لحظة خاطر في ؟"أوجاع مستنسخة" العموش/ زهراء

[فاطمة الزهراء العلوي]

لحظة قراءة خاطرية في قصيدة العموش بقلم زهراء
اوجاع مستنسخة
هنا

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=42600

النص
في والدي من والدَيهِ روائــــــحُ
وبه من الزمنِ الجميلِ ملامـِـــحُ

في ظهـــرِهِ ســُــــتونَ عاماً دامياً
وبصـــدرهِ أحلامـُـــنا تتصـــافحُ

في صوتهِ ممـَّـا يخبـِّــــــىءُ بـُـحـَّـةٌ
خنقَ الأســـى نصفــاً ، ونصفٌ فاضحُ

ولهُ جبيـــنٌ – كالخريطــةِ – مـُـرهَـقٌ
لكــنَّ بوصـَــلةَ الحياةِ تنافــــــحُ

وتكـــادُ تقرأُ في صحيفــــةِ وجهــهِ
" يا أيها الإنســـانُ إنكَ كـــــــادحُ "

ولقـد أبـاحَ لنا غـــلالَ ســـــنينهِ
وعيونـُــهُ عن قحطهـــنَّ بوائـِــحُ

ولهُ ببطـــنِ الليلِ خــلوةُ يونسٍ
ولهُ النجـــومُ الزاهــراتُ مسـابحُ

ولوالــدي – كالطيـِّــبينَ – عيـوبـُـهُ
ولعلَّ أكـــبرَ ما بهـــــا " متســـامحُ "

ويرى أبي في الصـــحوِ أنيَ ذابحٌ
وطنـــي بشـِــعري ،،، والذبيـحُ الذابـِــحُ

يبـِـسـَــتْ بحنجــرتي غصــونُ قصيدتي
فالصــوتُ مجروحُ الحروفِ ، وجارحُ

ولقد تعارضـتِ الأدلةُ قـــــوَّةً
في " متنِ " أحشـــــائي ، وضـَـجَّ الشارحُ

نزقٌ صبــورٌ ، حازمٌ مترَدِّدٌ
متكـَـدِّرٌ صــفوٌ ، وعــــذبٌ مالحُ

لو غاصَ فيهِ الشـــــافعيُّ بفهمـهِ
لاحتــارَ في فقهِ الهـوى : ما الراجـِــحُ !!

أنا في محطـَّــاتِ القصيـــدةِ تائـِــــهٌ
ورقٌ يظلـِّـلـُـــني ، وحبــري راشـِـــحُ

خفـَّـفـــتُ من عـــبءِ البلادِ فليس لي
وطـــنٌ على وجــهِ الحقيقــةِ واضـِــحُ

إني أتيـــتُ إلى الحيــــاةِ ســـــياحةً
ماذا يعبـِّـــــىءُ في الحقيـــبةِ ســـائحُ ؟!

هذا زمـانُ الغــــارقينَ بـذلـِّــــهم
مـُــتْ باختنــــــاقكِ أيـُّـــهذا الســابحُ

ولـَــدٌ على كـَـتـِــفِ الغيــابِ تشـُــدُّهُ
بنـــتٌ إلى صــدرِ البكــا ،،، ويكــافحُ

وتـَـــرٌ على عـُــودِ الحنيــنِ تجـُـسـُّــهُ
كـَــفُّ التــذكـُّــرِ ، فهو حـــزنٌ صـــادحُ

طـفلانِ مـِـنْ بـَــرْدِ الحـروفِ حروقـُـنا
صـَـدَقَ الفراقَ لنا زمــــانٌ مــــازحُ

لا تســأليني أنْ أُحيلـَــكِ موطـِــناً
لا يصـــنعُ الأوطــانَ شـِـــعرٌ نازحُ



الحضور :

البانوراما الدياكرونية للتراث العربي الشعري بالتحديد ، لم تعر اهتماما كبيرا لحضور * السيد الأب * في رزنامة السجل الأدبي الزاخر لهذا التراث.. فـــــــ نادرا ما تلتقط صورة تأتي به على انفرادية وبطولة في التأسيس * تأسيس النص *..

لقد..
حضر بطريقة ضمنية / وذلك عبر الرؤية المتغطرسة للـ " أنا" في الخطاب الشعري حيث يجيء " السيد الأب " كأصل ومفخرة في المجمل العام .
بينما ك : راع..فرد .. مؤسس للعلاقة المجتمعية في عمقها.. غاب دوما وغيبته "صورة الأم وصورة الحبيبة " ، لأنهما حضرتا وتحضران بقوة - حين نتحدث عن العلاقات الإنسانية في التناول الشعري -..

قصيدة العموش أوجاع مستنسخة
تفتح أولا باب استرجاع الصورة المغيبة للأب
ومن جهة أخرى تؤسس للمواجهة ..مواجهة ضمنية ما بين الأصوات المتعددة للقصيدة من خلال البرانى : صوت المتلقي والصوت الذاتي المنبعث من جوانيات الحكي الشعري
فنحن إزاء / قصيدة / حكاية / حكاية مستمرة في الزمنية الحكائية والظرفية المكانية * حيث يحضر المكان بقوة في العمق الدلالي للفكرة..والمكان هو باحة الذكريات أيضا..هذه الذكريات التي ستقولها القصيدة بتفصيل رائع..في هذه الرسالة المفتوحة للسيد الوالد..

الصوتان البرانى والجواني منسجمان :

في والدي من والديه روائح

أولا الاستهلالية لا تخلو من هذا الشموخ الجميل الذي بسط دلالته في مفردة { من والديه روائح }
ولـ * روائح * بعد تاريخي تأسيسي ذاتي ونتحدث عن شجرة عائلة
وأيضا بعد آخر ، يلتقي فيه الصوتان اللذان تحدثنا عنهما / وهو البعد الذي يؤسس للإرث المعنوي و نتشارك فيه جميعا حيث الروائح واحدة = الأصل ...من هذا المنظار أقرأ الصورة..

اللغة :

تنهض اللغة بعمق في هذه القصيدة حيث { إن قوام الشعر في اللغة ..التي هي : جسده وروحه ..}

فــ" شرائط الكلمة " تتحقق من خلال الالتحام ما بين الصوامت والصوائت للنص ، ومن خلال الالتحام العضوي ما بين الذاتي والبرانى والظاهر والباطن
هي مُجَمع عائلي عضوي بامتياز
ونتحدث هنا عن ما أسماهما الناقد العوفي : فاعلية العين وفاعلية الذاكرة..
وهما
في علاقة جدلية ديناميكية تحرك الحسي والنفسي معا
{ تمتلك العين فاعلية التبصر البرانى ، والتحام مفردات وفسيفساء الخارج . وتمتلك الذاكرة فاعلية التبصر الجواني واقتحام مفردات وفسيفساء الداخل ..}

نقرأ :


في صوتهِ ممـَّـا يخبئ بـُـحـَّـةٌ
خنقَ الأســـى نصفــاً ، ونصفٌ فاضحُ

لا تستطيع العدسة التقاط صورة بهذا العمق العارف بما في الداخل الالتحام الذي تحدثنا عنه...إلا إذا كانت عدسة محترفة التصويب

نحن إزاء ما يطلق عليه * الكلمة المعزولة * تنفرد بكامل النص في محدودية مساحتها ، وتتحقق من خلالها " الوقفة "..ومدلولها أكبر وأبرز من القافية

كمفردة * روائح * فتداعيتها = وقفة = تفسر دلالاتها عدة أبعاد / وتفتح نوافذ كثيرة لحمولتها
حيث ان الانشطارية في البيت أعلاه ما بين النصفين / تؤثث لصورة هذا * الأب * بوجهيها :ما ظهرمنها وما بطن

فما ظهر سطرته خطوط الجبين :

وتكـــادُ تقرأُ في صحيفــــةِ وجهــهِ
" يا أيها الإنســـانُ إنكَ كـــــــادحُ "

إن

الانفعال الشعري في القصيدة ، عميق جدا.. تؤسسه خطوط تصاعدية حيث نكون في رحم الحمل العسير الولادة ..لأنه حمْل طبيعي :

وله جبين كالخريطة مرهق


نلاحظ تدويرية الفكرة لمفهوم الكلمة المعزولة * البانية المؤسسة للرؤية الشعرية ، في حركية التحامها الجواني / البرانى

فمفردة الخريطة * تخرجنا من ذاتية البوح النوستالجي العامر بلحظات الطفولة { ولقـد أبـاحَ لنا غـــلالَ ســـــنينهِ } والعلاقة الثنائية ما بين ضمير المتكلم والضمير المتحدث عنه / الغائب الحاضر / ، إلى التوحد الضميري في مفردة * خريطة * ويأتي * السيد الواقع= الوطن * فتتبين الرؤية والكشف الشعري العميق ، حيث يؤسس للعلاقة الجدلية ما بين سؤال الإبداع : الشعر وسؤال الإرجاع : الواقع في تركيبة وعي شعري ناضج...

تحدثنا عن الخط التصاعدي للقصيدة في الفقرة السابقة ، وتوحد الضمائر ..
حيث يتم الانتقال من صورة إلى أخرى ، في انسيابية لغوية جميلة وكـأن الأنامل تعزف بلغة المداد ، سلما موسيقيا بنوتات مختلفة دون أن يـُنشز في اللحن ..وهذا لا يتم إلا للعارف بعمق ما يعزف ،والعارف بعمق الشعر الولادة – كما قلنا –عسيرة وطبيعية
ونقرأ :

ويرى أبي في الصـــحوِ أنيَ ذابحٌ
وطنـــي بشـِــعري ،،، والذبيـحُ الذابـِــحُ

استحضار الخطاب الديني { يرى ..ذابح } و { خــلوةُ يونسٍ }

وتؤثث الصورة تفصيلا في الحديث عن هذا السيد الوطن في البيت التالي:


خفـَّـفـــتُ من عـــبءِ البلادِ فليس لي
وطـــنٌ على وجــهِ الحقيقــةِ واضـِــحُ

يتماهى حضور الأب وحضور الوطن والأوجاع تكبر في ضمير المتكلم وتنتقل العدوى إلى كل الضمائر بأريحية – إن صح التعبير – أريحية شعرية رائعة

{ ما ورثته عن آبائك اكتسبه / بغية امتلاكه }

هذا الوطن الجريح والضائع في تلابيب غارقة في العتمة تذبحه القصيدة حين تكون حارقة { الكتابة صادقة إذا كانت حارقة }
لذلك الرؤيا للسيد الوالد من خلال الصحو منسجمة مع أرضية واقع مرير


وتأتي القفلة لتهيئنا جلوسنا من جديد على أريكة الوطن

لا تســأليني أنْ أُحيلـَــكِ موطـِــناً
لا يصـــنعُ الأوطــانَ شـِـــعرٌ نازحُ



السي محمد


قصيدة أربكتني وجدا
لأنني في كل ثانية قراءة – وكم قرأتها – أسترجع في صورة هذا الوالد الكريم صورة والدي وما بينهما كل النقاط موحدة : أوجاع مستنسخة ..


هذا

ليس نقدا ولا زاوية رؤية ولا حتى وجهة نظر
إنما هي جلسة أخرى مع القصيد.. وثرثرة حول و - مع - الصورة.. حين احتوتني بكل هذا العمق
عذرا من السي محمد إن لم أصل إلى عمقها
وشكرا للقصيدة ..لقد أباحت لي هذه الجلسة الجميلة جدا

تقديري

[عبير محمد]

قصيدة تستحق هذا الاحتفاء لرقيها وتألقها وعمقها النابع من عمق قيصر الشِعر

الذي يسعدنا دائما ويثري الذائقة بحرفه الليلكي الماتع وحضوره المعتّق بالجمال والسِحر

شكرا كبيرة لهذه القراءة الماتعة الاخت فاطمة

مع كل الود والورد لكما

[أحلام المصري]

زهراء الجميلة
حين تختلين بـ النصوص
لا بد من جمالٍ يزهر
و ها أنت كما العادة
تثمرين الروعة و الرقي
تقديري و محبتي

[زياد السعودي]

كعادتك
وعي محمود
توزعيه على اشياء البوح
ميمون طيب اشتغالكم
ولكم فائق التقدير
على فارق الجهد

[فاطمة الزهراء العلوي]

الاحبة مع حفظ الالقاب
عبير
احلام
الزياد


كل التقدير الاحترام لحضوركم المثري وتشجيعكم

[فاطمة الزهراء العلوي]

توحشنا القيصر
قراتها بصوتي وسابعث بها اليك
عساك بخير السي محمد