احتضار - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: جرد _قصيدة قصيرة_ (آخر رد :ناظم العربي)       :: بأعلامنا التحفي (آخر رد :ناظم العربي)       :: منكم العنوان (آخر رد :ناظم العربي)       :: وجبة (آخر رد :ناظم العربي)       :: هل تحب الليل؟ (آخر رد :ناظم العربي)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: العاصفة ..!! عبير هلال (آخر رد :عبير هلال)       :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :عبير هلال)       :: أين الحب !!!؟؟؟ (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، قصـــة... // أحلام المصري ،، (آخر رد :هشام نعمار)       :: يا غزة (بالعامية المصرية) (آخر رد :هشام نعمار)       :: معايدة للجميع وغزة في الطليعة (آخر رد :هشام نعمار)       :: إبليس ينشط :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، رسالةٌ إلى البحر.. // أحلام المصري ،، (آخر رد :دوريس سمعان)       :: تراتيل عاشـقة .. على رصيف الهذيان (آخر رد :دوريس سمعان)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ مَطْويّات⊰

⊱ مَطْويّات⊰ للنصوص اللاتفاعلية ..

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 07-09-2013, 01:52 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سامية فريد
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / الكنانة
مصر

الصورة الرمزية سامية فريد

افتراضي احتضار

احتضار
1

لم تكن صابرين تدري حينما استيقظت منزعجة بعد منتصف الليل على صوت شجار ولديها ،

أن القدر عاد ليمارس معها لعبته من جديد ويؤرجحها فوق أرجوحة الوجع


 
 
، عندما ظهر شبح مأساتها لينبش قبر الذكريات ويخرج يعانقها مرة أخرى ، ويذكرها بأوجاع

سنين حاولت نسيانها ، ولكنها أبدا لم تنس ، فقط حاولت التأقلم والتعايش معها حتى صارت

هى واوجاعها نسيجا واحدا . وهاهو القدر الأن يعاودها بكل قوة ألامه ليغمد سيوفا مسمومة

فى انحائها ويمزق خيوط جرحها فيفتح من جديد ويعاود النزف كما لو كان جرحا وليد اللحظة !!
إنه الشريط المشؤوم ـ شريط الكاسيت ــ الذي كان موضوع الشجار بين الولدين ــ كان هو ذاته

السبب في ايقاظ جراحها حينما حاولت حل المشكلة القائمة بينهما على تقسيم شرائط الكاسيت

بالتساوى ليقتني كل منهما نصيبه في درج مكتبه الخاص ، وبقى شريط واحد ولايقسم الشريط

الواحد على اثنين ، لذا اقترحت أن يكون هذا الشريط من نصيبها حلا للمشكله ، وبالفعل انصاع

الولدان لاقتراح امهما وذهبا للنوم ، أما هي فقد حاولت معاودة النوم ، نظرت متعجبة إلى النائم

جوارها زوجها أبا ابناءها كيف لم يقلق حتى الأن ويواصل نومه بسلام كما لو كان لم تخترق

اذنيه أى أصوات أو صخب ، قامت من جواره حينما فشلت فى التحايل على النوم ،لا تدري ماذا

تفعل في هذا الوقت من الليل ، حيرتها ذكرتها بشريط الكاسيت الذي بسببه فقدت تواصلها مع

النوم فقررت أن تقضي الوقت معه لعله يكون لأحد مطربيها المفضلين ، وماهى إلا ثواني من

وضع الشريط فى المسجل و ادارته حتى فوجئت بصوت الخيانة ينهشها عبر ذبذبات المسجل

و يخترق قلبها قبل اذنيها ليهاجمها الماضي ويغرز انيابه في قلبها بكل وحشية ، ذلك الماضي

الذي ذهب بعيدا في أقاصي نفسها بعدما ترك بصماته على كل خليه من خلاياها ، بعثرها

.. شتتها وظلت تحيا بنفس معذبة وروح ِ مبعثرة طوال كل هذه السنوات ....

جاءها صوت الخيانة قويا ،كاسحا كالبركان ، يقذف حممه النارية ليشعلها نارا لا تخمد ، هذا

هو أحد الشرائط التي سجلت خيانته لها ، والتى تحمل كل معاني الظلم والإفتراء ....

لم تكن تريد أبدا أن ترصد خيانته وتسجلها ، فعلت فقط كي تثبت لنفسها قبله إنها ليست

مجنونة كما أشاع عنها بين عائلته وعائلتها …… .

كان ذلك قبل عدة سنوات ، لا تدر كم عددها ، فقد سقطت سنوات من عمرها دون أن تدر بها ،

أحست بغريزة الأنثى وبذكاء وجدانها إنه يخونها ، واجهته ، أنكر ...... وانكر ليس هذا فقط

بل اتهمها بالغباء والجنون علانية أمام كل العائلة واستهزأ بها ، ولم يرحم معاناتها أو يمتص

إحساسها بالفشل والخيبة فيه ، تمنت بالفعل أن تكون مجنونة وغبية الإحساس على أن يكون

زوجها خائن ، ولما لا وهو لم يكن أبدا مجرد زوج ،فقد كان كل الناس لها ، لم تعرف قبله رجلا
، بل لم تعرف أصلا أن هناك رجالا فى الدنيا إلا هو ، فهو الرجل الوحيد وكل الرجال هو أحبته

حبا غريبا سبحت في فلكه لاتعرف ولا تريد أن تعرف أى شيئ عن العالم الخارجي سوى عالم

زوجها وبيتها واولادها ......

تخلت عن كل أحلامها وطموحاتها في استكمال دراستها بالماجيستير والدكتوراه أو في السفر

عند اخوالها في الخارج لتعمل وتحقق طموحاتها ، وقتها لم تكن تشعر إنها تتنازل أو تتخلى

عن أحلامها ، فلا احلام إلا من خلاله وفي وجوده ، اخلاصها له لم يكن فقط وليد مبادئها

ولكن الأكثر منه كان وليد حبها له لا ترى الدنيا إلا بعينيه ولا تحتاج لبشر ِ غيره فهو الرجل

الزوج والحبيب وابو أولادها هكذا فهمت الحب والزواج .....

وبعد كل هذا تخونني .. تخونني .. لما !! ... لماااااااا ؟؟

بهذه الكلمات صرخت فيه وهى تواجهه وعند مواجهته سقط قناع من اقنعته ، اهانها ، سبها ،

لم يرحم صدمتها فيه ! ؟ اتهمها بالجنون ، كان لديها دائما دلائل ولكن كل دلائلها كانت تذهب
ادراج ذكائه الخارق الذي كان يفندها بالحيل والمكر ويقنع الجميع إنه الحمل الوديع الذي تسعى

زوجته إلى ذبحه ، ذاقت الأمرين منه ، لم تستطع الصمود أمام حججه وهروبه من أى موقف

وهى الصغيرة عديمة الخبرة بالرجال ومكرهم لذا لم يكن امامها سوى ان تثبت ذلك بالدليل

المادى الذي لا جدال فيه....
اشترت جهازا لتسجيل المكالمات ومن أول يوم للتسجيل ظهرت خيانته واضحة جلية ورغم

ذلك لم تكن تصدق اذنيها... حاولت أن تسمع وتسمع كثيرا لعل تجد هناك مايقنعها انها مجرد

صداقة بريئة ، ولعلها تجد له عذرا ينقذها حاولت ان تجد ماتدافع به عنه امام نفسها ولكن

للأسف كانت خيانته واضحة عارية بشكل لا يحتمل الريبة .وليست مجرد خيانة فقط بل كان

يجرح فيها امام عشيقته ويدعي اكاذيب وافتراءات لا حصر لها لدرجة انه كان يدعي نفوره

منها كزوجة حتى يكتسب رضا عشيقته وهو الذى كان لايشعر برجولته إلا في

أحضانها ..... ياله من رجل يرتدى أقنعة بكل الألوان !! استمعت واستمعت حتى تمنت أن

تصاب بالصم ، أحست انها فى كابوس تتمنى ان تستيقظ منه ،

... ترجته أ ن يعترف بالحقيقة فى مقابل

غفرانها له .. أن يقول لها انها نزوة وستمضي وانه ليس له

إلا هي.. طلبته بدموع راجية حتى تستطع ان تبتلع صدمتها ولكنه للأسف

هاجمها بشراسة وأعلن لها بكل جبروت إنه سيقتلها إذا تفوهت بذلك ثانية ..كانت تنظر له

بتعجب وتتساءل بداخلها من أين له بكل هذه القوة على الصمود وكل هذا

الجبروت وتحويل الزيف إلى حقيقة !! تعلمت منه فى هذه اللحظة دروسا لو قضت عمرها كله

في مدارس وجامعات العالم لن تتلقن مثلها ولم يكتف بذلك بل كعادته احضر عائلته وعائلتها

واخذ يستعرض جنانها وشكوكها ويلعنها امام الجميع وهى تقف صامتة مذهولة تأبي أن

تعريه أمامهم ... طلبت منه الإختلاء به فى غرفة بمفردهما وهناك وضعت احد الشرائط فى

التسجيل ونطق صوت خيانته الفاضحة مخترقا اذنيه ..... لم يقو على سماعها ... اغلق

المسجل سريعا وخرج بنفسه يعلن خيانته للجميع ظننا منها انها ستخرج لهم وتفضحه ،

وهى لم تكن لتفعل ذلك أبدا فقد حاولت المحافظة عليه لأخر لحظة .... حاولت ان تحميه من

موقف لا يحسد عليه من الذل والهوان أمام الجميع رغم تشويهه لصورتها امامهم ولكنه لم

يقدر للأسف .... لحظتها انهارت لم تقو على الصمود لم تدر كم من الوقت مر ، كم بكت ... كم

صرخت .... كم من الوقت غابت عن الوعي .... كل الذي ادركته عندما عادت الى وعيها أن

الشرائط سرقت منها ، فقد استكمل مسلسل غدره لها بسرقة دليل ادانته اثناء انهيارها فقد كان

يريد حماية عشيقته ...خشى عليها من الفضيحة ولم يخش على زوجته وبيته من الانهيار ....

ــ 2 ــ

(المرأة تعشش ماتخربش ) هكذا قالوا لها حينما طلبت الانفًصال ، كانوا يرددون على مسامعها كل حين هذه المقولة

التى تعنى فى قاموس مجتمعها أن المرأة لابد ان تحتمل مهما حدث
ومهما فعل الزوج وكأن

الرجل من حقه فعل كل المحرمات وعلي امرأته ان تحتمل ذنبه ، وضعوا على عاتقها

مسؤولية استقرار البيت وعدم انهياره ، وجهوا لها هى الملامة أكثر منه لأنها كانت مطالبة

بالإحتمال والصبر وكأنها مخلوقا من حجر لا تشعر ولا تتألم ، تركوه هو الخائن المتسبب فى

انهيارها وانهيار البيت واخذوا فى لومها لإنها تتطالب بحقها فى حياة سوية ... اتهموها

بتقويض البيت ولم يتفهموا كيف يمكن لها المحافظة على بيتها من التقويض وهي ذاتها

محطمة كليا ... حاولت وحاولت كثيرا أن تستمر من أجل اولادها من اجل شعار مجتمعها

الباطل ( المرأة تعشش ماتخربش )، تعبت .. تألمت .. مرضت ... اكتئبت ، ورغم ذلك استمرت

ولملمت أشلاءها وحدها ، ظنت أنه سيحاول أن يداويها ، أن يمتص صدمتها ، أن يحتوي

اوجاعها ، ولكن للأسف ما أن بدأت الحياة تهدأ ظاهريا بينهما كالبحيرة الراكده مياهها والطين يرسو في قاعها

حتى عاود الكرة مرة أخرى من جديد .. وتوالت خياناته وصدماته لها

وكلما تقرر الانفصال يهاجمها الجميع بشراسة وكأنها أذنبت حتى اجتاحتها كل الأوجاع

وتعايشت معها حد الامتزاج ... تجمدت مشاعرها واعتلاها الصدأ وتتعجب من نفسها أين

غيرتها ، أين حبها ، أين نيرانها المشتعلة كمدا حينما ادركت وجود آخرى في حياته بل

آخريات وهكذا تعايشت تروض نفسها على قبول الواقع قبول هذا الرجل مجرد أبا لأولادها

مجرد هيكل اجتماعي يحميها من لوم المجتمع لها ونظرة الحزن في عيون أولادها حينما

ينشأون بين والدين منفصلين ولربما يلقيان باللوم عليها هي حينما يشبان ...

 
ولكنها مابها الأن بعد سماعها للشريط تشعر بيد قوية تمتد لتلتقط قلبها ، تعتصره بأصابع

قاسية وتضغط وتضغط وتستمر فى الضغط والاعتصار حتى تمزقت شراينه وقفزت الدماء منه

كالدمع المستحي من العيون ، ثم ينهمر فجأة بقوة واندفاع ويستمر النزف .... يخفت النبض ...

والأنفاس تختنق وتأخذ في الهبوط رويدا رويدا حتى تتوقف نهائيا لكن القلب النازف مازال

يخفق ببطء .... يحتضر هو !؟ يا ليته يحتضر وينتهي حتى ترتاح للأبد ولكنه مازال فى مرحلة

وسطى مابين الموت والحياة ، وهي اقسى مراحل الوجع ، قلبها يدق رغم النبض المنتحر فيه ...

وفي تلك اللحظات المحتضرة تخيلت حياتها كما تمنت وحلمت منذ سنوات طويلة أن

تكون حياة سوية ، جدران دافئة ، قلب صادق يحتويها تزرع فيه حنانها الفطري المتدفق من

طبيعتها كأنثى ، أمان ينتشر فى أرجائها ، مشاعر حميمة تجمع اثنين وكأنهما واحد ليس

جسدا فقط بل روحا وشعورا .. نطقت أهة قوية ودموع حارقة تنهمر فجأة من عينيها حينما

فاقت من حلمها المنتحر على واقع تحتويه جدران صقيعية وعلى زيف يكسو جدران حياتها

ودهشة متسائلة تنطق داخلها :

هل الأن فقط اكتشفت خيانته !
هل الان فقط مات حلمي فوق اشلاء واقع مر !!!

وسكتت لم تستطع أن تجد حروفا تجمع فكرها المتبعثر ، خمدت كل الطاقات داخلها وماتت كل

المشاعر الحانقة والغاضبة قبل المسالمة ، مات الانسان بداخلها ، تحجرت النظرة فى عينيها

اصبحت تبدو كأنها تمثالا من شمع اشبه بإنسان ...

ضرب المنبه ، استيقظ زوجها ، لم يجدها بجواره ، نادى عليها ، لم تستجب للنداء ، بحث

عنها ، وجدها جالسة كالجثة الهامدة ، رغم النفس النابض فيها ، يحدثها فلا تسمع ، يقف

أمامها ، فلا تراه يهزها ، فلا تتحرك فقد كان صوته في الشريط هو أخر ماسمعته وانفصلت

بعدها عن نبض الحياه هاربة من ذكريات أليمة أحييتها ذبذبات المسجل لتقذفها من جديد فى
هوة مأساتها السحيقة ....فلم تستطع احتمالها ثانية ففرت هاربة من الحياة .

تمت
سامية
الأن> الآن
ألامه> آلامه
المشؤم>> المشؤوم ، المشئوم
لا تدر> لا تدري
نارأ> ناراً
وتتسائل> وتتساءل
وكأنها مخلوقا> مخلوق
ولملمة اشلائها> لملمت أشلاءها
ينشأن> ينشأون


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






  رد مع اقتباس
/
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط