الفتى المُجاهِد - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-07-2012, 11:01 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي الفتى المُجاهِد

الفتى المُجاهِد
بِقلم يوسف قبلان سلامة

كان جهاد شابًّا مؤمنًا وشجاعًا. فالأمور الروحية كانت تستهويه منذ أَيّامِ طفولته، مثلما كان للحكمة التي اكتسبها أيّامَ حداثتِه فضلٌ كبير في مُساعدةِ أَبناءِ قريتِه الكبيرة بأسرها في تغيير أمور كثيرة في حياتهم. وطالما كان يُمضي وقتًا مديدًا في التفكير والتأمُّلِ الروحيِّ العميق، الأمرُ الذي جعلَه أشدَّ تقرُّبًا من الله وابتعادًا عن الأمور الدنيويَّة المادِّية. وكثيرًا ما شوهِدَ في أثناء تحدُّثِه مع الناس في حالةٍ نفسيَّة غريبة ونادرة تُشبه الغَيبوبة. ومن الأُمورِ التي أثارت إعجابي فيه حقًّا محبَّـتُه وبذلُه كلَّ ما هو غالٍ ونفيس في سبيل إسعادِ كلِّ مَن هو مُحتاج. أمّا رزقُه فكان يكسبُه من خلال عملِه في قطعةِ أرضٍ كان قد ورثَها عن أبيه،في إحدى القُرى المكسيكيّة إذ كان أجداده قد هاجروا الى ذلك البلد منذ أكثر من مئة سنة تقريباً.
وفي أحد الأيام، في أثناء قيامه بعملِه في قطعة الأرض هذه، حصلَ شِجارٌ بين سكّان تلك القرية كان من الشدَّة بحيثُ استرعى انتباهَ أحدِ الحيوانات المفترسة النادرة القاطنة في الغابة المجاورة لذلك الحقل. فشنَّ هذا الحيوانُ الضاري هجومًا على شيخٍ عجوز كان بين الأشخاص المتشاجرين. فعَدا العجوزُ حثيثًا في طريقٍ شاقَّةٍ متعرِّجة نحو الغابة.
فما كان من ذلك الوحش إلاّ أن تبعَه بسرعة أيضًا. والحقّ يُقال كان ذلك المشهدُ رهيبًا، فقد أَثارَ الرعبَ في قلوب كلِّ مَن كانوا هناك! كان طولُ الوحشِ نحو مترين ونصف على أَقلِّ تقدير، وجسدُه ممتلئًا بالشعر الكثيف، ووجهُه شبيهًا بوجه إنسان؛ أمّا أسنانُه فأسنانُ ذئب.
وفيما كان هذا الوحش يشقُّ طريقَه عَبر الأدغال، شوهِدَ جهاد عادِيًا بسرعةٍ خاطفة مُخترقًا الجموع، باذلاً جهدًا كبيرًا للِّحاقِ بالشيخ لإنقاذِه. وسُرعانَ ما قابلَ الوحشَ وجهًا لوجه، وقام ببعض الحركات المرموزة مومئًا له كأنَّما يُخاطبُه، فأجبرَه على التوقُّف عن مُهاجمة الشيخ الذي أُصيبَ بجراحٍ خطِرة.
والأمرُ الغريب قيامُ هذا المخلوق العجيب بحركاتٍ غريبة على أثر الإيماءات المرموزة التي أَدَّاها جهاد أمامه، إذْ أخذ يرقص ويقفز، الأمرُ الذي أثار موجةً عارمة من الضحك استولت على كلِّ مَن لحقَ بجهاد بعد سيطرته على الموقف. بعد ذلك أَكبَّ جهاد على تضميد جراحِ الشَّيخ، على الرغم من متابعة الوحش لحركاته الغريبة. وبسبب إعجابِ الجموع بعملِ جهاد البُطوليّ فقد ألقت أَمامه نقودًا كثيرة. أمَّا هو فقام بإنفاق تلك النقود على الفقراء والمساكين، واحتفظَ بكلِّ ما تبقَّى منها للأمور الضروريَّة.
لن ينسى سكّانُ تلك المنطقة عملَ جهاد الجبّار في سبيل مساعدة ذلك الرجل العجوز، إذْ شقَّ طريقَه عبرَ أرض شائكة مُعرِّضًا حياتَه للخطر، وعلى أثر ذلك أُصيبَ بجروحٍ بليغة.
لكنْ بعد انتهاءِ جهاد من مُساعدة الشيخ، أُصيبَ بغَيـبوبة.
وبعد عدَّةِ أسابيع، ما إنْ فتحَ عَينَيه حتّى رأَى فتاةً اسمُها سَوسن تُضمِّدُ جراحَه. كانت من أجمل فتياتِ تلك القرية، وعلى علاقة وُدّية به منذ أيّامِ الطفولة، وبعد مُشاهدتها تلك الحادثة، ازداد تعلُّقُها به. لكنَّ حالةَ جهاد النفسيَّة كانت قد أصبحت صعبة، وبدا كأنّه أُصيب بفقدانِ للذاكرة. لذلك أخذَت سَوسن تروي له وقائعَ الحادثة التي حصلَت عند إنقاذِه الشيخَ مُحاوِلةً تذكيرَه، ثمّ جعلَت تُذكِّره بالأيام التي أمضياها معًا، ويومَ وعدَها بإحضارِ نوعٍ من الخشَب كان قد وجدَه في منطقة اكتشفَها داخل الغابة، وبصُنعِه منه قيثارةً ليتعلَّما العزف عليها معًا. ثمَّ ذكَّرته بالأيام التي أمضياها في تعلُّمِ العَزف وبالنوتات الموسيقيَّة التي ألَّفاها معًا. وما إن انتهَت من سَردِ تلك الذكريات حتّى سقطَت أرضًا مُتَّخذةً وضعَ ذلك الشيخ الجريح في أثناء سقوطِه بين براثنِ ذلك الوحش. في تلك اللحظة استعاد جهاد ذاكرتَه، ونهضَ من سريره لمساعدة سَوسن بسرعة، فقام بحَملِها بين ذراعَيه. لكنْ سرعان ما ابتسم عندما رآها تستيقظ ضاحكةً قائلةً له إنَّها كانت تـتصنَّعُ ذلك لمساعدتِه وتشجيعِه على استعادةِ ذاكرته، إذْ كانت حالتُه صعبةً جدًّا؛ فتعانقا، ولم تطُل الأيَّام حتّى شُفِيَ فِعلاً. وكان لعبير الزهور التي قدَّمها له الزائرون الذين عادوه دورٌ مهمّ في مُساعدتِه على الشفاء.
وبعد شفاء جهاد بعدّة أسابيع أَخذَ يرتاد تلك الغابة متوغّلاً فيها تارةً بمفرده وطورًا بصُحبة سَوسن. وفي أحدِ الأيّام خرجَ برفقةِ سَوسن في نزهة الى الغابة عَبر وادٍ مُلئ بالأشجار، هو الوادي المجهول الذي كان قد اكتشفَه.وأراها كوخاً صغيراً فوقَ شجرة أرز كان قد بناه ليُمضي أوقات فراغه فيه، وكان يصعَد الى منزله بواسطة نباتات متسلّقةٍ كان قد ربطها بأغصان الشّجرة.وطلبَ من سَوسن أن تنتظرَه في ظلِّ إحدى الأشجار لأنه أراد التوغُّل في عُمقِ تلك المنطقة المجهولة والخطِرة، وذلك كي يأتيها ببضعة أخشاب كي يصنع منها قيثارة لأنَّه وعدها بأن يُشكِّلَ معها فرقة موسيقية ثُنائية. لكنَّ أمرًا مُفاجئًا حدَث، إذْ مرَّ الوقتُ من دون عَودةِ جهاد من عُمق تلك المنطقة المجهولة.
وانتظرته سَوسن وحيدةً ثلاثةَ أيام داخلَ الغابة تأكل من أثمار الأشجار وتشرب من ينبوع مجاور لتلك الشجرة، وهي تبحثُ عنه دونما فائدة. وفي اليوم الثالث أخذَت تصرخ بقوّة، فسمعها رجالُ الأمن الذين جاءوا للبحث عنها، فوجدوها. كان جسدها بحالة سيِّئة ويدُها تنزف. وبعد أن ضمَّدوا لها جراحها، قاموا باستجوابها، فأعلمتهم بكلِّ ما حدثَ في الغابة، وبأنَ جُرحَ يَدِها البليغ سببُه عبورُها بين النباتات الشائكة باحثةً عن جهاد. وهكذا أصبحت حالتها النفسية صعبة جدًّا، فصوتُ جهاد وصورتُه كانا في ذهنها دائمًا خصوصًا عندما كانت تتذكَّر عملَه الدائم في تلك الأرض الواسعة التي كان يملكُها ويعملُ فيها، وكذلك وعدَه إيّاها وهو على فراش الموت باصطحابها الى كلِّ الأماكن التي تتمنَّى زيارتَها. وكانت تـتذكَّرُ تضحياتِه الإنسانيَّة الجبّارة، إذْ كان بمنزلةِ أخٍ لها؛ فضلاً عن ذالك فهو يمتُّ لها بصِلة القُربى. وهكذا كان حزنُها يزدادُ يوماً بعد يوم حتَّى فقدَت الأملَ بالعثور عليه نهائيـًّا.
بعد عدَّة أشهر على حصول هذه الحادثة طرقَ بابَ سَوسن ذلك الشيخُ العجوز، ووعدَها بأنّه سيبذلُ كلَّ ما باستطاعته للعثور على جهاد مهما كلَّف الأمرُ ابتداءً من تلك اللحظة، وذلك بالرّغم من برودة الطقسِ الشديدة والأمطار الغزيرة. وقبل توديعها، انحنى أمامها مُقبِّلاَ يدَها، وانصرف حاملاً قنديلَه ليؤدّي دورًا خطيرًا في تلك الساعة المتأخِّرة من الليل في هذه الغابة الموحشة الكبيرة! فيا لها من مُغامرة!
قَّررَ المكوثَ في تلك الغابة المُثمِرة غيرَ آبهٍ بلأخطار التي ستعترضُه،متّخذاً من كوخ جهاد مأوى يقيه غائلة البرد والأمطار. ولكن حدث في أحد الأيام العاصفة عندَ عودته من الغابة لزيارة سوسن أن وجدها في منزلها في حالة غيبوبة، وذلك بسبب دويّ الرّعد المتواصل والعنيف.فقام بنقلها خارج البلاد للمُعالجة، وتحديداً الى ولاية سان دييغو الأمريكيّة،بسبب وضعها الصحي الحَرِجْ .والجديرُ ذكرُه أنَّ رجالَ التحرّي استطاعوا الإمساكَ بذلك الوحش، فقيّدوه على الرغم من مُقاومته الجبّارة، ثم ربطوا كلَّ طرف من أطرافه بالأشجار في مكان بعيد عن الناس؛ ولم يجرؤ أحدٌ منهم على الاقتراب منه من جرّاء هيئته المرعبة وقوته البدنية الرهيبة. واللافتُ للنظر حقًّا هو عثورهم على قطعة قماش تعود لجهاد! تُرى هل كانت جثّته هناك؟ لكن لماذا لم يستطيعوا العثور عليه؟ أيكون ذلك المخلوق المخيف قد ارتكب الجريمة؟ هذه الاسئلة كانت تدور في رؤوس رجال التحرّي، وكانت السبب الذي دفعَهم إلى إلقاءِ القبض على هذا المخلوق العجيب الذي لم يُمسِك به أحد قطّ! وحالفَهم الحظُّ في مسعاهم بعد جهد لا يصدّقه عقل في صراع مُلِئَ بالخوف والكرِّ والفر...
***
بعد مرور سنة على هذه الحادثة، وصلت من ذلك الشيخ رسالة الى سَوسن، وكانت تتضمَّن ما سمع به عند ذهابه الى الغابة من أمور خفيَّة غامضة في مهمة البحث عن جهاد؛ وكان من أهمِّ ما ورد فيها الآتي:

عزيزتي سَوسن،
أتمنَّى أن تكوني بأحسن حال وبصحة تامَّة، وأنَّ نفسَكِ تقطنُ في أسمى الدرجات من مواطن السعادة حيث الاطمئنان والسلام المتدفق يروي ظمأ كلِّ تائق الى معرفة الحقيقة.
سَوسن، لعلَّكِ تذكرين تلك الليلةَ الرهيبة التي ذهبتُ فيها باحثًا عن جهاد. فقد توقَّفتُ عند هوَّةٍ عميقة بدَت كأنَّها فوهةُ بركان حيث كانت المياه تتصبَّب من عدّة اتّجاهات عبرَ قنوات لها. أمّا الأحداث الغريبة فليس بوسعي سوى أن أذكرها، إذ شعرتُ في أحد الأيّام، في أثناء مكوثي في الغابة، بقوة غريبة تضغط على صدري فأيقظتني من النوم، وسمعتُ أصواتًا كأنها آتية من عالم آخر، وكان ما سمعتُه ليلاً هو الآتي مثلما ورد حرفيًّا:
"ها قد وصلنا الآن الى الحالة التي يسمّيها البشرُ بالموت، فالموت لا وجود له بالحقيقة، بل هو حالة روحية طبيعية، فالأُمورُ الروحية تخضع لنواميسها الروحية وبذلك يتمُّ انتقالُ السيَّالات الروحيَّة. لقد مضى على انتقالي ردحًا طويلاً من الزمن استحقَقتُ من خلاله أن أوجد على كوكب النعيم هذا إذ من غير المُمكِن مقارنة اللحظات القصيرة بتلك التي على الأرض فاللحظة هنا تساوي أشهراً أرضيّة. وفجأةً سمعتُ صوتًا آخر يقول: ’أنا أذكرُ تلك المعركة الروحيَّة الطاحنة التي شاركتَ فيها، يا جهاد، عندما كنتَ على كوكب الأرض! أمّا الآن فقد تكشَّفت لك حقيقةُ كلِّ شيء، فأخبرنا.‘
فأجاب جهاد: ’أجل، والحمدُ لله الذي أعطاكم المعونة لكي تساعدوني في وسط كلِّ تلك الأحداث الصعبة الغريبة، إذْ كنتم آنذاك في كوكب عُلويّ، وسأسردُ عليكم قصّتي بالتفصيل بعدما تكشَّفت لي حقيقةُ كلِّ شيء بعد الانتقال. كنتُ في يومٍ عاصفٍ شديد البرودة والرطوبة، وأحسستُ في ذلك اليوم بنعاس شديد يستولي عليَّ. وبينما كنتُ مستغرقًا في نومٍ عميق رأيتُ حلمًا عجيبًا قد يُـعَدُّ الأسوأ في حياتي. فقد رأيتُ إبليس يُهدِّدُني بشَنِّ هجومٍ عنيف عليَّ! وفجأةً رأيتُ نفسي مُحاطًا بجنودٍ عددُهم لا يُحصى وبقوًى غريبة وغامضة حاولَت السيطرةَ عليَّ. فقد هدَّدَني إبليس بأنه سيشنُّ ضدّي حربًا اضطهاديَّة قلَّ نظيرُها.
استيقظتُ من النوم وأَنا أَشعرُ بحالةٍ من الذُّعر وبعذابٍ نفسيٍّ شديد. فقد سُلِّطَت عليَّ رياحُ الشرّ، وأصبحتُ أعيش بحالتَين نفسيَّتَين؛ فشعرتُ بـيأس واضطراب لا يمكن أن يصفَهما قلم. وزاد استغرابي استيقاظي، بعد ذلك الحلم، لأشاهد ضبابًا يملأ تلك المنطقة، ورؤيتي لونَ الشمس وقد أصبح أحمر كالدم! وفجأةً سمعتُ أنا الشيخ صوتًا آخر يقول: ’أجل، فأنا أذكر أنّنا ساعدناك كثيرًا بمعونة الملائكة، وقد كنتَ، يا جهاد، في حالة لا توصَف من العذاب الروحيِّ العجيب، إذْ كان عددُ أتباع الشرّير يفوقُ عددَنا أضعافًا مُضاعفة، لكنَّكَ أثبتَّ أنك قائدٌ عظيم بمعونة الله.‘"
وفي تلك اللحظة تحدَّث جهاد قائلاً: "لا بدَّ من أنك رأيتَ إصرار ابليس على السيطرة بكلِّ ما أوتي من قوة روحية خارقة، لكنَّ ثباتي في الإيمان باستخدام سَيفِ الروح ودِرعِ الإيمان بثبات هو الذي ساعدَني على إتمامِ طريقي حتى النهاية. فإنَّ هدفَ الشرير هو ادخالُ التشويش في نفس الإنسان، أمّا نحن المؤمنين فنعلم من جراء البرِّ والتقوى بجميع حِيَلِ الشرّير."
وأمسكَ جهاد بمرآة مُستشهدًا بكلام بولس الرسول القائلة: "فإنّنا ننظرُ الآن في مرآة رؤيةً مُلتبسة، لكنْ يومذاك فتكون رؤيتُنا وجهًا لوجه. الآن أعرف معرفةً ناقصة، لكنْ حينئذٍ سأعرفُ مثلما عُرِفتُ. الإيمانُ والرجاءُ والمحبَّة هذه الثلاثة هي الباقية، وأعظمُها المحبَّة." (13كورنتس12-13)
"فمساعدةُ الإنسان من الداخل تجعلُه إنسانًا جديدًا، فتتغيَّر نظرتُّه إلى كلِّ شيء، لأنَّ ينبوعَ ماءٍ حَيٍّ وأبديٍّ سيتدفَّق في أحشائه."
وقال صوتٌ آخر: "لكنْ كيف استطعتَ أن تبقى على قَيدِ الحياة (على الأرض) وأنت تحت وطأةِ هذا العذاب الروحيّ، إذْ كنتَ مُقيَّدًا، يا جهاد؟ وقد رأينا حربًا عجيبة وقويّة، وكان إبليس يحاربُك بشدَّة؛ ثمَّ رأينا ملاك خَير وملاك شرّ يتصارعان كأنهما قُطبا كهرباء موجِب وسالب. ثمَّ حدثَت قصفةُ رعدٍ هائلة على الأرض."فقد تقمّصا سحابتين تحمل كلّ منهما شُحنةً مُعاكِسةً للأُخرى.
وفي هذه اللحظة استطرد جهاد قائلاً: "أجل، كنتُ على عِلمٍ بسيط بما حدَث، في أثناء وجودي على الأرض مُقيَّدًا بالروح، بالرغم من العذاب العجيب،بسبب تحليلي العميق لما كنتُ أشاهده من ظواهر تتراءى لي طيلة هذه الفترة المحدودة من الزّمان تارةً بشكلٍ مُستَمِر وطوراً بشكل متقطّع. وعرفتُ القليلَ من سرِّ هذه الأشياء، إذْ رأيتُ الصواعقَ تنقضُّ من السماء وتُحرق كثيرًا من الأشجار. وفي هذه اللحظة ارتعدَ جِهاد بالرّوح متحدّثاً بنبرة غاضبة وهو يلوّح بيديه في الهواء فاتحاً كفّيه ليُشير إلى عدد السّنين قائلاً: فقد حدثَت كلُّ تلك الضربات على أَثر معركةٍ روحيَّة طويلة أخذت من حياتي خمسَ عشرةَ سنة، لكنّي شعرتُ كأنّها دهور. وفي تلك الأثناء قام مخلوق قويّ من أجناد الشّر آتياً من عالمه مُختَرِقاً أجواء الأرض،متقمّصاً إعصار، فنزلَ مطرٌ غزير من السماء مُغرِقًا جميعَ المزروعات،نتيجة ذلك الخَرْق الغريب لعالمنا الذي أحدث مُعجِزة. وكان البشر في خطر كبير. فلولا إرشادُ الله عزَّ وجلَّ وحمايتُه لَسقط ودُمِّرَ كلُّ شيء في تلك المنطقة، وقُتِلتُ أنا أيضًا. فقد جرَّ إبليس أرواحًا ونفوسًا بشريَّة كثيرة بعد أن فَقَدوا رجاءهم،مُذعِنين بإرادتِهِم لأوامرهِ. أمَّا الذين صبروا مُتَّكلين على الله وحده فهم الذين فُكَّت قيودهم النّفسيّةِ وانتصروا."
وسمعتُ صوتًا آخر يقول: "لقد مُنِحتَ، يا جهاد، مسؤوليَّة عجيبة، إذْ لم يستطع الشرّير التمكُّنَ منك وزعزعةَ إيمانكَ بالله القادر على كلِّ شيء، بل عندما رآك هؤلاء الأشرار صامدًا بكلِّ هذه القوَّة ورأوا دفاعَك المستميت، انقلبَ كثيرون منهم معك.أي مؤمنين بكلام الله، ومُحدّثين بعضهم بعضاً بعجائِبه"
وهنا قال جهاد: "أحسستُ نفسي غريبًا عن هذه الأرض وبحالةٍ نفسية غريبة، ملأى بالارتباك والضيق الشديد، إذْ كنتُ مقيَّدًا بالروح وشعرتُ بأنّ مُرورَ يوم واحد بالنّسبة لي كأنّه دهور! فإن كنتُ ضعيفًا من الناحية الجسديَّة أكون قويًّا بالروح. أجل، لا تستطيع أيُّ قوَّة، مهما بلغت من الجبروت، أن تُزعزع المؤمن عن إيمانه بالله." واستطرد جهاد قائلاً بأن الأجنادَ الروحية كانت تُطيعه (أي) متّخِذةً من إيمانه عِبرَةً وبذلك قُيِّدت بدورها مِن قِبَل قوّات الظّلمة لسيرها في هُدى الله ناظرة الى بسببِ قوّة إيمان جهاد وتواضُعِهِ. وكانت صلواتُه مُستجابة؛ فنزل كثيرٌ من أجناد الشرِّ التّابعة للدّرَكات السّفليّة مُجَدّداً الى الهاوية.إذ استجاب الله لدُعائه مخلّصاً إيّاه من براثنِهِم المُهلِكة. وعلى أثر ذلك أُطلِقت اللعنات، فنزل ماءٌ على الأرض كالطوفان، نتيجةً لِغَضَبِ الله وحدثَت زلازلُ عظيمة، فنزلت حمَم من البركان الذي كان في منطقتنا، فاحترق عدد كبير من الأشجار.وما ذلك الاّ جزاءً وفاقاً قد سمح به الله على الذين يَعصَون كلامه وقال جهاد أيضًا: هنا أحسستُ بدُوار من ثقل تلك الرؤى الغامضة.
وقال الصوتُ الذي كان يتحدَّث مع روح جهاد: "كنّا ننتظر لقاءك بشوق عارم لا يوصف، فقد استحقَّت سيَّالاتك أن تكون معنا على هذا الكوكب. وفجأة، يا جهاد، اختفيتَ عن أنظارنا، ورأينا إنسانًا يُصارعُ وحشًا عظيمًا كالتنّين، وكانا ملتحمَين يدًا بيَد و رِجلا برِجل. ثمَّ رأينا ذلك الرجلَ يغرسُ في قلب ذلك الوحش سيفًا؛ فهوى التنّين إذْ ذاك في ذلك البركان الثائر! وكان ذلك الإنسان هو أنت، يا جهاد، فقد جَبَهتَه بعد مُفارقةِ روحك لجسدك، إذْ لم تدعه يُفلِت. نعم، كانت تلك اللحظة هي التي جعلَتك تختفي عن أنظارنا، إنها لحظة انفصال الجسد عن الروح. وبعد ذلك رأينا المطَر قد توقَّف عن الهطول، والبركانَ هدأ! واذا الإيمانُ يعمُّ المنطقةَ مُجدَّدًا. أمّا الفرحة فقد تجلّت بلقائنا بك ثانيةً، ذلك اللقاء الذي لم نكُن نتوقّعه البتَّة. وتعانق الشبّان عناقًا حارًّا، وشربوا خمرة النصر. وفي هذه اللحظة سُمِعَ صوتٌ قويّ كأنّه آت من جميع الاتّجاهات قائلاً: بحقّ الله والنّبي الحبيب الهادي والشخصيّات السّت والسيّال العشرين*.فَخَرّوا ساجدين لله مُردّدين هذه العِبارة عِدّة مرّات عالمين أنّهُ قد حان وقتُ الصَلاة. . فساروا وسط ذالك الفردوس بخشوع نحو المعبد.. وأُعلِنَ عن بداية نهار جديد في حياتهم...
***
بهذه الكلمات أنهى الشيخُ رسالتَه موقِّعًا إيّاها باسمه.
قرأت سَوسن هذه الرسالة غيرَ مصدِّقة كلَّ تلك الأخبار. لكنَّ الأخبار التي سمعَتها عن تلك المدينة وعن إيمان أهلها المفاجئ والعجيب حَلُّ لُغزِها موجودٌ في هذه الرسالة. وأيقنت إذْ ذاك بأنَّ سببَ جميع الأمور والأحداث روحيّ. ثمّ تذكَّرت كلَّ تلك اللحظات التي أمضَتها برفقة جهاد، ولا سيَّما في آخر أيّامها معه، قُبَيلَ موته، وأمسكت قيثارتَها وأخذت تعزفُ بأناملها "لحنَ الوداع لبيتهوفن، وبدأت يدُها الجريحة تنزفُ بشدَّة؛ أمّا اللحن الذي كانت تعزفُه فقد بدا كأنه آتٍ من السماء.كانت تعزف في حديقة المُستشفى أمام نافورة مياه شُيّدَ فوقَها تمثال لفينوس أمام كيوبيد الجاثي بخشوعِ على رُكبَتيه لعظمة الله في مخلوقاتِه.
في تلك اللحظة وقَعَ عليها ظلٌ فظنّنت أن الشّمس قد غابت لكن ما أن التفَتَت الى الخلف حتى شاهدَت شابّاً وسيماً جِداً يُقبِل لمعانقتها، ويهمسُ لها في أذنها كلماتٍ تجعلُها تنسى كلَّ آلامها،إنّها أسرار تلك المعركة الرّوحيّة. وفي تلك اللحظة سُمِعَ صوتُ زمجرةٍ بدَت كزمجرةِ الأسد، ثم سُمعِت أصواتُ أناسٍ تصرخُ بهلع قائلة إنَّ مخلوقًا عجيبًا قد أفلت من قبضة مالكيه. وفجأة دخل ذلك الوحش الى منزل سَوسن! فكان المشهد مُحزنًا للدرجة القُصوى، إذْ أخذَ ذلك المخلوق يبكي ويُزمجر!... ثمَّ هجم على جهاد لاحتضانه، وما لبثَ أن تركَه وعانقَ سَوسن، لكنّه عصرَها بقوَّة حتّى سُمِع صوتُ تكسُّر أضلاعها! فبدأت تصرخ صُراخًا عاليًا... وفي الحال أطلق أحدُ حُرّاس المستشفى رصاصةً أصابت قلبَ الوحش مخترقةً إبطَه الأَيسر لتخرجَ من إبطه الأيمن باتِّجاه رأس جهاد الذي اخترقَت جبهته، فمات بدوره على الفور.
على أثر الحادث دخلت الشرطة ودوَّنت التصريح التالي الذي نطقَت به سَوسن وهي تُحتضَر بسبب تحطُّم أضلاعها. قالت: "لقد بُعِثَت نفسُ جهاد الى الحياة مُجدَّدًا إذْ كان قد انتقل الى عالَمٍ آخر منذ زمن، وهناك شاهدني وأنا أعزفُ على القيثارة، فتضرَّع الى الله أن يسمح بتجسّده على الأرض؛ فسُمِح له، وعادت سيَّالاتُه الروحيَّة الى جسده. أمّا المعجزة فهي حَملُ ذلك المخلوق جهاد الى هذا البلد بمعجزة روحية من المكسيك الى سان دييغو."إذ إن هذا الشيطان هو تجسّد للشيطان على الأرض، وقد سُمِح له بتجربة جهاد ومُحاربَتَهُ.
ثمّ أدلت سَوسن باعتراف خطير، وهو أنها هي من قتَلته في الغابة، إذ جعلته يشرب من سُمِّ ذلك النبات الذي دلَّها عليه، ذلك النبات الذي صنعَ منه القيثارة، وقد حذَّرها من شُربِ السائل الذي يفرزُه. فاحتالت عليه ومزجَته بكوب ماء، وجعلته يتجرَّعه، فتوفّي على الفور. والحقيقة هي أنّه لم يغِب عنها سوى نصف ساعة لكنّها قامت باستخراج ذلك السّائل بخِفّة يدٍ واضعةً إيّاه في كوب ماء، إذ كان عطشاناً، وعند غيابه عن الوعي قامت بِجَرّ جَسَدِه ملقيَةً بِهِ عندَ حافة وادٍ سحيق كأنّه بِئر تلتقي جوانبه في آخِرِه. ثمَّ أخذت تتظاهرُ بالبكاء والصراخ لتبدو أنها تبحث عنه. أمَّا الجرحُ الذي في يدها فقد أَحدثَته إحدى شوكات ذلك النبات السامّ الذي غرزَ في يدها في أثناء استخراج السمّ. أمَّا غايةُ قتله فهي استيلاءها على قطعة الأرض التي يملكُها.إذ كان يتيماً ووحيداً وكانت سوسن هي الفتاة الوحيدة التي تمت له بصِلة القُربى، وبالتالي يحق لها بعد وفاته أن تحصل على نصيب من تلك الأرض، إذ أن جدّهما واحد".
نطقت سَوسن بكلّ هذا الكلام، ثمّ ماتت على أثر نوبةٍ قلبيّة نادمةً أشدَّ الندم.
أجل، كان تأثير هذا السمّ مُميتًا في جسد جهاد، الأمر الذي أَزهقَ نفسَه لتتكشَّف أمامه تلك الحقائقُ الروحية التي قام الشيخ بتدوينها تخليدًا لهذه الحادثة الرهيبة، مصليّاً بأن يجمع الله جهاد بسوسن في الدّرجات العُليا. ذاكراً بأنّ نعمة التقمّص هي رحمة الله المُثلى التي ننال من خلالها مغفرة لخطايانا إذ ننتقل من كوكب الى كوكب نخضع فيه لتجارب خاصّة وِفقاً لأنظمة ونواميس ذلك الكوكب بعد أن يسمح الله تعالى بتلك التّجارِب أن تجري على مخلوقاته لفترات معيّنَةٍ ومُقَدّرَة لامتحان مخلوقاتِه بِحَسَبِ أعمالِهِم، فهو الدّيان وحده وبه الخلاص لهُ المُلك والقوّة والمَجد الى أبدِ الابدين آمين.

في: 2-9-2005
نابَيْه-المتن الشماليّ، لُبنان

*هي عِبارة تُتلى في الصّلاة والدّعاء الدّاهشيّ. أمّا عِبارة النبي الحبيب في "الرّسالة الدّاهشيّة" فهي لا تُشير إلى نبيّ معيّن؛ فهي تشير إلى النّبي عيسى عليه السّلام إذا كان المصلّي مسيحيّاً، كما أنّها تشير إلى النبي محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) إذا كان المصلّي مُسلِماً.
أمّا الشخصيّات السّت فهي امتدادات نفسيّة طاهِرة للنبيّ كائنة في ستة كواكِب أو دَرَجات علويّة فردوسيّة.
* السيّال: وَرَدَت كلمة "سيّال" في أحد كتُب الأديب العظيم جبران خليل جبران، واسم الكتاب هو "الأجنحة المُتَكَسّرة". تقع هذه الكَلمة في قِسْم "باب الهيكَل"ص.54، عن دار الجيل للنّشر.
أمّا الجُملة فهي: "هو سيّالٌ خافٍ عن العين يتموّجُ بين عواطِف النّاظِر وحقيقةِ المنظور "إذَن، السيّال هو النّفْس الحيّة والمُدرِكة التي تغذّيها الرّوح البعيدة عن كُلّ شائبة ماديّة






  رد مع اقتباس
/
قديم 17-07-2012, 11:27 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
افتراضي رد: الفتى المُجاهِد


الكاتب المحترم يوسف

متمكن أنت من الوصف والسرد

لغتك هادئة، متسلسة والتشويق ما بارح الحكاية

نص جميل جدا

لوأن وقتك يسمح فتكون معنا وتتواجد أكثر على نصوصنا

سنتشرف كثيرا

ونفرح كثيرا كثيرا

روضة






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-08-2012, 03:03 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
علي الطائي
عضو اكاديمية الفينيق
يحمل وسام الاكاديمية للعطاء
رابطة الفينيق / الرافدين
العراق

الصورة الرمزية علي الطائي

افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

الاخ يوسف
الفكرة جميلة
اتمنى لك الموفقية ادوات النص لديك كبيرة
بالتوفيق وتحياتي لك






اتق شر من احسنت الية
/www.ahewar.org/m.asp?i=551
http://www.postpoems.com/members/alihseen/
  رد مع اقتباس
/
قديم 24-12-2012, 07:37 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
افتراضي رد: الفتى المُجاهِد


أعود لهذه القصة الممتعة آملة أن نرى أخرى قريبا






  رد مع اقتباس
/
قديم 12-01-2013, 07:23 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

إلى الأديبة العظيمة و العزيزة القديرة روضة الفارِسي المحترمة،
أقدّر توقيعك حق التقدير، فهو وسام مبارك و خاص على صدري.
و سأبذل قصارى جهدي لإرسال نصوصي الجديدة قريباً بإذن الله تعالى. و أتمنّى لكم دوام التوفيق الباهِر إنشاءالله.






  رد مع اقتباس
/
قديم 12-01-2013, 07:26 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

إلى الأستاذ العزيز علي الطائي المحتَرَم،
أشكر مرورك الكريم كل الشكر، و أتمنّى لك دوام التوفيق في كل شيء.






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-12-2014, 09:49 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عبير محمد
الإدارة العليا
عضو تجمع الأدب والإبداع
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية عبير محمد

افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

تليـــــــق بهـــــا الواجهــــــة
ويليـــــــق بهـــــا الضـــــــوء
فـــ إلى التحليـــــــق
وود يليـــــــــق








"سأظل أنا كما أريد أن أكون ؛
نصف وزني" كبرياء " ؛ والنصف الآخر .. قصّـة لا يفهمها أحد ..!!"
  رد مع اقتباس
/
قديم 20-12-2014, 06:52 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

الشّكر الجزيل ووافِر الإحتِرام لِحضرتِكِ أستاذتنا القديرة عبير محمّد. قراءتِكِ التي أعتَزّ بها وتعليقكِ الكريم الذي أقَدّره كل التّقدير دائماً.






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-12-2014, 11:51 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

لِحضرتكَ تحيّة من القلْب أستاذ عوض بديوي على قراءتِكَ وتعليِقِكَ الذي أقدّرهُ كثيراً، والذي يُضفي على كتابتنا رونقاً جميلاً.






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-12-2014, 07:48 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
زحل بن شمسين
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
العراق
افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

السيد يوسف سلام وتحية

عزيزي انني اعترف بك تلميذا نجيبا ونشيطا للدكتور داهش ..!!!!

عندي سؤال وجيه:
الانسان العاقل مع الحق والحقيقة والاديان كلها تدعو لذلك الحق والحقيقة ...
ولكن المصيبة تأتي من اؤلئك القائمين على زعامة هذه الاديان لان مصالحهم ومراكزهم فوق كل اعتبار ؟؟

تهربون الى الماضي والحاضر مليء بالكوارث...؟؟؟
والشيطان المتمثل بامريكا واسرائيل وايران وتركيا ودول الاستعمار ...امامكم ولا تتجرأون على نقدها ...
كما كان الحال ايام روما العبودية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ما يفيدنا من قصتك سوى العيش بالخيال وبالروحانيات المخدرة لفعل الانسان من اجل التحرر؟؟
ما هو دوركم مع الغرب؟؟؟
هل انتم مع الارض والعرض والوطن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


يا سيد هنا شعراء وكتاب حلف الناتو واضحين وليس مختبئين وليس مستحين من احد...
لان حرية التعبير مكفولة للجميع طبعاً حسب الظروف ؟؟!!!!!!!!!!!


البابلي






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-03-2015, 12:58 AM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
يوسف قبلان سلامة
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
لبنان
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

يوسف قبلان سلامة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: الفتى المُجاهِد

تَتِمّة قِصّة الفتى المجاهِد
بِقَلَم يوسف قبلان سلامة
إذ أخد كثيرون بالتّساؤل حول مصير يوسف، أو عذراً قارِئي العزيز، إنّه جهاد والغموض الذي لَفّ قضيّته وحبيبتهُ؛ ولا سيما عن مكان وجودهما الحالي بعد اختفائهما. نودّ أن نُطمئن الرّأي العام بأن ما وَرَدَ من أحداث في القِصّة السّابقة، لهو إثبات قاطع على وجودها لِما تضَمّنته من حقائق روحيّة، ستتجلّى مع مرور الزّمن والزّمان كَشّاف.
وكما قالت الآية الكريمة: (ويسألونكَ عن الرّوح قُل الرّوح من أمر رَبّي وما أوتيتم من العِلم إلا قليلاً) ص:114
إذن كل شيء جائز إذا شاء الله ذلك.

كان جالِساً مع رفاقه الذين شهدوا أحداث تلك الحرب العجيبة المُروّعة، وكانت علامات الدّهشة والإعجاب مرتسِمة على وجوههم. وكان شعوره اتّجاههم متبادلاً.
وفجأة، جاء أحدهم حامِلاً بيديْه كأساً ماسيّاً. وقال لِجهاد: " أنظُر، إنّه إكسير الحياة الذي كُنْتَ تَذكُرهُ مِراراً في صلواتك، هيّا اشرب يا صديقي هيّا. قالها وراحوا يضحكون مهَللين بابتِهاج.
تجرّع جهاد الكأس، وما هي إلّا لحظات حتّى شعر بالنّعاس، وقد صادف ذلك عند حلول الظّلام. ثمّ تَسَنّت له مُشاهدة طَيْفَ معبودته التي لاح وجهها من ناحية ما، خلف الأفق النّاري، وإذا بوجهها يبتَسم له كأنها صورة زئبقيّة في بلّور ثريّا.
وجعل يقول أين أنتِ؟ أين أنتِ؟ بالله عليكِ أريدكِ مثلما أنتِ. لكن جسدها لم يَبْرُزَ. وكان يتساءل في عقله الباطن قائلاً، أين هي؟!
وإذا بقوّة تفتح عين جهاد الرّوحيّة ليُشاهِد الشّيخ، صديقه، وقد وضِعَ في مأوى للعجزة، مأوى مُهْمل للدّرجة القصوى!
لقد اشتدّ عليه المرض الجسَديّ، وإذا بِمُمَرّضتان تسندانه ممسكتان إيّاه بذراعيه.
ما إن وصل إلى غرفة الإستِحمام حتّى بدأ يبكي ويَصْرخ بِشدّة كالأطفال. كان يُرَدّد اسم حبيبته التي كان طيفها يحوم حوله دائما مُذ فارقت الحياة.
ثم شاهد جهاد نفسه على كوكب الأرض مع الشّيخ.
كان الطبيب مع الشّيخ في الغًرفة، ما إنْ رآه الأخير حتّى احتضنه بحرارة.
ثم صوّب الشيخ نظره إلى طبيبه قائلا بِهدوء: "إلام تدعو الأديان؟ أليس للمحبّة ونصرة اليتيم والمظلوم وعيادة المريض، أليس إلى السّلام؟ إذن مَن نحن أمام القوانين الإلهيّة الروحيّة التي نادت بها الأديان. فالله فوق الجميع، ورسالته في الأنبياء قاطِبة واحِدة."
ثم نظر إلى جهاد مبتسماً بابتِهاج قائلاً: "أوصيك بالمحبّة ولا شيء سواها."
وفجأة شاهد جهاد أفعى كانت تنظر إليهم عبر النّافِذة، وكان الشيخ قد رصدها بنظره الثّاقِب
قال الشّيخ:"ما هذه؟"
جهاد: "أنت تعرف يا أستاذي"
الشّيخ: "اذهب وانظُر."
ما إن توجّه للنّافذة حتى زحفت الأفعى مبتعِدة بأقصى سرعتها حاملة فتاة حسناء، عرف جهاد بالبديهة من هي. كانت الأفعى قد التهمت عنقها. فسقط أرضاً من الحُزْن.
ثم شاهد جهاد من عَليائهِ مشهداً آخر وهو منظر الشّيخ الذي بدا كالشّاب البطل، وكان مًسَجّى في نعش، وقد شَعر بأن حرارة لاهبة كانت تخرج من جُثّة الشّاب.
ثم شاهد نفسه واقفا بجوار طبيب الشّيخ في غًرفته في المستشفى، مُسْتَفْسِراً عن سبب حدوث هذا الأمر الرّهيب مع أبيهِ الرّوحيّ.
أجاب الطّبيب بعد فترة من الصّمت العجيبة، إذ كان يقرأ مخطوطة طبيّة قديمة: "صديقكَ أيّها الأخ العزيز كان أسيراً."
وإذ ذاك فَهِمَ جهاد كُلّ شيء.
لم يتمكّن من إجابة الطّبيب بسبب الدّموع الغزيرة التي سالت من عَيْنَيْهِ، غاسلة وجهه.
لكن فمه الذي تشنّج في تلك اللحظات القاسية جعل يردّد كلمة: الأعداء... الأعداء...، الأصدقاء الخوَنة...
جهاد: "تُرى من الذي فعل به هكذا؟"
الطّبيب: "عندما تُسْمَع كلماتك هذه، سيعرف الجاني نفسه. لا ترتَبِك،
علينا بمسامحتهم، فالنّقمة لله عَزّ وجَلّ."

فتح جهاد عينيه، ليجد نفسه في فردوسه مُجَدّداً. و لِعَيْن الدّهشة كان الشّيخ مُسْتَلْقياً بجانبِه، فاحتضنه احتضاناً حارّا مؤثّراً وسط بكاء ممتزج بصرخات كصرخات النّصْر.
فقد تَمّت صداقتهما روحيّاً في السّماء.
قال الشيخ: "أسمع أنغاماً موسيقيّة."
جهاد: أجل إنها أنغام السّماء التي لا تُدْرِكها نغمة أرضيّة..."
تَمّت والحمدلله.






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:10 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط