|
⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-07-2015, 12:24 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الحبل في اليد الخطأ.
درجة الحرارة صحراوية، والسماء صافية، والشمس ساطعة بهدوء مزعج، كل الحاضرين تنزُّ جباههم بحبات كريستالية تنزل بهدوء على جباههم، فتمتد أياديهم بحركة آلية وتمسحها من غير تفكير.
تعوَّد الناس في هاته الربوع على الأعراس خريفا بعد بيع غلة التمر وأنواع الخضر التي تـُزرع، هذه العادة تغيَّرت بعد أن خف ارتباط الناس بالأرض، إلى التجارة والصناعة والفلاحة بآليات متطورة. صارت الأعراس طيلة أيام السنة، ونحن هنا ملتفون حول موائد خمسة خمسة، تتدافع الأطباق تبدأ بالجاري ثم الوجبة الأساسية مرقة زيتون تتخللها كراة لحم مفروم مفتولة بشكل متقن، مرشوش عليها أصابع البطاطا المقلية ثم يؤتى بالسلطة والفواكه، وأصوات ترتفع هنا وهناك: هات الخبز ... الماء ... الماء ... أنتم شكلوا خماسيا ... الحرارة تشتد مع تقارب الزوال وتزداد الشمس سطوعا، والمراوح الموزعة لترويح المساحة المزدحمة بالآكلين لا تكاد تفعل شيئا... هنا كل الناس متشابهون، فلا فضل لأحد على أحد كأنه يوم الحج، من عادة الناس هنا ألا فرق بينهم في المراتب يوم السوق وفي ولائم الأفراح نفس اللباس ونفس الطعام. ينتبه الحاضرون للوفد المميز القادم، إنهم كبار أهل العرس مع إمام المسجد الذي سيتولى مراسيم عقد الجماعة كما جرت به العادة بعد رفع الموائد، وانتظام الناس في حلقات يتلو بعضها بعضا في قبالة الشيخ وأولياء الفرح. في حضور شيخنا لن تسمع دفا ولا مزمار، وبعد انصرافه ترتفع الأهازيج عبر مكبرات صوت تسمع الآذان الصماء. يدخل "حماني" العرس، حماني ليس اسمه ولكنه اسم "التربيج" وفي يده حبل أخضر بطول مترين تقريبا، لا يدرك الوليمة ولا العقد، فيقول: فاتنا الرسمي. "حماني" مربوع وفي مرحلة وسطى من المراهقة، تغلب عليه السمرة، حركاته وكلامه غير منتظم وإن كان مفهوما، وعلى سامعه ألا يركز طويلا مع حديثه فلن يجد علاقة بين أوله وآخره وسيتوه في اللامعنى. يذكرني حديثه بدعاة الحداثة الذين يرصفون الكلمات بجوار بعض ثم يطلقون عليها إبداعا. ثم قال: بعض المال ولا الكل... لوَّح بالحبل في الهواء وأخذ يرقص بشكل جنوني وما بين الموسيقى ورجلاه شيء يسمى اللاعلاقة، والراقصون يتحاشونه مخافة لسعة من الحبل الذي يدور كالمروحة في يد شخص يعتبره الناس مرفوعا عنه القلم. هذا الفتى منذ دخل سنة أولى ابتدائي وحالته العقلية تتدهور ولم يُجْدِ معه طب ولا رقية... وشاع بين الناس أن بعض شياطين الإنس يجربون عليه بعض الموبقات المستحدثة من خمور ومخدرات، وشدد عليه أبوه الحراسة ووضع في كل زاوية عينا، وتطوع آخرون للمراقبة ولم يـُر عليه شيء. حنان الأب لم يتوقف عند الطب والرقية بل فكر في شيء آخر، اتصل بأحد معارفه ليشغله عنده، استغرب الرجل ما الذي يمكن "لحماني" أن يفعله؟ الأب لا يهمه العمل بقدر ما يهمه "اللهوة" كما كان يسميها، حتى ينتظم وقته في الدخول والخروج ولا يبقى له وقت فراغ يقع فيه ما لم يكن في الحسبان، والوالد هو من سيدفع مرتبه. يرتفع آذان الظهر فيتوقف العزف، وتتوقف معها حركة "حماني" يلتفتُ يمينا ويسارا ويسيخ السمع فيتردد الآذان في صوان الأذن منحشرا إلى الداخل يجمد مكانه كتمثال برونزي بسمرته حتى: لا إله إلا الله. ثم يتحرك خارجا، يسأله أحد العابثين: وها الحبل؟ فيرد حماني من غير أن يلتفت: سأنتحر. يضحك الحاضرون لجوابه. الشباب في لهوهم، والمصلون منصرفون من المسجد في حمى الظهيرة، وصراخ يندفع من بيت "حماني"، وهرج في الشارع، وأمام البيت ازدحام، وآخرون يجرون صوب الصوت الممزق للقلوب... لقد فعلها "حماني"، وترك ورقة صغيرة بخط مخربش مضطرب كخط الخائف: سامحيني يا أمي. |
|||
25-07-2015, 01:43 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الحبل في اليد الخطأ.
أتفق مع أخي عوض
قلمك سرديته ذات نفس روائي يبدو لي الباقي سيتبع؟؟
|
||||
25-07-2015, 01:58 AM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: الحبل في اليد الخطأ.
أعتقد أن النص انتهى بقفلته الجميلة وهي انتحاره كما أخبرهم ولم يصدقه أحد
نفس جميل في القص والسرد ولكن أتمنى من أخي الكاتب زكريا نوار أن أجد سعة الصدر عنده لأقول بأن النص شابه تكرار لبعض المفردات وإسهابا في التفاصيل ودخول كثير في اللغة الشعبية النص بحاجة للتشذيب ومراجعة وأعتقد جازما بأن من يمتلك هذا النفس في السرد قادر على أن يخرجه بثوب يليق به أعذر مشاكستي هنا وبكل صدق قلت رأي متذوق للأدب وبعيدا عن المجاملة التي تضر الكاتب والمتلقي مودتي |
|||
12-02-2016, 04:32 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: الحبل في اليد الخطأ.
أحلى مشاكسة أستاذ خالد
بمشاكستكم نرتقي دمت |
|||
|
|
|