حكاية النهوند - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-02-2022, 03:45 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عروبة شنكان
عضو أكاديميّة الفينيق
Thumbs down حكاية النهوند

••"حكاية النهوند"
هكذا وتمضي أحداث الساعة ترصدها حدقات إعلامية تجسد صخب الحوارات الناعسة بين ردهات القصور والمباني العامرة ترفاً حيناً ونزقاً حيناً آخر، تلك الخطوات ملت من إيقاعها المقيت تحولت لمزنجرات صدأت من آناتها الأرض عبثت بوحدتها ـ اغتالت أحلامها البريئة..
غاردوا شوارعنا!سئمت من وقع طبولكم المروع ـ وضجت أرصفتنا من الوان قبعاتكم ـاهترأت آلة الحرب واستوطن الوباء أرضنا انصرفوا عن ساحات أيامنا وعودوا إلى حيث نشأتكم ـودعوا لنا صناعة أكاليل النصر، لنا فيكم مالكم في حياتنا ولكم منا ما زخرت به هاماتنا وما جادت به آلامنا..
أعوام عشرة وحفيف أشجارنا يدعوكم لأن تنصرفوا، هنا ولدت "حكايات النهوند" تزامنا مع قدومها إلى هنا "مدينة الضياع" كانت مدينتها غير عابئة بصناعة المعدات الحربية تبتهل صوامعها وكنائسها مع وقع مآذن جوامعها وتتحول إلى تراتيل قدسية ترددها أجيال وأجيال في الساحات المدرسية تصوغها آية وتتركها تحفة فنية فوق جدران قلاعها القديمة يتمعن بها سائحو أوربة الغربية ورواد الحضارات الشرقية الوافدين من شرق آسيا إلى أواسطها..
تحولت تلك اللوحات إلى آلات تعصف بعيون من تترقبها كان لرحيلها القسري ألمه، وكان لحضورها إلى"مدينة الضياع" ضريبته لقد رصدوا حياتها اليومية، وقدروا مصروفها اليومي، واقتطعوا ثمن تذاكر المواصلات ـ سرقوا ملابسها وأمتعتها واستوطنوا جدار غرفتها التي تحولت إلى سجن يُرهبها ويعصف بصحتها التي بدأت تتقلب وتدهور بمرور الأيام.
في ظل المحادثات غير المؤدية إلى فتح معابر الشمال بالجنوب تحولت ساعات انتظارها إلى لهيب أحرق ضلوعها وأرق مضجعها
تناوبوا اغتصاب سريرها المهترئ ـ ومارسوا مختلف صور التعنيف والغدر، تركوها تعيش ظلمة الليالي بقساوة ـ أودعوا قلبها القهر ثم ابتعدوا ليتجدد اغتيال كيانها مرات ومرات..
تساءلت مرات عديدة كيف لهذا العنف يمد بجذوره إلى أواسط أوطاننا!بكت مرات ومرات، عبرت عن غضبها نثرا وقصصا ومزقت اوراقها مئات المرات، في كل مرة كانت تبكي فيها كان يعدها أباها بتحسن أوضاع بلدتهم الصغيرة وعودتهم السريعة، هاقد رحل عاشق ياسمينها، وترك فوق جدران غرفتها صورنا وذكرياتن معلقة حتى زمن عودتهم، تنتظرهم مع حر الأيام في تموز ومع شتاءات البرد في كانون..
غادر أباها منزهم! وبقيت أبوابه مشرعةً ونوافذه مفتوحة على الشوارع والأزقة الضيقة، وبقيت عيون الطامعين ترصد عتباته المزينة بالمرجان كما كنت تشاء..
ذات ليلة خريفية ومع رحيل أوراق الحور المسافرة ضياعاً دخلت إلى غرفتها التي خبأت فيها ذكرياتها وأجمل ملابسها التي تقيها من برد تشرين ـ شعرت بخطوات غريبة تتقدم نحوها التفتت يميناً فإذا بطيف يقترب منها، إنه ضيفهم الذي حل زائرا أعواما عديدة في كل مرة كانت أدعوه لمغادرة منزلهم كان يقابلها بجفاءٍ وعصبية ويتجاهل مطلبها بالابتعاد عن وجودها، عن كيانها وتركها لأيامها تكبر وأتحقق أحلامها..
كانت تظن هذا الطيف قد رحل عن عالمنا، تزوج ثم أنجب، لقد سرق ملابسها الطفولية لمولوده الأول! فالثاني، تزوج ثانية ورُزق بمولود جديد سرق ملابس ابن "إيفا" الفرنسية التي كانت تزورها من آن لآخر، تمكث في منزلها برفقة ابنها أياماَ وأياماً ـ ثم تغادر لتعود من جديد وبرفقتها ابنها بملابس متألقة وتتكرر نفس القصة في كل زيارة!
اقترب منها وسألها متى موعد الرحيل، نظرت إليه بدهشة واستغراب! أخبرها ببلادة أنه تزوج وزوجته الجديدة على وشك الوصول ويرغب في أن يقيم معها في غرفتها التي أحبتها وكرهتها بمرور الأيام وتعاقب المحن والخطوب!
بدا لها التعايش أمر صعب، تحولت الحياة لآلام مريرة، ومع وصول زوجته ذات الشعر الأشقر تسلل التمرد لشخصيتها بطريقة وحشية إنها ترغب بالتسلط، والتدخل في شؤون منزلهم الكبير الذي أصبح يستقبل الوجوه الغريبة بشكل كبير لقد ضاقت مساحات التفاؤل في صدرها الذي اِزداد سعير ناره شيئا فشيئا..
لم تعد الدموع تجدي ـ وسط الضحكات الصاخبة في مقر إقامة الغرباء في منزلهم، وكذلك في حديقته التي تحولت للنزلاء من الحيوانات أو ممن لديهم ميولاً حيوانية، أجل بإمكان الزائر أن يصادف في حديقتنا فتاة تحولت إلى قرد أو شخصا ما تحول لحمار بسلوكياته وتصرفاته، وتحولت هي لفريسة يرغب باصطيادها كل من طمع بدارها، سئمت الحياة وتعبت من تكرار عبارة(ياإلهي عجل برحيلهم)!
لدى وصولها إلى"مدينة الضياع"تحولت عيونها لعدسات ترقب نبض شارعها، الوجوه غير عابئة ببرد كانون أو ثلجه، العمل وتأمين لقمة العيش هاجس الأغلبية، ينتمي الشارع الذي سكنت فيه إلى الطبقة فوق المتوسطة، عليها تأمين مستلزماتها بشكل يومي! الدولار بارتفاع كما الأسعار، لقد وقعت في حيرة بعض الشيء لا تعلم متى ستنتهي الدولارات التي بحوزتها وإلى متى هذا الحصار الذي فوجئت به لقد سُرق كل شيء منها وعلى عجل بحة صوتها وصلواتها وخطواتها..
هاهي الأيام تمضي، وأخبار الوطن الأم منقطعة عنها، تحيا على أمل أن تعود!داهم الشيب مفرقها واعتلت صحتها! وأصوات آلياتهم تؤرق مضجعها، تتألم صمتاً ولاأحد بإمكانه إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، ابتسمت بحرقة وتساءلت هل كانت أحوالها أفضل قبل أعوام عشرة، كانت تحيا على أمل أن تسافر وعندما عايشت تجربة السفر أصبحت تحلم بالعودة!بهرتها الأزقة القديمة المرصعة بالحجارة الملونة و"مناقيش"الزيت والزعتر التي واظبت على التهامها في كل يوم عطلة.
لم تعد تجدي تدوين مذكراتها اليومية، وبث رسائل الشوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم تعد تجدي متابعة الأخبار الكترونيا بعد أن تحولت لوجبة يومية وجزءا هاما من حياتها، لم تعد تجدي جلساتها الصباحية على شرفة غرفتها التي واظبت على ترتيبها ورش ماتيسر لها من عطور مفعمة بروائح متنوعة من أعشاب برية وزهور طبيعية ترافقها أحلامها بالعودة ولقاء أحبة ابتعدوا عنها!
ذات صباحٍ خريفي، استيقظت على طرق باب منزلها استعجلت النهوض من الفراش ثم توجهت نحو الباب لفتحه لِتُفاجئ بشخص لم تره من قبل، عرفها بنفسه إنه حارس العمارة الجديد سيحل محل"ابراهيم"حارس العمارة الذي انتهت مهمته ثم غادر، رحبت به وطلبت منه شراء الخبزلها لتناول وجبة الفطور، ما إن أحضر"ابراهيم"الخبز لها تذكرت بموعد زيارة طبيب الداخلية لعمل الفحوصات الدورية، لم تتناول وجبة الفطور توجهت لتبديل ملابسها في غرفة نومها الصغيرة ثم خرجت من المنزل على عجل متوجهة إلى المركز الطبي..
وصلت المركز ثم حجزت للكشف، كان ثمن التذكرة مرتفعا بعض الشيء، عليها الصبر حتى تتحسن الأوضاع لتعود إلى موطنها، سمعت صوت الممرضة وهي تنادي باسمها، اقتربت منها وحيتها ثم دخلت برفقتها إلى العيادة، شعرت بالضيق أمام الطبيب وهو يستفسر عن أوضاعها ثم سألها عن شكواها، طمأنها ثم طلب منها عمل فحوصات للدم، ارتفعت وتيرة شعورها بالقلق والتوتر، وهي تتوجه إلى مركز التحاليل، الفاتورة بارتفاع كما الأسعار، نظرت حولها وهي تُقلب بصور الأمس في ذهنها كم كانت رشيقة في أوائل العشرينات من عمرها ثم الثلاثينيات فالأربعينيات، إنه العمر وغدر الزمن الذي لم تغفل عن التهيؤ له، كانت تكتنز لغدها خشية المرض والوحدة، لقد حان الوقت لاستهلاك ما لديها لكنها خائفة من الضائقة أكثر بمرور الأيام وتفاقم الأوضاع الصحية لاقدر الله..
تم عمل الفحوصات اللازمة لها وكانت النتيجة لابأس تحتاج لبعض الفيتامينات والمقويات مع اتباع برنامج غذائي يحسن مزاجها ويعدل من حالتها الصحية، استلمت الوصفة الطبية من الطبيب المعالج ثم توجهت لابياع الأدوية التي تم وصفها لها، واتجهت عائدة باتجاه منزلها بينما ذهنها غارق باسترجاع الأمس تذكر أرصفة الوطن الأم دامعة، ومنزلها وتلك الوجوه الغريبة التي عبثت بحاضرها ومستقبلها وحده الماضي بقي حبيس ذاكرتها كما كان صور والدها وجدها ووجوه عبرت تاركة أطيب الذكريات على مر الأيام، وصلت إلى شارعها المؤدي إلى المنزل الصغير الذي استئجرته كانت الحركة هادئة والأجواء مًلبدةً غيوماً تنذر بأمطار وافرة أمسكت بمفتاحها لتفتح باب الدار على أمل عودة سريعة للوطن الأم تُريحها من عناء الانتظار، وذكريات الأمس، وتقلبات العمر والصحة وكل شيء.






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-02-2022, 02:16 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال عمران
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية جمال عمران

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

جمال عمران غير متواجد حالياً


افتراضي رد: حكاية النهوند

مرحبا أ/عروبة
قصة ولا أجمل.. تأثرت بها وعشت مع صورها.
خلتها أحداث على مسرح كبير يحاكى مسرح الحياة.
الظلم والقهر والاغتراب والضياع وأمل منشود فى تحقيق حلم عودة قد يبدو بعيد المنال.
مودتى






تحيا الأخطاء عارية من أي حصانة، حتى لو غطتها كل نصوص الكون المقدسة.
(غاندى)
  رد مع اقتباس
/
قديم 09-05-2023, 06:22 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محمد داود العونه
عضو مجلس إدارة
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
الأردن

الصورة الرمزية محمد داود العونه

افتراضي رد: حكاية النهوند

بعد التحية الطيبة..
مهارة عالية في السرد..
الأديبة القديرة / عروبة شنكان
شكرا كثيرا على ما خطته ريشتك هنا..
.
. كل التقدير والاحترام









أحبّك..
كطفلٍ ساعة المطر!
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط