سلسلة "بين يدي نص " / زياد السعودي - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-01-2010, 02:19 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي



النص النهايات : أحمد الفلاسي
--------------------------------


ما ذنبُه الوردُ يذوي في نَضارتهِ=وقد تمايلَ زهواً حين تلقاهُ
لو كان يعلمُ أن الترْبَ مرجعُهُ=ما هنّأ الطرفَ في البستان مرآهُ
يحمرُّ حيناً كأن الشوق ألهبهُ=وباصفرارٍ تناغي البدرَ عِطفاهُ
لطائف اللون لم تشفعْ لنضرته=أن تستبيح جيوشُ الموتِ دنياهُ
ما ذنبُه العشبُ تكسو الأرضَ خضرتُهُ=وتبهج العينَ في البيداء بُرداهُ
مسارحُ الطير في ساحاته بُسُطٌ=ومرتعُ الريم بادٍ في حناياهُ
ما جنَّ ليلٌ ولا غارت كواكبُهُ=حتى تَبدلَ من ذا الحسنِ مغناهُ
وصار بلقعَ تِيهٍ في عمايته=وجاءه الموت زحفاً في سراياهُ
ما ذنبُه البدر شاقَ الليلَ مطلعُه=فأضحكَ الماءَ من ضحضاحِ مجلاهُ
يؤانسُ الدربَ للسارين في دلَج=وتحفظ السرَّ للعشاق عيناهُ
ألا تطولُ به الأيامُ أم خُتمتْ=أيامه البيضُ بالتنغيص يغشاهُ
وعادَ يصغرُ أدراجاً لتنهشهُُ=مخالبُ الموت ليت الموت ينساهُ
ما ذنبهُ الطير في العلياء نرمقه=جذلانَ ماجتْ ببحر الكون أصداهُ
يراود الزهرَ بالإنشاد في ولهٍ=من كل فن يهادينا تحاياهُ
في رنة الصوت للمشتاق تسليةٌ=وللمصاب تناسٍ في رزاياهُ
لو كان يعلم بالصياد يرقبُهُ=لما تغنّى سوى الآهاتِ مرثاهُ
ما ذنبه الغيم يهمي الدمعَ من فرَحٍٍ=فتَضْحكُ الأرضُ إبشاراً بسقياهُ
قد عانق الروضَ لثْماً في مباسمهِ= وضخَّ في العرق ماءَ العيش يحياهُ
وبات ينْظِمُ سِلكَ الودْقِ تحمله=سفائن الريح جرياً في ثناياهُ
هل أدرك الغيمُ أن الفرْح آخرُهُ=سمومُ حرٍّ جلتْ للغيم أشلاه
ما ذنبه الليل غطتنا عباءتُهُ=نستودع النجمَ فيه السرَّ يرعاهُ
ونُغمِضُ الجفنَ في أحضان مرقدهِ=كأنَّ بالليل مهداً فيه سكناهُ
ما أقصر الليل والإصباح يطلبُهُ=إذا تفجر كالبركان أفناهُ
وتم ختمٌ على بدءٍ وودَّعَنا=ليلٌ بزاكٍ من اللقيا قضيناهُ
ما ذنب ذا القلب قد تاهتْ مداركهُ=فأبصر السعد فيما فيه بلواهُ
قد خانه الحظُّ في خلٍّ يصاحبه=والخلُّ أضحى كحلم النوم ملفاهُ
ما أندر الصدقَ في ظنٍّ يحسِّنهُ=وأضيق النفُس في حالٍ تبنَّاهُ
رجعتُ بعد ظنوني مثل مؤتملٍ=قد خاب سعياً وأهدى القفرَ يمناهُ
ما ذنبه الشّعر يبكي إلفََه ولعاً=ويستحثُّ خطا الأيام لقياهُ
رأيتُ كل حبيبٍ من أحبته= قريرَ عينٍ وحِبي الدهرَ أنعاهُ
لا أستريحُ بهجرٍ عنه يبعدني=ولا أُمَنّى بوصل منه أهناهُ
لا أغزر الله دمعاً سحَّ من مقََلٍ=أبان مني كرسم النهر مجراهُ


القراءة
ــــــــــــــــــــــــــ

مدلول العنوان
---------------
النهايات ....
النهاية كمدلول فضفاض ... ليس بالضرورة ان ياتي المدلول في جبة الحزن
فبعض النهايات تاتي كرنفالا سعيدا ....
النهايات في قصيدة الفلاسي ... يشي الاستهلال بوجهتها بنكهتها
اذ يستهل شاعرنا متسائلا مستنكرا
تبدل حال كينونة الجمال من حال الى حال :

ما ذنبُه الوردُ يذوي في نَضارتهِ=وقد تمايلَ زهواً حين تلقاهُ

لعلنا من خلال الاستهلال ...
امسكنا بتلابيب الرتم
الذي سيرافقنا ونحن نقرأ شعرا
يتجلى على لسان قائله


مفتاح القصيد
-----------------

القراءة الاولى ... للقصيدة .. اهدتني احد مفاتيحها

مـا ذنبُـه ...

لتبرز متعلقات ( مـا ذنبُـه ) تلك التي رتبها الشاعر
بتسلسل رقمي فنجده استهل بها
ووزعها على جسد القصيد بذكاء
حتى تكاد ترى ان الـ ( مـا ذنبُـه ... ) الثمان استهلال لرباعيات افضت الى اثنين وثلاثين بيتا
وما اراد الشاعر ان يجعل الرباعيات هدفا معلنا لكن نسق القصيد يفضي لبعض هذا على الاقل لذواقٍ مثلي

نتابع متعلقات الـ ( مـا ذنبُـه ... )

مـا ذنبُـه الــوردُ
ما ذنبُه العشبُ
مـا ذنبُـه الـبـدر
مـا ذنبـهُ الطـيـر
ما ذنبه الغيم
مـــا ذنـبــه الـلـيـل
مـا ذنـب ذا القلـب
مـا ذنبـه الشّعـر


تلك العناصر / المتعلقات ... ترى ان الجمال قاسمها المشترك الارقى
كاني بالفلاسي في قصيدته / النهايات
يترافع عن عموم القضايا وصولا الى القضية المحور
( مـا ذنـب ذا القلـب / مـا ذنبـه الشّعـر)
مازجا القلب مع الشعر كأن كل منهما مرآة للاخر
صانعا بذلك انزياحا ..
لا يتقنه الا خبير قريض ...

شكل النهايات
---------------

في الورد : الموت يستبيح
في العشب : الموت يزحف
في البدر : الموت ينهش
في الطير : الموت صيدا
في الغيم : الموت سما
في الليل : الموت صبحا

كان الجمال قاسمها ... اتى الموت يقصمها

وشكل النهايات في القلب والشعر ... شكل اخر من اشكال الموت
اتى في نهايات القصيدة ليكون
نهاية النهايات ...
وليصبح الاستنكار استحقاقا للشعر والشاعر :

ما ذنب ذا القلب قد تاهتْ مداركهُ=فأبصر السعد فيما فيه بلواهُ
قد خانه الحظُّ في خلٍّ يصاحبه=والخلُّ أضحى كحلم النوم ملفاهُ
ما أندر الصدقَ في ظنٍّ يحسِّنهُ=وأضيق النفُس في حالٍ تبنَّاهُ
رجعتُ بعد ظنوني مثل مؤتملٍ=قد خاب سعياً وأهدى القفرَ يمناهُ

استعراض النهايات ... على طول القصيدة
وربطه بمحرك البوح ( القلب ) يدل على ذكاء ميداني
ويجعل من ذاتية البوح في القفلة ..
بوحا ينسحب على المجاميع البشرية ان جاز التعبير
فيجد المتلقي ان الشاعر قد اشركه معه ...

محسنات البديع
----------------

وتسلسلت الصور الشعرية والبيان تجسيدا وتوظيفا وتشبيها
بتسلسل المتعلقات الثمان
من خلال اشتقاقات تناغمت مع البيئة الخاصة المناسبة
لهذه المتعلقات:


يحـمـرُّ حـيـنـاً كـــأن الـشــوق ألـهـبـهُ
مـسـارحُ الطـيـر فــي ساحـاتـه بُـسُــطٌ
يـؤانـسُ الــدربَ للسـاريـن فــي دلَـــج
يــراود الـزهــرَ بـالإنـشـاد
قـد عانـق الـروضَ لثْمـاً فـي مباسمـهِ
الـلـيـل غـطـتـنـا عـبـاءتُــهُ
قـد خـاب سعيـاً وأهــدى القـفـرَ يمـنـاهُ
لا أغـزر الله دمعـاً سـحَّ مــن مـقََـلٍ



تكثفت الصور الشعرية وتوزعت على جسد القصيد
لكي تستمر الدهشة التي يحدثها جميل الشعر
من اول صدر
حتى اخر عجز


المعجم
---------

لقد عرفنا معجم الفلاسي
من خلال منثوره وشعره
ولمسنا حرصه على اللغة الجميلة
بجزل الفاظها وعمق معانيها
فنجده قد رصّع النص فمفردات تثري الذهن
وتعيدنا الى مفردات جميلة المعنى
تحضنها بساتين لغة الضاد :

الـتــرْبَ / عِـطـفــاه / بـلـقـع
ضحضـاح / دلَـــج / الـــودْقِ / سـحَّ



النفس الشعري
-----------------

في هذه القصيدة شانها شان :
أغثْ مسجماً هنا :
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=7172
حُسن حبيبي هنا :
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=7777

ثمة نفس شعري طويل لدى الشاعر
يدل على ثراء ذهنه
وتمكنه من ادواته الشعرية
فهو يتحرك في غرضه الشعري بحرية
وبدارية الخبير
ويعتمد طول النفس لديه
على مجموعة الافكار
التي يريد ان يتناولها
وعلى اكتمال البيان والعاطفة
والاحاطة بالغرض الشعري



العاطفة
---------

كثيرة اوجه العاطفة في هذا القصيد
فمن خيبة :

فـأبـصـر الـسـعـد فـيـمـا فـيــه بــلــواهُ

الى الرجاء :

لـيـت الـمـوت ينـسـاهُ

الى حسرة :

هـــل أدرك الـغـيـمُ أن الـفــرْح آخـــرُهُ


الى الاسى والتاسي :

والـخـلُّ أضـحـى كحـلـم الـنـوم مـلـفـاه

وتجلت العاطفة
في القفلة
التي حاكى فيها الشاعر اشياءه
باشياء ما قد سلف
فكانت عنصرا من عناصر الق القصيدة :

رجعتُ بعد ظنوني مثل مؤتملٍ=قد خاب سعياً وأهدى القفرَ يمناهُ
رأيتُ كل حبيبٍ من أحبته= قريرَ عينٍ وحِبي الدهرَ أنعاهُ
لا أغزر الله دمعاً سحَّ من مقََلٍ=أبان مني كرسم النهر مجراهُ


الشاعر الامارتي
أحمد الفلاسي
صوت شعري فتي وجميل
يحمل رسالة ينشرها ابداعا ومن خلالها
يميط اللثام عن مخزون شعري اصيل

والى اللقاء مع نص آخر ....




2
النص : لا شيء يعود نوف العبد الله / السعودية
----------------------------------------------


الكلام الذي يتناثر ما بيننا،
يخبرُ العابرين أن الحياةَ وهمٌ و الوصولَ إلى الطرف الآخر دائما ينتهي بانكسارٍ مبكرٍ.
كلّ الطرقِ تؤدي إلى الموت.
و الموتُ فقطْ من يحفظنا،
و يعي جيدا كيف التسلل بيننا.
الموت تبا له من عدو يصادقنا بهدوء،
يسير معنا،
يعلق صورا لنا على جداره لنكون ذكرى لم تحدثْ بعدْ.
أذكر حديثه
أذكره يمرّ شامخا بَيْنَ تَـأتَـأةِ الذَّاتِ وحُلمٍ تَسكُـنُه الّلحظات.
.
.
.
أبني كُوخًا لآهٍ
أوقدُ نَاراً تُدْفِئُها
تؤنسُها..
وأُلَمْلِمُ أشلائي المُلْقَاة
على قَارِعةِ طريقٍ.
.
.
أتساءلُ
كيف تحولُ العالمُ إلى خرابٍ؟
كيف صارَ الليلُ همّا؟
.
.
كيف تتحول الدقائق إلى غابة..
هل العالم يستحقُّ حقا هذا العناء
جزيرةٌ أنا هجرتها الطيور والنخيل
ومرجان البحر..
وَهْمٌ يحبُّ سرابْ
و أحلامٌ غزاها البرد من كل اتجاه...
.
.
مَاذَا؟
.
.
أبقى وَحِيدةً
أحلامي بعِيدَةً.

.
.
غبتُ..
أعلم لا شيءَ يعودُ..
و الكلماتُ التي تَعِدُنا بالحضور
تائهةً أراها في زحام القواميس..
الدروبُ مليئةٌ بالرماد
مثقلة بالجراح و هزائم عمر
و الكلام تمائمٌ لنا،
يبعدنا عن التفكير في الفرح،
لا يزرع إلا حزنًا و لا ينثر إلا رحيلا و طرقا مكسرةً.
دقاتُ تلك الساعة لم أعدْ أسمعها.
أخاطبها سرا؛ كي لا يسمعني الحاقدون.
و لا شيء يعودُ.



القراءة
ـــــــــــــــــــــــ

استهلت اديبتنا نصها بفلسفة
مردها تداعيات ما قبل الكتابة


كلّ الطرقِ تؤدي إلى الموت.
و الموتُ فقطْ من يحفظنا،
و يعي جيدا كيف التسلل بيننا.


لتجعل من الذات محورا
للخطاب
ومن ثم تضمن الخطاب
تلك التساؤلات الضخمة
التي انبثقت عن ذات التداعيات
تلك التي سبقت حالة الكتابة


كيف تحولُ العالمُ إلى خرابٍ؟
كيف صارَ الليلُ همّا؟
.كيف تتحول الدقائق إلى غابة؟؟
هل العالم يستحقُّ حقا هذا العناء؟؟


اللغة التي ارسلتها
نوف العبدالله في شرايين النص
لغة مدروسة
والبناء لا يخلو من الصورة
والمفردة لديها تتمدد بتمدد الغرض


جزيرةٌ أنا هجرتها الطيور والنخيل
ومرجان البحر..
وَهْمٌ يحبُّ سرابْ
و أحلامٌ غزاها البرد من كل اتجاه


وبالرغم من غياب الايقاع
الا اننا امام نثرية جميلة
خطتها لنا نوف العبدالله
نتمنى ان تتسع
لديها الرؤى اكثر
ونشهد لها نصوصا
اكثر واكثر
علها تعود الينا
من رحم الغياب




3
النص : سَقطَ صِفر" سلطان الزيادنة / الاردن
--------------------------------------------


أستَجدي
من دَفاتِرِ الأيَّامِ لُطفَ الرَّبِّ
بَعدَ مَوتِ الحُبِّ
وأنا الّذي حَسِبتهُ
دُنْيا بلا آخــِــــــــرة

رمَقَتْني شَزِرَة
لِتَحفرَ بالعشَرَة
في أوَلِ السَّطر
على ما أبْقَت خَناجِرُ الأحِبَّةِ
من مَساحَةٍ في الظَّهر
لعنَتُكَ يا عاني
لَعنَةُ كُلِّ ذاتٍ شاعِرة
نَزفٌ دائٍمٌ في الرّؤى
و ألمٌ يَخِزُُّ محيطَ الرّوحِ
كحِرابٍ تنهشُ في خاصِرة.

اصرُخُ انايَ
كم تُراها تَحْتَمِلُ أجْسادُنا
وقعَ سِياطِ أرواحِنا
اجِبْني
فالأسئلَةُ السَّوداء
تَنْعَبُ في رأسي
كَما بومَةٍ تَجْتَرُّ الضِّحِكَ
في بَيْتِ عَزاء
أترانا لا نَملِكُ اناً ثائِرة
أمْ هِيَ انانا
مَليكَةٌ مُستَبِدَّةٌ.... قاهِرة
لا تَستَصرِخُ فينا
غيرَ حُزنِنا الآثِمُ
و أوجاعنا الكافِرة
قُلْ لي يا انايَ
هَلْ أنا خَطٌّ مُستَقيمٌ
أم هِيَ الحَياةُ
مَحضُ دائِرة
وجْهُ قِدِّيسةٍ
وفَرجُ عاهِرَة!

قُلْ لي يا انايَ
كَمْ مِنْ مَسيحٍ
و قِدِّيسٍ ذَبيحٍ
يَلزَمُها الأرضُ لِتغْدو
نِصفَ طاهِرة؟!.

-قال: يا أنتَ
اعْرِضْ عَن هذا
عبثا تَبحَثُ في نَشازِ المَنافي
عن نَغَمةِ وَطَنٍ ساحِرة
ما السَّعادةُ إلاّ سَرابُ مِِغْناجٍ
تُخاتِلُ
بِأرْدافِها الظَّمآنَ
في لَهيبِ الهاجِرة
هذي المآسيُ
لَصْقَ خُطانا
وخُطانا
مِنْ قَديمِ السَّير ِ
عاثِرة‏..

-عُدْ يا اناي
لحَضرَةِ ساجِديك
فَقَلبي شيخٌ ٌ كئيبٌ
جاوزَ
ألفَهُ العَاشِرة
فَبَينَ استِرسالِ التَنازُلاتِ
وثِقَلِ الرَغَبات ِ
انْكَشَفَت سَوأةُ المُنى
وقَضَيتُ أنا
سَقط َصِفرٍ في مُعادَلةٍ ساخِرة
قد غاضَ صَوتي
لَمْ يَبقَ
ما اقبِِضُهُ إلاّ صَمْتي
وَصَمتي لَيالٍ
أقْمَارُهُا مِنْ سَرمَد ٍ غادِرة.
والآن
لكَ يا اناي َ في جُبِّكَ
أنْ تَستَريحْ
فلَيسَ في العَّرضِ فُرجَة
غابَتِ الحَسناءُ
وحَضَرَ القَبيحْ.



القراءة :
ــــــــــــــــــــــ

نص شعري
يحمل تعب الوجدان
وارهاقات النفس المتعددة الاجهادات
تناول من خلاله السلطان
مضامين الحب ... الـ ( هو ) الـ ( هي )
من خلال رصد لتداعيات الـ ( أنا )
النفس
تستكتب
تهلوس
تهذي
نحاول ان نحيط هذيانها
بما يوصلها ويوصل صرختها

الكتابة هنا
وعي في اللاوعي
(اصرُخُ انايَ)

الاستهلال :

أستَجدي
دُنْيا بلا آخــِــــــــرة
نَزفٌ دائٍمٌ في الرّؤى
كحِرابٍ تنهشُ في خاصِرة.
اصرُخُ انايَ


يدخلنا السلطان
في شكل الانا
حين تهذي
وحين ينتهي هذيانها الى
صراخ


كم تُراها تَحْتَمِلُ أجْسادُنا
وقعَ سِياطِ أرواحِنا
اجِبْني
فالأسئلَةُ السَّوداء
تَنْعَبُ في رأسي
كَما بومَةٍ تَجْتَرُّ الضِّحِكَ
في بَيْتِ عَزاء


لا يكاد يخلو موطن من مواطن النص
من جمال الصورة
وهذا ما عرفناه
في نصوص الشاعر
حين يغرف من الكلم
ما ينقل شكل الالم
وهنا
يسال السلطان اناه
كما كان الشعراء القدامي
ينادون الخليل
او يستوقفون
المكان
ثمة تساؤل على الاطلال
يحمل مر السؤال :

أترانا لا نَملِكُ اناً ثائِرة
أمْ هِيَ انانا
مَليكَةٌ مُستَبِدَّةٌ.... قاهِرة
لا تَستَصرِخُ فينا
غيرَ حُزنِنا الآثِمُ
و أوجاعنا الكافِرة


يستمر السلطان
مخاطبا اناه
وهنا يسخر
سخرية تحمل معنى الالم

قُلْ لي يا انايَ
هَلْ أنا خَطٌّ مُستَقيمٌ
أم هِيَ الحَياةُ
مَحضُ دائِرة


مضمون الحياة
كما يحكيها السلطان
بالاضافة للمضامين السابقة
( الحب ... الـ ( هو ) الـ ( هي ) الـ ( أنا ) )
ذكرتني بمقولة ماركيز
( ليست الحياة ما نحياها إنما ما نتذكرها، وكيف نتذكرها لنحكيها )

يا انت
ويا اناي
اصوات اوردها السلطان
لتواكب النص
الـ يحكي
تداعيات ذات الشاعر
من خلال الانسان / النبي
من خلال هذيانها
ذلك الهذيان الذي يحاول ان يقترب
من منطق العقل
لتبقى الكتابة هنا
كما اشرت : وعي في اللاوعي


ما السَّعادةُ إلاّ سَرابُ مِِغْناجٍ
تُخاتِلُ
بِأرْدافِها الظَّمآنَ
في لَهيبِ الهاجِرة

ومن جديد
صورة باذخة
رصع بها السلطان تدفقه الشعري


يتداعى تحت عباءة العتاب
باستحضار ارث ديني :

عُدْ يا اناي
لحَضرَةِ ساجِديك
( انا الشاعر / النبي
فَقَلبي كَهْلٌ كئيبٌ
جاوزَ
ألفَهُ العَاشِرة



واشارة دينية اخرى
لسيدنا يوسف عليه السلام
من خلال الجب:

لكَ يا اناي َ في جُبِّكَ
أنْ تَستَريحْ



تتهادى القفلة
ويستمر حضور ال
( الاناي )
لكي يخلص السلطان الى النتيجة
بعيدا عن المعنى الحقيقي للكلمات :

فلَيسَ في العَّرضِ فُرجَة
غابَتِ الحَسناءُ
وحَضَرَ القَبيحْ.


والى لقاء مع نص آخر




4
النص : البعد واتجاه أخر الشاعر علي مهدي / السعودية
--------------------------------------------------------



خذ عيني صغها جمراً نارياً
خذ مني جسدي
خذ كفي
كلي
وهدم أسوارا تدعى سبعية
وانثرها ورداً
عطراً
غازل منها أو فيها
أوتاراً أو أصواتاً للحرية

***

إني أنظر في أعلى هدبيك
إصراراً يعصر كل الآلام
وسيبقى الرمز
على التأريخ
يهز الدنيا
أنّ العصبة بالإيمان قوية
لو كانت وتراً
أو كانت ثلة
تدعى بالحق جماعاتٌ إرهابية

***

هل ترب الأرض يفارقه؟
كي يصبح بالغربة شيئاً منسياً
أم أن الميزان به خلل
فالدار لها أهل
صاروا عنها غرباء
فالطفلة منهم ما عادت نبتة
كي تزرع في بطن الأرض
شجراً
أو حتى ألوانا قزحية

***

احملني سهماً في أعلى كتفيك
لن نبرح
عنواناً
أو نبراساً
يعلى ترباً من أرضي القدسية
فسنكتبها
عبر الأجيال أحاديثَ
تحكي أنّا
عشنا زمناً
نرفض ذلاً أو بيعاً
بالقدس الحرة
وسنكتب من وحي دمانا
أنّا نعشق طعم الحرية


بقراءة سريعة
تدرك فورا نفسا شعريا رئتاه
تلك الرؤية الشفيفة للحياة / الواقع /
التي تصب في السياق الثقافي الذي
ادى الى اشتعال جمرة الكتابة اذعانا لحالة الالحاح
( هل ترب الأرض يفارقه؟
كي يصبح بالغربة شيئاً منسياً
أم أن الميزان به خلل
فالدار لها أهل
صاروا عنها غرباء)
فعبرت الروح نصا عن ثورة
مردها اوجاع خاصة امتزج باوجاع عامة
(خذ عيني صغها جمراً نارياً
خذ مني جسدي
خذ كفي
كلي
وهدم أسوارا تدعى سبعية )


القراءة
ــــــــــــــــــــــــ

(شأن القصيدة كشأن الصورة، واحدة تعجبك لو وقفت بالقرب منها، وأخرى تأخذك لو وقفت بعيدا عنها، هذه تحب أن ترى في زاوية معتمة، وهذه تؤثر أن ترى في الضوء لأنها لا تخشى تفحص الناقد الثاقب) ..هوراس
شهد النص قدرة شاعرنا على خلق الصورة الشعرية بما يتناغم مع الصوت الداخلي للقصيدة:

فالطفلة منهم ما عادت نبتة
كي تزرع في بطن الأرض
شجراً
أو حتى ألوانا قزحية


لم يسهب الشاعر
ولم يلجا للتكثيف اللغوي
اطلق قصيدته مخاطبا الضمير الغائب لغة
والحاضر وجدانا " انت "
وانهى ب :

" أنّا نعشق طعم الحرية"

لتمتزج انا الشاعر بهو المخاطب وبنحن
لتعلن الروح عن ثورتها

وسنكتب من وحي دمانا
أنّا نعشق طعم الحرية


والى لقاء مع نص آخر ...




5
النص : في حضرة ال...جُنون للشاعرة سلام الباسل / فلسطين
--------------------------------------------------------------


تبتلعني شهية الصراخ
لجنونٍ ينساب من فمِ الاحساس شهياً...
وكأغرب ما يكون مجنونان...نهجر قبيلتنا..
تسرقنا آيائل سابحة ..نمتطي خيول أرواحنا..
ونختفي في زحمة الهذيان..!!

أعتِق جُنوني..
وأعِدنِي "إليّ" قليلاً..
لأمارس "الطفلة" بداخلي ..في غفوة "السيدة"..
أعتِق جنوني لأقترف معك الهلوسة بطقوس عشتارية..
ليذوب العبث بسرمدية الوقار ..في فنجان "عقلانيتي". .
لأنسلّ خفية لـ...ضحكة / لـ همسة/...لشيء يشبه عبثي..
لأغدو "ليلاكَ"..أ متشق غناء العنادل على قصاصات المراهقة..
نغتال الخجل الأحمر فينا..
نعيد هيكلة أبجديتنا ../نشوّش الشِعرَ قليلاً../نرسم أوزاناً جديدة..
نخطف قبساً للبوح..نعتقل الهمسات أرضاً...
وننطلق..!!!

وهناك...
تزهر ورود الاقحوان ..على جُزر شفتيّ
وعلى فيك الحالم عنقود هذيان..
نطوي بشهيقنا ..وزفيرنا ..صمت المكان..
نبضي يهرول إليكَ ليلتقط بعض أنفاسك../علِّي أرتوي..
فيلمُنا الضياع...!!

لَملَموا الدروب كلها ..ونسَوْنا..
نَسوْنا نتصبب فوضى الجنون..
أهذي اليكَ:..أنتوه.. .؟!!
وبرعشة هدبٍ تطفىء ضوء القمر ..تهمس:
-لا تجزعي يا صغيرتي...لا يتوهُ مجنونان..!

وفي حضرة الجنون مثلنا...
التهمة..؟/ مَن ذا أنا..؟... /..ومَن ذا أنت..؟
-أتعرفني...؟
-أتعرفك...؟
-أيعرفنا أحد...؟!
قيل شريدان عافا الدروب ..فسرقتهم الغفوة /أو إحتضنتهم ليومٍ غجري...
وقيل عصفوران فقدا مسارهما منذ أزل...
قتلونا وصلبوا أرواحنا......بت همة الجنون..!
-أوما علمتم أيها السادة..أن صلب العصافير يورث "لعنة الجنون"..؟؟!
وبأنني أنصهرت فيهِ...مُذّ همس لي:
-لا تجزعي يا صغيرتي...لا يتوهُ مجنونان..!!
كل جنون وأنتَ بسلام


القراءة
ــــــــــــــــ

الصورة والدلالة
----------------
من خلال نص مكتظ بتداعيات قلوية
وبصور حية ناطقة حيث
جعلت للصراخ شهية
وللاحساس فما
وتركت النبض يهرول في شرايين المفردات
توزعت الصور في مضارب الكلم
ونرى هنا :

زهر الاقحوان على جزر الشفة

كدلالة وكمحاكاة للطبيعة
حين تنعكس على سطح مرايا الداخل
وتحمضها الذات
لتكون ارشيفا نقوله حين نرى اننا / الطبيعة



توظيف الاسطورة
-----------------
وظفت الاسطورة طقسا عشتاريا
يخاتل جزئيات خطوط :
العبث ...
الوقار ...
الهلوسة
وما جاء التوظيف عشوائيا
بل اتى من خلال استدعاء مكنونات الاسطورة
لصالح بناء نص متين ومحكم


عمق المفردة :
-------------
مواطن كثيرة في النص
شهدت اعتناما موفقا لعمق المفردة
واستخدام ماهر في بناء المضمون:

رعشة هدب تطفيء ضوء القمر
شريدان
سرقتهم غفوة
احتضنتهم ليوم غجري


فوضى جميلة
------------
الطفلة / السيدة ...عصفورة
عصفوران
عناصر شكلت ملحمة الهذيان
على مسرح الجنون
فاتت المشاهد ....
بفوضى شديدة
ما كانت لتكون اجمل
لو انها اتت اقل

والى لقاء مع نص آخر ....



7
النص : أبو رِغال سلطان الزيادنة / الاردن
-------------------------------------------



أضَعْنا حَقَائِبَنا
و ضاقَتْ عَلَيْنا مَراكِبُ الرَحيل
رَمَتْنا مِنْ فيها
تَرَكَتْنا خِياماً مَنْثورة
تَحْتَرِفُ ابَدآ أبجَديَةَ العَويل
كَسَرنا الدُفوف
مُذ
صَدِئَتْ بِأغْمادِها
السُّيوف
ماعُدْنا نُغَنّي
فَهذا زَمانُ البُومِةِ
حِيَنما تُحاكي
بِصَوتِها لونَ
المَقْبَرَة
لا مُغَرِدَة في العُش
ولا حتى قََش
فأيُّ شدوٍ
وحَناجِرُنا........
كأحلامِنا
على وَهَم المَسرّاتِ
قَضَت
منَْحورة؟
أينُها مُدُننا المَقْهورة؟!
هيه..حرّى
فلا مسامعَ للمدى
حتَى الدَمعَ
فَقَدَ ذاكِرَتُه
على خَرائِبِ اكُفِنا المنخورة
في منافي الاغتراب
العُمرُ شِتاءٌ
و الرَّبيعُ مخاتل
والرِجالُ يسَّاقطونَ
كأحجارِ الشَطَّرنجِ
بِلا هَوادَة
والحزينةُ لا يومَ لِفَرَحِها
ويَبْقى وَحْدَهُ أبو رغال
حاضِراً
َتْمتَطيهِ شُرُوره
يَبيعُنا لِقَياصِرةِ المَوتِ
بِدِراهِمَ مَعْدودِة
أشْباحَ أُمَّةٍ مَذعورَة
تَلوكُ أحْلامَها بِبَلادَة
ويبقى دوما ابو رغال
صاحِبُ الصّولجَانِ والسّيَادَة
وأرْواحُنا
تنْسِجُ ِمنْ أجْسادِنا
لنِعْلِه سِجَّادَة
لنُجَلِل إذَنْ حاناتِ الكَلامِ
بستائرِِ الصّمْتِ
صمتُنا واللهِ..
اليَومَ......عِبادَة



العنوان
ابو رغال
يفتح لنا اول نافذة
على مكنون القصيد
ابو رغال " الخائن " في التاريخ السحيق
ايام ابرهة وهدم الكعبة

يَبيعُنا لِقَياصِرةِ المَوتِ
بِدِراهِمَ مَعْدودِة
أشْباحَ أُمَّةٍ مَذعورَة


النسخة العصرية من ( ابو رغال )
نراها تجتاح المدى
ورصدها شاعرنا بعناية

يبقى دوما ابو رغال
صاحِبُ الصّولجَانِ والسّيَادَة
وأرْواحُنا
تنْسِجُ ِمنْ أجْسادِنا
لنِعْلِه سِجَّادَة


وهذا المستنسخ
لا يُرجم
بل يرجمنا ويرجم احلامنا

ما اريد ان اصل اليه

ان شاعرنا استخدم الموروث
ليحاكي واقعنا بتداعياته وقهره وسخطه
فاصاب موظفا الموروث
لب المعضلة التي تجتاحنا كل يوم


الذكاء الميداني للشاعر
الذي تجلى باظهار المحصلة والنتيجة
كمقدمة للقصيد
جعلنا امام مسؤولية عمق القراءة
لندرك الحبكة التي تناولتها حكاية القصيدة

أضَعْنا حَقَائِبَنا
و ضاقَتْ عَلَيْنا مَراكِبُ الرَحيل
رَمَتْنا مِنْ فيها
تَرَكَتْنا خِياماً مَنْثورة


كان حزن والاسى
الذي نقله لنا شاعرنا من خلال
الصوت الداخلي للقصيدة
هو حزن وأسى السلطان
المنبثق من حزننا وأسانا نحن
لينطلق اديبنا من ذاتية الطرح
الى العمومية
فالوجع عام

والشاعر دوما رسالة.

والى لقاء مع نص آخر .....



النص : سكنتني يا تيسير سلطان الزيادنة / الاردن
----------------------------------------------------

يحملُ العاشِقُ في غُربَته
مَوتَه ، تاريخَه ، عُنوانَه
وعَذاباً كامِناً في دَمِه
وحُضوراً أبَدياً كانَه.

عَبدِ الوهَّاب البَياتي


إلى روحه التي تَسكُنني
بِكُلِّ وَجَعِها ورُؤاها
إلى تَيسير سَبول


سَكَنْتَني يا تَيْسير



مَضى
مِلءُ حُروفِه نَدى
ونَشْرُ
روحِه في الدُّنى
دَفْقُ طيبٍ
ماجَ بِهِ المَدى
مَضى
لمَّا وَعاهُ أخيراً
ضَميرُ الثَّرى
نبياً غَريبَ المَلامِحِ
جاوزَ تُخومَ النهايةِ
و من خَبَرِ السّماءِ
ما ارتَوى
مَضى
لا شَمسُ الحَبيبةِ
وشَمتْهُ
بنَضارِ ذَهَبِها
يَوما
ولا صَدْرُها الدافئُ
لإرتعاشاتهِ الخَجلى
احتَوى
قَضى
وما فاهَ بَعْدُ بِآية
غَفى
فاعَدُّوا له مَسكَناً
في عُيوني
أُسقهِ من روحيَ
شَهيَّاتِ الرّوئ

قال تيسيرْ
سَقَطْتُ وَتَدري
مِثلي سَتذوي
عصافةً في بَيْدَرٍ
تُغَنّيها مَواسمُ الهَجيرْ
- لُحونَ وَداع
وأنتَ صَديقي
وتَدري
أنْ عبثاً نصفَ آية
أو قداساً يُرَتِّلُهُ
يَرَاعْ
فِملءُ البَسيطةِ
بُغَاثٌ استَنْسَرَت
وعبيداً تسيدوا
و رُعاعْ
وأنتَ صَديقي
وتدري
أنَّ خَيطَ العَتَمَةِ
أبداً ما كان
خَيطَ شُعاعْ
اشقياءٌ نحنُ
إسْتَحَلْنا
فرائساً للحقيقةِ المُرَّة
ولأيامٍ حُبلى بالضياعْ
طَيبونَ نحنُ
لكنَّهمُ الأحِبَّة
أشاحوا الوجوهَ عنّا
أمساخاً كأنَّا
أو ضِباعْ
حَنانيك صَديقي
لستَ بِمُسْمِعٍ
مَنِ استَطابَ مَقامَهُ في القَاعْ
فَجَعَتني اللَيالي صَديقي
ولا بدَّ أخيراً
من نِهايةٍ و وَداعْ
ما نحنُ وتدري
إلّا بعضُ إنسراحِ لَحظاتٍ سارحِة
تَنْسّلُّ كئيبة
في بَردِ الطُّرقات
تَبحَثُ عن حَفْنَةِ دفءٍ
في قَهوةِ فنجانْ
أبداً ما كانْ
هي اللاجَدوى صديقي
وجعٌ مقيمٌ
وحقيقةٌ جارحِة
فلا تبكِ عليَّ
فَجوفي ظَلامٌ
وأمواهي جِدُّ مالحِة
فإذا ما عنّ لك في الجَدْبِ
أغراسُ أملٍ فاعلم:
أنَّ اليومَ لغدٍ
ليس إلا.. البارِحَة
إلّا.. البارِحَة.

قال تيسير :
أنا يا صديقي
اسير مع الوهم ، ادري
ايمم نحو تخوم النهاية
نبيا غريب الملامح امضي الى غير غاية

صوت تيسير سبول المشروخ المجروح ..
تجربته الشعرية ....
تداعياته التي ضمنها روايته
انت منذ اليوم ...
ومخزون من الشعر الرافض الثائر
وروح ما استوعبها جسد التيسير
فطفقت هائمة وسكنت السلطان
ليستهل مستلهما ذلك الصوت الجنائزي
الذي سكن القصيدة التي وجدت بجانب السبول
صبيحة انتحاره

مَضى
لمَّا وَعاهُ أخيراً
ضَميرُ الثَّرى
نبياً غَريبَ المَلامِحِ
جاوزَ تُخومَ النهايةِ
و من خَبَرِ السّماءِ
ما ارتَوى

(وَعاهُ أخيراً
ضَميرُ الثَّرى) ...
اشارة لموته/ الوسيلة رفضا واحتجاجا
كآخر وسيلة للدفاع عن الذات

برتم ممعن في الحزن وبصورة شعرية مائزة
يتابع السلطان :

لا شَمسُ الحَبيبةِ
وشَمتْهُ
بنَضارِ ذَهَبِها
يَوما
ولا صَدْرُها الدافئُ
لإرتعاشاتهِ الخَجلى
احتَوى
قَضى
وما فاهَ بَعْدُ بِآية

اشارة الى موت داخلي
كان قد اقترب منه السبول
وكان هذا الموت قد اقترب به الى الموت المطلق


فاعَدُّوا له مَسكَناً
في عُيوني
أُسقيهِ من روحيَ
شَهيَّاتِ الرّوئ

ولا عجب
فثمة تمازج ارواح
اما كان قد قدم السلطان :
إلى روحه التي تَسكُنني
بِكُلِّ وَجَعِها ورُؤاها

فِملءُ البَسيطةِ
بُغَاثٌ استَنْسَرَت
وعبيداً تسيدوا
و رُعاعْ

صوت اخر هنا يدرجه السلطان ؟ تدرجه روح تيسير ؟
مهما يكن يحمل هذا الصوت بعدا قوميا كان من اهم اسباب انتحار السبول

حَنانيك صَديقي
لستَ بِمُسْمِعٍ
مَنِ استَطابَ مَقامَهُ في القَاعْ
فَجَعَتني اللَيالي صَديقي
ولا بدَّ أخيراً
من نِهايةٍ و وَداعْ

هذا المشاهد السرمدية
بشخوصها وبيئتها
وعلى امتداد الزمكنة
كتبها السلطان
لانها ادت الى انهيار داخلي تام لدى السبول
وحتما لها ذات الانعكاسات على شاعرنا الزيادنة
و على كل ثوري مناضل حالم
فكان هذه المشاهد كمفصل عصي ولا تزال ...

هي اللاجَدوى صديقي
وجعٌ مقيمٌ
وحقيقةٌ جارحِة
فلا تبكِ عليَّ
فَجوفي ظَلامٌ
وأمواهي جِدُّ مالحِة
فإذا ما عنّ لك في الجَدْبِ
أغراسُ أملٍ فاعلم:
أنَّ اليومَ لغدٍ
ليس إلا.. البارِحَة

ويسدل سلطان
ستار ملحمة الفقد والفقدان
بصوته الشعري
مستنطقا تيسير السبول
من خلا ابجديته الخاصة
مستحضرا روح تيسير
ليشير بصور شعرية
وعميق عبارة ومدلول
الى اللاجدوى
التي ادت الى تلك النهاية
هي العتمة التي اوجدت القرار الفرار الانتحار

السلطان ومن خلال ابجديته الخاصة
حريص على ان ينفرد بالصورة
يشتغل عليها كثيرا
ويشتغل على المفردة وتمددها المعنوي والدلالي



النص : همسة محبة / بشرى بدر

دعوني كي أزيد ببعض حرف=سجال البغـض يـُردينا لـقاع ِ
و إنـّي لم أرُمْ يوماً عـدوّاً=و لكنّ الـصديقَ جنى ذراعي
و خـضتُ بحورحِـدْثان الليالي=ركبـت بحـور شـعـر ٍلا تـُراعـي
سـكنت الـسامقات من الجبال=أنـفـتُ الـواطيات من البقاع
و كم حوربتُ .. كم كـُسرتْ سهامي=فما أجـبنـْتُ .. لم يـَطووا شراعي
فهـذا ما ابتـنيتـه في سـنيني=و هـذا ما نسـجته بالـيراع
وردت على المناهل صافياتٍ=لأنهل حرفها دون انقطاع ِ
و أنثره على الفينيق شعراً=و أزرعه ليـُخصبَ في المراعي
فـكنت هنا .. و كنت هناكَ أشـدو=و في المنثور لم يخـفَ التماعي
و ما أغفلتُ حـقـّاً مـُلكَ غيري=و لم أرضَ البقاء على الـسماع
و كنت لـدى قراءة كـلّ نـصّ ٍ=أعـيـش اللوع منه في التياعي
و إنـّي لم أقـلْ عـن غـير طيبٍ=و لا أضمرتُ حرباً دون داع ِ
و ما أدفأت بوحي للتصابي= فليـس لغـير مولاي انصياعي
و لـست أقـول هـذا بداعي فـخر=لأنّ الفـخر مـن سـَقـَط المـتاع
و لا لرضاء أرباب الإدارة=ْفـما أنا في الـمحافـل لانتفـاع
و لكنـّي وجـدت خفيّ سـمّ =يـُحيل الـشعـرَ في سـمّ ٍنـقاع
و يـرجم عبر توريةٍ بلغـو ٍ=يـصيب الغير من ساع .. لساع
و ما طبع الكرام هـنا التـّخفـّي=فأسـفرتُ الحروف بلا قـناع
و لم أربضْ بظلمات الخبايا=و ما أضـرمـْتها نارَ النزاع ِ
و لن أرضى باسـم غير اسمي=فـلِـمْ أحـيا و ذاتيَ في صراع ِ؟
فكونوا في الـتآخيَ طهر نفـس ٍ=فلا ندري متى تأتي .. وداع ِ
و قولوا مثلما الشعراءُ قالوا=سـتـسلمُنا المنون إلى انقـطاع ِ
و يا الفينيقُ لا تقبلْ دخولاً=لذئبان الـمواقع و الضـباع ِ
فإنـّك لو غـضـضت الطـرْفَ عنهمْ=لـعاثوا في حـصونك و القلاع ِ
و آلـت دولة الفينيق شـعـراً=كـمثـل الباقيات على المـشاع


متى ينجح الغرض الشعري في ايصال الخطاب ؟
اجتهد واقول : حين يكون قادرا على خلق اجواء داخل اجواء الشعر
اجواء ديدنها الشفافيه المنبثقة عن تناول معطيات ما يجري ..
ومعطيات ما يجري قد تكون مسؤولة عن المباشرة الشعرية
بهدف ايصال الخطاب كاولوية
الغرض في همسة الشاعرة بشرى
لا يخفى على احد ..
وكتابته لا تخفى على احد
فها هي شاعرتنا تستهل القصيدة
ببيت يشي بحالة الالحاح التي سبقت القصيدة غرضا وشعرا :


دعونـي كـي أزيــد ببـعـض حــرف= سـجــال الـبـغـض يُـرديـنـا لـقــاع

لتنطلق الشاعرة بالقصيدة بعيدا عن الجلد مستعرضة ملامح السمين
حتى لا يكون الغث سيد الموضوعة مشيرة لمكارم الشعر :

وردت عـلــى المـنـاهـل صـافـيــاتٍ =لأنــهــل حـرفـهــا دون انـقــطــاع
و أنـثــره عـلــى الفيـنـيـق شـعــراً = و أزرعـه ليُخصـبَ فــي المـراعـي


القصيدة ليست منبرية .. وان جرى في شرايينها نفسا توعويا
فلعمري ان هذا النفس انما اتى استحقاقا للغرض الشعري المحفز على الكتابة :
و لـكـنّــي وجــــدت خــفــيّ ســــمّ = يُـحـيـل الـشـعـرَ فـــي ســـمّ ٍنـقــاع
و يـرجــم عـبــر تــوريــةٍ بـلـغــو ٍ= يصيـب الغيـر مـن سـاع .. لـسـاع

وحين تكون على الارض وعلى تماس مباشر مع ما يحدث عليها
والارض هنا ربما نختزلها الى ساحة رقمية ضمن مضارب الفينيق
وربما هي دون اختزال اية ساحة رقمية توفرها هذه المملكة السابعة ( الشبكة العنكبوتية )
التي قد تؤدي زرع السم من خلف متاريس الاسم المستعار :
و ما طبع الكرام هـنا التـّخفـّي=فأسـفرتُ الحروف بلا قـناع
و لن أرضى باسـم غير اسمي=فـلِـمْ أحـيا و ذاتيَ في صراع ِ؟

وقد تمتد حتى الى بطون المطبوعات والمخطوطات حين يتم تصنيع القصيدة لتصبح صوتا يجلد لصالح الانا والنرجسية
الوحدة الموضوعية للقصيدة استهلال ومتنا تحققت
وكان لا بد انت تاتي القفلة على النحو الكلاسيكي الذي عرفناه شعرا عن شعر
تاتي القفلة مرتدية عباءة الدعوة لفضيلة او مكرمة :

حيث
فكونوا في الـتآخيَ طهر نفـس ٍ=فلا ندري متى تأتي .. وداع ِ
و قولوا مثلما الشعراءُ قالوا=سـتـسلمُنا المنون إلى انقـطاع ِ

قبل وبعد تلك قصيدة ابدعتها شاعرتنا الفاضلة الاخت بشرى
وارادت من خلالها ان ترسل الخطاب الشعري المتمخض عن رؤية ورؤى

كثير امتنان لاختنا



القصيدة : يا ربة الوجه الصبوح تبسمي
الشاعر عدنان حماد

هل يكتم الشعراء سِرَّ مُتيَّم =أم أوصَدوا أبوابهم بتجهـّم ِ
يا ربـّة الوجه الصبوح تبسّـمي =وَعِمي صباحاً ياحبيبة ُو اسـلمي
قوطية العينين .. تلك تحيتي =فتقبـّلي ، ثـمّ امرحي ، و تبسّـمي
إن يحجبوا دوني الفضاء فإنني=أوْصلتُ صوتي دون أيّ تلعثم ِ
يكفيك من رحم الحقيقة أنـّني =نعـم الفتى ، من آل بيتٍ أكرم ِ
من نسل تَغْـلُبَ ما ارتضيت نقيصة=إن كنت جاهلة فليتكِ تعـلمي
ولأهلنا في القريتين تحـيـّتي =وديارنا محميـّة بالصيلم
فيها اثنتان وأربعون قبيلة = وقبيلتي بيتُ القِراء فـيمـّمي
أهل الكرامة والضيافة أهلـنا=أهل السيوف الصارمات القـوّم
فجنيت من كرمي ونُبل شمائلي=رفض الخنا وتَقَبُّل المُتفهم
كَثُر الوشاة بقربنا وبحولنا=كشويعر متهتـّكٍ متأسـلـم
وحفيد غانية يجوس بـحيـّنا = متخفياً بتلـثـّم وتعـمـّم
هذا اللثامُ نُميطهُ كي تعلمي =خُبث النوايا دونَ أيّ تجشـّم
إن كنت أزمعت الرحيل تمهـّلي= لا تسمعي قول الوشاة فَتـُظـْلـمي
كـلّ المرابع أنت فيها أهلـُها =نحن الســوار إحاطة ً بالمعصم
فإذا عزمت على الفراق تأكـّدي =طعـمُ الفراق مرارُه كالعلقم
ياليلتي بالقريتين تثاقلت= وتباطأت حتـّى اسـتـُبيح تكتـّمي
لتنـوءَ ذاكرتي بكلِّ جليلة=ويضـجَّ في صدري حَنينٌ مؤلـم
ويجيش من بعد الرحيل تكـدّري= وتجيـش في نفسي حميـّة ضيغم
فأنا لتغـلبَ عـزةً وشجاعةً =وأنا لعذرة عـفـّتي وتتـيـّمي
فمن الخؤولة والعمومة أقتدي= شُـمّ المعاطـس كلّ فحـلٍٍ مُلـْهـَم ِ
حُيـّيـْتُ من نسبٍ كرام ٍأهـلـُـه=أهل المروءة والوفاء وبلـسمي
ما ضلَّ عن طوعي ونبل نصائحي =غـيرُ السـقيم الواهـن المستسلم
سأذود عن أهل الجوار بمهجتي =إن كنت عاذلني فلـستَ مقـيـّمي
فأنا البطولة والكرامة والفدا =أيكون عشـقيَ للحبيبة مغـرمي
عارٌ عليّ إذا المروءةُ سـوئلتْ= إن لم تُجـب : عدنانُ نسـل الأعظم

*******************************************

القراءة
ــــــــــــــــــــــــ

مقدمة
----------------

الشاعر عدنان حماد قاريء ومتمعن في الشعر الكلاسيكي
وفي اكثر من قصيدة وجدناه يستلهم عمق واصالة الشعر العربي القديم
ومن وحي القراءة وبغرض شعري لا يكاد يختلف عما في بطون ذياك الشعر ودواعيه
يكتب قصائده ما بين معارضة ومحاكاة محافظا على ان يبرز ابجديته الخاصة
وان اتكأ على موروث معجمي بالاضافة الى رصيد طيب شمل جميع انواع الخطاب الادبي .

في قصيدته :
يا ربة الوجه الصبوح تبسمي

ساحاول ان افتش فيها بذهن الذواق من خلال عدة محاور

محاكاة :
--------

أخال التغلبي قد تعلق بمعلقة العبسي وسكنه ايقاع القصيدة الداخلي والخارجي
فراح يحاكيها بحرا وقافية وبناء وظهر هذا من خلال اشارات عديدة :

وَعِمي صباحاً / إن كنـت أزمعـت / إن كـنـت جاهـلـة / بما / فلـيـتـكِ تعـلـمـي

ولم تختلف المضامين التي اتى بها التغلبي عن تلك التي اوردها العبسي في معلقته
رغم اختلاف العصر بالرغم من محاولة التغلبي
لتضمين مضامينه الخاصة من خلال المحاكاة
ضمن غرضه وضمن مناسبة خطابه الشعري
ولعله نجح في اقتناص خواتيم عجوز خاصة
لا تتشابه مع خواتيم العبسي على مستوى مفردات القافية

دلالة العنوان
------------

العنوان :
يا ربة الوجه الصبوح تبسمي

دلالة العنوان تفضي لاول وهلة الى نص غزلي بحت
ولم يبتعد شاعرنا عن الغزل الذي أدرجة على عادة الشعراء القدماء
فقد نسج أبيات قصيدته بنفس غزلي في الاستهلال وفي مواطن أخرى :

قوطـيـة العينـيـن .. تـلــك تحـيـتـي
كــلّ المـرابـع أنــت فـيـهـا أهـلُـهـا


ليعرج على شعر الحماسة والفخر ويحقن قصيدته بمضامينه الخاصة
وحول السبب الذي من أجله بدأ الشعراء قصائدهم و أشعارهم بالغزل
ثم عرجوا على غرضهم الرئيس قال ابن قتيبة :
سمعت بعضَ أهل الأدب يذكر أن مقصد القصيدة إنما ابتدأ بوصف الديار والدِّمَنِ والآثار؛
فيبكى الشاعر، ويخاطَبَ الربع، ويستوقف الرفيق ليُمِيلَ نحوه القلوب
ويَصْرِف إليه الوجوه، ويستدعي إصغاءَ الأسماع
لأن النسيب قريبٌ من النفوس، لائط بالقلوب
لما جعل الله تعالى في تركيب العباد من محبَّةِ الغزل، وإلف النساء
فليس أحدٌ يخلو من أن يكونَ متعلّقاً منه بسبب، وضارباً فيه بسهم

ولعل هذا كان ضروريا أكثر للشعر المنبري الخطابي الشفاهي
ولا اعتقد ان شاعرنا عدنان أراد هذا كون القصيدة نشرت رقميا
بقدر ما أراد محاكاة القصيدة غرضا وموسيقى
و ربما لذائقته الدور الرئيس في اختيار نص العبسي لمحاكاته
رغم ان دفاتر الشعر القديم تحتوي على نماذج شعرية شبيهة
من حيث ذات الاسلوب الفني

المضامين والغرض
--------------------

هل استطاع التغلبي ان يبعث الشعر القديم بقصيدته هذه ؟ هل أراد هذا؟
لا اعتقد.. فقد التزم بعمود الشعر في الصورة والبيان
ولم يتمرد عليه ولم يجدد
لكني اعتقد أن الموقف الشعري الذي حرك دفة القصيد لديه والظاهر من
خلال مضامين وأفكار النص كان الغرض الفعلي
والذي تمثل لي كمتذوق من خلال :

هــذا اللـثـامُ نُميـطـهُ كــي تعلـمـي .... خُـبــث الـنـوايــا دونَ أيّ تـجـشّــم
إن كنـت أزمعـت الرحيـل تمهّـلـي .....لا تسمعـي قـول الوشـاة فَتُظْلـمـي

كاني بشاعرنا يترافع امام تلك التي سترحل ليدرج في مرافعته
من هو :

فـأنــا لتـغـلـبَ عــــزةً وشـجـاعــةً
وأنـــا لــعــذرة عـفّـتــي وتـتـيّـمـي
فأنـا البطـولـة والكـرامـة والـفـدا
عدنانُ نسل الأعظـم
نعـم الفتـى ، مـن آل بـيـتٍ أكــرم
من نسل تَغْلُبَ ما ارتضيت نقيصة

ويطرح متن القضية المتمثل بلفظ الجمع في اكثر من موطن :

كَـثُــر الـوشــاة بقـربـنـا وبحـولـنـا
يحجبـوا دونـي الفضـاء

ومن ثم يستعرض هؤلاء الوشاة :

كـشـويـعــر مـتـهــتّــكٍ مـتـأســلــم
وحـفـيـد غـانـيـة

وبهذا يعري الشاعر هؤلاء الوشاة ويدحض افتراءاتهم
بالرغم من انه اراد الذم بلفظة ( غانية )
مع ان معنى كلمة الغانية هي المراة الجميلة المرأة الغنية بحسبها وجمالها عن الزينة
ولعل المدلول الدارج للكلمة ساهم في ايصال مراد الشاعر للمتلقي .

المعجم
-------

المعجم الذي استخدمه التغلبي لم تختلف طبيعته من حيث القوة والجزالة و الانسجام مع المضامين
عن معجم التغلبي وهذا ما يفرضه أسلوب المحاكاة مع انه ليس ملزما للشاعر المحاكي

الإيقاع
-------------

*الإيقاع الخارجي من عروض وقافية ذهب لخدمة الغرض الشعري .

*الإيقاع الداخلي تحقق من حلال تكرار الاصوات و الترادف-التضاد احيانا
واكد التغلبي قدرته على تجنيد الإيقاع في ابراز المعاني
واحداث انسجام صوتي موسيقي
أسهم في احداث التشويق الشعري ان جاز التعبير .

الصورالشعرية
-----------------

الطرح كان تقريريا لكن التغلبي لم يغيّب الصورة تماما

نحـن السـوار إحـاطـة ً بالمعـصـم
وتجيـش فـي نفسـي حميّـة ضيغـم

ومن خلال رصيد العدنان الشعري نعلم تماما خصب خياله
الا ان النزعة التقريرية المباشرة في هذه القصيدة
أتت على حساب تلك الخصوبة
فاحتفظ النص بشاعريتة لكنه افتقد بعده الإيحائي.

خاتمة
----------

كما اوردت حافظ النص على شعريتة وجماليته
واظن ان المحاكاة تضيف للنص..
من خلال المقارنة التي يمارسها المتلقي لجديد التغلبي وقديم العبسي ..
وتبقى المحاكاة اسلوبا شعريا غير سهل ولا بد من توفر جرأة لدى المحاكي
للدخول في ؟أشياء المحاكاة
وما عرفنا التغلبي الا جريئا
وشاعرا دان له الألق

كثير تقدير لشاعرنا
والى لقاء مع حروف أخرى




تغريبة إلى يافا
للشاعرة يافا عبد الرازق
ركن اطلقوا سراح الوطن :

تغريبة إلى يافا
يمم الزبد إليك يافا
انتظر
أغوته فتنتك النائمة
وجراحك المفتوحة للنصال
.
.
.
نادته مواسم الأعراس وقلائد النساء المتروكة
نادته مخابيءالنجوم وجنازات النوارس
وتهيأ للخطيئة

.
.
.
.
اصطفاك دون نساء الأرض
نارك رمادها الندم
ودروبك مفتوحة لشهوة القراصنة وغوايات الليل..

.
.
ابكي يافا
مراثيكِ غادرت مع رحيل القوافل ولم يتبق إلا حرائق الماء تنعي الثأر المنسي
إبكي يافا
لم يتبق إلا أنا وأنت وسهام ليل تحاصرنا
وأنا وأنتِ

من تغريبة ليل



----------------------

مقدمة
الشاعرة يافا اسم له خصوصيته وشاعرة لها خصوصيتها
مقلة في النشر رغم ان ذهنها مكتظ بابجدية مدهشة لمسناها
من خلال ما تيسر من اوراقها في فضاءات الفينيق

دلالة العنون :
-------------

"التغريبة" كتعريف هي موجة هجرة على اختلاف اسبابها
يحكمها زمان ومكان
وفي تغريبة اليافا الى يافا التي افصح عنها العنوان
ثمة جغرافية ( يافا ) مشحونة بتاريخ من النضال الفلسطيني
الذي اتخذ شكلا من اشكال الخطاب الادبي
حتى بتنا نعرف ما يطلق عليه الآن ( أدب المقاومة )

المضامين والغرض
----------------------

استهلت شاعرتنا نصها

يمم الزبد إليك يافا

فلماذا الزبد ؟ اخال انه زبد البحر
نظرا لان يافا المدينة التي تسكن يافا الشاعرة
تقع على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط.
وهي إحدى نوافذ فلسطين على البحر

واحدثت شاعرتنا
وقفة في نسق النص مستثمرة مفردة

انتظر ..

ثم تابعت :

أغوته فتنتك النائمة
وجراحك المفتوحة للنصال

لتضيف من خلال هذه الصورة البحرية
حركة كانت مخزنة في وجدان الشاعرة
ولتنقل المتلقي الى مشهد يافا والبحر
وتؤرشف الجديد الدخيل على هذا المشهد / جراح يافا

لتصبح يافا في النص مضمون ينسحب على مضامين الوجع الفلسطيني كله

الاختزال والتكثيف
-------------------

ليس سهلا ان تختزل اللغة .. وتقول بقليل مفردات كثير بوح
الا اذا كنت متمكنا من التكثيف وايصال المعنى والخطاب
وهنا نجحت شاعرتنا في اغتنام التكثيف وراحت تدرج مشهدا
تاركة المجال لاخيلة المتلقي ليبني ما خفي من مشاهد :

نادته مواسم الأعراس
وقلائد النساء المتروكة

الصورة
--------

على الرغم من ان معظم الادب الوطني منبري الطابع مباشر الطرح
الا ان شاعرتنا كثفت الصور الشعرية كاداة ساعدتها على اختزال اللغة
ليكون المشهد سيد الكلم :

نادته مخابيءالنجوم
وجنازات النوارس
اصطفاك دون نساء الأرض
نارك رمادها الندم
ودروبك مفتوحة لشهوة القراصنة وغوايات الليل

القفلة
----------

صورة مدهشة قوامها المراثي المصحوبة بالدمع والخيبة

ابكي يافا
مراثيكِ غادرت مع رحيل القوافل
ولم يتبق إلا حرائق الماء تنعي الثأر المنسي

ومن ثم ترسم لنا في اخر الكلام
شكل ونكهة التغريبة
تغريبة المدينة .. تغريبة الذات الشاعرة
ومصدر التغريبة ليل .. ليل مزدحم بجراح يافا المفتوحة

إبكي يافا
لم يتبق إلا أنا وأنت وسهام ليل تحاصرنا
وأنا وأنتِ
من تغريبة ليل

يافا عبد الرازق صوت شعري وارف
وحضور فينيقي طيب

تحية لها حيث هي

والى لقاء مع حروف اخرى




بين يدي " الواسط " / خالد القيسي
====================

النص :

ودعتُ وران َ والأشواقُ تحملني = حملَ الغريق ِ على كفيّ رحمن ِ
مدائنُ الشرق ِ ماسات ٍ تُطوقني = وواسِط العقد ِ أكنافٌ لعمان
أذوب فيها وما زالت تُذوبني = حتى تماهيتُ في فُل ٍ وريحان ِ
أهوى النجوم َ وفيّ القلبُ يعشقُها = إما النجومُ وإما الموت ُ يغشاني
أهدي العبير وفيَ النفسُ هانئةٌ = كعين ِ طير ٍ إذا قرّت بحوران ِ
نشوى البلابل ِ ما زالت تبادلني = أشعار حب ٍ أُزجيها لأوطاني
الحبُ طبعيَ والأطيار ُ تعزفني = آهات ُ شوق ٍ لآهات ٍ بِخلاني
يا ساكنَ التلَ في الأردن ِ ذاكرة ٌ = تفوح ُمِسكا من واد ٍ بشيحان ِ
يا ناقش الشعر َ في وجدان أمَتِنا = جميل بوحك َ عذبُ الماء أرواني
لله درُّكَ قد اسقينتي وطناً = من ضرع ِ شعرك َ صهباءٌ بألبان
لله درُّكَ قد اسقينتي قِيَما ً= من ضرع صدقك صهباءٌ بألوان ِ
نهلت ُ فكراً وما في الكون يُثمِلُني = إلا الهيام ُ بآفاق ٍ لإنسان ِ
أهيم ُ صَبا ً ولو عينايّ ارمدها = طول ُ الغِياب ِ إذما السفح ُ ناداني
كل ّ ُ الأنام ِ سواء ٌ ما يُضير ُ بِهِم = لون الخليقة ِ في كفات ميزان ِ
ما نفعُ قيس وعين ُ الموتِ ترمقني = استكلب َ الجوع ُ في أرضي وإخواني
ما دام ربُك أحيانا وصوّرَنا= وحُسْنُ خُلقي في الأديان رباني
كل ّ ُ الأوادم ِ من أهلي ولا جَرَم ٌ = أنعِم بقومي عباس ٍ ومروان ِ
يا حبذا يا شقيق َ الروح ِ من أسد ٍ= يَذود ُ عنيّ ,رمحَ الظلم ِ وقّاني
الدين ُ لله والأوطان ُ تَجمعُنا = خير ُ البرية ِ من يُعلي ببنياني



العنوان :
-----------

الواسِط
أتى تعريف العنوان ووجهته الدلالية في احد ابيات القصيد
مدائنُ الشرق ِ ماسات ٍ تُطوقني = وواسِط العقد ِ أكنافٌ لعمان

والواسط هو الجوهرة التي تتوسط القلادة

الاستهلال
----------

من حيث انتهى الترحال " وران "
بدأ القصيد

ودعتُ وران َ والأشواقُ تحملني = حملَ الغريق ِ على كفيّ رحمن ِ

استخدم شاعرنا الفعل الماضي ودعتُ
بما يحمل هذا الفعل من مدلول يتكاتف مع مدلول العنوان " الواسط "
والاهداء الى الشاعر عرار والاستهلال المكاني وران
ليدخل ويدخلنا في التداعيات التي سبقت البوح
وفي دور المكان في نبش ذاكرة الزمان
وفي اشتغال الذاكرتين في الوجدان
الذي تقطنه اشياء الشاعر ويقطنه رمز عرار
شاعر الاردن الذي ما مضى وان مضى

يا أردنيات ان اوديت مغتـــــــــــربا = فانسجنها بأبي وأمي انتن اكفاني
وقلن للصحب واروا بعض اعظمه =في تل اربد او في سفح شيحــــان

حملَ الغريق

وفي هذه العبارة ثمة اشارة الى البعد النفسي
الذي شهدته تلك اللحظة الوداعية .

تبويب النص
--------------

نص وصفي تحتله الدلالات المكانية وانعكاساتها على الانا الشاعرة
في ظل استحضارت شاعر له موروث شعري
من خلال الشاعر الرمز مصطفى وهبي التل
الذي شكل اهم ملامح الحركة الشعرية في الاردن
عرار الذي تتعبق بذكره الامكنة التي كانها العرار قديما
وكانها الشاعر القيسي حديثا وكانت القصيدة من وحي كل ذلك
وعلى تناص مع قصيدة عرار
مع اختلاف في الغرض الشعري وان تشابه البحر

الجنس الادبي :
--------------

شعر عمودي على البحر البسيط

المستوى الإيقاعي:
------------------

البحر البسيط
مستففعلن فاعلن مستفعلن فعلن = مستففعلن فاعلن مستفعلن فعلن

وشهدت ابيات القصيد اضمارا في كثير من المواطن

الروي هو النون ، وحركته الكسرة ، التي نشأ عن إشباعها صوت الياء في بعض الابيات
وهو ذات الروي الذي كتب عليه العرار قصيدته

(بقايا ألحان وأشجان )

التي ادرجنا منها الابيات اعلاه
اتت الياء في بعض ابيات نص القيسي
ضميرا متصلا يعود على الانا الشاعرة

يغشاني /اوطاني / خلاني / ارواني
ناداني / اخواني / وقاني / بنيان

القصيدة مردوفة وصلا / بألف سبقت الروي في كل الابيات

المستوى المعجمي:
------------------

استخدم الشاعر مفردات لغة السهل الممتنع
فلا وعورة في اللفظ .. ولا تكلف في البناء

المستوى التركيبي:
-------------------

الافعال توزعت بين المضارع والماضي
وفق المدلول الشعري للشطر احيانا وللبيت احايين

تكرار النداء في المواقف التي تطلب فيها الخطابي الشعري ذلك
وثمة لمحة موشحية اندلسية جميلة وظفها الشاعر بتفجير معنى خاص

(يا شقيق َ الروح ِ من أسد )

على غرار موشح يا شقيق الروح من جسدي
وهناك تدوير وتفجير معنى قومي لمقولة سعد زغلول :
الدين لله والوطن للجميع

الدين ُ لله والأوطان ُ تَجمعُنا = خير ُ البرية ِ من يُعلي ببنياني

جو النص :
-------------

غاب الزمان او لعله انصهر لمصلحة المكان
فاتى السجل المكاني من خلال دلالات :

وران / عمان / حوران / شيحان / تل اربد / الاردن

وحضرت البيئة بسجلها الخاص وبدلالات :

فل / ريحان / طيور / بلابل



الأفكار الرئيسة :
-----------------

تعميق دور المهدى اليه في الوعي الثقافي الشعري

لله درُّكَ قد اسقينتي وطناً = من ضرع ِ شعرك َ صهباءٌ بألبان
لله درُّكَ قد اسقينتي قِيَما ً= من ضرع صدقك صهباءٌ بألوان ِ

مدح المهدى اليه كمحرك لدفة شعر الشاعر في هذه القصيدة

يا ساكنَ التلَ في الأردن ِ ذاكرة ٌ = تفوح ُمِسكا من واد ٍ بشيحان ِ
يا ناقش الشعر َ في وجدان أمَتِنا = جميل بوحك َ عذبُ الماء أرواني

ابراز دور الدلالات الجمالية المكانية

ودعتُ وران َ والأشواقُ تحملني
وواسِط العقد ِ أكنافٌ لعمان
إذا قرّت بحوران
يا ساكنَ التلَ في الأردن ِ ٌ
من واد ٍ بشيحان ِ

الافتخار والاعتداد بالنفس

الحبُ طبعيَ والأطيار ُ تعزفني
وحُسْنُ خُلقي في الأديان رباني

الافتخار والاعتداد بالقبيلة

يا ساكنَ التلَ في الأردن ِ ذاكرة ٌ = تفوح ُمِسكا من واد ٍ بشيحان ِ
يا ناقش الشعر َ في وجدان أمَتِنا = جميل بوحك َ عذبُ الماء أرواني


التوظيف والتجسيد و الصور :

مدائنُ الشرق ِ ماسات ٍ تُطوقني = وواسِط العقد ِ أكنافٌ لعمان

شبه المدائن بالماسات الملظومة عقدا
وواسط العقد الجوهر الذي في وسطه
جعله اكناف لعمان عاصمة بلاده
والصورة بمجملها تحمل مشهدا اسقط شعريا بصورة ملفتة

لله درُّكَ قد اسقينتي وطناً = من ضرع ِ شعرك َ صهباءٌ بألبان
لله درُّكَ قد اسقينتي قِيَما ً= من ضرع صدقك صهباءٌ بألوان ِ

شبه الوطن بمزيج من خمر ولبن وجسد الشعر والصدق
كمخلوقات لها ضرع
استسقى منه :
تارة مزيج الخمر واللبن
وتارة الخمر بانواعه
وجعل المهدى اليه هو الساقي في سياق مدحه
ربما ان الشاعر اراد ابتكار صورة هنا
فجعل من الوطن مزيجا من خمر ولبن
كاشارة للتعلق والادمان
لكنها حتما اشارة بعيدة
عن الحب المتجذر للوطن واشياء الوطن
حتى وان ادمنا حب الاوطان

أهيم ُ صَبا ً ولو عينايّ ارمدها = طول ُ الغِياب ِ إذما السفح ُ ناداني

التقدير ارمد طول الغياب عينيّ كمفعول به منصوب
و رفع الشاعر المثنى ( عيناي )
وهنا يلزمها تخريجا ربما نجهلة
غير ان الصورة بمجلها فيها بيان جميل


والأطيار ُ تعزفني

جسد الاطيار فكأنها جوقة موسيقة تعزفه لحنا

ذاكرة ٌ تفوح ُمِسكا من واد ٍ بشيحان

شبه الذاكرة بزهر يفوح من وادي

وعين ُ الموتِ ترمقني

جسد الموت وشبه
وجعل له عين ترمق

استكلب َ الجوع ُ في أرضي وإخواني

جسد الجوع وشبه مشتكيا
ككلب استكلب لياكل الارض والانسن


اشتغال جميل
مارسه الشاعر محيطا بغرضه الشعري
بقوالب سهلة وواضحة وصور اشتقها
من ذهن يتقن تلقي اشياء الطبيعة والانسان
وحبّر بها الورق بقصيدة جميلة

اجتهدنا هنا واقتربنا من النص
بما تيسر لنا من دوات

أملي ان لا أكون قد ابخست النص حقه

كل التحايا لشاعرنا
خالد القيسي




( أنا ) ..العموش تعلو بالشعر وبها يعلو الشعر


ما زلـتُ طــاووسَ القصــائدِ فاسرقوا
ما شــــئتمُ - من ريشِـــــــهِ - ألوانـَـهُ


ذهب فرويد
في مصطلح الانا الى انها غالبا ما تكون واعية
ويقول : أنظمة الشخصية ليست مستقلة عن بعضها
ويمكن وصف الهو بأنه الجانب البيولوجي للشخصية
والأنا بالجانب السيكولوجي للشخصية
والأنا الأعلى بالجانب السسيولوجى للشخصية
هذا في اطار العلاقات الديناميكية بين الوعي واللاوعي

على كـفِّ القصيـدةِ في خفاءٍ وُلِدتُ
وسوفَ أمضي في خفاءِ

هنا سيذهب السعودي في شكل الانا
في اطار خدمتها للتميز داخل وخارج الغرض الشعري
من خلال وجود الأنا وتواجدها في تجربة الشاعر:

" محمد العياف العموش "

سيرة
-------

* الاسم : محمد العياف العموش .
* الاردن / المفرق .
* حاصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الاسلامية من الجامعة الاردنية
* عضو ملتقى الفينيق العربي .
* عضو رابطة الفينيق / عمون .
* شارك في مسابقة امير الشعراء حيث استطاع الوصول الى النهائيات مع خمسة وثلاثين شاعرا بعد ان تقدم للمسابقة ( 7000 ) شاعر من مختلف أرجاء الوطن العربي .
* شارك في الامسية الشعرية التي اقامتها رابطة الكتاب الاردنيين / اربد .
* عضو في عدد كبير من المنتديات العربية


************


الشاعر يموت توجعا
---------------------


يعجـــبُ النـاسُ من كثــــافـةِ حـــزني
وأنينـــــي ، ولوعتـــــي ، واشتكائي
ي

"ركعــةٌ من صلاةِ الغيــاب/ محمد العموش

شُــكراً لكم ... شُـكراً لكم
أبلغتُـكم ، حـذَّرتُـكم
أنْ تقرأوني مثلما يحلو لكم
قد كنتُ أنزفُ غيرَ أنّ ضمادةً لم تأتني منكم
حين اكتفيتُـم بابتزازِ الحرفِ في عينيَّ
فالآن أرحلُ عنكمُ
فلتقرأوا في أُمسياتِ الفقدِ أشواقي لكم .
فلطالما راقبتموني نازفاً
واليوم أرجو أنْ أكونَ ...
خ ذ ل تُ ك م
محمد ا ل ع م و ش

بؤر الوجع .. واستحواذ اعراضه على وجدان الشاعر
قد تجعل منه باحثا عن احتراق مختلف نابع من شعوره بالاختلاف
اختلاف حتى في من خلال التفرد في الوجع :

لــو أنَّ عمــريَ بالجـــراحِ أعُــدُّهُ
آخيــتُ من بـــدءِ التنــاسلِ آدمــا

ختــــمٌ على ذاكِــرةِ الجـُــب/ محمد العموش

وغالبا ما يدفع هذا الامر بالشاعر نحو خلق فضاء خاص به في محاولة
لتعزيز اختلافه وتعاليه وبالتالي يقينه بانه يحترق احتراقا مختلفا
ولعل سجلات التاريخ الشعري قد وثقت لنا سيرة الشاعر طرفة بن العبد في هذا الاطار


الأنا ما بين الغلوّ والمعقول
-----------------------------

قال العموش
على هامش زخارف ونقوشْ في سجال المنطيق والعموشْ:

ثمّ إنّني أستضيفُ السماء وغيومها في جبي ، لأنني عالمٌ قائمٌ بذاتي

قال الشاعر الدكتور محمد امين / سوريا ..اثناء تناوله

لقصيدة على حد البكاء / محمد العموش :

سأشير إلى شيء مهم وهو فخر العموش
الذي يجعل البعض يراه متكبرا أو مغرورا
وتالله إن هذا لظلم شديد
فلو عدنا بالفخر إلى أصله ومنشئه
لوجدنا ان العرب كانت تفخر بمنحيين
الأول الفخر المجرد بالنفس
والثاني تقزيم وتصغير المقابل أو الخصم

العموش فقط حافظ على هذا الاصل في الغرض
فهو لا يقزم أحد حين يقول:

ولو معشـَــر الفينيــقِ ذابــــوا صبــــــــابةً
لمــا بلغـــــوا من عشــــــقهم قطــرةً عنـدي

ولكن فقط يخدم غرضا شعريا بطريقة يحصد فيها النجاح التام في أداء الغرض
ولا يخفى على أحد أن الأنا لدى الشاعر أهم ما يميزه
فلا يكونن أحد أنانيا
فالعموش يضخم الأنا كما يقزم ال هو وبذلك يجعل البين والهوة
بين أناه والأنا الأخرى واسعة والمدى طويل
وهذا محض خدمة للغرض الشعري
فلا يحق لأحد محاكمة الشاعر الانسان من خلال خدمته لغرض شعري يقصد
به الشعر للشعر

هذا البيت الذي استشهد فيه الدكتور الامين

ولو معشـَــر الفينيــقِ ذابــــوا صبــــــــابةً
لمــا بلغـــــوا من عشــــــقهم قطــرةً عنـدي

هو بيت يصب في معنى المبالغة في وصف الحالة العشقية ان جاز التعبير
ولعله بعيد عن اشياء الانا الى حد ما
التي ظهرت جلية في البيت الذي تلى هذا البيت والذي قال فيه العموش :

ولو ســــــبكـوا درعــاً من الشِـــعر فارِهـــاً
لمَـــزَّقـَــهُ حــرفي ، ومـا ســُــلَّ من غمــــدي

ربما هنا يظهر ما نوه اليه الدكتور الامين :

( فالعموش يضخم الأنا كما يقزم ال هو وبذلك يجعل البين والهوة
بين أناه والأنا الأخرى واسعة والمدى طويل )

والنماذج الشعرية التي تتناول الانا وتعظيمها تمددت في شعر العموش
وفي اكثر من قصيدة ، وقد استهجن البعض تضخم الأنا من خلال تذوقهم للابيات التي احتوت الأنا
كما هو الحال لدى الشاعر احمد الهلالي / السعودية حيث قال في بعض تعقيبه
على قصيدة بلا عنوان / محمد العموش :
محمد ، أخشى وخالقك أن تبهت قصائدك إن أطعت ( تضخم الذات ) ..


في قصيدته رســائلُ إلى آذانٍ خارج التغـطيــة يقول العموش :

الشِعرُ نافِلةٌ في شَرعِ مَن خنعوا
زلَّتْ كرامتُهم في المسلكِ الدَّحضِ
والشِعرُ في شِرعتي منذُ اصطُفيتُ لهُ
للحَقِّ مئذنةً من أعظمِ الفرضِ
كم شاعرٍ آثَرَ التسليمَ ، في دعةٍ !!
ولمْ أزلْ ثابِتَاً في لُجَّةِ الرفضِ

[RIGHT]يعلن الشاعر عن تفرده في مملكة شعره
ويشير الى امر ليس يخفى على احد وهو سقوط بعض الشعراء وبالتالي سقوط قصائدهم
وهذا امر تعلق ببعض الشعر وببعض الشعراء منذ ان طرق الشعر الاذهان
والأنا الثابتة في لجة الرفض في ابيات العموش اعلاه
هي أنا محمودة لا تلغي الآخر ..انا الفخر الناجم عن الشعور بالفرادة
وهي ( أنا ) تواجدت في الموروث الشعري العربي
بنحو مشابه منطلقة من وعي الشاعر لذاته وقدرته ومقدراته

في قصيدته تفاصيلُ صغيرةٌ لا تهمُّ أحـداً
قال العموش :

أموتُ وقـوفاً... ولا أنحنــي
لأنّ البديـلَ عن الموتِ ... ذلِّي

[SIZE=4]شكل آخر من الحماس والفخر المستحق الذي يقدم الانا بانزياح شعري
يحسب للقصيدة ويحسب للشاعر

لان لكل قصيدة ظروف تَشكُّل
لان لكل قصيدة طقوس احتراق خاصة
فلا بد ان تتغير ملامح الانا بتغير الطقوس
على امتدا الاغراض الشعرية التي يختارها الشاعر
او تفرض نفسها على الشاعر
وعليه لا يمكن الاخذ بقصيدة وتاطير الشاعر بشكل الانا في القصيدة
وانما لا بد من تناول ملامحها في النسق الشعري للشاعر .

العموش شاعر احدث فارقا
اثرى مدينة الشعر بعذب القصائد
فله ولاناه كل التقدير

والى لقاء مع ما سيتيسر من ضوء




المحمول الاسطوري في شعر سلام الباسل

مقدمة
--------


إنّ توليد الأسطورة و النظر إليها برؤيا العصر، و تعديل صياغتها، و إحداث بديل عنها هو رؤية فنيّة و جمالية حاول كثير من الشعراء المعاصرين إدخالها إلى بنية الخطاب الشعري العربي المعاصر، فمثلاً يصبح شهريار أي حاكم مستبد، و يمثّل السندباد توق الإنسان المعاصر للبحث و الكشف و المغامرة، و الخروج عمّا هو سائد و مألوف و رتيب في الحياة العربية المعاصرة.

و إذا كان الخطاب الشعري العربي المعاصر قد وظّف الأسطورة و احتفى بها احتفاء خاصاً، فإنّ الدراسات التي تناولت هذا الخطاب تبدو قليلة نسبياً إذا ما قورنت بغزارة الإنتاج الشعري و غزارة الأساطير التي وُظِفَت فيه. و يعتبر د. أسعد رزوق و د. أنس داود
و د. عزالدين اسماعيل، و د. احمد كمال زكي و د. رجاء عيد ود. عبد الرضا علي ود. ريتا عوض من أوائل الذين اهتموا بدراسة موضوع الأسطورة في القصيدة العربية المعاصرة.
( مدخل في مكانة الأسطورة وأهميتها / محمد عبد الرحمن يونس )
ومؤخرا انضم اليهم زياد السعودي
من خلال ضوء على المحمول الاسطوري في شعر سلام الباسل

ضوء
-------


ان الأنساق الميثولوجية في المنتج الشعري
التي تاتي في امكنتها وفي زمنها من خلال وعي الناص
غالبا ما تسهم في اتساع فضاء القصيدة

حراك الباسل
داخل غرضها الشعري
بعد ادراجها للاسطورة كبعد من ابعاد البيان
وكمفتاح لقادم الاشتغال يتم من خلال تقديم الاسطورة
ومن ثم اسقاط الرؤية الشعرية الخاصة بها
تلك التي الحت لتشكل حالة الكتابة
الناجمة عن وعي معرفي مسبق
ادى الى احساس الباسل بضرورة التوظيف
واهميته في تشكيل حالة الفهم والمحاكاة ومن ثم الاستنباط
التي تترتب على المتلقي ليملك اكثر من مفتاح الى النص

نماذج
-----

استعراض لتوضع الاشارة الاسطورية في مقطوعات الباسل

إلامَ تَلْثِم
جلْمودَ " إيكَاروس" *
طَاوياً البيدَ بِجموحِ خَيلك الزَرْقاء
وَحزنٌ يَنهَل مِن دِمائِك
وَبِجناحيْكَ ألْف حَريق وَحَريق
يَسْتَعـــــر

( طائر الروح / الباسل )


"أبولو" أنت
و"إفروديت" تَحْتَضِنُكَ

( عَلى حَافةِ اسطورةٍ / الباسل )


الذي يجعل هذه التقنية الشعرية ان جاز التعبير موفقة في الوصول
الى ذهن المتلقي هو ان الأسطورة غالبا ما تتوضع في
ذهن المتلقي على شكل الأقصوصة
الامر الذي يجعل المتلقي مهيأ ذهنيا
لدى تعاطي مادة الباسل الشعرية
للقراءة الحكائية للنص

في نص طائر الروح

إيكاروس" : من شخوص الميثولوجيا اليونانية
حاول التحليق بجناحين من شمع أذابتهما الشمس..سقط ومات
بعد استهلالها اشارتيا بايكاروس
بدأت ببناء شعرية النص على ضوء الغرض :

تُحَاكي رَاسيات السِنين
مُرْتَحِلاَ بَين وَيْلاتِ الزَمن

ثَمّة غَيْمة
تُغريكَ أن تَحْتَسيَ
السَماءَ خَمراً
حينَ تَضوَرتَ سَراباً
وَبِتَّ هُدْهُداً يَبِثّ بَلاغَ الجُنون

يَهْرِقُ البَرْق أوهَامكَ
والفَضاء هُوَّة تِيهٍ وَعَطشٍ

إنهَض
يالمُتَدَثّر بالنَارِ
إنهَض فينيقاً
يَسْتَفيقُ مِن دَمِنا
حُلمنا\ رَمَادنا
وَتَطهّر بذاكرة الرِيح
والسَحاب
والمَطــــــر


إن الشعر هو أكثر قرب إلى الماهية من التاريخ الذي يتحرك داخل العرض " ارسطو "

تنزاح الباسل في الاسطورة عن موقعها الرمزي والدلالي
لتتبنى بدورها كناصة دلالات جديدة
تبتكرها رغم اقترابها من دلالات الاسطورة المعرفية التوثيقية

"إفروديت " تَسْند جَسَدها المُتهالِك
علَى أطرَافِ حُلمٍ
تُبوح بِسرّها الخَفيّ

( عَلى حَافةِ اسطورةٍ / الباسل )

نجاح الباسل في نصوصها المرتبطة بتوظيف الاسطورة
يتمثل بنجاح القصيدة من خلال عملية احلال لاشياء الشعر
بحيث يصبح المحمول الاسطوري هو الثانوي
الذي يخدم المضمون النصي الأساس

وأعبَثُ بالشُخوصِ والنِهايَة
( عَلى حَافةِ اسطورةٍ / الباسل )

التوازن الصوتي والحركي
في شعر الباسل المرتبط بالمحمول الاسطوري
توازن قد يرتبط ارتباطا وثيقا بمثيله في الاسطورة
بحيّز زمكاني خاص بغرض الشعر وغرض النص
وحالة الالحاح التي تسبق الكتابة

"سيزيف"
عَانَق صَخرَةَ الحُلم
لَم يُشَمّر حُنجَرَتهِ لِعَويلٍ قادِمٍ

( عَلى حَافةِ اسطورةٍ / الباسل )

استخدام الباسل للاسطورة ياتي استخداما ابداعيا بالدرجة الاولى
محافظا على درجة معقولة من الاستخدام الوظيفي الانعطائي


في نص على حافة اسطورة

ابولو ...كان إلهاً رئيسياً من آلهة الأساطير الإغريقية والرومانية
فهو ابن الإله زيوس كبير الآلهة
وفق ما جاء في الأساطير اليونانية

افروديت ...اله الحب والجمال في الأساطير الإغريقية
وتشبهها كثيراً فينوس في الأساطير الرومانية
وأطلقوا عليها اسم أفروديت قرينة الجميع

سيزيف ...
في الأسطورة الأغريقية، سيزيف في الجحيم
وعقابه أن يرفع صخرة من القاع حتي قمة جبل شاهق،
وقبل أن يصل بقليل تسقط منه لأسفل،
فيعود ليبدأ من جديد، بلا نهاية.

بعد بنائها لشعرية النص
من خلال انزياحات في المبنى والمعنى :

لَقنْتَني أنّ انْفِجار البَوْح
سَيَلد بُركانَ غِناءٍ
اعطِني شمْعَةً
تَشطرُ الظَلامَ نصفين
وبَعضاً من صَمتِكَ المُقدّس
لأهدرَ دَم الحرفِ
وأكفلَ لِقلبي مَؤونةَ
حَرارة الإنتِشاء


امسكت بطرفي الاسطورة
وزجت بها محدثة بعدا معنويا
خدم شعرية الفكرة
لكي نعيد القراءة
ما قبل وبعد التضمين الاشاراتي للاسطورة :

أمَسك بِطَرَفيّ الأسطُورة
وأعبَثُ بالشُخوصِ والنِهايَة
"أبولو" أنت
و"إفروديت" تَحْتَضِنُكَ
أرسُمَكَ تَتكىء على قَوائِمكَ السَّبع
عَامود نورٍ
يُظَلّلنا بِضوئِهِ المُتَهدّل
كُلّ مَسَاء..


ونراها في هذا النص
قد اتجهت الى توظيف الاسطورة احيانا
لخدمة المقطع
ولعل المتلقي لكامل العمل
سيلاحظ ان الباسل زجت
بالبعد الاسطوري عبر مساحات النص
من خلال مقطعية مشهدية
مبقية على حرصها الدائم
ان يظل المحمول الاسطوري هو الثانوي
الذي يخدم المضمون النصي الأساس

ذلكم ضوء متواضع
على تجربة شاعرة لها رصيد من الابداع
ولها وافر قراءات على نصوص شعرية
اجتهدنا
ونكتفي باجر واحد






الامين صوته مرهق بابيه



الرثاء من اغراض الشعر العربي قديمه وحديثه
غرض شعري تسوده عاطفة الحزن
تقليديا يشتمل الكلم فيه
على محاسن الفقيد وسيرته وتصوير الفجيعة من بعده
ولعل الحزن متشابه
غير ان التعبير عنه ياتي متباينا
بتباين وعي وثقافة الراثي الشعرية لا الشعورية

في هذه المساحة
ساسلط الضوء
على الخط الحزين الراثي
في الخطاب الشعري
لدى الوارف

الدكتور محمد امين

وقيل ان الرثاء ثلاث :

الندب ,والتأبين, والعزاء.

ولما كان تعريف الندب هو بكاء الأهل والأقارب
فان الشواهد التي سادرجها تتعلق بهذا اللون
فالامين يرثي والده عليه رحمة الله ورضوانه

المتتبع لقصائد الدكتور محمد امين
يجد ان الامين في بحث دائم
عن القصيدة التي تقبل القسمة
على روحين
روح مضت الى باريها
وروح ينهش التوجع فيها

اهتز عرش روحي
حين مالت أمي على وجه أبي
وأغمضت عينيه للمرة الأخيرة.

في قصيدة ( وقد رحل )
اغمض الفقيد
وما اغمض الحزن للشاعر الـ اهتزت روحه عينا

أماهُ أين أبي؟!! أيشعر عندما
في الليل تخنقنا دموع غيابِه


( وقد رحل )

احيانا لا نعترف بالفقد
ورغم الايمان بقضاء الله وقدره
الا اننا نحرص
وحبا بالفقيد على ان لا نعترف بموته حقا
وفي هذا
مزيد من الوجع
هو وجع اكثر جمراً
وجع ما كان لينتهي
بمجرد ان نزرعه
في صدر الكلم

أنا شاعرٌ يا موتُ لا تعبث معي
ســــــــأٌجَمِّدُ التاريخَ فوق ترابهِ
سأســيل دمعَ المجدِ من آماقه
لن تُذْكَرَ الأمجادُ دون حرابهِ


( وقد رحل )

وإنه أبي.... متى تموت!




في قصيدة ( بكاء تحت الظلال )
نجده قد عرف المرثي بدلالة واضحة


هنا رميتُ ظـلالي عــند راحلةٍ
هنا اختنقتُ وصوتي مُرْهَقٌ بأبي


( بكاء تحت الظلال )

وفي موطن آخر من القصيدة
تحدث عن الفقد عامة
واراد والده خاصة

كل الذين حَبَوْنِي الدفء قد رحلوا
والبرد طــــوقني في حفلةِ العَتَبِ


( بكاء تحت الظلال )


اخرجوا حالا من رأسي ، دعوني أرثي أبي

ويبقى الشاعر في بحث دائم
عن حزن يليق
عن قصيدة تليق بالحزن
عن رثاء يوقف اهتزاز الروح
وهيهات
يبقى الحرف يحوم حول
شاهق الفقد / الوجع
ويظل الشاعر يلهث خلف
قصيدة يعترف بها بالمستحيل
ويطفئ جمرا يتخرج من بؤر التوجع :

"أبتاهُ خذني فالعيونُ تخيفني"
ناداهُ لكن لم تصل أســــماعَهُ
أبتاه خُذْهُ إليكَ إنــــي رعبه
أبتاه مـــوجُ اليُتم هدَّ قلاعَهُ
كم صاغَ من أحلامه قصـصاً
سَتَسْكُنُها معي يا ضيعتي وضياعَهُ


( إلى ساكن الفردوس )

وفي كل قصيدة يكاد يصل الامين
الى تلك الزفرة
التي قد تشفع للمتبقي والقادم من عمره
بحيث يكون اقل حزنا وقلقا :

أماه يطحنني الرحيل قصيدةً
ما بين أضراس الشتاء ونابهِ
أنا متعبٌ حد البكاء وذاهلٌ
لا قبر يعتقني بضم ترابه


كيف يكون الحزن جميلا ؟
بعض الكتابة هي نسخ لمخاضات الذات
وكتابة الحزن مطروقة منذ الازل
ويطرقها الامين بفرادة تستوقف :

عرفت عمر الأسى من يوم نشأته
كأنني لصـــــــــــغار الحزن عرَّابُ
أســـــقي ورود المنى آمال عودتهم
فتصفع الخدَ كفُ اليأس" قد غابوا"
معاً نسجنا خيوط العمر أشرعةً
هم أبحروا قبلنا فالــموت خلاَّبُ


( قطار الروح )

الدكتور محمد امين
ومن خلال ما تقدم من شعره
في الغرض المشار اليه
يحرص على ان يكون في الرثاء روح الشعر
فنجده يشرك الاخر في احزانه
يحرص الامين على أن يُخرج حزنه
مؤطراً بابتكار في الصورة مطوعا المخيال
وصولا لقصيد ينسحب حتى على من خانته اللغة والتعبير
فيجد حزنه في حزن الامين

بلى متعبٌ حدَّ الرثاءِ لــــــراحلٍ
في الصدر أحمله وظهري مثقلُ
أناديهِ يَرْتَدُّ الصـدى متوحشاً
يجتاح روحي والمدى يَتَأَمَّلُ
أأرثي أبي والخوف يركض في دمي
والشِّـعرُ يلهثُ والأسى مُتَــــــــــوَغَّلُ


( بعد الرحيل )


دمعي توحش في الدجى فكأنه
شِعْــــــرٌ تولَّتْ ذئبةٌ إرضـاعَهُ


( إلى ساكن الفردوس )

وفي تقديم اتى
قالت: يا لهذا الفتى
مازال يرثي أباه!
والذي ياتي في سياق
محاولة الامين للتعايش شعريا وشعوريا
واصل الامين اطلاق زفراته
كانه يقوم بتدوير الوجع من خلال ادارة
العناوين الشعرية في ساح الغرض

ها أنتَ تـسـقطُ بالقصيدةِ مُثْقَلاً
والروح تصـــعدُ بالأحبةِ مُرْسَلَةْ
واليوم أشعل للرثاء قصيدتي
فتأملوا نار الحروف المذهِلةْ
ما زلتُ من يومِ المراكب مُطْرقاً
وبداخلـــــي حِمَمُ الرثاءِ مُؤجَّلةْ
ما كان موتاً كي أفيقَ وينتهي
لكــــــــــن حياة بالمماتِ مُكَبَّلَةْ

( فوضى الأسئلة )


تقول الاديبة شاعرة الذروة خولة عبد الكريم
وهي تتلقى الـ يتم تحت قارعة الشعر / محمد الأمين :

حنين مثلك لا يدفن إلا لينبت يا أمير
كلما قلنا استنزف معاني الرثاء
وقال الحزن كله .. جئتنا بأكثر


وهذا ناجم عن تلك الحبال الصوتية لذلك الفتى
الذي ما انفك : صوته مرهق بابيه

فها هو يعلنها في مطلع يتمه :

لم تَزَلْ تَشْتَدُّ العواصفُ عُنْفا
كيفَ مِنْ مَوْتكَ العجيبِ سأشْفى

( يتم تحت قارعة الشعر)

ولان حزنه اقام علاقة افقية مع شاعريته
فانه يقيم حالة عمودية مع حزنه وشاعريته
من خلال انبثاقات ديدنها الفرادة في التصوير
الابتكار والدهشة في بناء المعنى :

منذ قبرٍ والخوفُ يحفر قلبي
فمتى أدْفِنُ الحنينَ وكيفَ؟؟؟!
داخلي بيتٌ دون سقفٍ ، طيورٌ لا
تغني وصورةٌ لن تَكُفَّ

( يتم تحت قارعة الشعر)

يمارس النسيان ما استطاع الى ذلك سبيلا
ويسجل الاماني على مدى المجاز :

كل شيءٍ حولي يقول ستأتي
سوْفَ تأتي مع النوارس سَوْفَ

( يتم تحت قارعة الشعر)

وما كان للحاضر ان يغيب
غير ان الشاعر في قفلته
يعترف بالموت كنهاية فيزيائية
فاتحا الباب لشاعريته لتلقي به في خضم تسجيل اليتم تباعا :

سيدي لن تعودَ أنتَ فخذني
كل أرضٍ بدون كفَّيْك مَنْفَى
سيدي خذني غابةُ اليتمِ رُعْبٌ
لو خيالاً خذني لعلِّيَ أُشفى

( يتم تحت قارعة الشعر)


لم تكن تلك المساحة نقدية
انما هي انعكاس لعدة قراءات
في بعض قصيد الامين في الموضوع اعلاه


الامين يبحث نازفا
عن ضمادة لجراحه
لكنه ينكأ الجراح
ولعل روح والده التي تحوم حوله
ستهديه تلك القصيدة التي تحمل حزنا يليق
بفقيد يليق
رحمة الله على والد الامين
ونسال الله له ولامواتنا اجمعين
ان يتغمدهم الله بواسع رحمته


النص : المارد الفلسطيني
الناص : الراحل رضوان طيارة رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النص
ــــــــــــــــ

الشعب قدْ رص الصفـوف و لَمْلما
و الجرحُ قد خلع السكوت و زمْزما
و المارد العـمـلاق إنْ قَمْقَـمْتَه
زمـنا أقمـتَ خـلاله متنعـما
هَزتْه كف أنت تدري زندها
فنضا غبارَ الذل عنه فحطما
أنسيتَ أن جذوره من أمة
تبني من الهامِ الجبابرِ سُلما
أحلمتَ بالقول الذي زعمتْ به
أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
إن الإله اختارنا و قضى لهم
أن يلبثوا حول الأسِرة خدما
قوم أقاموا القتل قانونا لهـم
و المكر مِنْ بعد الكليم و قبْلَما
فأتيتَ تفتـعل الرذيلة مثلهم
لكأنهم ضعفوا فجئتَ متمما
وحشرتَ ما اسْطَعتَ اللصوص ولم تزل
من كـل ماخـور تُجَـمع مجـرمـا
و نفختَ فيهم ما أردتَ فصدقــوا
أن لو يشاؤوا لاسـتباحوا الأنجما
صهيون مهلا فالحقيقة عكس ما
تبدو لديك فعدْ لجُـحْركَ تسلما
حلق بِوَهْمكَ ما استطعتَ فإنهم
آتون مثل السيل يهدر عارما
نهضوا من الأنقاض يملأ قلبَهم
نور يفيض على النفوس مُقَوما
حتى إذا وَعَتِ الطريقَ عقولُهم
و استلهموا التاريخ ما قد ألهما
و قضَوا على النعرات تقصم ظهرهم
مـن عهـد هولاكو قضاء مبـرما
و تصافحتْ كف بكف و التقى
قلـب بآخر عالشهادة أقسما
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما
ملأوا فِجاج الأرض و انتصبوا على
كل المشـارق كالحِمـام دواهـما
لم يثنهم عـن عزمهم مـوت فـقد
أخذوا من الموت الشـريف عزائما
يا أهلنا المتمسكيـن بأرضـكم
و السائرين إلى القتال ضراغما
و الناذرين إلى الإله نفوسَكم
و الثابتين إذا اللهيبُ تقدما
و الحالبين الدهر من أشطاره
و الشاربين من الليالي علقما
لا تحسبوا أنا تركنا سُوحَكم
فلقد كتبنا في الصمود ملاحما
دمنا من القلب الذي هو منـكم
و الأصل قد ربط الفروعَ فأحْكَما
إنا سنزحف في الصباح كتائبا
تمتد من عمق الوهاد إلى السما
ها قد حشدنا كل أشرسَ كاسر
جيشا يمور من التِرات عرَمْرما
لا يثْنِكم خَوَرُ الـذين تسـابقوا
ليقَبـلوا قـدما و كفا ناعـما
يتصاغرون لأجل جاه خُلب
أَوَيرْفع الجاهُ المزيف خادما
لكنه المرض الخبيث إذا وعـوا
فروا فرار البهم من سيل طمى
يا أيها الحجـر المعطـر بالدما
كن في يد الأبطال طودا راجما
فهُمُ الزناةُ و أينما مروا على
وجه البسيطة يزرعون مآثما
فَجرْ رؤوسَهم و دك صدورهم
دكا يحيل الوحش حَمْلا ناعما
و اتركْ دَعِيا في البداية غانما
يجثو و يندب في النهاية غارِما
و كن الرؤوم إذا ضممتَ مُضَرجا
حمـلتْه أجنحةُ الملائـكِ للسما
رطبْ رميم عظامه و افتحْ له
بابا إلى روض الجنان لينعما
و كنِ الطبيبَ إذا تَعَفر مُثخَن
يبغي لبُرْء الجرح عندكَ بلسما
قدمْ له الترياق طهرْ جرحه
فله حنين أن يعود ليقحما

-------------


القراءة والتحليل :

المارد الفلسطيني
العنوان :
ــــــــــــــ

المارد الفلسطيني
حمل العنوان الدلالة الاولى التي تفضي الى الغرض
ثم انه حمل النص الى التجنيس الثانوي كادب مقاومة
على اعتبار ان التجنيس الرئيس
هو عمود الشعر من خلال استحقاقات البحر الكامل
الذي اتت عليه القصيدة في ( 37 ) بيت
مما يدل على طول النفس الشعري لدى الناص

البنية الإيقاعية:
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الخارجي: تضمن بحر النص الكامل (متفاعلن)
مع وحدة القافية برويها الميم وهي مطلقة مجردة من الردف
والتأسيس , وموصولة بحرف مدّ مع اعتماد التصريع .

الإيقاع الداخلي :
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الداخلي كان حاضرا من خلال التكرار الصوتي
فنرى اصواتا عدة قد تكررت في عدة ابيات
صوت النون ( المتمسكيـن السائرين الناذرين الثابتين ... الخ )
وصوت واوا الجماعة ( يلبثوا أقاموا ضعفوا لاسـتباحوا .. الخ )
وكلها أصوات متقاربة في الصفة أو المخرج
مما وزع نغمة الايقاع على ارجاء النص
تكرار اللفظ ( كف بكف )
وبعض الطباق ( البداية النهاية )


( الشعب قدْ رص الصفـوف و لَمْلما
و الجرحُ قد خلع السكوت و زمْزما )


المطلع المصرع اتى تقريريا في صدره
وانزاح في عجزه نحو الاستعارة
ليشُدَّ بيان العجز تقرير الصدر

(أنسيتَ أحلمتَ فأتيتَ وحشرتَ نفختَ )

اعتمد الناص في بناء منجزه الشعري
على تقنية مخاطبة المفرد المذكر ( صهيون )
من خلال افعال استئنافية استفهامية استنكارية
واستخدم تقنية العطف في بناء الجمل الشعرية
مما اسهم في ابقاء المتلقي في حالة تناص مع النص غرضا وبيانا


( آتون مثل السيل يهدر عارما
نهضوا من الأنقاض يملأ قلبَهم
و استلهموا التاريخ ما قد ألهما
و قضَوا على النعرات تقصم ظهرهم
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما )


ومن ثم تغير شكل الخطاب ليأخذ شكل السرد
لتظهر عاطفة الشاعر المتناغمة مع تعداد حميد الخصال
ومظاهر المجد والسؤدد في القوم
متخذا من افعال الجمع بصيغة الماضي
مفتاحا لبناء الجمل الشعرية مستلهما ومبشرا

( صهيون مهلا فالحقيقة عكس ما
تبدو لديك فعدْ لجُـحْركَ تسلما
حلق بِوَهْمكَ ما استطعتَ فإنهم
آتون مثل السيل يهدر عارما )


تجلى الغرض الشعري في هذه الابيات
التي اتت في متن القصيد
لتبقي على اللهجة والبناء المنبري للنص

( قوم أقاموا القتل قانونا لهـم
و المكر مِنْ بعد الكليم و قبْلَما )


استناد موفق على القصص القرآني توظيفاً
لخدمة البنية المعنوية

( أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
إن الإله اختارنا و قضى لهم )


اسقاط للاكذوبة اليهودية التلمودية الواهمة
المتمثلة بانهم شعب الله المختار

( و تصافحتْ كف بكف و التقى
قلـب بآخر عالشهادة أقسما
زأروا فـأرق في المساء زئيرُهم
ذئبا يطيـر به الخيـالُ و حالما
ملأوا فِجاج الأرض و انتصبوا على
كل المشـارق كالحِمـام دواهـما
لم يثنهم عـن عزمهم مـوت فـقد
أخذوا من الموت الشـريف عزائما )


تجلت عاطفة الحماس والفخر في هذه الابيات
التي صبّت في الوحدة الموضوعية للنص
وفق تسلسل مدروس للسياق الشعري
الملتصق بالغرض الشعري
والذي امتزج فيه الشعر بالفكر والتاريخ

الأساليب الموظفة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ


غلب الأسلوب الإنشائي من خلال

النداء :

( يا أهلنا المتمسكيـن بأرضـكم
يا أيها الحجـر المعطـر بالدما )


الأمر:

( فروا فرار البهم من سيل طمى
كن في يد الأبطال طودا راجما
فَجرْ رؤوسَهم و دك صدورهم )


الاستفهام:

( أنسيتَ أن جذوره من أمة ؟
أحلمتَ بالقول الذي زعمتْ به ؟ )


الصور الشعرية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


على الرغم من منبرية النص وايقاعه الخطابي
الا ان بعض الصور وما احتوته من تشبيه واستعارات

( أحْبارُكَ الخشبُ المسندةُ الدمى
آتون مثل السيل يهدر عارما )


قد ادت الى ارتفاع منسوب الشعر في الكلام على ندرتها

المعجم :
ـــــــــــــــــ


غلب عليه الطابع التقليدي وشهد النص بعض المفردات المعجمية
( نضا ، عرمرم ، فِجاج ، التِّراتُ ، خُلب )


يسجل على النص ما يلي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ

* غياب التشكيل عن النص في مواطن يكون فيها التشكيل ضرورة
* غياب علامات الترقيم .
* اقحام الضرورة الشعرية فيما لا اجد له تخريجاً في : قلـب بآخر عالشهادة أقسما
وربما كان يمكن ان يقول : قلـب بآخر بالشهادة أقسما
* منبرية النص لا تشفع للشاعر غياب المخيال وندرة الصور
* عيوب في القافية السِّناد: وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي ما بين فتح وكسر



النص : ويبقى السؤال
الناصة : عبير محمد
القراءة : زياد السعودي


حُلمي موشوم
على بياض أوراقي
بحروف من نار
لاتحرقُ سوى انّاتي
وتنثرُ رمادها
على مرايا الروح
كم هي لذيذةٌ تلك اللحظات
وأنا اقضمُ من رغيف الذاكرة
همسات روحك الـــ تعانقني برقّة
ليسافَر بي مذاقها الشهي
نحو ليلةٍ تصاعدَت فيها
تمتمات الاشواق المضمّخة
بــ إكسير أحلامٍ ورديّة
وهَبَت للروح نبضاً وحياه
ورافقتني بعطرها الملائكي
حتى بزوغ فجرٍ اسكرني سناه
وتوّجني نوراً فضيّا
على جبينِ الصباح
متى يتماهى همسُ روحك مع خفقِ قلبي
خمراً في كؤوس اللحنٍ يشجيني ؟
لماذا كلما غنّت عنادلُ الروح
بدندنةٍ تسامرُ صوتك
لاأجدُني فيك ..؟
كأنك سرابٌ جميلٌ
يخاتلُ أحلامي
يعاقر بأوهامه الحريرية
لحظاتي وأيامي
واسائلني .. ؟؟
هل أعاتبهُ ؟ ام أعاتِبني ؟
فتصفعُني الروحُ لأتراجع
وأرحل بعيداً عنك ..
اكتفي بكلّك الكائنِ في أعماقي
كطيفٍ من نور ..
على مقصلةِ الصمت
تموتُ الكلماتُ انتحاراً
وأصمت


القراءة :

العنوان ( ويبقى السؤال)
انطلاقا من العنوان الذي غالبا ما يكون احد مشتقات النص
او دلالة على مضمونه ومحتواه

استحق العنوان علامة استفهامه من اشياء الكلام
حيث انبلج السؤال في عدة اماكن من النص
ليشكل عامل ربط بين
استهلال الحلم الموشوم
ومتن تداعيات الذات
وقفلة الصمت / النتيجة :

( متى يتماهى همسُ روحك ؟
لماذا كلما غنّت .. ؟
واسائلني .. ؟؟ هل أعاتبهُ ؟ ام أعاتِبني ؟ )

انفتاح النص على الاسئلة :

( متى /لماذا /وهل )

التي لا تبحث عن اجابة
يتيح للمتلقي ان يشترك ويشتبك مع النص
ولو من خلال تشابه الاستفهام

( سيرة الحلم / السراب /الصمت )

التي كونت مفاصل النص
حملتها دلالات زمانية :

( اللحظات / ليلة / فجر / الصباح )

في ظل تلاشي الدلالات المكانية
لان الروح والتي تكرر ذكرها في النص
والتي تعيش السيرة لا تحدها الامكنة

( على مرايا الروح )
( وهَبَت للروح نبضاً وحياه )
( لماذا كلما غنّت عنادلُ الروح )

الافعال المضارعة التي تمددت كمفاتيح للكلام
اتت كدلالات تفيد الاستمرارية :

( تحرق / تنثر / اقضم
تسامر / يخاتل / يعاقر ... )

والافعال الماضية
لم تحمل دلالات عميقة التجذر في الماضي
بقد ما حملت اثر تداعيات السؤال ضمن زمن محدد بالحدث

( تصاعد / وهب / رافق
اسكر / تماهى / غنت .... )



دلالة تكرار ضميري المتكلم المفرد
كما في نصوص كثيرة جعلت من الذاتية مدار الكلام
لان النص برمته وجداني ذاتي لانه يتعلق بالشعور الذي اتى متبوعا
بحالة الالحاح التي انتجت الحبر على خد الورق :

( اوراقي / اناتي / تعانقني
رافقتني / اسكرني / يشجيني
لحظاتي / ايامي / اعماقي ....)

النص اعتمد على دفقات شعورية
حملتها لغة سهلة لم تخلو من اشتغالات
على مستوى تفجير اللغة وصولا الى انزياح
يحقق فارق الشعور / الشعر :

( وأنا اقضمُ من رغيف الذاكرة )

( كأنك سرابٌ جميلٌ
يخاتلُ أحلامي
يعاقر بأوهامه الحريرية
لحظاتي وأيامي )

المشهدية من خلال قزح خاص
اسهمت في تشكيل صور وان كانت بسيطة التركيب
الا انها ذهبت بالكلام نحو الشعر :

( تمتمات الاشواق المضمّخة
بــ إكسير أحلامٍ ورديّة
وهَبَت للروح نبضاً وحياه
ورافقتني بعطرها الملائكي
حتى بزوغ فجرٍ اسكرني سناه
وتوّجني نوراً فضيّا
على جبينِ الصباح )

الايقاع الذي صنعته اجراس المفردات المتساوية موسيقيا
اتى في امكنته متماشيا مع البناء المعنوي
واسهم ايضا في اضافة الفة موسيقية
يلمسها المتلقي :

( وهَبَت للروح نبضاً وحياه
بزوغ فجرٍ اسكرني سناه )

( يخاتلُ أحلامي
لحظاتي وأيامي )

( واسائلني .. ؟؟
هل أعاتبهُ ؟ ام أعاتِبني ؟ )

النص والسؤال اتى مخدوما بسلس اللغة
من اول نار الوشم
وحتى سقوط المقصلة
على عنق الكلمة
حتى
.
.
وأصمت

تقديرنا للعبير
وعذرا اذا ما اغفلنا جانبا من جوانب النص
والى لقاء مع نص آخر ،،،



النص : ابداً لا تسلم الجرة
النّاص : عادل عبد القادر
القراءة : زياد السعودي

النص :
ــــــــــــــــــ


ابداً لا تسلم الجرة


طلعت رشا
من بعدِ أن تعبَ الفؤادُ من الهوى
مسحتْ بكفيها
على وجهى الذى ما عادَ يهجره الأسى
مسحتْ على جدرانهِ
فانهلَ دمعى
اِنسكب
من أنت قولى يا رشا ؟
قالتْ بقايا طفلةٍ قمريةٍ
جاءتْ تلاعبها المنى
جاءت اليكَ و أمطرتْ عشقاً بها
فاخضلَ عمركَ
اِنتشى
قلتُ الدروبُ تغيّرتْ
و الصبحُ خاصمه الندى
قالت سيرجعُ لا تخفْ
سيعيدُ للعطرِ الحياةَ و للشذى
قلتُ انتهى
البحرُ خاصمهُ المدى
و الصوتُ ضاعَ بلا صدى
حتى الملامحُ و الوجوهُ تزيفتْ
و تغيّرت قصصُ الأحبةِ و اللقا
حتى أنا
من ألفِ عامٍ لم أعدْ
ما عدتُ عادلك الفتى
قالتْ سترجعُ كلّها
أبشرْ بذاتِ الوصلِ إن طالَ السهرْ
قلتُ الرحيلُ محطتى
و العمرُ أرضاهُ السفرْ
راحَ القصيدُ نبا بىّ
قد ملّ من طولِ الضجرْ
أين الملاعبُ و الطفولةُ و الحذرْ
أين البنفسجُ و السنابلُ و المطرْ
ماذا يخبىء يا رشا ؟
ماذا يخبئه القدرْ ؟
قالتْ تجملِ
إتئد
فغداً يصاحبنا القمرْ
و قصائدً و مقاعدً
تحنو إذا حانَ السمرْ
يا طيبَ أيامِ العمرْ
قلتُ انتهى
باللهِ كُفّى يا رشا
قالتْ إذن ..
ختمَ الزمانُ على فؤادكَ إذ عبر
قلتُ اطلعى
ما شئتِ كونى
اِسطعى
و تفردى و توحدى
و تقربى و تدللى
ظعنَ الغرامُ مع الحبيبِ الأولِ
ما شئتِ كونى
اِفعلى
يا طفلةَ العمرِ الأغرْ
لا بأسَ من عبرٍ أُخرْ



**************************

القراءة :
ـــــــــــــــــ


تقنية الحوار كاخراج للخطاب الشعري تقنية عرفها العرب
وبرزت في كثير من شعرهم وكان قالبها العام قالَ / قلتُ .. قالت
/ قلتُ ، قالوا / قلتُ

في قصيدة ابداً لا تسلم الجرة للشاعر عادل عبد القادر برزت

عدة سمات :

* السردية الشعرية .
* "الدايالوج" بلبنات الدراما الشعرية .
* تنوع مخرجات الموسيقى الداخلية وانصهارها داخل البنية الايقاعية العامة .


العنوان :
ــــــــــــــ


حمل العنوان (ابداً لا تسلم الجرة) دلالة منبثقة من المثل الشعبي
( مش كل مرة تسلم الجرة ) وهو مثل معروف الدلالة من خلال
المضمون ولعل السياق الشعري يكاد يجعلك توافق على هكذا
عنونة للنص حينما تتناول الاصوات التي تناوبت على لسان
الشاعر ورشا


البنية الإيقاعية:
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الخارجي: تأتّى من خلال تفعيلة الكامل (متفاعلن)
التي تمكنت من فضاءات الكلم

الإيقاع الداخلي :
ــــــــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الداخلي كان حاضرا من خلال تنوع وتعدد التناغمات
الصوتية التي حملتها نهاية المركبات الشعرية كلازمة يحملها
جرس المفردة :

جرس الالف المقصورة والممدودة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الهوى / الأسى
الندى / الشذى
المنى / الصدى ...
انتشى / انتهى
رشا / اللقا



جرس الراء الساكنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


السهرْ / السفرْ
الضجرْ / الحذرْ
المطرْ / القدرْ
القمرْ / السمرْ ...


جرس الياء
ـــــــــــــــــــــــ


اطلعي / اِسطعي
تفردي / توحدي
تقربي / تدللي



جرس تنوين التاء المربوطة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


طفلةٍ / قمريةٍ

جرس التاء الساكنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تغيّرتْ / تزيّفتْ / أمطرتْ


الاساليب المستخدمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اعتمد الناص في بناء منجزه الشعري
على تقنية الحوار من خلال توثيق الخطاب مع المفرد المؤنث
( رشا )
مستهلا بافعال بصيغة الماضي تمثلت بـ :

طلعت / مسحتْ / قالت
تعبَ / انهلّ / انسكبَ ....



وافعال مضارعة دخلت عليها السين كحرف تنفيس للمستقبل
القريب مردها تقنية الحوار وتطوره في سياق الشعر والغرض
أتت على لسان رشا التي تبنّت دور قيمة التفاؤل ( أبشرْ بذاتِ
الوصلِ إن طالَ السهرْ ) في خضم تداعيات الشاعر :

سيرجعُ / سيعود / سترجعُ

العطف
ـــــــــــــــــــ


استخدم الشاعر تقنية العطف في بناء الجمل الشعرية
مما اسهم في ابقاء المتلقي في حالة تناص مع النص غرضا وبيانا

جاءت اليكَ و أمطرتْ
قلتُ الدروبُ تغيّرتْ و الصبحُ خاصمه الندى
حتى الملامحُ و الوجوهُ تزيفتْ
و تغيّرت قصصُ الأحبةِ و اللقا




الاستفهام :
ـــــــــــــــــــــــــ


من أنت قولى يا رشا ؟
أين الملاعبُ و الطفولةُ و الحذرْ
أين البنفسجُ و السنابلُ و المطرْ
ماذا يخبىء يا رشا ؟
ماذا يخبئه القدرْ ؟


الانشاء التقرير
ـــــــــــــــــــــــ


جمل انشائية وتقريرية دارت في مدارات الشعر
اتت كمطالع حوارية :

بقايا طفلةٍ قمريةٍ
ختمَ الزمانُ على فؤادكَ إذ عبر
لدروبُ تغيّرتْ و الصبحُ خاصمه الندى
انتهى البحرُ خاصمهُ المدى


ضوء :
ــــــــــــــــــــــ


* تدني مستوى المخيال الذي عرفناه في نصوص سابقة للشاعر

* الياء كُتبت كالف مقصورة ( ى ) :
اطلعى / اِسطعى
تفردى / توحدى
تقربى / تدللى
ولا ادري هل هناك تخريجاً يسمح بهذا

* التوين على حرفه ولا ادري لماذا لم تتبع الالف :
و قصائدً و مقاعدً / قصائدًا ومقاعدًا


الخلاصة
ـــــــــــــــــــــ


تمكن الشاعر من اسقاط المضامين التي شكلت حالة الالحاح التي أدّت للكتابة
من خلال اغتنام طيب للغة دون تكلف واسهاب
فاتى اقتصاده في اللغة لصالح الخطاب ولصالح المضامين
التي اراد ان يقولها العنوان / المثل شعرًا


قبل وبعد
ان السفر في اوراق المبدع عادل عبد القادر ماتع ومائز
ويحمل جُلّ فائدة للذهن والذائقة

سرني انني تناولت هذا النص

والى لقاء مع نص آخر




النص : في ثنايا الرحيل
الناصة : هيام ضمره
قراءة : زياد السعودي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص:
ــــــــــــــــــ


في ثنايا الرحيل

تمضي وحيداً كئيباً
في سرايا الرمال
تغوصُ تجوسُ في حيرةِ المآل
تجوبُ شارداً ألف دربٍ وساح
وتُعلنُ أنَّ عالمَكَ هنا.. كانَ يوماً مُباح
تُضاربُكَ أكتافَ الهموم غمام
تذوي وُجُوماً في جفافِ الهُزال
ووجوهٌ حولكَ تُجاهر.. تدور
هنا نافضٌ سَعدهُ نزقا
وهنا وهناك ألفُ عابسٍ
يَكتوي في نار الجَوى مُحترقا
تذوي في عيونهِ أسئلة المُحال
وأنتَ كما أنتَ
ساهماً تمضي
كليلاً تذوي
حالكَ حالُ راحلٍ
سادراً في ارتحال
توغِلُ وحدكَ في عرض البلاد
ترسمُ همَّكَ على كلِّ باب
وعلى جدران الأسى تلونُ بعض أمال
تمشي هُلامي الخُطى
بلا هُدى
والمَدى أمامكَ شاسعٌ
كأنما يُنافحُكَ مِنهُ طولُ سِجال
وتظلُّ عيونكَ هائمةً.. حالمة
تبحثُ في جيبِ الرماد
عنْ نفس السؤال.. عن حجم المآل
فأينَ منكَ هِداية
وقلبُكَ ضاجاً يَثور
وأينَ عنكَ نهاية
وعقلكَ تلتهمُهُ مناقير الطيور
وأنتَ في خطاكَ تدور.. تثور
يأكلك عالمٌ لا يعبر إليه نور
كأنما الدُنيا عنكَ تمضي
لا تدري أنتَ
أمعها تمضي
أم أنكَ منذ زمنٍ بعيدٍ انتهيتَ
أعلنتَ عزاءك ومُتَّ
ندياً مُذ كنتَ
في ربيعِ الزهور



العنوان
ــــــــــــــــــ


اقتباس:
في ثنايا الرحيل
العنوان كجملة اتى بدلالة الرحيل
ليشي مبكراً بطبيعة الغرض الشعري
الذي استنفر قريحة الشاعرة
لتقول ما هو آت

الاستهلال كمفتاح من مفاتيح النص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اقتباس:
تمضي وحيداً كئيباً
في سرايا الرمال
الاستهلال حمل صيغة مخاطبة المفرد الحاضر
وهذه احدى التقنيات التي تمكن الناص
من اسقاط مضامينه الشعرية
وتمكنه من اطلاق النص
من الذاتية الوجدانية
الى المجموع البشري
وقد تمكنت الناصة ونصها من هذا
من خلال تكثيف تداعيات المحور / الضمير
في بوتقة الرحيل / العنوان


المعجم السهل
ــــــــــــــــــــــــــــ


اقتباس:
وحيداً كئيباً / تجوسُ في حيرةِ
تجوبُ شارداً / عالمَكَ مُباح
الهموم / تذوي وُجُوماً
جفافِ الهُزال / نزقا / عابسٍ
يَكتوي / نار الجَوى مُحترقا
تذوي في عيونهِ أسئلة المُحال
ساهماً / كليلاً / سادراً في ارتحال
توغِلُ وحدكَ / ترسمُ همَّكَ
جدران الأسى / هُلامي الخُطى
بلا هُدى / ضاجاً / تدور.
عالمٌ لا يعبر إليه نور
انتهيتَ / أعلنتَ عزاءك ومُتَّ
المفردة بدورها ومدلولها كمفردة
و
بدورها ومدلولها ضمن المركب الشعري
مفردة ابجديتها الرحيل المنبثق من دلالة العنوان

حشدت الناصة المفردات
من بنات اللغة السهلة
وارسلتها في وريد المركب الشعري
لتقول غرضها
من خلال تناص متواصل مع عنوان العمل
ومن خلال تصاعد في رسم اشياء الرحيل

الايقاع / الجرس
ــــــــــــــــــــــــــ


اقتباس:


وحيداً / كئيباً / شارداً / يوماً / نزقا / محترقا / ساهماً / سادراً
الرمال / المآل / الهُزال / المُحال / ارتحال / آمال / سِجال
يَثور / تدور / الطيور / نور / الزهور
تمضي / تذوي / تمضي
الخُطى/ هُدى / المَدى
ساح / مُباح
هائمةً.. حالمةً

النص ايقاعي باقتدار
وقد توزعت الاجراس الصوتية
التي حملتها اللازمة
دون اقحام او تقصد
بل جاءت ضمن نسق صوتي
يقبله المركب الشعري
مما جعل الموسيقى الداخلية للكلام
تتوزع على النص
بتناسب يضيف الى متعة التلقي
متعة اضافية

محسنات
ـــــــــــــــــــــ


اقتباس:
أكتافَ الهموم
جيبِ الرماد


اقتباس:
حالكَ حالُ راحلٍ
سادرٍ في ارتحال

الاستعارات والتشبيهات
كانت قليلة الاستعمال
وما استعمل منها شدّ أزر بيان النص


الاشتغال
ــــــــــــــــ


اقتباس:
وتظلُّ عيونكَ هائمةً.. حالمة
تبحثُ في جيبِ الرماد
عنْ نفس السؤال.. عن حجم المآل
فأينَ منكَ هِداية
وقلبُكَ ضاجاً يَثور
وأينَ عنكَ نهاية
وعقلكَ تلتهمُهُ مناقير الطيور
وأنتَ في خطاكَ تدور.. تثور
يأكلك عالمٌ لا يعبر إليه نور
اشتغال الشاعرة داخل غرضها
توزع على امكنة النص
استهلال ومتنا وقفلة
لكنه تكثف هنا
من خلال تصاعد محسوس ومحسوب
في بنا المعنى داخل المبنى

الغرض الشعري مطروق على امتداد العصور
وتناولته اشكال الخطاب الادبي
الضمره هنا
تناولته وفق رؤاها
ومن خلال ادواتها
فحققت رسالة النص

كل التقدير

والى لقاء مع نص اخر



النص : رسالة عاجلة إلى السيد موت
الشاعر : محمد العموش / الاردن
قراءة : زياد السعودي


النص :
ــــــــــــــــــ

رسالة عاجلة إلى السيد موت

أعيديــني إلى عصـرِ البكـاءِ
إلى حزنِ "الحسينِ" و " كربـلاءِ"
نعم... أجَّـلتُ موتي نصفَ يومٍ
لأبتـدأَ القصيـدةَ في رثــائي
أنا نبضُ الرثاءِ وصـوتُ موتي
ومـُمتـدٌّ إلى أُذُنِ الســـماءِ
عــزاءُ الراحـلين بلا إيـابٍ
عكـوفُ المخلصين على الدعاءِ
ورعشةُ دمعـةٍ في جفـنٍ أنثى
مـزيجٍ من وفـاءٍ في حيــاءِ
وفـاءُ الحـيِّ تعزيـةٌ لميْـتٍ
وها يقضي " العموشُ" بلا عزاءِ
فيا امـرأةً، ومرآةً ، ومـرأىً
كمـالٌ في الثـلاثِ بلا مـراءِ
على جسـرِ القصيدةِ ذات حزنٍ
خـرافيٍّ ... خريفيِّ المســاءِ
صبغـتِ ملامحـي بربيعِ كفِّ
فـأجَّـلتُ المواجعَ للشـتاءِ
وقد كان اللقـاءُ بلا فـراقٍ
فهل هذا الفراقُ بلا لقاءِ !!!
على شـمَّاعةِ الأقـدارِ عجزي
وأهربُ- كي أثورَ- إلى النساءِ
وهـل ثارتْ مدى التاريخِ أنثى !!!
ولكـنْ آهِ من جهــدِ البـلاءِ
وحيـداً خلفَ أحلامي... وخلفي
جيوشُ الحزنِ تشربُ من دمائي
فلا أنا مـدركٌ شـطآنَ حُـلْمي
ولا حـزني يمـلُّ من اقتفـائي
على كـفِّ القصيـدةِ في خفاءٍ
وُلِدتُ ..وسوفَ أمضي في خفاءِ
كشـأنِ الأولياءِ قضوا بصمتٍ
وما بايعـتُ صـمتي بالولاءِ
إلى موتـي الذي لا يشـتهيني
أُراوِدُهُ على غيــرِ اشـتهاءِ
تقَـدَّمْ للـذي لا بُــدَّ منـهُ
فبئـرُ العمرِ ملَّـتْ من دلائي
سـأحني قامتي لتنـالَ رأسي
ويهـزأُ باقتـِـداركَ كبريائي


القراءة والتحليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


العنوان :
ـــــــــــــــ

رسالة عاجلة إلى السيد موت

اتى العنوان من خلال جملة تامة وافية
وفيه ذكاء ميداني يحسب للشاعر
من حيث منسوب الدهشة التي يتضمنها العنوان
الامر الذي يجعل المتلقي امام فضول لمعرفة غرض الشاعر
وطبيعة الرسالة



البنية الإيقاعية:
ـــــــــــــــــــــــــ

1. الإيقاع الخارجي:

تضمن بحر الوافر التام الذي اتت عليه القصيدة
بواقع ( 19 ) بيت
وهو من البحور ذوات التفعيلة المتكررة
(متفاعلن متفاعلن فعولن )
مقطوف العروض والضرب ومصرّع المطلع
الألف " ردف "
والهمزة " روي "
والياء المشبعة عن كسر الهمزة " وصل "



2. الإيقاع الداخلي :

تناغم الأصوات في خدمة البنيان الشعري
تلك الاصوات التي نجمت عن تكرار :
حرف النون
( الراحـلين المخلصين )
حرف الياء
( حزني ، حلمي ، يقضي ، موتي ، عجزي )

تكرار اللفظ
( موتي ، وفاء ، فــــراق ، أنثى )

التصحيف :
وهو تحويل الكلمة عن الهيئة المتعارفة إلى غيرها
اتى ليضيف فرادة في تفجير المعنى
( فيا امـرأةً، ومرآةً ، ومـرأىً
خــرافـــيٍّ ... خـريــفــيِّ )

المطلع اتى مصرعا :

أعيـديـنـي إلــــى عــصــرِ الـبـكــاءِ
إلى حزنِ "الحسينِ" و " كربلاءِ"


اتى المطلع على شكل خطاب القريب للقريب
من خلال مخاطبة المفرد المؤنث الحاضر للجنائزية
التي استهل بها الشاعر رسالته من خلال توظيف لحزن
يسكن موروثنا الديني الفكري

( نـعـم... أجَّـلـتُ مـوتـي نـصـفَ يــومٍ )

حمل هذا الصدر
انفلاتا متمردا على الممكن
الانفلات الذي يجعل من الشاعر
قادرا على ان يموت مجازيا وكثيرا

( نـعـم... أجَّـلـتُ مـوتـي نـصـفَ يــومٍ
لأبــتــدئ الـقـصـيـدةَ فــــي رثــائــي )


هذا البيت الذي اتى كتوطئة بعد الاستهلال
والذي كان لا بد منه ليتحرك الشاعر في اشياء غرضه
الذي سيحمله المبنى والمعنى فيما سياتي

( أنـا نبـضُ الـرثـاءِ وصــوتُ مـوتـي
ومُــمــتــدٌّ إلــــــى أُذُنِ الــســمـــاءِ )


الأنا هنا ليست الأنا التي تعودناها
في كثير من نصوص الشاعر
فهي أنا قلقة مجروحة ملفوفة
في كفن الموت المجازي

( عــــزاءُ الـراحـلـيـن بـــــلا إيـــــابٍ
عكـوفُ المخلصيـن عـلـى الـدعـاء )


مارس الشاعر فكره النير
في ربط الصدر بالعجز من خلال العلاقة
بينهما في المعنى والنتيجة
الذان يتفقان مع المنطق الفكري الحياتي للطيبين

الصور الشعرية :

الصور القاتمة الحزينة
التي تماشت مع غرض الشاعر

( أنـا نبـضُ الـرثـاءِ وصــوتُ مـوتـي
ومُــمــتــدٌّ إلــــــى أُذُنِ الــســمـــاءِ )


اضافت للنص الاخيلة التي تجعله نصا مختلفا

( ورعـشـةُ دمـعـةٍ فــي جـفـنٍ أنـثــى
مـزيــجٍ مـــن وفـــاءٍ فــــي حــيــاءِ )


تشبيه تمثيلي مبتكر
يدل على اتساع رؤى وقريحة الشاعر

( عـلـى كــفِّ القـصـيـدةِ فـــي خـفــاءٍ
وُلِـدتُ ..وسـوفَ أمضـي فـي خفـاءِ )


فرادة في بناء المعنى
وقدرة فذة على خلق الانزياح تلو الاخر
ومن ثم اتقان الهندسة التوزيعية للانزياحات
على مساحات النص

الأساليب الموظفة :

التقرير :

نـعـم... أجَّـلـتُ مـوتـي
انـا نبـضُ الـرثـاءِ وصــوتُ مـوتـي


النداء :

فـيــا امـــرأةً، ومــــرآةً ، ومــــرأى

الأمر:

أعيـديـنـي إلــــى عــصــرِ الـبـكــاءِ
تـــقَـــدَّمْ لـــلـــذي لا بُـــــــدَّ مـــنــــهُ


الاستفهام والتعجب :

فـهـل هــذا الـفـراقُ بـــلا لـقــاءِ !!؟
وهـل ثـارتْ مـدى التاريـخِ أنثـى !!؟


اغتنام للمحسنات البديعية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطباق :

( حي ميت / لقاء فراق )

الاستعارات :

تكثفت الاستعارات المكنية
والتي اضافت لصوت القصيد اصواتا اضافية
وحركة دائمة مردها
حقن الشاعر الموفق
لتلك الاستعارات في وريد الكلام

( أُذُنِ الــســمـــاءِ
نبـضُ الـرثـاءِ
صــوتُ مـوتـي
رعـشـةُ دمـعـة
جيـوشُ الحـزنِ تشـرب
كــفِّ القـصـيـدة )



المعجم :

اتى بسيطا متداول المفردات بلغة السهل الممتنع

يسجل على النص او على من نقله هنا :

* الابقاء على الخطأ في لأبتـدأَ القصيـدةَ في رثــائي / لابتدئ
* العلاقة المرتبكة برايي بين انحناء القامة والكبرياء في :
سـأحـنـي قـامـتـي لـتـطـولَ رأســـي
ويــهـــزأُ بـانـكـســاركَ كـبـريــائــي


من قبل ومن بعد
تحية للسيد شعر العموش



النص : وأبعدُ من الريــحِ
الشاعرة إيمان علي
القراءة : زياد السعود

النص :
ــــــــــــــــ



الريح تدخل في مجرة روحهـا
وتلفني جرساً يعـيد مجالـي
أطفو مع الوقت المبعثر في المدى
ودمـي يكمّـل دورة الترحالِ
لا شيء أكبر من محيط أمومتي
لا شيء أصغر من بريق وصالِ
حين ابتعدت الشعر لفظ فصاحةٍ
ضاقت بي الأرجاء في أقوالـي
أوعندما حاولت أجرح غيمـةً
كبر الكـلام كدهشتي لسؤالِ
من أين أبدأ والفضاء معطـلٌ
ومكسـرٌ فـي حزمة الأثقالِ
أصطاد من ولع الكناية أحرفـاً
يرتد وقْع الحـرف كالأنصـالِ
والحب يكْسر دمعـةً تجتاحنـي
في الليـل افتـح وردة لخيالـي
وأرى الرياح تحطني في رشفـةٍ
تبتل منهـا رعشـة الأوصـالِ
والسحر يلكـز للغرام حكايةً
مطليةً بالعطر فـي صلصالـي
وأساوري تهتزُّ خلـف ظنونهـا
والحدس يلمس روعة الخلخـالِ
لا رقص يكفي كي أكون فراشـةً
تحمي الفؤاد من الهـوى القتّـالِ
والحزن يحفر وجنتـي كغوايـةٍ
تغري الدموع بروعـة الإنـزالِ
وأنا ألملم ما بقى مـن فرحتـي
فـي جـرةٍ محكومـة الإقفـالِ
وأهرب الوجع المخبأ في دمـي
ويسيل من طرف القصيدة حالي



القراءة والتحليل
ــــــــــــــــــــــــــــ

اتى العنوان بجملته
حافزا للمتلقي لاقتراف النص
ربما لمعرفة اشياء الريح
خاصة ان الريح رديف للشتات والوحشة في الشعر العربي
رغم ما تكتنفه من فوائد لا حصر لها

وبهذا فان العنوان لم يترك دلالة تشي بالغرض
وهذا يحسب للشاعرة
التي جعلت العنوان محفزا
لاقتراف النص من قبل المتلقي

البنية الايقاعية :
ـــــــــــــــــــــــ


الإيقاع الخارجي:
ــــــــــــــــــــــــــــ


تضمنه بحر النص
الكامل المقطوع (متفاعلن)
مع وحدة القافية في ( 15 ) بيت
الألف " ردف "
واللام " روي "
والياء المشبعة عن كسر اللام " وصل "

الايقاع الداخلي :
ــــــــــــــــــــــ


تناغمات توزعت على ارجاء النص
من خلال اجراس تأتّتْ من :
صوت الراء في :
( أكبر ، أصغر )
صوت الياء في :
( امومتي ، دهشتي ، فرحتي ، وجنتي )
صوت تنوين الفتح في التاء المربوطة :
( دمعةً ، وردةً ، حكايةً ، فراشةً ، غيمةً )
صوت تنوين الكسر في التاء المربوطة :
( فصاحةٍ ، رشفةٍ ، غوايةٍ )
صوت فتحة التاء المربوطةفي :
( دورةَ ، روعةَ )




البناء الشعري
ـــــــــــــــــــــــ
الكتابة فعل منتج ، الكتابة هي تفاعل إنساني خلاق للمؤثرات الاجتماعية في قلب وعقل الكاتب ، تتحول في مختبره إلى شيء سام وراق هو : النتاج الإبداعي ( الكتابة )، الكتابة ليست ترفا وليست بدعة وليست فا نتا زيا ، إنما هي معادلة معقدة من المؤثرات والتفاعلات والنتائج المتعددة ، الكتابة لدى الكاتب هي حياة أو الحياة نفسها ، هي في وصفها حياة بالنسبة للآخرين وهي الحياة نفسها بالنسبة للكاتب ولا غيرها
( حواس محمود )

(الريح تدخل في مجرة روحهـا
وتلفني جرساً يعـيد مجالـي )


المطلع
ــــــــــــــــــ

المطلع الاستهلال حمل اشياء العنوان
بشكل مباغت فراحت الشاعرة
في الصدر تشكّل وجه الريح في مجرة روح الريح
وفي العجز تقيم علاقة الأنا الشاعرة مع الريح
ويجدر الاشارة هنا الى نصوص سابقة للشاعرة
اتت ضمن عناوين :
( بنت الريح ، عنقاء الريح ، سمراء الريح ،
كــ ريحٍ ، و أكثر ..، أنا الريح )

مما يفضي الى ديمومة الريح في وجدان الشاعرة

(أطفو مع الوقت المبعثر في المدى
ودمـي يكمّـل دورة الترحالِ
لا شيء أكبر من محيط أمومتي
لا شيء أصغر من بريق وصالِ )


ما بعد الاستهلال
تبدأ الشاعرة ببناء قصيدتها
من خلال اسقاط المضامين بواسطة اللغة داخل اللغة
وهي تجسد اولوية اولوياتها من خلال التمسك بقيمة الامومة
اشادة وتمكنا وتمكينا

( من أين أبدأ والفضاء معطـلٌ
ومكسـرٌ فـي حزمة الأثقالِ
أصطاد من ولع الكناية أحرفـاً
يرتد وقْع الحـرف كالأنصـالِ
والحب يكْسر دمعـةً تجتاحنـي
في الليـل افتـح وردة لخيالـي )


انها رحلة الذات في الذات
ونقل توجعاتها حبرا تحت ابط الورق
كمحاولة يائسة للتخلص
فالشاعر ما كان ليتخلص من القلق والارق والتشظي

( أطفو ، اصطاد ، ارى ، أفتح ، الملم ، أهرب )

الطاقة الحركية في النص
تولدت من خلال التصاعد الوتيري
الذي أضفته الافعال المضارعة
التي يعود ضميرها المستتر على أنا الشاعرة

( حاولت ، ابتعدت ، ضاقت )

في حين ان الافعال الماضية التي فقدت ارتباطها في الزمان
شكلت حال الوجدان على ما هو عليه
لنتصور حجم وشكل الالحاح الذي سبق القريض


الصور الشعرية
ــــــــــــــــــــــــ


( والحزن يحفر وجنتـي كغوايـةٍ
تغري الدموع بروعـة الإنـزالِ )


تحميض ثريّ لتداعيات الذات
وتصوير لفعل الحزن ونتيجته

(أصطاد من ولع الكناية أحرفـاً
يرتد وقْع الحـرف كالأنصـالِ )


استمرار في تحميض الصور فعلاً أثراً ونتيجة

( وأرى الرياح تحطني في رشفـةٍ
تبتل منهـا رعشـة الأوصـالِ )


الاعتماد على مشهدية المخيال واغتنام لاشياء اللغة الجميلة
لنقل الصورة حتى تكاد ترى ما تقرأ

( وأهرب الوجع المخبأ في دمـي
ويسيل من طرف القصيدة حالي )


تكثفت الدهشة في القفلة الرائعة
تلك القفلة التي ربما حملت وجع القصيدة ووجع الشاعرة
فكلاهما يفضي الى الآخر

البديع
ـــــــــــ

( والحدس يلمس
الريح تدخل في مجرة روحهـا
والسحر يلكـز
بريق وصال )


احتوى النص فيما احتوى
على تشبيهات و استعارات مكنية اتى بلاغها
في حذف المشبه به والابقاء على وجه الشبه
استعارات وتشبيهات شدّت من ازر الشعر في اشياء الكلام

الأساليب الموظفة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
اسلوب انشائي تقريري اخباري

التقرير :

(لا شيء أكبر من محيط أمومتي
لا شيء أصغر من بريق وصالِ)


الاستفهام والتعجب :

(من أين أبدأ والفضاء معطـلٌ)


يسجل على النص
ــــــــــــــــــــــــــ


* غياب التشكيل الذي قد يؤدي الى قراءة خاطئة
* ارتباك في بنية الصدر : حين ابتعدت الشعر لفظ فصاحةٍ
* حالة لا صلح بين الصدر والعجز في :
والحب يكْسر دمعـةً تجتاحنـي
في الليـل افتـح وردة لخيالـي

قبل وبعد
تحياتنا لعنقاء الريح
الشاعرة ايمان علي



في حضرة " وا " عبد الرشيد ووجعه الذي لا يقال


النص :
ــــــــــــــــــــ


اَلْعينُ ما كفَّتْ عنِ الدَّمعانِ=(والْكأسُ لمْ تُسْعِفْ ).وما أضناني!
واللَّيلُ مُمْتدٌّ تَثَاقلَ خطوُهُ=وكأنّما دَهْرٌ، تَمُرُّ ثَوانِ
وَا أمَّ أولادي!مكانُكِ شاغرٌ=حتَّى اللِّقاءِ بِجنَّةِ الرِّضوانِ
قد صَوَّحَ الْبيتُ اَّلذي أَعْمَرْتِهِ=ودًّا وإِيثارًا وفيضَ حنانِ
جَلَلٌ رحيلُكِ.شوكةٌ في خافقي=لولا يُضَمِّدُ نزفَهُ إيماني
إني رَضِيتُ بِحكمِ ربي مؤمنًا=متجمِّلًا بتلاوةِ الْقرآنِ
وَا أمُّ أولادي!وفائي عُهْدةٌ=قيسٌ أنا وأنا جميل الثاني
ما غبتِ عني.حَسْبُ فَقْدِكِ صِبْيَةٌ=من صُلبِ حبّكِ يغمرونَ كياني
لا تحْملي همَّ الصِّغارِ فإنَّني=وكما علِمتِ أنا الأب المتفاني
ذِكراكِ تسكننا، تُبَلْسِمُ حزنَنا=ربّاهُ!أسْكِنْها فسيحَ جِنانِ
ما أَجملَ السُّلْوانَ حينَ يمسُّنا=خطْبٌ وتَنْكِسُنا صروفُ زمانِ!
اللهَ أُشْهِدُ : لن أخون رِبَاطنا=مَنْ لي بِشِبْهِ رِباطِنا النُّوراني؟!
اَلنَّاسُ تُولَدُ كيْ تموتَ حقيقةٌ=ما أشْمَسَتْ وتعاقَبَ الْمَلَوانِ
فَعِمي سلامًا ياأَميرةَ خاطري=مرضيَّةً في رحمةِ الرَّحمانِ
الكامل مقطوعا.=

العنوان :
ــــــــــــــــــــ


وفاء
وفي اشياء العنوان قيمة
قال رسول الله صل الله عليه وسلم
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)

والوفاء من مكارم الاخلاق وهي قيمة جبلية ومكتسبة
وقد افضى العنوان الى طبيعة الغرض الشعري
الذي جسد فيه الشاعر وفاءه لزوجته التي قضت الى أمر الله

الإيقاع الخارجي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نظم الشاعر القصيدة على البحر الكامل المقطوع
مصرعا المطلع

الروي: حرف النون متوسط الأبجدية
الوصل : حرف الياء الناتج عن إشباع حركة حرف الروي
والذي مكن الشاعر من نقل بعض مضامينه الشعرية
من خلال استخدام الوصل كياء تعود على المتكلم في :
أضناني / إيـمــانــي / كيـانـي
وتكفل الروي بوصله باحداث قوة الجرس

الموسيقى الداخلية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تواصلت الاجراس الصوتية داخل القصيد
فاحدثت فارقا في التلقي :

ودًّا / وإِيــثـــارًا
مؤمـنًـا / مـتــجــمِّــلًا
تسكـنـنـا/ حـزنَـنـا
يمسُّـنـا/وتَنْكِسُـنـا


وتتابعت :

العينُ / والليلُ

المضامين الدلالية في البناء الشعري جاءت على شكل خليط حسّي ومعنوي ، تراوحت ما بين الشكوى والتأسي والايمان والترحم والدعاء
فابرز من خلال الشكوى الحال التي آل اليها :

اَلْعـيـنُ مـــا كـفَّــتْ عـــنِ الـدَّمـعـانِ
وما أضناني!
والـلَّـيــلُ مُـمْـتــدٌّ تَـثَــاقــلَ خــطـــوُهُ
وكـأنّــمــا دَهْـــــرٌ، تَــمُـــرُّ ثَـــــوان
جَـلَـلٌ رحيلُكِ.شـوكـةٌ فـــي خـافـقـي


وفي المطلع ما يفيد الاستمرارية في التوجع والتأسي :

اَلْعـيـنُ مـــا كـفَّــتْ عـــنِ الـدَّمـعـانِ


وضمّن البناء الشعري بعض اشياء عقيدة المؤمن
بقدر الله عز وجل :

إنــي رَضِـيـتُ بِحـكـمِ ربــي مؤمـنًـا
مـتــجــمِّــلًا بــــتــــلاوةِ الْــــقــــرآنِ


ومن طبع الوفاء الدعاء :

ربّـاهُ!أسْـكِـنْـهـا فــســيــحَ جِـــنـــانِ

واختار القفلة لينقل ترحمه :

فَعِـمـي سـلامًـا يـاأَمـيـرةَ خـاطــري
مـرضـيَّـةً فـــي رحـمــةِ الـرَّحـمــانِ


وتحقق التناص مع الغرض بنيويا
من خلال مفردات وضمائر تبرز تسيّد المخاطب / الغرض لاشياء البناء :

أمَّ أولادي / أَميرةَ خاطري
أَعْمَرْتِهِ
رحيلُكِ غبتِ
حبّكِ تحْملي
ذِكراكِ أسْكِنْها
فَعِمي مرضيَّةً


الصورة الشعرية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اعتمد على كلاسيك بناء الصورة
من خلال تمكين الاستعارة :

والـلَّـيــلُ مُـمْـتــدٌّ تَـثَــاقــلَ خــطـــوُهُ
صَــوَّحَ الْبـيـتُ
ومن خلال البيت :
والـلَّـيــلُ مُـمْـتــدٌّ تَـثَــاقــلَ خــطـــوُهُ
وكـأنّــمــا دَهْـــــرٌ، تَــمُـــرُّ ثَـــــوانِ


نرى التشبيه التمثيلي الذي نقل الشاعر من خلاله
اشياء الوجدان وهو على تماس غير منقطع مع غرضه الشعري
مما يسهم في احداث التاثير على المتلقي

القصيد تناول الصورة التقليدية المطروقة كثيرا :

جَـلَـلٌ رحيلُكِ.شـوكـةٌ فـــي خـافـقـي

استخدم الشاعر طباق الايجاب
في الفعلين : تُـولَـدُ تـمـوتَ
وطباق ايجاب أخر في المثنى : والمَلَوانِ ( الليل والنهار )

الاسلوب :
ــــــــــــــــــــــــ


طغى الاسلوب الخبري والانشائي
على البنية الشعرية

وتجسد الاسلوب الانشائي من خلال النداء هنا :

وَا أمُّ أولادي

وحتما لم يأت اختيار الشاعر لحرف النداء " وا " جزافا
اذ انها للمنادى القريب ربما اراد الشاعر ابراز منزلة الزوجة القريبة

المعجم :
ـــــــــــــــــــــ


اختار اللفظ السهل
وحقق نصاعة المعنى
وحرص على متانة التركيب


ملاحظات انطباعية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


لا تحْـمـلـي هـــمَّ الـصِّـغـارِ فـإنَّـنــي
وكـمـا علِـمـتِ أنــا الأب المتـفـانـي

هذا البيت انجز عروضه
ولكنه ما انجز الشاعرية
بالرغم من استحضار المخاطب كانه لم يغب

اللهَ أُشْـهِــدُ : لـــن أخـــون رِبَـاطـنـا

المعنى البعيد لهذا الشطر يصب في معنى الوفاء
وان كان المعنى القريب مربك من ناحية ان لا خيانة تقترن بما احلّ الله
كما اشار الشاعر عبد الرحمن لطفي حين تناول بعض اشياء القصيدة
التي كانت قد نشرت في ركن الوهج وارتأى شاعرها ان ينقلها لركن مداد بعيدا عن التعقيب

والْكأسُ لمْ تُسْعِفْ
والكاس هنا تحمل مدلول النسيان بالخمر
وارى ان هذا المركب لم يتصالح مع ما تلاه من ذكر قيم الايمان والصبر

قبل وبعد
هذا اجتهاد في حضرة نص نابع من وجدان شاعر
شاعر رصد احساسه واستطاع ان يضمن الحروف جزءا من احساسه
حتى أكاد أجزم ان الشاعر لم ولن يكتب النص الذي سيتمكن من ترجمة احساسه وعلى صعيد الغرض فان نص " الوفاء " هو النص الذي لم ينظمه الشاعر بعد


كل التقدير للغرّيد
وعذرا منه إن أبخسنا المنجز حقه
ورحم الله فقيدته



النص : غزل دمشقي
الناص : محمد الدمشقي
قراءة : زياد السعودي


النص :

في حُضنِ ليلةٍ سمراءَ ..
راقَصَتني كلماتُكِ ..
سحبَتني لينزلقَ الشُّعورُ على كتفيكِ ..
يعانقُ حلما ذابََ في شفتيكِ ذاتَ لهيب ،
لتحترق المسافاتُ و نذوب معاً في فمِ الوجد .
تلاقَتْ غيمَتانا ليلمعَ برقُ الاشتياق ، و يهطلَ الغزل .
كلَّمتْني ... قلتُ تكلَّمي أكثر ...
امنحيني ملامحََ ضوءٍ ،
حرِّريني من سجنِ الجسدْ ..
حوِّليني بعبيرِ أنفاسِكِ إلى عطرٍ ، أسمو و أتبخَّرُ ،
أنتمي لنسمةِ حبٍّ
أغفو على شفاهِ أمنيةٍ
.. أغازلُ العلياءَ ... أراقصُ النَّجماتْ
، أنثرُ الجنونَ في الغيماتْ .
أتساقط مطراً بطعمِ الشهد ...
أغرقُ في عتمةِ شعركِ ذاتَ مساءٍ يشبهك
، أو أذوب في فنجان قهوتك صباح غرام .
أسكن فمكِ ..
أبرقُ في عينيكِ ...
أتدحرجُ على وجنَتيكِ ...
أعيشُ ضمنَ أغنيةٍ تردَّدُّها السماء .
أصفدُ أغلالَ الأسى ...
أغرِّدُ خارجَ سربِ واقعِنا
، يغادرني المكان ، و ينساني الزمان .
لا نوقِظيني .. دعيني في غيبوبَتي أهذيْ .
كلماتُكِ تحيِيني ،
حروفُكِ تبعثرُني و تعيدُ تكويني
عذوبتك ربيعٌ يجرِي في عروقي ،
يجددني .. يغذيني
طهرُك يشكِّلُني صلاةً كلَّ فجرٍ ،
وكلَّما جنَّ عليَّ ليلُ حزنٍ ... أراهُ نوراً يحتويني .
روحي أنتَ .. قالَتها ليهتزَّ الوجودِ بها و تنتشي الأحلامْ ...
قبَّلني النُّورُ .. عانقَني الفرحْ ... حلَّق نسرٌ في جبيني .
تنفسَتْني ... رأتْ قلبي ... سمِعتْ أنيني ،
سافرتُ في دمِها .... تنزَّهَتْ في شراييني .
شبَّهَتْني بالياسمين ...
خبَّأَتْني داخلَ نبضِها بصمتٍ يشتهيني
أخبرتُها بأنَّها ملهمَتي .. و جنونٌ يعتريني
منحَتني خلودَ شعرٍ ... و اصطفاءَ نغم
كل شيء داخلي صارَ طوعَ بنانِها
و قالَ لها .... نعمْ


القراءة :
ـــــــــــــــــ

الشاعر دمشقي
والغرض غزل دمشقي
النص لا يبحث عن تجنيس
تجنيسه في اشتغال الناص على أشياء الكلام


العنوان : غزل دمشقي

العنوان أدى الى كشف مبكر
حول اشياء الغرض

اقتباس:
في حُضنِ ليلةٍ سمراءَ

من خلال سطر عالي التركيز
استهل الدمشقي نصه
باشارة غير مباشرة
للدلالة الزمنيّة والمكانية لاشياء النص
علاوة على ايراده صفة من صفات الشخصية محور الغزل

اقتباس:
شبَّهَتْني بالياسمين
الياسمين من أشياء دمشق
لطالما ورد الياسمين ضمن المركبات الشعرية على اختلاف أغراضها
وهي تقترب من تلك الفيحاء الأجمل

اقتباس:
حُضنِ ليلةٍ
راقَصَتني كلماتُكِ
شفاهِ أمنيةٍ
قبَّلني النُّورُ
عانقَني الفرحْ
فمِ الوجد
الاستعارة المكنية كخيار بيان
من شأنها أن تؤنسن الدال
ليرتدي المدلول قشيب معنى
توزعت الاستعارات على امتداد النص فمكنته


اقتباس:
راقَصَتني سحبَتني لينزلقَ
يعانقُ ذاب لتحترق نذوب
تلاقَتْ ليلمعَ يهطلَ
افعال بصيغة الماضي والمضارع على اختلاف المعنى
أتت كأفعال حركة وطاقة
اتحدت في اطار اسقاط المشهد
من خلال اعادة اخراجه بلغة تصويرية

اقتباس:
تلاقَتْ غيمَتانا
ليلمعَ برقُ الاشتياق
و يهطلَ الغزل
الايحاء باستخدام الترميز / لقاء الغيمات كمدلول على لقاء الحبيبين
بناء الصورة من واقع الترميز / ليلمعَ برقُ
اكتمال الغرض من التصوير / يهطلَ الغزل
اسقاط لصورة تقليدية
باستخدام تقنية الايحاء والترميز والتشبيه التمثيلي
مما رفع من منسوب المخيال داخل الكلام

اقتباس:
كتفيكِ ..شفتيكِ وجنَتيكِ
امنحيني حرِّريني حوِّليني
المكان الزمان
النَّجماتْ الغيماتْ
تحيِيني ، تكويني يغذيني يحتويني
جبيني .أنيني
يشتهيني يعتريني
نغم نعمْ
اعتمد الايقاع الداخلي
على الجرس المؤتلف الذي أصدرته الكلمات
ليشكل اجتماع " بنيويّات الايقاع
الايقاع الكلي الذي " موْسقَ " الجملة الشعرية

اقتباس:
أسمو أتبخَّرُ أنتمي
أغفو أغازلُ أراقصُ
أنثرُ أتساقط أغرقُ
أذوب أسكن أتدحرجُ
أعيشُ أصفدُ أغرِّدُ
حمّل الشاعر الافعال المضارعة الذاتية
الحسية والصوتية والحركية
انفعالات الذات في حضرة الغرض
فشكلت حالة من التصاعد
في الاثر والتأثر والنتيجة

اقتباس:
تكلَّمي امنحيني
حرِّريني حوِّليني
اتى فعل الامر
في سياق التمني
وهو السياق المناسب غالبا لاغراض الغزل

اقتباس:
راقَصَتني سحبَتني تلاقَتْ كلَّمتْني
شبَّهَتْني خبَّأَتْني منحَتني
تنفسَتْني رأتْ سمِعتْ
سافرتُ تنزَّهَتْ
الأفعال الماضية
أتت في سياق الماضي القريب المرتبط
بالمدلول الزمني / وكلَّما جنَّ عليَّ ليلُ

على هامش التذوق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اقتباس:
قبَّلني النُّورُ ..
عانقَني الفرحْ ...
حلَّق نسرٌ في جبيني
قبَّلني النُّورُ .. عانقَني الفرحْ / متتاليات يبررها الشعور الذي تم تصويره على الورق
حلَّق نسرٌ في جبيني / حشو وجدته كذواق دخيلا على المتتاليات وبعيدا عن سياقها

أغرِّدُ خارجَ سربِ واقعِنا
الكلمة متدنية الشاعرية قياسا مع باقي كلمات المركب الشعري

أعيشُ ضمنَ
عبارة سردية لم تتصالح مع شاعرية النص


تحية للمبدع محمد الدمشقي
وقبل وبعد
هذا محض اجتهاد
والى لقاء مع نص اخر



البكرو وتوجعات على اعتاب ايفا


وختامه على الصليب ‏... ليليات الغزل ..تودد في محراب الحب
تباريح أنثى عاشقة ... نشيد من أوجاع البين..نسرين
توددات تشرين على أعتاب نسرين... بلاغ في الحب
حبيبة على غير العادة ... أنثى الكبريت
الى المرحومة حبيبتي...سكين وعاشق
استقالة من الحب..غزليات في العبير على ضفاف الغدير
مصلوبة الحب... على أطلال الحبيب
حنيني لليلى ... اين ابحث عنك


عناوين بعض نصوص البكرو
ما اتت جزافا فتحت كل عنوان هناك قصيدة
فيها الحب مراما ، توجعا ، وفيها صرخة البكرو
تعلن عن شكل النثى في كلمه وحتما في حياته


ونصَّبْتُكَ الإله في شِعري...
وأسكنتكَ قصور المرمرْ....
وفي كنائس عينيكَ صليَّتُ تارةً...
وتارة في جدائل شعركَ الأشقرْ...
( اين ابحث عنك / البكرو )


عاطفة الحب وامتدادها في شرايين الكلم الذي يسري حبره في شتى انواع الخطاب الادبي هي عاطفة متجذرة تشكلت بتشكل الادمي

قبل الخلق كان الحب للارض رسالة


وتغيرت سحنة الحب ليشمل العشق كدرجة او كتصنيف
ومن ثم الهيام كنتيجة وهنا في هذه القراءة المتواضعة

ساحاول القاء الضوء على تلك العاطفة
فيما تيسر من نثار روح الشاعر الغرّيد الدكتور اسعد بكرو
ولن يمنعني غيره



لا تعتبوا على النص والناص فقط كان يهذي قرب أطلال عزَّة (شيرين جلحوم)
ألا فاعلموا أن ذالك المنحنى الذي يتقوْزَح تقعرا هو ثغري حين أحزن فإن ظهر غداة هطل فإنما هو دمعي على نحو ما حين يتسومأ دمع الكبرياء من عيني ليقاتل تركيبة الشوق والفكر اللتيْن هما من شيعتي على من هو عدو لهما لأكزه متموسىً فأقضي عليه ولا أكون لغوي مبين
ألا حين تتكظمن حمصها و تتأضمن شهبائي

( أسكيمو ثلاجة الموتى...و القاتل حواء / البكرو)

مصلوب هذا الشاعر
على الوجع الممتد من حمص الى حلب
هو لا يرمز الى ماهية الوجع .. هو يُصرّح ، يشي ويصرخ
وكثيرا يقرر ( شيرين جلحوم )
يشهق ويزفر
مع انه يتنفس بصعوبة ( نسيج رئتي الذي تسرطن حبا وتفحم تبغاً والتهب صدَّا وتبلعم تعاسة )
لا يدرك وجعه الا هوَ
فالذي يتلقى نشيجه قد يرميه بالمبالغة
والذي يتلقى نشيده قد يرميه بانه زير نون
والذي يتلقف تشظيه قد تاخذه الدهشة
فلا يدري بما يرميه والى اين

بؤرة التوجع ومحال المنال
----------------------------

فــقال الحبيب بصــوت كســـــولْ= زمـيـلـي..صـليبي طويـل طويـلْ
فــإمـا خــمــورٌ و قـرع كــؤوسْ= وإلاَّ مــحــال أكـــون الــــعروسْ
فـخـذني إليـك وخــلِّ الـصـليـــبْ= على النحر يعمي عيون الشموسْ
وصـــلِّ لـــربــي إلـــــهً ثــــلاثْ= فــهـذا المـسـيـح وهـذي الطقوسْ
فـقـلـت حـبـيـبـي مـحالٌ أكــــونْ= لـغــيـر الإلــه كـسـيـراً ذلـيـــــلْ
أصْـحـبِـي تعالوا نحيـيِّ الشهيــدْ= شـهـيـداً أمـوت ولستُ قـتـيــلْ
فـهاتِ الصليب عليـه أمـــوتْ= تسيل دمــايَ...وصبري جميلْ
( وختامه على الصليب / البكرو )

الحب معجزة ؟ ربما
الحب لا يعرف المستحيل ؟
هنا اكد الشاعر المستحيل
فمحال ان ينتزع دينه من قلبه ليهنأ بحب اسميّ
اقيم على انقاض حب اسمى
فكان القرار
وكان ختامه على الصليب



النص : هي القدس
الناص : صقر أبو عيدة
قراءة زياد السعودي

النص :
ــــــــــــــــــــ


هِيَ الْقُدْسُ
فَلا طَيرٌ يُضامُ بِها وَلا غَرْسُ
وَإِنْ سَرَقوا صُخورَ الأَرضِ وَاخْتَرَقُوا
جِدارَ البَيتِ وَالْهَمَساتِ وانْطَلَقُوا
فَهلْ نَاخَتْ غُصُونُ اللَّوزِ وَالشَّمسُ ؟
وَما خَنَعتْ لَهم شَفَةٌ وَلا رَمْسُ
فَإِنْ بَقِيَتْ لَكمْ خَضْراءُ أَو رَمَقُ
فَقُومُوا إِنْ رَأَيتُمْ أَنَّها الْقُدْسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
حِجَارُ الجَدِّ نَكْسِرُها بِأيدينا ونَرْدُمُ فَوقَها البَلَدَا
وَخُضْنا في دُموعِ الأَمسِ نَسْتجْدي بِها مَدَدَا
وَنَحْبو فوقَ غُرْبَتِنا وبينَ ضُلوعِنا وَجَعٌ يَمُدُّ يَدَا
وَلم نَعلمْ بِأَنَّ القَومَ قد نَحَتوا بِفُرْقَتِنا لهم مَهْدَا
وَأَنَّ نَقابَةَ الشَّيطانِ قد رَقَصَتْ لهم وُدَّا
وَمِلْنا في ثَنايَا اللَّهْوِ والغاوُونَ قَدْ رَأَسُوا
****
هِيَ الْقُدْسُ
وَإنْ رَكِبوا عَناوينَ الدُّجَى والْجَورِ وَاخْتَلَسُوا
أَغَانِينا مِنَ الْحاراتِ وَالفَرَحِ الّذي دَعَسُوا
وفي غَسَقٍ منَ الأَيّامِ غَطُّوا كَيدَهم فِينا وَما نَعَسُوا
فَتِلكَ مَذارِفُ التّاريخِ تَغْرِفُ من مَكائِدِهمْ
وَظَنُّوا أنَّ زَجْرَ الرّيحِ قد يَجْثُو لهُ الْبأْسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
نَقولُ لهم خُذُوا الأنْفاسَ والنّظَراتِ والْعَضُدَا
وَكانُونَ الْخَبيزِ وفرْحَةَ الأَطْفالِ إذْ شَرقَتْ
خُذُوا الأَكْفانَ والأَسماءَ والأَنْواحَ وَالشُّهَدَا
وَجَذوَةَ بَرْدِنا وَالدَّمعةَ الحرَّى وَما شَهِدَتْ
خُذوا الثَّمراتِ والأشْعارَ والسُّمَّارَ وَالْولَدَا
فَكَرْملُنَا يَناجِي دَمعةً يَنْدَى بها الأَقْصَى
فَلنْ تَرِثُوا تُراباً منْ مَقابرِها وَلا وَتَدَا
سَقَينا وَردَهَا ألْوَانَ حُبٍّ خَافَهُ الْيَبَسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
وَإنْ فَرَضُوا خَراجَ الْمَوتِ أَو مَكَسُوا
نَقُولُ لهم مَراكِبُنا قَدِ امْتَخَرتْ فلنْ تَرْسُو
عَلى شَطٍّ يَذوبُ به ضِياءُ الوَحْيِ والقَبَسُ
فَدَرْبُ الشَّعْبِ يَرْعُفُ أَنْفُهُ ناراً لمنْ يَئِسُوا
وَأُخْتُ جِراحِنا نَطَقتْ بما تَهفو لهُ النَّفسُ
وهَبَّتْ منْ (مَيادينِ) العَزاءِ فَغَرَّدَ الْعُرسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
وَإنْ دَهَنُوا خُدودَ الفَجرِ بِالألْغامِ والجُدرانِ والمِلَلِ
أوِ انْتُزِعتْ مَساطِبُ دُورِنا منْ حِضنِها غَصباً ولم تَزَلِ
فَكمْ منْ أُمَّةٍ نَفَثَتْ حَناجِرُهَا نَسيمَ السَّهلِ وَالْجَبَلِ
وَتُهدِي دِفأَها غَدَقاً لمنْ يَأَتِي بِغيرِ الْغِلِّ والبَارودِ وَالوَجَلِ
عَصافيرُ البِلادِ تَنامُ في حِضْنِ الضُّحَى هَرَباً مِنَ الْوَهَلِ
إِذا سمعتْ نُشوزَ اللَّحْنِ يَسْري في نَدَى الكَلِماتِ تَبْتَئِسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
وإنْ غَاروا عَلى حُلْمٍ نَما في القلبِ والوَلَدِ
وَجَفَّتْ بَينَ أَيديهمْ عُروقُ التِّينِ منْ كَبدِ
فَغَزَّةُ تَجْمعُ النَّسَماتِ تُرسِلُها إلى اللُّدِّ
وَتَذْرِفُ حُبَّها مُزْناً إلى أَمَلٍ يُناغِيها
تَقولُ لمنْ جَفا بَلداً منَ الأَحْزابِ واللَّدَدِ
فَزَهرةُ قُدْسِنا تَرْنو لمنْ في قَلبِهِ الْقُدْسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
تُقَلِّبُ وَجْهَها بينَ السَّماءِ وسُورِ خِلاَّنِ
تُحِيكُ ثِيابَها بينَ الْهُمومِ وَقَسْوَةِ الْجَانِي
تُحَزِّمُ شَوقَها تَلقَى الْمَسيحَ بِصُحْبَةِ المهْدِي
هُنَا امْتَدَّتْ ظِلالُ اللَّيلِ واخْتَصَمُوا لِنيرانِ
خَريطَةُ أَرْضِنَا قُسِمتْ لها عَلَمٌ وشَعْبانِ
فَحاقَ بِهمْ لِسانُ القَهْرِ والأَفراحُ تَنْدَسُّ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
إِمامُ الأَنْبِياءِ هُناكَ صَلَّى وارْتَقَى فَخْرَا
تَلاهَا الْقَلْبُ تَنْزيلاً وكانَتْ قِبْلَةً أُولَى
وَمَسْجِدُها تُشَدُّ لهُ رِحالٌ تَنْشُدُ الأَثَرَا
بِعِزَّةِ مُؤْمِنٍ فُتِحَتْ وذا الفَاروقُ قدْ جَلَّى
صَلاحُ الدّينِ مدَّ لها رُواقَ الضَّوءِ والسُّتُرَا
فَما شَقِيَتْ كَنَائِسُ بَعدَهُ يَوماً ولا كُنُسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
لَبَسْمَتُها تُضِيءُ لنا وإنْ غَارتْ هُنا الشَّمْسُ
أَيَا ابْنَ كُرومِ مَنْ رَضَعوا عَناقِيدَ النَّهاراتِ
أَإِنْ بَهَتَتْ شُمُوعُ الدَّربِ وانْطَفأَتْ لِمَرّاتِ
تَرَى عَثَراتِ نَجْمَتِنا تَحُطُّ هُنا وَلا آتِ
أَغَيرُ اللهِ يَفتقُ نَبعَ صَحْوَتِنا فَيَنْبَجِسُ ؟
*****
هِيَ الْقُدْسُ
فَوَيلٌ لِلّذي تَركَ الحياءَ وَغَبَّهُ الرَّمْسُ
ولم يَكُ قدْ جَرى في عِرْقِهِ غَضبٌ أَوِ الزَّحْفُ
وَظَنَّ حَفاوَةً بَينَ الْخَوَالفِ أَنَّها شَرَفُ
إِذا رَقَصَتْ لهُ الدّنيَا يَهيجُ بِدَرْبِنا النَّزْفُ
فَكيفَ تَعودُ أوتارٌ تُرفْرِفُ فَوقَها القُدْسُ
*****
هِيَ الْقُدْسُ
هُنا الزّيتُونُ يَدْمعُ منْ صَدا التَّاريخِ يَنْفَطِرُ
صُخُورُ الطُّورِ في (زَيتا) رَأَتْ قَطْراً وَتَنْتَظِرُ
لِمنْ يَأتي على رُمْحٍ يَدُكُّ الأَرضَ لا يَذَرُ
يُكَحِّلُ شُفْرَ جَفْنَيها وَيَروي عَينَها الْمَطَرُ
يَرى قَبَساً وَإنْ تَتَبَسَّمُ الْعَثَراتُ وَالْغَلَسُ
*****
لَنَا الْقُدْسُ


القراءة :
ـــــــــــــــــــــــ


القضية الفلسطينية قضية محورية تاريخية معني بها كل عربي شريف أولا
وكل انسان يقدّر قيمة الانسانية ثانيا.
البندقية، الشهيد،المعتقل،الانتفاضة، الحجر، والقلم مفردات اوجدتها القضية الفلسطينية
لتكون هي لغة الارض التي تقبل غصن الزيتون زرعا طيبا
لا غصنا نلوّح فيه رمزًا لاتفاقيات استسلام ترتدي عباءة السلام
وستبقى هذه المفردات تقول بملئ ارادة الفلسطيني والعربي الشريف :
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

في قصيدة الشاعر الفلسطيني صقر أبو عيدة والتي عنونها بـ "هي القدس" وانهاها بـ "لنا القدس"
نجد ما بين هِيَ الْقُدْسُ كعنوان ولازمة توكيدية تكرارية ولنا القدس كقفلة
نجد اشتغالات داخل اللغة داخل الغرض داخل الشعر
اشتغالات تدل على تمكن الشاعر من أدواته، واغتنامه للعاطفة الملتصقة بأشياء غرضه
في حيّز المكان والزمان .


العنوان " هِيَ الْقُدْسُ جعل منه الشاعر مفتاحا لمقاطع قصيدته المقطعية التي استلهمت موسيقاها الخارجية من تفعيلة الوافر ( مفاعلتن) وما ترتّب من زحافاتها في أطار قصيدة التفعيلة، و تنوع فيها الايقاع الداخلي في اطار المقطع محققا الموسيقى من إيقاع التجانس الناجم عن تشابه جرس الحروف ( سَرَقوا ..اخترقوا ..انْطَلَقُوا ..رَمَقُ / فَرَضُوا .. مسكوا / بِأيدينا .. بِفُرْقَتِنا / الأشْعارَ .. السُّمَّارَ / شرقت ..شهدت) ومن إيقاع التجانس اللفظي ( الأَكْفانَ .. الأَسماءَ .. الأَنْواحَ / الألْغامِ .الجُدرانِ ) ومن استخدام يتيم للجناس (السَّهلِ وَالْجَبَلِ) .

تنوع الايقاع على امتداد المقاطع ما بين السين المضمومة ، والدال مطلقة الالف،والراء مطلقة الألف ، والنون المصحوبة بصوت الياء الناجم عن اشباع حركة كسرالنون ، والتاء المكسورة ، والفاء المضمومة والراء المضمومة ، ليبقى جرس السين المضمومة ثابتا في نهاية كل مقطع ، والسين من حروف الصفير وهي الحروف الأسلية المتقدمة .

ان النسق التكراري الذي مارسه الشاعر من خلال (هِيَ الْقُدْسُ) من شأنه أن يُحدثَ الاثر الانفعالي في نفس المتلقي وهو يتناول المقاطع من خلال هذا النسق كمفتاح للمضمون العام للمقطع والقصيدة بمقاطعها ، فقد ورد اسم القدس في القصيدة ستة عشر مرة ، استخدم الشاعر في المقطع الأول اللغة الوصفية ليأتي على ذكر فضائل القدس حتى اذا ما عرفها الرائي توجّب عليه القيام تبجيلا (فَقُومُوا إِنْ رَأَيتُمْ أَنَّها الْقُدْسُ ) واستخدم هنا فعل الامر قوموا بمعنى مجازي بلاغي قوامه النداء.

وظف الشاعرالامكنة في السياق الشعري من خلال صور شعرية مبتكرة
(فَكَرْملُنَا يَناجِي دَمعةً يَنْدَى بها الأَقْصَى / فَغَزَّةُ تَجْمعُ النَّسَماتِ تُرسِلُها إلى اللُّدِّ) كرمز لمدلول وحدة الحال والمصير والوجع لأشياء جغرافيا فلسطين التي كانت تملك تاريخا كتبته باحرف من نور واصبح تاريخها الان بحبر النكبات والنكسات والوجع .

أسقط الشاعر داخل اشتغالاته عدة توظيفات دينية تاريخية (تَلاهَا الْقَلْبُ تَنْزيلاً وكانَتْ قِبْلَةً أُولَى) فالقدس هي القبلة الأولى التي ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتوجهون إليها في صلاتهم منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة للبعثة المحمدية، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، وظلوا يصلون إليها في مكة، وبعد هجرتهم إلى المدينة، ستة عشر شهرًا، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة، (وَمَسْجِدُها تُشَدُّ لهُ رِحالٌ تَنْشُدُ الأَثَرَا) وفيه اشارة للحديث النبوي الشريف (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد: المَسْجِدِ الحَرَام وَمَسْجِدِي هَذَا وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى) واشارة الى العهدة العمرية (الفَاروقُ قدْ جَلَّى ) ومن ثم اشارة لتحرير بيت المقدس على يد صلاح الدين الايوبي ( صَلاحُ الدّينِ مدَّ لها رُواقَ الضَّوءِ والسُّتُرَا) ، وفي الجملة الشعرية (صُخُورُ الطُّورِ في (زَيتا) رَأَتْ قَطْراً وَتَنْتَظِرُ) تم توظيف فقرية زِيتا هي قرية فلسطينية تتبع محافظة طولكرم يعود تاريخها إلى العصر الروماني وقد سميت هكذا نسبة إلى زوجة أحد القادة الرومان، والطور جبل بالقدس عن يمين المسجد، ويعرف بطور زيتا، و وروي أن إبراهيم (عليه السلام) بنى الكعبة من أربعة جبال ، ففي تاريخ دمشق:2/348(فلما كان إبراهيم أراه الله تعالى مكانة البيت فأتبع منه أثراً قديماً فبناه من طور زيتا ، وطور سينا ، ومن جبل لبنان ، ومن أحد ، وحراء ، وجعل قواعده من حراء ).

ويهدف الشاعر من خلال هذه التوظيفات، تاكيد الاستحقاق الاسلامي العربي في ارض فلسطين، الذي فقدنا تمسكنا وايماننا به للاسف، في حين يؤمن به الاحتلال الصهيوني ويعرف مدى اهميته، لذلك ما انفك يسعى الى طمس هذه الحقيقة وتهويد القدس والارض الفلسطينية .

تضمّنت الاساليب التي اعتمدها الشاعر في بناء منجزه الشعري النفي بشقيه الصريح (فَلا طَيرٌ يُضامُ بِها وَلا غَرْسُ/ لمنْ يَأَتِي بِغيرِ الْغِلِّ والبَارودِ وَالوَجَلِ / وَلم نَعلمْ / لم يك / لم تزلِ / ما خَنَعتْ لَهم شَفَةٌ / وَما نَعَسُوا / ما شَهِدَتْ / ما شَقِيَتْ ، لنْ تَرِثُوا) والضمني (أَغَيرُ اللهِ يَفتقُ نَبعَ صَحْوَتِنا) ، وأسلوب الإستفهام (فَهلْ نَاخَتْ غُصُون ؟ / أَغَيرُ اللهِ يَفتقُ نَبعَ صَحْوَتِنا فَيَنْبَجِسُ ؟) واسلوب الشرط (إِذا سمعتْ نُشوزَ اللَّحْنِ .. تَبْتَئِسُ / إِذا رَقَصَتْ لهُ الدّنيَا يَهيجُ ) واسلوب الامر (فَقُومُوا إِنْ رَأَيتُمْ أَنَّها الْقُدْسُ ) بمعنى مجازي بلاغي يفيد الدعوة، (خُذُوا الأنْفاسَ / خُذُوا الأَكْفانَ / خُذوا الثَّمراتِ ) بمعنى مجازي بلاغي يفيد التهديد والتحقير، واسلوب النداء (أَيَا ابْنَ كُرومِ مَنْ رَضَعوا ) .

اغتنم الشاعر الاستعارة المكنية بحذف المشبه به وهو الإنسان وذكر شيء من لوازمه (دُموعِ الأَمسِ/وَجَعٌ يَمُدُّ يَدَا /مَذارِفُ التّاريخِ / فَكَرْملُنَا يَناجِي/ دَمعةً يَنْدَى بها الأَقْصَى / هِيَ الْقُدْسُ نَقولُ ..تُقَلِّبُ وَجْهَها.. تُحِيكُ ثِيابَها.. تُحَزِّمُ شَوقَها / تَلاهَا الْقَلْبُ / رَقَصَتْ لهُ الدّنيَا / الزّيتُونُ يَدْمعُ / صُخُورُ الطُّورِ في (زَيتا) رَأَتْ / تَتَبَسَّمُ الْعَثَراتُ / دَرْبُ يَرْعُفُ أَنْفُهُ)، والتمثيلية (فَهلْ نَاخَتْ غُصُونُ اللَّوزِ ؟) فقد خرج بمعنى الاستفهام الى النفي فحالة القدس في عزتها وكبريائها حال الغصون التي لا تنحني.

الصور الشعرية انبثقت من رحم الغرض وما ترتب عليه من وجع والم وحسرة باقية ما بقيت فلسطين محتلة، فها هو الشاعر يصور حالة وجع وغربة ابناء فلسطين (وَنَحْبو فوقَ غُرْبَتِنا وبينَ ضُلوعِنا وَجَعٌ يَمُدُّ يَدَا ) وحال الزيتون ككناية عن الارض والناس ( هُنا الزّيتُونُ يَدْمعُ منْ صَدا التَّاريخِ يَنْفَطِرُ) وصورة اخرى تحمل مضمون جلد الذات (وَمِلْنا في ثَنايَا اللَّهْوِ والغاوُونَ قَدْ رَأَسُوا)، وصرة تحمل وحدة الحال والوجع برمزية المكان (فَكَرْملُنَا يَناجِي دَمعةً يَنْدَى بها الأَقْصَى)، وبصورة أخرى يبرز جانب النضال وجدواه ( نَقُولُ لهم مَراكِبُنا قَدِ امْتَخَرتْ فلنْ تَرْسُو) وصورة الانقسام (خَريطَةُ أَرْضِنَا قُسِمتْ لها عَلَمٌ وشَعْبانِ)، واغدق الشاعر على نصه بالصور الشعرية المركبة ( لِمنْ يَأتي على رُمْحٍ يَدُكُّ الأَرضَ لا يَذَرُ/يُكَحِّلُ شُفْرَ جَفْنَيها وَيَروي عَينَها الْمَطَرُ) .

القصيدة احتوت على معظم مخرجات مدرسة التفعيلة فاتت فاتنة البيان عالية الكعب مشدودة المعنى داخل المبنى

والى لقاء مع نص آخر





النص : لن ننسى
الناص : أحمد الشيخ

لن ننسى

ما زالَتْ العيونْ تجري
تنظرُ صوبَ الوطنْ
فتضيقُ الأخاديدُ و التجاعيدُ
في الغربةِ
ولم ينكشفْ بعدُ الستارْ
ما بين اللّجوءِ والعودةِ
حواجزٌ وأسلاكٌ
موانئ تنتظرُ الأفلاكَ
وتبقى الحدودُ ويطولُ الحصارْ
مفتاحُ بيتِنا خبأتْهُ جدّتي
في خبايا صدرِها قريباً من قلبِها
كانتْ تقصّ لنا حكايَةَ
شجرةِ التّوتِ في فناءِ الدّارْ
وهناكَ يبقى الزيتونُ
يتوقُ للحظةِ القطافِ
يقاتلُ البعدَ والجَفافَ
والجذعُ راسخٌ أمامَ آلةِ الدّمارْ
ما زلنا نروي سواقي الوطنْ
ندوّنُ سطورَ الوفاءْ
ونعلنُ للملأْ ...ولكلّ منْ صبأْ
أن المخيّمَ ضاقَ بالانتظارْ
يهتاجُ الحنينُ لا يستكينْ
وعلى الجدران ملصقاتٌ
تتصافَحُ صورُ الشّهداءِ
تحدّقُ في عيونِ الرفاقِ
ترنو للانتصارْ
نشتاقُ للكرومِ للبياراتِ
ولطينِ قريتنا ولحلقاتِ الدّبكةِ
للشبابةِ تجتاحُ السّهرَ
ولعزفِ النّاي والمزمارْ
مازالَ اللّوزُ في بستانِنا عاقرا
لا يثمرُ منذ اغتيالِ البراعمَ
مذْ رحلَ غبارُ الطلعِ مع أيارْ
مذْ تمرّدتْ الأوراقُ على جيلٍ
من الأغصانِ المتدليّةِ
فلغَةُ الغناءِ لم يعدْ يتقنها
زهرُ الجّلنارْ
لأنّ كلّ زهرةٍ تحتاجُ للغبارْ
تحتاجُ للمهرِ والمهرُ لقاحٌ
كي ينمو التّاجُ والخاتمُ والسّوارْ
وكلّ مرّة نسقطُ بالكلامِ
الوعودِ المزيّفةِ والتخريفِ
ولا نأبَهُ للهشيمِ المستعر بالنّارْ
نعلنُ وفاةَ جولةً أخرى
ونفادَ صبر فارسٍ من صولَةٍ
ونفادَ رصاصاتٍ منْ جعبَةٍ
ويأسْنا من نشراتِ الأخبارْ
فقدْ كفتْنا الأممُ شرّ الحربِ
ووبالَ الهزيمةِ والدّمارْ!!
وتبقى للبراقِ الأرضُ قدسٌ
والسّماءُ معراجاً في طريقِ النّورِ
ونقولُ و نردّدُ
هل سنصلي ركعتي السّفرِ
أم لم يبدأ بعدُ المشوارْ ؟
وكي لا نخطئ في الفِقْهْ
سنجمعُ كلّ صلاتين في واحدَةٍ
ونُقْصِرُ لأنّ الحربَ لم تنتِهِ
فلا زالَ فينا رمقٌ ونبضٌ
ولا زالَ معنا الواحدُ القهّارْ
نعلنُ أنَ فلسطينَ الحزينةُ
هي أرضُ الطّهرِ
أرضُ الرّباطِ وبوصلةُ الثّوارْ
وأنّها غرسُ العروبَةِ
مهدُ البدايَةِ ومنبتُ الأشعارْ
قسماً بمنْ بارَكَ بالسّحرِ وباللّيلِ
في تهجّدِ القائمينَ
وبمنْ طوى النّهارْ
قسماً بمنْ باركَ بتيننا
بزيتونِنا وبكلّ شبرٍ هناكَ
مزروع بالصّلاةِ وبالحياةِ
بمنْ جعلَ الأقصى قِبلَةَ الأطهارْ
سنعودُ وستغنّي وتنشدُ
معنا الأسرابُ والرّفوفُ
ستغرّدُ معنا الطّيورُ
يعزفُ اللّحنَ الكنارْ
سنعودُ وكلّ الدّموعِ
ستحكي عن كلّ ذكرى
عن كلّ جرحٍ وسجنٍ
عن كلّ ندبٍ اندمَلَ وغارْ
كما يسلخُ النّورُ جلدَ الظّلامْ
كما ينسِجُ الرّبيعُ سهولَ الأحلامْ
عائدونَ ليزهرَ اللّيمونُ
لترتوي بالمَطَرِ الآبارْ
كي تفرحَ الرّوابي والتّلالْ
تسمرُ الهضابُ والشّطآنُ
نوشّحُ الكوفيّة بالعِقالِ
فيزغرِدُ لطلّتها الخمارْ
لم ننسَ الحقولَ
ولا البيادرَ ولا السّواقي
ولا الأغمارْ
لم ولن ننسى القسطَلَ
لن ننسى الكرامَةَ في آذارْ
ولا كلّ نقلةٍ في كلّ سفرّةٍ
لم ولن ننسى أنّ التّاريخَ
تَصنعهُ- سواعدُ الأحرارْ

الخامسْ عشرَ من أيارْ من كلّ عامْ
أحمد الشيّخ
كتبت بتاريخ 14 / 5 / 2012


الاجتهاد ....

دلالة العنوان :
ـــــــــــــــــــــــــــــ

العنوان بمركب :
( لن ننسى )
أتى جازما حاسمًا قاطعا ممهدا لما سيأتي من اشياء الوطن التي لم ولن ينساها الشاعر
ولم ولن ينساها الفلسطيني مهما مارست اللاعودة جبروتها على أعصابه

تاريخ النص :
ـــــــــــــــــــــــ

الرابع عشر من أيار

أتى بمحمول دلالي كونه سبق ذكرى "النكبة" الموافق 15/أيار بيوم
وأتى تصريحا من خلال كناية متقنة داخل النص :

مازالَ اللّوزُ في بستانِنا عاقرا
لا يثمرُ منذ اغتيالِ البراعمَ
مذْ رحلَ غبارُ الطلعِ مع أيارْ


الاستهلال :
ــــــــــــــــــ
ما زالَتْ العيونْ تجري تنظرُ صوبَ الوطنْ

" تأشير" للوطن السليب المحتلّ الذي ترحل العيون والافئدة صوبة

المتن :
ـــــــــــــــ

فتضيقُ الأخاديدُ و التجاعيدُ في الغربةِ

مركب " توجعيّ المضمون "
يجعلنا نقف على الحالة والبيئة التي انطلق منها النص
كتلبية لحالة الالحاح التي تسبق الكتابة

مفردات الوطن : ..اللّجوءِ ..العودةِ الحواجزٌ .. الأسلاكٌ .. الموانئ .. الحدودُ .. الحصار
شجرةِ التّوتِ .. فناءِ الدّارْ.. اللوز .. الزيتونُ .. المخيّم .. الشهداء ..

مفردات جيشها الشاعر في ( لن ننسى )
وهي مفردات عامة معجميا
لكنها اتخذت خصوصيتها في أدب المقاومة الفلسطينية
على مدار تاريخ طويل اكتظّ بالخيبات والآمال بالأحلام والنكسات ...

مفتاحُ بيتِنا خبأتْهُ جدّتي
في خبايا صدرِها قريباً من قلبِها


تضمين رمزية المفتاح التي وثقتها الكثير من نصوص ادب المقاومة


حكايَةَ ....
شجرةِ التّوتِ في فناءِ الدّارْ
ما زلنا نروي سواقي الوطنْ
يهتاجُ الحنينُ لا يستكينْ


تناول الشاعر الحنين
ذلك القاسم المشترك الأعظم لكل اللذين أُخرجوا من ديارهم
بفعل المحتل او بفعل المتامرين
من خلال مركبات شعرية سلسة
مرتبطة بالبيئة التي كانت مسرحا للحكاية

نشتاقُ للكرومِ للبياراتِ
ولطينِ قريتنا ولحلقاتِ الدّبكةِ
للشبابةِ تجتاحُ السّهرَ
ولعزفِ النّاي والمزمارْ


استعرض الشاعر حفنة من الذكريات كمادة للحنين
من خلال لوحة شعورية حركية صوتية
حملتها المركبات الشعرية

فلغَةُ الغناءِ لم يعدْ يتقنها زهرُ الجّلنارْ
وكلّ مرّة نسقطُ بالكلامِ الوعودِ المزيّفةِ والتخريفِ
ولا نأبَهُ للهشيمِ المستعر بالنّارْ
نعلنُ وفاةَ جولةً أخرىونفادَ صبر فارسٍ من صولَةٍ
ونفادَ رصاصاتٍ منْ جعبَةٍ ويأسْنا من نشراتِ الأخبارْ
فقدْ كفتْنا الأممُ شرّ الحربِ ووبالَ الهزيمةِ والدّمارْ!!


لأن النص ليس من وليدات " الفانتازيا "
ولان الناص على تناص مع واقع قضيته رغم غربة وقسوة اللجوء
ضمّن نصه اشارات قوية صارخة للتخاذل العربي وللتآمر الدولي
من خلال " انفوجراف " شعري متقن

وتبقى للبراقِ الأرضُ قدسٌ
والسّماءُ معراجاً في طريقِ النّورِ


وفي بؤرة ميقة من النص
وظف الشاعر رمزية المقدس
كاستحقاق لفلسطين بما تحمله من قدسية
بإشارة الى معجزة الاسراء والمعراج

فلا زالَ فينا رمقٌ ونبضٌ
ولا زالَ معنا الواحدُ القهّارْ


دفقة الأمل الذي لا ينتهي اختار له الشاعر " مازال "
كإنزيم لاستمرارية النضال وديمومة حضور القضية

نعلنُ أنَ فلسطينَ الحزينةُ
هي أرضُ الطّهرِ
أرضُ الرّباطِ وبوصلةُ الثّوارْ
وأنّها غرسُ العروبَةِ
مهدُ البدايَةِ ومنبتُ الأشعارْ


اختيار موفق للفعل الجمعي " نعلنُ "
كفعل منبري له تأثير قوي
يحمل الانفة والثورة كمنتج فلسطيني
حقنته القضية في أوردة ابنائها

سنعودُ..ستغنّي ..ستغرّدُ..ستحكي

أفعال مستقبلية جعل منها الشاعر مفاتيح لمركبات شعرية
تؤكد ما حقنته القضية في أوردة ابنائها

عائدونَ ليزهرَ اللّيمونُ
كي تفرحَ الرّوابي والتّلالْ
نوشّحُ الكوفيّة بالعِقالِ


عائدون .. اسم جمعي مستحق
تاثيره قوي لانه وان تلاه مركبات شعرية
الا ان هذه المركبات اتت كتقرير صارخ

القسطَلَ .. الكرامَةَ

ضمن الشاعر نصه بعض النقاط المضيئة
في مسيرة الصراع العربي الصهيوني

القفلة :
ـــــــــــــــــ

لم ولن ننسى أنّ التّاريخَ
تَصنعهُ- سواعدُ الأحرارْ


اختتم الشاعر نصه بهذا المركب التثويري الهادر
وعبر مفاصل النص لم نلاحظ اللغة الجنائزية وجلد الذات والنكوص
أتى النص توثيقيا تصويريا فنيا بيانه طيب القسمات
ورسالته وطنية مقاومة

هذا اجتهادنا .. والى اللقاء مع نص آخر




النص : الإعصارات السافـلة
الناصة : فاطمة الزهراء العلوي
قراءة : زياد السعودي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص
ـــــــــــــ


الإعصارات السافـلة


تقطري يا فصول العدم ظلاما
خذلوا الحلم فيكـ
لم يعد طليقا
انتعله السؤال شكوكا
انتعله كدرا ووباء...


ياحمولة الإعصار السافـل
تيهي انحدارا
واستلقي بين الجوانح نارا
فالأرض منتفخة بالوجع
وسيول الليل مـُلـَبـَّدة بالاستحالات

ارتجف الأمـان فيك زمني
ضاع الضياء
يا أبناء وطني
والنهر جبان التف بالجفاف
نقض العهد
رَحـَّلَ الطيورَ كبرياء..
و...
الجسد عـليـل
يقتات على المحن
يـَجْـتـَاحهُ الهذيان
ومــداهُ
تـَحـَدرتْ بالنبض..
تراجعـتْ مـُكـْرهة خلايا الكلمات
خـَطـَتْ بـِكـْرا
وغابة من شماتة
إجْتُـثَّتْ منها خضرة العطاء


الجسد بألف جسد
زحمة من نواح
يشرعـني دجى
لا تمسكـ ُ بها أنوار
وسفينة تتبرا منها المياه
أيها الإعصار السافل
لن يسكت النبض ُ
والسبيل جوقة ماء
تفسح فيه الاغترابات ضوء
أيها الإعصار السافل
غدا
سيطلع من جمر دمارك
الصبح...




القراءة
ـــــــــــــــــــــــ


اقتباس:
الإعصارات السافـلة


الاعصار كمفردة
دلالتها معروفة
من خلال ما ينتج عنها من دمار واقتلاع وإقصاء و... الخ

اقتباس:
الاعصار السافل


السافل مفردة أدت الى مزيد من التخصيص
بحيث أتت لتشي ببؤرة الاعصار كمنتج انساني
لا كمنتج طبيعي
رغم تشابه في الاثر التدميري

وهذا يسجل للعنوان حضورا


اقتباس:
تقطري يا فصول العدم ظلاما
خذلوا الحلم فيكـ
لم يعد طليقا
انتعله السؤال شكوكا
انتعله كدرا ووباء...


الاستهلال المنطلق من اشياء العنوان
ذهب مباشرة الى الغرض الشعري
بقرينتي : العدم والظلام
ليكون الحلم مغدورا كنتيجة حتمية
لبيئة تشكله / العدم الظلام

اقتباس:
ياحمولة الإعصار السافـل
تيهي انحدارا
واستلقي بين الجوانح نارا


التصاعد في تناول اشياء الغرض
بدأ باسلوب النداء
وهو من الاساليب التي تشد بنيان النص الشعري
ولعله الاسلوب الكثر شيوعا
في النصوص المنبرية التي تحاكي اشياء الوطن

اقتباس:
فالأرض منتفخة بالوجع
وسيول الليل مـُلـَبـَّدة بالاستحالات


وعلى اعتبار ان النص
مخلوق ياتي بعد مخاض الكتابة
فان هذا المركب الشعري
شكل البعد النفسي للنص / المخلوق
ليشكل تناصا مع الاستهلال ومع العنوان من قبل

اقتباس:
تـَحـَدرتْ بالنبض..
تراجعـتْ مـُكـْرهة خلايا الكلمات


تاخير محمود لخلايا الكلمات
في تركيب الجملة
احدث فارقاً بيانيا ماتعاً

اقتباس:
ارتجف الأمـان فيك زمني
ضاع الضياء
يا أبناء وطني


الاستهلال
والتصاعد في البناء الشعري
كان يشي بان النص ذاتي وجداني
لكن :

بالارتجاف والضياع
والارض المنتفخة بالوجع
ومخاطبة الوطن من خلال / ابناء

انطلق النص الى ما هو ابعد من الذاتية والوجدان
لتشرك الناصة المتلقي في النص
فيسحبه على اشياء الاوطان التي تستباح
في ظل الصمت والخنوع
الجغرافيا حتما عربية
والتاريخ حتما عربي

اقتباس:
النهر جبان التف بالجفاف

الجسد عـليـل يقتات على المحن

لن يسكت النبض ُ

سيطلع من جمر دمارك الصبح...


برز اسلوب التقرير الانشائي
في البناء الشعري للعمل
وتوزع على جسد القصيد
من متنه حتى قفلته وساهم في اعطاء النص لكنة منبرية

اقتباس:

ظلاما / طليقا / شكوكا
كدرا / وباء / انحدارا
نارا /
الضياء / الكبرياء / العطاء
زمني / وطني


اجراس الحروف والحركات
اثرت الموسيقى الداخلية لاشياء الكلام


النص لم ياتِ مباشرا
للتعامل مع جغرافية محددة لوطن محدد
النص اتى مفتوحا على حالة اي وطن يغزوه الوجع
وتقتات عليه الخيبات
في ظل صمت اهله وذويه

ميمون اشتغالكم داخل غرضكم
والى لقاء مع نص آخر
وقراءة اخرى


كل التقدير



الناصة : نوال البردويل
النص : سقط الشراع

النص :
ـــــــــــــــ


سقط الشراع على شواطئ صمتنا
عَمِهَ السؤال على الشفاهِ
وفي خضم الصمت لم يجد الجوابْ
حل الخريف مبكراً
والبلبل الصداح مكسور الجناحْ
مذ حام في البيت الغرابْ
وجراحنا يزداد يوما بعد يوم عمقها
ألم رهيب غارَ بين ضلوعنا
عم اليبابُ
وفي الحناجر كاد يختنق الجوابْ
خلف الدخان تيبس الغصن الرقيقُ
على الزنود العارياتِ
وفي الأزقة بات يحترق الترابْ
برصاص حقد شوهوا وجه النهارْ
قتلوا الأجنة في بطون الأمهاتْ
والحلم أصبح كالسرابْ
أين العدالة يا أولي الألباب؟
أين الكرامة ضُيعت؟
هل من يجيب تطفلي بعد ارتياب!
أفّ لقوم ارتضوا حكم الكلابْ
وتستروا خلف الضبابْ
عجبًا أيهنأ عيشكم
والقدس ينزف جرحها
وعدوها ينجو طليقا...
لا حساب ولا عقاب !

الاجتهاد :
ـــــــــــــــــ

العنوان ما بين الدلالة والمدلول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سقط الشراع
أتى العنوان بجملة فعلية
يحمل كناية عن صفة
للخروج بدلالة بداية الهزيمة كنتيجة
وعليه فقد أثث العنوان
لحالة الالحاح التي تسبق الكتابة
ومهّد للجوّ المتوقع للنص

الكناية
ــــــــــــــــــــ

وتتالت الكنايات ...
عَمِهَ السؤال على الشفاه
كناية عن الضياع والتشظي وحضور الصمت
حل الخريف مبكراً
كناية عن التلاشي وخيبة الآمال
عم اليبابُ
كناية عن الخراب
وتم توظيف الغراب
كمدلول يؤدي الى دلالة الكناية


حضور المعجم في اشياء القصيدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتى حضور المعجم طفيفا تمثّل في :
عمِهَ : لَمْ يَعُدْ يَدْرِي أَيْنَ وِجْهَتُهُ
اليباب : الخراب ، الخالي
أفٍّ : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجَّر تعبيرًا عن الازدراء


التقديم والتأخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الجرجاني :
( و لا تزال ترى شعرا يروقك مسمعه
ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك و لطُف عندك
أن قدم فيه شيء و حول اللفظ من مكان إلى مكان )
ونجد الناصة
قد مارست منهج بلاغي
من خال اسلوب
التقديم والتاخير وتبديل مواضع اللفظ :
حام في البيت الغرابْ
في خضم الصمت لم يجد الجوابْ
في الحناجر كاد يختنق الجوابْ
في الأزقة بات يحترق الترابْ
والحلم أصبح كالسرابْ
أين العدالة يا أولي الألباب؟

والهدف من اسلوب التاخير في المقتبس أعلاه
هو التشويق إلى الكلام المتأخر
لما يحتويه من ايقاع جرسي

ألم رهيب غارَ بين ضلوعنا
الهدف من اسلوب التاخير في المقتبس أعلاه
اعطاء الصدارة للألم
كأثر ونتيجة
لمحاور القصيد
من سقوط الشراع بما فيه من كناية إلى :

عدوها ينجو طليقا...

واعطاء الصدارة للعدو من خلال اسلوب التقديم والتاخير
كفاعل اقترف ما اقترف ونجا

التفعيلة
ــــــــــــــــــ

متفاعلن بنت الكامل العريضة الخيارات
تمددت في مركبات النص وكانت مطواعة
وتمكنت الناصة من تحميلها غرض القصيد

الايقاع
ــــــــــــــــــــ

وحدات الايقاع التي ثمثلت
بجرس رئيس
من خلال الالف الممدوة المتبوعة بالباء الساكنة
وجرس ثانوي
من خلال الالف الممدودة المتبوعة بالتاء الساكنة
أجراس تكفلت في ابراز موسيقى متفاعلن المرهفة
برغم من التكرار القريب لجرس ومفردة الجواب

القفلة :
ــــــــــــــــــــ

القفلة تضمنت اسلوب الاستفهام
والذي قفز الى
معنى بلاغي
يفضي للاستنكار والاستهجان


النص اقتصد في اللغة
وقال غرضه
بيسر وسلاسلة

تحية للناصة
والى لقاء مع اجتهاد آخر




الناصة : خديجة وليد قاسم
النص : من يبلغ الشعراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من يبلغ الشعراء عني كِلمةً
أنّي بدرب قصيدهم أتبعثر
أتنفس الحرف الشجيّ مشاعرا
وأعبّ من نبع الأسى أتفطّر
طورًا تحلّقُ بسمتي في خفّة
كفراشة تسبي العقول وتبهر
طورًا يد الأشجان تنشل دمعتي
من عمق قلب واجف يتحسر
هذي خيول الشعر تخطف مهجتي
نحو السحاب تطير لا تتعثر
لتعود غيثا بالعواطف تنتشي
بيداءُ روحي إذ رهيفًا تُمطر
من يبلغ الشعراء عني آهة
لوجيبها تبكي النجوم وتزفر
سهدًا أجوب الليل أقطع شطره
وبغير نور البدر لا أتدثّر
وتفرّ عن عينيّ نمنمة الكرى
وحدي ودمعات المآقي نسهر
نسعى لرتق مواجع لكنما
سَمّ الخياط من الفتائل مقفر
يا معشر الشعراء كأسي مترع
والحرف يخذلني يصدّ ويهجر
ينأى بوجه عناده لا يرعوي
والصمت يطلبه فلا يتأخر
هذا مدادي سوف أسكبه فلا
يهذي يراعي بالهراء يثرثر
ما عاد يجدي هرف حرف عاجز
في أرض قفرٍ رمسَ حرفي أحفر


الاجتهاد
ـــــــــــــــــــــ

العنوان / السؤال
ــــــــــــــــــــــــــ
من يبلغ الشعراء ؟!
ليس حصيفا أن نتجاوز العنوان إلى النص ..
خاصة إذا كان العنوان مادة تحمل دلالة تنعكس على بنيوية النص
فالاستفهام ككلام في الانشاء اخذ العنوان لمعنى بلاغي وهو التحسّر ...
وستكون وليدات القصيدة شاهدا على ذلك

الاستهلال :

من يبلغ الشعراء عني كِلمةً
أنّي بدرب قصيدهم أتبعثر


ها هو صدر المطلع مع حرفية العنوان يتعاضدان مع العجز..
ليشكّل البيت / الإستهلال
بؤرة التحسّر المشار اليها كمعنى بلاغي أعلاه
وبهذا ربطت الشاعرة النص مع العنوان مبكرا مانحة أحد مفاتيح النص للمتلقي

بالرغم من ان البلاغ كمركب تجاوز الكلمة الواحدة ( كلمةً )
ولعل مفردة ( قولةً ) كانت ستتحمل البلاغ كمركب

أتبعثر ، أتنفس ، أعبّ

افعال بصيغة المضارع
اتت في السياق بما تحمله من دلالة لكيّ تقعّد للبيت
الذي أتى كنتيجة:

هذي خيول الشعر تخطف مهجتي
نحو السحاب تطير لا تتعثر


والمحمول المعنوي لهذا البيت
يصب في مصلحة الشعر ورسالته
بمعنى انه يسلط الضوء على جدوى الشعر

فتسطرد الشاعرة في حيز الايجابية :

لتعود غيثا بالعواطف تنتشي
بيداءُ روحي إذ رهيفًا تُمطر


وبنسق تكراري لثيمة العنوان (من يبلغ الشعراء عني)
تسترسل الشاعرة :

من يبلغ الشعراء عني آهة
لوجيبها تبكي النجوم وتزفر


آهة ،وجيب ، بكاء ، زفرة ، سهد ، سهر ، وجع .....

الشعور يمتزج بالشعر
من خلال اختيار موفق لمفردات مؤثرة
في امتدادها الشكلي والصوتي والحركي

يا معشر الشعراء كأسي مترع
والحرف يخذلني يصدّ ويهجر


وهنا تعتمد الشاعرة على اسلوب النداء ككلام في الانشاء
ربما لتصل للندبة كمعنى بلاغي
معبرة عن احتجاب الحرف احيانا
عن نقل المكنون الذاتي او الجمعي ( والصمت يطلبه فلا يتأخر )

وتمهيدا للقفلة تبرز انا الشاعرة من خلال بيت تقريري :

هذا مدادي سوف أسكبه فلا
يهذي يراعي بالهراء يثرثر


فثمة دعوة مبطنة لصالح انفة الشعر في إطار رسالته الهادفة ليكون
سيفا يقارع احيانا
وحكمة تهدي احيانا
وعمقا يقول مكنوننا احيانا

وحصدت القفلة حظا وافرا من الدهشة :

ما عاد يجدي هرف حرف عاجز
في أرض قفرٍ رمسَ حرفي أحفر


لتحمل القفلة فكرة النص الرئيس
التي تفرعت الى افكار عدة
تناولتها الشاعرة باقتدار يسجّل لها وللقصيدة


والى لقاء آخر مع نص آخر




النص : عذرا دمشق!!
النّاص : رائد حسين عيد


النص :
ــــــــــــــــــــــــ


عذرا دمشق وقد خان الذي خانا
ماذا أقول وسهم الغدر أدمانا
جساس مات ؛وما ماتت نوازعه
فينا !.وما أدركت حسنا نوايانا
لم تنطفئ جذوة الأحقاد في دمنا
فالقتل شرعتنا ..والبغض مولانا
عذرا دمشق فقد بتنا "شراذمة"
مثل الضباع على أشلاء قتلانا
بئس الزمان الذي دارت دوائره
وبدل المرد.. أقزاما ورعيانا
عذرا دمشق فلا تستنصري عربا
هذي العروبة ضرب من حكايانا
هل نحن من ملأ الدنيا برحمتنا
حتى أقمنا بها للعدل ميزانا؟!
هذي الأساطير ماعدنا نصدقها
كنا .. وكان .فلا كنا ..ولا كانا
فكيف صرنا عبيدا بعد عزتنا
وهل تحول شبل الليث ظربانا؟!!
عذرا دمشق فلا تستنصري عربا
لسنا الكرام إذا ما المجد نادانا!!
لسنا سوى أمة ماتت كرامتها
فقدمتك لرب النفط قربانا
باعوك يازهرة التاريخ ياقمرا
يابسمة الصبح ياوردا وريحانا
يا ياسمينا تكى من عطفه جذلا
على جدار بكى صحبا وخلانا
ياعندليبا شدا من زهوه طربا
غنى دمشق فمال الغصن نشوانا
يابحة الناي ياترنيمة سبحت
بالخير فامتلأت نورا وإيمانا
باعوك ياكرمة العشاق ياأملا
يحدو القلوب لعل الحب يغشانا
ماذا أقول وقد باعوك يافرحي
في زحمة الحقد أحطابا وعيدانا؟!
صبرا دمشق "رباع الخلد" يامطرا
شد القلوب ويانهرا وغدرانا
عيناك أشرقتا في الأرض فازدهرت
كل الحضارات أشكالا وألوانا
لا تيأسي ياربيع الحب يافرحا
مازال قلبك للعشاق بستانا
هذا الزمان عقيم والورى ورق
لن يستطيعوا لهذا الطهر كتمانا


العنوان كمفتاح من مفاتيح النص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(عذرا دمشق!!)

العنوان أتى مقتضبا .. مؤطرا للغرض الشعري
يحمل شكل العاطفة التي ستتحكم في أشياء البوح القادم
العنوان أتى يحمل دلالة التأسي لما كان وسيكون
العنوان مهّد لنا التنبؤ بمدلات ودلائل الخطاب الشعري
ما ان تقرأه حتى يحفزك الى الدخول في تفاصيل العذر

المطلع حاملا هوية النص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( عذرا دمشق وقد خان الذي خانا
ماذا أقول وسهم الغدر أدمانا )


اتى الاستهلال مصرّعا في بسيطه
ليحمل العنوان/ المفتاح
هويةَ التدفقات الشعورية الشعرية
التي ستشكل ملامح الغرض الشعري
حمل الصدر منه تقريرا ( خان الذي خانا )
وحمل العجز سؤالا استنكاريا كاويا ( ماذا أقول وسهم الغدر أدمانا )


المتن
ــــــــــــــــــــ


ما بعد الاستهلال لجأ الشاعر للتوظيف كاسقاط لحالة تشابه في النتيجة :

(جساس مات ؛وما ماتت نوازعه)

توظيف جساس في السياق الشعري
كمسبب لحرب وائل التي اتت على بكر وتغلب
فيه تأشير على الواقع من خلال اسقاطات التاريخ


(جذوة الأحقاد في دمنا .. القتل شرعتنا ..والبغض مولانا
بتنا "شراذمة" ..فلا تستنصري عربا .. صرنا عبيدا بعد عزتنا
لسنا الكرام ..أمة ماتت كرامتها .. باعوك )



الجلد التعرية الاستنكار
الشاعر يكشف ويعري ويشير الى بؤر الأزمة
التي فجرت بداخله حمم البوح ليصدح بها تارة ويصرخ بها تارة
لتكون مفاتيحا للتدفق الشعري الذي غذى حالة الالحاح التي تسبق الكتابة
وتكوّن ملامح الغرض الشعري


( يا قمرا ..يا بسمة الصبح ..يا وردا وريحانا
يا ياسمينا ..يا عندليبا شدا ..يا بحة الناي
يا كرمة العشاق .. يا ترنيمة سبحت .. يا أملا )


قيل أن النداء ..
يخرج عن معناه الأصلي لأغراض تفهم حسب القرائن
كالاستغاثة ..الندبة ..التعجب ..التحسّر ..الخ
غير أن الشاعر هنا
قفز الى معنى التحبب
من خلال مناداة دمشق
بدلالات كونية صورية صوتية متحركة ..
(قمر ..بسمة ورد ريحان ياسمين..عندليب .. بحة الناي ترنيمة أمل )
ديدنها النور والحياة العطر والصوت لسيدة الغرض دمشق

الاسلوبية
ـــــــــــــــــــــــــــــ

نوّع الشاعر في اساليب عقد الشعر من الكلام

النداء :

( يا قمرا ..يا بسمة الصبح ..يا وردا وريحانا
يا ياسمينا ..يا عندليبا شدا ..يا بحة الناي
يا كرمة العشاق .. يا ترنيمة سبحت .. يا أملا )


النهي والجزم :

( لا تستنصري عربا ..لا تيأسي .. لن يستطيعوا .. لم تنطفئ )

الاستفهام :

( ماذا أقول؟ هل نحن من ملأ الدنيا؟
فكيف صرنا عبيدا؟ ..هل تحول شبل الليث ظربانا؟!)


حسب معانيها التصريحية والبلاغية


النسق التكراري :

(عذرا دمشق)
كررها الشاعر في القصيدة مرة في العنوان
وثلاث مرات على امتداد التدفق الشعري
كوسيلة واسلوب شعري ولغوي
لانها محور إحساس الشاعر وعاطفته

(باعوك )

كررها الشاعر في ثلاث مواضع
لينقل من خلالها استنكاره للفاعل
الذ أتى ضميرا مستترا
يعود على من خان وعلى الصامتين
عن جرح الشآم
القفلة
ــــــــــــــــــــــ


القفلة اتت بمحمول الاحباط والتيئيس

(لا تيأسي ياربيع الحب يافرحا
مازال قلبك للعشاق بستانا )


اتى المعنى البلاغي للنهي هنا يحمل المواساة النصح والإرشاد

( هذا الزمان عقيم والورى ورق
لن يستطيعوا لهذا الطهر كتمانا)


وأتى الجزم في البيت الاخير معلنا اكتمال الاحباط



خاتمة
ـــــــــــــــــــــــ


ـ النص أتى في معظمه منبريا متّسقا مع الغرض وتلك منبرية محمودة ولا تثريب
ـ صدق العاطفة أدى الى صدق الخطاب
ـ لم يفصل الشاعر بين اداة النداء والمنادى في إطار تنسيق القصيدة
ـ الاسلوب التقريري ادى لغياب الاستعارات المكنية واشياء البديع
والتي ربما يكون مردّها منبرية النص وغرضه كرسالة في أدب الوطن والانسان

جزيل الشكر لمبدعنا رائد حسين عيد على هذا النص الرسالة

تلك قراءة متواضعة
والى اللقاء مع نص آخر





النص : يا قدس
الناصة : جهاد بدران

النص :

يا قدس ..!!!
ــــــــــــــــــــــــــــ

يا قدس أين دروبٌ ظلّها المطرُ
بالأرض نارٌ ووجهُ الضّوء ينتظرُ

يا قدسُ أين عيون العابدين على
أرض الكرام وفجرُ النّور يستعرُ

دمعي على زمنٍ ناحت مواجعهُ
ينعي غُروبَ ربيعٍ نبضُهُ عطِرُ

أتيتُ عرشكِ أرجو نورَهُ أملاً
ونجمةُ البدرِ تبدو ثمّ تعتذرُ

هذي الديّارُ التي ضمّت لنا وطناً
سالت مدامعها والقلبُ مُنكسِرُ

حزني على عربٍ شُلّت ضمائرهم
قد يمّموا الغرب رغم الذلّ واستتروا

في ليل غزّةَ جرحٌ هزّهُ وجعٌ
والأفقُ ملتهبٌ تسعى له البشرُ

تلهو بها دولٌ بالظّلم من بطرٍ
والصّمت كفّنها والحقّ منتصرُ

يا ليلُ ما لك قد فاضت مواجعنا
فالرّوح راجفةً بالقهر تندثرُ

كيف السّبيلُ إلى محراب مَقدِسِنا
مفتاحهُ من خشوعٍ، نورُهُ عِبَرُ

بين الضّلوع دمي يا قدسُ منتظرٌ
والشّمس والنّجمُ يبكي ليلهم قمرُ

ما غاب نوركِ من قنديل مغتربٍ
منك الضّياءُ وفيك البدرُ منبهرُ

يا قدس أنت رباطٌ سوف يجمعنا
والأرضُ تشهدُ والسّكينُ والحجرُ

كلّ الخيول لوادي الصّمت قد هربت
والّليل يشهدُ والأموات والصّورُ

مهما يطل ليلنا المحزونُ يا وطني
ستُشرقُ الشّمسُ والأمطارُ تنهمِرُ

القراءة
ــــــــــــــــ

يا قدس

جملة العنوان
جملة من اشياء الانشاء
باسلوبية النداء
الذي قفز الى معنى بلاغي يفيد "الندبة"
وبهذا العنوان القافز
اشركتنا الشاعرة بعاطفتها الشخصية
التي يحيلها الهم العام الى عاطفة جمعية
تلك العاطفة المسؤولة
عن توليد حالة الالحاح
التي تسبق الكتابة عادة

يا قدس أين دروبٌ ظلّها المطرُ
بالأرض نارٌ ووجهُ الضّوء ينتظرُ


صرعت المطلع
فابرمت بيننا وبين القصيدة عقد إيقاع متواتر

أتى العجز : بالأرض نارٌ ووجهُ الضّوء ينتظرُ
في خدمة الصدر : يا قدس أين دروبٌ ظلّها المطرُ
فجمعت في المطلع
متناقضات جعلت " الندبة " استحقاقا مستحقا

لتواصل ما بعد المطلع :

يا قدسُ أين عيون العابدين على
أرض الكرام وفجرُ النّور يستعرُ


متشبثة باسلوب النداء
بمعناه البلاغي السالف الذكر
وقد استخدمت النسق التكراري لمفردة " القدس"
بواقع ثلاث مرات مسبوقة بياء النداء الموجوعة
لتجعل منها محور القصيد

دمعي على زمنٍ ناحت مواجعهُ
ينعي غُروبَ ربيعٍ نبضُهُ عطِرُ
أتيتُ عرشكِ أرجو نورَهُ أملاً
ونجمةُ البدرِ تبدو ثمّ تعتذرُ


توجعات الشاعر
ناتجه عن حالة التماس بينه كضمير حساس
وبين الهم الذاتي الجمعي
ومن هنا ...
كان الضمير المتصل ( دمعي / أتيتُ )
متصلا نحويا في الجمل الشعرية
ومتصلا وجدانيا بفجيعة الوطن

هذي الديّارُ التي ضمّت لنا وطناً
سالت مدامعها والقلبُ مُنكسِرُ


بيت فيه استعارة مكنية
( الديار سالت مدامعها )
استعارة شدت من أز الشعر في البيت
ومكنته من المعنى المراد
بحيث اتى البيت محملا بالمعنى
الذي يقول مرارة الواقع على الارض

تلهو بها دولٌ بالظّلم من بطرٍ
والصّمت كفّنها والحقّ منتصرُ


الشاعر يعري يكشف ويستنكر
سلاحه الفكر والقلم
وما ملك من ادوات خطاب
وهنا استنكرت الشاعرة حالة الامة ببيت لاذع
كان وراءه ما وراءه
من ويلات اصابت قلب جسد الامة / فلسطين

ومتابعة في الانشاء
عرجت الشاعرة على اسلوب الاستفهام
بالقفز الى معنى بلاغي يفيد التحسر :

يا ليلُ ما لك قد فاضت مواجعنا

ما غاب نوركِ من قنديل مغتربٍ
منك الضّياءُ وفيك البدرُ منبهر


في هذا البيت تجسد الشاعرة قمة العاطفة
وفيه تقرير مستحق
للوطن المنحوت في الدواخل
هي تقرر وتعد وتوثق

يا قدس أنت رباطٌ سوف يجمعنا
والأرضُ تشهدُ والسّكينُ والحجرُ
كلّ الخيول لوادي الصّمت قد هربت
والّليل يشهدُ والأموات والصّورُ


الابيات اتت لتكمل النسق الشعري
المتواتر البناء
صوتا وصورة وحركة
ليفضي السياق باتزان شعري الى بيت القفلة:

مهما يطل ليلنا المحزونُ يا وطني
ستُشرقُ الشّمسُ والأمطارُ تنهمِرُ


ولانها ابنة الوطن المحتل
لم يفارقها الامل
فراحت تفرد له القفلة
ليكون البيت
بمثابة انزيم مقاومة
وصبر لاغراض المقاومة
تحت طائلة الامل

القصيدة سلسة التراكيب
لينة المعجم
تمدد فيها المعنى بصور شعرية
القصيدة لم تكن منبرية مباشرة
وان علا صوت العاطفة
إلا انها اتت جميلة السبك
ذات رسالة واضحة

هذا اجتهاد في حضرة نص شاعرة
سبق وان ابهرتنا بماتع تناولها لنصوص آل الفينيق

نتمنى تقبل الاجتهاد
وكل الود





النص : هنــا حلــب
الناص : محمد ذيب سليمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص
ــــــــــــــــــ

هنــا حلــب ..

هنا حلب
هنا التاريخ يرتعب
هنا اغتصبت حضارته
وما جمعت به الكتب
هنا للخلف ينسحبُ
هنا ضاعت بشائره
وقد ضاقت به الدنيا
وأزرى لبَّه الكذب
هنا قتلٌ وتدميرٌ وأناتٌ بصوت الخوف تنتحب
هنا للصمت زلزلة ٌوموتٌ أحمر يَثِب
براميل مفخخةٌ ٌ
مقاليع ٌ
صواريخٌ
رصاص أحمق ٌ غادر
جنون أهوج فاجر
يبيد الوردَ .. يدفنه
بقلب بارد جائر
وفي الحارات يبكي موتَه الغضب
هنا حلب
هنا القى عمامته رسول الشر والشيطان
واستعلى بشفرته
يبشر بالردى حينا
وحينا بالردى يثب
هنا الدنيا باجمعها على جدرانها صلبوا
يمام الحب والدفلى وأرواح بعمر الورد تغتصب
هنا حلب
ركاما أصبحت تبكي على الواح وحدتها
فما وجدت لها ملجا
ولا هبت لها النُّخب
وخيل العرب سادرة لها في لهوها أَرَب
فتضحك تارة لهوا
وتخفي وجهها الرِّيَب
وطورا تملأ الدنيا أحاديثا
وتُغرق جرحها الخُطَب
هنا حلب
هنا مرت حضارات ومن مرّوا ..
على أبوابها كتبوا
يزول السجن والسَّجان من دمها
وتبقى حالة أخرى
لوجه النصر ترتقب
فإن هدموا مآذنها
وإن صلبوا جنين الارض في دمها
أو احتزبوا كوجه الليل أو نهبوا
ستَخرجُ مرةً أخى كما الفينيق منتصباً
وتغدو للهوى سـِفرا يبشر بالغد الآتي
وتستعصي مفاوزها على زمن
به التاريخ ينقلب
هنا حلب
هنا تنمو بيادرها بقمح وافر أنقى
ونصر الله للضعفاء
يقترب

القراءة :
ـــــــــــــــــــ

العنوان : " هنا حلب "

هنا أتت خبراً مقدما لتشي لنا مبكرا بغرض القصيد
وطبيعة الحالة النفسية للنص
في ظل معطيات حلب على الارض في هذه الحقبة

هنا ظرف مكان
والمكان حلب الشهباء
اتت " هنا حلب "
بنسق تكراري بلغ (5) مرات
وبنسق تكراري بجمل فعلية
تعود على الظرف المكاني حلب (10) مرات

"هنا التاريخ يرتعب
هنا اغتصبت حضارته
هنا للخلف ينسحبُ
هنا ضاعت بشائره
هنا قتلٌ وتدميرٌ
هنا للصمت زلزلة
هنا القى عمامته
هنا الدنيا باجمعها
هنا مرت حضارات
هنا تنمو بيادرها"


كمفتاح للجملة الفعلية الشعرية في إطار الظرف
الظرف الذي شكّل الغرض الشعري
المتولد عن عاطفة التأسي والتوجع

تلك العاطفة المتأسية الموجوعة المفجوعة
التي حملتها مدلولات المفردات :

"اغتُصبت ..ضاعت ..ضاقت
قتلٌ ..تدميرٌ ..أناتٌ
خوف ..انتحاب ..بكاء .. وغيرها "


قطف الشاعر من البديع كثير استعارات مكنية
انسنت السياق وانسنت مفاتيح الاستعارة

" التاريخ يرتعب .. وموتٌ يَثِب
يبكي الغضب..وجه الليل "


وطعّم النص
بكنايات غلفها بصور شعرية معملها الشعور

" يبيد الوردَ .. يدفنه
وفي الحارات يبكي موتَه الغضب "


الشاعر يغرف من واقع
ويجيش مفردات أصيلة وحداثوية
تنقل الواقع

"براميل مفخخةٌ .. مقاليع
صواريخٌ ...رصاص "


وكان الاستنكار شديدا
وظف له الشاعر جملا شعرية حارقة المضمون
كوجه من وجوه وظيفة الشاعر ووظيفة الشعر

"فما وجدت لها ملجا
ولا هبت لها النُّخب
وخيل العرب سادرة لها في لهوها أَرَب
فتضحك تارة لهوا
وتخفي وجهها الرِّيَب
وطورا تملأ الدنيا أحاديثا
وتُغرق جرحها الخُطَب"


ايمان الشاعر بعزة المكان ومجده
برزت من خلال منظومة شعرية
ادرجها مبدع القصيدة كيقين
من خلال تقرير الواثق

"يزول السجن والسَّجان من دمها
وتبقى حالة أخرى
لوجه النصر ترتقب"


يواصل الشاعر تقريره الواثق

"ستَخرجُ مرةً أخى كما الفينيق منتصباً
وتغدو للهوى سـِفرا يبشر بالغد الآتي"

ويختم قصيدته الصارخة

"هنا حلب
هنا تنمو بيادرها بقمح وافر أنقى
ونصر الله للضعفاء
يقترب"


ليجعل باب الامل مفتوحا
ذلك الامل الناجم
عن الثقة بنصر الله للضعفاء
واصحاب الحق


قصيدة طيبة المقاصد
نبيلة الغرض
تحكم الشاعر بدفقاتها الشعرية
فكانت وافرة الشعر والمعنى والمبنى

ذا اجتهاد في حضرة نص يستوقف
نتمنى تقبل الاجتهاد
وكل الود








 
/
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط