العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 21-02-2021, 11:08 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فاطِمة أحمد
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
ليبيا

الصورة الرمزية فاطِمة أحمد

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


فاطِمة أحمد غير متواجد حالياً


افتراضي شجيرة التين

أخرج من البيت؛ فأتحاشى الاحتكاك بالفروع المدببة للتين الشوكي الذي يكبر بجوار منزلنا، زرعه أبي..
أحب الشجر، الأرض تدب فيها الحياة. لكن شجيرة التين تنمو وتمد السيقان والوريقات الشوكية عرضا وطولا كل يوم
أمي تتضايق منها.. ورغم حبي لثمرها الصيفي الشهي انزعج من أغصانها المتشابكة؛ تتاخم بيتنا..صار فناء دارنا أضيق..
لا تفتأ الأشواك تفلق كرتي بين الحين والحين وصار لنا جدار طويل من أشواك التين
أقطف ثمارها..يجرّح يديّ ..أجلس عشية النهار بعد يومٍ بدأ باكرًا.. ألتقط دبابيسه الناتئة من كفيّ
والدي يحبها.. يبيع ثمارها ثم يقول: الأولاد الأشقياء ما كانوا ليقتربوا من بيتنا وحتى اللصوص.
لكن أمي تتذمر .. وعند كل صيف وقبلي تقذف رياح الجنوب رؤوس الأشواك.. وصرنا نتذمر معها
"لا تدخلوا التين للبيت" تقول هذا وهي تهرش جسمها ما أن ترى ثمار التين.. يعلو صوت أمي كل مرة يقطف فيها أبي التين لجلبه لاحقا للسوق
كانت عادته في موسم التين.. تلح.. فيفكر أن يقطعها لترضى..
الحياة لا تدوم على حال بل تدور.. بقيت شجيرة التين وتوفي والدي.. وأحبت أمي فيما بعد الإبقاء على الشجيرات التي لطالما تذمرتْ منها
تتمتم كلما تمر بالقرب منها "اتركوها إنها من ذكراه"
الشجيرة تخبرها في كل مرة أنه كان موجودا هنا..
.. آثارهم التي لم تكن لتروقنا تصير عزيزة حين يتوارون إلى خيالات وأشباح بعيدة المدى
وما عدت أتذمر من شجيرات أبي
سنوات ووهنت أمي ..لم تعد تخرج للبستان صباحا ومساء
قالت: اقتلعوها إذا شئتم . وما شئنا لتحيا ذكراه
بهتت أمي.. ذوت رويدا .. ضعف بصرها.. صارت تمشي على ثلاثة
ثم لم تعد تمشي .. وفي النهاية حملناها على أكتافنا بغزير الدمع .. صارت ترقد بجانب أبي
أطمئننا على مرقدها بجواره وعدنا
راقبت شجيرات التين عند عودتي بصمت واعتنيت بها... كان لا بد من تقليم فروعها الممتدة في الاتجاهات؛ فتفسح الطريق
أمسكت مقص التقليم .. وأنا ألاحق غصن تعثرت لأغوص وسط أشواك التين الكثيفة .. تردد صدى صراخي فجاءوا مسرعين
كانت قد نالت مني .. لم أقدر على فتح عينيّ.. حملوني ..
يومين عصيبين.. بالكاد كتمت أنيني
"هل أقسم ألَّا آكل التين أبدا؟!"
تعافيت.. حملت فأسًا ذا ذراع طويلة وتوجهت إلى تلك الناحية بإصرار .. "ضقت ذرعا بهذه" ..غفلت هواجسي..آن الأوان لأتحلى بشجاعتي أو قسوتي لا أدري..
واقتلعتُ شجيرات التين
صار الفناء براحًا كبيرًا بنيت فيه منزلا لأتزوج ..
وانجبتُ طفلا وطفلة ..
وصارت تحوم في المراح أطياف أمي وأبي,






سبحانك ربي
  رد مع اقتباس
/
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:18 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط