العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-07-2011, 01:50 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عيسى ماروك
عضو أكاديمية الفينيق للأدب العربي
الجزائر

الصورة الرمزية عيسى ماروك

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عيسى ماروك غير متواجد حالياً


افتراضي المهدي ضربان : نياشين الابداع ولعنة الواقع

يرى جميل الحمداوي أن «العنوان عبارة عن علامات سيميوطيقية تقوم بوظيفة الاحتواء الكلي لمدلول النص كما تؤدي وظيفة تناصية ، إذا كان العنوان يتناسب مع النص ويتلاقح معه شكلا ومضمونا وهكذا يمكن أن تشتغل العناوين كعلامات مزدوجة ، حيث أنها في هذه الحالة تحتوي النص الأول وتحيل في الوقت نفسه على نص آخر» ( 1) . وتلك الميزة الأساسية التي يتسم بها العنوان الذي تصدرت به رواية الروائي والصفحي المهدي ضربان الموسومة بـ "نياشين اللعنة "

إن هذا العنوان بوصفه عنصرا بنيويا سيميائيا، يقوم بوظيفة الإشارة إلى صفة لصيقة بالشخصية المحورية في النص، بصورة مكثفة، مختزلة، موحية بدلالات مقتضبة، ومشوشة، لا تتضح معالمها الكلية إلا بتتبع آثارها في النص ، إن هذا العنوان يحمل ضمنيا وصفا دقيقا وصورة عن الشخصية وتقريرا لحالتها، أي انه يمثل وضعية افتتاحية صغرى تقدم حالة الصحفي ( الطاهر ) الذي تعاكسه الحياة في كل منعطفاتها وتدير ظهرها له .
إن هذا العنوان بهيئته هاته يمثل علامة إغراء هائلة ونقطة تحد تطرح أمام المتلقي جملة من التساؤلات، لا يستطيع الإجابة عنها إلا من خلال العودة إلى النص الذي يفسر غموض العنوان ويقدم صورة واضحة لما أجمل فيه يتشكّل هذا العنوان من دالين محوريين هما : نياشين / اللّعنة
إن هذه الدوالّ تعتمد على الغياب الصياغي، أي أن ثمة محذوفا في بدايتها، مما يجعلها مكثفة تركيبيا، تعتمد الاقتصاد والتركيز على ما يُهتَم به، فحذف الخبر يدفع الملتقي للمشاركة في فعل الابداع من خلال توقع ما يرمي إليه الروائي من خلال هذا الحذف ألكون الخبر معلوما فهو لا يحتاج لذكره(... لعنة الأولين ) (2 )؟ أم لتعدده ( كان يتساءل عن هذا السيل الكبير من اللعنات التي تطارده) ( 3)وفي هذه الحالة فقد ترك المهمة للقارئ لملء الفراغ الذي أوجده هذا الحذف . هذان الدالان إذن يشكلان جملة اسمية «يغيب عنها الفعل كبنية دالة على شرط الزمان وهو ما يجعل العنوان متجها صوب الاستمرارية والانسياب وبالتالي الإمساك بجوهر المدلول دون العرض الذي يشي به الفعل»(4 ) فمطاردة اللعنات له مستمرة لا تنفك تصبغ حياته بهذا الألم الممتد من خلال محطات حياته في الضاية أو مدينة سيدي عيسى أو في العاصمة بل تتبعه اللعنات إلى إسبانيا وإيطاليا كأنما هي قدره الذي لا يفارقه .
فالدال الذي منح العنوان تفرّده هو اللّعنة التي هي في اللغة الطرد والحرمان والعذاب ، واللّعن أيضا تحية جاهلية حيّت بها العرب ملوكها فالطاهر الشخصية المحورية في الرواية تطارده اللعنة في الحزب والجامعة والبيت وحتى في الصحيفة فما يكاد يستقر في مكان حتى يفجعه الرحيل ، كما أن لعنة الحرمان لم تقف عند الحب ذاك الغائب المنشود في حياة الطاهر بل حتى الحرمان من السكن يرسم تفاصيل حياته اليومية بما يسببه إلى جانب كل ما سبق من عذاب نفسي يؤرق هذا الصحفي الطموح الذي ينشد الطمأنينة والرخاء لبلده الذي داهمته سنين عجاف ، لكن رغم كل اللعنات التي علقت بيومياته فهو محط إعجاب من زملائه في الجامعة والعمل ومحل احترام وتقدير في قريته الضاية ، فكأنما اللعنة منحته مكانة تشبه إلى حدما مكانة الملوك عند عرب الجاهلية مما يجعل الدلالة لهذا المدلول تنفسح لتشمل عينات شتى من اللعنات فقد انتفى عنها التحديد إلى الإيحاء « فاتسعت الدلالة وأمكن تعددها»( 5)
أم الدال الآخر فهو النياشين بما تحمله الكلمة من رمزية المكافأة والسمو والرفعة وحسن البلاء غير ان إضافته للعنة يعطي للمعنى انحرافا دالا على النحس وسوء الطالع فهل يقصد من وراء ذلك التمليح على أن ارتباط شخصية الطاهر باللعنات المتكررة أصبحت كما الأوسمة معلقة على صدره ؟ ، أم أنها أوسمة تدلل عليه عند حضوره بما تركته في حياته من ندوب غائرة وأزمات كبيرة ، أم أن النياشين ترمز إلى من كانت لهم يد في تغيير حياته من قادة الحزب الذين تسلقوا على اكتافه أو حبيباته اللاتي تركنه عندما وجدن من يوفر لهن العيش الرغد ، أم هم من انبروا للتنظير للناس عندما بان أول شعاع للحرية ؟
والنياشين بماهيتها الرامزة إلى العطاء والاخلاص ، وحصد الانجازات - انجازات حقيقية أو مسروقة ، إنجازات تخدم الأمة أو تخدم مصالح ضيقة – غير أن إضافتها إلى الدال اللاحق لها (اللّعنة) يخلق مفارقة دلالية صارخة من خلال انتهاك نواميس الإسناد التركيبي المعهود، كون اللّعنة ترمز الحرمان والطرد والعذاب وهو ما يجعله ينفي عن النياشين سمة العطاء والاخلاص والكفاءة .
إن هذا العنوان كدال يتعدد ظهوره في النص بصورة جلية، ف يمتد من بداية النص حتى آخر ملفوظاته، وينهض في زواياه بأشكال متعددة، ليغدو هو الموضوعة المهيمنة، المختزلة للنص.
إن الموضوعة المكثفة هاته( اللّعنة )، التي يختزلها العنوان وتبرز جلية في النص مما يجعل هذه الثيمة هي البؤرة المركزية للعنوان، والمتن معا .
فإذا كانت تعويذة اللعنة هاته تطارد الشخصية المحورية (الطاهر ) في حله وترحاله وتتبدى له أحيانا شياطين تفزعه «تتحدى إحباطاتها المختلفة لتفوز على شيطان اللعنة»( 6)بل إنها من حيث الكثرة ما يحيل حياته كابوسا ويخلط مفاهيمه ورؤاه « يبدو أن اللعنات والطعنات كثرت »(7 ).
فهل إلى خلاصه من سبيل ؟ يجيبنا الروائي في ثنايا المتن بما لا يدع مجالا للشك أن الحب والكتابة وحدهما السبيل لخلاص العالم من اللعنات التي تملأه لتغدو الرؤى نورانية لأن «الزوبعة انتهت ...العاصفة انتهت »( 8) إن حب أمه الحمدية له ومثلها أهل الضاية كفيل بأن يعيده لجادة الصواب ويفتح عينيه على عالم سمته الهدوء واستقراء الوقائع فالحمدية (و الصور التي تتجسد من خلالها كنورة وحياة ونسرين اللواتي هن انعكاس لصورتها في نفسيته ) كفيل بانتشاله من الضياع وطرد شر اللعنات عنه« ولطرد اللّعنة والنحس الذين يلازمانني أحيانا خاصة عندما أكون مكهربا...فلو لا والدتي الحمدية وكذلك أنت ...لكنت دخلت عالما من الضياع »( 9)
ولأن الحب دافع للإبداع عند الطاهر فهو أيضا ترياق للخلاص من اللعنات التي أسرت حاضره فتستكين نفسه أحيانا للشعر من خلال رائعة نزار قباني التي أداها الراحل عبد الحليم حافظ أو من مما شنف سمعه في بنزرت « ولولا شاعر بنزرت الجميلة ....لسقط في بحر اللّعنة والقرف»( 10)
إن جو الرواية يتكشّف عن شخصية الصفحي الشاب الذي يتمثل حياته من خلال ( قارئة الفنجان) والذي تتشابه الكثير من محاطات حياته مع الراحل عبد الحليم حافظ الذي طاردته اللعنات دوما ( بدأ من اليتم في ، والمرض والمنافسة في الساحة الفنية) ورغم ذلك ظل يزرع الأمل في نفوس الكثير من الشباب ، كأنما عشق الطاهر له نابع من هذا التشابه في الحياة وفي الرسالة التي يحملها كل واحد منهما لذا فهذه اللعنات هي وسام يعلقه على صدره مادام يزرع في النفوس الحائرة الأمل ويبشر بمستقبل اكثر جمالا.


---------

( 1)جميل الحمداوي ، السيميائيات والعنونة ،مجلة الفكر , مجلس الثقافة والفنون و الآداب ، الكويت ، المجلد 2 ، العدد3 ، ص 99
( 2)المهدي ضربان ، نياشين اللعنة ،منشورات أرتستيك الجزائر، ط1،2007 ، ص 14
( 3 )المرجع نفسه ، ص15
( 4 ) أحمد فرشوخ، جمالية النص الروائي، مقارنة تحليلية لرواية "لعبة النسيان"، درا الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، ط1، 1996م ، ص 23
(5 ) د. سعيد سالم الجريري، شعر البردوني، قراءة أسلوبية، اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (الأمانة العامة)، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، دار حضرموت للدراسات والنشر، المكلا، ط1، 2004م ص27
( 6 ) المهدي ضربان ، مرجع سابق ، ص 123
( 7 ) المهدي ضربان ، مرجع سابق ، ص 153
( 8 ) المهدي ضربان ، مرجع سابق ، ص 153
( 9) المهدي ضربان ، مرجع سابق ، ص 136
( 10) المهدي ضربان ، مرجع سابق ، ص 113






  رد مع اقتباس
/
قديم 31-07-2011, 09:11 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سلام الباسل
عضو أكاديمية الفينيق
لأكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
عضو تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية سلام الباسل

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


سلام الباسل غير متواجد حالياً


افتراضي رد: المهدي ضربان : نياشين الابداع ولعنة الواقع

مقالة أدبية تستوقف
وابحار رائع وشامل
حيث نياشين الابداع ولعنة الواقع
سيف ذو حدين
سلمت اخي عيسى
والى المزيد من بهاء الفكر






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-08-2011, 04:33 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عيسى ماروك
عضو أكاديمية الفينيق للأدب العربي
الجزائر

الصورة الرمزية عيسى ماروك

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عيسى ماروك غير متواجد حالياً


افتراضي رد: المهدي ضربان : نياشين الابداع ولعنة الواقع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام الباسل مشاهدة المشاركة
مقالة أدبية تستوقف
وابحار رائع وشامل
حيث نياشين الابداع ولعنة الواقع
سيف ذو حدين
سلمت اخي عيسى
والى المزيد من بهاء الفكر
الفاضلة سلام الباسل
أشكر لك وقوفك عند مقالتي
فنحن نحاول ان نقدم شيئا للمبدعين يحترقون من أجل ادب هادف
نسعى للتعريف بأقلام جادة
تقبلي تحياتي






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:33 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط