(من أنت؟) - الصفحة 2 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :عبدالرحيم التدلاوي)       :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :إيمان سالم)       :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-01-2014, 10:15 PM رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

4
- أنا من النمسا .. فكيف ستوصلني إلى هناك ؟
- النمسا ؟؟ وكيف جئت إلى هنا ..سياحة ..عمل ..انت مكتشفة أو عالمة أحياء ؟؟
- ستعرف ..حين أتمكن من التنفس.
- أسف ..أسف جدا ..أثقلت عليك .. فقط استغربت وجودك ..فهذا المكان مقطوع بالمرة .
- هل يوجد ماء للشرب؟؟ اشعر بعطش شديد
- بالطبع سيدتي ..لحظات فقط
خرج الرجل بسرعة وعاد يحمل معه جرة وكأسا خزفيا وسكب الماء فيه ..حاولت هيلين أن تجلس لشرب الماء فاحتبس نفسها بسبب الكسر الذي اصاب ضلعها
- حسنا يا سيدتي ..لا تتحركي ..كسر الاضلاع يحتاج من شهر إلى شهرين حتى يجبر تماما ..بإمكانك شرب الماء وأنت شبه نائمة .. سأساعدك أن لم يكن في ذلك حرج .
رفع رأسها ووضعه على رسغه الأيسر وقرب الكأس من فمها بيده اليمنى وهي تشرب بأنفاس متقطعة ..كانت لحظتها هيلين تعانق الحياة من جديد ..الماء ..الهواء ..شعور بالراحة لم يمر عليها منذ فترة ..وبالرغم من ألمها الشديد الذي يحبس من أنفاسها لكنها استمرت في شرب الماء لمدة طويلة نسبيا .. فما بين نفس وآخر .. تطلب الماء بعينها و الرجل لازال يحتويها ويساعدها على الشرب .. بعد هذه الشربة الوافرة أغمضت هيلين عينها للنوم مجددا ..بدت عليها علامات الارتياح وأخذ الرجل المجهول الذي لا تعرفه بيدها ليعيد ترتيب الإبرة والمغذي ..غطى جسدها برداء خفيف و خرج يكمل عزفه ..
في المساء فتحت هيلين عينها وهي تستذكر ما دار بينها وبين الرجل من حديث ووضعية حالتها التي هي عليها الان ..أخذت تفكر بحال أبيها وغيابها هذه الفترة ..سيقلق كثيرا جدا لاختفائها المفاجئ والطويل وهي التي تعرف حالته الصحية .. وعدم تحمله لفراقها ..تريد أن تعرف ما هو حاله الان ..وهل قامت جهات مختصة بالبحث عنها ..وماذا عن هذا الرجل الغريب ؟؟ هل سيستمر بعنايته لها ؟ وهل سيكون عند وعده ويوصلها إلى المدينة ومن ثم إلى السفارة ..لا تعلم كم بقيت حتى الان في هذه المحنة ولكن بكل الأحوال هي مدة كافية لأن تكون رهينة القلق والخوف .. دخل الرجل عليها في هذه اللحظة وهو يحمل بيده الطعام ....
- هيلين .. أعددت لك وجبة شهية فهل يمكنك مساعدتي بأن تأكلي معي ..لو أكلتها لوحدي ستصيبني التخمة
كان أسلوبه اللطيف في دعوته لهيلين للأكل استدعت بسمة غائبة على شفتيها المشوهة ..فكأنها تعرفه من مدة أطول من حديث أولي في الصباح كان معظمه تشخيصا وشرحا لحالتها ..هزت برأسها نحوه وقالت له :
- ماذا أعددت لنا أيه الطباخ الماهر ؟
- ههه وكيف عرفتي أني ماهر و أنت أول مرة ستأكلين من يدي
- رائحة الطعام تبدو شهية
- هذه قطعة ضأن مشوية .. لقد قمت بذبحه هذا اليوم بمناسبة افاقتك ايها الضيفة العزيزة ..هيا هل تسمحين لي بمساعدتك بأكلها ؟
- طبعا يسرني ذلك .. ولكن قل لي .. ثمة أسئلة كثيرة تدور في رأسي .. من أنت ؟ وما أسمك و لم أنت هنا لوحدك ؟؟
- دعيك من هذه الثرثرة الان وكلي ..ستعرفين في الوقت الذي تستعيدين صحتك ..يجب عليك الاسراع بالتشاف فأعتقد أن أهلك ..قلقون عليك .وعلينا الاسراع لكي أعيدك إليهم . الان لن أعطيك الفرصة للحديث ..يجب عليك الأكل فوجودك لثمانية أيام هنا دون لقمة كفيلة بموتك لولا وجود هذه المغذيات الطبية ؟
- هل كنت هنا لمدة ثمانية أيام ؟!!
- نعم لقد وجدتك فجر الجمعة والان ظهر السبت الثاني لوجودك هنا .
- يا إلهي ولربما قضيت أسبوع أو أكثر في الغابة وأنا تائهة ..قرابة نصف شهر ولا أحد يدري أين أنا ..
- لا بأس ..ستكونين بخير وستعودين لأهلك .. هيا فأنا جائع جدا.
أخذ الرجل يطعمها بيده ..يقطع لها قطع اللحم وتتناولها هيلين ..كانت شهية جدا ومستوية ولها رائحة فتحت شهيتها للحديث من جديد .
- أنت طباخ ماهر .. طوال حياتي لم أكل ريش الغنم بهذه الطريقة ..ماذا وضعت بها من تتبيل ؟
- ولا شيء ..هي هكذا طازجة ..قليلا من الملح فقط ..في نظري اللحم يفقد لذته حين نضع له زوائد من بهارات او تتبيل.
- حسنا أيه الطباخ الماهر ..ستعلمني الطبخ هه
- بل سأوصلك إلى أهلك قبل كل شيء فأنا اشعر بقلق عميق يسكنهم الان بسبب غيابك وليتني أقدر أن أفعل شيئا ..وأرجو ان تسامحيني على عجزي.
زاد الارتياح عند هيلين حين عاد الرجل بوعده وتذكيرها بحس إنساني مرهف عن قلقه على مصيرها وكذلك مشاعر أهلها ..أكلت هيلين من يد الرجل حتى أكتفت فقرب لها كأسا من الماء ..وساعدها في شربه ..بعدها استأذن للخروج لكي يغسل الصحون .فأخذت تتأمل هذا الكوخ من الداخل ..ثمة كتب كثيرة في مكتبة مصنوعة يدويا ..طاولة وكرسيها عبارة عن جذع من شجرة مقطوعة ..آلة الكمان ..وكذلك بعض الملابس المعلقة ..هذه الأشياء أشعرتها بالطمأنينة ..الكتب عادة ما تكون صديقة للناس الأخيار ..فالقراءة تؤدب وتروض أي شخص ..وكذلك وجود الكمان منحها الراحة ..هذا الرجل يمارس الفن ..فلا يعقل أن يكون الفنان شريرا ومجرما .. على بساطة المكان ولكن أظهر مقدرة الرجل على أنه متمكنا من ترتيب و صنع أشياءه ونظافة منزلة ..الكوخ الصغير ذو النافذة الواحدة والباب الذي لا تعرف متى ستخرج منه وماذا يوجد بخارجه ...
بعد عدة دقائق عاد الرجل وبيده كأس زجاجي وملعقة معدنية .. ليسألها ..وهو مبتسم
- هل تود صديقتنا هيلين أي شيء ؟
- لا شكرا لك ..كانت وجبة لذيذة ..ممتنة لك.
- بعد قليل سيحل الظلام وبإمكانك النوم بهدوء ..تصبحين على خير ..سأكون في الخارج بالقرب منك وحين تودين أي شيء ..عليك بضرب هذا الكأس بهذه الملعقة لكي أسمعك ..
هم للخروج فنادته
- يا رجل ..ألن تقل لي ما أسمك على الأقل هذا اليوم ؟
- رجل ..قولي لي يا رجل ..
خرج وهو يبتسم لها ..ولحد هذه اللحظة لم تزل الغشاوة من عينها ولازالت الاشياء تبدو مشوشة في عين هيلين ..حتى الرجل لم يمكنها تمييز ملامحه بوضوح ولكنها استعادت الكثير من حيوية روحها بسبب حسن معاملته وأخلاقه وحفاوته بها
في اليوم التالي حين جلست هيلين من النوم والتفت للمرة الأولى أنها لم تكن تلبس ذات الملابس التي كانت عليها في اللحظة التي وقع فيها الانفجار وغابت عن الوعي هنا انتابها نوعا من الذعر و الوساوس حين تذكرت أنه تفحص أضلاعها وصدرها و كذلك فخذها الايسر واخبارها بكل شيء حدث لها مما جعل بعض الشكوك تساورها كونه ربما ضاجعها وهي غائبة عن الوعي ..فرجل غريب و يسكن في غابة ولوحده و لديه امرأة وأن كانت مشوهة بسبب المرض والحوادث ..فبعض الرجال حين تستثيرهم الرغبة تنحط أخلاقه إلى المستوى الحيواني ولا يفرقون ما بين غث وسمين وما بين مريضة أم صحيحة ..ولكنها في ذات الوقت ينتابها نوعا من الارتياح بسبب معاملته وأخلاقه ..فهل هو فعلا يستغل وجودها أم يقوم بعمل إنساني لا أكثر ..هي لا تعلم ولا تشعر بجسدها من زود الخدر والألم الذي يعم أرجاء هذا الجسد ..ولا تستطيع حتى أن تحدد أن كان أقترب منها ..ولكن هذه الوساوس بدت تطغي عليها هذا الصباح ..أثناء هذا التفكير القلق فإذا بالرجل يدخل وبيده طاولة خشبية صنعها خصيصا لتأكل عليه هيلين ..كانت إلى حد ما تشبه طاولات الأكل في المستشفيات ثم عاد بصحن الافطار ويصبح بها :
- صباحك الفرح يا هيلين, لست ماهرا في النجارة ولكن اظن هذه الطاولة ستفي بالغرض (صمت قليلا ) هل يمكنني أن أفطر معك ونأكل هذا البيض والحليب ؟؟ ..كذلك خبزت قرصين من الخبز الشهي
هيلين نظرت إليه بنظرات مشمئزة و مثيرة .. وهي تخفي ما بداخلها من شكوك ..عاد يكلمها الرجل
- لا تحبين البيض ؟ هل اصنع لك جبنة ؟؟
- لا ..شكرا لك ..
قرب الطاولة منها ووضع الفطار ..ولم تأكل منه .. ثم عاد يكلمها
- هيلين أعذريني هنا الأمور لا تبدو كما يجب ..ليس لدي الا موارد محدودة للطعام وأعرف أن مثلك قادمة من بلاد العز لا يليق بها هذه المعيشة
- لا يهمني هذا ..
- إذن فلنأكل حتى تقوين على استرداد صحتك ..بأسرع وقت ثم أوصلك إلى أهلك
هنا هيلين أنطقها الشك..






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:16 PM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

5
- هل لمستني ؟؟
- لم أفهم ؟ بالطبع حملتك إلى هنا فيعني لمستك
- أقصد هل فعلتها ؟
- فعلت ماذا ؟؟ أتقصدين
- نعم أقصد هل ضاجعتني وأنا فاقدة للوعي
- لا لا لا ..(اجاب بدهشة ) لا افعلها ولست من الذين يفعلونها ؟؟
- ما الذي يمنع ؟؟ رجل في غابة ولا يوجد أحد معك وقعت في يده أنثى جميلة ..هل سيتركها في حال سبيلها ؟؟
هيلين نست ما اصابها اصلا من تشوه كبير بسبب الاصابات ولا تتذكر سوى صورتها وشكلها القديم الذي جنن رجال العالم .. كذلك الرجل كان ينظر إليها باستغراب ..وكأن ملامح وجهه تقول عن أي جمال تتحدث ؟؟ أجابها الرجل بهدوء ولم ينفعل حتى اللحظة
- صدقيني لم أفعلها ولن أفعلها حتى لوكنت جميلة الجميلات ..أخلاقي لا تسمح لي بهذا
- وكيف تغيرت ملابسي ؟ وهذا اللبس أساسا ليس لي
- كلما في الأمر أردت أن انقذ حياتك ..ملابسك كانت تشكل خطر عليك وعلى جروحك ..متسخة جدا و بكل تأكيد تحمل مليارات من البكتيريا والجراثيم ..هنا من واجبي كطبيب أن أحافظ على حياتك ..لم أدعك عارية ..ولو كنت أود فعل شيء لتركتك على ما أنت عليه بلا ملابس .. هذه البدلة القطنية لي ..لم يكن لي خيار آخر وليس عندي ملابس نسائية ..أرجو أن تعذريني ألاف المرات
- صحيح لم تلمسني ؟؟
- أقسم لك ..
- أرجو أن لا تفعل هذا من أجلي .من أجل وحدتي وضعفي . .من أجل حبيبي
- أعدك لن أفعلها ..وليس من أجلك ولا من أجل حبيبك ..من أجلي أنا
..(من أجلي أنا) رنت هذه الكلمة في رأسها كجرس اصابته رصاصة من مكان قريب فصمتت وحاولت تمتص الموضوع فهي بكل الأحوال لا حول لها ولا قوة ..ولا يحق لها أن تحاسب رجلا قدم لها معروفا لمجرد ظنون ..
- هيلين أتمنى أن تثقي بأنك بخير ..وأني لم ألمسك بالمرة ..هذا سيجعل من نفسيتك مطمئنة مما يسرع عملية نهوضك .. هيا كلي الان ولن نتكلم في هذا الموضوع مرة أخرى.
- أرجو أن تسامحني كان علي أن لا أتسرع في اتهامك.
- لا بأس أنسي الان ..قولي لي هل تحبي البيض ؟؟
تناولا البيض والحليب ..كوجبة أخرى تلتها أيام كان الرجل يقدم لها جل اهتمامه من غذاء ودواء ونظافة .. كان يساعدها بطريقة مدهشة وغير محرجة حتى في تنظيفها و حاجتها للحمام .. لقد قام بعمل فتحة في السرير الخشبي ومدها بماسورة من القصب للخارج لكي تتمكن هيلين من قضاء حاجتها في مكانها ..وكان يضع لها الماء لتغسل نفسها ..بقدر ما تستطيع من تحريك يديها ..كانت هيلين تبلى بلاء حسنا ..تتحسن بسرعة .. وتقضي وقتها على هذا السرير لكي تلتئم جراحها ..وتنجبر كسورها .. طوال هذه الأيام كانت تنادي الرجل (دكتور) . .. بالرغم أنه لا يرضى بهذه التسمية ..فيقول لها أنها مسؤولية كبيرة لست بقدرها.. لم يتكلما في أحاديث طويلة عن حياتهما ..فقط شرحت له ما حصل لها وكيف وصلت إلى هنا منذ رحلتها الأخيرة ..تحدثت عدة مرات عن والدها ..كانت ترتاح للتحدث إليه فكان منصتا جيدا .يرد عليها بكلمات قليلة ويشجعها ويصبرها ويحمسها لتخطي هذه المرحلة الصعبة ..هنا توقفت أحد المرات وهي تناديه بدكتور ..وقالت في نفسها( لا يعقل أن لا يكون لهذا الرجل حكاية ..وقصة ..فما سر وجوده هنا ..وهل يحق لي أن أسئلة ولو من باب الفضول ..هل ينتظر مني أن أسأله مثلا ..هل هذا من باب اللباقة أن أبادره السؤل ؟؟ ) انتظرت هيلين في ليلة تناولا فيها العشاء وقبل أن يقوم لغسل الصحون ..قالت له
- هل ستنام مبكرا كعادتك ؟






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:18 PM رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

6
- أعتقد هذا
- ألا يمكننا التحدث قليلا ؟؟
- لا بأس سنتحدث .. سأغسل الصحون ويداي وآتي لك ..
بعد قليل دخل وبيده كوبين من الشاي .. ابتسمت هيلين في وجهه وشكرته ثم بادرته بسؤال
- هل يحق لي أن أسأل أم لا ؟
- طبعا .نحن أصدقاء
- فقط من باب الفضول لم أنت هنا في الغابة وحدك ؟ ومن كم ؟
ابتسم الرجل في وجهها الذي لم تراه بعد بوضوح بسبب الغشاوة المستمرة على وجهها ..هذي الضبابية بسبب ضعف نظرها المؤقت كانت تخفي كثيرا ملامح الرجل و تعبيراته و انفعالاته ..لم تعرف أنه ابتسم لها فردت
- اظن اني اغضبتك ..لا بأس لن أتدخل فيما لا يعنيني .
ايضا أكد عليها بابتسامة كأنه يقول ستعرفين كل شيء في وقته .. هنا قالت له :
- على الأقل أريد أن أعرف أسمك ..
بعد لحظة صمت أجاب الرجل وكأنه تفاجئ بالسؤال
- اسمي دياغو
- أسم جميل .(مبتسمة ).ولكن قريبا ستخبرني لم أنت هنا و ما حكايتك وكيف وأين تعلمت الألمانية ..أليس كذلك ؟؟
- إذا كانت هناك فرصة بالتأكيد سأفعل
- (مبتسمة ) أن كنت لا تريد الحديث عن نفسك ..هل ستعزف لي؟ .. كانت الايام الماضية أسمع عزفك من الخارج .. كانت موسيقاك هي التي بعثت فيني الحياة من جديد ..أخالني كنت ميتة ..
- بكل سرور يسعدني هذا ..لحظات فقط آتي بالكمان
خرج دياغو .. وهي تعرف أسمه لأول مرة .. ولكن ظل الغموض يحيطه .. تفكر هيلين في شخص وحيد .. وتسأله أنثى جميلة عنه وحياته ويجيب بالمختصر !!..بعد دقائق دخل دياغو ومعه آلة الكمان وبعض الورود التي وضعها في مزهرية صغيرة تركها بالقرب من طاولتها وأخرج الكمان من علبتها وقربها إلى صدره وسأل هيلين
- هل ثمة موسيقى تودين أن تسمعيها ؟
- حقيقة استمعت إليك وأنت تعزف لبتهوفن بمهارة .. وللعلم فأنا نصف ألمانية فبالطبع أتوق أن أسمع موسيقى لبتهوفن أو حبيبنا موزارت.
وبدون أن يتكلم دياغو أطفئ الشموع وأبقى على شمعة واحدة فقط وهو واقف أخذ يعزف على آلته التي انسابت بنعومة وخفة بين يديه .. بدأ يعزف مقتطفات من سيمفونيات لبتهوفن ثم عرج إلى موزارت .. هيلين أخذتها الموسيقى إلى ديارها ..إلى الأزقة والساحات في فيينا .. إلى الأسواق التي أينما مشيت فيها تسمع الموسيقى وترى تماثيل وصور لموزارت ولبتهوفن .. كان الشعب النمساوي فخور بهما جدا .. وهي فخورة بمدينتها عاصمة الموسيقى .. دياغو الذي كان مبهرا بالعزف أعاد لها جزء من بريق عينيها بدمعة ثقيلة ,, بانت عليها لمعة شعاع الشمعة .. عزفه الذي كان بمثابة تذكرة طيران مجانية زرعتها بسرعة البرق في قلب وطنها واحضان والداها و مع ذلك الحزن الا انها ظلت ماسكة على نحيبها الذي قارب أن يخرج فلم تكن تود أن تفسد عليه هذا التجلي .. دياغو كان يعزف متراقصا مع الموسيقى ومغمضا عينييه ..لم يتوقف عن العزف لقرابة ساعة متواصلة .. لدرجة أنها اصاب هيلين الدهشة .. وهي تنظر إليه بكامل حيويته ..كيف تعلم وعرف كل هذه المقطوعات الصعبة .. بعد أن توقف صفقت له بحرارة لدقيقة متواصلة وهو أمامها يحني ظهره كتحية الفنان لجمهوره ..
قالت :
-مدهش مدهش مدهش أين تعلمت هذا ؟ ألم أقل لك يا هيلين لن تفوتك الحفلة.
لم يعرف دياغو ما تقصد ولكنه أبتسم لها وشكرها بلطف على الاستماع
- هيلين شكرا لك أولا على الاستماع ثم أعتذر لكوني أثقلت عليك
- بالعكس أنت لا تعلم ماذا فعلت بي هذا المساء .. جعلتني أحلق بين أرجاء وطني. بالله عليك أين درست الموسيقى.
أجابها بلطف
- هنا .. الان تصبحين على خير
وضع دياغو الكمان بلطف في علبتها وكأنه يتعامل مع كائن حي ..قبل أن يقفل العلبة أنحنى وقبل الكمان وقال وأنت أيضا تصبحين على خير .. خرج دياغو ووضع أيضا بعض علامات الاستفهام لدى هيلين .. هذا الشخص يتقن الموسيقى .. بل أني لم أشاهد عازف خارج الأوركسترا ولا حتى في شوارعنا الممتلئة بالعازفين المحترفين مثله كعزف منفرد .. ربما يكون موسيقارا ..ولكنه يخفي هويته تواضعا او لسبب آخر ..نعم ما قام به الآن لا يصدر الا من محترف .. فأنا أبنة فيينا وأعرف جيدا ما هي الموسيقى وكيف نسمعها وكيف نحكم على العازف) ..
هذا الليلة المختلفة بالموسيقى التي زرعت هيلين في حديقة من بهجة وأمل ومصافحة حنونة مع الذكريات الجميلة ..كانت بفضل أنامل دياغو السحرية .. فمتى كانت الموسيقى حاضرة .. تواجدت معها المشاعر التي تجعلك تبتسم لغد أجمل..
مدت يديها بصعوبة نحو الورد وقربته وشمت رائحته الزكية ضمتهم إلى صدرها .. اغمضت عينها ..أسلمت أمرها إلى النوم ..






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:19 PM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

7
في اليوم التالي وكعادة دياغو دخل ومعه الافطار ..هيلين المستيقظة سلفا .. استقبلته بابتسامة عريضة توشي بالرضا و بدت هي بالحديث
- أهلا بالموسيقار العظيم
- ههه لا يا سيدتي أنا فقط هاو للموسيقى .. وبما أنك نمساوية بالطبع ستكتشفين نشاز عزفي بسهولة ..على كل حال صباحك الفرح
- صباحك مثل الورد (مدت إليه الورد الذي احتضنه للصباح واخذه واعاده للمزهرية وهو مبتسم )
- شكرا لك .. هل نفطر الآن ؟
- بالطبع فأنا جائعة جدا ..ولكن بالله قولي أين تعلمت ودرست الموسيقى ؟
- هنا
- هنا ؟؟ أنت عازف ماهر ..وهل توجد في الغابة أماكن لتعلم الموسيقى ؟
- لا بالطبع اشتريت بعض الكتب خاصة بالموسيقى وبدأت أتدرب عليها وشيئا فشيئا صرت على ما تريني عليه ..ولكن لعملك لست جديدا مع الموسيقى فكنت أعزف آلات أخرى ولكن لم أتمكن من الحصول عليها هنا فتعلمت الكمان ..لقد اشتريتها بثمن أقدر عليه وكذلك عملت لها صيانة بنفسي فأصبحت تعمل
- جميل جميل .. ستعزف لي هذه الليلة؟
- يسعدني هذا .. فستكون فترة تريبي على الكمان معك كل ليلة أن كان لا يزعجك هذا .. فأنا هنا مقسم وقتي لبعض الأعمال وبعض الهوايات وللموسيقى في حياتي شأن ..أوليها من وقتي قرابة الساعتين يوميا
- وماذا تعمل أيضا ؟
- ستعرفين لاحقا ههه الان هيا نأكل.
اخذ يساعدها في الافطار وبعد أن تناولا وجبتهما قدم لها كوب قهوة برازيلية كانت رائحتها تخترق الروح ..
- ياه كم هذه القهوة شهية
- أنت في البرازيل سيدتي
- نعم أعرف أنهم مختصون في القهوة كما نحن مختصون في الموسيقى هه
- و انا فقط استورد ههه
مضت الأيام ببطء على هيلين في فراشها وكل مرة تتحدث مع دياغو تسأله عن أمكانية قيامها من السرير فكان يصبرها ببعض الكلمات ويستشعر قلقها ويفهما مجددا أنه لا يمكن تركها لوحدها لخطورة الوضع ما بين أمرين أحلاهما مر ..
دياغو لم يتغير في معاملته واهتمامه ومتابعته أولا بأول وبدقة شديدة كان يقدم لها الغذاء والأدوية والمضادات وكأنها فعلا في مستشفى .. لا يتأخر عليها ولا يغيب عنها طويلا ..وكلما بقت لوحدها لقضاء أعماله في الخارج يقرب لها بعض الكتب والروايات باللغة الانجليزية المتوفرة لديه .. كانت تحاول أن تتقلب على وحدتها وقضاء وقتها بالقراءة
مر شهر على هذا الحال وكانت تبلى حسنا وتتشافا من مرضها الجرح في فخذها ألتئم تدريجيا .. أضلاعها أيضا بدأت تأخذ وضعها الطبيعي ..ولكنها لم تبارح مكانها بسبب الألم إذا ما تحركت .. دياغو كان يطمئنها بأنها على وشك مغادرة السرير ولكنه أخبرها بأن عليها الانتظار وعدم الاستعجال حتى لا تتسبب حركتها في مضاعفات لم تكن في الحسبان ..هيلين كانت وبرغم عجلتها على معرفة حال والداها الا انها متفهمة ومقتنعة ومصدقة لما يقوله دياغو ..
بعد مرور خمسة وأربعين يوما لوجودها في كوخ دياغو وفي صباح جديد ..دخل عليها بعد طرق الباب ..وهو ينادي هل أدخل ؟ وبعد أن أذنت له






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:20 PM رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

8
..فتح الباب ومعه شيء يخفيه كان مغطى بقطعة قماش بيضاء ..ومرقعة بألوان أخرى ..
- هيلين .. حانت اللحظة (وهو مبتسم)
- لحظة ماذا ؟
- سنحاول هذا اليوم أن تغادرين السرير لكي نتم عملية علاجك بما يناسبك حالتك الصحية ..عليك التحرك وعمل بعض التمارين واكمال ما يلزم من رحلة العلاج
- صحيح هذا ؟ سأنال حريتي (وهي مسرورة جدا) وما الذي تخفيه ؟
أزاح دياغو قطعة القماش وكأنه يقدم لها مفاجئة سارة ..
- أنه عكاز ذو أربعة أرجل سيساعدك في البداية للوقوف عليه والتحرك شيئا فشيئا ..قمت بالعمل عليه لمدة اسبوعين
- يا إلهي هل أصبحت معاقة؟
- لا يا هيلين ..أنها فترة موقتة .. لكي فقط يمكنك المشي بأقل قدر ممكن من الألم . ثم يمكنك التخلص منه في مدة قليلة .
- حسنا سأحاول في البداية أن أنهض بدونه ..لا أحب أن أكون في هذه الوضعية.
حاول دياغو أن يقنع هيلين بفكرة العكاز ولكنها رفضت واصرت على النهوض ..وحين يأس من اقناعها أقترب منها وقال حسنا هل يمكنني مساعدتك على الوقوف .. في البداية لم تعطيه أي إشارة ..فقامت برفع طرفها العلوي ..وبعد عناء وأنين عادت استلقت على ظهرها ..استمرت هيلين في محاولات النهوض بدون مساعدة ..كان نفسها ينقطع مع كل حركة .. ودياغو فقط ينظر ولا يتكلم ..كان محرجا أن يطلب مساعدتها مرة أخرى وهي لم تطلب منه .. مع عدة محاولات نظرت إليه وهي تبتسم
- يبدو أن حالتي صعبة
- لا أنت تعافيت فقط بسبب طول الاقامة على سرير خشبي وكذلك ما تفعله الكسور والجروح عادة .. الجسم من الطبيعي أن يتصلب .
- حسنا هل ستساعدني على النهوض ؟ ولكن بدون عكازك الجميل ههه
اقترب منها دياغو و حاول رفعها من ظهرها .. حين أتمت وضعية الجلوس أنزل رجليها على الأرض .. أخذت نفسا عميقا ..
- الحمد لله بدأت أتحرك.. ماذا علي أن أفعل الآن .. ؟
- أخذي قسطا من الراحة ثم نحاول تحريك رجليك وانت في وضعية الجلوس حتى يعود تدفق الدم إليهما بشكل تام
أخذت هيلين تتحسس أرضية الكوخ بقدميها الباردتين ..تشعر بأنها متخشبة بسبب عدم استخدامهما لمدة تجاوزت الشهر ونصف الشهر .. تشعر بالوخز في رجليها .... فطلب منها دياغو بوضعهما في طشت وبه ماء دافئ ..بعد عدة دقائق شعرت أنها تحرك اصابع القدم اليمنى ولكن لازال أثر الجرح في قدمها اليسرى يقلل من تفاعل اعصابها واصابعها فيها ..دياغو كان بمثابة طبيب نفسي يشعر ما يدور في داخلها فيقول لها مع كل حركة لا ..تقلقي ..مسألة دقائق وستعمل كل الأعضاء .. هيلين ..لم تستسلم فكانت تمد روحها بالطاقة الايجابية التي تستلهما من دياغو للتحرك بأسرع وقت ممكن ..وبالفعل بعد مرور أقل من ساعة على المحاولات وبمساعدة دياغو بتدليك قدميها عادت لهما الحياة من جديد ..هنا طلبت من دياغو الوقوف ..قال لها هل أقرب لك العكاز فرفضت مرة أخرى .. قالت سأتمكن من دونه .. مدت يديها إليه موعزة له بالمساعدة ..فأقترب منها لاف ظهره واضع كتفيه تحت تصرفها ..هيلين مسكت بكتفي دياغو ..
- دياغو الان قم لكي أقوم معك
- خذي حذرك يا صديقة أن لم تتمكني فلا تجهدي نفسك هذا اليوم وسنعاود الكرة غدا أو بعد غد
- لا تخشى ..أنا هيلين حفيدة طرزان ههه
- حسنا هيا فلنقف يا حفيدة طرزان
مع وقوف دياغو تعثرت هيلين بسبب ألام المفاصل التي صاحبت الحركة وكذلك حست بتشنج في صدرها ..بجانب الأضلاع المكسورة ..صرخت بقوة ..فعاد دياغو لوضعية الجلوس ..فطلبت منه أن لا يجلس ..
- قف قف لا تجلس.
- أخشى أن يؤلمك أكثر
- أستمر بالوقوف فأنا بخير ..سأكون بخير
تدلت هيلين وهي ممسكة بكتفي دياغو لاصقة رأسها على ظهرها تلملم أنفاسها وتستردها وبعد نوبة ألم طلبت منه المشي لخطوات محدودة ..خطوة خطوتين والثالثة لم تحتمل فوقعت على الأرض.
- أسف يا هيلين أسف جدا ما كان علي أن اغامر
نظرت إليه وهي تبتسم ..
- يبدو أنك لم تصنع العكاز عبثا ..حسنا الان استسلمت لمشورتك هل ستساعدني مرة أخرى.
دياغو رفع هيلين مرة أخرى على السرير بوضعية الجلوس وقرب العكاز منها .. وساعدها على الامساك بطرفيه ..
- يبدو أنك تجيد النجارة يا دياغو.. جميل ومتقن ولكنه هل سيحتملني ؟
- لا تقلقي أنه مصنوع من أجود أخشاب الغابة ..بإمكانه رفع سيارة ولا ينكسر
- هيا فلنجرب
- على بركة الله.
بصعوبة وبمساعدة دياغو والعكاز تمكنت هيلين من تخطي ألمها القابض عليها في صدرها ..وقفت الآن و أصبحت تتنفس الهواء وهي في وضع افقي ..






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:22 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
خالد يوسف أبو طماعه
عضو مجلس إدارة
المستشار الفني للسرد
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الاردن

الصورة الرمزية خالد يوسف أبو طماعه

افتراضي رد: (من أنت؟)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الحلال مشاهدة المشاركة
هي محاولة لا أكثر للخوض في هذا العالم الذي يسكنني وهو عالم السرد ,, فلذا استبيحكم العذر في اقتحام صفاحتكم الجميلة ببعض هرائي ,, فلذا كونوا حنونين علي في اراءكم و كذلك انوه هذه النسخة لم تخضع للتدقيق الاملائي واللغوي وانقلها مباشرة من الدفتر ,, كما أكتبها هناك ,,, وهدفي الاساس من هذا أن أوثقها فقط خارج إطار جهازي حتى أنتهي منها أولا وثانيا لتكون اعينكم هي أول من ترى هذياني وخربشاتي في هذا العالم ,,وتكونون الرقيب علي والشهيد من ورائي
تحية للجميع وعلى رأسهم العميد زياد
واشتقت لكم جميعا
أهلا بك أخي الحبيب
محمد الحلال
أهلا بك بيننا
في سماوات الفينيق
نقطف من هذا الهذيان أجمله
ونرتشف حلاوة الحرف منه
ليس هذيانا من ننزف به على البياض
مررنا لواجب التحية والترحيب
لنا عودة مفصلة إن شاء الله تعالى
تحيتي وقبائا تقدير






حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:23 PM رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

9
أصبحت ترى الاشياء بشكلها الطبيعي بعد أن اعتادت رؤيتها لمدة طويلة بأطراف عينها ..تخلصت الان من وحشة السقف ..بإمكانها الان أن تحصي الأشياء التي كانت فقط ترى ظلالها في هذا الكوخ الصغير .. وما أن تمكنت بأخذ التفاتة بعنقها حول محيط الكوخ الا أنها اصابتها علامات الدهشة وأخذت تكلم نفسها .(.أيعقل أن هذا في وسط الغابة ..جميل ..ومتقن ومرتب .. لم يهتم بكل هذه الدقة وهو وحيد وقد يغادر المكان في ايت لحظة ؟ شيء محير بالفعل) ..كل هذه اللحظات ولم تتحرك هيلين من مكانها فقط تتنفس المكان الذي أنساها حتى تعبها .. المكتبة المليئة بالكتب ..خزانة للملابس من الخشب المحفور عليه زخارف جميلة ومتقنة .. السرير الذي كانت تنام عليه للتو تعرف تفاصيله ..كانت عليه أيضا زخارف تشبه إلى حد كبير تلك الزخارف على الخزانة وبقية الأثاث .. الشموع موضوعه في قوالب خشبية بنفس الحجم وبنفس الشكل .. كل هذا في لمحة واحدة .. استطاعت تحديد حجم الكوخ الذي كان تقريبا بطول ستة أمتار وبعرض خمسة ولم تنتبه الا حين ألتفت للجانب الأخر.. لوجود مكتب صغير يقع خلف السرير مباشرة ومتصل به من الخلف وتطل عليه نافذة أخرى .وكانت عليه بعض الكتب التي لم تتمكن من قراءة عناوينها . هيلين تبتسم ودياغو يراقبها بحذر خشية أن تسقط .. عينيها لازالت نوعا ما مشوشة فاشتكت له هذا الضعف المفاجئ وأخبرها بأنه حتما سيزول وما هو الا ناتج عن مستوى الخدر الذي أصابها طول فترة استلقاء طويلة ,, وكانت تتأكد من ذلك بتقريب وجهها ناحية كتفها لتتأكد أنها ترى الاشياء بوضوح من قرب ..هنا لمحت مرآة صغيرة ومكسورة بجانب الباب وهذا هو أول دافع لها لتتحرك ..فقد اشتاقت لترى نفسها ..قرابة شهرين لم تنظر لمرآة قط .. فأخذت خطوتها الأولى بصعوبة دفعت بالعكاز الرباعي الى الامام ولحقت به بخطوة ثقيلة ,, تلتها خطوة أخرى ثم سؤال من دياغو
- أين تنوين ؟
- أريد أن أنظر إلى شيء
- لكن بحذر ..خذي حذرك أن تسقطي فلا زالت عضلاتك لم تتفكك جيدا
- حسنا لن أذهب بعيدا (مبتسمة) وكذلك صديقي دياغو معي ..لن يدعني أسقط
هيلين تقترب من المرآة .. تتشاطر على الألم من أجل لحظة حنين ذاتي ..تريد أن ترى الوجه الذي أبدعه الله ..تريد أن تنشط بقية أمالها في صراعها مع الحياة .. بنظرة تزيدها يقينا بأنها لازالت على قيد الحياة .. ها هي هيلين تقترب من المرآة ..تقترب من الحقيقة ..وأول انعكاسه لها ..كأن المرآة أطلقت عليها بمشط رصاص ممتلئ بهلع ورعب و صدمة وخيبة .. لم تصدق أنها هيلين ..حتى أنها شكت بأن المرآة ما هي الا لوحة او صورة لفيلم مرعب فأخذت تتحرك لتتأكد بأنها هي .. شكت أن أحد وراءها هو الظاهر في الصورة ..اقتربت ..لصقت وجهها في المرآة ..شعرها المقصوص والذي نبت بطريقة بشعة ومخيفة .. شفتيها لم تكن هما الشفتان المرسومتان الكبيرتان .. لونها الشاحب و بقع من اثار الحروق و الخدوش .. عينيها الذابلتان ..أنفها المحمر والمتقرح ..يا رباه .. شاحت بوجهها عن المرآة ..و استحت حتى من ظنونها السابقة في دياغو ..فمثل هذا الوجه الشبح لا يشجع حتى على الجلوس لحظة واحدة معها .. نظرت بحزن إلى دياغو وكأنها تريد أن تقول له لست أنا .. هذه لست أنا .. هيلين جميلة جدا .. حتما الأن يشك في روايتي بأني طاردني الرجال لاغتصابي حتى وصل بي الحال إلى هنا ..فمن يقتنع بأن هذا الوجه يستحق حتى النظر إليه ..لابد أن دياغو الان يضمر في داخله بأني أحد افراد العصابة وأنه فقط يريد معرفة المزيد عن نشاطاتها وما هو الا مجرد رجل استخبارات تعلم من افلام جيمس بوند كيف يتقن دور المخبر )






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:25 PM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

10
هيلين بين صدمة الوجه والظنون التي تهافتت عليها كالمطر شعرت معها بالدوار والتيه في الموقف .. وجهها المخيف ..موقفها المخجل ..وساوسها الجديدة ..كل هذا ودياغو يرقبها فقط حتى لا تسقط ..ولكنها لم تحتمل وبالفعل سقطت ومن حسن حظها تلقفها دياغو وحملها إلى السرير .. وبعد أن أفاقت أخذت تهذي بكلمات
- أنا لا أكذب ..ولكن هذه لست أنا ..هذه شبح تلبسني
- هيلين ..هوني على نفسك .. ومن الطبيعي جدا أن تصيبك هذه التشوهات في ظروف مثل هذه ..لو شخص ما وهو في المدينة لا يهتم بشكله لمدة اسبوعين سيبدو مشوها
- بالله كيف احتملت أن تشاهدي كل هذه المدة ؟ كيف تحملت أن تعيش وتخدم شبحا مثلي ؟ هل أنت فعلا رجل نبيل لهذا الحد أو لك مآرب أخرى في استضافتي
- لا ..اقسم لك فقط اقوم بواجبي كإنسان أولا وكطبيب ثانيا .. و لن تتأكدي من سلامة نيتي الا حين أضعك بين أهلك أو أوصلك إلى سفارتكم بأقل الأحوال.
دياغو مسح دموع هيلين ووضع عليها الغطاء ..
- انسي الان ..وارتاحي ..غدا لنا جولة أخرى ..
خرج دياغو وترك هيلين في عاصفة من الأسئلة والحيرة والرعب ..هذه المرة خائفة من نفسها أكثر ..من هذا الشبح الذي يسكن فيها ..خائفة أن تتحول إلى عفريت وتنقض على ذاتها ..خائفة حتى من النوم ومن ثم تحلم بها ..تريد أن تنسى هذا الوجه البشع ..تحاول أن تتذكر هيلين الجميلة في ذاكرتها ..في زوايا الصور والاستديوهات التي تتسابق على تصويرها .. تعود إلى لقطات كانت فيها نجمة الأماكن كلها وكل من شاهدها أما يلتقط معها صورة أو يصورها خلسة من بعيد ..كانت تسمح لهم بهذا المقدار أن يتعامل معها الناس ..فوالدها أفهمها أن القسوة المفرطة التي ستتعامل بها مع كل الناس بسبب جمالها سينعكس عليها سلبا ..أفهما أيضا أن لكل نعمة ضريبة ..فلابد أن تحتمل بصدر كبير ردة فعل الاخرين فلا تكون منفرة
مرت ساعات النهار هذا اليوم اقسى من الايام كلها في الكوخ ..فمع مرارة الايام الخالية الا أنها كانت تحتال عليها بما تملك من معنويات و خيال و صور هيلين الجميلة التي تبحث عن المختلف ..الان جبل من الاحباط جاثم على صدرها ..لم تكن المرة الاولى التي شاهدت نفسها مشوهة ..ففي الغابة كان لها موقف مشابه لكنها يقينا معتقدة أنها مجرد اصابات موقتة وتشوهات بسبب الظرف الطارئ ولكن الان يبدو ان وجهها ليس أكثر من شبح ولن يعود ابدا لهيلين ولو اجتمع كل أطباء الدنيا التجميليين لإعادتها كما هي او نصفه على الأقل.
دخل دياغو بوجبة الغداء ..وكان محملا بالمشاعر التي يحاول بها أن يخرج هيلين من كآبتها ..هو يعرف جيدا أنها لم تكن حتما بهذا الشكل ولكن لا يعرف أبدا مستوى جمالها الذي من حقها أن تتحسر من أجله . كلمها دياغو
- صديقتي هيلين الجميلة هل نتغدى ؟
- تجاملني لأني مريضة ..جسديا ونفسيا أليس كذلك ؟ أفهم هذه الحيل فأنا مضيفة طيران وحين نصادف مسافرا خائفا نحتال عليه بمثل هذه الكلمات المهدئة.. .
- ابدا ..انت جميلة كما أنت اخبرتيني .. وانا لا أكذب احدا ..هذه التشوهات ما هي الا نتيجة الحادثة والظروف التي مرت بك ..و عاجلا أم آجل ستزول
- هل الحروق التي أكلت جلدي ستزول ؟ الحروق والندوب لا تغادر
- أعتقد انها جروح سطحية ..لا داعي لكل هذا التشاؤم
- أنت فقط تشجعني ..الان انا مجرد شبح ..فلم أستطع حتى النظر إلى وجهي ولا أريد حتى تذكره .ولكني أكثر ما يجعلني اتعجب هو تحملك اياي...فكيف لرجل يمكنه النظر إلى وجه قبيح ومرعب كل هذه المدة ؟؟ ويأكل معه ويتحدث ..ويهتم به ؟ ما الذي يدفعك لفعل هذا ؟ أخبرني بصراحة ..لو كنت مكانك لهربت ..وليتني يمكنني أهرب من نفسي أو أهرب منك ..
- هيلين ,, لا أريد أن أكبر الأمر ,,وكل ما فعلته هو واجبي كإنسان ..ثقي تماما لو أني وجدت حيوانا محتاجا للمساعدة سأفعل ,,فكيف وأنت إنسان ,, بالعكس أنا ممتن لك ,, على الأقل لم يزرني أحد من قبل في هذا المكان ولم أتحدث لبشر من مدة طويلة ,,الان هذا قدرك وعليك القبول به, ولعملك أنت تحسنت كثيرا ,,فلو شاهدت نفسك أول الأمر كنت أضعاف هذا التشوه ..وهذا يعني أنك في طور التحسن وأنه مستمر للأفضل .فلو كنت منزعجا منك لما ساعدتك من البدايات ..
بهذه الكلمات التي قالها دياغو استطاع أن يقنع هيلين بتخليها عن فكرة كونها تشكل له ازعاجا من خلال المظهر ولكنها لم تقتنع هي بنفسها فلازالت منزعجة من صورتها ..فلذا شعورها بالكآبة ظل مستمرا .. نهارها مر بهواجس و تراجع نفسي ,, فكيف ستواجه وحشة الليل و ظلامه ووحدتها في هذا الكوخ ,,






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:28 PM رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

11
عند المساء دخل دياغو مع وجبة العشاء الخفيفة فوجد هيلين في نوبة بكاء ومختنقة بالدموع ,,ظنته أنه سيكلمها ولكنه لم يفعل ,, فما كان منه الا خرج بالعشاء ثم عاد ومعه الكمان ,, ودون أخذ أذنها أو يكلمها أخذ يعزف لها وكلما زادت من نحيبها تسارع الرتم عند دياغو ,, وكأنهما يتباريان ,, كان المشهد طاغي بالألم ,, مذهل بالصراع والصراخ ,, متناغم بالبكاء و العزف ما بين كمان دياغو و نحيب هيلين بدى الأمر وكأنها أغنية متفق عليها ,,هيلين صوتها الجميل هذه المرة يتدفق بالنحيب ,, نحيب من تقلبات وحسرة ,,نحيب من العمق على هذا الضياع ,, نحيب صداه شهقات الماضي ومجاهيل المستقبل ,, لم تعرف لماذا دياغو ظل يدوزن آلته على طبقة صوتها الضاج بغابة من الحزن والأسى
كان يرتفع أداء الكمان على البوزيشن كلما اعترتها نوبة صياح عالية ,,وكان يعود إلى القرار مع هدوئها الموقت لتسترد أنفاسها ,,فعلا بدت مقطوعة موسيقية متناغمة ,,فحتى صياح هيلين وكلمات ندبها على حالها بدت كأنها أغنية ,, وهذا الحفلة الارتجالية لم ينقصها الا الجمهور ليشهد أروع حفلة موسيقى في التاريخ ,,نعم فهي الحلفة التي لم تُسجل ولم يشهد عليها الا الشموع التي تتراقص وتذوب لا لأنها شموع بل لأنها تبكي من سطوة حزن هذه المقطوعة,, وتتراقص فرحا لأنها لم تفوتها ,, ,, .. دياغو ايضا كانت عيونه تدمع ولكن هل هو بسبب تفاعله مع هيلين أو لأنه الاخر مندهش مما يفعلانه بدون ترتيب مسبق ,, هيلين أخرجت كل ما في جعبتها من ضجر,, ولكنها كلما سمعت هذه الاحاسيس المتماهية والمتجانسة مع حزنها ,,زادتها هياجا وبكاء ,, هو القدر لا غيره من خلق هذه الموسيقى ,,فحتى دياغو نفسه لم يعزف من قبل هذه المقطوعات ولا على هذه السلالم ,, فقط كانت نوتته دموع هيلين التي تسطرها اللحظة على أوراق شجونه وكان المايسترو نحيبها ,,ثلاث ساعات مستمرة ,,وأجمل وأحزن واعقد مقطوعة في تاريخ الموسيقى تعزف الان ,,ولكن لم يسجلها ولم يدونها أحد ,, لم تتخللها استراحة قط ولكن هيلين فطنت لما يريده دياغو منها ,, ارادها أن تخرج كل هذه الدموع وتكون ليلة بكائية بامتياز ,,لا تنساها أبدا ,,حتى تشعر بأنه بكت بما فيه الكفاية لحالها ,,فلا داعي أن تعاود هذه الحسرة و لو لم تطلب منه التوقف لن يتوقف ..هكذا فطنت فصرخت بأعلى صوتها:
- توقف يا دياغو ..أرجوك توقف ,,لقد تعبت من هذا ,, أفهمك الان ,,صدقني أفهمك ,,لن أستسلم
إلى هنا أراد لها أن تصل .. هنا حين لم تفهم لغة الكلمات ولم تقتنع بها ,,حدث روحها مباشرة بشيء قادر على النفاذ والاقناع ,,فاخترقها بسحر الموسيقى فتوقف عن العزف ولكنه ايضا لم يكلمها فخرج وجاء بالعشاء الخفيف ووضعه أمامها وأخذ ينظر إليها بحزم وكأنه يقول أن لم تأكلي سأعود للعزف الذي أصبح في اللحظات الاخيرة كأنه سوط جلادها الحنون ,, ولكنها لا تقواه ...وبلحظة مجنونة نست كل الذي بها وأخذت تفكر بما فعله هذا الرجل بها هذه الليلة ..فقط الان موضوعها أصبح هذا الرجل وهذا المشهد ..وبدون مقدمات ,,.نظرت إليه وسألته (من أنت؟)
لمحت دمعته وخرج بعيدا .. هيلين ,, التي تأملت كثيرا ملامح الوجوه وكان شغلها الشاغل منذ نعومة أظافرها ومن ثم هوايتها المختلفة حين كبرت ثم كانت هي طريقتها المحببة لتسجيل مذكراتها من خلال الملامح ,, لم يمر عليها شيء مثل هذا الذي رأته في دياغو ,, الدمعة في رجل مثل هذا لا تخرج لمجرد أنه تفاعل مع حزنها ولا لمجرد موسيقى حزينة وأن بدت مدهشة ,,دموع الرجل غالية جدا ,,ولن تخرج أمام امرأة غريبة بهذه السهولة ,, نعم انفلتت دمعة دياغو فكانت مطفأة لدموع هيلين التي ملئت بها الليل و الحفلة وملابسها ,,دمعة واحدة ,, ولكنها أعمق من حزنها على فقدان جمالها ,,






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:31 PM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

12
هناك حيث لا تسمعه هيلين .. كان دياغو خرج ليكمل بدوره نوبة نحيبه ,,فحتى الرجال يبكون ,, ولكنهم لوحدهم ..
كانت الليلة الأعجب لها في هذا الكوخ فكل شيء ابتدأ وانتهى تحت وطيئة دمعة واحدة ,, هل عالجها دياغو ؟؟ أم استفزها ؟؟ أم بث الروح فيها ؟ هيلين تسترد تركيزها الان من أجل فهم ما يحدث لها ,, و تحدث عقلها الباطن بالمعقول الذي تبقى لديها ,, و تزاوج في ما بين ما يحدث لها وما بين هذا المشهد الطاغي ,, فتقرر أنها فعلا لن تستسلم ,, فلو أنها فقدت شكلها وجمالها فما زال لديها الكثير لتبقى من أجله وتستمر ,,فهي لازالت تتكلم وتمشي و تفهم وتعقل و كذلك لازالت تغني وتبكي. هنا ابتسمت ,, و قررت أن تنام ممسكة بابتسامتها ليراها دياغو حين يوقظها صباحا.
في صباح اليوم التالي ,, استيقظت هيلين .. بعد ليلة عاصفة من المشاعر انتهت بانتصار الأمل ,,وكما وعدت نفسها ستظل ممسكة بابتسامتها حتى يدخل عليها دياغو لتخبره بأن له الفضل فيما هي عليه من حالة نفسية ,,ظلت تنتظر قدومه ..ولكن ليس كعادته ..هو دقيق جدا في موعده ,, وهي الان تشعر بتأخره ..فمنذ ايامها الأولى كانت تراقب دخوله إليها صباحا حين يصل الضوء المتسلل من فتحة النافذة إلى اللوح الخامس من ما بعد الباب ..و يدخل إليها ظهرا عند انتشار الظل كاملا على ارضية الكوخ وفي المساء كانت تنتظر حتى غياب الشمس فتسرح ساعة تقل او تنقص ثواني فيأتي بالعشاء ,, هذا اليوم ليس من عادته فالضوء وصل إلى اللوح التاسع ولكنه لم يأتي ,, أخذت تنادي ,,(دياغو ..دياغو ,,هل تسمعني ؟ ) لا جواب بالمرة وهذه المرة الأولى الذي لا يأتي بسرعة البرق حين تناديه ,, مرة أخرى (دياغو ,, هل أنت بخير؟ ) اخذت ترفع صوتها أكثر (دياغو)
لم يأتي أي رد ,, من جديد وساوس وقلق ,,(يا ترى أين دياغو ؟ لم يعودني على التأخير ,, ) وبين الانتظار المجهول واراهقها وتأخره أكثر ,, لا زالت تستجدي أن يأتي أو يرد عليها ,, اقترب الظهر ولا أثر ,, انتهت فترة الظهيرة ,,أقترب العصر ,, لا يعقل هذا ,,لابد أن اصابه مكروه ,,فهو لم يعودني على هذا لابد من فعل شيء ,, تذكرت بأنها بالأمس تمكنت من الوقوف بمساعدة العكاز ,, واستطاعت المشي ايضا ,,ويعني هذا أن بالإمكان أن تتحرك وأن تفعل شيئا ,,نعم شدت عزيمتها و جعلت من العكاز الرباعي هدفها ,,رفعت رأسها ومن ثم تلاه جذعها ,,ومع تحملها قليلا لقبضات ألم الصدر ,,الا انها تمكنت من الجلوس ورجليها متدلية على السرير ,,وبدون أخذ اي راحة ,,وقفت و مدت رجليها ,,وضربتهم بكتفيها (هيا أعملوا ) نهضت وهي تكاد تترنح في مكانها ..تماسكت ..خطوات ثقيلة وقصيرة .. (اخيرا أمسكت بك أيها العكاز ) هذا الكوخ الصغير بوضعها الصحي بدى وكأنه ساحة مفتوحه ولكنها استطاعت اجتيازه فاقتربت من بابه الخشبي الصغير ,,قبضت على مسكة الباب وازاحت العكاز على الجانب ,,فتحته ,, مدت عينها على الجانب الاخر ,,لمحت المرآة تجنبت النظر إليها ,, قررت الان النظر إلى الخارج ,,( يا إلهي ,, أنها الجنة ,, الان ربما أفهم لماذا يقطن هنا ,,فعلا المكان يستحق ,, ) دهشتها الأولى بالمكان انستها للحظة قلقها من غياب دياغو فأخذت تنظر وتتقدم خطوات قليلة خارج الكوخ ,, دياغو لم يهتم بالداخل فقط ,,فها هي تشاهد مظلة طويلة تمتد على حافة الكوخ وعلى الارض المحاذية بجانبه كانت مرصوصة بالصخور الصغيرة التي نبتت ما بينها العشب فكساها هالة من الجمال والتنسيق ,,على أطراف هذه الأرض ثمة أحواض ممتلئة بالزهور البرية الجميلة ,, تقدمت أكثر لتشاهد بجانب الكوخ عشة بها عدة دجاجات وأوز وبط وكذلك عشة أخرى بها أغنام ,, كذلك لديه بقرة ,,( وما هذا) ,, أنها تشاهد مظلة أخرى وكأنها ورشة ,,عدة نجارة ,, واشياء خشبية منحوتة من أشجار الغابة ,, ومع هذا عجبها تلاشى حين شاهدت على أحد الجوانب ستة تماثيل خشبية لرجال وكانوا بالفعل بطول الإنسان ,,أنه عمل متقن ورائع ,, خمسة منهم كانت مغطاة وجوههم بقماش أبيض والسادس مفتوح وجهه ,,أخذها الفضول لتعرف من هم ولكنها الان عليها أن تجد دياغو ,, كل هذا حدث في دقائق ,, أيضا ,, فحتى المكان له هيبة و جمال طبيعي لم تر مثله من قبل تشعر بأنها في مكان مرتفع وجبلي ,,مدت بصرها إلى أعلى فوجدت الجبال مفتوحة سقوفها من أعلى السفح و تتسرب منه الشلالات ,,الطيور التي كانت تسمعها تغرد وهي بالداخل الان تراها ,, وكذلك الديك الذي طالما ايقظها من منامها ,, تقدمت خطوات أخرى حتى وصلت نهاية الحجر المرصوص فإذا بها تشاهد الارتفاع الشاهق الذي جعل من أشجار الغابات تبدو بعيدة ,, (كيف جاء بي هذا المجنون إلى هنا) كل هذه المشاهدات حدثت في دقائق ولكنها الان عليها أن تجد هذا المجنون .. فرفعت صوتها بقوة وكأنها تظن أنه نزل أسف هذه الأشجار أو آخر الغابة ,,وكأنها ايضا تتبع مسلسل نداءها له بصرخة استجداء او فزع ,,كانت صرخة قوية كالتي فجرت المستودع ,, (ديااااااااااغو) صداها تسمعه الان
دياااااغو,,
ديااااغو
دياااغو ..
دياااغو
دياغو






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:32 PM رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

13
خلفها جاء الرد وبهدوء ..
- أهلا بك ,,أنا هنا
دارت هيلين رأسها فزعة وظنت أنها ستأخذ ساعتين لكي تجده او لن تجده أصلا ..
- دياغو ؟؟!! أين كنت ؟ اناديك منذ الصباح
- نعم وأنا اسمعك
- تسمعني ؟؟ ولم لا ترد ؟
- كنت متعمدا أن لا أرد
- متعمد؟ لماذا؟
- لكي تقومين ..لو لم أفعل هذا الشيء فلربما ستمضين أيضا شهر كامل في حالة من الاحباط
- هههه عليك اللعنة يا دياغو ,,
- والان أعرف انك جائعة و فوت عليك وجبتين ,,هيا فهذا اليوم غداءنا في هذا المكان الجميل ,,تعالي ورائي ,,اعتمدي على نفسك فلم تعودي مريضة ,,
هيلين لحقت به فإذا هو يأخذها إلى مكان فيه طاولة خشبية وكرسيين من خشب يبدو واحد مهم مصنوع للتو ,, تطل على سفح جبل و في العمق تشاهد زرقة النهر بوضوح ,, مد لها الكرسي الجديد وجلست و على الطاولة سلة الطعام المغطى بالقماش
- دياغو لدي ألف سؤال بل مليون بل تريليون
- ههه الأكل خير لك من الأسئلة
- لا لن أكل حتى تجيبني على الأقل على عشرة أسئلة
- لا عشرة كثير ,, اختاري سؤالين فقط حتى نأكل فأنا جائع
- سؤالين ؟
- حسنا الان سألتي واحد وبقي لك آخر ..
- أنا سألت ؟
- انتهت الان اسئلتك يا هيلين ههه فلنأكل
- تبا لك يا دياغو تبا لك واعذرني أن أقول لك تبا لك هذا أقل ما يمكنني أن أقوله في مثل حالتي ,,غريبة في مكان غريب واوضاع غريبة ولا تجيب على الأقل حتى عن أسئلتي
- يمكنني يا هيلين أن أقول لك بأنك بخير ولن أخذلك
تبسم دياغو و ومد إليها بالطعام ,, هيلين بين غضبها وغموضها و فضولها و دهشتها كانت متشعبة المشاعر ,,وليس عليها الان الا الانتظار الذي يتلوه انتظار لكي تعرف ما مصيرها وما مصير أبوها وما حقيقة هذا الشخص الذي قادتها الاقدار إليه ,,لم يتبقى من النهار الا أقل من ساعتين ,, كانت وقتها فقط تتطفل على المكان ,, فما بين جماله وهدوئه لكنها بدت الأسئلة تتطاير منها ,,لكن هذا الرجل لا يمنحها فرصة للحديث فهو الان منشغلا بالقراءة وكأنه يراجع فواتير شركة عظمى ,, منسجم جدا ولا يبالي بأنها لأول مرة تخرج وتتفحص عالمه ,,حاولت لفت نظره بالتحدث وبلا جدوى ,, قررت أن تتحرك وتأخذ جولة ,, فقامت على عكازها ومع ذلك لم يبالي ,, (هل تغير دياغو في معاملته لي فجأة ؟) اقتربت منه وهي تبالغ في التأوه لعله يلتفت ,,ولم يفعل ,, كانت مختنقة بالأسئلة ,, ولا تعرف كيف تبدأ ,, فقبل قليل تنصل بذكاء وبطريقة دبلوماسية عرف أن يجعلها تصمت ,, اقتربت من التماثيل وأخذت تفكر في سؤال يستفزه لعله يستجيب معها ..وبعد دقائق من التأمل نطقت وهي تنظر إليه
- بالتأكيد أنت الذي نحت هذه التماثيل ؟ فلا أحد معك هنا ,,وكذلك دلائل كثيرة على وجود ورشة نجارة وخشب ,, وأعمال أخرى ..
رفع حاجبيه وبنظره خاطفة وابتسم و أومئ بنعم وعاد للقراءة , عادت هيلين تكلمه ,,
- أنها متقنة كما عزفك ,, طبيب وموسيقي ونحات ..وماذا بعد؟
لم يرد ,, وكأنه في عالم آخر,, عادت تكلمه
- هل هؤلاء شخوص حقيقية ؟
أيضا أومئ برأسه بنعم
- الا تريد أن تعرفني بهم ؟ أم لازلت غريبة في نظرك ؟
- ههه فيما بعد
- حسنا يبدو أنك لا تريد الحديث معي ,, سأدخل للكوخ
توقعت بأنه ستكون له ردة فعل حين مثلت أنه متضايقة من عدم التفاعل معها وسيوقفها ولكن أيضا لم يرد ,, توقفت لم تدخل وعادت أدراجها ..اخذت تمشي ناحية الحافة التي تطل على النهر وتشاهد منظر الشمس وغروبها ,, جميل المشهد ولكنها مضجرة من سكوت دياغو ,, تكلم نفسها (نعم معه حق أن لا يبالي بوجودي ,,لو كنت هيلين الأولى لكان الان هو من يطاردني بالكلام ,, ولكن الآن أنا مجرد شبح يحوم في مكانه ,,سحقا للرجال,, تتغير تصرفاتهم من أنثى لأنثى حسب الشكل لا أكثر) هذه اللحظة جاءها الرد من خلفها وكأنه سمعها هذي المرة وهي لم تنطق بالصوت
- هيلين ,,ها أنا الان فرغت من وجبة القراءة ..وسيحين دورك بعد قليل ,,أعذريني لم أجبك على أسئلتك حتى لا ينقطع تركيزي .. وحتى أكون معك أكثر شفافية وتفهميني أكثر ,, أنا مقسم وقتي بالدقائق ,, فلذا عليك أن تعتادي على وضعي وأعتذر لم أخبرك من قبل
- نعم لاحظت هذا وأنت معي كنت دقيق في مواعيدك ,,أنا علي أن أعتذر فشوشت عليك خلوتك ..ولكن يا دياغو الفضول قتلني ,, لماذا وكيف وهل ومن وكل علامات الاستفهام في الدنيا لا تسعني ,,ولا أعرف حقيقة من أين أبدأ
- ركزي الان وصاعدا بأن تتعافين ,,فبعد أسابيع وحين تكونين بصحة ملائمة سأوصلك للسفارة وتنهين معانتك ..عن أذنك الآن .
(اللعنة هرب من جديد ,, وكأن شيء لم يكن ..ظننته سيجيب وسيتحدث )






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:36 PM رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

14
غربت الشمس في هذه اللحظة وأختفى دياغو لعدة دقائق وعاد ليجد هيلين تجلس على أحد الكراسي في الخارج وهي تنتظره ,,
- سأقوم الان بعمل وجبة العشاء , هل تحبذين شيئا محددا ؟
- أريد أن أساعدك .
- لا ليس الان فهذا اليوم الأول لك ولازلت معتمدة على العكاز
- حسنا لو فقط أنظر إليك . أريد أن أقف أكثر تعبت من الجلوس ومن النوم تحديدا
- لا بأس ,,سأشعل المشاعل لكي تتضح لكي الرؤية
قام دياغو بإشعال المشاعل التي أخفاها خلف صخور متوسطة الحجم معلقة على جذوع بعض الأشجار المقطوعة فأضاءت المكان بطريقة فنية ,, تحول المكان إلى لوحة ليل بديعة ومترفة بالهدوء والجمال والرومانسية ,, وشرع دياغو في تحضير وجبة العشاء الخفيفة كالعادة ,, كوبين من الحليب و قطعة من الجبنة التي تعلم صنعها كباقي الاشياء و قرصين خبز ,, دياغو يعمل و يأكل ويقوم و يقعد وهيلين تنظر إلى تصرفاته ,,لا يتكلم كثيرا ,,المكان مطبق بالصمت لولا بعض أصوات حركة الطيور و صوت الماء المتسلل من صدع في أحد جدران الجبل القريبة ,, نطق دياغو أخيرا ,,
- هذه الليلة لن يكون فيها عزف يا هيلين
- لماذا ؟ كنت أنتظر منك أن تعزف ,,على الأقل تبدد هذا الصمت وسكوتك
- ضمن جدولي هذه الليلة استراحة من العزف ,, ولكني يمكنني الحديث معك لمدة ساعة ,, ومن بعدها سأدعك تدخلين للنوم فغدا صباحا لابد لك من التحرك أكثر والقيام ببعض التمارين
هيلين استحسنت الفكرة ,,ساعة من الحديث فلربما أقتنص منه بعض الاجابات التي تروي فضولي ,,حانت الساعة الموعودة وحزمة من الأسئلة أعدتها هيلين ,, لتعرف أكثر عن هذا العالم الفريد ,, فمع كل ما تعانيه من ألم وحزن ومرض و وساوس و جراح فهذا الرجل أيضا يزيد شتاتها ,, وليس لمجرد الفضول فقط فبلا شك حين تفهمه بشكل أوضح سيكون مستقبلها أوضح ,,فهي عالقة بين يديه ,,أما أن يكون بالفعل صادق معها ولا يريد منها الا المساعدة أو ستتضح النوايا ..فلذا عليها أن تتقن اقتناص الفرصة التي اتاحها لها لتعرف ماذا يخبئ لها الرجل..
جاء الموعد المنتظر ..وبعد أن أعد لهما كأسين من الشاي ,, جلس دياغو على الكرسي أولا وقال لهيلين ,, سأتصل بك لكي تأتي ,, لم تفهم هيلين بداية ماذا يقصد "سأتصل بك",, ولكنها مع حركته الأولى فهمت قصده ,, بصبعه السبابة لليد اليمنى يدق على كفه اليسرى وكأنه يتصل من جواله الخاص ويضع كفه بجانب أذنه ويتأفف ,, وأخذ يتكلم (أف ,, يا إلهي هذه الفتاة الشقية لا تجيب ,,لقد تأخرت على الموعد ) هنا أدخلها الدور بسرعة ,,فردت هيلين على الجوال
- أهلا من معي؟
- من معك ؟ مسحتي رقمي ؟؟
- عفوا ولكن ,,هذا الجوال جديد للتو اشتريته
- وأن ؟ الا تعرفيني من نغمة صوتي ؟؟
- هاه ؟ الجوال ماركته تجارية لا يمكنني تميز الأصوات
- حسنا يا هيلين ..وماذا عن موعدنا ؟ هل نسيت أن هذه الليلة ؟؟ أنا أنتظرك في المقهى.
- أعذرني يا دياغو لم أنسى ولكنها محنة المواصلات .
- حتى هنا ؟؟ هيا أركبي النقل العام و اسرعي ولا تتأخري
أقفل دياغو السماعة وهو يقول (أن تأخرت أكثر سأشرب كأسين الشاي لوحدي ,,لقد دفعت ثمنهما )
هيلين أطلقت ضحكتها بقوة وهي تسير إليه ..(مجنون) ,,وصلت الطاولة ,,قام دياغو سحب كرسيها ,,
- تفضلي يا هيلين بالجلوس ,, لدينا ساعة كاملة ندردش فيها
- هل ستخبرني ما حكايتك؟
- (نظر دياغو للشاي وارتشف منه ) يا الله ما ألذ هذا الشيء ,, أتعلمين يا هيلين منذ صغري وأنا متعلق به حتى أني لا يمكنني التفريق ما بين الشاي وأصدقائي ههه ,, ذات يوم كنا في رحلة صيد أنا ومعي ثلاثة أصدقاء ,,كان معنا عامل من الجنسية المكسيكية ,, (وتكلم طويلا عن الرحلة وظنته أنها بداية حكايته إلى هنا ولكنه عاد لموضوع الشاي .. ,اضاع الوقت بصورة عجيبة وهي منسجمة معه ثم يختتم كلامه ) وكان هذا المكسيكي يجيد عمل الشاي بطريقة عجيبة ,, فتعلمتها منه ,, للشاي فوائد كثيرة يا هيلين ,,ولكن لا أعرفها ,, يهمني الآن أن أتلذذ به ,,المهم أنه لذيذ ,,
(هيلين تنظر إليه وهو يسهب في الكلام عن الشاي ولكنها ظنت أنها مقدمة للحكاية فتقبلتها ولكن لم تخرج بنتيجة فحاولت تغيير صورة السؤال .. بحدة أقل
-لماذا أخترت هذا المكان ؟لأنه جميل أليس كذلك






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:38 PM رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

15
- آه يا هيلين لو يكن هناك عند المزرعة التي احترقت حصان حي كان يهيم بالجوار لم يكن بإمكاني احضارك إلى هنا في هذا المكان المرتفع ,, يبدو أن الحصان لهم ,, وقد هرب بفعل الانفجار والحريق ,,حين قررت احضارك لم يكن استطيع حملك لكل هذه المسافة والسبب الأخر كانت اصاباتك خطيرة ,,لكن أنت محظوظة جدا جدا ,, فلقد عملت لك نقالة من لوح خشبي وعمودين من حديد ثم ربطتها جيدا خلف الحصان وتركت طرف الحمالة الأسفل يزحف على الأرض,, وضعت رأسك في الطرف العلوي للوح ,, أتذكر أن هذه الطريقة شاهدتها عدة مرات في افلام الكوبي فقلت ها قد حصدنا فائدة أخيرا من ذاك الوقت المهدر على مشاهدة البطولات الخرافية ,,بكل الأحوال حين سرنا إلى هنا وكنت أقود الحصان لم أتمكن من الصعود به إلى الأعلى وهو يزحف بك فاخترت هذه المرة أن اجازف بك أكثر ,, لقد تركتك لمدة ثلاث ساعات في أسفل الجبال والحصان بالقرب منك مربوبط في شجرة ,,وجئت إلى هنا واقتدت الثور معي ليساعدك ,, بصراحة لم تكن عندي خبرة كافية في التعامل مع حيوانين مختلفين ,,فنشب بينهما عراك لمجرد أن الثور راى الحصان ,,هرع نحوه و نشبت المعركة ,,هههه ..يا للهول يا للهول ,, من حسن حظك ايضا اني كنت فككتك من ظهر الحصان قبل الصعود ..لم اتمكن من التفريق بينهما فاحتدمت المعركة هذا يرفس وذاك ينطح فحاولت حمياتك بأبعادك ,,اخذت عصا طويلة ولم تفلح ,,كدت افقد عمري حين أخطأ الحصان رفسة مرت بجانبي ههه ,,كدنا نموت نحن الأربعة ,,ولكن الثور مات والحصان هرب ,,وبعدها اضطريت لحملك على ظهري ,, إلى هنا ,,لحسن الحظ لم يكن وزنك ثقيلا جدا والا لربما استسلمت.
- هل مات ثورك بسببي؟
- لا عليك ,,مات لأنه غير مسالم والا لماذا يعتدي على الحصان بدون سبب ؟
- شكرا لك يا دياغو لم أكن أعلم أنك عانيت لتأتي بي إلى هنا
- كنت مسرورا يومها فعلت شيئا مختلفا ,,كانت مغامرة عظيمة ..من لحظة الانفجار ..أنظري إلى ذاك الاتجاه غدا في النهار هناك بعيدا جدا رأيت كتلة هائلة من النار ,,أثارت فضولي ,,خفت أن تنطفي فأضيع الاتجاه لو انتظرت للنهار ,,فقررت في لحظتها التحرك ,,اخذت بعض الزاد وتحركت ,,لم أصل الا الفجر

نصف الوقت أنتهى وهيلين لم تأتي على اسئلتها بعد ولم تعرف من دياغو شيئا فأحتال عليها بالتهرب من أسئلتها بسرد الحكايات وكيف جاء بها كان يشرح لها تفاصيل كل يوم ما كان يفعل لها ولكنه بالمرة لم يتطرق للحديث عن ما تريده هيلين فقاطعته
- وماذا عنك ؟ ألن تخبرني لم أنت هنا وما حكايتك ؟
- هل نعمل لنا كأسين شاي ؟
- واضح أنك لا تريد الإجابة ,,حسنا ,,تغيير الموضوع بهذه الطريقة استخفاف يا دياغو.. ولكن من حقك أن لا تبوح لي ,,فلا زلت في نظرك غريبة
- لا يا هيلين ولكن صدقيني الحديث في حكايتي مجرد ثرثرة لا معنى لها.
- بالنسبة لي لها معنى يا دياغو على الأقل أطمئن أنا مع من ؟
- أنت بأمان وأقسم لك سأعيدك حال ما تتشافين ,,هذا هو المهم
- هل تخشى أن أبوح بسرك لأحد مثلا؟
- لا أحمل أي سر لكي اخاف ,, أنا هنا فقط مبتعد عن ضجيج العالم ..الوضع هنا يريحني
- لا تقنعني أجابتك ولكن أعدك لن أسأل مرة أخرى ,,أذن لي سوف أدخل للنوم
قامت هيلين وهي مضجرة من عدم تجاوب دياغو معها ,, حاولت أن تفك بعض الاستفهامات ولكن رجعت خائبة .دخلت الكوخ ولم يلحقها دياغو,,. حين اقتربت من السرير لمحت بعض الكراسات وبعض الدفاتر على الطاولة ,,كانت الرؤية ضعيفة ,,تصفحت بعضها وجدت رسوم بروتريهات ورسوم للطبيعة و للطبيعة الصامتة,, لم تميزها وتتمعن فيها كثيرا ولكنها لم تستغرب أيضا من كونه يرسم إذ عرفت أنه نحت الأعمال الجميلة في الخارج ,, كانت هناك أيضا عدة كتب على الطاولة , وتصفحت بعضها بشكل سريع ,,لغات مختلفة ,, بعضها انجليزية وبعضها فرنسية وبعضها باللغة الصينية ,, وبعضها لم تميز حروفها بأي لغة ,, (يا إلهي هل يتكلم كل هذه اللغات أم أنه فقط يحب جمع الكتب ؟) ثمة كتاب على الجانب محفوظ في جيب خاص فكرت أن تخرجه حين شكت أنه قد تكون مدونة مذكراته ولكنها توقفت من باب احترام الخصوصية ,, وضعت هيلين رأسها على الوسادة و تتوسم يوم آخر وتنتظر ماذا يخبئ لها قدرها ,,وما يخبئ لها هذا الرجل ,,
صباحا وكالعادة دياغو بالإفطار وهيلين مستيقظة ولكن ترحيبها لم يكن مثل السابق ,,هيلين متضايقة من تصرف دياغو معها البارحة ,,هو يعرف أنها متضايقة ولكنه لم يعير ضيقها أهمية ,, وكل ما فعله أن أفطر معها وأنصرف ,, قامت هيلين على عكازها وهي متضايقة أكثر ,, (هل يا ترى اصبحت ثقيلة عليه ؟ وجودي يبدو غير مرغوب به ..نعم هو دائما يذكرني بتوصيلي ,,ولكن لا يمكنني الرحيل الان ,,حتى لو كنت في صحة جيدة لن أتمكن من بالذهاب لوحدي وسأضيع من جديد في الغابة ,,من الحكمة يا هيلين أن تحتملي أي تصرف طارئ ولا أثير غضب الرجل .. ) خرجت هيلين ووجدت دياغو عاكف على ورشته وهو يقوم بعمل بعض الأشغال الخشبية ,, حاولت استلطافه ..وتحدثت معه
- أعمالك جميلة ومتقنة يا دياغو ,,
- شكرا لك ,,من ذوقك لا أكثر
- صدقني لا أجاملك ,, أتظنني خائفة منك وأجاملك
هنا أطلق دياغو ضحكته بقوة ,,لأول مرة تسمعه يضحك هكذا وكاد أن تصيبه شرقة من الضحك ,, فنظرت إليه مندهشة ,,
- هل قلت ما يضحكك ؟
- لا يا هيلين ولكن أحسست ببراءتك وأنت تقولين أتظنني خائفة (وعاد يضحك )
واستمر يضحك ,,وكانت ضحكته مضحكة ,, فبدأت هيلين تبتسم ,,وكل ما نظر إليها دياغو أخذ يضحك وهي تزيد في الضحك فاستمرا يضحكان بدون سبب حقيقي ,,ولكنهما يضحكان بلا توقف ,, دياغو دموعه على خده من الضحك وكل ما توقف اخذ نفسا وحاول تقليد هيلين (أتظنني خائفة منك وأجاملك) ويعود للضحك ,, وهي تضحك من جديد وفي نفس الوقت مقهورة منه كلما قلدها ,,نوبة ضحك تلتها صرخة جدية من دياغو الذي فتح عيونه بخزرة مهيبة وبانت أوداجه و انتفخت مناخيره ,,وصاح
- نعم أنت خائفة






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:39 PM رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

16
هنا هيلين شعرت بأن هذا الرجل الوديع تحول إلى أسد مفترس ,, بل هي الان تشاهد اسد ,, هزتها صرخته ,, اختلطت عليها المشاعر من جديد ,,هل ترد عليه؟ هل تهرب ؟هل تثبت أنها ليست خائفة؟ هل اكتشف أنها فتشت في بعض اغراضه وهو الان منزعج منها ؟أم فعلا مل وجودها ؟,,وماذا عن تلك المعاملة لمدة شهرين تقريبا؟ ..هل أنكشف قناعه؟ ..واصبح كبقية الرجال !!,,... ,,مجرد وحش مختبئ في الغابة ..ماذا تتوقعين منه ؟
هنا دياغو .. شعر برعبها فأعطاها الترياق ,, فلم تفهمه بعد نوبة ضحك وصرخة و خزرة غضب اختلطت عليها الامور فلا تعلم ماذا تفعل ..هل تضحك ؟ تبكي ؟ ترد ؟
أخيرا تكلم دياغو وقال لها
- هل شعرتي بالخوف؟
- اجابت بشهقة ,,,نعم ,,أنا خائفة ,,خائفة جدا
- هيلين ,,هذا الخوف نابع منك لا مني
- لكن أنت أخفتني
- لأنك اوحيت لي بأنك خائفة فأردت استغلال هذا الخوف لأبرهن لك بأن الانسان هو من يبث لمن حوله بما يحمله من مشاعر ,,فتظهر عليه علامات قد يفهمها البعض ,,وقد تستعصي على الآخرين ,, هنا لا انصحك يا هيلين بأن تراوغي او تجاملي على حساب مشاعرك ,,هيلين كوني صادقة مع نفسك حتى يكون الاخرين صادقين معك .. أنت متوجسة مني كثيرا وهذا من حقك ,,امرأة غريبة ,,في مكان معزول ورجل في وسط الغابة ,, ويتصرف بجنون وهويته مجهولة وكأنك في فيلم ..لكن صدقيني هذا الأمر لم يكن محض صدفة. فحاولي أن تعيشيها كما وأنك من تخلق الحدث وتسيطر عليه ,, لا كما هو جزء من الحدث ومغلوب على أمرة ,,هكذا هي الحياة لمن يتقن قوانينها ,,
هذه الكلمات نزلت بردا وسلاما على هيلين ولكنها زات من غموض هذا الرجل ,,يتكلم كحكيم ..او فيلسوف .. وماذا يعني لم يكن وجودي هنا محض صدفة ومن يكون القادر على ترتيب سيناريو كالذي حصل لها لأكون هنا ولا تكون صدفة,, مشت هيلين خطوات متجاهلة الأمر كله وتريد أن تسترد أنفاسها بخطى إلى الأمام واقتربت منه وكأنه لم يقل شيئا
- ماذا تفعل بهذه الأعمال الفنية
- ابيعها
- تبعيها ؟؟ على من ؟ هل يوجد غيرك في الغابة يعيش هنا ؟ شهرين لم أر أحد او اسمع صوت زبائنك؟
- لا يا هيلين ,, أقوم كل ستة أو ثمانية أشهر بالنزول إلى المدينة جامعا ما صنعته من تحف وأعمال ,,هناك ابيعها على شخص يتعامل معي فأشتري حاجاتي من مؤنة وغذاء وقهوة وشاي وبعض الملابس ,, وحاجات احتياطية مثل الادوية ,,
- ههه ذكرتني بجد هايدي ,,أتعرف هذه الرواية التي عملت رسوم متحركة للاطفال؟
- ههه بالطبع يا هيلين ,,اعرف هايدي وريمي وفلونة وكذلك كنت مغرما بشخصية سلفر في جزيرة الكنز ,,كدت أن اقطع رجلي لأكون مثله ههههههه
- ههههه وأنا كنت متأثرة بليدي ,,كانت حزينة جدا
- ياه ,,اخذتيني للبعيد يا هيلين ,,حينما كنت بشرا
اشاح وجهه عنها فجأة ,,بعد أن صفعها بكلمة مؤثرة جدا (حينما كنت بشرا؟) ماذا يريد وما الذي يقصده ؟.. حاولت ايضا تجاهل هذيانه فقالت له
- هل ستبيعني تحفة للذكرى يا دياغو
- لا
- سأدفع لك ,,معي نقود وسأدفع لك كما يفعل الأخرين
- كم عندك؟
- كم تريد على تحفتك؟
- لا لن ابيعك
- لا تبيع على الأجانب
- بل لا ابيع على الضيوف ,,سأعمل لك تحفة تليق بك ,, فمن المعيب أن ابيع على ضيوفي بضاعتي
ابتسمت هيلين ,, وعادت تستريح على الكرسي ,,وضعت مقدمة ذقنها على العكاز ,,أخذت تنظر إليه ,,(هذا اللعين اضحكني ثم أخافني ثم علمني درسا ثم أكرمني ,, كل هذا يحدث لهيلين ,,في دقائق معدودة ..لكن يقول بأن وجودي هنا ليس محض صدفة ..إذن ما هو يا ترى ,,لا ,,ليس علي أن اصدقه في كل شيء )






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:41 PM رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

17
مضى اسبوع منذ خرجت أول يوم خارج الكوخ ,, كل يوم هيلين تشاهد دياغو في جدول أعماله المرتب ,,كان يتمرن في الصباح الباكر بعض التمارين السويدية ..و وينزل للنهر ويستحم ثم يفطران معا ثم يقوم بتعليف الماشية والدواجن بعدها ينهمك في عمل الورشة لقبيل الظهر ,, ويحضر طعام الغداء ,,يستريح قليلا ثم ساعتين من القراءة والتدوين ,, وبعدها يرسم حتى الغروب ,, وفي المساء بعد الوجبة الخفيفة يتمرن على آلة الكمان ,,وكانت أحب الساعات إليها ,,فكان يشعل المشاعل و يتوسط التماثيل الستة ويهيم مع موسيقاه ,, هيلين بدت تعتاد صمته الطويل ولكنها بعض الأحيان تقتحم عالمه .. ففي تلك الليلة التي شاهدته مستغرقا في العزف ,, وحين أنتهى من مقطوعة وأراد أن يمرر قوس الكمان على الشمع الخاص به ,,سألته بعفوية
- دياغو
- نعم
- هل أنت وثني؟
- لماذا؟
- اراك وكأنك تقوم بطقوس وثنية ,,ربما ,,اقول ربما أنت وثني
- لا يا هيلين ,,لست بوثني
- إذن لماذا هذه التماثيل ؟ ولماذا تعزف وسطها وكأنك تمارس طقس من الطقوس
- لا يا هيلين ليس بطقس أنما كنت هنا لوحدي منذ مدة طويلة وليس لي اصدقاء اتحاور معهم ,,واتحدث إليهم ,,هنا أتكلم مع اصدقائي بالموسيقى
هنا بَصمت على دياغو بالجنون ,, واخذت تحدث نفسها ,,(لا بأس أنا في الغابة اسبوع قمت أحدث نفسي وكدت أجن فلم استغرب من رجل بقى هنا لمدة طويلة ,,هو حتما مجنون بل شبع من الجنون)
- جميل هذا الحوار ,, ذكرتني بنفسي حين تهت في الغابة ,, فقمت أغني وارقص وأمثل وهو مجرد اسبوع ,,فهل هذه طبيعة بشرية
- لا أعلم فلست متخصص في علم النفس ,,لكن الوحدة قاتلة
- عجيب أمرك بعض الشيء ويبدو لي متناقض أيضا
- كيف يا هيلين ؟
- سألتك من قبل لم أنت هنا !! فأخبرتني تود أن تعتزل ضجيج العالم
- ممم صحيح ولكن لا يعني بأني لا أعاني الوحدة ولكن أكون وحيدا أفضل من ذاك الضجيج
- وما الذي يمنعك أن تجلب لك رفقة هنا ؟
- رفقة ؟ من يرضى أن يكون في هذا الصمت وهذه الحياة البدائية و أن كانت جميلة ,,الناس يحبون العيش الجماعي,,
- أتعلم يا دياغو أن حياتك ممتعة جدا وتروقني وكم تخيلتها ولكن
- لكن لم تتوقعي أن تعيشيها ,, ولن تقدري أن تتأقلمي معها ,,فمن قضى ربع قرن في المدن لن يتأقلم مع حياة الريف او البراري بسهولة ,,تبدو الحياة جميلة هنا ليوم يومين شهر بالكثير ولكن عقلك وروحك مشبعة بالصور الكثيفة لحياة المدن ,,هنا المفردات قليلة ,, وغدا أو بعده بشكل تلقائي تستدعيك تلك الصور إلى الهروب نحوها
- هل أنت أساسا رجل ريفي؟
- نوعا ما
- لم أفهم
- نعم رجل ريفي ولكن من طبيعة مختلفة عن هذا الريف
- أيضا لم أفهم
- على كل حال دعي عنك دياغو وأخبريني عنك ألم تحن روحك للمدينة ؟ للشوارع ؟ للبنايات ؟ للوجوه ؟
- "لا استطيع النفي" ,, ولكن يقلقني أكثر وضع والدي ,, فأنا ابنته الوحيدة و لم يتزوج لكي لا اتشتت بدون وجوده المستمر ,, كذلك يعاني من أزمات صحية ,, وخصوصا في القلب ,, أخشى أن اصابه مكروه بسبب غيابي المفاجئ
- هيلين هل تودين أن أنزل إلى المدينة وأجلب لك مساعدة؟ أبلغ سفارتكم ؟ الاتصال بوالدك؟ فعل شيء مستعجل لأجلك ,,خصوصا الان يمكنك التحرك نوعا ما في حدود الكوخ وخارجه أي بإمكانك الأكل واخذ الدواء لوحدك.
أطرقت رأسها بهدوء ,,وأخذت تفكر كيف كان الأمر موحشا في الغابة لوحدها
- دياغو الا يمكنني أن أنزل معك ؟
- من الصعب الان ,,أنت مشيت في الغابة ورأيت بنفسك كم كانت وعرة وصعبة ومليئة بالمخاطر ,, حتى بالنسبة لشخص سليم ,,أنت لازلت في وضع صحي يحتاج للعناية وبعدها فترة نقاهة ,,وبعدها فترة استعداد,, تحتاجين لوقت كاف ,, وواجبي كصديق وكطبيب أن لا اغامر بك.
- ومن الصعب أيضا يا دياغو أن اكون هنا لوحدي ,, أنا جبانة جدا وزادتني الاحداث الاخيرة جبنا ,,لا أعلم اصلا كيف أني لم أجن أو أموت لهذه اللحظة ,, ومن ثم يجب أن يكون احتمال اخر وهو لا سمح الله اصابتك بسوء يعني اني سأموت ببطء هنا مرة أخرى ,,هذا كابوس لا اريد أن يعود ولا اريد حتى تذكره.
- أعرف أن في رحيلي لوحدي وتركك هنا مجازفة كبيرة ,,احتاج ليومين وأكثر ذهابا ومثلهما للرجوع وكذلك لا اضمن أن السلطات تصدقني مئة بالمئة وتتعاون معي ,, هنا السلطات المحلية تتجنب مشاكل الغابات والخوض في أدغالها
رفعت هيلين رأسها نحو دياغو وهي تبتسم بحزن هادئ في عينيها
- نصبر يا دياغو نصبر






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-01-2014, 10:45 PM رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

18
مر أسبوعان ,,هيلين تتعافى ,,تتأقلم ,,نظرها أيضا بدأ بالتحسن و أخذت الضبابية تزول تحاول بعض الأحيان تترك العكاز لتمشي بعض الخطوات القريبة ودياغو يراقبها ,,لم يمل من الاعتناء بها ,, بدأ وزنها وجسدها يسترد عافيته ,, كانت سعيدة أيضا بأن شعرها بدأ ينمو ولكنها لازالت تتحسس من النظر إلى المرآة ,, لا تود تذكر شكلها ,,فقط تتحسس ملامحها بيدها وتشعر أنها لم تعد هيلين الأولى ,, فتنصرف إلى شأن آخر ,, قرأت الكثير من الكتب والروايات المتوفرة ,,فكان معظم وقتها تقضيه في القراءة بسبب انشغال دياغو الطويل بأعماله ,,وهوايته ,, تكون فرص حديثهما قليلة أثناء الوجبات او اثناء العلاج أو خلال التمارين ,,هيلين بدأت تتفهم أن دياغو لا يريد أن يتحدث عن نفسه أو يخبرها بحكايته ولكن يعوضها ذلك بحكايات وبأحاديث مختلفة عن كل شيء اخر الا نفسه ,,كان يخلق جوا من المرح ببعض "الافيهات" التي يطلقها من وقت لوقت ,, يطمئنها باستمرار ,, ويواسيها
حين تكون حزينة وتفكر في البعيد تجده حولها ,,تعمل مجساته بشكل مرهف ,, حتى وأن كانت متظاهرة بابتسامة كان يعرف بأن هذه اللحظة متألمة فيعمل على نزع هذه الحزن بطريقة غير مباشرة ,, وبأسلوب هادئ,, وهكذا كانت الأيام تمر ببطء ..وذات مساء دياغو سأل هيلين
- هيلين ,,هل نفذ صبرك بخصوص مكوثك هنا؟
- مضطرة أن اصبر
- نعم جميل ,,إذن من الحكمة بما أنك مجبرة على هذا الوضع ولا مناص منه ,,فحاولي أن تتأقلمي وتستمتعي بما هو متاح ,, العمر واحد فلا تضيعي لحظاته بالضجر ,, والحزن والانتظار ,, وستكون هذه الايام او الاسابيع او الاشهر التي مرت بك هي مغامرة عمرك التي ستحكينها طويلا لأهلك و جيرانك ومدينتك حتى أحفادك ,, فلذا عليك بتدوينها ,,ولكن أذكريني بخير ههه واشطبي الجزء الذي أخفتك فيه
- ههه دياغو ,, لازلت يا دياغو اخاف منك
- لازلت ؟
- هذه الحقيقة ,, لست خائفة منك كإنسان مؤذي ,,لأني لم اجد أنك اذيتني ,,ولكن واعذرني أن اقولها لك ,,انت غامض جدا .. لا أجد لك هوية محددة .. وكل يوم اكتشف شيئا مختلفا ,,فلذا اشعر بالتوجس
- (ابتسم دياغو) لا تقلقي ,, انا شخص بسيط جدا ,,ضعي عدسات من قناعتك على اني رجل بسيط وستريني كذلك
مر أسبوع آخر هيلين فتحت عينها صباحا على صوت دياغو الذي ينادينها من الخارج ,, عركتها ,,قامت لتخرج وتبدأ يومها بالإفطار الذي اصبح الان يتناولانه خارج الكوخ ,, لم يعد العكاز يشكل لها أهمية ,,خطواتها قوية وتستطيع السير بدونه ولكنها لازالت فاقدة للقوة التي يمكنها ان تنزل من الجبل او تسير في الغابة .. حين فتحت باب الكوخ وخرجت وجدت ثمة تحسن كبير طرئ على نظرها هذا الصباح وعادت رؤية الاشياء بوضوح كما كانت في السابق ,, اقتربت وهي تصرخ في وجه دياغو
- دياغو ..الان ارى جيدا ,,الان ارى الاشياء بوضوح ,,زال الضباب كله تقريبا
كانت من فرحتها لم تنظر إلى وجه دياغو او تعيره اهتماما كانت سعيدة باسترداد بصرها ,الان الاشياء أجمل واروع حتى الطبيعة التي كانت مستمتعة بها وكأنها تراها لأول مرة ,,الفارق كبير أن تشاهد الاشياء بوضوح اومع شيء من الضبابية والوشوشة حوله ,, دياغو يكلمها وهي تسمع صوته فقط
- جميل جميل يا هيلين ,,مبروك استرداد بصرك وعافيتك والان تمشين بشكل جيد
- نعم يا دياغو نعم (وهي تصرخ وتجوب المكان وكأنها تختبر نظرها في المسافات القريبة و البعيدة) يا صديقي ,,هذا بفضل عنايتك ,,اشكرك من كل قلبي
وقفت بعيدة على سفح الجبل كانت تنظر للمكان الذي أشار لها ذات يوم بأنك هناك ,,حيث حدث الانفجار ,,اخذت تستعيد تلك اللحظات بشكل متوالي وتعود للوراء بالتيه في الغابة و سائق التاكسي و حكاية الفندق و ساندرا الكابتن باريس و حتى والدها ,,الذي سكبت معه دمعة ,,كل شيء تتذكره الان بوضوح وكأن مع عودة بصرها عادت ايضا معه صفاء في الذاكرة ,, دياغو يناديها للفطار ولا تسمعه لا لبعدها ولا لأن صوته خافت بل لأنها سارحة في البعيد,, اقترب دياغو ومن خلفها ,, نادها هيلين فأدارت وجهها نحوه له وكانت خافضة رأسها تخفي بعض الدموع ,,
- هيلين الان أنت بخير ,,صبرتي كل هذه المدة وبقيت فقط أيام قليلة لتعودي ,,يفترض أنك تفرحين لا تحزنين
- فقط تذكرت والدي يا دياغو لا تلمني ,,أربعة أشهر لا يعرف مصيري ولا أعرف مصيره
- حسنا هل تودين اكمال بكائك ؟
- دقائق وسوف آتي يا صديقي
جلس دياغو على الطاولة من جديد ,هيلين نشفت دموعها واقتربت من مصب الماء ,,غسلت وجهها جيدا ,,سحبت كرسيها ,,جلست وجها لوجه قبالة دياغو ..رفعت رأسها ,,هذه المرة الأولى التي تشاهد دياغو على صورته منذ استردت بصرها تماما ,, كانت تلك المدة كلها تظنه أن رجل في الستين من العمر بسبب عدم الوضوح ..كانت تشعر بتجاعيد وجهه بسبب تصرفاته ,,كانت تتخيل أنها هايدي وهو جدها ,, وبقدر ما فكرت في هذا الرجل ولكنها لم تأتي على شكله أبدا ,,الان هي تبصر ملامحه الواضحة جدا ,,والوسيمة جدا .. اختصرت كل شيء ولم تمسك نفسها وتخبئ تلك الكلمة في قلبها






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 15-01-2014, 10:26 PM رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه
أهلا بك أخي الحبيب
محمد الحلال
أهلا بك بيننا
في سماوات الفينيق
نقطف من هذا الهذيان أجمله
ونرتشف حلاوة الحرف منه
ليس هذيانا من ننزف به على البياض
مررنا لواجب التحية والترحيب
لنا عودة مفصلة إن شاء الله تعالى
تحيتي وقبائا تقدير


شكرا اخي العزيز خالد

تحملكم غثائي دليل على رحابة صدركم وقبولكم للاخر وان كان متطفلا على الحب والأدب والفن ,, يسعدني أن اكون بينكم من جديد

ملاحظة : لماذا يظهر الاقتباس بلغة غير مفهومة ؟






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 15-01-2014, 10:56 PM رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: (من أنت؟)

نفس سردي جميل
وقدرة رائعة في تمديده عبر تداعيات السرد
قرأت الفصول الثلاثة الأولى
وهمسة

{ هههههه } ليتك تبدلها أستاذ محمد فالسرد كتابة لا يتحمل هذه الـ { ههههه }

وتقديري
ونتابع...






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 16-01-2014, 02:12 PM رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي
نفس سردي جميل
وقدرة رائعة في تمديده عبر تداعيات السرد
قرأت الفصول الثلاثة الأولى
وهمسة

{ هههههه } ليتك تبدلها أستاذ محمد فالسرد كتابة لا يتحمل هذه الـ { ههههه }

وتقديري
ونتابع...


اهلا استاذة فاطمة الزهراء
حضورك اسعدني
واعلم مسبقا بأن (هههه) ليست من أصول السرد ولكن كنت اضعها لأني من جيل اصبح يشعر بها ,, وددت أن أوثق لجيل اصبحت ضحكته إلكترونية ,, حتى إذا جاءت بعدنا الاجيال تلو الاجيال ,,يعرفون مدى القمع التي خلفته فينا التقنية ,, ومعذرة لتجاوز اصول السرد ,, فأنا متمرد على كل شيء ,, حتى اشعار اخر
واتمنى قراءتها كما اخبرتكم من الدفتر مباشرة ولو قدر لها أن تطبع ستكون حسب أصول السرد ,,الان لازالت إلكترونية

تحية كبيرة واتمنى متابعتها للأخير وايضا لا استغني عن ملاحظاتكم القادمة






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 16-01-2014, 03:37 PM رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: (من أنت؟)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الحلال مشاهدة المشاركة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي
نفس سردي جميل
وقدرة رائعة في تمديده عبر تداعيات السرد
قرأت الفصول الثلاثة الأولى
وهمسة

{ هههههه } ليتك تبدلها أستاذ محمد فالسرد كتابة لا يتحمل هذه الـ { ههههه }

وتقديري
ونتابع...


اهلا استاذة فاطمة الزهراء
حضورك اسعدني
واعلم مسبقا بأن (هههه) ليست من أصول السرد ولكن كنت اضعها لأني من جيل اصبح يشعر بها ,, وددت أن أوثق لجيل اصبحت ضحكته إلكترونية ,, حتى إذا جاءت بعدنا الاجيال تلو الاجيال ,,يعرفون مدى القمع التي خلفته فينا التقنية ,, ومعذرة لتجاوز اصول السرد ,, فأنا متمرد على كل شيء ,, حتى اشعار اخر
واتمنى قراءتها كما اخبرتكم من الدفتر مباشرة ولو قدر لها أن تطبع ستكون حسب أصول السرد ,,الان لازالت إلكترونية

تحية كبيرة واتمنى متابعتها للأخير وايضا لا استغني عن ملاحظاتكم القادمة

مرحبا اخي
حسنا تمرد كما تريد المهم اننا نتابع هذا النحت الطيب والجميل
همسة
هل وصلتك اخبار { هههههه } ؟؟ انسحبت نهائيا
الهاء } من لوحة المفاتيح وكانت قد قدمت شكوى ضد الكائنات الالكترنية كلها ، نظرا لما حدث لها من اضرار كثيرة من كثرة ما اوجعناها بالاستعمال في المحل والغير محل في المناسبة وفي الغير مناسبة
هذا ما وصلني من اخبار
والتفاوض بشان رجوعها ما يزال مستمرا






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 16-01-2014, 09:05 PM رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
محمد الحلال
أديب
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

0 (من أنت؟)

محمد الحلال غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي
مرحبا اخي
حسنا تمرد كما تريد المهم اننا نتابع هذا النحت الطيب والجميل
همسة
هل وصلتك اخبار { هههههه } ؟؟ انسحبت نهائيا
الهاء } من لوحة المفاتيح وكانت قد قدمت شكوى ضد الكائنات الالكترنية كلها ، نظرا لما حدث لها من اضرار كثيرة من كثرة ما اوجعناها بالاستعمال في المحل والغير محل في المناسبة وفي الغير مناسبة
هذا ما وصلني من اخبار
والتفاوض بشان رجوعها ما يزال مستمرا



لا بأس سيدتي فاطمة تحمليني لا وقت لدي الآن الا أن اضحك إلكترونيا






abu-majed2@live.com
  رد مع اقتباس
/
قديم 29-04-2014, 01:47 AM رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
دلال العلي
عضو أكاديميّة الفينيق
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


دلال العلي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: (من أنت؟)

السلام عليكم
مرحبا اخي محمد الحلال
اذا ممكن تكمل لأن عجبتني القصه ومتحمسه اعرف وش صار مع هيلين
اتمنى لك التوفيق






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط