ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: صلّى عليك الله يا علم الهدى.. (آخر رد :جهاد بدران)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: أُنْثَى بِرَائِحَةِ اَلنَّدَى ! (آخر رد :دوريس سمعان)       :: تراتيل عاشـقة .. على رصيف الهذيان (آخر رد :دوريس سمعان)       :: هل امتشقتني؟ (آخر رد :محمود قباجة)       :: ،، الظـــــــــــــــلّ // أحلام المصري ،، (آخر رد :محمود قباجة)       :: فارسة الأحلام (آخر رد :محمود قباجة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: بَغْيٌ وَشَيْطَانَانِ (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: وَأَحْتَرِقُ! (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: شاعر .. (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: أحـــــــــزان! // أحلام المصري (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: ما زال قلبي يخفق (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: مملكة الشعر الخالدة (آخر رد :أحمد صفوت الديب)       :: افطار ودعاء (آخر رد :فاتي الزروالي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-02-2019, 09:00 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين

النص : لي في النساءِ خديجةٌ !
الناص : د.نديم حسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص :
ـــــــــــــــــــ

لي في النساءِ خديجةٌ !
.............

سارت علـى طبـعِ الحريـرِ فصارَهـا
وتـمـرَّغـتْ بـالـنـارِ تـطـفـئُ نــارَهــا

قالت : أحبُّكَ ! قلتُ : ما أنتِ التـي
قلبـي المصَحَّـرُ يشتـهـي أمطـارَهـا

لــي فــي النـسـاءِ خديـجـةٌ أمـويَّـةٌ
زيَّـنـتُ بالـنـبـضِ الكـثـيـر جـدارَهــا

قلـبـي عــدُوِّي إنْ شُغـفـتُ بغيـرهـا
لـيـلـي ضـريــرٌ إن ســــلا أقـمـارَهــا

لـكــزَتْ غـرابـيـلُ الـظــلامِ ثقـوبَـهـا
ليـسـيـلَ لـيــلٌ يسـتـبـيـحُ فـنـارَهــا

كـم أوجــعَ التَـرحـالُ روحَ أسـيـرةٍ
وبحبسِهـا فــضَّ الحبـيـبُ إسـارَهـا

خُدشَت ، فسالَ العطر فوقَ أصابعٍ
ذرفـتْ علـى خـدِّ القريـضِ وقارَهـا

قتـلـوا رصاصتَـهـا ، فأيـنـعَ عُـذرُهـا
لتُـقـيـلَ نــهــرًا غــاسِــلاً أعــذارَهــا

وكـريـشِ صـقـرٍ مـفـرداتُ عيـونـهـا
نظـرَتْ ، فسمَّانـي الفضـاءُ مزارَهـا

وبـكـتْ رمـاحـي إذ رمـيـتُ بـريـئـةً
عـدَلَــتْ بِـحــارٌ صـادقَــت أنـهـارَهـا

ذِكـــرٌ وتَـذكـيــرٌ وذاكــــرةُ الـفـتــى
تُـهـدي الفـتـاةَ لـحـاصـدٍ أسـرارَهــا

يـا عاشِقًـا لـهُ فـي النسـاءِ خديجـةٌ
بالسـيـفِ يُـبـدِعُ حولَـهـا أسـوارَهــا

أوقِد ظـلامَ الـروحِ وارتـق شمسَهـا
بَــرقُ " الجلـيـلِ " بزفرتـيـنِ أنـارَهـا

.................................................

القراءة : جهاد بدران
ــــــــــــــــــــــــ

لي في النساءِ خديجةٌ !
.........................
كثيراً ما يلفت نظر المتلقي/العنوان/ عنوان أي نص أدبي على اختلاف أجناسه..
في هذا النص الشعري الفاخر وقفت أمام هذا العنوان أبحث بين طياته عن عامود النور الذي يأخذني لأكوام الأسرار التي بجعبته..لتكون دليلاً يفتح نوافذ القصيدة ويسمح لشعاع النور من إضاءات تخرجه من أعماق الرمزية لفك شيفرته بما يتلاءم مع أبعاد ونظرة المتلقي..
لذلك في عنوان هذه القصيدة نجد اتجاهات مختلفة تقودنا لذات الشاعر أو ما نعتقد أننا نصل ولو تلميحاً لوجهة نظره وأبعاده ورموزه ودلالاته التي أراد إبرازها لتكون رسالة أدبية ترقى لذائقة المتلقي..

/ لي في النساءِ خديجةٌ ! /

بداية عندما يتحدث الشاعر عن ذاته كضمير متصل في كلمة / لي/ في أول عبوره للقصيدة التي تحمل هويته التي تعرّفه عن فكره وقلمه وتداعياته التي أرادها..إنما يدل عن عمق ما يريده من أبعاد تتجلى وراء السطور كي تصل من ذاته لذات المتلقي وتتوحد تحت نفس الأهداف ونفس المبتغى..
في هذا العنوان ذكاء وبراعة في جعلها أسلوبياً نقف عند تحليله وفهمه لاستخراج مكنونه ..
فقد جعل من خديجة عاملاً نكرة ..وكأنه يريد أن يأخذنا لخديجة مختلفة عما نفهمه لأول وهلة من اسم المؤنث هذا..ولكن من خلال عدم تعريف هوية خديجة..فإن الشاعر يريد إيصال ما تحمل خديجة من صفات لتتجلى في فحوى هذا الاسم من عظمة ورفعة..
ولربما أراد من صفات خديجة رسماً آخراً له معنى يدل على دلالات مشابه لصفات الأنثى..سأذكرها لاحقاً بإذن الله..

/سارت علـى طبـعِ الحريـرِ فصارَهـا
وتـمـرَّغـتْ بـالـنـارِ تـطـفـئُ نــارَهــا

قالت : أحبُّكَ ! قلتُ : ما أنتِ التـي
قلبـي المصَحَّـرُ يشتـهـي أمطـارَهـا/

في هذين البيتين تتجلى مقدمة بارعة النسيج توحي لنتيجة تفسر وضعية الشاعر وذاته ومشاعره كمرحلة أولى من الوصف عن قاعدة حياتية تضعنا في فلك أفكاره وتفترش لمحات عن حسه الوجودي قبل الدخول في عنق الحدث وقبل كشف الستائر عن معالم المحتوى الذي أراده..
هذين البيتين بمثابة استدراج لكشف أسرار الشاعر وكشف نوعية المشاعر التي يحملها اتجاه النساء ..فهما عملية توضيح وتأكيد بأن الشاعر لا يرغب من النساء من تعرض عليه نفسها أو تشرح له حبها حتى وإن كان عشقها له ناراً تتأجج..لم يلفته حب النساء الفاتنات..وكأنه يريد إن يقول بلسان حاله أن حبه من النساء ما يشبه واحدة بأخلاقها وطباعها وفكرها ما يشبه خديجة والتي سنشرح أبعاد هذا الاسم وارتباطه بما أراده الشاعر...
في هذين البيتين كانت الأوصاف محلقة لينابيع الجمال..
عندما يقول الشاعر../ سارت على طبع الحرير فصارها../ وكأن صفة الرقة والنعومة جاءت بعد الحب وليس قبله..وإلا لما قالها الشاعر بكلمة /سارت/ لأن هذا الفعل جاء كعملية نقل نوعية في اختلاف تضاريس الحدث..هي لم تكن من قبل في طبعها الرقة والنعومة إنما أرادت التطبع من صفة الحرير كي تنال قلب الشاعر وبذلك قال الشاعر/ فصارها/ وكأنها طوّعت مرتبة الحرير لصفاتها بهدف نيل مبتغاها..والأشد وصفاً فيها ما قاله الشاعر بوصفٍ دقيقٍ بارعٍ / وتـمـرَّغـتْ بـالـنـارِ تـطـفـئُ نــارَهــا/
كلمة/ تمرّغت/ تعني عمق ما تحمله من نار الحب الذي يأكلها لأنه من طرف واحد..
ووصف التمرّغ يعني التقلب من شدة الوجع وهو وصف يلائم تماما صفات النار التي تتقلب عليها أشياء كثيرة...وهذا يعزز براعة الاختيار للحروف وحسن توظيف الكلمات..
وفي قوله/ تـطـفـئُ نــارَهــا/ هي وحدها التي تتعذب من الهوى وهي وحدها التي تقلّب نفسها ..دليلاً على الحب من طرف واحد..
وصف ممتلئ بالجمال والبراعة..
بعدها في البيت الثاني..يأتي الدليل القاطع لإثبات الحب من طرف واحد..وأن الشاعر يحب صفات ليست موجودة بها..ليرد عليها بالنفي لحبها بعد أن قدم لنا الشاعر الأسلوب الحواري بينه وبينها ليضفي الحيوية والخروج من الرتابة في النظم لعالم يثير الذائقة ويبعد الملل..وقد أظهر من صفات قلبه ما يلفت نظر المتلقي حين غرس لمعالم القلب صفة التصحر المأخوذة من صفة الصحراء القاحلة من الاخضرار.. بقوله / قلبـي المصَحَّـرُ/..دليلاً على نقاء قلبه مة النساء إلا واحدة..وهذا دليل الإخلاص في الحب والتضحية ..
هذين البيتين كانا تلخيصاً عن قلب الشاعر وما يسكنه من حب لواحدة هي خديجة..
ينتقل الشاعر لتوضيح تلك الصورة النقية التي أرادها من الحوار السابق...بقوله:

/ لــي فــي النـسـاءِ خديـجـةٌ أمـويَّـةٌ
زيَّـنـتُ بالـنـبـضِ الكـثـيـر جـدارَهــا

هنا يتجلى الإبداع بكل صوره الجمالية..حيث يعلن الشاعر صورة خديجة التي عشقها ولم يدخل قلبه غيرها..
سنتعرف على خديجة هذه وما يطوي اسمها من معانٍ ودلالات هي أسمى من أن نفكر بشكل اعتيادي لصفاتها...


الذي يندفع من ارتباط خديجة بتعريفها بكلمة / أمويّة/ هذه الكلمة تجعلنا نبحث عن عمقها ولماذا اقترنت خديجة بالأمويّة..؟؟!
هنا يبرز في مخيلتي اتجاهات مختلفة للمعنى..تحمل أبعاداً قابلة للتأويل مع حساب للمكان وللزمان..

الأول: أن الشاعر أراد من خديجة الأموية نسبة للأمة العربية من كلمة أموي.. وتعني..أمة
وذلك لغيرته الشديدة وحرفه الثائر من خلال خلفية قصائده وأشعاره على هذه الأمة العربية والإسلامية المجروحة النازفة..

الثاني: أرادها أموية نسبة للأمويين والتي تعرّفهم موسوعة ويكيبيديا بما يلي:

" بنو أمية هم إحدى فروع قبيلة قريش الكنانية ، وكانوا من أهم الأفخاذ ذات السيادة والنفوذ في مكة، وهم أول أسرة مسلمة حاكمة في تاريخ الإسلام، حكموا الدولة الأموية وعاصمتها دمشق ما بين عام 661م إلى 750م، وأسسوا لهم دولة في الأندلس عاصمتها قرطبة.
ونجح الأمويون في فتح الكثير من البلاد ونشر الإسلام، واهتموا بالعلوم والفقه والمساجد، والعمارة وجعلوا من عاصمتهم دمشق أهم مدن العالم الإسلامي ومنارة للعلم، انشأ الأمويون أهم المعالم في المدن الإسلامية والتي ماتزال حتى اليوم مثل المسجد الأموي بدمشق، والمسجد الاقصى بالقدس والمسجد النبوي بالمدينة المنورة وجامع قرطبة في الأندلس والكثير من القصور الأموية الأخرى..."

لذلك اختيار خديجة أمويّة لربطنا بالتاريخ العظيم والانجازات التي حققوها في تلك الحقبة الزمنية المذكورة..ثم ربطها بالمرأة المجاهدة التي تضع نصب عينيها قضية أرضها بعد رضى ربها..تلك الخديجة المثل الأعلى للمرأة الطاهرة النقية ..
وكما قلت سابقاً ربما أرادها الشاعر أن تكون الأمة والأرض الطيبة وفلسطين المباركة..تلك التي يحبها الشاعر وما تحمل من معانٍ عظيمة..

الاحتمال الثالث:
أن اسم خديجة تابع لاسم مناضلة شهيدة وأسيرة قد طعنوها وعذبوها بشتى أنواع العذاب..وهذه ضريبة الشرفاء والأنقياء الطاهرين الأبرياء التي يدفعونها للمحتل مقابل دفاعهم الشريف عن الأرض والعِرض والكرامة...

من هذا كله يقبع تحت هدف واحد هو اغتصاب الشرفاء ونزف الأرض والقضية الفلسطينية والتي تحمل في قلبها كل القضايا العربية..
هنا يبرز أبعاد الفكر العميق والثقافة العالية التي يتجمل بها الشاعر ..حيث يضع حرفه بمقياس إبداعي متكامل في مناحي مختلفة..إجتماعية وسياسية وإنسانية..وهذه الأبعاد قد تغلغلت في روح القصيدة..وهنا قمة الإبداع...عدا عن فلسفة حرفه في هذه القضية التي تحمل قضية الأمة بأكملها...
ويبدأ الشاعر بتحرير حرفه نحو هذه الخديجة التي يفصّل بعض صفاتها لنصل لمحتوى القصيدة وجماليتها التي لا تغيب عن القضية..
فقد لعبت خديجة في ذهن الشاعر ليست كحبيبة وعاشقة إنما حملت بُعداً سياسيا ودينياً ووطنياً واجتماعياً وإنسانياً..من خلال تناص الاسم بأم المؤمنين خديجة بنت خويلد..
وحيث أخذ من صفاتها الطهر والنقاء والمجاهدة والصبر والقوة والشجاعة..
وبرمزيتها للقضية الفلسطينية والأرض والتي تستحق كل هذا الحب..والدليل على ذلك عند قوله/ جدارها/أمطارها/ أقمارها/ فنارها/ أسوارها/ شمسها/ برق الجليل أنارها/..
كل هذه الكلمات تدل على عمق مذهل أراده الشاعر من خديجة وأبعاداً وتأويلات هي محطة للنقاش والبحث والتنقيب عن أسرار هذا الحرف وما يتجلى فيه من إبداع...
ثم يكمل ويقول:

/قلـبـي عــدُوِّي إنْ شُغـفـتُ بغيـرهـا
لـيـلـي ضـريــرٌ إن ســــلا أقـمـارَهــا../

تتجلى عظمة الحب النقي وهو يصف تعلقه بها..الصور الشعرية هنا غاية في البراعة..يجسد مشاعره على طبق شعري كمصوّر محترف..
فجعل قلبه من فصيلة الأعداء (الذي يجب محاربته) مشروطاً حبه بل شغفه بغيرها.. والشغف أعمق تمسكاً وحباً من مجرد علاقة حب يمكن أن تنتهي..وكأنّ الشغف أعلى مراتب الحب الذي فيه تتجلى الروح مع كل معاني العطاء والتضحية..حب عفيف طاهر..
ثم ينتقل لوصف الليل بدقة متناهية جلبت للمتلقي شغفاً لحرفه ومنحت للخيال أجنحة تحلق حيث فكر الشاعر لفك شيفرة النص..هذا الليل الضرير كناية عن شدة سواده ومستوى العتمة التي لا يبزغ فيه خيط نور أو فضاء يلمع من نور الأقمار ..فجعل الليل كالأعمى مشروطاً بنسيان أقماره..
وهنا وضع الشاعر بحكمة وذكاء من الليل حاجزاً بينه وبين خديجة التي قصدها.. إن نسي أقمارها التي تضيء كل مكان..أو طابت له نفسه بعد فراقها..
وهذه الصورة والحرفية في تجسيدها كناية عن حبه لها وتحويل قبلة النور للظلام إن شغف بغيرها..
ثم ينتقل لصورة حية أخرى نابضة بالجمال بقوله:


/ لـكــزَتْ غـرابـيـلُ الـظــلامِ ثقـوبَـهـا
ليـسـيـلَ لـيــلٌ يسـتـبـيـحُ فـنـارَهــا/

من أجمل الصور الشعرية التي وصفت الليل والظلام وأهله وما يسيل من سواد..
هذه الصورة وحدها منارة الشعراء..من سحرها لكزت الذهون للتأمل بها والتدبر بين مروجها الواسعة وما حملت من فن إبداعي لا ينتهي جماله..لما يحمل من تجسيد متقن وكناية عن واقعنا اليوم وما يكتنف الأمة من عتمات تتزايد وتسيل لتغمر الأرض من سواد الليل وكأنه انعكاس صورة الليل على الأرض..
صورة متقنة من أجمل ما يقال في وصف الظلم وهو يلبس من الظلام كلّه ..
نلاحظ من كلمة/ لكزت/ وكأن يداً امتدت للظلام تحركه وتدفعه لنخل العتمة من ثقوبه كي يستبيح الأرض وينتهك قواعد الضوء عند أول الفجر إن كان للأرض أو لخديجة ينتهك نقاءها وطهرها..
هذه الصورة من براعة نسجها جعلت الفكر والخيال يُشغلان ملكة التدبر والتأمل ليزداد الخيال اتساعاً في مداركه والذائقة تذوب في نواصي الحروف لتحلق نحو أقمار لا تنطفئ أبداً..
لنتأمل من خلال هذا البيت الشعري..في اتساع رقعة الخيال المتفردة والتي يمتلكها الشاعر ببراعة..
فقد استحضر الظلام وجعل له غرابيل كي ينخل سواد الليل والظلم عنوة بطريقة اللكز..وكأن الظلام موجوداً دائماً بصمت لا يتحرك مفعوله إلا إذا تم تحريكه ولكزه..
من عملية تحريكه والتي يقوم بها أهل الظلم يبدأ بالسيلان لأن الثقوب هي التي سمحت بانهمار العتمة..فالشاعر هنا كان اختياره للفعل المضارع/ ليسيل/متقناً جدا تتلاءم روح المعنى للفعل المضارع مع روح الشاعر وقصده..ليزداد المتلقي هالات ضوء تشرق عبر فكر الشاعر خياله وتشبع ذائقته..
فحين يسيل الظلام قاصداً النور الوضاء والذي قصد فيه الشاعر خديجة التي أرادها..حتماً سيستبيح هذا النقاء وينتهك بهي هذا النور ليدبّ فيه عتمته ويحوّله لسواد أعمى..كناية عما أصاب خديجة من ظلم..ويستبيح فنارها الذي كان قبلة التائهين والضالين ليقتل فيها ذلك الأمل الذي عن طريقه يستهدي الضالين دروبهم..
وهذا ما لمسناه من قمة الإبداع الذي خطه هذا القلم الواعي المثقف بكل حرف يغرسه...
لم تتوقف الصور الشعرية والأوصاف التي تحمل دلالات موروثة بالوجع والظلم..
يكمل بقوله:

/كـم أوجــعَ التَـرحـالُ روحَ أسـيـرة
ٍوبحبسِهـا فــضَّ الحبـيـبُ إسـارَهـا/

ينتقل الشاعر بصورة الألم بشكل تدريجي ليصل إلى قمة الحدث وللفكرة المركزية التي انبثقت من عدة نوافذ كان مصبها الواقع المؤلم اليوم وما حلّ بهذه الأمة من أزمات وانتهاكات واغتصاب للأرض ومن عليها من بشر وأماكن مقدسة وحتى الهواء انتهكوا نقاءه ولوّثوه بظلمهم وسلاحهم..
ابتدأ الشاعر قصيدته وكأنه يتحدث عن محبوبة عادية مثلها الكثير ليأخذنا لمحبوبة أعظم وأقدس هي بلادنا الحبيبة الأسيرة والتي تتعرض لانتهاكات كثيرة لا تملك من الدفاع عن نفسها إلا بعض رصاصاتها التي هي عِرضها وشرفها ولكنه يتم قتل هذا الشرف الذي يلمع نوره وتُزفّ معالمه عطراً ووقاراً..
الشاعر في هذه الأبيات يقدم لنا لمحة تاريخية عن اغتصاب الأرض والعِرض بصورة تقشعر لها الأبدان..بتجسيد محكم البناء بالتراكيب اللغوية المتقنة التي تدل على مكانة هذا الشاعر وترمز لوطنيته العالية وشغفه لتراب الوطن..
استخدم الشاعر كلمات حتى نهاية القصيدة/أوجع/الترحال/ أسيرة/ قتلوا رصاصتها/بكت رماحي/بالسيف/أسوارها/ الجليل/
والتي تعبر عن وجود أزمة خانقة..لا تنحصر بمحبوبة أو تخص امرأةً..بل تدلي بدلوها نحو هذا الوطن وهذه الأمة..
/فالترحال/ فرض الرحيل والتنقل من مكان لآخر عنوةً.. لم يكن خاص بخديجة بل كان عاماًّ للكثيرين..فلو كان خاصا بها لكانت صيغة الكلمات على هيئة أخرى..جعله يخص شعوباً لا انحصاراً بفلسطين..

/كـم أوجــعَ التَـرحـالُ روحَ أسـيـرة
ٍوبحبسِهـا فــضَّ الحبـيـبُ إسـارَهـا/

ربط الشاعر الترحال بالوجع وبروح الأسيرة..وهذا يعزز قمة الألم ونزفه..وربما أراد الشاعر من هذا الربط في كلمة/ روح/ لاستخراج معنى الشهادة في سبيل الله..والتعبير عن كل المشاعر التي يمتلكها الإنسان..ثم كيف يوجع الترحال روح أسيرة وهي في الأسر والترحال هو عملية الرحيل والتنقل من مكان الأم الوطن لمكان خارج حدوده..فكيف يكون الترحال والأسر معاً؟!
هنا يتجلى الإبداع المجازي لقصد الشاعر من كلمة/ أسيرة/ أليست الأسيرة هي فلسطين والتي يوجعها ترحال أبنائها غصباً..ثم يأتي كل حبيب لها ليفكّ إسارها عن طريق الشهادة في سبيل الله ثم لتحريرها من أيدي الغاصبين المحتل البغيض..

/ خُدشَت ، فسالَ العطر فوقَ أصابعٍ
ذرفـتْ علـى خـدِّ القريـضِ وقارَهـا/

هنا الصورة الشعرية والأوصاف كانت بمثابة سحرٍ لا يتقنه إلا محترف..لماذا؟!
لأن الشاعر أراد من فعل/خُدشت/أن يكون مبني للمجهول كي يشير لنا أن هناك جهات مختلفة عديدة تقوم بهذا العمل..وفعل الخدش هذا يتم بالأظافر/ليعبّر عن الاغتصاب بشرف خديجة أو الأرض..وهذه الكلمة تعبيراً قوياً على مراحل عملية الاغتصاب وصولاً لطريقة قتلهم النفوس والأرض ووصولاً لعملية الشهادة..والدليل على عملية الاغتصاب والشهادة في سبيل الله هو ذلك العطر الذي سال فوق أصابع المعتدي ليُذرف فوق خدّ الذي يحتضر من الموت وقاراً وجلالاً لأنه نال الشهادة وسال الدم بهدوء حتى يوم القيامة..وهذا هو دم الشهيد..
نلاحظ ان الشاعر استخدم للدم الفعل الماضي/ فسال/ ولم يقل تدفق الدم...لأن هذا كناية عن:
- عملية التعذيب البطيء للضحية..
-ثم تعبيراً عن الشهادة وسيلان الدم لفترة طويلاً لا يجف أبداً ..ليوم القيامة..
أما تدفق الدم فيأتي مع عملية الذبح السريع..

كلمة / وقارها/ كان تعبيراً عن هيبتها ونقاءها وطهرها ودعماً للصفات الحميدة والخصال التي تتجمل بها التي قصدها الشاعر...
لذلك عملية اختيار الأفعال والكلمات المختلفة في هذه القصيدة إنما كانت منتقاة بعناية وذكاء لتخدم عملية الإبداع وتحفز الفكر والخيال على الانطلاق بروية وفهم دقيق للمفردات المعطاة..

/ قتـلـوا رصاصتَـهـا ، فأيـنـعَ عُـذرُهـا
لتُـقـيـلَ نــهــرًا غــاسِــلاً أعــذارَهــا/

قتلوا رصاصتها..ماذا قصد الشاعر بقتل الرصاصة بالرغم من أنها تسمى رصاصة؟؟؟
الرصاصة هي عملية رمز من الرموز الكثيرة التي تسلح بها الشاعر ليشير للمتلقي عن مصادر البحث والتنقيب بين السطور عن جمالية حرفه وتراكيبه البنائية المتينة...
فالرصاصة هنا هي عملية الدفاع عن النفس..وعن أغلى ما تملكه أنثى إن كانت خديجة أو الأرض..قصد /الشرف والعِرض/ و هو بمثابة الدافع القوي الذي يدافع به الإنسان عند تعرضه للهجوم من الأعداء أياً كانوا..أوأنه قصد المقاومة الشريفة للدفاع عن الوجود لا بقصد القتل عنوة واغتصاباً..
وربما أخذنا الشاعر لمفاهيم عديدة نقف عند التأمل بها والتدبر ببن أبعادها المختلفة في استخدام البشر للسلاح وطرق استخدامه وكيفية الدفاع عن ممتلكاته بطرق تقينا انتهاك الحرمات المختلفة..
الانسان الحضاري المتحضر يمتلك رصاصاً لا للقتل كما يفعل به قادة بلادنا العربية.. بل للدفاع عن النفس..للدفاع عن الوطن..عن العِرض والشرف..عن انتهاك المقدسات..عن كل معالم الإنسانية..ليكون أداة خير وتوجيه ودعوة..وصاحب رسالة سماوية..لا سفاحاً للفقراء والأبرياء لمجرد الحصول على المناصب والحفاظ على مصالحهم الذاتية على حساب الإنسانية..إلخ

/وكـريـشِ صـقـرٍ مـفـرداتُ عيـونـهـا
نظـرَتْ ، فسمَّانـي الفضـاءُ مزارَهـا

وبـكـتْ رمـاحـي إذ رمـيـتُ بـريـئـةً
عـدَلَــتْ بِـحــارٌ صـادقَــت أنـهـارَهـا/

الصور هنا جاءت لتصفها وتصف مكانتها كمكان مقدس أصبحت ليحجّه الزائرون أمثال ما يُزار من أماكن الأولياء والصالحين...
وهذا كناية عن قدسيتها وعظيم شأنها..

/ذِكـــرٌ وتَـذكـيــرٌ وذاكــــرةُ الـفـتــى
تُـهـدي الفـتـاةَ لـحـاصـدٍ أسـرارَهــا/

ذِكـــرٌ وتَـذكـيــرٌ وذاكــــرة الفتى:
الشاعر هنا جمع بين ثلاثة أسس تحفظ النفس والأرض ومن عليها.. كي تكون منارة لكل شهيد..بل قواعد جمالية وعلامات لبناء المجتمعات وهي كما جمعها فكري وخيالي:

- ذِكـــرٌ: وهو القرآن الكريم لقوله تعالى:
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " سورة الحجر(9)..
دليل قوي على التمسك بكتاب الله والعودة لشريعة الله التي تكفل الله بحفظه ليحفظ به البشر ومن يقيمون حدوده في كل مكان..
لذلك التمسك بكتاب الله هو الوصول لبرّ الأمان والعيش في ظل الرحمة والعدل والحق...

- وتَـذكـيــرٌ:
التذكير هنا هو عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...وهو عملية العمل ورسالة الإنسان الذي أودعه الله أن يكون صالحاً بعمله وقوله الحق ولو بأضعف الإيمان بقلبه...
والتذكير اشتقاق من كلمة ذِكرٌ..لتكون عاملاً مكملاً لتحقيق غايات الشريعة الربانية وتحقيق سبل العدالة والأمن والأمان...

- وذاكــــرة الفتى:
ويقصد الجيل الشاب الفتي الذي يسير على ذاكرة حصادها الجيل الصالح ممن حققوا العزة والنصر منذ رسالة الأنبياء والصالحين والتابعين...
هذه الذاكرة التي تعيد للأمة أمجادها وللتاريخ وهجه وقدسيته..يريد الشاعر من الجيل الشاب أن تكون خديجة الفتاة والأرض كمرحلة تذكير للدفاع عن الأرض وقدسيتها ونيل الشهادة في سبيل الله...

أخيراً يختم الشاعر لوحته الفنية البارعة ببيتين من أروع ما فيها من جمال هي خلاصة القصيدة..وهي عملية توجيه وإرشاد وعبرة ووعظ لمن أراد أن يحافظ على أرضه وعرضه..

/يـا عاشِقًـا لـهُ فـي النسـاءِ خديجـةٌ
بالسـيـفِ يُـبـدِعُ حولَـهـا أسـوارَهــا

أوقِد ظـلامَ الـروحِ وارتـق شمسَهـا
بَــرقُ " الجلـيـلِ " بزفرتـيـنِ أنـارَهـا/

يا عاشقاً ..أراد الشاعر عشق ما قامت به خديجة من الشهادة..
أراد أن نقاوم كل من يغتصب الأرض والعرض بالسيف لأنه الحل للدفاع عن مقدساتنا كي نقيم الأسوار بمعنى تحصينها من كل معتدٍ آثم..
هنا رسالة أرادها الشاعر من استشهاد خديجة التي هي من الجليل..لتكون عبرة لكل من يحمل رسالة الوطن ولو قدّم دمه شهادة لله..
بالسيف والدفاع عن وجودنا وأرضنا.
فبالشهادة في سبيل الله ثم الوطن كما فعلت خديجة..بآخر زفراتها ولفظ أنفاسها أنارت الجليل من أثر هذه الشهادة دفاعاً عن عرضها وقدسية بلادها...
فالروح كما وصفها الشاعر بدقة..الروح مظلمة..تنار وتعود بوهج شمسها من خلال ما فعلته خديجة من الشهادة والعزة والكرامة...
لن نموت عبثاً بل بالشهادة في سبيل الله كي تبقى الأرواح مضيئة ليوم الدين..
الجليل أعلن ضياءه وأرسل نوره شمساً على كل الأرض نتيجة هذه الأرواح التي تعلن الشهادة في سبيل الله..
..
الشاعر الكبير الراقي البارع قلمه ابن بلادنا الحبيبة
أ.د.نديم حسين
أنار الله دروبكم بنوره وخيره وواسع علمه
على ما أتحفتمونا من خريدة إبداعية متقنة حملت كل معالم الجمال وقوة السبك وما فيها من لغة متوهجة بين طياتها الكثير من الأسرار والتي تحتاج من كل متلقي البحث والتنقيب عن جماليتها المتفردة...
اندمجت روحكم بروح النص ليتفاعل الإحساس الداخلي مع عناصر النص وما فيه من مفردات جمالية احتوت معاني قيمة مثيرة للفكر والخيال..فقد انخرط فكركم وانساق مع مفردات النص لأنكم عايشتم الأمة بكل تضاريسها المختلفة وجلبتم الدلالات المعبرة عن واقع الأمة التي تلامس الواقع بمرارة..مما أدى إلى بروز طاقتكم الإبداعية في رسم درجات الانفعال المتغيرة بين السطور من خلال الأفعال الناضية والنضارعة التي نقشتموها على جدار القصيدة..
فالتراكيب البنائية للغة مع المؤثرات الذاتية والبيئية منحت الخيال أبعاداً تتلاءم مع الحدث والمشاعر المدفونة فيه لتتصادم مع الواقع المؤلم الذي كان حافزاً لمنابت البوح أن يقض مضجعكم بما يتلاءم مع الأزمة الراهنة وبما يتلاءم مع رؤيتكم الفكرية وفق مساحة اللغة المتينة المتوهجة بشكل صور ذهنية بارعة النسيج والنقش مما كشف المخزون المتراكم وتعرية الواقع المؤلم...
بوركتم وقلمكم المتوهج إبداعا وقوة..
وفقكم الله لنوره ورضاه
وزادكم علماً وخيراً كثيراً
.
.
جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-02-2019, 11:38 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين

شكرا لغاليتنا القديرة جهاد بدران لهذا المجهود الكبير والجدي والمُثري !

نحمد الله أنكِ هنا معنا وبيننا .






  رد مع اقتباس
/
قديم 14-04-2019, 10:38 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ثناء حاج صالح
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمةالأكاديميّة للابداع والعطاء
سوريا
افتراضي رد: ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين

قراءة رائعة أضاءت النص وتخللته وسارت في دهاليز معانيه بخبرة كبيرة وقدرة على إمساك خيوط الكلام وتتبع إثاره .
بارك الله في قلمك المبدع أستاذتنا الناقدة المبدعة جهاد بدران
تحيتي لك وللأستاذ الشاعر الكبير د. نديم حسين






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-04-2019, 11:33 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
طارق مخيبر قطف
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
سوريا

الصورة الرمزية طارق مخيبر قطف

افتراضي رد: ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين

كلاكما أبدع أيها الفارسان الأصيلان
لا عدمنا هذه الأقلام المنارة
كل المحبة والتقدير
للدكتور الشاعر نديم حسين
و المبدعة جهاد بدران
محبتي و تقديري مع بالغ شكري لهذا العبق






طارق الإنسان
  رد مع اقتباس
/
قديم 01-10-2019, 08:14 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي رد: ضوء جهاد بدران على قصيدة/لي في النساءِ خديجةٌ ! /د.نديم حسين

وعودةٌ لنقل هذه القراءة إلى ديوان الأعمال الناجزة .






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:17 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط