هذيان من ذاكرة عتيقة... صندوق العرس - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰

⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰ >>>> >>>> فنون النثر الابداعي ( نثر،خاطرة، رسائل أدبية)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 02-04-2018, 06:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي هذيان من ذاكرة عتيقة... صندوق العرس

صـنـدوق العــرس



{{إلى كل الذين تقزموا بفعل تغير المناخ ؛ وتغير تضاريس الوطن.
لأن الألحان ليست ألحانهم. إنما لطبول الخواء. التي تشكلت من البكتيريا
وما جاد به العفن ..!}}

.........


{{مو حزن.. لكن حزين
مثل ما تنقطع جوّا المطر شدّة ياسمين
مو حزن لكن حزين
مثل بلبل قعد متأخر.. لقى البستان كلها بلاي تين
مو حزن لكن حزين..
مثل صندوق العرس ينباع خردة عشق من تمضي السنين ..!
}}

( الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب )


........


لم نكن من السابقين. ولا من الأوائل في هذه الحياة الدنيا، ولن نكون آخر من يعمرها،
ولا آخر من يمكث فيها. أتينا الى هذه الدنيا فوجدنا الكثير مما يستحق مطالعته وفهمه ومعرفته.
وجدنا الكثير من الحكايات وتاريخ طويل وممتد. صحيح أن بعض أجزاء هذا التاريخ تعرض للتشويه،
إلا أن هذا لا يعني أننا جئنا الى مساحات فارغة وزمن بلا ذاكرة. على العكس تماما.. وجدنا الكثير.
وما يستحق المطالعة والاهتمام.
ولا أدري إن كنا سنترك خلفنا بعد رحيلنا ما يستحق أن يذكر ويُدّون، فيتناقله من سيأتون بعدنا.


قالوا عن الأيام : أنها ( دول ) والله تعالى قال في محكم التنزيل:

(وتلك الأيام نداولها بين الناس) صدق الله العظيم.


في أيام من سبقونا في الوجود والعيش، كان { لصندوق العرس} مقامات.
تتفاوت في رقيها، في شكلها وجمالها.. حتى في حجمها الذي تحكمه أمور عدة.
منها الوضع الاقتصادي والذي كان سيئا على الأغلب. هكذا كان وضع الناس، باستثناء
بسيط لبعض العائلات التي شاء القدر أن تنعم بخصوصية الثراء المحدود.!

إذن..
كان للصندوق مقامات..ولم يخلو الأمر من طرفة هنا،
وقصة هناك.. حتى صار للصندوق قصص وحكايات.!

الصندوق : قطعة أساسية، وضرورية، في البيت. وعلى الراغب في الزواج أن
يتجهز لإحضاره وتقديمه لشريكة حياته القادمة من بيت أهلها. حتى وان كانت في
بيت أهلها تعيش من غير صندوق خاص..أو.. تتشارك وأخواتها بصندوق واحد.
هذا الصندوق كان يحمل كل أسرار البيت وأسباب سروره ؛ ألم البيت وآماله.
كان خزانة غرفة النوم.
الجزء المهم في غرفة النوم التي تأخذ الكثير من الأيام، لتبدعها يد النجار. يبدأ صناعتها
بحسابات دقيقة ليتوافق إنجازها مع موعد الزفاف المنتظر، أو.. يسبقه قليلا. وخلال ذلك
يروح العريس والعروس يرافقهما

(أخت العروس الصغيرة.دقيقة الملاحظة.. السمراء، ذات الشعر المجعد.)
مرات.. ومرات إلى النجار قبل اتخاذ القرار الأخير والاتفاق على الشكل النهائي
الذي ستكون عليه غرفة النوم.


(هذا ما يحدث اليوم )

أو.. ما كان يحدث في زمن قريب. بينما الصندوق القديم، صندوق العرس. كان على
اختلاف أشكاله يبدو بشكل واحد. كل الصناديق لها نفس الشكل. ربما أختلف اللون ..
وربما اختلفت أحجامها.(زركشتها) برسومات وألوان مختلفة. ترصيعها بالخرز والصدف
وأشياء أخرى. يحدد هذا قدرة العريس المادية. هذا ما يحدد ما سيكون عليه صندوقه ..
هذا إن لم يكن ورث صندوق أمه.!

بقي الصندوق يصول ويجول في أرجاء البيوت حتى بعد اكتشاف (الساطرة. )
(والساطرة) بشكلها الهندسي ليس فيها ذلك ( التجويف ) العميق،كالذي يملكه
الصندوق، لذلك حافظ الصندوق على مكانته، وإن نقصت قليلا.!
ولان التطور الحضاري والإنساني كان سريعا، متلاحقا. كانت قيمة الصندوق تتناقص
بتدرج مريب. ومقاماته صارت مهددة بالإطاحة .. فقد ظهرت (النملية ) بشكل مفاجئ..!!
ثم ظهر ( المطوى ) وهذا التهديد كان يًنذر بالتلاشي.. وكان واضحا أن الصندوق
بدأ يشيخ ..!
وخصوصا أن (المطوى) حمل على ظهره أغلب أعباء البيت وفراشه. كان تهديدا صريحا
وواضح (للصندوق ) فمسؤولية الحمل الخارجي، أو ما يُحمل على الظهر لم تعد من مهماته


وإن بقي من الداخل يحمل أعظم الأسرار...والأوزار.!!

تسارعت الأيام، تسارعت الحضارات. ومع مرور الأيام تطور الناس وتطورت الصناعات.
صارالصندوق مثل معمر يجلس على صخرة بجانب باب الدار. يراقب الأطفال إذا لعبوا،
ويسأل النساء عن صوت الآذان ..ثم يقضي وقته ما بين صلاة ؛ وصلاة.. في انتظار الأجل.!
صار للصندوق استخدامات أخرى في البيوت التي احتفظت به، وبقي مقيما فيها. يحمل الوثائق
القديمة وأشياء لا يريد مالكها أن يطلع عليها الناس. ما عاد يحمل سر العروس وما تخبئه
لشريكها حين يعود في المساء. لم تعد تفوح منه رائحة المسك والكالونيا وعطر (البروفسي)
وجاء زمن بدا فيه الصندوق مثل مسن تهرب منه الذاكرة. لا يحمل بداخله إلا القليل من الذكريات
المتهرئة، تفوح منه رائحة ( الفشك ) وقنابل يدوية ( مبردة ) مر عليها الكثير من الوقت
دون مناسبة، وربما مر (أمل قصير القامة)..وفكرة ترددت كثيرا قبل هذا السبات.. لم تنفجر
وأبدا .. لن تنفجر.!
وهكذا .. لم يعد للصندوق أي مقام في هذه الحضارة وسطوتها حتى اختفى. ما عاد أحد يحتاجه
ما عاد أحد يذكره، أو.. يتذكره.!


ويقال : أنه في زمن ما...

إن عثر عليه ــ مصادفة ــ في مكان ما.. تحت ملكية أحد ما، يهرع كل مهتم لمعرفة أسرار
هذا الصندوق. فسيرته مهمة جدا في تحديد قيمته، ومقامه. يهتم الجميع بنسبه الأول..
من الذي اقتناه أول مرة .. أول عروس خبأت فيه عطرها، ومنديلها الأبيض.. أو..
(الزهري ) أول ثائر جمع فيه الرصاص.. وهكذا .. وعلى أساس المعلومات المتوفرة
يحدد له الثمن الذي يستحق في سوق ( الخردة)
يعود الصندوق إلى ارتحال جديد، من بيت.. إلى آخر.. إلى فيلا، وربما إلى قصر.
يلبس حلة جديدة على اعتبار انه ( تحفة ) يتبارز بها من يقدرون على دفع ثمن
ما لا يلزم لحياتهم ..!
والصندوق يقبع في أمكنة مختلفة بهدوء.. وصمت يشبه إلى حد ما (صمت) العبد في
أزمنة كانت تٌسيد الأسياد.. وتمتهن العبيد..!


ويقال :

أن بعض الصناديق بقيت على قيد الحياة، خارج متطلبات العمر. تعيش في أقبية عميقة
تحمل في داخلها ما هو أعتق منها في الوجود.. وهي تنتظر زمنا آخر تطل منه.. وبعض
الصناديق كان مصيرها (المزابل ) البعيدة عن المدينة وضجيجها..خارج الحضارة والزمن.
وبعضها، امتلكها بمحض صدفة فقراء أبت الحضارة أن تطاوعهم.. أو.. أنهم لم يتمكنوا من
تطويعها. وربما أنهم لم يرغبوا بتطويعها. فخبئوا فيها اليسير من مقومات أحلام بعيدة.
وبعضها لم يظهر مرة أخرى، لم يُعثر عليها.. ربما أنها انكسرت مع الأيام.. وتفسخت..
أو أنها كانت حشوة مناسبة في مدفأة ما .!








((سبتمبر .. 2009))






قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط