لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
29-11-2017, 10:09 AM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
اقتباس:
لكل مقطع في القصيدة بؤرة شعرية يتركز فيها الشعر في صورة شعرية متألقة تكون هي الأعلى توترا وإيماضا لأن باقي الجمل الشعرية تتبعها في حشد لغوي مرافق يظهر تفوقها . في المقطع الأول : أمسّد قلب الحياة بمقبرة الوقتِ، علَّ اتساق الثواني الرتيبَ يعود لفوضى الدماءِ، فأخرج من صدأ الأغنياتِ، وأفتح في الأفق ثـقباً، أرجُّ السكونَ، أزلزلُ هذا الهدوءَ، وأنفض عن جمرة الكلماتِ الرمادَ، أنـقِّبُ في دفتر العمر عن لحظةٍ تم فيها اغتيالُ انـثـيالِ الجمالِ بآفاق عمري، أخرمشُ صمتَ البياضِ وأستـنطق الكلماتِ، أنادي، يذوبُ ندائي وما من جوابْ! *** تكثف المعنى وتبلور في (رجّ السكون) الذي يليه زلزلة الهدوء ، رجّ وزلزلة ثم نفض الرماد عن جمرة الكلمات وجمرة الكلمات هي البؤرة الوامضة في المقطع كله . في المقطع الثاني يحتشد الكلام حول معنى (النهر الغائض). لكن بؤرة التصوير تومض في ثلاثة مواقع فقط : لنهرٍ تدفق ذات انهمارٍ، فروّى سهولي، وأغدق لونَ الحياةِ على رمل صوتي، أغني، وأندب أني؛ تصحّرتُ من بعد أن حبسته السدودُ، وغاض بأرضي، أغني، تحطَّبَ صوتي، وأجدب لحني، فما يُستجابُ غنائي، وإني، على حافة الكونِ أنصب خيمة حزني، وأحثو على رأس صمتي الترابْ! *** الصوت الذي أصبح حطبا (تحطّب صوتي ) وأصبح رملا ( رمل صوتي ) و(على حافة الكونِ أنصب خيمة حزني، وأحثو على رأس صمتي الترابْ) وهنا اليباب الذي يجتاح الصوت / الرأي / الحضور، فيقهره بالجفاف واليباس (حطب ، رمل ، تراب ) الذي هو بطريقة يوحيها الحطب (خريف ). لكن بوادر الربيع والنتعاش تظهر في المقطع الثالث تعملق فيَّ الجدارُ؛ لأن الربيع المعلَّبَ في الغيمِ أظمأ روحي لقطرة حبٍّ، ومرَّ بلحظة شوقٍ كأنْ لم يكنْ ذاتَ عمرٍ لساحات قلبي مواسمَ عشقٍ تـنُثُّ أريجَ الحياةِ، وتـنفح كلَّ العنادل بالشدوِ، تـفتح في كلِّ أفقٍ لورد الخواطر أوسع بابْ! *** حيث الربيع المعلب بالغيم هو البؤرة . ولكن الربيع المعلب محتبس في الغيم ومحجوب وغير ماطر . لذا يظمِئ الروح بدلا من إنعاشها المتوقع منه. واليباب لم يزل مستمرا. وإذا أينع التراب فإنه يصبح رملا لا أكثر في المقطع الرابع ترمَّـدَ هذا الترابُ وأيـنع رملاً، ترجَّلتُ أبحث عن قطرةٍ من ربيعٍ مُضاعٍ، تـشقَّقَ صدري، ولا ظِلَّ يحنو عليَّ، تـفيَّأتُ بعضي أخيراً، وأيقنـتُ أني وحيداً أسافرُ في بُقعـةٍ من خرابْ! *** هنا البؤرة التي تنفرج عن المعنى المكرر نفسه ، لولا أن ومضة تسعفها من (قطرة من ربيع مضاع )! ربيع مائي سائل أو ماطر ، في كل الأحوال هو ندي رطب ، ولكنه مضاع ، مفقود. واليباب مستمر . في المقطع الخامس تتكرر دوّامة المعاني ( الجفاف / التراب ) وتحتشد الكلمات من جديد لتنبئ عن الرجاء ولكن من غير بؤرة تصويرية ومن غير إيماض . تطامَنَ فـيَّ الرجاءُ، تطامَـنَ، لا مسَ صدر الترابِ، تطامَـنَ فـيَّ الرجاءُ كثيراً، تطامـنَ، يوشك أن يـتوسَّدَ قلب الترابِ، وكانَ تطاولَ ذات انبهارٍ تجاوزَ شُـمَّ الجبالِ، تربَّعَ فوقَ السحابِ، وكان ليسقيَ مـدَّ السهولِ، يُرَوّي الهضابْ!! *** في المقطع الخامس يطل الربيع أخيرا بصخبه ( همهمات الرياح ، تهمس ، أغنيات الربيع ، وأسمع ، دمدمة ، ). تعمل الحواس ( أسمع ، أشم ، شهيا) . تحاصرني همهمات الرياح ، وتهمس لي أنه قادمٌ؛ يتساقط حولي طرياً، أشمُّ أريج الترابِ الـْ يعانقُ شوق الغيومِ إلى أغنيات الربيعِ، وأسمعُ دمدمة النسغِ يسْـبَحُ في كلِّ غصنٍ، شهياً بأودية الروحِ يزهرُ موسمُ حبٍّ، والربيع حقق وعده ، حقق الرجاء . سيطرت اللغة النثرية السردية على النص، لأن الشاعر اقتصد في تكرار القافية والروي تكرارا يجعل وقعها في الأذن قويا دائما. فقد حرص على تكرارها في آخر كلمة من المقاطع ( جواب / التراب / السحاب / أوسع باب / الهضاب ) وقلل من شأن تنويعها وتكرارها داخل بعض المقاطع . لكننا لاحظنا جمالها وإتقانها عندما تكررت ،كما في هذا المثال الذي تكرر فيه روي النون أغني، وأندب أني؛ تصحّرتُ من بعد أن حبسته السدودُ، وغاض بأرضي، أغني، تحطَّبَ صوتي، وأجدب لحني، فما يُستجابُ غنائي، وإني، على حافة الكونِ أنصب خيمة حزني، كان التكرار ممتعا هنا وأظهر موسيقية شعر التفعيلة التي ترتفع به عن النثر، وتزيده توترا موسيقيا عن الشعر العمودي . إلا أن الشاعر الأستاذ نزار أراد واختار الاقتراب من إيقاعية النثر على ما يبدو في مقاطع أخرى مثل ترمَّـدَ هذا الترابُ وأيـنع رملاً، ترجَّلتُ أبحث عن قطرةٍ من ربيعٍ مُضاعٍ، تـشقَّقَ صدري، ولا ظِلَّ يحنو عليَّ، تـفيَّأتُ بعضي أخيراً، وأيقنـتُ أني وحيداً أسافرُ و تحاصرني همهمات الرياح ، وتهمس لي أنه قادمٌ؛ يتساقط حولي طرياً، أشمُّ أريج الترابِ الـْ يعانقُ شوق الغيومِ إلى أغنيات الربيعِ، وأسمعُ دمدمة النسغِ يسْـبَحُ في كلِّ غصنٍ، شهياً بأودية الروحِ يزهرُ موسمُ حبٍّ، معتمدا أكثر على الإيقاع الداخلي ، الذي كان له فرص في الظهور في بعض المواقع ، مثل أنـقِّبُ في دفتر العمر عن لحظةٍ تم فيها اغتيالُ انـثـيالِ الجمالِ بآفاق عمري، مع التحية والتقدير |
|||||
30-11-2017, 03:16 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
ثنائي الغالية، قراءة عميقة رائعة تستشف ما وراء الحرف،
فتفتح أفاقاً أمام المتلقي، ما كان ليدركها لولا العين الثاقبة التي رصدت كل هذا الجمال. دمتِ سامقة كما أنتِ. وقبلة على عينك الجميلة
|
||||
13-12-2017, 03:23 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
من خلال متابعتي للاديبة والشاعرة ثناء
وجدت بانها تملك رؤيا خاصة وتملك ادوات النقد متمكنة من لغتها ومن ادواتها والتي تمنحها قوة دفع باتجاه النص الأدبي وكأنها تمر وتلقط كل حرف وتجعل من صدفة وتحفة معمارية نادرة كما انها تغوص في نفسية الشاعر وليس فقط في النص الأدبي بوركت الاديبة ثناء وبورك الشاعر القدير نزار اللبدي مع تحيات النبالي |
||||
13-12-2017, 03:43 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
ما اجملها واعمقها من قراءة
تجبرنا على المكوث طويلا في محرابها والغوص في اعماق الحرف. شاعرتنا القديرة المبدعة ثناء حاج صالح لقلمك الذهبي المتفرد برقيّه وألقه كل الود والتقدير والاحترام قراءة واعية لقصيد سامق يستحق هذا التحليل الباذخ. بوركتِ شاعرتنا القديرة وبورك المداد محبتي واكثر
|
||||
01-05-2018, 11:35 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
كل الشكر للشاعرة الناقدة ثناء حاج صالح
على هذا الجهد الصادق في اكتناه جماليات هذا النص. بكل الاحترام والتقدير
|
||||
05-05-2018, 01:49 AM | رقم المشاركة : 6 | |||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
اقتباس:
كل الشكر لمرورك الذي يُسعِد ويسرُّ ودمت في خير غير منقطع وعلى جبينك العالي قبلتي |
|||||
05-05-2018, 01:55 AM | رقم المشاركة : 7 | |||||
|
رد: قراءة عاجلة لنص اليباب للشاعر نزار عوني اللبدي / ثناء حاج صالح
اقتباس:
أشكرك أستاذي الشاعر المبدع محمد خالد النبالي . كل التقدير لكلماتكم الثمينة ولكم أجمل التحيات |
|||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|