|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-11-2022, 09:16 PM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
محاكمة
طاولة مهترئة، وكتاب مفتوح على كل الاحتمالات، على مقربة منه حاسوب يفكر بصمت.
غرفة مظلمة، مغلقة على نفسها، جدرانها الباردة توشك أن تتهاوى على نفسها. هناك متمدد على سريره الصدئ الذي يحدث بين اللحظة والأخرى أزيزا؛ منبها لوجود آثار باقية؛ لحياة بائسة. نافذة حمقاء تتوسط الجدار كرواق وهم، وريح تعبث في الخارج بباب المنزل الحديدي الذي ترك عمدا مفتوحا. متوسدا أفكاره، وغارقا في أوهامه، كان يفكر بعمق. بين الكتاب والحاسوب أوراق مبعثرة بعشوائية، وقلم معاند يرفض النوم. رهان بين الكتاب والحاسوب، والأوراق في حوار مع الكلمات التي التصقت بها ذات عبث روائي. الكتاب: سينتصر البطل ويحقق ذاته. الحاسوب: الخطة مصممة ليفشل. الروائي غارق في خياله، وهو يبحث عن حل للعقدة التي تأزمت أكثر مما توقع. البطل يقفز بين الأوراق متجاوزا ما رسمه الروائي من أحداث، حتى وصل آخر كلمة خطها قلم صارم وذكي. البطل: يجب أن أعرف حقيقتي. القلم: قدرك في رأسي، سأكتب حاضرك كما أريد. الأوراق: أعرف أبطالا كثيرين، بعضهم مجانين، وأغلبهم، ماتوا بين أحضاني. الكتاب: أعرف أكثر منك، الأبطال يعيشون في رأس الروائي، وحده من يستطيع رسم معالم انتصاراتهم. الحاسوب: في المعادلات التفاضلية يكون البطل مجرد رقم افتراضي بمقام معدوم فيكون الحل حالة عدم تعيين. انتفض الروائي، كمن أوشك أن يجد حلا. ضجيج الباب الحديدي، أعلن عن غلق كل منافذ التفكير، عندما صفعته الريح بقوة. حاول أن يجد حلا لبطله الذي يشبهه لحد كبير، مع فارق بسيط، أن بطله مجرد شبح يطوف غرفته، أحيانا يترجل عن الأوراق، يتحدث معه، يفكران معا، يتبادلان المواقع، فيكتب البطل حياة الروائي، ويتنفس الروائي مأساة كتاباته. الروائي: كيف يمكن أن يموت البطل بتلك الطريقة. القلم: كان رأيي منذ البداية أن نجهز عليه، لنستطيع إقامة جنازة راقية للشعر. الروائي: عندما نكتب، نحمل سكاكين حادة، نصيب بها أنفسنا، فنكرر أحزاننا ومآسينا، وكأننا ننتقم من الحياة بطريقة معكوسة. الكتاب: البطل لا يموت...أبدا يبقى حيا في ذاكرة الأجيال. الحاسوب: الأبطال مجرد وهم.. الأوراق: أعرف الكثير من الأبطال الحقيقيين. الكتاب: وأنا أيضا، في دار النشر التي ولدت فيها، تعرفت بالكثير من الكتب الذين يحفظون قصصا مدهشة عنهم. الحاسوب: أنا مطلع عليهم أكثر منكم، بل رأيتهم كيف ماتوا، وكيف استسلموا، وبعضهم تائه في الحياة. الكتاب والأوراق معا: لا نصدقك. القلم: أعرف كل أسرار الروائيين، فهم يفشون بكل ما يفكرون به لي، وأحيانا يصدرون أوامرهم بقتل أبطالهم ببرودة. تصفع الريح مرة الباب الخارجي، كقاض يعلن حكمه: -أنا أعرف البشر قبلكم، كلهم يخافون البطولة. ينهض الروائي، ويتوجه نحو قلمه لينهي روايته. انتصر البطل، أصيب بالجنون ومات تائها بين الأوراق.
|
||||
12-11-2022, 10:47 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: محاكمة
أسعدني كثيرا أن أكون أول الحضور في جلسة الـ " محاكمة "، مازلت أتأمّل النطق بالحكم .. بعد كل هذه المرافعات القيّمة على تناقضها
أحييك مبدعنا الاستاذ بسباس عبد الرزاق و أهنئك النص مستفز بشكل رائع .. لي عودة بإذن الله |
||||
13-11-2022, 01:05 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: محاكمة
نص من العيار الثقيل،
يقف أمامه القارئ مثقل الخطى، غير قادر على الخروج بنفس الروح التي دخل بها.. كيف تم بناء هذه الرواية بكل هذي التفاصيل الدقيقة وبلا أي خلل أو اضطراب.. إلا من مهارة كاتب صائغ، يجيد تشكيل ذهب الحروف قلادات وأساور البديع المبدع بسباس عبد الرزاق أستاذنا الوارف.. تقبل مروري وكل التقدير
|
||||
16-11-2022, 12:21 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: محاكمة
كأني بالقضية هنا تتمحور حول " البطولة بين النظري و الواقعي ؟ " المتهم : الفقر الشهود : كتاب، أوراق، قلم و حاسوب القاضي جائر، ريح عاتية تحكم بأحكامها لم ألحظ لها هيئة مستشارين كل النص رائع و لكن هناك جملة توقفت عندها مطوّلا.. الروائي: عندما نكتب، نحمل سكاكين حادة، نصيب بها أنفسنا، فنكرر أحزاننا ومآسينا، وكأننا ننتقم من الحياة بطريقة معكوسة. حقيقية هذه الجملة بشكل غريب، و كأنه علينا أن نقف على الحياد من كل ما يؤرقنا، و يتفنن في تعذيبنا قبل أن نستل القلم و نخوض حرب الكتابة في محاولة منا لتحقيق نصر و لو وهميّ كنت أحسب الحياد أرض المترفين، و لكن هذا ليس في المطلق و إنما يتوقف على عدة نقاط و تفاصيل .. الحياد على الورق بين الكاتب و جرحه النازف هو بالضبط كالجرّاح الذي يشق بالمشرط لحم أحب الناس على قلبه.. الفقر.. لا أؤمن به و لا يستحق أن نخوض فيه لو كان إراديا نتيجة تقاعس و تبذير ووو و لكن الأهم منه هو التّفقير، روائي بيته يفتقر لأبسط الأشياء و مع ذلك حرص على أن يكون هناك كتب و حاسوب انسان اختار العيش وحيدا، و ربما لم يختر و لكن واقعه فرض عليه ذلك، هل يمكن لامرأة أن ترضى العيش مع شخص مثله و في ظروفه و له هذه النزعة الإبداعية التي تتدخل في ترتيب سلّم أولوياته ؟ خطر لي الآن ربما " هذه هي البطولة " محلّ التحقيق هنا و التي بشأنها سيصدر الحكم التفقير جريمة ممنهجة تفوّت على المجتمعات أهم شروط الحياة " حق الوجود " بالنسبة للريح " كقاض " مارس تعسّفا واضحا لإسكات الشهود و أوقف مسار الجلسة ناطقا بحكم استسلم له الروائي و خلّده عبر صفحاته المتمرّدة .. و أحسب أنها ستظلّ كذلك لأنها أعلنت موقفها بشكل واضح لا يحتمل الشكّ. ربما سرحت كثيرا مبدعنا الفاضل بسباس عبد الرزاق، النص مفتوح للتأويل و التحليل بشكل استثنائي، قد أكون أحطت بنقطة و لكن هناك الكثير مما يمكن أن يقال أشكرك جزيل الشكر دمت مبدعا متألقا تحياتي لك و كل الاحترام و التقدير |
||||
18-11-2022, 10:23 PM | رقم المشاركة : 5 | |||||
|
رد: محاكمة
اقتباس:
أنتظر عودتك وأعلم مقدار ما ستحضرينه كامل التقدير والمودة
|
|||||
20-11-2022, 04:32 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: محاكمة
أستاذي
نصكم الجميل هذا قاد الراوي نحو نهاية كالعادة لكنه أخذني نحو بداية ليست كالعادة.. العمق والبعد في تصوير المشهد رائع جدا دمتم وهذا الإبداع الأنيق دم جميلًا كما أنت دائمًا احترامي وتقديري
|
||||
26-11-2022, 09:07 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: محاكمة
دراما ثرية
بقالب سردي ماتع تلقيناها من لدن مبدع لكم المجد |
||||
24-01-2023, 01:42 AM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: محاكمة
اخي الكاتب بسباس عبدالرزاق استمتعت بقرائتها بعيدًا عن التحليل.. تحياتي الحارة
|
||||
|
|
|