طفلة
عبثت بأهداب القمر
وتألقت
مثل انبلاج الصبح
فوق الرابية
أخاف من وجد تمدد
في عيونك
أن يلم بما بيا
يا وردتي
لا تحملي هم النسور
وأشرقي
مثل اللجين
على أديم الساقية ..
يا أيها المسكون بالترحال
هدهد براكين المدائن
في جبين كالندى
ها قد أتيت
بكل ما تحوي المعابد من رحيق
ألا ترى
أني إليك نهايتي
وبدايتي
في سرمد الجهة المصانة بالعقيق
هذي أنا
هذان ذاك
وذاك أنت
وأينا كل
وكل الأي
في سر المدى
وتحت ثوب من مطر
تعانق النجمان فانسفحت
أساطير على شفة الخلائق
شوهدت
كل أغصان الشجر
تمشي إلى حيث اختفى الظلان
بين جنات
ونهر ...


ثمة

ثمة أسرار
لا تقبل سرا
ثمة حبل ممتد
وقمران
يدوران
على قمرين
يدوران
على أقمار
شتى ..
ثمة مائدة
خجلى
صحن من لحم الصخر
وصحن
من خمر الوجه
وصحن
من زهر الدفلى ..
ثمة أوراق تأتي
فارغة
إلا من كلمات
ثمة بحر يطلع
من شرق
تتمرغ فيه اللكنات
ثمة مشرط
وعيون مسبلة
ويمام
ثمة قفاز
ومقص
ثمة أختام
ثمة شدقان
ونسر يزحف
ثمة لا لون في اللوحة
ثمة كرسي
يجلس
والحطب سجود
ثمة سور
من آذان الأنعام
ثمة من أقسم في الميدان
وبر
لم العراف الودع
وفر ....


ترهل
كان الإصبع مشدودا
حين ترهلت الأعضاء
هل تغريبة رمل يسفع
أم جرذ
يكتب ملحمة الطوفان
في ما يشبه صوت صرير
خلت الغيلان إلى منبرها
تأتي
ما ثمة نبض
هو إرث يسري
ويموج الفرقد
خذ مفتاحك
واشهد
لا يدخلها مسخ
لكن الحجر
ترطن
والنجمة ظهرت
في ضوء الشمس
كنا نحبو
فرحين بعودة عصبيتنا
حين تشظى النهر
وتمطى التيه
خرجت أذرعه
من قاع لا يتكلم
بل يتمايل
كجدائلهم
قرب جدار ...


ذات مساء


ذات مساء
كان طفل
يرسم قلبا ويغني
فترقص وردة
من ضياء ..
كان يحبو
على شفة الغيم
فتضحك جذلى
قناديل الشتاء ..
كان يرسل قبلته
إلى إفريزها المفعم بالدفء
فتسري الوشوشات
إلى كل الظباء ..
كان يحمل قيثارة
من ضلعه الأيسر
فتركض نحوه ثملى
مفاتيح الخباء ..
لم يكن يعرف اسما للهوى
ولا هي أطلقت وصفا للوجيب
ولا الطرقات أخفت
ترانيم اللقاء ..
ذات مساء
طارت يمامة بغير جناح
وأصبح الطفل يغني
لشبابيك خواء ...


لنجمة ..
مهداة للنجمة بشرى بدر

اسمحي
يا ابنة القدموس
أن أمشي قليلا
تحت هذا الظل
أن أتلو بريقا
من أغانيك
لعلي أصالح نفسي قليلا
لعل الظلام الذي
حط
قرب الينابيع
يلم مناديله الشاحبات
خسرنا كثيرا
حين فتحنا النوافذ
للسافيات
ثم انتحبنا
على قمر قد رحل
كانت حروفك أكبر
من جبهة الشمس
وكنا لواذا نفيء إليك
لن تتركينا
هكذا تقول السنابل
محنية
نحو الأديم
علمينا
كيف سنصعد
كي نبتهج
لم تكن تلك الضفاف
بعيدة
وهي النفس
غصت بالفقاعات
ملأناها بها
ثم انثنينا .. خفيفين ..
تقاذفنا الطبول
فنجهر
أنا الأحق
وأنا ...



مكث

ومضتْ
مثل العنقود الطافح
بشرا
فتسربل فلا
هذا القلب ..
خطرتْ
في ذاكرة الألوان
فتسامق أبيضها
عن غضبة هذا الموشور
واشتعل
إلى عينيها الدرب ..
بثتْ
رونقها
من تلك الجهة المشبوبة
في حلق البوح
فتلعثم حرف
وتناثر لب ..
هدلتْ
فمشت أشجار الغار
على يدها
وتجلى في شفتيها
شهد
مكنون
رطب ..
رمقتْ
حرفين
زرعتهما
في حقل الرعشة
فانسبل على جمر
هدب ..
همستْ :
أنت المدعو بما شئت
خذ هذا الموكول
إلى ذاكرة الغيم
وتبتل
علك تصحو
إذ تغفو
إذ يطفو في لجة سهدك
نهر
رقراق
عذبْ ..
عبثا
حاولت أجرد أفكاري
عبثا
أمسك هذا الفيض
عبثا
أتحدث عن طيف
لا يشبه حرفا
عبثا
يمحوني نأي
يحييني
قرب ..
كتبتْ
في دفترها الباذخ :
هذا الشاعر
يزرعني
في بوح الصفصاف
قناديلا
هذا الشاعر
أعطاني اسما
فنسيت نجومي
هذا الشاعر
سيطيل المكث
وطوت صفحتها
وأجابت عن أسئلة البرق :
هذا الشاعر
حدب ...



ذات رأس سنة

ذات مساء
والحفل الساهر
والأضواء
والمدعوون
وقناديل تخجل
من وقع الأشياء
في أوروبا
جاءتني
والسنة على وشك الافلات
مست كتفي
قارورة عطر
أخذتني
وجلسنا في أقصى القاعة
وبعض دقائق
وتدق الساعة
قالت :
- أنت جميل جدا
جذاب جدا
من روما ؟
- لا
- باريس إذا ؟
- لا
- لندن ؟
- لا
- مدريد ؟
- لا
- جيرمان ؟
- أنا عربي
ورفعت جبيني فوق الألب
ارتعدت
ثم تلاشت
في بطن المبنى
مثل هباء ...



سؤر

لونتُ .. كما شئتِ
قوافي العتيدة
فاستكانت رحلة المد
على رمل البحور
ذكريني
عندما أصحو
بأن الوقت ما فات بعد
وأنك
سيدة هذا الوجيب
مازلت
ومازال ذاك الشروق
سؤرا هي اللحظات الوليدة
وسؤرا
أبوح بمكنونها المستبد
ذكريني
أشرب هذا الخيال
أحاول أنهض
رب انعتاق يجيء
على صدرك الذاهل
والزاخر
بالنجوم
دثريني بليل
أهدهد فيه اصطفائي
وأرمي هاجسي
عاريا
من كل ضوء ...


ونصف ... حجر

أضيئي قليلاً
لعل النجوم ببطن الرمال
تمد أعناقها للقمر
لعلي أرى أحرفي التائهات
وتلك الفواصل بين السطور
وهذا التدفق
بين الوتين
وبين النَهَر


عندها .. ينتهي الترحال

شد الكمان وهات اللحن منفردا
إلى الحبيبة سافر بي على وتر
دعني أبوح لها عما يرمضني
بوح الحمائم في ملتفة الشجر
وأسكب الشعر مأخوذا بفاتنة
كعابد راح يتلو محكم السور
خذني إليها ولا تسأل أخا سفر
عهدته مزمعا دوما على سفر
أين المسير الذي تنوي القيام به
إذا تخطفت منها غاية الوطر
فعندها ينتهي الترحال في كتبي
كيف الرحيل وفي أجفانها قدري

إشارات


رسمتُ انحناء
على شفة الغيم
ومضيت
أحمل وشما على الضلع السافرة
كانت امرأة من هشيم
حين قبًلتُ حروفا
بعثرتها ذات يوم
في جبيني
كانت امرأة من دلال
تتخطى عتبة الروح
وتسري في الأديم
حين أجهضتُ خطوطي
ومشت علبة الألوان
على نهر التجلي
كانت امرأة من سؤال
لا تجيء على مسرى الإشارات
ولا تمنح قهوتها للسامرين
لست مصطافا
كما ظن الأرخبيل
لكني مقيم في عراها
كانت امرأة ظاهرة
في خفاء
بحثتْ عني طويلا
ليس تدري
أنني فيها
كماء ....


أيتها السيدة .. انطفأتِ

النقطة السوداء
لها ألف وجه
فاحمليها كيفما شئتِ
وارسميها كيفما شئتِ
فأنتِ مولعة دائما بالطبول
وبالكلمات النحاسية
وبالمعاطف التي تموت معلقة على المشاجب
ليس بدعا أن أبدأ يومي بالنشيد
سالكا دروب المحاجر
والحقائب طوقتني بالعناق
ألم تخجلي حين أدليتِ بعنوان الزنابق ؟
كنتُ راهنتُ على المد
يحضن غابة صدري
وخسرتُ الرهان
كنتُ كالأطفال
أصنع طيارتي الورقية
وأشد الخيط إلى قلبي الذي كان نديا
مثل وردة
أيها الشاهد العالق
في حلق الحكاية
قد طويتُ قراطيسي
وظلي
تستطيع الآن أن تتربع في صدر المكان


تماثيل الدخان

سأرحل
مثل انطفاءات الشموع
مثل الأماني العالقات
على التخوم
مثل انكفاءات القلوع
سأبحثُ
في المدارات القصية
عن رؤى
برقت
ثم اضمحلتْ
في متاهات
النجوم
عفوا لصوت الماء
في عرس الروابي
لزحف الخِدْر
في شفة الخوابي
عفوا .. فإني
قد فقدت الذاكرة
و جلستُ أضحك
من جنون السامرة
يا يوسف الصديق
ما معنى
تماثيل الدخان
تجوب أجواز الفيافي
الغائرة
ألأنني قدمتُ قلبي
للقمر
ثم استرحتُ
على الوجوه العابرة ؟
سأكتفي بندى السراب
فلربما
نبوخذ يأتي
و بابل
تستعيد وشاحها
و لربما الفاروق يخرج
من عباءات الضباب
تلك النبوءة
سوف تَقرع كأسها
متجردا يأتيكَ
من كل الخطايا
متسربلا بالنور
يزحف من كل الخلايا
و سيلتقي القمران
فوق الناصرة
هذا الهجوع
مُعَمد
بِلَمى الحنين
هذا رحيل الراجعين ...


مر عام .. يا حبيبي ..

يا حبيبي ..
مر عام
والهوى يمتص وجهي
وغدي
مثل يومي
فارغا
أو قل
مثل أمسي ..
يا حبيبي ..
أنت فوق النجم
تمشي
راسما مسراك
مفتونا بحور
غير مهتم
بجن
أو بإنس ..
يا حبيبي
مر عام ..
وأنا أذرف دمعي
وأشد على جرحي
بصمت
كبرياء
لست أحتج
بحزن ظاهر الأشكال
باد
أو بحرف
أو بهمس ..
يا حبيبي
مر عام ..
عندما سافرتَ ليلا
مات عطري
وأمانيِ
وحلمي
واستوى
مضطجعي
بين ركن
من حرير ناعم
أو بين رمس ..
يا حبيبي ..
سنة أخرى
وأهديكَ
إذا ما شئت
روحي
أترى تقسو
كما كنت
عليها
أو تناغيها بلطف
أو بأنس ..
يا حبيبي
أنت أقرب للعين
من الجفن
وأنأى
من سديم
يسبح خلف شمس
تسبح
خلف مليون شمس ..


بابها كان ينزلق


مثقوب أنت
تتدلى في خمرتهم
مرجوم إبليس
نمل يتمشى في الساق
موشوم أنت
مر الختم على ظهرك
أبرقت لمن تعرف
أو لا تعرف
أعطوك حروفا
فوضعت النقطة
فوق الحاء
و [ الخيل والليل ]
ظل أنت
والجدران تلقي التحية
ذات هروب
لمت الشمس أكمامها
وانداحت الظلمة في الغيهب
رسمت الأصوات كما تشتهي
كان النهار
نهارا فقط
لم تملك شجاعة الوصول
بابها كان ينزلق
بعيدا عن نبضة وجلة
الرصيف يمتد إلى الأعلى
وأنت مرصوف
أيها الإبراهيم السعيد الجاف -1-
أدر ناعورتك
رب شيء يسقط في جوف
يباب ...

1- إشارة إلى الأخ الغالي إبراهيم سعيد الجاف



صهيل

كنا على وشك اللقاء
كانت تمد حنانها
فإذا النجوم تراقصت
من طيبها
وإذا الدموع تحدرت
فرحا
بأعراس النقاء
قالت
ولم تتحرك الشفتان
كانت حروف النور تسطع
من أناملها
فتشرق وردتان
ما شم هذا العطر صخر
إلا تفجر
فارتوى عطش الزمان
وما فهمتُ
فلربما سكرت خلايا الفكر
في الجسد المعلق بالبقاء
وأشرتُ
فابتعدتْ
وأشرتُ
فانسفحتْ على شفة القرنفل
نجمتان
كنا على ذات الرصيف
وكانت خطوتان
لُمي شراعك
لكنها نشرته
فانتصبت لها ريح الشمال
حاولتُ أركض خلفها
لكنه الصلصال عشعش في العروق
ورأيتها في الحلم
أو في شبهه
تذوي
وترسم في مدارات الندى
سر الشروق
كانت تنادي
كنت ألمس من حكايا الريح
لون هديلها :
- يا عاشقي
لا بد يوما أن أعود
وتفر مني حشرجات صهيلها
قلق أنا رغم الوعود
وتفجرت عينان من فرط النوى
نضاختان .....


بوح امرأة .. متعبة

يا سيد الكلمات
والخطوات
والدفء الموشى
والمعتلي عرش الرؤى
والأمنيات
ملاكا ..
يا مستبيح حدائقي
عبقي
سرائر غبطتي
ومهدهدا ألقي
بكف نداكا ..
فتحت أوراقي
وأصدافي
وزرعت في دمعي
وخفق جوانحي
بوحا
إذا قرب المنال
نآكا ..
يا مشرعا للريح
رعشة ناظري
سهدي
أنين مرابعي
أنى تقلبت القلوب
أراكا ..
أتعبتني
وسرقت أحلام الطفولة
من يدي
وقتلتني
والنفس أهرقها
على فرح
فداكا ..
حتى الكناري
زاد في ترجيعه
وحنينه
أتراه من ذوب الضلوع
وهصر آماق العيون
عناكا ..
يا محرقا جوفي
بأطياف النوى
عانق
على رحب الفضاء
توحدي
بمداكا ..
إني أسيرة صبوتي
وتلهفي
ونزف مشاعر
تأبى على رغم الأنين
فكاكا ..
عطشى أنا
والسلسبيل منعته
عن موردي
وأمسكت عن جوع النجيع
قراكا ..
من ذا ينام
إذا الحبيب
بعمق ذاكرتي غفا
وتنفست روحي
عبير
هواكا ..
صمتي النبيل
حفظته
وكتمت آهات الندى
وغسلت وجهي
بالدموع
كفنت أعراس الشموع
كي لا ترى عيني
سواكا ..
إني رضيت تبعثري
وتناثري فوق الشفاه
ولوعتي
إن كان في جرح الورود
العابقات
رضاكا ..
أوقفت ركضي في الغوى
إلا إليك
سعيدة بمواجعي
وهواجعي
تخلو من الأطياف
إلا ما حوت
عيناكا ..
قسما أحبك
في هدير تنفسي
صمتي
تلون وجنتي
يسري بلألاء الحروف
صداكا ...


الاجتياز

حدثَني عن قافلة من نجوم
ستقرع باب الشغاف
وتدلف
حدثَني
عن روضة تغسل أزهارها
كل صباح
كان يشير إلى جهة غير مألوفة
وكان النهر متربعا بيننا
قبيل الرحيل
أشعل شمعته في ركن المواويل
وأصلح هندامه
وأشار
ليتني اتجهت بركني إليه
لأقرأه على مهل
ليتني فهمت تراتيله الموجعات اليتامى
كان مثل الهطول
سخيا .. رخيا
صعدتُ إليه
لم يكن هناك وقتا للكلام
كان يسبح في بحره الأرجواني
اتبعيني
كيف لي أيها المهند أن أتقيكَ
وأن أصنعَ محارة لكلينا
وأنت توغل في الاجتياز
وتلبس عباءة الخلود
لم أكن أفهم تلك الأناقة
قلتُ فتى يبحث عن صولجان
الآن صار أقرب
وصرتُ ألمسُ روحه الطليقة
من غير جهد
تتوسد متكئي
صباحا
ومساء ....


ومضة

حضنتُ وجهكِ كي أستقيم
وأبدأ قافلتي بالنشيد
فذابت يدي فجأة
واشتعلتُ ...

برموشي ..أتقيها

يا نديمي
أفْرِغِ العمر بكأسي
أحْتسيه
واتركِ الروح لها
تحتسيها
يا نديمي
كنتُ كالنجم
صفاء
أنتقي دربي
وأقمار شموسي
أصطفيها
يا نديمي
مر كالضوء أمامي
ورماني
بسهام
صرت ـ مبهورا ـ
برمشي
أتقيها
يا نديمي
كانت الضحكة مني
مثل شلال نمير
وأنا الآن
يَؤوسا
أرتجيها
يا نديمي
إن أتى يسأل عني
ذات يوم
كامل الحسن
عفيفا
بدموع
يَدريها
لا تقلْ
كان يبكي
صامت العين فلما
قلتُ يا خلي مهلا
حشرجتْ
في خافقيه
شهقات
مات فيها ...



لم تكن ودودة

لم تكن النجمة ودودة
حين حملها المطر
إلى قبته
لم تكن النجمة تدري
أن الشعاع لا يسطع منها
لم تكن النجمة مسجلة
مع القاطنين
ولا مع الراحلين
كانت تتحرك في سفر الغرباء
لم تكن النجمة موشومة
بالسنام
كانت ككل الزائرين
مولعة بالتمائم
لم تكن النجمة تستحم
تحت قبة القمر
ولا سبحت
في الفرات العظيم
هو فعل الكون
قلم أظافرها
ورماها ببطن السافيات
لم تكن النجمة من هيكل الدب
ولا نخلة في السديم
ولم تمش الحضارات
على خاصرتها
لم تكن النجمة مقروءة
في اللوح
كانت ظلا لراحاب
ترقص في العتمة
وتمشي على قرقعة العظام
أيها الماجنون الأفاضل
هذا المد القدسي
مزنر بالفرح
وبالنجوم العتيقة
لم تكن النجمة مندرجة
في الخالدين
كانت تختلس الأنظار
من كم المهرج
وتسقط من هزة واهنة
لم تكن النجمة
تملك أرشيفا للمدارات
ولا أبجدية للعاشقين
لم تكن النجمة
نجمة ...



سلسلة من القصص القصيرة جدا


1
حمل القهوة وهم أن يدخل غرفة ابنه الطبيب
سمع لغطا فأصغى
- من فتح لنا الباب ؟
- خادمي
تسمر برهة ..
حمل دمعة على راحته
وخرج
ولم يعد
2
هناك من ينظر إليها بإمعان
أغلقت نافذتها التي تطل على البحر
عاد الوجه بعد أسبوع .. توقف قليلا
أغلقت نافذتها
في المرة العشرين .. لم يأت
انتظرت أسبوعا آخر
ثم آخر ..
ثم جاء
وعلى ذراعه تغفو ذراع أخرى
تكسر شيء في داخلها
وأغلقت النافذة
3
قال الشيخ :
- من قال باسم الله .. لا يرده الله
سمع المريد ذلك وبين بيته والمسجد نهر .. والجسر بعيد
انحدر المريد إلى النهر
[ باسم الله ]
مشى المريد على الماء
أصبح هذا ديدنه
ذات يوم قال لشيخه :
- أنتم اليوم في ضيافتي
انحدر المريد إلى النهر
أمسك الشيخ بتلابيبه
قال المريد :
- أقول باسم الله .. وأعبر
وعبر
قال الشيخ :
- باسم الله
وغرق ...
4
صعد الواعظ على المنبر
نظر إلى الجمع الحاشد
خانته الكلمات
نزل وهو يتصبب عرقا
ذهب مسرعا إلى البيت
لم يره أحد بعد ذلك ...
5
قالوا :
- كان بخيلا جدا
الوالي ادعى أنه مريض كي لا يصلي عليه
جاء كثير من الفقراء إلى الوالي :
- يا مولانا .. انقطع عنا رزق كان يأتينا
دخل الوالي غرفته
وصلى صلاة الغائب
6
عشرون عاما وهو يكتب عن حواء
وعندما احتفى بنهاية آخر حرف من مجلده
رآها ترمقه من بين المدعوين
بدأ الشلال ينهمر في داخله
مسح جبينه
وعاد إلى قلمه وأوراقه ...
7
حب جارف يأخذ بألبابها
عرف يقينا أنه لا أمل
أخذ يتصنع ما تكرهه
جاء من يرضى عنه أهلها
سمع ضجيج الزفاف
أغلق عليه الباب
وكان نشيج
وليل طويل
8
دخل لص حانوت النجار
أصابه النجار بالمنشار فقطع يده
اشتكى اللص إلى الوالي
قال الوالي :
لتقطع يد النجار
أدرك النجار أن البلابل لا تشدو هنا
قال النجار للوالي :
- يا سيدي .. مهنتب تتطلب وجود يدين لكن جاري الحكيم لا يحتاج لكلتا يديه .
وقطعت يد الحكيم
9
- يا سيدي الكبير .. أقسم لك .. سأكون راهبا مثاليا
استلم ديرا شرقي المدينة
- يا أبتي .. إني فتاة يغلبها قلبها ..
صوت كهديل الحمام
- تعالي غدا ..
- يا أبتي .. أتيت
تمتلئ السماء بالنجوم
- تعالي غدا
- يا أبتي ...
تلمس أناملها للحظات .. ثم وضع يديه على قلبه
تكسرت كل الجدران
- يا سيدي الكبير اجعلني في غرب المدينة
- يا أبتي .. الراهب هناك .. أخذ قلبي ...
تلاشى تماما .. استبدل ثوبه .. وبكى ..
- يا سيدي الكبير .. اجعلني في حل من قسمي
وضع يده في يدها
وغابا في الزحام
10
شاب يركض باتجاهه
دس بين يديه شيئا ما .. واختفى
تلمسه .. فإذا هو مسدس
أحاط به العسس
- أنت شريكه إذا
امتقع وجهه
أخذوه معهم
قال طفل يسأل أبيه :
- أين جدي
قال أبوه وهو يمسح دمعة بحجم الكون
- لقد خرج ذات يوم وكنت صغيرا مثلك
ولم يعد
11
سأله حفيده :
- لم تأت إلى هنا كل خميس من أول كل شهر ؟
- كان عهدا بيننا
- أتحبها ؟
- سافرت منذ زمن طويل
- أتحبها ؟
- منذ ثلاثين .. وأنا أجلس وحدي
- أتحبها ؟
أشاح بوجهه
- آخر مرة .. انهارت ..
- من الذي انهار ياطفلي ؟
أخذته رجفة .. التفت .. رآها بحانبه تماما .. حاول أن يصرخ .. حاول أن ينهض .. أصبح باردا
قال الطبيب :
- لم يحتمل قلبه .. كان ضعيفا ...
12
جلس على مقعد وثير في انتظار الطائرة
وغاص في صحيفته
سبقها عطر خاص
رفع رأسه فعاجلته بابتسامة .. وجلست قربه
وعندما أخذ مقعده من الطائرة جاءه صوتها :
- هالو ..
وجلست بجانبه
لم يشعر بالزمن .. كانت الورود تتفتح في داخله
كان يتكلم بلسانه ويديه .. ودقات قلبه ..
نزلا من الطائرة
أخذت حقائبها
وحين حاول مساعدتها تجاهلته .. وانطلقت ..
تكسر في داخله بعض الأشياء ...
13
دخل الغريب إلى المدينة
عطف عليه التاجر الكبير.. وضمه إلى عماله
بعد سنوات زوجه ابنته ثم أعطاه نصف المحل
ثم ..
اشترى الغريب كامل المحل
وخرج التاجر الكبير من المدينة ..
14
صعب جدا أن يفتح معها حديثا في العمل
كتب لها رسالة
الرسالة بقيت في جيبه أياما طويلة
هذا اليوم تجرأ ووضعها بين أوراقها دون أن تدري
وقبل أن تغادر .. قال لها :
- اليوم .. انتظري خبرا سعيدا
ابتسمت ..
في زحمة الطريق .. سقطت الرسالة
في المنزل رن الهاتف
- انتظرينا مساء
في اليوم التالي اشترت طاقة أزهار وقدمتها لزميلها
شعر أنه يمشي بين النجوم
بعد أسبوع .. أخبرت الجميع أن خطبتها غدا ..
دنا سقف الغرفة منه
سحقه تماما ..
15
كان فقيرا بائسا .. والطرق كلها مسدودة
دخل مرة إلى مقهى .. واحتسى كوبا من الشاي
قال لصاحب المقهى :
- أعطني كفك
حدق فيها طويلا :
- سيرجع إليك غائب تحبه
- هو ابني .. إن صدقت سأعطيك ما يرضيك
وبالصدفة تماما حدث ما خمنه الفقير
أصبح له ركنا ثابتا في المقهى
بدأ الناس يتهافتون عليه
ذات يوم جاء أعوان السيد الكبير ..
أخذوه معهم
- مكانك هنا .. هاك كفي وأخبرني .. بدأ الناس يتذمرون .. ماذا أفعل .؟
ضحك كثيرا في سره ..
16
غرق بين الأوراق .. وغاص
- يا سيدي المدير .. هذا الملف .. فيه تجاوزات
- ضعه على الطاولة .. أحسنت ..
قبل نهاية الدوام .. كان منقولا إلى درجة أدنى
قرر أن يستمر ..
- يا سيدي الكبير .. هناك ملف .. هذا رقمه
- أحسنت ..
وشد السيد الكبير على يده
بعد أيام كان خارج الوظيفة ...
17
بعد عشر سنوات من الغربة .. تزوج واستقر
بعد عشر سنوات أخرى دخل وحيده المدرسة
بعد عشر سنوات أخرى .. قرر أن يعود
عندما استقبله أهله .. سألته أمه :
- أين زوجك .. ووحيدك ..؟!
ضمها .. وبكى ..
18
بعد غياب طويل .. توقف برهة أمام الباب
كانت أم الأولاد كما تركها ..
حضنته مع الدموع . في عينيها
- هذا مكانك .. وهذه أشياؤك .. وأولادك .. فرشت لهم روحي ..
غالبته الزفرات
- هناك .. أخرى .. يا أم الأولاد
أحست أنها تختنق ..
- ما دمت سعيدا .. لا يهم
أحس أنه أصغر من نملة ...
19
في الغربة لم يعرف غيره
استمرت صداقتهما طويلا
هو من أقصى المدينة الشرقي
وذاك من أقصاها الغربي
ذات مساء
تعرفا على رجل من أقصى المدينة الغربي
بعد أيام
وجد الأول نفسه وحيدا
20
- علينا رفع راية الجهاد .. الجهاد .. لنقاتل الكفرة .. و .. و ..
- يا سيدي .. حان وقت الصلاة
أومأ إليه أن يسكت .. وتابع :
- دمهم مباح .. ومن ليس معنا فهو معهم .. و . و ..
- يا سيدي .. الصلاة ..
نعره بيده
- النصر لنا .. ضحوا بأنفسكم
- يا سيدي .. فاتت الصلاة
أشار لأعوانه .. فأردوه .. خارجا ..
21
كتب لها على دفتر الذكريات :
[ أنت أجمل وردة .. لن أنساك .. س ]
وعلى ناصية الشارع .. أوقفها .. وأكد لها :
- سنعيش معا .. أحبك .
منذ تلك اللحظة .. وهي تنتظر بصمت ..
اليوم .. نادتها صديقتها :
- لم أعد أحتمل .. وحدي .. انظري ..
وفتحت لها دفتر الذكريات .. فقرأت :
[ أنت أجمل وردة .. لن أنساك .. س ]
- تقابلنا على ناصية الشارع .. وأكد لي أننا سنعيش معا .. وأنه يحبني ..
سرت فيها قشعريرة .. وانحدرت دمعة باردة .. ضمت صديقتها :
- مبروك .. ولكن .. كوني حذرة
وابتعدت ..
22
أبعدها أهلها عنه .. وساقوا لها واحدا .. لم يدخل قلبها
وفي آخر لقاء .. أقسم أنه لن يتزوج
بعد خمسة أعوام من زواجها مرض زوجها . ولم تنجب منه بعد
أخلصت له في مرضه
حين توفاه الله .. أزيحت الصخرة التي كانت تجثم على صدرها
بعد أسابيع .. رفعت السماعة .. واتصلت :
- ألو ..
توقفت قليلا لتمسح الدموع .. وتابعت بصعوبة :
- حبيبي ..
- أوه .. أوه .. آلآن يا سيدة القلوب
وتحشرج الصوت
- سلامتك ..
- الله يسلمك .. منذ يومين أتينا .. كنا في شهر العسل في روما .. كانت أياما جميلة .. كم تمنيت أن تكوني أنت مكانها .. كان قلبي معك .. كثيرا ما كانت توقظني من شرودي .. لم تستطع أن تملأ هذا الشاغر .. أحسست أني ظلمتها .. كنت مست-- .. ألو .. ألو .. أ .. ل .. و ..
23
- لن يطول غيابي .. سنوات الدراسة .. فقط .. انتظريني ..
- سأنتظرك .. ما عليك إلا أن تدرس
وابتلعته الطائرة التي ابتلعها الفضاء ..
كتب لها فور وصوله :
[ أحس أنني أختنق .. كم ستكون أيام الوحدة قاسية ]
وأخذت الرسائل تصلها تباعا
ثم ..
أخذت تتباعد
كتب لها أخيرا :
[ أحسست أنني ظلمتك .. حرام أن تنتظريني كل هذه السنوات ]
كتبت له بصعوبة :
[ أنت حل من وعودك ]
واغتسلت بدموعها
بعد فترة طويلة .. بكى في داخله .. كثيرا
ولا يزال ...
24
جُرد الوالي من منصبه .. واُخذ إلى مكان مجهول
جرى البحث عن أبنائه والمقربين إليه
فتح رجل بيته لابن الوالي وأخفاه عن العيون
نجح أعوان الوالي فأعادوه إلى منصبه
أرسل ابن الوالي في طلب الرجل وأهله
قتلهم جميعا ...
25
قالت لها :
- يا ابنتي .. الحب ليس كل شيء .. إنه ليس من طينتك .. لن يسعدك
- كما أسعدك أبي ؟
بلعت ريقها :
- يا ابنتي .. سيأتي يوم .. ويرميك ..
- كما رماك أبي ؟
انحدرت الدموع على خديها ...
26
كان جبل من هموم يجثم على صدره
وصلته رسالتها :
- في رسائلي الخاصة لا أجامل .. أشعرتني كلماتك بدفء غريب -
قلب رسالتها بين يديه
ومشى بين النجوم ..
27
أشارت إليه
أوقف سيارته .. وحملها ..
وعندما نزلت ..
بقيت رائحتها في عظامه ...
28
ملأ صوتها الشجي قلوب الناس
جاء بها الوالي :
- لمن تغنين ؟
- للناس .. للأزهار
- من الآن فصاعدا .. ستغنين لي فقط ..
وأغرقها بالنقود ..
بعد فترة ..
فقدت صوتها ...
29
لم يدر كيف فعل ذلك ..
كيف جرؤ أن يقبلها .. سيخ من نار اندفع من أصابع قدميه إلى قمة رأسه .. كانت السماء سوداء وحبات المطر تضرب بعشوائية .. وهما محشوران تحت مظلتها .. كانت أنفاسها قريبة منه .. كانت تخترقه .. كان كل شيء يدفعه لذلك .. أحس بها تنتفض .. وكالملسوعة .. أخذت تركض بغير اتجاه محدد .. بقي مذهولا .. من المطر .. والريح .. والنار التي استقرت في فمه ..
لم ينم تلك الليلة .. كيف يمكن أن يفعل ذلك .. لقد خسرها إلى الأبد ..
رآها بعد مدة .. وحين سألها بصوت متهدج .. عن غيابها .. أخبرته أنها .. تنتظر المطر ...
30
- السيد فهيم الناشئ .. فليتفضل
وصفق البعض .. وبخطوات تدربت عليها كثيرا .. اعتليت الخشبة
- مساء الخير
رد القليل التحية .. لكنني لم أهتز
- هي قصائد من خفقات الروح .. أهديها لكم ..
خفتت الضجة قليلا .. وبدأت ..
- بوح امرأة متعبة
يا سيد الكلمات
والخطوات .. و .. و ..
وانهمرت كلماتي كالمطر .. وأطبق الصمت على الصالة .. وانشدت الأنظار إلي .. وتعلق الكل بشفتي .. وحركة يدي .. أحسست أني قد ملكتهم .. ثلاث قصائد .. وانتهى الزمن المحدد لي .. واهتزت الصالة بالتصفيق .. وعندما انتهت الأمسية أقبل إلي المدير المسؤول وهنأني وقد ملأته الدهشة
- أين كنت يا رجل
- بين الأيادي ..
وهز يدي بشدة
وفي اليوم التالي كتبت الصحيفة المحلية :
[ كانت أمسية جميلة جدا .. أبدع فيها الشاعر بهجت كثيرا ]
أمسكت الصحيفة بألم .. هذا الشاعر الذي نام كثير من الحضور عندما ألقى قصائده ..
مزقت الصحيفة ..
وتدحرجت دمعة ..
بحجم وطن ...


من حكايا الروح ..

للفاتحين قلوبهم للشمس ...

وتخيلت
أننا ستعبث في هذا الكون
كلانا ..
وأننا
سنتسلق أوراق النور
كلانا ..
وأننا
سنلون أقواس الفرح
كلانا ..
وحين اقترب الوعد
وجدت نفسي
وحيدا
في العراء ...

أحمل وجهي ..
عند المساء
وعند ارتياح الثواني
ووهج المفاصل ..

أرقب ..
ماض كلون موشى
وآت
كغيث رخي .
وما هو حاصل ...

أمسكت القلب
أقلبه ..
علي أتلمس
أسراره

فوجدت القلب
تحركه
عيناها
من خلف ستاره

ذات يوم سحيق
ألقيت قلبي
من النافذة ....

على غير عادتها
لم تفتح نافذتها
هذا الصباح ..
وعلى غير عادتي
لم أبتسم للعصافير ...

جاؤوا
وقبضوا على الشوكة
بعضلاتهم
وأتيت
وأطبقت على الوردة
برموشي ....

هذه الفتاة
أعرفها جيدا ..
هذا الرجل
لا يعرف عني شيئا ...
تلك التي عادت
لم تكن روحي التي أعرفها
جيدا ....

من امرأة
[ أنت أسلست
قيادي
وفتحت على الأكوان
بابا
غير بابي
فإذا أشرق
صبح
لم أجد
غير اكتئابي ...]

ووقفنا
ذات يوم
في فناء الروح
نرسم قلبين
وشمسا ..

لا حروف هربت
من شفتينا
ولا نسمع إلا
شقشقة الفجر
وترانيم السواقي
وهمسا ....

على رصيف إحدى المدن
كانت ترتجف تحت مظلتها
مستندة إلى جبل ..
كانت تستند إلي ....

أيها الطاهي
أريد طعاما
لجوع عينيها
وماء
لحريق هذا القلب ...

في يوم ما
حملت حقيبتي
ورحلت ..

وفي يوم ما
حملتها
ورجعت ..

وفي يوم ما
سأرحل
بلا حقيبة
ولا رجعة ...

- من أنت ؟!
وأخرجت لها [ كيتاري ]
ليجيبها بكل اللغات ...

في إحدى الليالي
سهرت حتى الصباح
متبتلا
ضارعا
أن أموت
وأنا .. كما أنا
عاشق ..
مذهول ...

وقفتُ على أعلى قمة
وصرخت :
- أحبك ..
أحبك جدا ...
بعدها
لم أعد أعرف
كيف سأتخلص من هذا الصدى ....

حملت طاقة من دفء القناديل
وقالت :
- ميلاد سعيد ..

وجرى خطان
من مآقي الذاكرة ....

محت الريح ثورة البراكين
وما زال اسمك
يتلألأ في قلبي
كالنجوم ...

أراك ..
أكثر من نجمة صغيرة ..
أراك ..
كونا بأسره ...

الأشجار تموت واقفة
تماما
كصاحبك
أيها القلم ...

لا يسمع حديث جدائلها
إلا أنا ..
ولا يقرأ لغة أناملها
إلا أنا ..
ولا أحد يعيش هذا الفراغ
إلا أنا ....

صمت الكون
وتوقفت كل الأفلاك عن الدوران
حين نامت يدها
بين أصابعي
ذات مساء ....

من يا حبيب
أضاء شمعة حبنا
ثم انزوى
خلف التواري
خلف الوعود الزائفات التائهات
مع الليالي
من قال إني
قد هويت
ووهبت أشيائي
إليك
ثم اختفى ....

همست لفراشاتها :
- هو ملاكي ..
وهمس وهو يتسلق شرفتها :
- طفلتي المجنونة ...



من حكايا الروح ..

للفاتحين قلوبهم للشمس ...
1
وتخيلت
أننا ستعبث في هذا الكون
كلانا ..
وأننا
سنتسلق أوراق النور
كلانا ..
وأننا
سنلون أقواس الفرح
كلانا ..
وحين اقترب الوعد
وجدت نفسي
وحيدا
في العراء ...
2
أحمل وجهي ..
عند المساء
وعند ارتياح الثواني
ووهج المفاصل ..
3
أرقب ..
ماض كلون موشى
وآت
كغيث رخي .
وما هو حاصل ...
4
أمسكت القلب
أقلبه ..
علي أتلمس
أسراره
5
فوجدت القلب
تحركه
عيناها
من خلف ستاره
6
ذات يوم سحيق
ألقيت قلبي
من النافذة ....
7
على غير عادتها
لم تفتح نافذتها
هذا الصباح ..
وعلى غير عادتي
لم أبتسم للعصافير ...
8
جاؤوا
وقبضوا على الشوكة
بعضلاتهم
وأتيت
وأطبقت على الوردة
برموشي ....
9
هذه الفتاة
أعرفها جيدا ..
هذا الرجل
لا يعرف عني شيئا ...
تلك التي عادت
لم تكن روحي التي أعرفها
جيدا ....
10
من امرأة
[ أنت أسلست
قيادي
وفتحت على الأكوان
بابا
غير بابي
فإذا أشرق
صبح
لم أجد
غير اكتئابي ...]
11
ووقفنا
ذات يوم
في فناء الروح
نرسم قلبين
وشمسا ..
12
لا حروف هربت
من شفتينا
ولا نسمع إلا
شقشقة الفجر
وترانيم السواقي
وهمسا ....
13
على رصيف إحدى المدن
كانت ترتجف تحت مظلتها
مستندة إلى جبل ..
كانت تستند إلي ....
14
أيها الطاهي
أريد طعاما
لجوع عينيها
وماء
لحريق هذا القلب ...
15
في يوم ما
حملت حقيبتي
ورحلت ..
16
وفي يوم ما
حملتها
ورجعت ..
17
وفي يوم ما
سأرحل
بلا حقيبة
ولا رجعة ...
18
- من أنت ؟!
وأخرجت لها [ كيتاري ]
ليجيبها بكل اللغات ...
19
في إحدى الليالي
سهرت حتى الصباح
متبتلا
ضارعا
أن أموت
وأنا .. كما أنا
عاشق ..
مذهول ...
20
وقفتُ على أعلى قمة
وصرخت :
- أحبك ..
أحبك جدا ...
بعدها
لم أعد أعرف
كيف سأتخلص من هذا الصدى ....
21
حملت طاقة من دفء القناديل
وقالت :
- ميلاد سعيد ..
22
وجرى خطان
من مآقي الذاكرة ....
23
محت الريح ثورة البراكين
وما زال اسمك
يتلألأ في قلبي
كالنجوم ...
24
أراك ..
أكثر من نجمة صغيرة ..
أراك ..
كونا بأسره ...
25
الأشجار تموت واقفة
تماما
كصاحبك
أيها القلم ...
26
لا يسمع حديث جدائلها
إلا أنا ..
ولا يقرأ لغة أناملها
إلا أنا ..
ولا أحد يعيش هذا الفراغ
إلا أنا ....
27
صمت الكون
وتوقفت كل الأفلاك عن الدوران
حين نامت يدها
بين أصابعي
ذات مساء ....
28
من يا حبيب
أضاء شمعة حبنا
ثم انزوى
خلف التواري
خلف الوعود الزائفات التائهات
مع الليالي
من قال إني
قد هويت
ووهبت أشيائي
إليك
ثم اختفى ....
29
همست لفراشاتها :
- هو ملاكي ..
وهمس وهو يتسلق شرفتها :
- طفلتي المجنونة ...


30
من تلك الجهة السوداء
لوحت بيديها
وغابت ...
31
لا أحد غيرك
يلمس نبضي
لا أحد غيرك
يسبح بين جفوني
لا أحد غيرك
أسكب بين يديه
رحيقي ...
32
جميل
هذا البوح الساجي
جميل
همس هذا الوجيب
جميل
بوح هذه الجداول ..
وانسابت حمرة الخدود
على وجه
كالقمر...
33
خيرتني
أن أغفو على راحتيها
أم ..
في قلبها
أم ..
بين رموشها ..
فاخترت الرحيل
كي لا أموت ...
34
في نهاية رسالته
كتب لها :
- صديقتي الرائعة
لك أحلى قبلاتي ..
فكتبت له :
- لا أدري كيف تكون قبلة الصداقة
قلب رسالتها بين يديه
وأحس بالطوفان ...
35
في لحظة رحيله
تعلقت عيناها بكل خلاياه
أحست أن كل الأشياء تتساقط فوق رأسها
فأخذها الدوار
وحين وصلتها أولى رسائله
تفجرت دموعها كمن يعلم أن الزجاج إذا انكسر
لن يعود كما كان ..
أبدا ...
36
كوردة
عبقت في خيالي
ولم تذبل
فانسكبت الروح
على نبض اليراع ...
37
اشرأب بعنقه
كي يرى أو يسمع أكثر ..
لعله يجد حلا لإشارة الاستفهام الكبيرة التي تلاحقه طويلا ..
لكنه ما لبث أن تقهقر
فقد توالدت أمامه إشارات استفهام كثيرة .. غيرها ...
38
خال أنها عنته بهديلها ..
فأمضى ليله
وهو يعالج دموع الفرح ...
39
من شدة فرحي
رسمت وجهها كما تخيلته
وعلقته في سقف سيارتي
ثم تساءلت
إن كان هذا حراما
أم حلالا ..
40
وكأنه الوله المعتق
يعقد الأعراس
في شفة الصباح
لكأنما ذاك الهديل
لشهرزاد
يفوق جدران المباح ...
41
بين أنفاسك
والحرف
فضاء
له الروح
منذ البدء
في صمت
تجوبه
42
نقاء النبض
كالألماس
صاف
من عروق الأرض
يحيا
ليس من خبث
يشوبه ...
43
ما قصة العبق المسافر
في الدموع
أترى
حملنا وجهنا
مطرا
فأشعلنا الشموع
من الضلوع ...
44
كتبت في دفترها الصغير
[ انتهى .. لن أعبأ به هذا اليوم .. ]
وفي المساء ..
لبت دعوته للعشاء ...
45
ضل الدم طريق الأوردة
فأخذ يتقجر
من خلايا الجسم ...
46
منذ أن وهبته قبلتها
لم تخمد الحرائق
في جوفه ...
47
على ذات المقعد
جلسا
وفي ذات الصحيفة قرأا
وفي ذات اللحظة
مضيا
كل ..
في طريق ...
48
سأل السلف الصالح
عما يرضي الملك الديان
وسألنا نحن
عن البرهان ...
49
ويريحني
وجه يسافر
في دمي
كالنور
يزحف في الوريد
وفي فمي ...
50
القوة
ليست كرة نطلقها
في المرمى الخالي
القوة
كرة نطلقها
كي تعبر هذا الباب
العالي ...
51
حين بعثت لي
بأولى وشوشاتها
أغرقني الماءان
المطر
والدموع ...
52
حزم حقائبه
وسافر
وحزم حقائبه
وعاد
وما زالت الطرقات
لا تأبه لوقع خطواته ...
53
دائما
تزهر في روحي الفراشات
وتملأ بالهوى
كأسي
ربات الحجال
54
تراني
حاملا قيثارتي
وبوح صبابتي
ولوحات عشقي
ولون الخزامى
وخصرا
تقصف في كل ضلع
ومال ...
55
إن كان حبا
فحبي
شديد البروق
سخي الهطول
ونار
تذيب
جليد الجبال ...
56
على هامش الليل
تنتظر الوردة
بوح العبق ..
57
لا تبالي
إن سرق القلب
أم القلب
سرق ..
ضحكتي
يا طفلتي
ملأى بالقلق ...
58
رمقته بنظرة خاصة
فهبطت في حجره
كل نجوم السماء ...
59
تفاجأ كثيرا
حين وجد أن الأبواب لم تك موصدة
بالشكل الذي كان يتخيله دائما ...
60
رسم أحدهم حنظلة على الجدار
ومضى
بعد ساعات
كانت الجرافات تقتلع آلاف القلوب التي التصقت بجانبه ..
61
- لقد وصلت .. هذه محطتك الأخيرة
- أمهلوني لحظة .. لا أريد النزول الآن ..
فتحوا باب الحافلة
ودفعوه بقسوة
إلى الخارج ...
62
- اسمك ؟
حاول جاهدا أن يتذكر
فلم يفلح
- خذوه
ولم يره أحد بعد ذلك ...
63
حتى النادل
أراد أن يسألني عنها
حين رأى كرسيها فارغا
64
ولها ..
فردت أشرعة النخيل
وأتيت أحمل جبهتي
وصفاء حنجرة الصهيل
وبدأت أسأل
عن حرير شرفتها المضاءة
بالهديل ..
قالوا
تقيم مع العطور
على مواويل الأصيل ...
65
حزمت سيدتي كل حقائبها
قالت :
- أرحل
قبل حلول المد
66
هذا ظلم يا سيدتي
أن يبقى الشوك
بخاصرتي
وتذبل كل حقول الورد
67
لن تفعل سيدتي هذا
أبدا
إن جد الجد
68
الليلة الماضية
كانت طويلة جدا
وباردة جدا
فقد قضيتها
وحدي
69
أحبك
شعلة نار
في الشريان
ولون السكر
في الأغصان
ورعشة ظل
في الألوان
أحبك
سيلا يجرف
رمل البيد
ألماسا
يبرق
في جيد الغيد
أغنية
تتردد
في ليلة عيد
70
ثبت اللوحة أمامي
ورسمت خطوط وجهها كما تخيلته
وحين أردت أن أرسم عينيها
غلبني النعاس
فتسللت بين جفنيها
وغفوت ..
71
قلت لها ذات مرة
أنها جميلة جدا
فوقفت أمام مرآتها
وتركتني وحيدا ...
72
أمسكت [ كيتاري ]
و[ عزفت ] شيئا أقرب لباخ
فأحسست بنجم يتسلق نافذتي
ويرطن بالألمانية
73
- أعطيتك رقم هاتفي
لماذا لم تتصل
- خشيت أن يقتلني الفرح ....
74
صبت القهوة
وجلست قبالتي
فاحترت
أيهما .. أشرب ...
75
كتبت على راحتي بأصابعها :
[ أحبك ]
فانهار آخر سد لدي
وغمرني الطوفان ...
76
سحبوا البساط من بين أقدامي
فسحبت أقدامهم
من فوق البساط
77
ستظلين نائمة
حتى تحط عليك
شفتاي ...
78
حين أجلس معها حقيقة
لا أشعر بتلك السعادة التي أحس بها
حين أجلس معها في أحلامي
79
في الحفل الذي أقامه له أصدقاؤه بمناسبة تقاعده
ترك دمعة تتدحرج على وجنته
وبعد أيام
وفي بيته
ترك دموعا تتدحرج
في قلبه
80
هو .. رجل غني جدا
ومحظوظ جدا
إنه يملك قوت يومه
وقلبها ...
81
من تلك الجهة الوردية
كانت تسطع
ما كانت تنزل
وادي النرجس
ما كانت تطلع
كانت سيدة المرج الأولى
ثابتة
مثل الصفصاف
بارقة
في حرف الكاف
هي تسقي ماكانت تترع
من يشبع من ذاك اللون
من يشرب من ماء النيل
ولا يرجع ...
82
حتى كلمات التعازي
بات ينقلها الهاتف الجوال
83
ما زلت أفتح فمي
لأصطاد القبل الطائشة
وما زلت أفتح صدري
لأصطاد القبل التي لا تطيش ..
84
تركت يدها تنام في يدي
فاستيقظت في دمي
كل البراكين
85
كتبت لها قصيدة بيضاء
على ورقة بيضاء
وحين أخبرتني أنها لا ترى شيئا
تركتها .. ومضيت ..
86
- هل أنت شاعر ؟
- أجل
- صف هذه الورقة
- بيضاء .. عليها كلمة أحبك
- أنت لست شاعرا .. أنت بائع خردة ..
87
أخبرته أن ليلتها هذه طويلة جدا
رد عليها :
- أحبك
جاءه صوتها :
- لأول مرة .. أرى الشمس تشرق .. من كل الجهات ...
88
ثارت وغضبت
حين طبعت على ثغرها بعض رسوماتي
ثم ثارت وغضبت
حين لم أطبع على ثغرها شيئا ..
89
عندما حان وقت الرحيل تمسكت بتلابيبي
وانهارت
وعدتها أن آتي في العام القادم
وحين عدت
لم أجدها كما كانت فسافرت في اليوم التالي
مرتاح الضمير ...
90
لم أستغرق طويلا في رسم اللوحة
لكني استغرقت سنوات
في وضع عنوان لها ...
91
خالت كتاباتي كلها
محض هراء
ولم تدر
أن كتاباتي كلها
نزف في الوريد
من الألف
إلى الياء ...
92
أخذ دور الأمومة
وأخذت دور الرجل
لم يستطع أن يمنع انكسار الأماني
ولم تستطع أن تمنع انهيار السقف
93
نا هنا
وأنت هناك
جسدي هنا
وروحي هناك
وكي أصبح شاعرا
سأبقى هنا
وستبقين هناك ..
94
الدرس الأول :
أعط الأمانة لأول طارق
فهذا ليس عصر السموأل ...
95
كتب في دفتره :
[ لن أعشق أبدا .. بعدالآن.. ]
ثم تذكر
أنه في كل عام
يكتب مثل هذا الكلام
96
دخلتْ غرفتها وأغلقت بابها بالمفتاح
ثم رمت المفتاح من النافذة وأحكمت إغلاقها
واستدارت
فوجدتني جالسا على الأريكة أبتسم
هرولت نحوي
وأجهشت بالبكاء ...
97
في بلد ما
أذهلتني صباحة وجهها
وحين اقتربت منها وجدت ثقوبا كثيرة في روحها
فابتعدت
مضيفا إليها
ثقبا آخر ...
98
- ماسمك .. وعمرك . ومن أين .. ؟
تركتها وابتعدت
- لا يهمني اسمك
تابعت سيري
- ولا عمرك
وتابعت سيري ..
- ولا من اين أنت
وتابعت سيري
- أريدك كما أنت
وقفلت راجعا إليها
وقد توقف القلب عن الدوران ...
99
صعدت المنصة - كالمعتاد - لألقي بعض قصائدي
أمسكت وجهي بكلتا يدي
حملته .. ووضعته على الطاولة
ونزلت
كان التصفيق حادا جدا ...
100
جردوني من قلمي النبيل
ومنذ ذلك الوقت
أخذت أكتب
بالسكين ...
101
رسمت ظلا على الورقة
ومشيت
فتبعني هذا الظل
إلى الآن ...
102
طلبت مني أن أكتب بعض الكلمات على دفتر ذكرياتها
بعد أعوام طويلة
مازلت لا أجد الكلمات التي تناسب ضوءها
ومازال دفترها عندي ...
103
تناول [ الكيتار ] ليعزف عليه بعض المقطوعات الشجية
ثم تذكر صوتها
فأعاد [ الكيتار ] إلى مكانه
وحدق طويلا في اللاشيء ...
104
لا تسكن قصائدي امرأة عادية
ولا تغفو بين حروفي امرأة عادية
فإن كنت امرأة عادية
فاركضي
بعيدا عن مداري ...
105
أخبرته أنه الوجه الآخر لها ..
ولشدة فرحه ترك قلمه يسترسل
فابتعدت غاضبة ...
106
حين رحل
أغلق الباب
وأبقى الجرح
مفتوحا ...
107
النصف الآخر
والوجه الآخر
هل ثمة فرق ..؟
سؤال سألته المرايا ذات بوح ...
108
حين رمى [ كيتاره ] من النافذة ظن أنه استراح
فألقى برأسه على الوسادة .. ليغفو ..
لكن النغم الشجي .. الجارف ..
بدأ يضرب بقوة ..
في عروقه ...
109
جنحت السفينة
واستعصى سحبها على أصحابها ..
وعندما هجروها ..
سكنتها الطحالب
والخفافيش ...
110
حين تسقط أوراق الشجر
تصبح سمادا
لأوراق ستضحك في الربيع ..
111
أخبرته أنها لم تعد تحتمل
وأن الهشيم في داخلها يأكل العروق
وأنها ستنهار .. حتما ..
ضمها إليه
ولم يذكر بعد ذلك .. ماذا حدث ...
112
لم أسأل أبدا عن سر هذا التذبذب
فمن يسأل البحر
عن سر موجه الأزلي ...
113
بعد أن رسمتُ حدودا للقمر
لم يعد القمر يزورني في المساء ...
114
وهبتكِ كل الطرق الذهبية
وكل مفاتيح الجهات
وكل كلمات المرور العصية
أعطيتكِ
يا سيدة الريح
خارطة الجزر الأسطورية
وقلتُ ..
تنتظرني على وقع السنابك
وقلتُ
ستفهم حروفي التي طافت بالخيال
ولم تسترح بعد على الورق ...
115
حين سافرتْ
وقفتُ على مشارف المدينة
أنتظرها ..
وبعد أن داهمني المساء
لم أستطع أن أغمض عيني
وبدأت أعد الثواني ...
116
أحبكَ ..
وانفلتت تركض
مثل قطاة ...
117
فردتْ شعرها للريح
وفردتُ عروقي
للظمأ ...
118
كتب على كف الشمس :
[ لا تستهويني امرأة مترددة ]
فاقتحمت أبوابه جموع من الثائرات ...
119
فتح دفتره الصغير .. وكتب :
هذا اليوم
هبطت نجمة في البحر
وانطفأت ...
120
ما كنت وحيدا
كانت النجوم تضيء
وكان الدرب على كتف السواقي
مليئا بالقناديل ..
121
- لمَ تحمل وجهك بين يديك
- كي أعرف نفسي ...
122
صاح السيد :
- الوطن
ورفع كأسا من نبيذ
وصاح الجالس على الرصيف :
- الوطن
وفصد عرقه ...
123
عاش ..
ومات
ولم يستقر له مكان
كان يسكن أولى درجات العشق ..
124
عندما يكلمني .. أشعر أني ملكة بحق
وعندما لا يكلمني
أشعر أني ملكة
بحق وحقيق ...
125
تململ السيد في فراشه
فاستنفرت نصف الكرة الأرضية
صرخت أنثى في جوف الليل
فلم يأبه أحد ...
126
كان يكتب حكايته .. فلما وصل إلى اسمها .. صعدت كل حروف الأبجديات نحو أعلى نجمة
فرسم وجها كالقمر
وانسحبت الحكاية .. إلى أعماقه
ونامت هناك ...
127
- أحبكَ
توقف لحظات .. ثم أفلت يدها .. وأخذ يركض في الطرقات
هي قصة هذا المجنون الجالس على ذاك السرير
128
كانت رسالتها منطقية جدا
فأغلقت النافذة التي تطل على حقولها
وألغيتها من الذاكرة
مرغما ...
129
ذات صباح .. فتح دفتره الصغير .. وكتب :
[ إنهما أجمل عينين استراحا في قلبه ]
وذات مساء فتح دفتره الصغير وكتب :
[ إنهما وهم كبير ]
130
حين لثم فمها المزدان بالكرز
عرف أن مصيره بات معلقا بالخوابي ...
131
بعد غياب
رجعت الوردة
وفرشت عطرها على مساماتي ...
132
على شاطئ البحر
أرسلت سلامها .. ذات صباح ندي ..
وعلى شاطئ البحر
أرسلتْ كلمة وداع .. ذات مساء جريح ...
133
كان يكتب ما يشبه القصيدة .. حين رآها ترقص على حروفه
وحين انتهى من قصيدته
رآها ترقص على جراحه ...
134
رفع الصخرة الكأداء بكلتا يديه
صفقوا له طويلا
وحين أطل من أول الزقاق ورأته ..
أغلقت النافذة
فتهاوى كطفل ...
135
على بارقة
أحمل سيفك
على بارقة
أحمل وهجك
على بارقة
أحمل نعشي ...
136
لا يجيد تسلق الجبال
من لا يعرف أبجدية القمم ...
137
وطوينا صفحتينا
وافترقنا
هل هي الآن
تُسرح مقلتيها
في ضفافي
أم تراها
أسرجت ريح الفيافي
فانتهينا ...
138
كل شيء يمضي بلا جلبة
إلا حروف اسمها ..
حين تمر ..
تتصدع الأرض ...



قالوا في الفقيد

زياد السعودي / الاردن

الرضوان
انسانك الشاعر
وشاعرك الانسان
لا يفترقان
كنت حاضر بكلك
التهمك الغياب رحمة من ربك
ولن تلتهمك الذاكرة


الشاعرة آمال رقايق / الجزائر

رضوان..
في عالمك، أحس بجدوى
الأمور الروحية، والعطر والأحلام..
في كلماتك مأمن من الخوف الذي
راح يتسلق كل شيء وكل قلب...
في ألحانك الخضراء هذه، يقيمُ
الإنسان وتكتفي الزوابع باسمها...
في دفاترك، أنا أعرف أن النرجس
لا يذبل، وأن العرائس لا تبرح الطفولة...
وأن مدادك يتماوج ليدغدغ الهامش،
ويغرينا به فينجح...
أيها الشامي..
عاطفتك تورق في الدنيا أقواما من الفرح





اعداد :
عبير محمد / مصر
فاطمة الزهراء العلوي / المغرب
سلطان الزيادنة / الاردن
زياد السعودي / الاردن







  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط