العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ 📜 ▆ 📜 دار العنقاء 📜 ▆ 📜 ▂ > 🔰 سجلات الايداع>>>

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-2012, 01:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني

الصورة الرمزية المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني غير متواجد حالياً


افتراضي (متى تعود النوارس ــ محمد الدبعي ( أبو عبد الله ) / رقم الايداع : م.د / 8 / 2011)

رفيقةُ الشاطئ
ــــــــــــــــــــــــ

إَنِّي نَذَرتُ حَصَافَتي وَفَرَاسَتِي
لِسَفينَةٍ مَفقُودَةِ الأَوصَالِ
ثَلجُ الشِّرَاعِ انسَابَ فَوقَ قُوامِهَا
هَيفَاءَ تَلبَسُ هَدأَةََ الشَّلالِ
حَضَنَ المُحيطُ مَسيرَهَا وَكَأنَّمَا
كَبِدُ السَّمَاءِ يَضُمُّ وَجهَ هِلالِ
فَنَسَجتُ مِن ذَاتِ الشِّراعِ مَسيرَتِيلِ
رُكُوبِ صَهوَةِ فَيلَقِ التِّرحَالِ
كَالسِّندبَادِ تَبِعتُهَا فِي رِحلَةٍ
المَوتُ فِيهَا مَضربُ الأَمثَالِ
مَوجٌ عَلى صَدرِي يُفَتِّتُ رِحلَتي
سَيفٌ سَليلٌ فِي يَدِ الخَيَّالِ
وَلَحِقتُ بِالأَقمَارِ قَبلَ أُفُولِها
أَوقَفتُهَا . وَشَرعتُ بِالتِسآلِ
قَالُوا رَأَينَا فِي المَدى حُورِيَّةً
شَقَّت عُبَابَ المَاءِ كَالمُختَالِ
فَلَحِقتُهَا حَتَّى تَجَاذبَ طَيفُنَا
إِثرَ التِقَاءِ جَوابِها بِسُؤالِي
طَوقْتُها بِهدِيرِ مِجدَافِي الذِي
رَسَمَ المَدَى دَوَّامَةَ الأَهوالِ
حَتَّى ارتَمَتْ بِشِراعِها فِي مَوجَتِي
كَقِلادَةٍ مَوصُولَةٍ بِحِبَالي
فَجَمَعتُ أَوصَالِي بِقَلبِ سَفِينَتي
وَرَميتُ مِرسَاتِي بِبَحرِ خَيَالِي
وَعَزفتُ لَحنَ النَّقشِ فَوقَ رُمُوشِها
والمِيلُ زَغرَدَ فِي يَدِ الكَّحَّالِِ
وَرَشَفتُ مِن كَفِّ العَروسِ قَصِيدةً
نَقشَاً يُتَرجِمُ سَكرَةَ الأَطلالِ
حَتَّى النَّوَارِس رَافَقَتنَا عُنوَةً
والمَاءُ أَثلَجَ رَنَّـةَ الخُلخَالِ
نَهرُ الحَنينِ يَفيضُ مِن شِريَانِها
كَتَتَابُعِ الهَزَّاتِ فِي الزِلزَالِ
لا تَجنَحِي للهَجرِ يَا ابْنَةَ حَارَتِي
مَرسَى الرَّحِيلِ مُثَبَّتٌ بِجِبَالِ
فَالرِّيحُ تَعصِفُ مِن رَفِيفِ جَوَانِحِي
والمَوجُ يَخشَى حَربَتِي وَنِبَالِي
والحُوتُ مِن فَجِّي يُوَلِّي دُونَمَا
أَيُّ التِفَاتٍ صَوبَ خَطوِ رِجَالِي
والبَحرُ مِنْ بَطشِي يَعُوذُ وَقَد رَأَى
غَضَبِي يُرَتِّلُ سُورَةَ الأَنفَالِ
لا تُرهِقِي مَوجَ الرَّحِيلِ حَبيبَتِي
وارمِي شِرَاعَكِ فِي رُبُوعِ رِحَالي
إِن كُنتِ فِي لُجِّ المُحِيطِ فَذَا أَنَا
أَو كُنتِ فِي المِينَا فَذَا مَوَّالِي
أَينَ المَفَرُّ أَيَا رَفِيقَةَ شَاطِئِي
البَحرُ بَحرِي والرِّمَالُ رِمَالِ



وقفة على القناطر
__________

خريفٌ يعودُ وطَيرٌ يهاجـر
يُذَكِّـرُني بالرَّبيعِ المُغادر
يُـرفرفُ حيناً و حيناً يجوبُ السَّحابَ المُسَالـم
يَهُبُّ بذاكرتي كالنَّسـائـم
يسافرُ بي عبرَ تلكَ القَنـاطِـر
يُـقَلِّبُ فيها بَقَايا الدَّفَاتـر
لينقُـلني مِن مَكانٍ لآخَـر
من الثَّـلجِ في قُبلَـةِ الشَّمسِ حتى ابتلاعَ البِحَارِ قَطيعَ البَوَاخِـر
فراقٌ ... وداعٌ ... دموعٌ ... قلوبٌ ... ضمائـر
أليسَ لِعُشَّـاقِنا قِصَّـةٌ في ظِلال القَنَـاطـر !
بلا قد رأيتُ الكثيرَ الكثيـر
فقدْ كُنتُ يَومَـاً صَبيـاً صَغير
يبيعُ الفَطَـائر
فوفـدٌ يَجيءُ
وَوَفـدٌ يَـرُوحُ
وكفٌ تَـلُوحُ
وقاطرةٌ قد أَتتْ بالبشائـر
وكنتُ أرى في الرَّصيفِ المُجاور
فتاةً جميلة
تُـراقبُ سَاعَتها في قَـلق
وَتَـقضِمُ أَظفَارَها في قَـلق
ودقاتُ خَفَّـاقِها تَسـتبيـحُ المَحَاوِر
وكان انتهاءُ الأَسى والأَرق
قدومُ الحبيبِ المسافـر
وعاد نهارٌ جديـد
وشهرٌ جديـد
وعدتٌ لأرقُبَ نَظَـراتٍ تَعتَـريها الدُّمـوع
وراحَ الحبيبُ لكونٍ بعيـد
كَقَـاطرةٍ لا تودُّ الرُّجوع
وتبقَى الحَبيبـة
على حـرِّ جَمْـرِ انتظارِ المُغَامـر
وحين كَبِرتُ رَكِبتُ القطار
وصِرتُ أبيعُ التذاكـر
طَوالَ النهار
وكنتُ أرى لَوعَـةً في العُيـون
حين الفراق
قلوبٌ يُفَتِّـتُـها الاشتياق
بذاكَ القطار
قطارٌ كبيرٌ كثيرُ المَقَـاعـد
فذاكَ حبيبٌ يُقلِّبُ في صَفَحاتِ الجَرَائِـد
وتلك الحبيبـة
تُقَلِّبُ في الليلِ جمرَ المَوَاقـد
وتشربُ من لَهبِ الانتظار
وفي الليلِ حين يغيبُ الجميـع
أُضيءُ الشموع
وأمكثُ في بَيـتِيَ المُستَعَار
وقلبي حَـرِيـقٌ
وعقلي غَـرِيـقٌ
بتلك المَشَـاهـد
ففي كل يومٍ يجيءُ مسافـر
وفي كل يومٍ يروحُ مسافـر
وقِمَّـةُ ما يستَحِـقُّ الدُّموع
ويتركُ حَـشْـرَجَـةً في الضَّمَائـر
حين تذوبُ بقايا الشُّـموع
وتحيا بقلبي جراحُ المَشَـاعـر
ويغشى ظلامٌ عجيـب
وصمتٌ رهيـب
ربوعَ القناطـر
فأبقى وحيـداً بذاك القطار
وأجلسُ في مُلتقَى الانتظار
لأنفُـثَ سُـمَّ السَّجَـائـر
ويبقى القطارُ الكبيـرُ الكبيـر
وتبقى بَقَـايا التذاكر
فعولن وما يتبعها من قاطرات



عَـودة المُحَـارب الثانـي عَشَـر
______________

يَا فَارِسَـاً
حَـرِّر عَنَـانَ الخَيـلِ كَسِّـر مِعْقَـلَه
عَلِّمهُ مَعنَـى الحَمحَمَـة
مُـرهُ أَن اعبُـر مِن حُدُودِ الجَـدوَلِ
لَملِمْ جِرَاحَكَ والدُّمُـوعَ ذَخيـرَةً
واضرِب رِقَابَ القَيـدِ ضَربَ المِنجَـلِ
فَالصَّدرُ مِن صَخرِ القِلاعِ بِنَـاؤُهُ
والعَيـنُ أَصفَى مِن صَفَاءِ السَّجنجَـلِ
زَلـزِلْ بِـوَقعِ خُطَاكَ كُلَّ مَدينَةٍ وَمُعسكَـرٍ وَمُخَيَّـمِ
لَجِّـم لِجَامَ الصَّمـتِ يَا أَحلَى جَوَادٍ بِالصَّهِيلِ المُلهِـمِ
نَادِي عَلَى مَا قَـد تَبَقَّى مِن ضَمِيـرٍ مُقعَـدِ
إِصطَبلُكُـمْ مَا عَادَ يُجـدِي
إِصطَبلُكُـم وَقُيُـودُكُم حَيْـرَى وَكَسْـرَى
يَا وَيلَكُمْ يَا جُنـدَ كِسْـرَى
إِنِّي أَرَى رَعـداً وَبَـرقَـًا سَاطِعـًا مِن خَلفِ عَيـنِ الأَدهَـمِ
وَأَرَى عَلَى أَشفَارِهِ أُسطُـورَةً مَمـزُوجَـةً بِتَحَمحُـمِ
وَأَرَاهُ يَمضَـغُ فِي اللِّجَـامِ وَقَـد تَحَنَّـى بِالـدَّمِ
وَأَراهُ قَـد رَكِبَ الفَضَاءَ بِحَافِـريهِ وَرَفرَفَت بِجَبِينِهِ خُصَـلُ الحَـرِيرِ المُلهَمَـة
وَبِحَـدِ خِنجَـرِ صِدقِـهِ انقَطَعَـت شِفَاهُ (مُسَيلَمَـة)
شَتَّانَ مَا بَينَ الصَّهيلِ وَبَينَ آفَـاتِ اللُّغَـاتِ المُبهَمَـة
وَأرَى بِمَقلَـةِ عَينِـهِ تَاريخَ قَريَتِنـا القَـدِيم
بِشُمُوسِهَـا وَظِلالِهَـا
بِشُمُوخِهَـا المَحفُـورِ نَقشَـًا فِي تَعَارِيجِ الأَدِيـم
فِي النَّخـلِ فِي الصَّـبَّـار
فِي التِّيـنِ والزَّيتُـون
فِي طُـورِ سِينَاءَ الحَـزِين
فِي رِقَّـةِ الأُم الحَنُـون
وَيَكونُ أَن تَأتِي إِلَينَا بَعـدَ آلافِ السِّنِيـن
يَا رَمـزَ نِيسَانَ الحَزِيـن
سَـرَقَ الذِينَ تَآمَـرُوا أَطَفَالَنَـا وَنِسَاءَنَـا
سَـرَقُوا الصَّبِيَّ وَجُـبَّـهُ وَقَمِيصَـهُ
سَرَقُـوا البَصِيرَةَ والعُيُـون
سَرَقُـوا الكَوَاكِبَ كُلَّهَـا والشَّمـسَ والقَمَـرَ الحَنُـون
آهٍ أَيَـا ليلاً خَـؤُون
تَرَكُـوا القَمِيصَ مُمَزَّقـًا وَمُبَتَّـرَا
وَذَرُوا الثُّـرَيَّـا فِي غَيَابَاتِ الثَّـرَى
سَرَقُـوا مِنَ الأَعـوَامِ شَهـرَا
سَرَقُـوكَ يَا تِشـرِيـن
تَبـًّا لِكُـلِّ الحَاقِدِيـن
تَبـًّا لِمَن أَسَـرَ الخُيُـول
تَبـًّا لِمَن كَتَـمَ الصَّهِيـل
سَيَعُودُ يَـا يَعقُوبَ يَومـًا طِفلُك الثَّـانِي عَشَـر
سَيَعُـودُ لِلعَيـنِ البَصَـر
سَيَعُـودُ طِفـلُ الأَكرَمِيـن
سَيَعُـودُ لِلأَعـوَامِ يَومـًا شَهـرُهَا الثَّـانِي عَشَـر
سَتَعُودُ يَـا تِشـرِين
رَمـزًا لِكُـلِّ العَائِدِين
سَيَعُـودُ كُلُّ مُهَاجِـرٍ وَمُهَجَّـرٍ يَومـًا إِلى هَـذا العَرِيـن
مِثـلُ المَطَـر
مِثـلُ القَـدَر
وَسَيَـرجِعُ الشِّبـلُ الصَّغِيـرُ مُحَارِبـًا ثَانٍ عَشَـر

التفعيلة : متفاعلن



" حَبيبتي خَلفَ الحُدود "
________________

أنا إن كُنتُ قد أَفنَيتُ في أَهدابكِ العمرَ
فلن أَبكي على العهدِ الذي مَـرَّ
وكم مَـرَّ
من الأَيامِ والأَعوامِ في حُـبٍّ طُفُوليٌّ
وما بَقيَتْ سِـوَى الذكرَى
تُلَملِمُ غُصَّـةَ الصَّبَـارِ في رئتي وتَعصِرُهَـا
تَـلُمُّ الليل من أَركانِ دُنيانا
وتُسـكِنَهُ حَنَايانا
وقد نَـزَعَتْ شُجُـونُ الليلِ من أَيَّامنـا الفجرَ
يطولُ الليلُ ساعاتٍ وساعاتٍ
يروحُ القلبُ في ماضٍ وفي آتٍ
يجوبُ البرَّ والبحرَ
فلو كَتَبتْ ليالينا السُّـوَيعَاتِ التي كُنَّـا قَضَيناها
ولو ظَلَّتْ فناجينُ المسرَّاتِ التي كُنَّـا شَـربناها
ولو ظَلَّتْ على الشفتين بسماتُ الحبيبينِ التي كُنَّـا رَسَـمناها
لما صَارت بساتينُ الدُّنَـى قَفْـرَا
ولو ظلَّ المدى رَحباً بلا بُعدٍ حُدُوديٍّ
لما ظَلَّتْ حَبيبـةُ قَلبِيَ البالي
تُلَوِّحُ باليدِ اليُمنى
وتَشربُ لَهفَةَ الذكرى
ويَشربُ وردُ خديها لَظَى عَبَرَاتها الحَـرَّى
فقد كنا قُبَيْـلَ العامِ زَنبقتين في رَيعانِ عُمرِهِمَا
تُداعِبُنا أَزاهيرُ النَّـدى حينا
تُراقِصُـنا فَراشاتُ المَدى حينا
ويعزفُ أجملَ الألحانِ سِربٌ مِن حَسَاسِينا
فكلُّ صباحِنا أَملٌ ، وكلُّ مسائِنا غَزَلٌ ، وكلُّ حياتِنا عِطرٌ يواسينا
وخَيَّـمَ بعدَهَا ضَنَـكٌ
فطارَ الحبُّ في أَقصى أَقَاصِيهِ
وحلَّ البُعدُ في أَبهَى لَيَالِينا
ولا زِلنا بِغُربَتنا كَنَجمٍ يَرقُبُ القمرَ
ولا زالتْ دُمُوعُ العينِ مسكُوبَةْ
ولا زالتْ أَيَادينا عَلى الخَدَّينِ مَصلُوبَةْ
فيا رَقْراقَةَ الدمعِ التي نَصَبَ الفراقُ لقلبها قَبرا
عيوني عنكِ لمْ تغفلْ
وقلبي لم يُطِقْ صَبرا
وحتى الآن لا زالَ الشَّـذا باقٍ على الذكرَى
وأَخشى كلُّ ما أَخشى
بأنْ تَنسينني يَومَاً ويُصبِحُ عَـرشُنَا نَعْشَـا
أَيَا مَحبُوبَتي الصُّغـرى
أَيَا أُسْطُـورتي الكُبرَى
أنا إن كنت قد أفنيت في أهدابكِ العمرَ
فلنْ أبكي على العهدِ الذي مرَّ
التفعيلة : مفاعلتن



وَصِيَّة بَني زَيتُون
_____________

تَغفُـو هُنَا زَيتُـونَةٌ
فِي ظُلمَةِ الليـلِ انْـزَوتْ أَجفَانُهَـا

والسَّوسَنَـة

تَدنُـو إِلَيها بَاكِيَة
تَحبُـو عَلَى أَطـرَافِ تِلكَ العَتمَـةِ
يَا جَـدَّتِي . . يَا جَـدَّتِي
نَادتْ عَلى تِلكَ التِي فِي وَجهِهَا آلافُ آلافُ التَجَاعِيدِ القَدِيمَةِ والصُور
استَيـقَظَت
فِي صَحوِهَا
تَصحُـو تَوَاريخٌ تُحَيِّـي نَظـرَةً مِن عَينِهَا
قَامَتْ تُـوَاسِي دَمعَتِي
فِي صَوتِهَا آلافُ آلافُ التَعَاويذِ القَدِيمَةِ والعِبَـر
مَا العِلَّـةُ . . ؟
اِسمُ الذِي بَـرَأَ الدُّنَى يَرعَاكِ يَا مَحبُـوبَتِي
ماذا دَهَاكِ . . ما بِكِ . . ماذا جَـرَى . . ؟
كَفْكَفْـتُ دَمعِي حَولَهَـا
وَأَجَبتُهـا
لَمْ أَدرِ مَاذا قَـد جَـرَى
لَكِنَّنِي واللـهُ يَـدرِي خَائِفَـة
أَو هَارِبَـة
مِنْ لَستُ أَدرِي هَارِبَـة
لا تَحزَنِي يَا طِفلَتِي
لا تَجـزَعِي
لا تَفـزَعِي
لا تُرهِقِي تِلكَ الجُفُـونُ النَّاعِسَة
لا تَنظُـرِي كَالبَائِسَـة
إِنْ كَانَ كَابُوسـًا فَلا تَستَغـرِبِي
أَمـرٌ يَسِيـرٌ أَنْ نَـرَى جُـزءاً مِنَ الأَحدَاثِ فِي أَحلامِنَا
أَو مَشْهَـداً مِن مَسـرَحِ المَأسَـاةِ أَو عَظمـًا تَهَاوَى مِن بَقَايَـا جُمجُمَـة
أَو كَارِثَـة
فَالصَّـحُّ أَنْ لا تَفْـزَعِي يَا طِفلَتِي
لا تَجْـزَعِي
مِنْ غَيرِ ذَاتِ اللهِ لا
لا تَجْـزَعِي
نَامِي هُنَـا
لا تَذرِفِي تِلكَ الدُّمُـوعِ الغَالِيَـة
نَامِي عَلى مَهدِي فَإِنِّي رَاحِلَـة
أَو زَائِلَـة
لا لَن أَكُونَ الخَالِدَة
فَاستَـوطِنِي فِي مَوطِنِي
زَيتُـونَةً لا زَهـرَةً تَبكِي عَلى أَورَاقِهَـا
أَو رِيحِهَـا
زَيتُـونَةً فِي الأَرضِ جَارٍ جَـذرُهَا
كُونِي صُخُوراً صَلبَـةً
كُونِي هُنَـا الأُسطُورَةَ
مَأوىً لِكُلِّ الخَائِفِينَ الجُـزَّعِ
كُونِي ظِلالاً للشُّيُـوخِ الرُّكَّـعِ
كُونِي مَلاذاً للجِيَاعِ الرُّضَّـعِ
كُونِي هُنَـا مَرثِيَّتِـي
كُونِي كَطَعمِ القَهـوَةِ
فِي مَأتَمِي
وَتَحمَّلِـي بَعدِي فَبَعدِي لَنْ يَكُونُ الحُلمُ حُلـْواً يُشتَهَـى
لَكِنَّنِي أُوْصِي وَصِيَّـةَ مِيتَتِي أَو رِحلَتِي للآخِـرَة
مِنْ مَاءِ بِئـرِ الزَّمـزَمِ
أَو نَبعِ بَاذَانٍ وُضُوئِي فَليَكُـن
إِنْ شَـحَّ مَاءُ البِئـرِ أَو ضَاعَتْ بَقَايَـا النَّبْعِ لا تَبكِـي
فَلَنْ تُجدِيكِ حَربُ الأَدْمُعِ
بَل يَمِّمِـي تِلكَ الضُّلُـوعُ الفَانِيَـة
تِلكَ العِظَامِ النُّخَّـرِ
مِمَّا تَبَقَّى مِن غُبَـارِ الصَّخـرَةِ
أَو مِن تُـرَابِ القَـريَةِ
إِنْ شَـحَّ رَملُ الصَّخـرَةِ
تِلكَ التِي أَسمَيتُهَا أُوصِيَّتِـي
هَلا غَفَتْ عَينَاكِ يَا مَحبُوبَتِـي
هلا رَمَيتِ الخَوفَ فِي المُستَنقَـعِ
غَنِّي لَهَا يَا كُلَّ أَطيَارِ الدُّنَـى
أَو زَغرِدِي
نَامَتْ جُفُونُ الطِّفلَـةِ
طَارَتْ كَوَابِيسُ الطُفُـولَةِ مِن هُنَـا
هَيَّـا اهدَئِي
جَفَّتْ بَقَايَـا الأَدمُعِ
يَا نَفسُ لا
لا تَجزَعِـي
مِنْ غَيرِ ذَاتِ اللهِ لا
لا تَجزَعِـي
التفعيلة : مستفعلن



جَنَّةُ الزَّقُّـوم
__________

أَمشِي عَلَى ذِكرَى الشُّـرُوق
بينَ الركامِ بِلا صَدِيـق
أَمشِي .. وَتَذكُرُنُي الطَّريـق
وَأَلُـمُّ مِن بَينِ الحَصَى نُتَفَـًا مِنَ العَهدِ العَتِيـق
تَتَعثَّـرُ الدُّنيَـا بِسَيـري إِذْ تَمُـرُّ بِخَاطِري ذِكرَى الصَّدِيقَـةِ والصَّديق
والقَلبُ يَمْضَغُـهُ الحَرِيـق
وَعَلى امتِدَادَاتِ الخُطَى صَـوتُ الطُّيُـورِ مُكَبَّـلا
تَزجُرْهُ أَصوَاتُ النَّقِـيقِ مَعَ النَّعيـقِ مَعَ النَّعِيبِ مَعَ النَّهِيـق
أَسَفَـًا عَلَى الصَّوتِ الطَّلِيـق
وَفَراشَةٍ مَكسُورَةِ الجِنحَانِ تَحيَـا فَوقَ أَنقَاضِ الحَرِيق
والنَّهـر مَعـدُومَ البَرِيق
والنَّحلُ يَمضَغُ فِي بَقَايَـا الشَّـوكِ لا يَجِدُ الرَّحِيق
أَسَفَـًا عَلى الطَّعـمِ الرَّقِيـق
تَنهيدَةٌ مَرَّتْ عَلَيَّ مَريرَةً واسْتَدركَتْ رِئَتي الشَّهيـق
لَكنَّمَـا تَنهيدَتِي سَارَتْ وَصَارتْ فِي مَسيرِي كَالرَّفِيـق
وَشَقَائـِقُ النُّعمـانِ تَنظُرُ مُكفَهراً وَجهُهَـا
أَسَفـًا عَلى لَونِ العَقيـق
أَسَفـًا عَلى مَـدِّ الخُطَى فِي جَنَّةِ الزَّقُـومِ كَالطِّفـلِ الغَـريـق
يَـا جَنَّةً أََزهَارُها أَشوَاكُهَا
وَالنَّهـرُ فِيها غَيُّهَـا
وَالتَّـلُّ فِي وَادٍ سَحِيق
يِا جَنَّـةً بُنيَانهَا يَغـدُو شُقُـوق
وَظِلالُهَـا جَمـرُ الحَـريـق
يَا جَنَّةَ الزَّقُومِ إِنِّي رَاحِلٌ
لا عَيشَ فِي قَصرٍ عَلى أَبوَابِهِ تُسبَى حَيَاتِي والحُقُـوق
سَأَعُودُ للعَهدِ الأَنِيـق
عَهـدِ الصِّبَى
عَهـدِ الرَّشَاقَةِ والبَرِيـق
عَهـدِ الصَّدِيقَةِ والصَّدِيـق
سَأَعُودُ للحُلمِ العَرِيـق
أَمشِي . . . وَتَذكُرُنُي الطَّريـق
وَتَظـلُّ َتَذكُرُنُي الطَّريـق . . . . . . وَتَظـلُّ َتَذكُرُنُي الطَّريـق .
متفاعلن



فَيرُوزِيَّـة
_____

يَا طَائِـرِي
فِي خَاطـِرِي
لا زَالَ يَأتِي مَظهَـرٌ مِنْ سُمِّـهِ قَلبـي احْتَسَـى
وَمَشاهِدٌ مِن مَهرَجَانَاتِ الأَسَـى
مُنـذُ الصِّغَـر
مُـذْ كَانَ شُبَّاكـًا قَدِيمـًا فِي جِدَارِكِ دَارِنَـا
أَرقَاهُ لَيلاً أَو نَهاراً كَي أَرَى
زَهرًا وَنَهـرًا والقَمـر
والطَيـرَ مِنْ فَـوقِ الشَّجـر
( فَيرُوزُ ) غَنَّـتْ ثُـمَّ صَرخَتُهَـا عَلَـت
" يَا طَيرْ يَا طَايِر عَلى أْطرَافِ الدِّنِي …لَو فِيكْ تِحكِي للحَبَايِبْ شُـو بِنِـي "
والطَّيـرُ لَم يَرجِعْ لَنـَا
والزَّهـرُ لَنْ يَنمُـو هُنَـا
والنَّهـرُ …لا
والكُـلُّ …لا
يَا لَيتَنِي لَم أَرْتَـقِ الشُّبَّـاكَ تِلكَ اللَّحظَـةِ
يَا لَيتَـهُ مَا كَانَ شُبَّاكِي ولا كَانَ الذي شَاهَدتُهُ فِي صَفـوِ تِلكَ الرَّبْـوَةِ
فِي صَفوِهَـا
شَاهَدتُ غُليُونـًا وَعُكَّـازاً وَكَـرشَـًا تَحتَ ظِـلِّ القَنطَـرَة
نَظَّارَةً شَمسِيَّـةً سَـودَاءَ مِثلَ المِحبَرَة
قَلَمـًا وَخِتْمـًا واسْتِمَـارَةَ سَمسَـرَة
نَعْلاً جَمِيلاً بَينَ قُطعَـانِ البَسَاطِيـرِ التِي دَاسَتْ عَلى قَطـرِ النَّـدَى
قَطـرُ النَّـدَى قَـدْ أَصبَحَـت مُستَعمَـرَة
دَمعِي عَلى هَدمِ البُيُوتِ استَنفَـرَ
شَجبَـًا بَكَى واستَنكَـرَ
حَيثُ البُغَاثُ استَنسَـرَ
شُبَّاكُنَـا وَدَّعتُـهُ
وَمُكَسَّـراً فَارَقْتُـهُ
فِي آخِـرِ الأَيَّـامِ حَولَ الحَارَةِ
أَصبَحتُ لا أَلقَى عَلَى مَرمَى البَصِيرَةِ غَيـرَ أَسرَاب الهَجِيـر
سِربٌ مِنَ الأَطفَالِ مَع سِربٍ مِنَ الأَحـزَانِ مَع طَيـرٍ يُهَاجِـرُ ظِلَّنَـا
لَكِنَّمَـا فِي هِجرَتِي
(فَيرُوزُ) لا زَالَت تُغَنِي
" سَنَرجِعُ يَومًا إِلَى حَيِّنَـا …وَنَغرَقُ فِي دَافِئاتِ المُنَى
سَنَرجِعُ مَهمَا يَمُـرُّ الزَّمَانْ …وَتَنأَى المَسَافَاتُ مَا بَينَنَـا "
التفعيلة : متفاعلن



عتـاب
_______
" عتاب " مهداة إلى الشاعر لطفي الياسيني رداً على قصائده الأخيرة

بعد التحية والسلام
ما عاد يحلو لي الكلام
لو كنت ألقي بالملام على الكلام لكان لي أن أختصر كل الكلام وأكتفي بالـ ( لا كلام )
ولتعلن الشفتان إضراباً عن الحرفِ الطليقِ ويلتوي الشريان بالغليان
يا من تناضل طول عمرك بالسلاح وباللسان
أولم تجد في بحرك الهدار يا أبتي حديثاً غير بوقِ الموتْ
يحلو لعيني البكا إذ ينحني جفني وتشنقني حبالُ الصوتْ
أنا لست أدري هل أواسي مهجتي أم أجتهد لمنيتي
أم أعتزل فن الكتابة والبيان
يا حشرجات الروح روحي
ولتنزعي مني قروحي
ولترسلي بالزاجل المغوار للمغوار ما تعاني يا جروحي
ولتقنعيه بأننا لا نستطيع العيش في حلكِ الظلام
أولست تدري أن بيتاً دون سقفٍ ليس بيتاً للكرام
أولست تدري أن ليلاً دون بدرٍ رحلةٌ لـلا أمان
كَفَى أبتي مجازفةً بأبناءٍ ليسوا سوى أتباعِ أخيارِ الأنام
كَفِّي بكفك سيدي كي نقتلع رمز الأسى من حارتي
كي ننتزع حق العروبة من براثين اللئام
كَفَى أبتي مجازفةً
وارحم رجالاً دون حبك يصبحون صِغَار في سن الفطام



قصيدة " متى تعود النوارس "
_____________

صَدَأٌ عَلَى دُسُـرِ السُّفُـن
وَأَنَا هُنَاكَ وَنَورَسٌ
نَتَأَمَّـلُ القَسَماتِ حَولَ دِيَارِنَا
نَتَبادَلُ الكَلِمَاتِ حَولَ بِلادِنَا
ورِمَالُنـا
وَمِيَاهُنـا
تَتَحَسَّـسُ الهَمَسَاتِ مِن كَلِمَاتِنا
أَتُرَى تَحِنُّ لِزَنبَقٍ ؟
يَتَجَرَّعُ البَسَماتِ عَلقَمَةً لِيُسعِدَ حَيِّنَـا
وَلِسَوسَنَة
مُتَفَتِّحَة
تَتَدَحرَجُ العَبَرَاتُ مِن نَظَرَاتِهَا
وَلِكَوكَبٍ وَلِسُنبُلَـة
وَلِحَنظَلَـة
وَلِسَارِيَـة
مُتَفَائِلـة
مُتَسَائِلَـة
عَلَمِي مَتَى تَترَاقَصُ النَّـسَمَاتُ حَولَكَ يَا تُـرَى ؟
وَمَتَى تَصِحُّ حَيَاتُنَا المُتَسَمِّمَة ؟
ونُفُـوسُنا المُتَحطِّمَـة ؟
لِمَ لا تَحِنُّ لِمِئذَنَـة ؟
ثَكَلَتكَ أُمَّكَ صَـاحَ نَورَسُنَا بِوَجهِيَ غَاضِبـًا
وَمُزَمجِـرَا
قَطَعَ الحِوارَ مَعِي وَطَارَ مُغَادِرَا
وَمُكَفكِفـًا عَبَرَاتِـهِ مُتَنَهِّدًا رَكِبَ الفَضَاءَ مُهَاجِـرَا
فَلِمَن ستترك شَطَّنَـا ؟
أَسَفـًا عَلى الفَلَوَاتِ بَعدَكَ والشَّواطِئِ والمَوَانِئِ والمَدَى
نَفثَ الفُـؤادُ عَلى فُـرَاقِكَ صَرخَـةً
نَفَسـًا تَـدَمَّـرَ فِي لَظَى رِئَتي سُـدَى
لِمَ لا تَحِنُّ إِلَى الصَّـدَى ؟
لِمَ لا تَعُـودْ ؟
قَسَمـًا بِمَن رَفَـعَ السَّمَاءَ بِلا عَمَـد
سَأُعِدُّ مَفرَزَةً مِنَ الصَّفـوِ الذِي سَيُعِيدُ نَورَسَنَا لِشَاطِئنَا غَدَا
التفعيلة : متفاعلن



نقوش غزلية
_______

نشـتَـمُّ مــن ورد الـخـدود شـذاهـا
جـوريــةٌ فـــي شـرنـقـات صـبـاهـا
قد عاش محروم الشفا من علةٍ
من لم يذق شهد الشفا بشفاهـا
وغـدا البصيـر بدونهـا أعمـى إذا
لـم تــروِ رمــشَ عيـونِـه عينـاهـا
وكـأنـمـا فـــي لحـظـهـا أســطــورةٌ
خشعت لها الأطيار فـوق رباهـا
وهـي التـي فـي صوتـهـا ترنيـمـةٌ
يمتـد مـن نـبـع الحنـيـن صـداهـا
وهـــــي الـرقـيـقــة رقـــــةً ورديــــــةً
قطر الندى بالمسـك يرسـم فاهـا
أمـا إذا احتـدم الـمـدى فلتـحـذروا
يـا ويـلَ مـن يُلـقَـى بـنـار لظـاهـا


بحر الكامل



فنجان القهوة
______

شُجَيراتٌ مِنَ البَلَـدِ
وَزَقزَقَـةٌ تَزُفُّ الزَّهـرَ للوَردِ
وَفِنجانٌ مِنَ القَهوَة
عَلى النُّضُـدِ
لُوَيحِظَةٌ
وَكَارثَـةٌ تَحِـلُّ بِنَـا
مِنَ الطَيرَانِ والجُنـدِ
وَإعصارٌ مِنَ الإِطلاقِ والقَصفِ
يَدُكُّ الأَهـلَ فِي صَيدَا
وَنهـرِ البَارِدِ المَدفُونِ تَحتَ سنابكِ النَّسفِ
وَللأَسَـفِ
تُزَفُّ رُفَاتُ عِزَّتِنَـا عَلى أَطلالِ بَلدتِنَا
وَيَرقُصُ جُندُ قِردَتِنَا عَلَى العَـزفِ
بُعَيدَ الحَادِثِ المَشـؤومِ فِي بَلَدي
ظَلَلـتُ مُرَابِطـًا وَحـدِي
وَفِنجَانِي بِقَهـوتِهِ الجَنوبِيَّـة
ظللتُ هُنَـاكَ يَا جَدِّي وَيَا وَلَدِي
ظللتُ هُنَـاكَ مَنفِيَّـًا بِلا مَنفَى
وَمَدفُونَـًا بِلا كَفَـنٍ
وَمَوءُودًا بِلا لَحـدِ
ظللتُ هُنَا بِلا وُجْـدٍ بِلا مَجْـدٍ بِلا أَحَـدِ
سِوَى فِنجَانِيَ البَاقِي عَلَى العَهْـدِ
وَأَترِبَـةٍ
وَمَأْسَـاةٍ
شَرِبتُ الكُّـلَّ مِن حَولِي
شَرِبتُ غُبَارَ بَلدَتِنَا وَإِعصارًا مِنَ الذُّلِّ
شَرِبتُ القَهوَةَ الثَّـكلَى مُغَمَّسَـةً بِطَعمِ المُـرِّ وَالوَحـلِ
ظَلَلْتُ هُنَاكَ يَا جَدِّي وَيَا وَلدِي
ظَلَلْتُ مُرَابِطـًا وَحدِي
أَنَا البَاقِي عَلَى العَهـدِ
مِنَ المَهـدِ
إِلَى اللَّحـدِ
التفعيلة مفاعلتن



وَيَبقَـى حَنظَلَـة
________

قُتِـلَ الأَمَـان
وَالأَمـنُ مَاتَ وَسَبَّـلَ الأَجفَـان
وَطَغَـت عَلَى فَجـرِ البِلادِ غِشَاوَةٌ
كَاللَّـوحَـةِ المَسلُوبَةِ الأَلوَان
لَم يَبقَ فِيهَا غَيـر جُحـرِ الأُفعُـوَان
والبُـومُ والغِـربَان
فالكُّـلُّ هَـان
حَتَّى النُّـفُوسُ الصَابِرَات عَلى الهَـوَان
شَمسُ الصَحَارِي شَاحِبٌ إِشـرَاقُهَا
والرِّيـحُ فِيها عُنفُـوَان
فَلتَرحَمِي رَحبَ المَدَى يَا رِيشَةَ الفَنَّـان
طُوبَى لِحَنظَلَةَ الذي لا يعرفُ النِّسيَـان
ما زَالَ حَتى الآنَ مُحتَفِظـًا بِـوَقفَتِـهِ الجَنُوبِيَّـة
مُتَشَبِّـثَـًا بِالأَرضِ عِملاقـًا
عَينَاهُ تَائِهتَان
بَيـنَ الصُّخُورِ وَخَلفَ بَيتِ قَصِيدَتِي
وَبِجَوفِ ظَرفٍ للمَكَـانِ أَو الزَّمان
وَيَدَاهُ كَالجِنحَان
وَالعَقـلُ بَينَ التِّـيـهِ وَالإِدرَاكِ والنِّسيـَان
تَتَلاطَمُ الآفَـاقُ فِي أَفكَارِهِ
وَبِفِكـرِهِ تَتَزَاحَـمُ الأَذهَـان
ما زَالَ حَتَّى الآنَ يَبحثُ هَائِمـًا
عَمَّـنْ يُطَمئِنُ قَلبَـهُ
عَمَّـنْ يُرَقِّـعُ ثَوبَـهُ
عَمَّنْ بَنَى للصَّبرِ فِي الصَّحرَاءِ بَيتـًا
هَل كَانَ هَذا مَارِداً أَم فَارِسـًا أَم هَيكلاً لِمَعَالِمِ الإِنسَـان
مَاتَ العَلِي نَاجٍ مِنَ البُهتَـان
قَد كَانَ مِثلَ سَفِينَةِ الصَّحرَاءِ صَبراً
بَل كَانَ رَمـزاً وَاسمُـهُ صَبَّـارَةَ الكَونِ الكَئِيب
فَلتَهدَئِـي يَا ضَجَّـةَ الصَّمـتِ الرَّهِيب
إِنِّي أَرَي فِي صَمتِ هَذا الكَون صَوتـًا يُشبِهُ الأَلحَان
فَلتَرحَمِي رَحبَ المَدَى يَا رِيشَةَ الفَنَّـان
مَاذَا أُحَـدِّثُ عَن وَطَنٍ بِلا أَمـنٍ
مَاذَا أُحَدِّثُ عَن بَيتٍ بِلا سُكَّـان
وَعَنْ سِجنٍ وَعَن سَجَّـان
هَذِي مَعَالِمُ دَولَةٍ فِي كُلِّ سَارِيَـةٍ لَهَا عَلَـمٌ
فِي كُلِّ خَارِطَـةٍ لَهَا عُنوَان
مِنْ عَقلِ كُلِّ مُفَكِّـرٍ يَرنُـو لَهَا قَلَـمٌ
فِي كُلِّ مُهجَـةِ شَاعِـرٍ يُبنَى لَهَـا دِيـوَان
فَلتَرحَمِي رَحبَ المَدَى يَا رِيشَةَ الفَنَّـان
التفعيلة متفاعلن



عَائدٌ يا دَلال
_______

فــي ثَنَـايَـا القَـلـبِ لا زَالَـــتْ شَـظِـيَّـة
مِن أَنينِ الحُزنِ فِي صَوتِ الصَبِيَّة
لَـمْ يَـزَل فِـي مَسمَعِـي صَـوتٌ رَخيـمٌ
عَــازِفٌ فِــي خَـاطِــرِي لَـحـنَـاً شَـجِـيَّـا
يـا جَريـحَ الجَفـنِ يَـا طِفـلَ الجَـنُـوبِ
أَنـتَ رَاعِـي الـكَـونَ أَمْ أَنــتَ الرَّعِـيَّـة
أَخبـرِيـنـي يَــــا دِيَــــارًا فِــــي خَـيَـالــي
كَيـفَ صَـارتْ زَهرَتِـي يَـومـاً ضَحِـيَّـة
ثُــمَّ يَــا دَاري أَجِـيـبـي عَـــن سُـؤَالــي
كَيفَ مَاتَ النَّحلُ جُوعاً فِـي الخَلِيَّـة
لا تَـسَــلْ يَـــا صَـاحِـبـي بِاللهِ عَــنِّــي
لا تَسَلنِـي عَــن ضَيَـاعِـي والقَضِـيَّـة
يـا غَريـبَ الـدَّارِ خَـفِّـفْ مِــن أَنيـنِـي
عُــــدْ بِـســيــفٍ صَـــــارِمٍ أَو بُـنـدُقِـيَّــة
وانــزَع الحُـمَّـى مِــنَ الـتَـاريـخِ واحْـــمِ
مَــــا تَـبَـقَّــىْ مِــــن دِيَـــــارٍ مَـقـدِسِـيَّــة
لا تَغُـضَّ الطَـرفَ عَنـي يَــا حَبِيـبـي
لا تَدَعـنـي فِــي فَــمِ الأَفـعَــى سَـبِـيَّـة
سَامِحِيـنـي يَــا دِيــارَ الـقُـدسِ لُطـفـاً
أَرَّقَـتـنِــي دَمــعَـــةُ الـعَــيــنِ الـسَّـخِـيَّــة
إِنَّـنِـي لَــمْ أَنــسَ بَــابَ الـــدَّارِ يَـومــاً
لَــن يَـكـونَ القَـيـدُ أَقــوَى مِـــن يَـدَيَّــا
إِنَّــــنِــــي بِاللهِ قَــــــــد أَقـــسَـــمـــتُ آتٍ
بـالـشَّـظَــايَــا أَو بَــقَــايَـــا الـبُـنـدُقِــيَّــة
وَدِّعِـيـنــي يَــــا قُــيُــودَ الـبُــعــدِ إِنِّـــــي
وَاهِـبٌ رُوحِــي إِلــى رُوحِــي ضَحِـيَّـة
هَــــــا أَنَــــــا آتٍ بِــحُــبِّــي والــهَــدِيَّـــة
فَـارْقُـبِـيــنِــي يَــــــــا دَلالَ الـمُـغــرَبِــيَّــة
بحر الرمل




في رثاء الشهيد جمال عبد الرازق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صخـورُ مدينتي تَـبكي مآسيـنا
ونحـن نئنُّ مِن مأساةِ حاضرِنا وماضينا
وحين يعنُّ في الأذهانِ ما يُـدمِي مَـآقِينا
أُعاتِبُ أَرضَ أَجدادِي
أُعاتِبُ زهرةَ الوادِي . . وحُنجـرةَ الحساسينِ
وأَصرخُ فيكَ يا وطَني
لماذا فيكَ يا وطني !!
يُباحُ القهرُ تَكـراراً
يُباحُ القتـلُ تَكـراراً … لأزهارِ الرَّياحينِ
لماذا فيكَ يا وطني نَرى الصقرَ الذي خَضَعَتْ لِنَعليهِ الدُّنَى طَوْعاً يُشَيَّـعُ فوقَ أكتافِ المَلايينِ
وقهوةُ حارَتِـي الثَّـكلَى
تُـناشِدُ كُلَّ عُشَّاقِ الفَناجِينِ
فَتضرِبُ كَـفَّها حِيناً
وتضرِبُ وَجهَهَا حِينا
وتُنْسَى فيكَ يا وطنِي مَآسِينا
جَنَيـنَا الشَّوكَ تكرَاراً وما غَـرَسَت سِوَى الأَزهارِ أَيدينـا
أَيا وَطني
سُـطورُ قَصيدَتِي تُبْكِي المَلايينَا
لأنَّ حُرُوفَهَا تَستَلُّ سِكِّينَا
فَتجرَحُني
وَتَذبَحُنِي
فإنْ سالَتْ دُموعُكَ حينَ تَسمَعُنِي
فَسَامِحْنِي
أَيَا أبناءَ هَذِي الأرض هُبُّـوا مِن غَياباتِ التُّرابِ
فكيفَ تَتِمُّ في بَلَدِي اغتِيَالاتُ الصُّقورِ عَلى الهِضَابِ
وكيفَ ( جَمالُ ) يُقتَلُ دونَ ذَنْبٍ
وكيفَ الشَّمسُ تُقتَلُ بالضَّـبَابِ
و( عَـوني ) بالرَّدَى يُـرمَى *
و( سَامـي ) بالرَّدَى يُـرمَى *
و( نائلُ ) بالرَّدَى يُـرمَى *
فَطُوبَى للشَّهيدِ تَزُفُّـهُ زَغرُودَةُ الأُّمِّ الحَنُـونِ على السَّـحَابِ
أيا أبناءَ هذا الكونِ عُذرا
لماذا حين تبكي الأُمُّ لا تَبكِي سَماءُ الكونِ دَهـرَا .. !
لماذا لا تصيرُ الأَرضُ جمـرَا .. !
لتُحـرِقَ كُلَّ أَصنافِ الذِّئـابِ
أماتَ ( جَمالُ ) أَم نَحنُ الذينَ نموتُ بعدَ رَحيلِهِ مَوتَ الذُّبَـابِ .. !
( جَمالُ ) اليومَ حَيٌّ دونَ شَـكِّ
ويجلسُ بينَنَا دُونَ ارتِيابِ
وَيَأتِي كُلَّ يَومٍ كَي يَزورَ الأَهلَ في تِلكَ الصِّعابِ
أراهُ مثلَ الماءِ ، مثلَ الثلجِ ، لا مثلَ السَّـرابِ
أراهُ عَشِيَّـةً يَأتِي
ويُؤنِسُنـا
يُعانِقُ أُمَّهُ الثَّكلَى
يُقَبِّـلُ كَفَّـها طَوعاً
ويَمسحُ دَمعَهَا رِفقَاً
ويُهديهَا المناديلا
ويُهدِينَا الأَكَالِيلا
وَيَرسِمُ فَوقَ ثَغـرِ الأُمِّ بسماتٍ تُضيءُ الكونَ قِنديلا
أراهُ صَبيحةً يَغدُو
ويتركُ بعدَ أَنْ يَعدُو
صَدَى خُطُوَاتِهِ البَاقِي على أَبوابِ حَارتِنَـا
ويتركُ عِطرَهُ الفوَّاحَ رَيحاناً ونِسرينا
أراهُ بليلنا قمراً
وِشاحًا من لهيبِ النَّـارِ والجَمرِ
وَصقرًا ثَـاقِبَ النظراتِ في قيلولةِ الظُّهـرِ
وعاصِفةً تجوبُ الكونَ من بَـرٍّ ومن بَحـرِ
لأنَّ ( جَمالَ ) لم يُقتَـلْ
لأنَّ ( جَمالَ ) باقٍ في ليالينا
وباقٍ في مآقينا
وباقٍ في الرِّواياتِ التي تَحكي مآسينا
وباقٍ في صَدى صَوتٍ يُرتِّلُ سورةَ الفجرِ
لأنَّ ( جَمالَ ) يا وطني شراعٌ في بَوَاخِرِنا
ونارٌ في بَوَارِجنا
وبدرٌ في لَيالِينا
لأنَّ ( جَمالَ ) باقٍ في مَسيرتنا
وباقٍ في سَريرَتنا
وباقٍ في مَـرَاثينا
سنجمعُ كلَّ مَنْ فينا
ونجمعُ كلَّ ما فينا من الآياتِ والأَبياتِ والقَدرِ
من الأحجارِ والأَقدارِ والزَّيتونِ والصَّبرِ
من النيرانِ والأَحزانِ والأَلحانِ والضجرِ
ومن بدوٍ ومن حَضَـرِ
لنتلو سورةَ النَّـصرِ
ونُعلِنُ أَنَّنَـا كُنَّـا ولا زِلنا
حَصىً ، صَبراً ، صخوراً ترفضُ اللينَ
نَمُدُّ خُطَى مَسيرَتِنا لبابِ القدسِ لا نَخشى أَعادينا
. . . . . .
أَيَا وَطَني
وَدَاعُ أَحِبَّتي مُـرٌ
وَجَمـرٌ مِن لهيبِ النَّـارِ يَصرَعُني
وبالآلامِ يَجمَعُنِي
وفي الأَحزانِ يطرَحُني
فإِنْ سَالتْ دُمُوعُكَ حينَ تَسمَعُني
فَسامِحنِي .
* ( عوني ) الشهيد عوني ضهير
* ( سامي ) الشهيد سامي أبو لبن
* ( نائل ) الشهيـد نائل اللداوي
تم اغتيالهم في نفس العملية التي استهدفت جمال عبد الرازق
مفاعلتن



دعاء
_____

لو خِفتُ الغَرَقَ لجلسْتُ فوقَ صخرةٍ وَدَعوتُ الله ؛
لكني خِفتُ الحرقَ وحالَ الحصارُ
دون جلوسي تحتَ صخرةٍ كي أدعو الله أَكثرْ .



وداع
___
استثقل مرورَهُ البعضُ ، ورحَّب به كثير
قال : جِئتُ لأُطهركُم مِما في نفوسكم
لم تَجُـعْ بلادُنا إلا مُنذُ أتى
وحين رَحلَ بَكى عَلى فُراقِهِ الكثير
وكان يومَهَا أجملَ أيامِ العمر



حصاد
_______
استغرَبُوا ثِمارَهُ
تَساءلوا " ماذا فعلتْ ؟ "
أجابَهم : زَرَعتُ شجرةَ ( لَـوْ )
سَقيتُها ماءَ العيونِ فَأثمرت
مِليارَ شَجرة ( لَيتْ ).





بئر النفاق
______
حاولت إقناعهم بعدم إخراجه ؛ فلقد تلطخ قميصه بما تساقط من دماء إخوته
وبعدما أخرجوه ندموا لأن قميصه الثاني قّـدَّ من قُبُـل.





نار العقوق
________
كان يصغي بشغفٍ لصوت الماء حين غليانه على عيدان الحطب .
ظننتها الشيخوخة ، وبعدما سألته : قال إنني أستمع لشكواها
فقلت أجاريه . . وماذا كانت تقول حين تشتكي ؟
فقال : كما أقول حين يعقني أبنائي .



براءة
______
دخل السجن بعمامةِ عزٍ وحذاءٍ عسكري
وقبل إدانته أخرجوه حافي الرأس حاسر القدمين




حمامة الزاجل
_____________

من بين أسراب الحمام
عطشى وتُقـرِؤني السلام
فقرأتُـها وعيونها ما فارقت عينَيّ
حتى إذا أَزِفَ الرحيل سألتُها
هلا حملتِ الرد في الترحال ؟
قالت رسائلكم ثقال
إني اشتهيت رذاذةً تروي فمي


والدمع عبر حمولتي شلال



محاورة طفلٍ مشاكس
______________
--- : عندي قطة

--- : عندي خطة
--- : رأس قطتي يعض.

--- : ذيل خطتي يلدغ



مطبخ

_____
الخادمة لكبير الخدم : لن نستطيع تحضير أي وجبة ،
لقد فسدت جميع موارد الغذاء في مطبخنا .
.
.


كبير الخدم لسيِّدِهِ : سيدي ، لقد فسد الملح .



جزاء المعروف
______________
فور مجيئه من أقصى سبأ
أسقطه جهلهم بين سكين الكبر ونطع الريبة



البصر والبصيرة
____________
اعتادوا إرهاقي بسؤالهم المتكرر
لماذا تتزينين لزوجك مع علمك بأنه أعمى ؟
فأنظر في عيونهم المحدقة وأنظر في عينيه العمياوين
فأراهم عابسين وأراه باسماً



حديث المقابر
_____________
م1 : هل سمعتم مثلما سمعت ؟ . خطىً فوق السطح
م2 : أخشى أن يكون سكان جدد
م1 : المهم أحياء أم مثلنا ؟
م2 : ممممممممم . والله يبدو لي أن الثورة بلا جدوى
بثورة أو بدون ثورة سيظل الإزدحام يلاحقنا في بيوتنا وفوق بيوتنا
. . . . .
م25/1 : لا تستغربوا . نفس الحوار يدور في الدور الثاني عن سكان الدور الأول




فتحي يا وردة
__________
فتحي يا وردة ، بان القمر
غمضي يا وردة ، ما أحلى السهر
فتحي وغمضي ، والوهج انتشر
.
ما هذا النور ؟ ! ! !
.
صرخ الكل مذعور
.
همجية الفوسفور
.
فتحي يا وردة ، ما بان القمر
غمضي يا وردة ، وازداد الضجر
رموا القميص على الوجوه وما عاد البصر

عدد النصوص : 27 نص





[gdwl]
المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
أكاديمية الفينيق للأدب العربي

متى تعود النوارس ــ محمد الدبعي
المادة محمية بموجب حقوق المؤلف عضو تجمع أكاديميّة الفينيق لحماية الحقوق الابداعية
رقم الايداع : م.د / 8 / 2011
تاريخ الايداع : 17 - 6 - 2010
[/gdwl]







  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط