قافلة بين غارين (مولد الهادي)

[جهاد إبراهيم]

قافلة بين غارين

قَوافلُ النورِ عْبَر الدهرِ تَنْتَقِلُ
في كلّ عَصْرٍ لها حِلٌّ ومرتَحَلُ

تُعرّفُ الدرْبَ والأنحاءَ وجْهَتُها
لا شرقَ أو غربَ إلا حيْثما تَصِلُ

وحين ضاقَ سبيلُ الوافِدينَ على
بابِ السلامِ وكادَ العِقْدُ يكتَمِلُ

توَهّجَتْ في حَنايا الدهْرِ بارقَةٌ
والكونُ عادتْ له أسماؤُه الأوَلُ

فاستَشْعَرَ الحِبْرُ في الأسفارِ مَقْدَمَها
وفاضَ يَجري بِما جاءتْ به الرُّسُلُ

لم يَتّسِعْ لمَداها الدهرُ ما تُلِيَتْ
فاللوحُ مُدَّخَرٌ والدهرُ مُفْتَعَلُ

كأنّها لحظةُ الإشراقِ ثانيةً
الأمسُ يسكنُها والآنَ والأجَلُ

حتّى إذا بِحراءٍ كانَ موعدُها
حيثُ الأمينُ بسرّ الخلقِ مُنشغِلُ

تَدفَّقَتْ كَلِماتُ النورِ صافِيةَ
وحَمَّلتهُ حُروفا وقْعُها جَلَلُ

هيَ الحُروفُ التي قَدْ سُوّيَتْ كَلِماً
ذاتُ الحروفِ التي غَصّتْ بها جُمَلُ

لكنها فُصِّلتْ ذِكْرا تَدَبَّرَهُ
راوي حديثٍ وصوفِيٌّ ومًعتَزِلٌ

فَجِوْهَرُ الحقِّ في الآياتِ مُخْتَزَنٌ
وَمُحكَمُ الذكْرِ فيه الكَوْنُ مُخْتَزَلُ


أكْتافُ مَكّةَ بالأوْزارِ مُثَقَلةٌ
ووَجْهُها بعدَ إسْماعيلَ مُنْتَحَلُ

ودُرّةُ الأرضِ - حتّى قبل أنْ رُفِعَتْ
قواعدُ البيْتِ - يَعلو فوقَها هُبَلُ

فباطنُ الأرضِ مرويٌّ بِزَمزَمِها
وظاهرُ الأرضِ لَمْ يَنفذْ له البَللُ

ونارُ عبْدِ مَنافٍ لن تَبانَ ضُحَىً
رُغْمَ الرفادَةِ والسقْيا وما بَذَلوا

هُمْ فارقوا مِلّةَ ابراهيمَ مُعتَقَدا
كما المَعاني عن الأسماءِ تَنفصلُ

ومنْ يَكنْ سائلا عن أصْلِ دينِهِمُ
فإنّ دينَهُمُ ما تجْلبُ الإبِلُ *

وشمْسُ أمّ القُرى في ذاتِها غَرَبَتْ
وامتدَّ فوقَ الثرى ظلٌّ له ثِقَلُ

يمتدُّ للروح لولا جَذْوَةٌ بَقِيَتْ
إن تدْنُهمْ أَفَلَتْ أو تُقْصِهِمْ أَفَلوا

لكنّها حَفظَت للحقِّ لحْظَتَهُ
ولحظة الحقّ في طيّاتِها الأزَلُ

بُكاءُ طفلٍ بوادٍ لا ظلالَ به
ولهفةُ الأمّ تسعى وهْيَ تَبْتَهِلُ

سَكينة الله إذ في قلبهم نَزَلتْ
بمسْكنِ الحقّ إذ في قلبِه نَزَلوا

وعروةٌ من عُرى الإيمانِ أوْثقَها
أبٌ وخِلٌّ لأمرِ اللهِ يَمتَثِلُ


هذا ابنُ نوفلَ بعدَ البعثِ يُنبِئُهُ
بأنّ أمْركَ بالناموسِ مُتّصِلُ

وتودَعُ العُهْدَةُ العُظمى لدى رَجُلٍ
كم افتَدَيْتَ رِقابا أيّها الرَجُلُ

وتَرْتَقي سُلَّمَ الإيمانِ مُهجتُهُ
فُلْكا فَفُلْكا إلى ما دونَهُ زُحَلُ

لِسُدّةِ الكونِ أعلى اللهُ منزلَه
فأبْصَرتهُ عُيونُ القلبِ والمُقَلُ

ثُمّ اعتلتْ خلفَهُ الأفلاكَ كوكَبَةٌ
خيرُ البريّةِ هم كانوا ولم يَزَلوا

لقد أعادَ إلى الأشياءِ فِطرَتَها
وأمْرُهُ كربيعِ الدهرِ مُعتدِلُ

قد اصْطَفاهُ إلهٌ واحِدٌ أحَدٌ
مُذكرِّا بعهودِ الخلقِ من غَفلوا

هُوَ الذي اتّحدَتْ كلّ الحَواسّ بِهِ
بذكْرِهِ العيْنُ بالأنوارِ تَكتَحلُ

وإن تَراءَتْ ولو في البالِ هَيئَتُهُ
فعِطْرُ حَضْرَتِهِ في الروحِ يَنْهَمِلُ

تَوسَّعتْ في شِعابِ الحيِّ روضَتُه
ودونَها الجردُ لا ماءٌ ولا أُكُلُ

تُظلّها سِدرَةٌ يأوي الغمامُ لها
وحولَها الحيُّ يبكي حالَهُ الطلَلُ

ويَضرِبونَ لهُ من عَظْمَةٍ مَثَلا
وهمْ - وما علِموا - البرهانُ والمَثلُ

ويضرِبُ اللهُ أمثالا لَهم وَبِهم
فما لهُم بحديثٍ مثْلِه قِبَلُ

ظَنّوا الخوراقَ لا الآياتِ معجزةً
والذكرُ معجزةُ الألبابِ لو عَقِلوا

لم تنكَسفْ معَهُ شَمسٌ ولا قَمَرٌ
فالكونُ سُنّتُهُ الأسبابُ والعِلَلُ


تَسرَّبَتْ مِنْ شقوقِ الليلِ نيّتُهم
وبَيّتوا أمْرَهمْ ليلا بِما جَهِلوا

ما هَمَّ إنْ فرَّقوا ما بينهم دَمَهٌ
فإنّه بوريدِ الأرضِ يَنتقلُ

أو أخرَجوا مِنْ ظلال ِالبيتِ مركبَهُ
فَإنّه في عيونِ اللهِ مُحتمَلُ

سَرى وما أفشَتِ الصحراءُ خُطوتَهُ
وانزاحَتِ الدربُ فانحازَتْ له السُّبُلُ

إذ ثانِيَ اثنينِ كانَ اللهُ ثالثهم
والمُشركونَ على آثارِهِ اختَتَلوا

يقولُ في الغارِ لا تحْزَنْ لصاحِبِه
فيُرْتَجُ الغارُ دون القومِ والجَبَلُ

وتَنتهي رحلةُ الآمالِ إذْ بَلغَتْ
ما ليسَ يبلُغُهُ من نفْسِهِ الأمَلُ


يا َمْن بِيَثربَ أرسى صَرْحَ أمّتِهِ
لا دْولةً قد خَلتْ من قبلِها دُوَلُ

يا سيّدَ الخَلقِ عُذرا إنَّ أمّتَنا
تَفرّقَتْ مِللا في رحمِها مِللُ

جِراحُ قَيْصَرَ لا تَجْري وإنْ نُكِئتْ
وجرحُ قومِكَ جارٍ وهْوَ مُندَمِلُ

كأنّما جنّةُ الفردوسِ ما اتّسَعَتْ
لِجَمْعِهمْ فَعَلى أبوابِها اقتَتَلوا

فاليَومِ أُسقِطَ - أو قَدْ كادَ- مِنْ يَدِهِمْ
وَمنْ بَغوْا حَصَدوا شَرَّ الذي عَمِلوا

لَمْ يَسلُكوا سُبُلا بين الحروفِ ولم
يَسْتَشْرِفوا غَدَهم في جلِّ ما فَعَلوا

وموكِبُ النورِ ماضٍ نحوَ وجْهَتِه
لَنْ يُدْرِكوهُ إذا حَيْثُ ابتدا قَفلوا


* تناص مع بيت الشعر المعروف لنصر بن سيار


(البحر البسيط)

[عبدالرشيد غربال]

وأي بشرى ؟ !!
وأي انشراحة هاته؟!!

جهاد ؟!!
وأين عماد؟
ثم إنك لست ممن يضطرون إلى الحواشي
أنت أكبر من أي تناص..

في ( إما أو ) لسيرن كيركجارد تفصيل دقيق لمدارس الوجود

وكيف ينهض التهكم بلونه السقراطي بدور الترقي من مدرج الدون خوانية إلى الكانطية وصولا إلى الإبراهيمية ..
وإني أراك بلغت...هنيئا وطوبى..
كعب بن زهير...
البوصيري..
شوقي..
قرأت هنا ملحمة المديح كلها
شكرا جهاد..

شكرا لأريحيةالشعر الذي لا يجادل أحد في كونه الشعر

[عبدالرشيد غربال]

والآن يروق المقام بالوهج

[زياد السعودي]

الوارف جهاد إبراهيم
مرحى بعودتكم
وبروحانياتكم
التي جاءت ببديع الكلام
وبمتانة البناء
وبتمدد المعنى

بوركتم
وطاب مدادكم

[عبدالرشيد غربال]

حتّى إذا بِحراءٍ كانَ موعدُها
حيثُ الأمينُ بسرّ الخلقِ مُنشغِلُ

الحميا ...
إيقاعا وتركيبا وتصويرا

المزج بين حتى وإذا والباء..حذق لامع
تعليق خبر كان موعدنا ب( موجودا أو كائنا)توسلا بشبه الجملة

والباء ظرفية مكان أو إلصاقا..

ثم ( حيث) مقدمة لتركيب اسمي بديع
وحبذا شعلة الانتقاء:
الأمين...وما كانت صفة له أحلى وأدق منها
فقد تدرج عليه الصلاة والسلام من الأمانة إلى الرسالة

باذخ أنت يا صديقي
فشكرا ثانية على لحظة إمتاع صباحيه

[عبد الإله اغتامي]

تستحق خلع البردة أيها الشاعر الكبير جهاد ابراهيم . فعلا قصيدة سامقة ترقى إلى بردة البوصيري وشوقي استمتعت بقرائتها بيانا وشعرا ومعنى . جعلها الله في ميزان حسناتك . شكرا على الإبداع الراقي . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . مودتي وتقديري...تحياتي...

[نوري الوائلي]

وتودَعُ العُهْدَةُ العُظمى لدى رَجُلٍ
كم افتَدَيْتَ رِقابا أيّها الرَجُلُ

وتَرْتَقي سُلَّمَ الإيمانِ مُهجتُهُ
فُلْكا فَفُلْكا إلى ما دونَهُ زُحَلُ

لِسُدّةِ الكونِ أعلى اللهُ منزلَه
فأبْصَرتهُ عُيونُ القلبِ والمُقَلُ

ثُمّ اعتلتْ خلفَهُ الأفلاكَ كوكَبَةٌ
خيرُ البريّةِ هم كانوا ولم يَزَلوا

لقد أعادَ إلى الأشياءِ فِطرَتَها
وأمْرُهُ كربيعِ الدهرِ مُعتدِلُ

قد اصْطَفاهُ إلهٌ واحِدٌ أحَدٌ
مُذكرِّا بعهودِ الخلقِ من غَفلوا

هُوَ الذي اتّحدَتْ كلّ الحَواسّ بِهِ
بذكْرِهِ العيْنُ بالأنوارِ تَكتَحلُ

قصيدة رائعة جعلها الله في ميزان حسناتك ورزقك الله شفاعة المصطفى

اللهم صل على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم

احسنت شاعرنا الكبير

[عبدالرشيد غربال]

ودرة الأرض حتى قبل......
حبذا ما سوغ كسر ( قبل )....

وأي ( حتى ) هاته؟
آه...كم اشتقت للمناظرات الشيقه..

[فاطمة الزهراء العلوي]

وحين ضاقَ سبيلُ الوافِدينَ على
بابِ السلامِ وكادَ العِقْدُ يكتَمِلُ
كاد ..
للأسف سدت جميع المنافذ وتسربت من أفقهم بشائر رمادية تغلف وجه الخروج
مرحبا بعودة شاعرنا جهاد نورت الفينيق ومازلت أذكر حوارا رائعا جمعنا ، نحن أعضاء الفينيق، بك على شرفة قصيدة ونقاش وفنجان قهوة

تقديري بلا ضفاف

[عبير محمد]

مرور اول بغرض الترحيب بعودة شاعرنا السامق جهاد ابراهيم
ولي عودة بإذن الله
تحية تليق
وعود أحمد شاعرنا القدير
كل الود والتقدير والاحترام

[احمد المعطي]

كلُّ الحروف بنور الطُّهْر تتَّصِلُ
..............................."اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ".. إنَّهُ المثَلُ
ما جئتُ أخدشُ حرْفاً أنتَ ناثرُه
.............................جِهادُ أحْسنْتَ نسْجاً، إنَّني الثَّملُ
أذْهلتني بِبَيانٍ أنتَ ساحِرُهُ
............................كالنّورِ في سيرَةِ المُختارِ يَغتَسلُ
في "بينَ غاريْنِ" للإبْداعِ مأثرة
............................وَرَشْفةٌ رُشِفتْ يشقى بها العَسَلُ
مغموسَةٍ برَحيق الزَّهرِ مُثقَلَةٌ
.............................بأحرُفٍ نَطقتْ في صدْقِها الثِّقَلُ
هو المَجازُ تجلّى فاحتفى وَشَدا
.............................وبالمَجازِ تهادى الحُسْنُ يحتفلُ
ولو جَمَعْتَ حُروف الضِّاد قاطبةً
................................لَأجهَشت بِبُكاءٍ وهيَ تبتهِلُ

[عبدالرشيد غربال]

هذا هو الفينيق ...

[عبير محمد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد إبراهيم

قافلة بين غارين

قَوافلُ النورِ عْبَر الدهرِ تَنْتَقِلُ
في كلّ عَصْرٍ لها حِلٌّ ومرتَحَلُ

تُعرّفُ الدرْبَ والأنحاءَ وجْهَتُها
لا شرقَ أو غربَ إلا حيْثما تَصِلُ

وحين ضاقَ سبيلُ الوافِدينَ على
بابِ السلامِ وكادَ العِقْدُ يكتَمِلُ

توَهّجَتْ في حَنايا الدهْرِ بارقَةٌ
والكونُ عادتْ له أسماؤُه الأوَلُ

فاستَشْعَرَ الحِبْرُ في الأسفارِ مَقْدَمَها
وفاضَ يَجري بِما جاءتْ به الرُّسُلُ

لم يَتّسِعْ لمَداها الدهرُ ما تُلِيَتْ
فاللوحُ مُدَّخَرٌ والدهرُ مُفْتَعَلُ

كأنّها لحظةُ الإشراقِ ثانيةً
الأمسُ يسكنُها والآنَ والأجَلُ

حتّى إذا بِحراءٍ كانَ موعدُها
حيثُ الأمينُ بسرّ الخلقِ مُنشغِلُ

تَدفَّقَتْ كَلِماتُ النورِ صافِيةَ
وحَمَّلتهُ حُروفا وقْعُها جَلَلُ

هيَ الحُروفُ التي قَدْ سُوّيَتْ كَلِماً
ذاتُ الحروفِ التي غَصّتْ بها جُمَلُ

لكنها فُصِّلتْ ذِكْرا تَدَبَّرَهُ
راوي حديثٍ وصوفِيٌّ ومًعتَزِلٌ

فَجِوْهَرُ الحقِّ في الآياتِ مُخْتَزَنٌ
وَمُحكَمُ الذكْرِ فيه الكَوْنُ مُخْتَزَلُ


أكْتافُ مَكّةَ بالأوْزارِ مُثَقَلةٌ
ووَجْهُها بعدَ إسْماعيلَ مُنْتَحَلُ

ودُرّةُ الأرضِ - حتّى قبل أنْ رُفِعَتْ
قواعدُ البيْتِ - يَعلو فوقَها هُبَلُ

فباطنُ الأرضِ مرويٌّ بِزَمزَمِها
وظاهرُ الأرضِ لَمْ يَنفذْ له البَللُ

ونارُ عبْدِ مَنافٍ لن تَبانَ ضُحَىً
رُغْمَ الرفادَةِ والسقْيا وما بَذَلوا

هُمْ فارقوا مِلّةَ ابراهيمَ مُعتَقَدا
كما المَعاني عن الأسماءِ تَنفصلُ

ومنْ يَكنْ سائلا عن أصْلِ دينِهِمُ
فإنّ دينَهُمُ ما تجْلبُ الإبِلُ *

وشمْسُ أمّ القُرى في ذاتِها غَرَبَتْ
وامتدَّ فوقَ الثرى ظلٌّ له ثِقَلُ

يمتدُّ للروح لولا جَذْوَةٌ بَقِيَتْ
إن تدْنُهمْ أَفَلَتْ أو تُقْصِهِمْ أَفَلوا

لكنّها حَفظَت للحقِّ لحْظَتَهُ
ولحظة الحقّ في طيّاتِها الأزَلُ

بُكاءُ طفلٍ بوادٍ لا ظلالَ به
ولهفةُ الأمّ تسعى وهْيَ تَبْتَهِلُ

سَكينة الله إذ في قلبهم نَزَلتْ
بمسْكنِ الحقّ إذ في قلبِه نَزَلوا

وعروةٌ من عُرى الإيمانِ أوْثقَها
أبٌ وخِلٌّ لأمرِ اللهِ يَمتَثِلُ


هذا ابنُ نوفلَ بعدَ البعثِ يُنبِئُهُ
بأنّ أمْركَ بالناموسِ مُتّصِلُ

وتودَعُ العُهْدَةُ العُظمى لدى رَجُلٍ
كم افتَدَيْتَ رِقابا أيّها الرَجُلُ

وتَرْتَقي سُلَّمَ الإيمانِ مُهجتُهُ
فُلْكا فَفُلْكا إلى ما دونَهُ زُحَلُ

لِسُدّةِ الكونِ أعلى اللهُ منزلَه
فأبْصَرتهُ عُيونُ القلبِ والمُقَلُ

ثُمّ اعتلتْ خلفَهُ الأفلاكَ كوكَبَةٌ
خيرُ البريّةِ هم كانوا ولم يَزَلوا

لقد أعادَ إلى الأشياءِ فِطرَتَها
وأمْرُهُ كربيعِ الدهرِ مُعتدِلُ

قد اصْطَفاهُ إلهٌ واحِدٌ أحَدٌ
مُذكرِّا بعهودِ الخلقِ من غَفلوا

هُوَ الذي اتّحدَتْ كلّ الحَواسّ بِهِ
بذكْرِهِ العيْنُ بالأنوارِ تَكتَحلُ

وإن تَراءَتْ ولو في البالِ هَيئَتُهُ
فعِطْرُ حَضْرَتِهِ في الروحِ يَنْهَمِلُ

تَوسَّعتْ في شِعابِ الحيِّ روضَتُه
ودونَها الجردُ لا ماءٌ ولا أُكُلُ

تُظلّها سِدرَةٌ يأوي الغمامُ لها
وحولَها الحيُّ يبكي حالَهُ الطلَلُ

ويَضرِبونَ لهُ من عَظْمَةٍ مَثَلا
وهمْ - وما علِموا - البرهانُ والمَثلُ

ويضرِبُ اللهُ أمثالا لَهم وَبِهم
فما لهُم بحديثٍ مثْلِه قِبَلُ

ظَنّوا الخوراقَ لا الآياتِ معجزةً
والذكرُ معجزةُ الألبابِ لو عَقِلوا

لم تنكَسفْ معَهُ شَمسٌ ولا قَمَرٌ
فالكونُ سُنّتُهُ الأسبابُ والعِلَلُ


تَسرَّبَتْ مِنْ شقوقِ الليلِ نيّتُهم
وبَيّتوا أمْرَهمْ ليلا بِما جَهِلوا

ما هَمَّ إنْ فرَّقوا ما بينهم دَمَهٌ
فإنّه بوريدِ الأرضِ يَنتقلُ

أو أخرَجوا مِنْ ظلال ِالبيتِ مركبَهُ
فَإنّه في عيونِ اللهِ مُحتمَلُ

سَرى وما أفشَتِ الصحراءُ خُطوتَهُ
وانزاحَتِ الدربُ فانحازَتْ له السُّبُلُ

إذ ثانِيَ اثنينِ كانَ اللهُ ثالثهم
والمُشركونَ على آثارِهِ اختَتَلوا

يقولُ في الغارِ لا تحْزَنْ لصاحِبِه
فيُرْتَجُ الغارُ دون القومِ والجَبَلُ

وتَنتهي رحلةُ الآمالِ إذْ بَلغَتْ
ما ليسَ يبلُغُهُ من نفْسِهِ الأمَلُ


يا َمْن بِيَثربَ أرسى صَرْحَ أمّتِهِ
لا دْولةً قد خَلتْ من قبلِها دُوَلُ

يا سيّدَ الخَلقِ عُذرا إنَّ أمّتَنا
تَفرّقَتْ مِللا في رحمِها مِللُ

جِراحُ قَيْصَرَ لا تَجْري وإنْ نُكِئتْ
وجرحُ قومِكَ جارٍ وهْوَ مُندَمِلُ

كأنّما جنّةُ الفردوسِ ما اتّسَعَتْ
لِجَمْعِهمْ فَعَلى أبوابِها اقتَتَلوا

فاليَومِ أُسقِطَ - أو قَدْ كادَ- مِنْ يَدِهِمْ
وَمنْ بَغوْا حَصَدوا شَرَّ الذي عَمِلوا

لَمْ يَسلُكوا سُبُلا بين الحروفِ ولم
يَسْتَشْرِفوا غَدَهم في جلِّ ما فَعَلوا

وموكِبُ النورِ ماضٍ نحوَ وجْهَتِه
لَنْ يُدْرِكوهُ إذا حَيْثُ ابتدا قَفلوا


* تناص مع بيت الشعر المعروف لنصر بن سيار


(البحر البسيط)

الله
حروف من نور
جاءت في خريدة تثير الدهشة
وهذا ديدنك شاعرنا السامق
تغزل الحرف بكل ابداع وتألق
وتجبرنا على الابحار بين امواجه
بكل حب وشغف.
اللهم صل وسلم وبارك على سيد الخلق
وكل عام وامتنا الاسلامية بخير
نسأل الله ان يعم السلام والمحبة والاستقرار كل شعوبنا العربية
تحية تليق
وكل الود والورد

[أحلام المصري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد إبراهيم

قافلة بين غارين

قَوافلُ النورِ عْبَر الدهرِ تَنْتَقِلُ
في كلّ عَصْرٍ لها حِلٌّ ومرتَحَلُ

تُعرّفُ الدرْبَ والأنحاءَ وجْهَتُها
لا شرقَ أو غربَ إلا حيْثما تَصِلُ

وحين ضاقَ سبيلُ الوافِدينَ على
بابِ السلامِ وكادَ العِقْدُ يكتَمِلُ

توَهّجَتْ في حَنايا الدهْرِ بارقَةٌ
والكونُ عادتْ له أسماؤُه الأوَلُ

فاستَشْعَرَ الحِبْرُ في الأسفارِ مَقْدَمَها
وفاضَ يَجري بِما جاءتْ به الرُّسُلُ

لم يَتّسِعْ لمَداها الدهرُ ما تُلِيَتْ
فاللوحُ مُدَّخَرٌ والدهرُ مُفْتَعَلُ

كأنّها لحظةُ الإشراقِ ثانيةً
الأمسُ يسكنُها والآنَ والأجَلُ

حتّى إذا بِحراءٍ كانَ موعدُها
حيثُ الأمينُ بسرّ الخلقِ مُنشغِلُ

تَدفَّقَتْ كَلِماتُ النورِ صافِيةَ
وحَمَّلتهُ حُروفا وقْعُها جَلَلُ

هيَ الحُروفُ التي قَدْ سُوّيَتْ كَلِماً
ذاتُ الحروفِ التي غَصّتْ بها جُمَلُ

لكنها فُصِّلتْ ذِكْرا تَدَبَّرَهُ
راوي حديثٍ وصوفِيٌّ ومًعتَزِلٌ

فَجِوْهَرُ الحقِّ في الآياتِ مُخْتَزَنٌ
وَمُحكَمُ الذكْرِ فيه الكَوْنُ مُخْتَزَلُ


أكْتافُ مَكّةَ بالأوْزارِ مُثَقَلةٌ
ووَجْهُها بعدَ إسْماعيلَ مُنْتَحَلُ

ودُرّةُ الأرضِ - حتّى قبل أنْ رُفِعَتْ
قواعدُ البيْتِ - يَعلو فوقَها هُبَلُ

فباطنُ الأرضِ مرويٌّ بِزَمزَمِها
وظاهرُ الأرضِ لَمْ يَنفذْ له البَللُ

ونارُ عبْدِ مَنافٍ لن تَبانَ ضُحَىً
رُغْمَ الرفادَةِ والسقْيا وما بَذَلوا

هُمْ فارقوا مِلّةَ ابراهيمَ مُعتَقَدا
كما المَعاني عن الأسماءِ تَنفصلُ

ومنْ يَكنْ سائلا عن أصْلِ دينِهِمُ
فإنّ دينَهُمُ ما تجْلبُ الإبِلُ *

وشمْسُ أمّ القُرى في ذاتِها غَرَبَتْ
وامتدَّ فوقَ الثرى ظلٌّ له ثِقَلُ

يمتدُّ للروح لولا جَذْوَةٌ بَقِيَتْ
إن تدْنُهمْ أَفَلَتْ أو تُقْصِهِمْ أَفَلوا

لكنّها حَفظَت للحقِّ لحْظَتَهُ
ولحظة الحقّ في طيّاتِها الأزَلُ

بُكاءُ طفلٍ بوادٍ لا ظلالَ به
ولهفةُ الأمّ تسعى وهْيَ تَبْتَهِلُ

سَكينة الله إذ في قلبهم نَزَلتْ
بمسْكنِ الحقّ إذ في قلبِه نَزَلوا

وعروةٌ من عُرى الإيمانِ أوْثقَها
أبٌ وخِلٌّ لأمرِ اللهِ يَمتَثِلُ


هذا ابنُ نوفلَ بعدَ البعثِ يُنبِئُهُ
بأنّ أمْركَ بالناموسِ مُتّصِلُ

وتودَعُ العُهْدَةُ العُظمى لدى رَجُلٍ
كم افتَدَيْتَ رِقابا أيّها الرَجُلُ

وتَرْتَقي سُلَّمَ الإيمانِ مُهجتُهُ
فُلْكا فَفُلْكا إلى ما دونَهُ زُحَلُ

لِسُدّةِ الكونِ أعلى اللهُ منزلَه
فأبْصَرتهُ عُيونُ القلبِ والمُقَلُ

ثُمّ اعتلتْ خلفَهُ الأفلاكَ كوكَبَةٌ
خيرُ البريّةِ هم كانوا ولم يَزَلوا

لقد أعادَ إلى الأشياءِ فِطرَتَها
وأمْرُهُ كربيعِ الدهرِ مُعتدِلُ

قد اصْطَفاهُ إلهٌ واحِدٌ أحَدٌ
مُذكرِّا بعهودِ الخلقِ من غَفلوا

هُوَ الذي اتّحدَتْ كلّ الحَواسّ بِهِ
بذكْرِهِ العيْنُ بالأنوارِ تَكتَحلُ

وإن تَراءَتْ ولو في البالِ هَيئَتُهُ
فعِطْرُ حَضْرَتِهِ في الروحِ يَنْهَمِلُ

تَوسَّعتْ في شِعابِ الحيِّ روضَتُه
ودونَها الجردُ لا ماءٌ ولا أُكُلُ

تُظلّها سِدرَةٌ يأوي الغمامُ لها
وحولَها الحيُّ يبكي حالَهُ الطلَلُ

ويَضرِبونَ لهُ من عَظْمَةٍ مَثَلا
وهمْ - وما علِموا - البرهانُ والمَثلُ

ويضرِبُ اللهُ أمثالا لَهم وَبِهم
فما لهُم بحديثٍ مثْلِه قِبَلُ

ظَنّوا الخوراقَ لا الآياتِ معجزةً
والذكرُ معجزةُ الألبابِ لو عَقِلوا

لم تنكَسفْ معَهُ شَمسٌ ولا قَمَرٌ
فالكونُ سُنّتُهُ الأسبابُ والعِلَلُ


تَسرَّبَتْ مِنْ شقوقِ الليلِ نيّتُهم
وبَيّتوا أمْرَهمْ ليلا بِما جَهِلوا

ما هَمَّ إنْ فرَّقوا ما بينهم دَمَهٌ
فإنّه بوريدِ الأرضِ يَنتقلُ

أو أخرَجوا مِنْ ظلال ِالبيتِ مركبَهُ
فَإنّه في عيونِ اللهِ مُحتمَلُ

سَرى وما أفشَتِ الصحراءُ خُطوتَهُ
وانزاحَتِ الدربُ فانحازَتْ له السُّبُلُ

إذ ثانِيَ اثنينِ كانَ اللهُ ثالثهم
والمُشركونَ على آثارِهِ اختَتَلوا

يقولُ في الغارِ لا تحْزَنْ لصاحِبِه
فيُرْتَجُ الغارُ دون القومِ والجَبَلُ

وتَنتهي رحلةُ الآمالِ إذْ بَلغَتْ
ما ليسَ يبلُغُهُ من نفْسِهِ الأمَلُ


يا َمْن بِيَثربَ أرسى صَرْحَ أمّتِهِ
لا دْولةً قد خَلتْ من قبلِها دُوَلُ

يا سيّدَ الخَلقِ عُذرا إنَّ أمّتَنا
تَفرّقَتْ مِللا في رحمِها مِللُ

جِراحُ قَيْصَرَ لا تَجْري وإنْ نُكِئتْ
وجرحُ قومِكَ جارٍ وهْوَ مُندَمِلُ

كأنّما جنّةُ الفردوسِ ما اتّسَعَتْ
لِجَمْعِهمْ فَعَلى أبوابِها اقتَتَلوا

فاليَومِ أُسقِطَ - أو قَدْ كادَ- مِنْ يَدِهِمْ
وَمنْ بَغوْا حَصَدوا شَرَّ الذي عَمِلوا

لَمْ يَسلُكوا سُبُلا بين الحروفِ ولم
يَسْتَشْرِفوا غَدَهم في جلِّ ما فَعَلوا

وموكِبُ النورِ ماضٍ نحوَ وجْهَتِه
لَنْ يُدْرِكوهُ إذا حَيْثُ ابتدا قَفلوا


* تناص مع بيت الشعر المعروف لنصر بن سيار


(البحر البسيط)

بورك النبض و المداد شاعرنا القدير

قصيد رائع
أسعدني المرور و القراءة

احترامي و كل التقدير

و عود أحمد

[عبدالرشيد غربال]

صباح النور والحبور جهاد..

وتَرْتَقي سُلَّمَ الإيمانِ مُهجتُهُ
فُلْكا فَفُلْكا إلى ما دونَهُ زُحَلُ

فُلْكا..بضم الفاء وتسكين اللام ، أليست السفينة؟

أرى ...نجمات فنجما أقرب دلالة وشاعرية وتناسبا مع زحل..ههههههن

[عبدالرشيد غربال]

هُمْ فارقوا مِلّةَ ابراهيمَ مُعتَقَدا
كما المَعاني عن الأسماءِ تَنفصلُ

عذبة ضرورة وصل همزة إبراهيم..جدا جدا
لكن قراءة التشبيه تحتاج حوارا..
أحسب أن العلاقة بين الأسماء والمعاني علاقة محايثةأفلاطونية ، لا علاقة مفارقة ارسطية

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد

نفس طويل بسيط جميل معاني عميقة غرض نبيل من اروع ما قرأت وجب خلع البردة عليك ايها الحبيب جهاد
واعذرني فقد عقدت الدهشة لساني ونسيت ان ارحب بك
اهلا بك في فينيقك

شكرا لك أخي الحبيب عدنان .. كل المحبة

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد

ظَنّوا الخوراقَ لا الآياتِ معجزةً
والذكرُ معجزةُ الألبابِ لو عَقِلوا

لم تنكَسفْ معَهُ شَمسٌ ولا قَمَرٌ
فالكونُ سُنّتُهُ الأسبابُ والعِلَلُ


تَسرَّبَتْ مِنْ شقوقِ الليلِ نيّتُهم
وبَيّتوا أمْرَهمْ ليلا بِما جَهِلوا

لنبل الكلام ونبل الغرض
ولانه المصطفى صلى الله عليه وسلم
يرفع النص للتثبيت

يا ليتهم يفقهون أن سنة الكون هي العلة
شكرا على اختيارك تلك الأبيات

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرشيد غربال

وأي بشرى ؟ !!
وأي انشراحة هاته؟!!

جهاد ؟!!
وأين عماد؟
ثم إنك لست ممن يضطرون إلى الحواشي
أنت أكبر من أي تناص..

في ( إما أو ) لسيرن كيركجارد تفصيل دقيق لمدارس الوجود

وكيف ينهض التهكم بلونه السقراطي بدور الترقي من مدرج الدون خوانية إلى الكانطية وصولا إلى الإبراهيمية ..
وإني أراك بلغت...هنيئا وطوبى..
كعب بن زهير...
البوصيري..
شوقي..
قرأت هنا ملحمة المديح كلها
شكرا جهاد..

شكرا لأريحيةالشعر الذي لا يجادل أحد في كونه الشعر

أعجزتني عن الرد ... كل الشكر والتقدير لك أخي الحبيب

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرشيد غربال

والآن يروق المقام بالوهج

بك يطيب المقام

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي

الوارف جهاد إبراهيم
مرحى بعودتكم
وبروحانياتكم
التي جاءت ببديع الكلام
وبمتانة البناء
وبتمدد المعنى

بوركتم
وطاب مدادكم

كل الشكر والتقدير على حسن الاستقبال

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الإله اغتامي

تستحق خلع البردة أيها الشاعر الكبير جهاد ابراهيم . فعلا قصيدة سامقة ترقى إلى بردة البوصيري وشوقي استمتعت بقرائتها بيانا وشعرا ومعنى . جعلها الله في ميزان حسناتك . شكرا على الإبداع الراقي . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . مودتي وتقديري...تحياتي...

هذا من فرط لطفك ويسعدني أنك استمعت بها

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوري الوائلي

قصيدة رائعة جعلها الله في ميزان حسناتك ورزقك الله شفاعة المصطفى

اللهم صل على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم

احسنت شاعرنا الكبير

شكرا لتفاعلك الجميل

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرشيد غربال

ودرة الأرض حتى قبل......
حبذا ما سوغ كسر ( قبل )....

وأي ( حتى ) هاته؟
آه...كم اشتقت للمناظرات الشيقه..

عذرا لمن ضعف نظره وارتجفت يداه. لا مسوغ إلا ضعف التركيز في الطباعة

[جهاد إبراهيم]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي

وحين ضاقَ سبيلُ الوافِدينَ على
بابِ السلامِ وكادَ العِقْدُ يكتَمِلُ
كاد ..
للأسف سدت جميع المنافذ وتسربت من أفقهم بشائر رمادية تغلف وجه الخروج
مرحبا بعودة شاعرنا جهاد نورت الفينيق ومازلت أذكر حوارا رائعا جمعنا ، نحن أعضاء الفينيق، بك على شرفة قصيدة ونقاش وفنجان قهوة

تقديري بلا ضفاف

أهلا بالزهراء ... بالتأكيد أذكر ... وشكرا جزيلا لك