قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :عبدالرحيم التدلاوي)       :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :إيمان سالم)       :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-02-2015, 04:18 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

عبدالرحيم التدلاوي متواجد حالياً


افتراضي قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

شعرية الاخـتــزال: قراءة في (شفاه الورد) للقاص عبد الرحيم التدلاوي
د.مصطفى الشاوي

"سرت في الظل حتى سكنني..اتخذت بحكمة لغة الصمت.." عبد الرحيم التدلاوي

في القصة القصيرة جدا لا تتحقق شعرية الاختزال فكريا فنيا جماليا مع كل نوع من أنواع هذا الجنس الأدبي الضارب في الصغر لأنه مرْكَبٌ صعب لا يمتطيه إلا من أوتي أسرار السرد ومن تمكن من اللغة وتحكم في أساليبها واستوعب الواقع وأدرك مكامنه الدفينة وأسراره الخفية.
حقق القاص عبد الرحيم التدلاوي تراكما ملحوظا في مجال القصة والقصة القصيرة جدا بحيث أصدر "الطيور لا تنظر خلفها حين تحلق" سنة 2013 و"طنين الشك" سنة 2013 و"وجوه مشروخة" سنة 2013 و"أنامل الربيع" سنة 2014 ثم "شفاه الورد" سنة 2014، موضوع هذه القراءة التي سنحاول من خلالها التعرف على القصة القصيرة جدا عند الكاتب من حيث مقوماتها الفكرية والفنية والجمالية.
ومنذ البداية نفترض استنادا إلى هذا التراكم أن يكون النص القصصي القصير جدا قد حقق على يد القاص عبد الرحيم التدلاوي تقاليد كتابية مكينة واكتسب خصائص فنية مائزة وأن الكاتب ولا شك يصدر عن تجربة كبيرة ودراية عميقة وخبرة واسعة وإدراك رصين لمقومات هذا الجنس الأدبي الوليد اللحظة.
ومعلوم أن قراءة كل عمل تختلف باختلاف القراء والمنظورات المنهجية المعتمدة وزمن القراءة التي يحين فيها القارئ نصه المقروء، وما دامت كل قراءة ملزمة بالإفصاح عن مفاهيمها وتصوراتها، وما دام الاختزال خاصية مميزة للقصة القصيرة جدا فإن رهان هذه المقاربة أن تقف عند جمالية الاختزال ومستوياته المختلفة مع العلم أن هذا المفهوم يستدعي خاصيات فنية أخرى يتميز بها النص القصصي القصير جدا كما سنوضح في حينه.
عنوان المجموعة القصصية مركب إضافي أضيفت فيه كلمة (شفاه) إلى (الورد) وتفيد الإضافة التخصيص، ذلك أن كلمة شفاه كلمة نكرة مفتوحة على كل كائن يمتلك فما إلا أن إضافتها إلى الورد تطرح سؤالا حول حقيقة امتلاك الورد للشفاه، أي هل الكلمة مقصودة في معناها المباشر والحقيقي أم تنزاح عن هذا المعنى الأولي إلى معناها المجازي؟ وما دامت الشفاه تستدعي كيان المرأة باعتبارها رمزا للأنوثة والخصوبة والجمال فهل الورد مقصود في ذاته باعتباره نبتة أم تراه رمزا للمرأة والحسن والجمال؟
بعد هذا الاستطراد يلجأ القارئ إلى عناوين قصص المجموعة الإحدى والسبعين فلا يجد فيها ما يتقاطع دلاليا بشكل مباشر مع العنوان المركزي مما يؤكد أن العنوان إطلاق مجازي يشمل نصوص المجموعة كلها، وما دام السرد نبس وكلام ولغة وما دامت الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة فإن مثل نصوص عبد الرحيم التدلاوي القصصية القصيرة جدا كمثل الورود الجميلة التي تصدر عن شفاه كلماتها مضيئة وهمساتها بليغة نطقها بيان.
وعندما يلاحظ القارئ لوحة الغلاف يجدها تنسجم مع العنوان المركزي على مستويات متعددة إذ تتضمن اللوحة ورودا بيضاء يحفها الاخضرار والسواد وقد تم توزيع الورود على فضاء اللوحة وفق تشكيل جمالي بحيث غطته كله وعلى كل وردة تم رسم شفاه حمراء وأطّرت ضمن مربعات ومستطيلات مما يدل على فرضية الشكل التركيبي للتشكيل الفني في بعده الجمالي على مستويات متعددة.
تشغل نصوص المجموعة إحدى وسبعين صفحة بمعدل نص قصصي قصير لكل صفحة باستثناء الصفحة السادسة والعشرين التي تتضمن نصين قصصين. وتشغل النصوص وسط الصفحات، وقد وضع القاص لكل قُصَيْصَةٍ عنوانا وجاءت أغلب العناوين مختزلة في كلمة واحدة (عبث، زهو!، طوق، جزاء، الشطار، ميلاد، انقشاع، قسم، دورة، نطع، درويش، مهارة، مبايعة!، حكيم، قحط، استقامة، انتصار، رحيق، ضياء، اندحا..، رؤيا، صرخات، حنين، استيقاظ، تخيل، مداهمة، جدار، فراغ، دموع، محنة، خوار، انتظار، تعديلات..، عصف، رقصات، عنت، أسماء، انتظار، شبع، الضحك) وبعضها في كلمتين (الملك الضليل، المحارب الجديد، خبر عاجل، عسل الحبيب، ذات نجمة، سنابل السنابك، إصلاح اعوجاج، الحد الفاصل...، فيض محبة، رقص الوضوح، صدى تجربة، سفر سعيد، طفل الليل، ضيق صدر، أسلحة صديقة، سقوط الريش، قرارات مبعثرة..، داء الدواء، عودة المكبوث، اختيار مر، عنف الأمكنة، لقطة كبرى، تقشير العالم) وقليلها مختزل في ثلاث كلمات (البحث عن الجودي، شيء من حتى، البؤرة والهامش، قارورة أوحنين، النص وبه تعديل، البدوي والناطحة) مما يدل على أن صفة الاختزال سمة مركزية في العناوين أيضا تعمد التأشير والإيحاء والترميز أكثر مما تعتمد المباشرة والتحديد .
* ـ اختزال الحدث:
يتقلص فضاء الكتابة باختزال اللغة في القصص القصيرة جدا ويتقلص معه شكل القصة وحجمها، فإذا كان حضور الفضاء ضروريا ما دامت القصة القصيرة جدا هي حدث قام به شخص وقع في زمان ومكان ما فإن حضور كل هذه العناصر الفنية في القصة القصيرة جدا ليس ضروريا فقد يغيب بعضها أوجلها، وهذا أمر ملزم للكاتب وإلا لما وسمت بصفة قصيرة جدا، ويتطلب هذا من القارئ ملء الفراغات وتحديد العناصر غير المحددة، فاللاتحديد خاصية من خصائص النصوص الأدبية والفنية عموما، وهي تحضر بقوة في القصة القصيرة جدا عندما تغيب بعض العناصر عن قصد وسبق إصرار فني.
تعتمد القصة القصيرة جدا على تكثيف الحيز اللغوي الذي ينسجم مع اختزال العناصر الفنية الأخرى المشكلة للنص القصصي فينعكس الزمن على شكل ومضة خاطفة، وعندما تستغرق الأحداث زمنا طويلا يتم اختزاله وتقليصه بالحذف والأمثلة على ذلك كثيرة بالمجموعة.
كما يتم الاختزال بطرق فنية أخرى كأن يتم بدء النص بوقوع الحدث بشكل مفاجئ ودون مقدمات أو جمل تمهيدية وهو ما نجده في كثير من القصص القصيرة جدا عند القاص عبد الرحيم التدلاوي الذي يعمد إلى تصوير الومضة الدلالية على عجل تصويرا لغويا خاطفا وسريعا ومن أمثلة ذلك "من أنت" (ركبت صهوة اللغة.. أمسكت بأعنة الاستعارة.. ورمت الاكتشاف.. آه! كم هي صعبة الرحلة.. إلي..) ص10.
وقلما نجد نصوصا قصصية في مجموعة "شفاه الورد" تمهد للومضة الدلالية كما هو الأمر في قُصَيْصَة "دورة" ( ذات صباح ربيعي رائق.. خرجت بصحبة كلبي للاستمتاع ببحيرة. تحف بها حدائق ذات ورود. نظر إلي كلبي مستغربا وقد قرع سمخه لهاثي المتزايد.. أطرافي تقلصت، تدلى لساني، واحمرت عيناي... لما أقعيت منتفض الجسد.. نظر حوله باحثا.. ثم أطلق سراحي..!) ص20، حيث يمكن اعتبار الأسطر الأولى تمهيدية يمكن الاستغناء عنها لتكثيف النص أكثر .
وكغيرها من القصص القصيرة جدا تنبني القصة عند عبد الرحيم التدلاوي على المفارقة التي تؤطر اختزالها الدلالي من حيث طريقة بناء النص الذي ينحو منحى الشكل العمودي بدل البناء التعاقبي الذي يعمد القاص إلى تكسيره ويلمس القارئ هذا الملمح في طريقة توزيع السواد على البياض كما يعكس هذا الشكل المميز للنصوص جوهرها الدلالي الذي يجعل الحكي مكثفا جدا إذ يراكم القاص جملا بعضها فوق بعض ويترك فراغات كثيرة دالة على الاختزال.
* ـ اختزال الزمن:
تعتمد القصة القصيرة جدا في مجموعة "شفاه الورد"على التكثيف الزمني ويتساوق هذا التكثيف وينسجم مع تكثيف العناصر الأخرى المشكلة للقصة فتعكس الزمن على شكل ومضة خاطفة وحتى عندما تستغرق الأحداث زمنا ممتدا يتم تقليصه وتكثيفه بالحذف والاختصار والصمت، مثال ذلك قصيصة "الملك الضليل" التي يختزل القاص زمنها ومساحتها بتقنيات فنية دقيقة، يقول: سيدي..يا سيدي..قضموا أطرافا من مملكتك.. داهموا أهم مدنك.. يحاصرون عاصمتك.. دخلوا فاتحين سيدي.. تأمل السلطان جواريه الحسان وقال: سنـ.. سنغادرها.. ونغلق عليهم الأبواب.. ص9.
وما يوجز الزمن ويكثفه وقوع الأحداث في نصوص عبد الرحيم التدلاوي بشكل مفاجئ ومباغث وكثيرا ما يجد القارئ كلمة (فجأة) أو ما يفيدها والتي تدل على المباغثة وعدم توقع الحدث واندهاش القارئ مما يقع؛ "فجأة تساقطت أمطار طوفانية، وعم السكون.." (البحث عن الجودي) ص6، وقد تستعمل بمرادفات مشابهة مثل (لحظة) "للحظة عم المكان ظلام رهيب.." (انقشاع) ص16، وقد تحذف وتفهم من سياق السرد ومن التطور السريع في وقوع الأحداث وصيرورتها "نظر إلى الواقع من كل الزوايا.. رآه معوجا.. بعد تفكير سريع.. قرر تقويم نفسه.." (إصلاح اعوجاج) ص26. ولنا أن نلاحظ كيف تحولت الشخصية المعنية بالحكي في هذه القصة من حالة التأمل في اعوجاج الواقع إلى التأمل في النفس باعتبارها مصدر الاعوجاج والحال أنها في حاجة إلى تقويم.مصداقا لقول الله عز وجل "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" القرآن الكريم: سورة الذاريات الآية:21.
يحس القارئ عند قراءته لقصص عبد الرحيم التدلاوي القصيرة جدا أنها تختزل ثلاث لحظات زمنية سريعة وخاطفة وهي البداية التي غالبا ما تسعى إلى إقحام بل توريط القارئ في وضع إشكالي أولي وكأنها بذلك تضع القارئ على استعداد لاستقبال ما سيأتي. أما اللحظة الزمنية الثانية الخاطفة فتبرز في خلق المفاجأة التي تنشأ عن انعطاف مباغث في الحدث فيتشاكل الحدث، وتأتي اللحظة الزمنية الثالثة حيث تختم القصة بعبارة دالة على استنتاج فكري أو فلسفي فتأتي هذه اللحظات مندمجة عبر حيز قصير جدا.
تأتي المتواليات قصيرة وسريعة ويستغني القاص عن الروابط في كثير من الأحيان وقلما يستعمل أحرف العطف التي تستغرق الزمن ولو واو العطف التي تفيد مطلق الجمع ليتقلص حجم النص وليختزل الزمن في ومضة خاطفة وتقل حروف العطف فلا يستعملها القاص إلا لماما. يقول في نص تحت عنوان "انتصار" (حين يستبد بها الأرق.. ترتشف من كأس الذكريات.. بعضا من نسماته..لحظتها تتلون سماؤها بالفراشات..) يلاحظ القارئ خلو النص من حروف العطف وانتهاء كل متوالية بنقط الحذف التي تفصل وتربط بين أربع متواليات المشكلة للقصيصة وكلها مؤشرات تدل على الاختزال.
* ـ اختزال الرؤيا:
يقول عبد الرحيم التدلاوي في قصة (سفر سعيد) ص47"سرت في الظل حتى سكنني..اتخذت بحكمة لغة الصمت.." ويقول في قصة (عنت)ص66 "أصبت بعنت وانا أراود الكتابة..تصلب قلمي وما انبسطت الصفحة.." ها هنا تعبير صريح من طرف القاص عن عسر الكتابة وعسر ولادة القصة لخصوصية اللحظة التي ينبثق فيها الخيال ويتدفق فيها الإبداع فتنفتح قريحة الكاتب وفي غياب هذه اللحظة وفي انتظار حضورها الذي قد يأتي أو لا يأتي يعيش الكاتب مخاضا عسيرا.
ينظر القاص عبد الرحيم التدلاوي إلى الأشياء نظرة متفحصة ليكشف للقارئ عن أسرارها الخفية وعوالمها المتوارية خلف ستار اللغة الحمالة لأوجه شتى من المعاني فيعمد القاص إلى تقنيات أسلوبية وبلاغية من أهمها التورية وهي تقنية يعتمدها القاص كثيرا بل خصها بقصة قصيرة جدا تحت عنوان "تعديلات"حين يقول : (مستقيما كان يسمي الأشياء بأسمائها.. رأوا في قوله خشونة بدوية.. أخضعوه لدورات تكوين في البلاغة العربية.. فنانا صارا في الثورية)
هكذا يعمد القاص إلى تضمين الألفاظ والأسماء والأشياء معاني أخرى غير تلك التي تدل عليها دلالة مباشرة بل إنه يجعل دلالاتها بعيدة جدا إلى درجة النقيض والضد والأمثلة على ذلك كثيرة تمنح النص القصصي نكهة خاصة. يقول في قصيصة من متواليتين متوازيتين : هربت من أحضان الفشل.. سقطت في أكفان النجاح..ص4. ولنا أن نلاحظ المفارقة الدلالية التي تصورها القصة والتي تنشأ عن تضاد عناصر المتوالية الأولى ارتباطا بالجملة الثانية كالعلاقة المفارقة القائمة بين هربت/سقطت وأحضان/أكناف والفشل/النجاح.
وتتخلل المجموعة القصصية نماذج كثيرة من هذا القبيل: كان لزاما علي أن أنظر عاليا إلى تحت لأراه..ص6. وأمطر عليهم قصائد حارقة.. حارقة..ص14. ظل ساكنا يراقب ميلاد الفجر..تثاءب فقط، ثم نام.ص15.
تكمن الرؤيا الفنية خلف هذا التناقض الذي يحجب الحقائق التي تربض خلف الأشياء البسيطة جدا وتفاهة الأشياء التي تبدو كبيرة جدا والتي لا تعكس حقيقتها، والحياة مليئة بهذه الحقائق.
كما يوظف عبد الرحيم التدلاوي الحوار الضمني والمباشر في جل قصص المجموعة ويديره بتقنية دقيقة تروم خدمة المحكي مثال الحوار المباشر في قصيصة "اللقطة الكبرى" حيث تنبني على حوار بين الشيخ والطفل تتخلله متواليات سردية موجزة تؤثث اللقطة، ولعل العنوان في هذه القصيصة يعكس شكل النص، الذي على الرغم من اعتماده الحوار، يقدم (لقطة)، كما ينص على ذلك العنوان، إلا أن الكاتب أتبعها بصفة (كبيرة) مما يوحي بأن القصة القصيرة جدا قد تنمو وتكبر بين يدي القاص عبد الرحيم التدلاوي لتصبح قصة قصيرة، كما أن عنوان هذه القصة يحيلنا على طبيعة النص القصصي القصير جدا الذي يغدو لقطة مصغرة ومختزلة شبيها باللقطة المصغرة، وهو الشكل الفني الذي يتحكم في تصور الكاتب لقصيصات المجموعة.
يعالج القاص عبد الرحيم التدلاوي في عالمه المحكي وفي مجموعته المقروءة تحديدا عدة مواضيع تختلف باختلاف النصوص نفسها ويرسخ جملة قيم ومعاني إنسانية نبيلة كالحب والصبر واليقين والسكون والحلم والصلاح والتقويم والتغيير.. وينبذ بالمقابل قيما سلبية مشينة كالغدر والاستهتار والخيبة والانتقام والخوف والفساد والشعوذة والتهكم.. وفي هذا تأكيد على أن القصة القصيرة جدا رغم اختزالها تحمل فكرة بل رسالة إلى القارئ الذكي الذي بالإشارة يفهم المقصود.
هكذا تغدو القصة القصيرة جدا عند القاص عبد الرحيم التدلاوي لقطة مصغرة وجنسا أدبيا سريع النشأة يظهر ويتبلور مع طوارئ الواقع وأحداثه العامة والخاصة ومفارقاته الخفية والمكشوفة التي تتصيدها مخيلة القاص وتخرجها في قالب فني مثير للدهشة، سريع الحكي طارئ ومفاجئ، قصير وموجز، مختصر ومكثف، هجين ومفارق، درامي وساخر، إيحائي وصريح، مختزل تتخلله مواقع اللاتحدد بقوة، يعتمد الصورة والرمز والأسطورة وينفتح على كل الأجناس الأدبية والفنية.
القصة القصيرة جدا عند التدلاوي لقطة تصويرية بليغة لأنها توظف لغة تنأى عن التقرير والتصريح والإعلان لتعتمد التلميح والانزياح على مستويات متعددة. يقول في (نتصار) "حين يستبد بها الأرق.. ترتشف من كأس الذكريات..بعضا من نسماته..لحظتها تتلون سماؤها بالفراشات.."ص31، وللقارئ أن يلاحظ نوع الكلمات المعتمدة في تصوير هذه اللقطة والعلاقة الجامعة بينها ليجد أنها منتقاة بعناية فائقة لتؤدي هدفها المقصود وهو ما ينم عن احترافية ودربة ودراية.
يلجم القاص عبد الرحيم التدلاوي جموح السارد ويريده أن يقول ما يريد قوله وما هو مطلوب منه على الفور وعلى وجه السرعة في التو والحين بأقل تكلفة لغوية وبأدق الكلمات وصفا وتصويرا وبيانا وهو رهان صعب يتطلب من الكاتب استيعابا جيدا ومسبقا للفكرة التي تستحضرها القصة والتفكير التوقعي القبلي حول الطلقة التي إما أن تصيب أو لا تصيب الهدف فإن لم تصب هدفها في اللحظة وأخطأته كان مآلها الاهمال والفشل إذ لا تملك فرصة أخرى ولا عتادا زائدا ولا مقومات إضافية أخرى تمكنها من الاستمرارية لاستكمال هدفها الذي أخطأته فلا قدرة لها على استجماع قواها لتحيى من جديد إلا إذا قدر لها أن تنبعث في شكل قصة أخرى لها نفس الهدف.
الدكتور مصطفى الشاوي






  رد مع اقتباس
/
قديم 22-02-2015, 12:32 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

السي عبدر الرحيم واحد من هؤلاء الذين يرسمون طريق هذا النوع ويؤثثون له بعمق وبثبات

فتحية للأستاذ الشاوي
وهنيئا للأستاذ التدلاوي
وهنيئا لنا كقراء

تقديري الجم






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 22-02-2015, 10:20 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

عبدالرحيم التدلاوي متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
السي عبدر الرحيم واحد من هؤلاء الذين يرسمون طريق هذا النوع ويؤثثون له بعمق وبثبات

فتحية للأستاذ الشاوي
وهنيئا للأستاذ التدلاوي
وهنيئا لنا كقراء

تقديري الجم
أختي الراقية، فاطمة الزهراء العلوي
أشكرك على حضورك البهي، و على تهنئتك القلبية.
بوركت.
مودتي.
و إليك هاته الهدية


إلهام
رآها منطلقة بحرية فاضحة..
انطلق خلفها بسرعة البرق.
قلنا: لقد هوى!
قال: ماضل صاحبكم و ما غوى..
قلنا: إنها رصاصة.
قال: في القلب مستقرها.
قلنا ختما: لقد أصابته في مقتل.






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-02-2015, 12:28 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
أختي الراقية، فاطمة الزهراء العلوي
أشكرك على حضورك البهي، و على تهنئتك القلبية.
بوركت.
مودتي.
و إليك هاته الهدية


إلهام
رآها منطلقة بحرية فاضحة..
انطلق خلفها بسرعة البرق.
قلنا: لقد هوى!
قال: ماضل صاحبكم و ما غوى..
قلنا: إنها رصاصة.
قال: في القلب مستقرها.
قلنا ختما: لقد أصابته في مقتل.

اقتباس:
إلهام
ق ق ج بامتياز
سردية وقفلة وعمقا في الهدف الذي حملته في طيات االحرف
أتمنى أن تمنحها ورقتها المستقلة يا خويا التدلاوي






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 23-02-2015, 12:41 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي

عبدالرحيم التدلاوي متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
سردية وقفلة وعمقا في الهدف الذي حملته في طيات االحرف
أتمنى أن تمنحها ورقتها المستقلة يا خويا التدلاوي
على الرحب و السعةن أختي الراقية، فاطمة الزهراء العلوي
حالا ستكون ممهورة بالإهداء.
شكرا لك.
مودتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-02-2015, 06:13 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: قراءة الدكتور مصطفى الشاوي في"شفاه الورد" لعبدالرحيم التدلاوي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
على الرحب و السعةن أختي الراقية، فاطمة الزهراء العلوي
حالا ستكون ممهورة بالإهداء.
شكرا لك.
مودتي
احترامي الكبير لك يا السي التدلاوي مبدعنا الراقي الطيب
شكرا خويا






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط