رواية (روناك ... دماء ودمــــوع ج4 ) ح 29 .... - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: إخــفاق (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰

⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-04-2014, 11:02 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رواية (روناك ... دماء ودمــــوع ج4 ) ح 29 ....

روية (روناك ..... دمــاء ودمـــــوع ج4) ح29....
تأليف :- محمد عبد اللطيف السويجت

تابــــــــــــــــــــــــع

(29 )
بين الجد والاغراء
شمر مهند عن ساعد الجد والعمل لتنفيذ ما اهتدى اليه من خطة هي في رأيه الأنجع والأصوب مما يفكر به الآخرون لانهاء محنة روناك . فخطته تُبعد عنها التقولات والشبهات وتبقيها شامخة رافعة الرأس لا يستطيع أحد ان يقدح في أخلاقها ونبلها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى في حالة اكمالها الدار بنجاح وتعيينها كمعلمة سوف تُدخل موردا ماليا حسنا ينقل العائلة من وضعها الفقير الحالي ما دون الصفر اقتصاديا الى حالة أفضل والمعلم آنذاك له مكانة وهيبة في نفوس الآخرين من هنا لن يتمكن أحد ان يتحكم في حياتها اضافة الى هذا ما لعائلتها من ثقل طيب ومكانة اجتماعية لائقة وحضور مميز لما تتمتع به من سماحة وحسن معاشرة وقدرة هذا الرجل من التأثير في محيطه وقد لاحظ مهند ذلك اثناء مروره بالسوق وعلاقة أبي مصطفى بالآخرين ،هذه الأمور قادرة على كم الأفواه ودرء الشبهات عنها فيما اذا تحدثت صبيحة أو ظهر منها شيء يوحي بذلك ...... أول عمل قام به مهند ذهابه الى محافظة السليمانية المركز والتقى هناك بلفيف من زملائه المدرسين الذين عيّنوا على ملاك دار المعلمات أو ممن كان محاضرا فيها وله علاقة طيبة بهم منذ تنسيبه الى المحافظة ... حاول ان يستثمر هذه العلاقة في الحصول على المناهج الدراسية المعتمدة في دار المعلمات للسنوات الثلاثة ، وقد حصل عليها فعلا وجلبها الى غرفته في حلبجة ...... مهند مهيأ لهذا الدور وهو خريج كلية التربية وقد أعدّ رسميا لهذه المهمة فقد درس فيها وطبّق طرق التدريس كما درس علم النفس اضافة الى مواضيع أخرى ، فليس من الصعب عليه ان يفتح دورة تدريبية لروناك في هذا المجال . وضع جدولا زمنيا دقيقا في توزيع محاضراته والقائها ورسم خطة تدريسية رائعة وعلى روناك متابعته وقراءة المواد واستيعابها وهو في عمله هذا حصل على فائدتين تهيئة روناك وتوسعة مداركها بشكل جيد قبل ان تطأ قدمها عتبة دار المعلمات وثانيا انشغالها بما ينفع والانصراف عما تفكر به من سوء العاقبة لما حدث لها من مكروه مستقبلا وتعيد بذلك شبابها وحيويتها ونضارتها ....ألتزمت روناك بما يملي عليها من أوامر وطلبات وشرعت تقرأ بشغف نهارا وليلا كما اعتادت عليه من قبل في غرفته ، طالبة ذكية تصغي لما يلقي عليها استاذها واتجهت الى العلم وحده ....... لم يكتف مهند بمعلومات المنهج الدراسي بل اضاف اليها معلومات أخرى مما قرأه هو في دراسته الجامعية أو من قراءته الخاصة مضيفا اليها ما في تجربته وتجارب الآخرين ليشد من عزمها وثباتها ....علّمها كيف تكتب الخطة اليومية للدرس والخطة السنوية لمجمل مفردات المنهج وقرن ذلك بالتطبيق وقد فرض عليها دروسا تطبيقية تلقيها على أخويها قمرية وعلي في غرفته وأمام عينيه ويتابع اداءها ويصحح ويقيّم طريقتها في تناول الموضوع والخطة . روناك التي كانت بالأمس معتكفة مجنونة لم تفارق مقلتيها الدموع عادت الى نشاطها وحيويتها في خدمة مهند مستغنية عن خدمات بديلتها أختها قمرية هي التي تنظف الغرفة وترتبها وتجلب له الشاي والفطور وبرغبة ورحابة صدر تنفذ أي شيء يطلبه... لم تقف روناك عند هذا الحد بل ذهبت الى أبعد من ذلك اظهار مفاتنها وحسن جمالها لاغرائه بغية ترغيبه في الزواج منها فاذا جلبت له الفطور اقتربت اليه كثيرا لتريه ترائبها وما بين نهديها واذا جلست أمامه تعمدت في جلستها ان تظهر له بعضا من ساقيها وفخذيها... أدرك مهند ما ترمي اليه وان روناك بريئة مما تعمل ولكن هذا بدافع وضغط من والدتها .... اذن لابدّ ان يضع نهاية لمثل هذه الأعمال المشينة وقبل ان يتسع الخرق على الراتق، قال لها بعدم رضا وقد كشفت عن ساقها عمدا ليراه اثناء جلستها :-
ــــــ روناك ، ابتعدي عن هذه الأعمال الصبيانية والطفولية ، أنت أكبر من هذه الصغائر، اجلسي بشكل طبيعي ، انا على يقين أنت لا تفكرين بهذه الطريقة، هذا تفكير الوالدة ، بلّيغيها ، لو كنت أسلك هذا الطريق لغيّرت أحوالك ، وأنا شاب أعرف طريق الرذيلة جيد ولكن لي دين وعرض وعائلة تمنعني أن أقوم بعمل قبيح دنيء لا يرضي الله ولا يرضى به العقلاء......هذه آخر مرة أسمح بها والا ــ والله العظيم ـــ أبلغ الوالد وأترك البيت الى الفندق ، تكبرين بعيني اذا كنت بنتا مؤدبة محترمة غير مبتذلة ....
لم تستطع روناك رفع رأسها خجلا ولم تحتمل ثقل كلماته ، تركت الغرفة وهي تقول :-
ـــــ العفو ، استاذ ، ما أقصد العفو
بعد ساعات قليلة عادت اليه نادمة خجلة على ما فعلت طالبة منه السماح :-
ـــــ استاذ ، انا اعتذر، صحيح لأمي دور في تصرفاتي ولكن اعذرني واعذرها ، هذا ما فكرت به وأنا مضطر على متابعتها ، اعذرنا ،استاذ ، ( ثم انتحبت باكية ).
ــــــ نعم ، أنا أفهم ما تريد الوالدة ،ولكن هذا الطريق صعب وأخطر من الأول ،اهتمي بالقراءة وتابعي المحاضرات وان شاء الله نجد حلا للموضوع .



(30 )
حادثة ثأر
عاد مهند من جديد ليلتصق ببيت أبي مصطفى ويقضي أغلب أوقاته في غرفته فقد أناط مهام حسابات النادي الى نائبه ولم يبق له إلا الإشراف فلم يعد يتأخر ليلا كما كان قبل موافقة الأب على ذهاب ابنته الى دار المعلمات .... استغرقت روناك جلّ وقته اِنْ لم تكن قد اقتسمت عطاءه مع طلابه واذا كان لطلابه وقت محدد لالقاء محاضراته وسماع أسئلتهم واستفساراتهم مقرونا بتواجده بالمدرسة ، فان لروناك الحق ان تسأله في أي وقت تشاء ليلا كان او نهارا في غرفته لا حاجز يمنعها عنه ..... بات لم يرَ زميله الدكتور الا لماما وكثيرا ما عاتبه على هجرانه وابتعاده وكانت حجته انه مشغول بين المدرسة والنادي والعمل مع روناك فليس لديه وقت للزيارة ..... ذات يوم ساقه قدمه لزيارة الدكتور في المستوصف بعد ان انهى محاضراته في مدرسته الساعة الحادية عشرة صباحا ، رأى ان يقضي وقته حتى الظهيرة موعد الغداء وجد المستوصف خاليا من المراجعين تماما والدكتور جالس وحده يقلب صفحات جريدة بين يديه ما ان رأى مهند مقبلا حتى رمى الجريدة من يده جانبا ونهض مستقبلا ومعاتبا ( قبل ان يؤدي سلامه :-
ــــــ اهلا ، اهلا وسهلا ياستاذ ، الكلب الي عظك قتلناه ، ( مثل في لهجتنا العامية)
ــــــ السلام قبل الكلام ، يا دكتور ، ارحمنا .
تصافحا وجلس مهند على كرسي كان فارغا أمام مكتب الدكتور ، أسرع الدكتور في سؤاله .
ــــــ خبّرني ، يا استاذ ، أين وصلت خطتك ؟ وما مدى نجاحها؟ وكيف حال البنت؟
ــــــ (مبتسما ) هوّن عليك . سؤال ، سؤال .
ــــــ جواب السؤال الأول، الحمد لله ، الخطة تسير بنجاح .
جواب السؤال الثاني ، تمكنت هذه الخطة المتواضعة من اخراج البنت من اعتكافها وخلعت ثوب الجنون .
جواب السؤال الأخير ، هي الآن بخير .
ــــــ ( صفق الدكتور ممازحا ) برافو . جيد ، تصلح ان تكون باحثا اجتماعيا .
ـــــ لا تنسَ يا دكتور نحن نقرن التربية بالتعليم هذه مهنتنا (متفاخرا).
ـــــ بعدك .... الى الآن لم تفكر بالزواج منها .
ـــــ لا أنكر ان روناك زوجة مثالية ، وانا أحبها ، وما مرّ يوم الا ازداد تعلقا بها.
ـــــ اذن ، ما المانع من الزواج منها ، البنت مظلومة ،ولك الثواب .
ـــــ لا أستطيع ، لا أقدر.
ـــــ هذا تناقض مع الذات ــ أحب البنت ولا أتزوجها ــ لماذا ؟
ـــــ عاطفتي تدفعني اليها بقوة ، جميلة عاقلة مؤدبة ــ سبحان الله ــ فيها كل الصفات النبيلة ، ولكن صوت العقل يمنعني وأعتقد انها رغبة تُشبع ثم تبدأ تعاستي وآلامي .
ــــــ لماذا هذه النظرة السوداوية ؟ هل أنت غير واثق من نفسك ؟
ـــــ لا ، يا دكتور ، أنا اليوم هكذا، ولكن غدا ما يدريك كيف أكون ؟ وهل البنت تثأر من الرجال بعدما أصابها من جور وظلم، وأكون انا الضحية . لا أستطيع .
ــــ على افتراض ان خطتك فشلت ولم تُقبل روناك في دار المعلمات، كيف تواجه الموقف ؟
ــــ لم أخسر شيئا ،البنت عادت الى حالتها الطبيعية ،هذا هو المهم، اما القبول ، أنا أسعى بكل جهدي والعون من الله ... كنت صريحا معها في هذا الاتجاه .
دخل عليهم فجأة ضابط شرطة وعددا من أفراده ، سلّم . ردّا عليه التحية ، خاطب الضابط الدكتور قائلا :-
ـــــ دكتور ، تفضل معي الى المركز ، عشرة دقائق فقط وترجع .
ـــــ خيرا ، ان شاء الله
ـــــ مشاهدة جريمة ، حادثة قتل .
ـــــ ممكن تأجيله ، لدي ضيف عزيز.
ـــــ عن أذن الضيف ، لا ، يا دكتور بسرعة ، عشرة دقائق، مشاهدة حادثة قتل حتى تزودّنا بعدها بتقرير اوشهادة وفاة، تفضلْ .
ـــــ( التفت الدكتور الى مهند معتذرا ) العذر عند كرام الناس مقبول. الموضوع خارج السيطرة ، أبق هنا ، انتظرني ، انا راجع .
جمع الدكتور وسائله الطبية، السماعة وجهاز الضغط وأوراقه وأودعها في جرّارات المكتب ثم نادى المعاون الطبي سعد الله وسلّمه مفاتيح المكتب وقال له :-
ـــــ اجلس هنا ( وأشار الى مكانه ) أنا ذاهب مع الأخوة عشرة دقائق وأعود .لم يقترب الوقت بعد الى منتصف النهار ، اصطحب الضابط الدكتور وخرجا معا سعد الله معاون طبي من محافظة ديالى أُبعد الى حلبجة لانتماءاته الفكرية ولكونه نشطا سياسيا هو وان لم يلتق مع مهند في الفكر الا انه كان حسن المعشر طيب الحديث يمتلك وعيا ثقافيا واجتماعيا حسنا أضفى على جلستهما جوا من المرح والمنفعة نسيا معه الوقت فقد مضى دون ان يشعرا به ومن دون قصد نظر مهند الى ساعته واذا به يقول لجليسه :-
ـــــ الساعة الواحدة والربع ، العفو تأخرت ، اسمح لي بالذهاب
ـــــ الى النادي
ـــــــ نعم
ــــــ انتظرني ، أحفظ الوسائل وأغلق الأبواب .
ـــــ انتظرك في حديقة المستوصف .
خرجا من غرفة الدكتور وبدأ سعد الله بغلق الأبواب وجمع الوسائل بينما يتخطى مهند في الحديقة واذا بسيارتين مسلحتين تابعتين الى قوة الشرطة تقفان عند باب المستوصف يترجل من أحدهما الدكتور ويتجه بسرعة الى غرفته مناديا سعد الله أن يفتح الباب ،أسرع اليه سعد وامتلأت أروقة المستوصف بعناصر الشرطة ، استغرب مهند من هذا المشهد واقترب الى ضابط صف كان على معرفة به قال له:- ماذا حدث ؟
ـــــ حادث قتل .
ـــــ في القضاء
ـــــ لا ، كان على الشارع الرئيسي بين القضاء والمحافظة .
دفع الفضول مهندا ان يخرج من باب المستوصف وينظر القتيلين على سطح السيارة المسلحة مضرجين بالدماء وقد جعل الرصاص جسمهما كالمنخل . اقترب مهند من ضابط الصف قائلا :-
ـــــ ماهذه الوحشية ؟ قتلة بشعة .
ـــــ يستحقان وأكثر
ـــــ ما ذا فعلا ؟
ـــــ هما مجرمان يا استاذ ، الشخص الذي لا يحترم أعراض الناس يستحق أكثر من هذا ،
ـــــ ماذا تعني ؟
ـــــ هذا سروان من الآغاوات والزناكَين في حلبجة شاب طائش مجرم دنيء يعتدي على أعراض الناس هو وسائقه ، قبل فترة خطفا شابة اسمها فاطمة واغتصبوها ولما عرف الأب قتل ابنته المسكينة البريئة في وقتها ، هذه تقاليد المجتمع القذرة، وما استطاع الأب ولا العشيرة ان يفعل شيئا للقاتل لأنهم ليس لهم القدرة لمواجهة عشيرة سروان وسائقه ، استهان سروان بعائلة الفتاة المغتصبة واستصغر شأنهم ولم يرسل عشيرته لتسوية الخلاف والأخذ من خاطرهم وارضائهم فيما يبدو لم يحتمل والد فاطمة ثقل العار واهانة سروان وعائلته لهم نصب له ولسائقه اليوم كمين على الطريق بين المحافظة والقضاء وقتلهم أبشع قتلة،أفرغ رصاص بندقية كلاشنكوف ومسدس في صدزيهما وسلّم نفسه الى الشرطة وخبّرنا عن مكان الحادث وذهبنا لجلب الجثث ، ونحن خائفون أن تهاجم عشيرة سروان المركز ويقتلوا الرجل ونريد تسليمه مع الجثتين بأسرع ما يمكن الى المحافظة ولذلك تلاحظ الضابط على عجل .
هنا أيقن مهند ان الذي اختطف روناك واغتصبها هو الذي اغتصب فاطمة فقد سمع هذا من روناك نفسها قالت ان أهلها قتلوها ولم يقدروا على الثأر من المغتصب . اقترب من غرفة الدكتور ورفع يده مشيرا اليه مودعا ، هو الآخر على عجلة ليوصل الخبر ، وليتأكد من أن الفاعل هو لاغيره ...... خرج الدكتور خلفه وبصوت عالٍ ناداه :-
ـــــ استاذ ، استاذ مهند ، انتظرني قليلا لا تذهب حتى أنهي شهادات الوفات .
ـــــ عندي شغل.
ــــــ لا تذهب ، تعال هنا ( بصوت آمر وكأن بينهما سرأ لا يعرفه سواهما )


يتـبـــــــــــــــــــــــــــــع

ملاحظة / صدرت رواية ( روناك ...... دمــاء ودمــوع ) عن شركة الغدير للطباعة والنشر
في آب 2013 في 184 صفحة






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-04-2014, 06:05 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
روضة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
تونس
افتراضي رد: رواية (روناك ... دماء ودمــــوع ج4 ) ح 29 ....



مرحبا أستاذ محمد وبرواويتك التي لا تخلو من جمال وتشويق,

محبتي واحترامي






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-05-2014, 10:02 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: رواية (روناك ... دماء ودمــــوع ج4 ) ح 29 ....

رواية ( روناك دمــــاء ودموعج ج4) 31و32
تأليف :- محمد السويجت

تابـــــــــــــــــــع

(31)
عاقبة المجرمين
كان مهند يتخطى في حديقة المستشفى منتظرا انهاء الدكتور عمله وكأن جمرا تحت قدميه يريد ايصال البشارة الى روناك وانها لأفضل رسالة تشنف سمعها في حياتها . بعد الحادث خرج الدكتور من غرفته مودعا الضابط وانطلق الأخير ومعيته كالبرق باتجاه المحافظة ، مسك الدكتور يد مهند وجاء به الى غرفته ، لم يجد مهند في نفسه الرغبة في الجلوس وكان يحدث الدكتور واقفا يهمّ بمغادرة المستوصف قال له الدكتور :-
ـــــ اجلس . يا استاذ
ـــــــ تأخرت كثيرا ، أريد أذهب الى النادي أأكل لقمة .
ــــــ هذه العجلة ، بشرفك ، للنادي أو الى روناك .
ـــــ بصراحة ، أريد أبشّر روناك وأقف على الحقيقة وأعرف هل هو الفاعل ؟
ـــــ اسمعني جيدا ، اذا كنت عازما على اخبار روناك ، احذر ان تنقل لها الخبر مباشرة .. اعمل مقدمات وهيئ الجو لسماع الخبر ، يمكن ان يحدث لها مالا يحمد عقباه ان كان الفاعل سروان نفسه ، احتمال يؤدي الى الوفاة .
ـــــ آمنت بالله أذهب الى بيت أبي مصطفى أولا ثم اتركه الى النادي بعد ان أبلغها بأن لدي بشارة لها .
ــــــ خير ما تفعل ، استاذ اكرر . احذرْ أن تبلغها الخبر مباشرة .
انطق مهند الى غرفته في بيت أبي مصطفى ناسيا جوعه يحدّث نفسه في الطريق:- الله سبحانه وتعالى ينتقم للمظلوم من ظالمه ، روناك بنت فقيرة مسكينة وبريئة .... لا أعتقد شخصا غيره انه هو سروان ...سمعتها مرة تقول الذي خطف فاطمة واغتصبها هونفسه خطف روناك .. كم تكون فرحتها عندما تعلم بهذا الخبر؟! الله يمهل ولا يهمل ، حاشا لله ان يترك الظالم يعبث في أرضه ..... دخل غرفته جاءت روناك كعادتها تسأله ان كان بحاجة للشاي فتعمل له أو شرب في النادي ، بادرته بتحيتها مستفهة :-
ــــــ السلام عليكم ، استاذ ، شربت شايا ؟
ــــــ تعالي ، اجلسي ــ حبيبتي ـ ( وأشار الى الكرسي )
ـــــ ما ذا جرى اليوم (باستغراب ) حبيبتي
ــــــ لم أأكل لحد الآن ولا لقمة ،وما ذهبت الى النادي ، الآن أذهب واذا رجعت أريد تعملين لي شاي طيب من هاذين اليدين الحلوين .
ـــــ الجاي السابق مو طيب ( غير طيب )
ــــــ لا، لا كل شيء منك طيب .
ــــــ (بابتسامة ) اليوم عبارات غزل وكلام غريب ما سمعناه قبل .
ـــــ اليوم كل شيء جميل عندي بشارة جميلة وكبيرة
ـــــــ البشارة لي ، حصّلت الموافقة على قبولي بدار المعلمات
ـــــــ لا ، البشارة أكبر من هذه وأكبر من الدار
ـــــــ اسمعها
ـــــــ لا ، أذهب الى النادي وعند عودتي أسمعك البشارة بشرط تعملين لي الشاي .
قام من مكانه لبس حذاءه وترك غرفته اما روناك بقيت ذاهلة مستغربة من تصرفات مهند واقعا كانت تصرفات شبابية صبيانية لم تعهدها سابقا فيه هو رجل وقور قليل الحديث يبتعد ما استطاع عن الكلمات الغزلية معها واليوم على خلاف ذلك تماما ، ماذا حدث ؟ ..... تركت الغرفة وعادت الى غرفة أبيها تحكي لأمها ما رأته من تصرفات مهند وان لديه بشارة لها وحدها ولم يكشف عنها وانما علّقها بخيط من الأمل .... لم يطل الوقت حتى عاد مهند من النادي جاءته روناك بشغف مستفسرة عما لديه من خبر وبشارة .. قال لها :-
ــــــ ليس الآن ، نشرب الشاي ونجلس ثم نتحدث .
ـــــ الموضوع يخصني ومتعلق بي .
ـــــ نعم
ـــــ اذا كان الموضوع يخصني لماذا لا تتكلم
ـــــ يا روناك ، يا حبيبتي ، بعد شرب الشاي
تركته قليلا ثم عادت حاملة صينية الشاي وكانت قد أعدّته قبل ذهابه، أخذ كوب الشاي وبدأ يشرب ببطء يطيل الوقت تنفيذا لما أمر به الدكتور وروناك تنتظر بفارغ الصبر .
ــــــ تكلم .
ـــــ نعم ، انتهي من الشرب .
ــــ الشرب يمنعك من الحديث
ــــــ اسمعي ــ يا روناك ــ انهيت اليوم دروسي في المدرسة قبل الساعة الحادية عشرة تقريبا ، قلت في نفسي أين أذهب؟ تذكرت الدكتور وعتابه لي رغبت في زيارته في المستوصف وجلسنا هناك نتحدث كثيرا وبالمناسبة سألني عنك وعن رغبتك في الدراسة والمتابعة ....
ــــــ هذا ، لا يهمني ، أريد أسمع البشارة .
ــــــ لا تستعجلي ....وبعد جلسة قصيرة تحدثنا فيها عن مواضيع مختلفة واذا بضابط الشرطة يدخل علينا ويطلب من الدكتور مرافقته لمشاهدة حادثة قتل وتنظيم شهادة وفاة لها ...اعتذر مني وقال :- ـــــــــــ عشرة دقائق وأعود
ـــــ ما علاقتي بحادثة قتل ؟
ــــــ ( استمر مهند في الحديث ) قلت لك لا تستعجلي ...جلست مع سعد الله المعاون الطبي بانتظاره وتمتد الدقائق العشرة الى ساعة ونصف ... عاد الدكتور والشرطة ومعهم جثتين في السيارة ، شاهدت الجثتين بعيني شابين يرتديان الزي الكردي ، القاتل كان قاسيا جدا ، الرصاص مزق صدريهما رسم عليهما شكل صليب قتلة بشعة ، بشعة جدا .
ـــــــ بالتأكيد ، المقتول مجرم ثم ما علاقتي بالموضوع ؟
ــــــ تريدين تعرفين من المقتول ؟
ــــــ ما حاجتي بمعرفته ؟ هذه نهاية المجرمين
ــــــ روناك ، المقتولين سروان و سائـــــ
لم يكمل مهند كلمة (سائقه ) حتى صرخت بصوت عال باكية :-
ــــــ يا رب ، أنت للمظلوم ، يا رب ، أخذت ثاري
بعدها سقطت أرضا وقد انتابها صرع شديد، ما أسرع وقد دخلت أم مصطفى الغرفة وكأنها على موعد مع الحدث وهي تقول بلهجتها العامية :-
ــــــ خويه، شسوت ، شنو قلتله ، ليش يا استاذ
ــــــ والله ، ما قلت شيئا ، قلت لها اليوم حصلت حادثة قتل ، أب قتل شابين لأنهم اعتدوا على شرفه قبل سنتين أو أكثر المقتول اسمه سروان وسائقه .....واذا بأم مصطفى هي الأخرى صارخة رافعة يديها الى السماء باكية وبدموع غزيرة :- يارب ، أخذت ثارنا ، انت للفقراء ، تعلم حالنا ، شكرا لك يارب ، شكرا لك يارب .....تركهما مهند يبكيان حتى ارتويا من البكاء كان مخزونا في الروح والقلب وآن له ان ينفجر....... شاكرتان الله على ما فعل بهؤلاء الظلمة ... نادى مهند أم مصطفى برقة ولطف :-
ــــ أم مصطفى ، خذي روناك ، للداخل وارتاحوا
اضطجع مهند على سريره وقد شاهد فعل الله بغريمه المجرم بارتياح وغبطة وأخلد في غفوة بسيطة ليريح جسده وفكره .......



(32)
عناق وأيّ عناق
شارف العام الدراسي 62/1963م على نهايته، وقد أكملت روناك دراستها على يد مهند وتهيأت لأن تكون معلمة ناجحة، واقعا هي الآن معلمة قبل ان تدخل دار المعلمات ، هي على معرفة تامة بطرق التدريس وايدائها وكذلك كتابة الخطة اليومية للدرس أو الخطة السنوية وما يشتمل عليه المنهج الدراسي من مفردات ... كل ذلك أنجزته أمام مهند بدقة وجدارة وقدّمت دروسا تطبيقية لأخويها علي وقمرية على أفضل وجه .
بعد مقتل سروان عادت الثقة الى ذاتها واستقرت حالتها النفسية ويوما بعد يوم يعيد لها القدر مفاتنها وجمالها فقد جرى ماء الشباب من جديد في خديّها وزالت عن وجهها القمري شيئا فشيئا صفرة الموت واذا بروناك تبدو أفضل مما يتصور الناظر " سبحان من صبّها في شكل انسان " هيفاء القامة ناهدة الصدر قدّها كالبان تتهادى في مشيتها كالغزال ، لها عين مهاة لا يستطيع مهند ان يحدق في عينيها خجلا ورهبة ......فقد تغيرت الحياة في نظرها وهناك أمل يشدّها اليه ... أ تصبح معلمة فعلا وتكون نظيرة لبنات الآغاوات ؟! هذا ما تحلم به آنذاك ...... ولم يأل مهند جهدا في تثقيفها وتوجيهها الوجهة الحسنة وحثّها على قراءة ما لديه من كتب ثقافية وأدبية وما يرفد به ثقافته الخاصة من كتب يجلبها من المكتبة العامة في المحافظة أو يشتريها من ماله الخاص ..... استوعبتها القراءة ولم تفكر يشيء سوى ان تكون معلمة .... سَحَرَ جمالُ روناك مهندا ونفذ الى شغاف قلبه بهدوء بعيدا عن ضجيج العاشقين وأناتهم .... ها هي تسلب قلبه الذي بين جنبيه وتخطف روحه الهائمة بميسها وتثنيها .... روحه التي أوقفها على العقل هروبا من العاطفة ، قتل العاطفة في ذاته بأسئلة واهية لماذا؟ وكيف؟ وأين ؟ ظنا منه ان العقل يؤدي غايته في هذا العالم مجردا .... وأيقن الآن ان من لايجعل للعاطفة موضعا ومكانة في حياته يهذّبها بعقله ويشذّب نوازعها وغاياتها هو كالحجارة ... تذكر بيتا من الشعر قرأه في حياته :-

اذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى ..
.. فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا
لا يرضى ان يكون حجرا في حياته وقد منحه الله نعمة العاطفة .. أكمل مهند تصحيح الدفاتر الامتحانية لطلبة الصفوف غير المنتهية ولم يبق في ذمته شيء من حسابات نادي الموظفين ولم يكلف في مراقبة الامتحانات النهائية ( البكالوريا ) بناء على اعفائه من قبل مدير التربية منذ تنسيبه لهذه المدرسة وعليه ان يرزم حقيبته ويعود الى بغداد لقضاء العطلة الصيفية بين أهله ومحبيه وعلى ثرى مدينة الجمال والسلام . ليلا أعدّ نفسه لهذا الغرض أملا ان يترك حلبجة غدا صباحاً .... زارته روناك لتودعه فقد لا تجد فسحة من الوقت عند الصباح لوداعه بحضور امها وابيها واخوتها ، ذرفت دموعها حزنا على بعده وشوقا اليه قائلة :-
ــــ استاذ ، انت أعدتني الى الحياة ثانية ، انا ميتة لا محال ، وربما مقتولة شر قتلة وكذلك غرست الثقة في نفسي وأخذتني الى شاطئك بسلام ... استاذ، لأهلك حق لا أنكره ولكن يصعب عليّ فراقك ( انتحبت باكية )
ـــــ ثقي يا روناك ان لك في قلبي مكانة ليس لأحد . ولكن ما زلنا في منتصف الطريق ولم تكتمل خطتنا ، هذه الغرفة مفتوحة أبوابها ، اقرئ كتب دار المعلمات مرتين ثلاثة حتى تستوعبيها بشكل جيد ، وهذه كتبي فيها ما تشائين.
ــــ ( قاطعته ) استاذ موضوع الدار وقبولي ، كيف أعرف ؟
ـــــ انتبهي جيدا ، انا ذاهب الى السليمانية اذا حصلت موافقة بالقبول أرسل لك خبراً ، وكل الذي تعملينه ان تذهبي الى المدرسة وتطلبي من الادارة ان تنظم لك وثيقة تخرج معنونة الى دار المعلمات سوف تطلب منك المديرة صورة او صورتين، بعدها اتركي الأمر الى ان أعود .
ــــــ واذا ما جاء ني خبر .
ـــــ يعني دار المعلمات لا تقبل خريجات السنوات السابقة ،وهذا خارج عن ارادتي، أملي بالله كبير ان تقبلي ، أكثري الدعاء . عند عودتي في السنة القادمة أرتب الأمور ان شاء الله .
طال الحديث بينهما بين أنة ودمعة ، ترى فراقه عليها صعبا لا تطيقه ، تجاوز الوقت بهما منتصف الليل عندها قالت له بحسرة:-
ــــــ بودي لا أتركك ولكن لديك غدا سفر... أتركك تنام وتصبح على خير ، اسمح لي أن أعانقك عناق أخت لأخيها لحظة الوداع . عانقته وذهبت .....

يتبــــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
قديم 21-07-2014, 05:00 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد السويجت
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: رواية (روناك ... دماء ودمــــوع ج4 ) ح 29 ....


تابـــــــــــــــــــع
رواية (روناك .... دمــــاء ودموع ج4) ح33 وح34

(33)
لقاء الأمل
صباحا غادر مهند مرأب القضاء قاصدا محافظة السليمانية وحين وصوله المحافظة اتجه الى فندق العراق ليأخذ قسطا من الراحة ويترك حقيبته هناك ثم يذهب الى مديرية التربية لعله يجد استجابة لطلبه في قبول روناك في دار المعلمات العام القابل .....حدّث نفسه وهو في طريقه :- قال لي بالحرف الواحد استاذ موسى قبل ثلاث سنوات حين تنسيبي الى ثانوية حلبجة :-
ـــــ اذا حدثت لك مشكلة أو مرّ بك موقف صعب مرْ عليّ ، اساعدك ان شاء الله .هذا وعد منه ،هل يفي بوعده ؟ لم أطلب منه شيئا خلال تواجدي في القضاء ، والآن طلبي قبول روناك .
اتجه الى غرفة المدير وطلب من السكرتير مواجهته، أمهله قليلا ثم سمح له بالدخول ... سلّم استقبله بحفاوة وترحيب يتذكره ولم يغب عن باله فقد زار مدرسته قريبا وأوصى المدير به خيرا .... سأله عن المدرسة والقضاء وعن وضع كادرها التدريسي فما قال الا جميلا ... قال له استاذ موسى :-
ـــــــ استاذ ، يبدو تعبت كثيرا تريد ان تنتقل الى بغداد ، انتظر وصول استمارات النقل بين المحافظات وانا حاضر .
ـــــ شكرا استاذ ، ما جئت لهذا الموضوع اطلاقا .
ــــ تفضل . اذا كان عندك موضوع ، تكلمْ .
ــــ استاذ ،ما جئتك لنفسي ، انا مرتاح في المدرسة والحمد لله وليس لي رغبة في النقل الآن ولكن جئت في موضوع آخر ، جئتك يا استاذ من أجل ان تنقذ حياة عائلة بكاملها تنتشلها من حالة الفقر والعوز والأمر بيدك ومن صلاحياتك وهذا عمل خير ، وانت جدير بالقيام به .
ـــــ اذا عمل خير نسأل الله ان يجعله من نصيبنا ، واذا كان من صلاحياتي أنا حاضر ، واذا خارج صلاحياتي أحاول المساعدة بكل ما أستطيع .
ــــــ استاذ ، أنا ساكن خلال هذه الفترة مع عائلة فقيرة وانا على علم ومعرفة بوضعهم ــــ ثق بالله ـــ من الصعب ان يجدوا قوت يومهم ..... وعندهم بنت شابة تخرجت العام الماضي في الصف الثالث المتوسط بمعدل (86) ما استطاعت تكمل دراستها وجلست في البيت .اتمنى يا استاذ ان تقبلها في دار المعلمات ، وهذا من صلاحياتكم ولك فيها أجر كبير وثواب من الله ، اذا تخرجت معلمة وتعينت تنقذ حياة عائلة ، عائلة أكثر من عشر نسمات-
ــــــ من أجل هذا الموضوع جئت من حلبجة ؟!
ـــــ نعم، بالمناسبة أنا تعبت معها وأعددت منها معلمةناجحة، درستها كتب الدار طرق التدريس وكيفية كتابة الخطة التدريسية وعلم النفس وجميع مفردات الدار ، بصراحة هي الآن معلمة قبل ان تدخل الدار ..... بامكانك استاذ ، ان تمتحنها أو تعرضها على لجنة لتتأكد من صحة كلامي .
ـــــ عفوا ، كلامك ثقة ، لا أشك فيه اطلاقا ، ولكن أقف باجلال أمام مدرس مثالي تربوي بحق ...واقعا أثبتت لي انك مدرس تربوي فعلا مزجت بين عملك التدريسي والتربوي ... بارك الله فيك . في بداية العام الدراسي القادم تأتيني هنا وتأتي بالطالبة معك .. واعتبرها من الآن مقبولة .
ـــــ شكرا استاذ ،جزاك الله خيرا .
وعند مغادرته الغرفة كرر عليه المدير قوله :- لا تنسَ ، تأتي بالبنت معك . خرج من غرفة المدير ولم يُصدّق أذنيه وقد غمرته فرحة عارمة سيطرت على كيانه أجمع وأحاسيسه ،ها هو قد نجح في خطته وما رسمه لروناك من مستقبل ، تمنى لو يستطيع ان يعود الى حلبجة من جديد ويُبشرها بقبولها في دار المعلمات لكن الأمر صعب ومتعب ... ذهب الى دائرة البريد واتصل بأحد أقاربها في دائرة بريد القضاء وطلب منه ان يوصل الى والدها أبي مصطفى خبر قبولها في دار المعلمات في العام القادم .كما صادف في مرأب المحافظة رجلا من معارفهم يشتغل في السوق أبلغه الخبر شفويا ولم يكتف بذلك وانما أعطاه ورقة وأكد عليه ايصالها الى أبي روناك كتب فيها ان تعمل روناك وثيقة تخرج دراسية معنونة الى دار المعلمات في السليمانية ...بعدها غادر السليمانية الى بغداد..... وكالعادة شغلته بغداد بمفاتنها وجمالها ،وانهال على بيته رفاق زقاقه وزملاء دراسته ، اشتروا منه وقته من غير قصد حتى لم يعد لديه من الوقت ما يفكر في روناك تلك الروح الطيبة البريئة والتي جار عليها الظالمون .
(34)
هكذا هو الحب ؟!!!!!
في منتصف أيام شهر أيلول 1962م حمل مهند حقيبته مودعا أمه وأخوته قاصدا قضاء حلبجة حيث يبدأ العام الدراسي الجديد62/1963م ... ما أقصرها من عطلة صيفية ! مرت مرور سحابة بين شارع النهر والرشيد ومقاهي وكافتريات أبي نواس وثلة من الرفاق أحاطت به في كل هذا الوقت ... أخذ مكانه في سيارة الأجرة لتنطلق به من مرأب (النهضة ) في بغداد الى السليمانية عندها عادت الى ذهنه روناك بعد غياب لم يكحل عينيه طيفها ولم يخفق قلبه لذكر اسمها وكأن العطلة الصيفية في بغداد مقبرة لذكريات حلبجة ، نعم بتواجدها قربه وخدمتها اياه يكون لها حضور في قلبه اما وقد بعدت غاب عندئذ كل شيء ...وشرع يلوم ذاته بذاته مرددا بصمت خشية ان يسمعه الجالسون بقربه من الركاب أو يثير انتباههم :- ــــــ عندما أكون بحاجة اليها ترنق صورتها جفنيّ حيث تلتصق في المقلتين لا تفارقني أبدا ويشنف أذني عذب صوتها فتملأ غرفتي نورا وحنانا .. أهذا هو الحب أم هكذا هي الدنيا ؟!! ... أين ذاك الحب الذي صدحت به لها ولذاتي ؟ لماذا أرقت عيناي وذرفتا الدموع وتقلبت على جمر الغضا ليالي وأياما حزنا عليها وبحثا عن حل لمحنتها ؟ لماذا اشتعلت الغيرة في قلبي من الغريم الفاعل ؟ وأيّ حقد وضغينة حملتها بين جوانحي متمنيا عليها ان تساعدني وتعترف لي بذكر اسمه لأخذ ثأري وثأرها جزاءً لما فعل قبل ان يلقى مصيره الأسود على يد والد فاطمة ؟ لماذا كل هذا العذاب؟ أكان هذا حبا أم دافعا انسانيا ؟ فان كان حبا أين انت من العاشقين؟
خيالك في عيني وذكرك في فمي
ومثــــــواك في قلبي فكيف تغيبُ

غاب خيالها وما مرّ ذكرها على لساني وأدّعي اني أحبها ... اجتاحه شعور بالندم و التقصير ، انّ ما حصل لها لم يعد مانعا من زواجها وان كان مانعا لا يعني ذلك نسيانها والغاء وجودها ...انها قسوة القدر يشتعل القلب حبا برؤيتها وينطفئ اوار ناره في غيابها .. انه الظلم بعينه .. هذا قدرك ياروناك
واذا بصوت السائق يناديه :- استاذ ، وصلنا اتفضل انزل .
ــــــ عفوا أخي ، كنت غائبا عن الوجود فيما يبدو شارد الذهن .
ـــــــ الله يعينك يا استاذ
قضى عصر ذلك اليوم في فندق العراق في المحافظة وفي صبيحة اليوم الثاني توجه الى حلبجة حيث سجل مباشرته في المدرسة ثم ذهب الى مسكنه وملاذه الى غرفته في بيت أبي مصطفى . استقبلته العائلة وأحاطت به احاطة السوار بالمعصم سائليه عن حال والدته واخوته وعن العطلة كيف قضاها ؟.... كلهم فرحون بمقدمه الا روناك كانت فرحتها مشوبة بشيء من القلق وعدم الارتياح كانت أكثرهم صمتا تنظر الية بعين تستجدي منه الرحمة علّه ينقل لها خبرا يسرها ويثير كوامن الأمل في ذاتها سألها مهند :- روناك ، أكملت الوثيقة .
ــــــ أعطيت صورتين للمديرة وقالت لي :- هذا هو ، البقية علينا نحن نرسلها الى الدار ( استمرت في كلامها غير راضية وكأنما تشعره بنكثه وعوده ) البنات قدمن أوراقهن وفايلاتهن ، اسبوع كامل يشتغلن في المعاملة بين حلبجة والسليمانية ، انا ما عملت شيئا ..
ابتسم مهند وقال:- هذه مسائل بسيطة ،كوني مطمئنة ، انت مقبولة ان شاء الله .
التفت الى أبي مصطفى وكان جالسا الى جواره يصغي الى تساؤلات روناك بابتسامة عريضة قال له مهند :-
ــــــ ياعم ، ان شاء الله ، غدا نذهب الى السليمانية ، احتمال كبير جدا ، لا نستطيع ان نكمل المعاملة في يوم واحد ربما نحتاج الى يومين أو أكثر نضطر الى المبيت ... هل تعرفون أحد هناك ؟
ــــــ خالة روناك، في مركز المحافظة ، تذهب الى بيت خالتها .
ــــــ جيد ، أريد واحدا من أخوانها يذهب معنا مصطفى أو علي
ــــــ علي
ـــــــ روناك ، تأخذين الجنسية وتعملين صور اضافية ربما نحتاج للمعاملة ، مفهوم ، لا تخافين أنت مقبولة .....
لم تعد تصدق ما سمعت من فم مهند (أنت مقبولة ) هل هو جاد فيما يقول ، هي أمنية شاء الله ان يحققها ويجعل من مهند وسيلة لذلك ..غدا تذهب معه الى السليمانية، محافظتها التي لم ترها قط، تعرف ان لها خالة هناك ولكن أين هي ؟ ...قبل نومه ليلا جاءت الى غرفته وسألته ان كان يحتاج الى شيء ، قال لها :-
ـــــ نعم، تفضلي اجلسي .
جلست على سجادة فرشت على أرضية الغرفة ، نهض مهند الى حيث علق قميصه على جدار الغرفة ليخرج مبلغا من المال ويرجع الى سريره ، قال لها :-
ـــــ الصبح ، ان شاء الله ،نذهب سوية أنا وانت وأخوك علي ... افهميني جيدا .. أنا أخشى ان يراني أحد من أفراد قوميتك يغار أو يداخله الشك فيحمل علي حقدا، انا في غنى عنه .... اذا خرجنا من باب البيت كأنك لا تعريفيني ، انا في طريق وانت في طريق آخر حتى نصل الى كراج (مرأب ) القضاء ، اذا ركبت سيارة فاركبي انت فيها ، انا كأيّ راكب جالس في السيارة ، هاك ( سلّمها المبلغ ) ادفعي أنت اجرتك واجرة اخيك وانا أدفع أجرتي لوحدي ...... كوني حذرة حتى اذا وصلنا الى المحافظة ...... واضح .
ــــــ ان شاء الله ، مثل ما تريد .
ـــــ على فكرة ، ربما نحتاج أكثر من يوم ،خذي عنوان بيت خالتك من أبيك ، احفظيه والأفضل ان تسجليه ...
ــــــ ان شاء الله
وعملا بخطة مهند خرجوا في صبيحة اليوم الثاني الى مرأب القضاء ومنه الى المحافظة

يتيــــــــــــــــــــــــــــــــــع






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:20 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط