05-05-2014, 02:26 AM
|
رقم المشاركة : 1
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
آخر
مواضيعي |
|
|
وزِندُها " حِراء " !
وزِندُها " حِراء " !
د. نديم حسين
( إزميليـَّةٌ على صفحة الماء )
* سأَسقي جمالَكِ الحزينَ يا سيـِّدةَ القَوافِلِ بما تبَقـَّى من ماءِ واحاتي النـَّمير . " النِّصفُ الخالي " .. نِصفي ، شاسِعُ الخـُلـُوِّ .. رَملي كثيرٌ .. سرابي غبـِيٌّ .. ومشواري طويلٌ .. وماءُ وجهي غزيرٌ .. وجهي واحَةٌ تُقنـِعُ الرمالَ بضـِدِّها .. سأَروي لعيونِ مائكِ المَفقوءَةِ حكايَةَ قُبلـَةٍ من ندى .. فمي غـَمامٌ أخيرٌ يدثـِّرُ البلاد .. وليلي مكانٌ صالِحٌ للنـَّومِ عندما تَحلـُمينـَني .. نامي قليلاً ! سأُطفئُ نجمتي لكي تنامي قليلا !
* للسـِّعَةِ رائحةُ الضـَّياع .. حاوِري الأَلوانَ واقنِعي الأَحمرَ بي ! وشُمـِّي ذهابي إليكِ .. للضـَّياعِ رائحةُ السـِّعَة .. ولـَهُ عاطفةٌ من نبيذٍ عتيقٍ .. ولهُ غريبانِ على ضفـَّةِ هاويَةٍ .. ولهُ حِكمةٌ لا تغفـِرُ خطايا الأذكياء .. وله سَكينـَةٌ تـُطِلُّ من عينَي طفلةٍ .. سَكيْنـَةٌ تذبَحُ الحاسِبينَ أنَّ السـَّكيْنـَةَ رِضًى .. والحُزنُ العاتي ينبُعُ من هدوءٍ شديدٍ .. هدوءٍ مُتعـِبٍ ومُتعـَبٍ ويائِسٍ .. والناسُ يقرأون عيونَ اليتامى من الشـِّمالِ إلى اليَمين .. والناسُ لا يقرأون !
* يصطادُ الصَّباحُ أُولى الفراشاتِ .. حشَرَةٌ جميلةٌ وغبيـَّةٌ هي الفراشَةُ .. لا تُدرِكُ البِشارةَ الكَوكَبِيـَّةَ : الظلامُ مُسالِمٌ .. وصادقٌ .. والنـُّورُ واجهةُ النارِ الحارقَة .. مَن يَمتـَطِ فراشَةً إلى ساحةِ القتالِ يـَعـُدْ بجثـَّتَينِ ووطنٍ مؤَجـَّلٍ .. ليست الفراشةُ حصانـًا .. ولا تصلـُحُ أبجديـَّةُ الفَراشِ لبناءِ بيتٍ ! وليست منديلاً يمسَحُ دمعَ طفلةٍ يتيمةٍ صدَّقَت زند مُعتصِمِها ! .. الفراشةُ حشرةٌ جميلةٌ وغبيـَّةٌ جدا !! لأنَّ الصَّباحاتِ تمـُدُّ لنا زنودًا من نورٍ ونارْ !.
* أيها السَّادَةُ المهاجِرون ، ترَونَ البلادَ من " هُناكَ " صغيرَةً .. تعالَوا إليها .. إلـَيَّ .. وقيسوا بشاطئِها العَوالـِمَ كلـَّها .. كلُّ العوالِم ضيـِّقَةٌ .. و " بلادُكُم " سِعَةٌ مُكتَظـَّةٌ برائحة الضـَّياعِ .. قَبـِّلوا عاهرَتَكُم الفرنسيـَّةَ ، ولا تدنـِّسوا خـَدَّ البلادِ .. قبلاتُكُم ثلجٌ كثيرٌ ، وطقسُ البلادِ مُعتـَدِلٌ وقَنوعٌ .. وهنا يختلِطُ الأزرقُ بالأَحمَر بالرمادي بدمعِ أمٍّ قتيلةٍ ، بلونِ القَمحِ على بيدَرٍ فلسطينيٍّ .. ولا تختلـِطُ الأُمورُ عليها !!
هذي البلادُ ليست فراشةً ! وقلبُها كقَلبـِها يستلقي على صَفيحٍ ساخِنٍ حزينٍ .. وينضُجُ مثل روحِ الكستناءْ ! وروحُها مِعطَفٌ يلبسُهُ الشـِّتاءْ ! وزِندُها " حِراءْ " !!
|
|
|