العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 24-04-2015, 08:10 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
خديجة قاسم
(إكليل الغار)
فريق العمل
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل لقب عنقاء العام 2020
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية خديجة قاسم

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


خديجة قاسم غير متواجد حالياً


افتراضي أحلام مسافرة

أحلام مسافرة

ماما .. عندما أكبر ، سأصبح أنا بابا و أنت ابنتي .. هل توافقين ؟
رفعت عينيها عن الكتاب الذي تقرأ مبتسمة وقائلة: موافقة يا حبيبي لكن قل لي ماذا ستفعل لي عندما أصبح ابنتك و تكون أنت أبي ؟
أسعدته موافقة أمه فترك الدمية التي كانت بين يديه و اعتدل في جلسته كأنه قد بدأ يستعد بجدية لهذا اليوم الموعود قائلا:
أول شيء .. سأختار لك اسما جميلا مثلك ..
ضحكت من داخلها بعمق ، و لكنها تظاهرت بالغضب :
أوَلا يعجبك اسمي يا سنان ؟
و كأنه خشي أن تتراجع عن موافقتها .. بسرعة رد عليها مع قبلة على خدها : كلا يا أمي .. اسمك جميل و أنا أحبه ، لكن عندما أصبح ( بابا ) يجب أن أختار اسمك .. أليس الوالدان من يسميان ابنهما ؟؟
هكذا إذن ؟؟ حسنا يا بني .. ليكن ذلك ، ولكن أخبرني ما هو الاسم الذي ستختاره لي ؟
وكأنه كان ينتظر هذا السؤال حيث رد مسرعا :
أمل .. سأسميك مثل معلمتي أمل .. تناديني بابا و أنا أناديك أمل
حسنا موافقة يا سنان .. أعجبني الاسم .. وماذا أيضا ستفعل لي
صمتَ قليلا و كأن الكلام الذي سيقوله ينشله من بئر عميقة مكتنزة بالألم الخفي :
سأفعل لك مثلما يفعل والد صديقي رأفت له ..صمت قليلا ثم لم يستطع كبح جماح سؤال تردد بقوة في داخله:
أمي ، لو كان أبي حيا ، سيكون طيبا و حنونا مثل والد صديقي رأفت أليس كذلك ؟
حاولت جاهدة أن تخفي دمعتها الحارة عنه .. لم يعلم صغيرها أنه بسؤاله هذا أثار مكامن الشجن في نفسها و أجج نيرانا كلما حاولت إخمادها اشتعلت من جديد ..أعادها إلى ذكريات رائعة عاشتها بأجمل أحاسيس و مشاعر .. هناك إلى جوار شجرة الياسمين .. حيث كانت ووالده يتحدثان بحماسة عن الضيف القادم .. و أي ضيف ؟ هو خلاصة حب جمع أطهر قلبين وأصدقهما .. كانا يخططان لأسلوب تربيته لاسمه الذي اختلفا حوله.. للمدرسة التي سيختارانها له ، للقرآن الذي يتمنيان أن يتمه حفظا و فهما .. حتى دراسته الجامعية و زواجه تطرقا إليها وهو لا يزال جنينا يحتمي في حضن دافئ رؤوم .. لم يتمالكا بعد ذلك أن غرقا في ضحك عميق تبعه لحظات صامتة .. و كأنهما تركا المجال لروحيهما لتتناجيا في عالمها الخاص ..و هذا دأبهما كلما جلسا مثل هذه الجلسات التي ترطب حياتهما بأجمل ندى و أطيب عبير ...
لم يكتب الله له أن يرى أحلامه تتحقق في ابنه .. بعد أن امتدت يد الغدر إليه و هو عائد من عمله حاملا معه الحلوى والهدايا احتفاء بإتمام سنان عامه الأول .. كانت يد قناصة يهودي حاقد .. يدا مجرمة لا يستطيب لها العيش إلا بكثير الشر الذي يحركها و يدفعها لأذى الغير .. اختلطت دماؤه مع ما كان يحمله بنشوة من فرح
أمي لماذا لم تجيبي عن سؤالي .. ألم تسمعيني ؟
بلى بلى يا نور قلبي .. سمعتك .. أجل يا سنان معك حق ، والدك رحمه الله كان طيبا وحنونا جدا .
حسنا إذن .. سآخذك كل يوم جمعة إلى الحديقة، لن أدعك وحدك، سألعب معك .. أركب أرجوحة وتركبين أخرى ونطلق ضحكاتنا عالية في الهواء .. وسأشتري لك الحلوى اللذيذة ..أما في العيد سأفاجئك بهدايا جميلة، كما أنني سآخذك إلى مدينة الألعاب، لكن إياك أن تصرخي كما تفعل الفتيات الصغيرات .. كوني شجاعة مثلي اتفقنا ؟
اتفقنا يا سنان ، والآن يا حبيي ، حان موعد نومك .. هيا لأقرأ لك قصة ما قبل النوم كي تستيقظ باكرا و لا تتأخر عن الروضة ..
قفز إلى السرير حيث اعتاد أن ينام إلى جوار أمه .. احتوته بذراعيها و بدأت تسرد له الحكاية إلى أن أغمض عينيه و راح في سبات عميق .. لم تلبث أن تبعته و أخلدت إلى نومها على أنين ذكرياتها الموجعة ..

أم سنان ما بك ؟ ألا ترين كيف تمتلئ الدار بجموع المعزين .. ألا تريدين الخروج إليهم ؟؟ ثم ها هم المشيعون أتوا ليحملوا الشهيد إلى مثواه الأخير ..
من بين دموعها المنهمرة أجابت : بلى يا رُبى ها أنذا قادمة ..
أعادتها صديقتها من رحلتها التي رجعت بها سبعة عشر عاما إلى الوراء .. ألقت نظرة وداعها الأخير على ابنها الذي مات شامخا و هو يذود عن حياض الأقصى .. فبدلا من أن تحتفل بتخرجه في الجامعة والذي سيكون بعد يومين .. زفته إلى الحور العين ..
دمعة باسمة فخورة تساقطت من عينيها على وجهه الجميل .. أتبعتها بقبلة الوداع الأخير قائلة : لم تحقق حلمك في أن أكون ابنتك كما تمنيت .. لم تحقق حلم الأبوة فيك .. كما لم تشعر حقيقة ماذا يعني أن يكون لك أب ... ها قد سافرت إلى هناك وسافرت أحلامك البريئة معك .. سبقتني إلى والدك يا سنان .. إلى الملتقى في جنة الرحمن ...







  رد مع اقتباس
/
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط