في مَسقَطِ الغَيث !

[د. نديم حسين]

حِواريَّةٌ في مَسقَطِ الغَيث !
د. نديم حسين

هو : ووَجهًا لوجهٍ وقفتُ أَماميْ !
وكُنتُ سعيدًا كطَيرِ حَمامٍ ،
ينامُ قريرًا بكَفَّيِّ صيَّادِ طيرِ الحَمامِ !
فكَيفَ تُراقِصُ صَبًّـا وحيدًا
فتـاةٌ تَشَظَّتْ بكَـفِّ الزِّحامِ !
****
هي : لَو كُنتُ أَعلَمُ أنَّ قلبَكَ قادِمٌ
- قالَتْ لهُ -
لسَكَبتُ شَعريَ فوقَ أكتافي كساقِيَةٍ تُصَلِّيْ .
ورقَصتُ حتى الفَجرِ في ساحِ المَنامِ !
وأكَلتُ مِن جوعي إليكَ رغيفَ فُـلِّ .
وزجرتُ مِصطَبَتي إذا داسَتْ خُطاكَ خُطايَ ,
فارتَبَكَتْ دروبُ القَلبِ في طَبعِ الفِطامِ !
****

هو : أتُراكِ راقَصتِ الوحيدَ حبيبتي ,
ووقَعتِ في طََعمِ الوِحامِ ؟
وبِنورِكِ العالي ،
ستَفتَتِحُ الصَّباحاتُ المُثيرَةُ للأسى شُبَّاكَها
تَرمي على روحِ الخُسوفِ بِحارَها وشِباكَها
صَمَتَتْ لتَحكي نَجمةً أخرى لعاليَةِ المَقامِ !
تتلو لحنجرةِ الهوى شَغَفَ الكَلامِ لأَنتهي
ريقَ البَلاغةِ يعتَري ثَغْرَ الكَلامِ !
لتَعودَني مُتَصَوِّفًا مُتَعَبِّدًا ,
قَطَفَ الصَّلاةَ البِكْرَ عن شَفَةِ الإِمامِ !
****

هو : وقَلبًا لقلبٍ وقَفتُ أَماميْ !
لأَرمي إليها بأَصدافِ نَهرٍ
حَبيسٍ بشَهوَةِ ماءٍ جريءٍ يُداوي كُسُورَهْ .
وأَسقيهِ شَطَّيهِ دفءً نميرًا يُواسي عُبورَهْ .
وعامًا لعامٍ يُغيثُ أُمورَهْ .
وتنسابُ خَيلي كمَوجٍ لمَوجٍ
وأَعْقِلُ خيلاً كمَوجةِ كَرٍّ بشَطِّ الصَّهيلْ .
لعَلَّ القتيلَ يُواسي القَتيلْ .
وأبكي عليها , ومِنها سأبكيْ
وأُلقي عليها يَقيني وشَكِّيْ
بلادي تُقيمُ بمَسقَطِ غَيثٍ نَما فيهِ قَحطٌ
ستُلقي عليها الغُيومُ سلاميْ !
****

هو : قُلْ ليْ برَبِّكَ يا "أَنا" !
كيفَ انتَهَيتَ لكُلِّ هذا البُعْدِ عَنكْ ؟
كيفَ التجأتَ من العقاربِ للعقارِبْ ؟
وسكَبتَ ذُلَّ النائمينَ على فَمِ النَصِّ المُحارِبْ ؟
في عيدِ ميلادِ الهزائمِ كُلِّها ،
قامَتْ هديَّتُكَ الحميمةُ من تراتيلِ الحُسامِ !
ذا جارُكَ المَوجوعُ قَلبٌ جائِعٌ ،
ووقفتُ مَهمومًا أَماميْ !
أنا لَم أَجِدْ أَحَدًا أَماميْ !
حَيًّا ، وحيدًا بَحرُهُ يأتي غَدًا
ليُنظِّفَ البَدَنَ المُجَندَلَ مِن سِهاميْ !
****

هو : ووجهًا ... لقامَةِ صَبٍّ عتيقٍ وقَفتُ أَمامي !!