|
⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-06-2015, 03:16 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
طاب وللا مازال.
إنه ثان أهم أيام رمضان يوم السابع و العشرين منه. فيوم العيد لا منافس له. نستعد لهذا اليوم من الليل بتحضير المعدات: كيس بلاستيكي و ملعقة.
و نزقزق في هذا اليوم قبل العصافير. ما كاد النهار يتضح حتى يجتمع أبناء الحي في الساحة الملقية هناك في آخر الشارع عند المعطف تماما. يجتمعون وفي يد كل واحد أسلحته: الكيس و الملعقة. و توضع خطة السير عفوا من غير اتفاق و ننطلق ... و تنفتح الحناجر على نشيد ليلة القدر: طَابْ و لاَّ مــــا زالْ *** كانْ طَابْ هاتــوا كــــانْ ما طَابشْ *** انزِيدوا سَاعة و انْجُوا في هذا اليوم تمتلئ الأكياس بأنواع الحلوى و ما تيسر للأهالي منحه من المكسرات: حمص و فول سوداني ... و نادرا ما يفرحنا أحدهم بنوع من الأنواع الأخرى غالية الثمن كاللوز و عين الجمل ... و لكن فرحة الأطفال لا تتوقف عند هذا الحد، فقد كانت مرحا أكثر منها أكلا. عند الضحى نرتاح قليلا نستعرض الغلة، و قد أخذ الجهد منَّا مأخذه، و كذلك... الضرب. بعض الكبار كان ينظر إلينا أننا مجرد أطفال عابثين شياطين صغار لا أكثر و لا أقل... خصوصا عمال الليل. نعتمد على حضنا مع العجائز اللاتي يعتقدن منع الحلوى عن الأطفال حراما، ليس من باب الشرع، و لكنها غلبة الحنان المتدفق من القلوب الطاهرة. تبدأ الجولة الثانية بعد استراحة الضحى. و ننطلق نعزف نشيدنا مرة ثانية. طَابْ و لاَّ مــــا زالْ *** كانْ طَابْ هاتـــوا كــــانْ ما طَابشْ *** انزِيدوا سَاعة و انْجُوا و هذه المرة بحثا عن عمل للملاعق. فتتحفنا ربات البيوت بقصاعي الكسكسي ... نتهارج و نتدافع و نأكل و نضحك و يختنق واحد بحبات الكسكسي... يسعل بشدة... تدمع عيناه... نزداد هرجا و ضحكا... و تدركه الحنونات بالماء... و يرتاح. لا زلت أذكر سعيدا ذلك الولد الذي لم يحمل من اسمه نصيبا... لقد كان شقيا. لعل الشقاوة فطرة تولد مع الإنسان كما يولد بصراخه ... و أشياء أخرى. أول المندفعين إلى داخل البيوت دائما. فقد كان فيه بعض الحيلة ليأخذ النصيب الأوفر مما لذ و طاب في ألسنة الصبيان... اندفع إلى بيت عبد الجبار الحارس الليلي ... و صوته الرنان يصل إلى بيت الجيران في الناحية الأخرى يقول لهم استعدوا فنحن... قادمون ، قادمون ... و يكرر النشيد للمرة الثانية و الثالثة، ولا يتوقف حتى ينال ما يريد أو يطرد شر طردة... في لحظة ما لم يدر لماذا تورم جلده و أحس بالحرارة تندفع من ظهره إلى بطنه و أم عبد الجبار تولول: لا ... لا ... يا عبد الجبار ... دعوت الخير، اتركه إنهم أحبة الرحمن ... يزمجر عبد الجبار: أحبة الشيطان. و يده في السماء مدلى منها أنبوب ماء أزرق يسبق كلماته على ظهر الصبي مرة أخرى و ثالثة، و تلتقي العيون فيراها حمراء من طول السهر، و الغضب زاد عليها. بحركة لا إيرادية، من غير تفكير انطلقت ساقا الشقي إلى الشارع، و الأطفال يسبقونه كسرب غزال مندفع في المروج يخشى سطوة الأسد، و عبد الجبار يلعنهم و يسب اليوم الذي وُجدوا فيه... قفز الغلام إلى خارج الدار و نحيبه يخالط نشيده و يمسح دموعه و يتردد بعدها في اقتحام البيوت ... و هو ما لم يطل به كثيرا و عادت حليمة لعادتها القديمة. *** *** *** الصبيان في الشارع يذكرونني بتلك الأيام ... أعددتُ لهم ما كان يفرحني... ليوقضوني من غفلة التفكير: طَابْ و لاَّ مــــا زالْ *** كانْ طَابْ هاتـــوا كــــانْ ما طَابشْ *** انزِيدوا سَاعة و انْجُوا و ترد زوجتي: طاب .... طاب .... |
|||
19-06-2015, 04:33 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: طاب وللا مازال.
قِصَّة هامَّة تصوّر بشكل جَليّ شقاوة بعض الأطفال، وكيف أن للتَربيتهم، مِن قِبَل ذويهِم، في مراقبتهم وتثقيفهم، دَور بالِغ الأهَميَّة. وللفطرة، إذا جاز القول، دور أساسي في الانسان.
بوركت أستاذ زكريا. |
|||
12-07-2015, 02:09 AM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: طاب وللا مازال.
تحية أولى ترحيبا بك أخي الفاضل في الفينيق
ولي عودة لقراءة النص وعلى مهل رمضان كريم
|
||||
23-07-2015, 08:44 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: طاب وللا مازال.
سردية جميلة جدا
نكهتها أننا نلتقي فيها جميعا حيث تلتقي خيوط المغرب الكبير وباقي تربة السيد الوطن سردية نفسها روائي جميل عيدكم مبروك
|
||||
23-07-2015, 10:12 AM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: طاب وللا مازال.
أسلوب جميل وسرد ممتع مترابط سلس
قصة فيها الكثير من الجمال والتمسك بالعادات وإحياء الجميل منها بوركت الفاضل زكريا تحياتي وتقديري |
|||
25-07-2015, 12:09 AM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: طاب وللا مازال.
ممنون جدا لكلماتكم الدافئة
كلمات أقل ما يقال عنها أنها مشجعة لمزيد من العطاء عيدكم سعيد جميعا وكل عام وأنتم بألف ألف خير |
|||
|
|
|