حين يبيت الحلم في حضن الألم/ القصة الذهبية لشهر أيار 2018 - الصفحة 3 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-05-2018, 12:33 PM رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي رد: حين يبيت الحلم في حضن الألم/ القصة الذهبية لشهر أيار 2018

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
كان فرحي يعانق السماء حين استلمت تأشيرة الدخول إلى وطني، إلى أشواقي العطشى، إلى قاموس ذكرياتي، منذ أحد عشر عاما وأنا مشرد عن رحم بيتي، لم تزفني قروح الأيام شيئا عن أهلي بعد استشهاد والدي ... فضمدت جراحي بمرارة الصبر، كنت أتعثر بعشوائية وأتخبط في عالم الغربة، يومي كأمسي أتجرع علقم العيش بلا استقرار.
أسرعت إلى قارورة أحلامي لأفتحها وأنثرها على أجنحة الشوق لتحلق بي فوق مآذن الحقيقة، اليوم سأسمح لحواسي العبور من بين أروقة الخيال، حتى تتخطى لمس الحدود بكل تنهيدة وزفرة، امتلأت حقيبتي الزمنية بكل الآمال فانشرحت سرائري وسكنت جوارحي.
بقيت أداعب بنات أفكاري طوال الليل، أطرد شرورها خارج حدود تفكيري حتى غلبني النعاس وجثم على صفحات أجفاني، كنت غارقا في سفينة أحلامي حتى سمعت المنادي ينادي لصلاة الفجر، أسرعت لأغسل آثار الأحزان وأجدد الإيمان والشكر لله بتفاؤل مفتوح الذراعين لاستقبال قبلات يومي الجديد.

ساعات قليلة ويكتمل هلال حزني فرحا بلقاء أمي وأخواتي، والوقت ينظر ببطء شديد إلى عينيّ المحدقتين به بين الحين والآخر، بينما ضربات قلبي تدق طبول الفرح بصوت أزعج ضلوعي وهي في أزقتها الضيقة لتنثر احمرار الدم في وجنتيي.
خطواتي تسابق آثار نعالي وهي تطارد المسافات بعد أن نزلت من المركبة التي تقلني، ليكون السجود أول حضن يضمني وأشتم به رائحة الوطن، وأبلله بغزارة الدموع الحارة التي روت أحواض شعوري المفعمة بالأمل.
ها أنا أقترب من مكان ولادتي، أبحث بجوارحي عن أحجار بيتنا من بين ازدحام العمارات وما بين ردم وتطاول في البنيان، لم أستطع تحديد هوية عنواني مع أن ذاكرتي القوية قامت باسترجاع الذكريات الماضية، ازدادت طرقات قلبي وتغيرت تضاريس وجهي وأنا أتعقب رماد البيوت وهي تعصفها الرياح الغاضبة، أحاول أن أطرد كل شائبة يمكن أن تستبدل لحظات ابتهاجي، أصابني الهذيان حتى فقدت لجام صمتي،
فقلت محدثا نفسي :
أذكر أن بيتنا في هذه الحارة، لكنّي لا أعرف أين هو بالضبط، هل يمكن أن يكون هنا ؟؟!

تسارعت نظراتي وأنا أرقب المكان متفحصاً أيّ دليل يرشدني، أحسست بيد تجثو على ظهري برفق لتطرد غبار ذهولي وضباب شرودي، فانتفض كل كياني على صوت يقول لي :
ما بك يا بني، هل لي أن أساعدك ؟

إلتفت بسرعة برق لمصدر الصوت الخافت أنتظر ومضة أمل تنشلني، وإذ بعجوز قد أثرت تجاعيد الحياة بقسمات وجهه،
قلت له :
يا عم هل لك أن تدلني على بيت أبو أحمد الشامي؟ أظنه كان هنا، فلا أرى إلا حطاماً وأكواماً من حجارة وحديد.
قال لي :
هذا هو بيته يا بني، فقد رشق بوابل من الصواريخ لينهار على أم أحمد وبناتها الثلاثة! لكن لماذا تسأل يا بنيّ، هل تعرفهم؟
انطلقت مني صرخة مدوّية نفضت جسدي وفراشي على صوت قصف شديد داخل البيت زلزل كل أركانه، وانهار جزء منه على أمي وأخواتي ليتجسد الحلم ويرتدي ثوب الحقيقة لأعاود دفن أحلامي بتابوت الحياة، منتظراً فتحه بفرج قريب من عند الله سبحانه وتعالى ...


جهاد بدران ..فلسطينية


حين يبيت الحلم في حضن الألم

القصة الحائزة على المركز الأول في مسابقة
آكاديمية الفينيق للقصة القصيرة أيار/2018


النص الذهبي.. الوصف الأنسب لهذا الإنجاز الكبير
الذي حققته أديبتنا القديرة جهاد بدران.

.......

بداية .. لن أخجل من الاعتراف بأنني بكيت صباح هذا
اليوم وأنا أقرأ هذا النص الذي حفر حروفه على جدار في
صدر القلب ..أو في محرابه لأكون دقيقا. نعم للقلب محراب
وكوة ومدفأة طينية قديمة. أكاد أحفظ هذا النص غيبا ..أعرف
كل تفاصيله وعاينت بدقة كل مفاصله..عشت ذلك الدور الذي
عاشه بطل هذا النص (أحمد). صحيح أنا ما زلت أعيش في
المكان الذي ولدت فيه، لكنني أعاني من الحسرة وشعور الأسف
والألم كلما تذكرت الحي القديم الذي عشت فيه طفولتي.. قلت في
أحد نصوصي أن الحنين يشد الذاكرة من شعرها.. وشعر الذاكرة
طويل..واالشد من الخلف الى الخلف يتسبب بألم حاد.. صداع شديد
يصيب القلب.. أشعر بخطوات النبض تركض في دمي .. وأشياء
أخرى كثيرة لن أذكرها لأن الحديث هنا عن هذا النص الرائع .


سأشير بداية الى القدرة الكبيرة التي تميز كاتبتنا المبدعة ووكيف أنها تمكنت من تشكيل
دور (الشاب أحمد) بطل النص، وهذا يعني أنه ــ ذكر ــ وهنا علينا أن
نقر بصعوبة أن تكتب الأنثى بحس الذكر، وهذا ما ينطبق على الذكر أيضا
حين يكتب بحس الأنثى.وطبعا أنا لا أعني ما يسمى (الأدب النسائي) ومقارنته
(بالأدب الرجالي) والأمور الشائكة والمختلف عليها بهذا الشأن منذ زمن بعيد
ولا أقصد التمييز ما بين إبداع الرجل وإبداع المرأة. لكنني أشير الى "الحس"
إن جاز التعبير..وقطعا حس المرأة يختلف عن الحس الرجولي وإن كان هذا
الكون الذي يمثله ويمثل كل أدواره عبر كل مراحله الزمنية هما الرجل والمرأة
معا. ولأنهما يمتلكان ذات العقل الذي يتم إعماله من قبلهما، إلا أن الحس الأنثوي
الطافح بالعاطفة (ومن منظور إيجابي) ولا أعني النظرة السلبية لهذه العاطفة كما
يتبناها البعض. لهذه الأسباب أرى صعوبة الكتابة عن مشاعر الأنثى الداخلية الصامتة
خصوصا من قبل الرجل لعدمك امتلاكه لذك الحس وهذا ما ينطبق على المرأة أيضا، مع
التأكيد على إمكانية حدوث ذلك وإن كانت حالات قليلة فإن بعضها كان ناجحا تماما.وهذا
النص من النصوص الناجحة والموفقة وكاتبتنا المبدعة تؤكد هذا من خلال تشكيلها لدور
البطل. ومع ذلك فإن تصوير المشهد العام للنص كان فيه لمسات عاطفية تفور بذلك الحس
الرقيق والدقيق دون أن تؤثر على دور (أحمد) ولم تلغي وجوده كشاب يبحث في أكوام
الماضي وما ردمته الأيام عن (الأنثى) عن أمه .. عن أخواته.. وهو يستذكر استشهاد والده.

...

لهذا النص روعة وجاذبية خاصة. فالعنوان وحده أكبر من كل الأوجاع
أن يبيت الحلم في حضن الألم.. الحلم ..!!

غالبا الأحلام جميلة تبث السعادة في النفس وإن كان الحلم يطهى على شمعة الأمل البطيبئة
إلا أن الأمل لا يتوقف عن تكرار وعده بأن الحلم سينضج، أما في هذا النص فإن الحلم يبيت
في حض الألم كنتيجة حتمية وأبدية.. وهذا ما لن تجد ما هو أوجع منه وأبشع من لياليه..ومن
هنا كان سر نجاح النص الذي بدأ من الحلم الذي نضج وصار حقيقة..لكنه لم يكن كما رآه، أو أنه
أخطأ في تأويله.

{{كان فرحي يعانق السماء حين استلمت تأشيرة الدخول إلى وطني،
إلى أشواقي العطشى، إلى قاموس ذكرياتي، منذ أحد عشر عاما وأنا
مشرد عن رحم بيتي، لم تزفني قروح الأيام شيئا عن أهلي بعد استشهاد والدي
... فضمدت جراحي بمرارة الصبر، كنت أتعثر بعشوائية وأتخبط في عالم الغربة،
يومي كأمسي أتجرع علقم العيش بلا استقرار.}}


الخبر المفرح بالعودة.. تأشيرة الدخول..ــ أحد عشر عاما وأنا مشرد ــ قاموس
ذكرياتي ــ لم يصله أي خبر عن أهله منذ استشهاد والده..فما وجد غير الصبر بلسما
لجروح الغربة ..والأبشع أن يكون اليوم كالأمس..لا جديد وكأن الأيام توقفت عن المسير
ودولاب الدنيا ثابت .. لا يدور..!!


لكن الحقيقة شئ مختلف..الأشياء تتغير .. والأحوال تتبدل..وإن لم تحمل الجديد بالنسبة
الى البطل والذي تبدأ حكايته بشكل معاكس و ـــ الكتابة بهذا الشكل صارت كثيرة ــ ربما
لأنها تقنية مغرية ومرغوبة، تصب في انجاح القفلة التي طالما عانى منها الكتاب..ليست
كل النهايات مدهشة ومذهلة حتى لو كانت ناجحة.!

{{أسرعت إلى قارورة أحلامي لأفتحها وأنثرها على أجنحة الشوق لتحلق بي فوق مآذن
الحقيقة، اليوم سأسمح لحواسي العبور من بين أروقة الخيال، حتى تتخطى لمس الحدود
بكل تنهيدة وزفرة، امتلأت حقيبتي الزمنية بكل الآمال فانشرحت سرائري وسكنت جوارحي.}}


صدمتني (مآذن الحقيقة) وأوجعتني (قارورة الأحلام) سأسمح لحواسي العبور من بين أروقة
الخيال.. أروقة الخيال واسعة جدا .. تسمح لنا بفعل ما نريد.. امتلأت حقيبتي الزمنية بكل الآمال
والآمال في أروقة الخيال .. سعادة وسكينة .. سكون الجوارح والجسد .. الى النوم ..والحلم
من جديد..


{{ كنت غارقا في سفينة أحلامي حتى سمعت المنادي ينادي لصلاة الفجر،
أسرعت لأغسل آثار الأحزان وأجدد الإيمان والشكر لله بتفاؤل مفتوح الذراعين
لاستقبال قبلات يومي الجديد.}}


أنه لم يغادر حتى يعود..ربما كان انتقالا محدودا ضمن جغرافيا المكان.. يعيش غريبا
لكنه لم يغادر بلاده التي تم احتلالها.. ما زال يعيش على نبض حلم لم يكن في نومه
إنما في صحوه.. أي أنه كان واقعا أمامه..وحجم الألم والمعاناة هي ما أوجدت الحلم
المقابل لهذا الكابوس..الأحلام المؤلمة تتحول الى كوابيس شرسة ومؤلمة، تحتاج بالمقابل
الى ما يواجهها لأن الحياة ستتوقف حين نعيش في هذه الكوابيس التي نمت من حقائق لا
يتقبلها العقل.. وهي تمزق القلب بمخالبها الحادة.. وكأنك يا أحمد تشردت في الداخل، ما بين
مخيم وآخر.. كنت وحدك..منذ استشهاد والدك.. هذا الحدث الذي مضى عليه من الأيام ما هو
أكثر من ولادة ذلك الكابوس ..والحلم الذي يصده عنك.. كنت غارقا في سفينة أحلامي ..حين
سمعت المنادي ينادي لصلاة الفجر.. ولأن الفجر حقيقة تأتي بعد ظلمة شديدة تحتاج منا الى
الانتفاض ..للوضوء فهو (سلاح المؤمن ) حسب ما جاء في الأثر ولأن الصلاة نور المؤمن
الذي يبصر به الوجود.. ويبقه على اتصال مع ربه سبحانه باعث الأمل والسكينة
وهو الرازق لقوت الصبر ...وأسرعت .. هناك خوف من التراكم حين نتأخر ..لأغسل آثار الحزن
وأجدد الإيمان والشكر لله ..


{ ساعات قليلة ويكتمل هلال حزني فرحا بلقاء أمي وأخواتي، والوقت ينظر ببطء شديد
إلى عينيّ المحدقتين به بين الحين والآخر، بينما ضربات قلبي تدق طبول الفرح بصوت
أزعج ضلوعي وهي في أزقتها الضيقة لتنثر احمرار الدم في وجنتيي.
خطواتي تسابق آثار نعالي وهي تطارد المسافات بعد أن نزلت من المركبة التي تقلني،
ليكون السجود أول حضن يضمني وأشتم به رائحة الوطن، وأبلله بغزارة الدموع الحارة
التي روت أحواض شعوري المفعمة بالأمل.}}


كل هذا الدفق الموصوف بأجمل ما يصل إليه الوصف والإمكان ونقل البطل من الخيال
الى الممكن المعقول..إنما هو استدراج بالغ الذكاء ويعلن عن قدرات رفيعة وأداوت المتمكن
فقد اقترب بنا النص من حالة انفراج لا شك أننا كنا نرجو أن تكون كذلك في الواقع، لكنها
في الحقيقة كانت تستدرجنا الى لحظات ذهول وصدمة هائلة مدوية في النفس كصوت قنبلة
ثقيلة.. فمتن النص محبوك باتقان ليشكل حجابا مؤقتا ما بين المتلقي والحقيقة التي لا يفصلها
النص..لكنه كان يشير إليها بومض سريع وخاطف، وضعنا في حالة غريبة فكنا ما بين الحلم
الغارق في حضن الألم وتطوره عبر مراحل صورها بمشاهد خاطفة جعلتنا نلهث وراء قطف
مراميها ..ورغم متعتنا بالمرور السريع من حقل هذا النص الذي فرض ايقاعه السريع، علينا
أن نعترف أننا لم ننجح في قطف ما نريد إلا حين كنا خارج الحقل ..حين لم نجد خارجه شيئا غير
صعقة كبيرة أحرقت قلوبنا.. فقد انتبهت مع (أحمد) وصرخت معه ..وانتظرت حتى يصحو من
صدمته اليومية.. وحتى ينتهي من صلاته حتى أفهم ما حدث..


{{أذكر أن بيتنا في هذه الحارة، لكنّي لا أعرف أين هو بالضبط، هل يمكن أن يكون هنا ؟؟!}}

يا إلهي .. لقد تغيرت ملامح الحارة تماما ..وهذا ما أكدته تقارير كثيرة عن ما تعرضت له\
بعض قرى ومدن فلسطين بعد الاحتلال ..تغيير كامل لشكل الأمكنة حتى لا تتطابق مع المخزون
في ذاكرة أبناء الحي..أو من يعرفون المكان .. سياسة (النزع والزرع) المبنية على لؤم وخبث
وشر كبير في هذه النفوس..



{{تسارعت نظراتي وأنا أرقب المكان متفحصاً أيّ دليل يرشدني، أحسست بيد تجثو على ظهري
برفق لتطرد غبار ذهولي وضباب شرودي، فانتفض كل كياني على صوت يقول لي :
ما بك يا بني، هل لي أن أساعدك ؟}}


هذا الشيخ الخبير والشاهد على الجريمة ..الذاكرة التي ما زلت تذكر التفاصيل وهو أحد مكونات
الحلم المهمة .. هذا إن لم يكن هو ذاته (أحمد) ولا يجعلني أتردد على الجزم بذلك سوى تلك السنوات
المذكورة في بداية النص ( منذ أحد عشر عاما وأنا مشرد عن رحم بيتي} لذلك يبقى احتمال أنه الشاهد
وأحد مكونات الحلم أقوى
..

{{قلت له : يا عم هل لك أن تدلني على بيت أبو أحمد الشامي؟ أظنه كان هنا، فلا أرى إلا حطاماً
وأكواماً من حجارة وحديد.
قال لي : هذا هو بيته يا بني، فقد رشق بوابل من الصواريخ لينهار على أم أحمد وبناتها الثلاثة!
لكن لماذا تسأل يا بنيّ، هل تعرفهم؟}}


لم يعرفه الشيخ مع أنه أبن البيت الّذي انهار على من فيه، وهذا بسبب بعده عن المكان ولسنوات
كما أن احمد لم يجد ما يستدل به على البيت..ولا حتى على حارته..وما وجدته يحتاج الى إعادة تركيب
بسبب خلل حدث في تركيزي هو بقاء هذا (الردم) طوال هذه السنوات، وهذا ما لم تجري عليه العادة
فالاحتلال كان يسرع بانشاء البدائل وخصوصا مستعمراته اذا وضع يده على المكان المنهار،أما إن
غادره فإن أهل الحي لن يتركون هذا المشهد لسنوات وهذا ما لم نعتده من الفلسطينين عموما. لهذا
ربما أن الفترة الزمنية هي عمر (أحمد) وربما هكذا يظن أقصد أحمد وأنه لم يكن دقيقا في حساب
مدة غيابه .. وهذا يعيدني الى أنه ربما يكون هو الشيخ لأنه في الصورة الأولى مثل حالة الشتات
والتشرد والغربة.. وفي الصورة الثانية مثل صورة الذاكرة الحارسة والحريصة على أن لا تتغير
ملامح الأمكنة وصورتها القديمة.. الذاكرة التي تحارب ما نشأ على انقاض بيوت الحارة..لكن الرقم
وعدد السنوات أبقاني في حيرة..وسأحاول رصده بطريقة مختلفة إن تمكنت.


{{انطلقت مني صرخة مدوّية نفضت جسدي وفراشي على صوت قصف شديد داخل البيت
زلزل كل أركانه، وانهار جزء منه على أمي وأخواتي ليتجسد الحلم ويرتدي ثوب الحقيقة لأعاود
دفن أحلامي بتابوت الحياة، منتظراً فتحه بفرج قريب من عند الله سبحانه وتعالى ...}}


صرخة مدوية .. نفضت جسدي وفراشي .. لقد شهد على وقوع الحدث ..كان في فراشه
لحظة وقوع الانفجار وانهيار جزء منه على أمه وأخواته..وربما أنه من الخوف وصدمته
بما حدث هرب من المكان.. ومنذ لحظة الانفجار وانهيار البيت وهروبه تشكل ذلك الكابوس
البشع والذي اضطره الى خلق حلم يصارعه به ويصارع الوجود من خلاله ليبقى فيه الأمل
بعودة الحياة وليس بعودة من ماتوا لأن من يموت لا يعود .. وهذا ما أراه يؤكد على أن كل
المشاهد تقوم على هذا الحلم الدائم والذي من الممكن أن نقول عنه الحلم الخالد حين نعني
آلامه وأوجاعه.. وشئ ملفت في هذه الصدمة التي أقفلت كل شئ أمامي ..لا أظن أن كاتبة
مبدعة بحجم القديرة ــ جهاد بدران ــ قد فاتها أن القفلة لو انتهت عند هذذا الحد:


{{انطلقت مني صرخة مدوّية نفضت جسدي وفراشي على صوت قصف شديد داخل البيت
زلزل كل أركانه، وانهار جزء منه على أمي وأخواتي}}
حتى لو لم يذكر أيضا الجزء المتعلق بأمه وأخواته ستكون القفلة أشد لأننا سنفهم ما حدث
من خلال الانفجار وانهيار البيت ونفض الجسد والفراش دليل على رؤيته لما حدث وعلى أن
ما يحدث بعد ذلك والذي وصفه النص كان حلما أختلقه لمواجهة ما رآه وما غرس فيه الحدث
فهل أسهبت الناصة بسبب اللحظة المتأزمة وما تخلقه من ردة فعل تؤثر في العاطفة والتركيز
أم أنها تعمدت ذلك؟ !

بالعودة الى ما قاله النص في البداية يجعلني أجزم أن هناك تعمد ولسبب معقول:
حين يخبرنا البطل عن غرقه في سفينة أحلامه، وبعدها ينقلنا الى انتباهه...
( حين سمعت المنادي ينادي لصلاة الفجر} لماذا لم تقل لنداء الفجر أو صوت آذان
الفجر.. يفسر هذا أن النداء كان للصلاة .. وأنه نداء الحق من كونه الفجر أول الضوء
والنهار وانبعاث الحياة بعد النوم.. ولأنها أرادت أن تربط ما بين ما يحدثه الحزن وما
وما تلوثه الكوابيس وحتى الأحلام ــ أحيانا ــ بصوت الحق الذي يُخرج الحالم من الوهم
وما يبثه الحزن ..والى أدوات الحق المعروفة لدينا وهي ــ الوضوء ــ وهو الطهارة والطهارة
تغسل أوساخ الأحزان وما يترسب في الأفئدة إذا ما استسلمنا للكآبة وللعجز الذي سينشأ فينا
نتيجة ذلك الاستسلام.. ثم لتربط ذلك بمدى حاجة الإنسان الى الصلاة التي تربطه بالخالق
نبع الآمال ومصدر النور سبحانه.. ( أسرعت لأغسل آثار الأحزان وأجدد الإيمان والشكر لله
بتفاؤل مفتوح الذراعين لاستقبال قبلات يومي الجديد. ــ وفي النهاية يقول : ليتجسد الحلم
ويرتدي ثوب الحقيقة لأعاود دفن أحلامي بتابوت الحياة، منتظراً فتحه بفرج قريب من عند الله
سبحانه وتعالى .... ــ (السجود أول حضن يضمني وأشتم به رائحة الوطن، وأبلله بغزارة الدموع
الحارة التي روت أحواض شعوري المفعمة بالأمل}} إذن كان متعمدا وإن كان على حساب القفلة
لتحقيق مكسب آخر وإعادة التدوير والإشارة الى أن هذا الحزن رغم استمراره واستمرار آلامه إلا
أننا نملك ما يخفف من آلامه وسطوته، والإيمان يتطور وترتفع مقاماته بامتصاص المقادير وشكر
الله تعالى في كل الأحوال وبإقامة الطاعات رغم كل المصائب، كل هذا يحتاج الى الصبر والجلد والرضا
بما قدره الله تعالى مهما كان.


ومن الذكاء الحاد والدقة اللافتة أن من يقرأ هذا النص سيجد نفسه ينتقل الى فلسطين المحتلة مكان
الحدث والحلم وأحمد وبيته الذي انهار، مع أن الناصة لم تذكر فلسطين بالنص، وقد يقول قائل بأن
الكاتبة فلسطينة ومن الطبيعي أنها تقصد فلسطين، سأقول له هذا ليس طبيعيا.. لأن النص لم يذكر
منطقة جغرافية محددة ولأن ما حدث قد يحدث في أي دولة عربية أخرى .. بل إنه حدث فعلا في
الدول العربية حتى تلك الدول التي لم تصلها الثورات وما نراه من اقتتال،..حدث هذا ولم يعلن عنه
ولأسباب مختلفة..!! أيضا نحن ما بأيدينا نص أدبي علينا أن نفصل ما بينه وبين صاحبه.



أديبتنا القديرة جهاد بدران

محاولة متواضعة لقراءة حرف شاهق ورفيع
من الطبيعي أن لا تكون صائبة وأن تبدو بسيطة
لكن يبقى الرجاء بأن المحاولة اقتربت ولو قليلا
وان يبقى الأمل بأن تتطور قدراتنا بفعل احتكاكنا
مع هذا الإبداع والجمال وإن طال بنا الدرب فإننا
سائرون الى أقدارنا .. فقد نصل الى ذلك النضج
الذي يؤهلنا الى قراءات مقبولة الى حد ما وقد
يقطع الموت علينا الطريق.. الموت قاطع طريق
وسيفه الحق، لذلك لا نملك إلا أن نرحب به وعلى
طريقته .. حين نسلم له الرقاب. أسأل الله تعالى
لكم العمر المديد السعيد في طاعته كما يحب وعلى
أحسن ما يحب ويرضى.

سلمتم وسلمت روحكم النقية محلقة
احترامي وتقديري






قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/
قديم 21-05-2018, 12:41 PM رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي رد: حين يبيت الحلم في حضن الألم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
عزفتم الفرح على أوتار الحروف..بتشجيعكم الكبير لمتواضع الحرف..
أنرتم المكان بردكم النفيس وترشيحكم النص للمسابقة ليكون ثمرة النجاح لاحقاً..وهذا دليل على نظرتكم الثاقبة في تحديد أسرار الجمال والتنقيب عن مكامن الرقي والضياء..
أستاذنا الكبير الراقي الأديب الفذ المبجل
أ.محمد خالد بديوي
تنيرون النصوص بحسن قراءتكم وجلال حضوركم وعمق فهمكم وأبعاد فكركم وعلمكم..فهنيئا للمكان الذي تستريحون به وأنتم تغدقون الفرح على جبين النص...
أشكركم كثيرا على هذا الحضور المائز وإن كان منقوصا في حدوده..وكلي أمل أن تكون مصافحتكم لكلماتي في كل أين وحين..
دمتم بكل الخير ورفعكم الله مكاناً علياً ورفع من شأنكم ومنزلتكم ما يكون باب سعادة ورضا من الله سبحانه
بوركتم وكل عام وأنتم الخير والنور
رزقكم الله علماً نافعاً ورحمة ومغفرة
ورمضان كريم

أيشري يا أبنة الأكرمين
وطلباتكم أوامر كما يقولون
لا شك أنني مقصر ومع الجميع.. وأرجو أن أتمكن
فأصوب أموري وأسدد قصوري.

شكرا لكم على كلماتكم الرائعة وتشجيعكم الدائم لنا
نحن (الغلابه) على رأي صديقنا العامر بالجمال
جمال عمران.

بوركتم وبورك نبض قلبكم الناصع
احترامي وتقديري






قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/
قديم 29-05-2018, 12:24 AM رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: حين يبيت الحلم في حضن الألم/ القصة الذهبية لشهر أيار 2018

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه مشاهدة المشاركة
مبارك الفوز بالمركز الأول
للأستاذة المبدعة جهاد بدران
تحياتي
كم كان لهذه الكلمات وقع وأثر كبير بليغ على نفسي..مما زاد من فرحتي
ولم أتوقع ذلك أبداً..
أستاذي الكبير الراقي المبدع المتألق
أ خالد يوسف ابو طماعه
دائما تحمل الخير في جعبة حرفك ويتدفق النور من فوهة قلمك
..أتفاءل بكم جدااا وأسعد بوجودكم بين سطوري
هنيئا لكل نص تهطل ببلاغة حرفك وفكرك المنير وقراءتك الفذة لكل ما فيه وبين أروقته..
لا حرمنا من هذا التوقيع الذهبي من أنامل قلمكم الراقي
دمتم ودام نور قلمكم في سماء الأدب يضيء النصوص بفخامة قراءتكم الرائعة العميقة..
وفقكم الله لنوره ورضاه
وتقبل الله طاعاتكم وصيامكم وكل عام وأنتم الخير والنور وإلى الله أقرب..
رمضان كريم






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-06-2018, 01:57 PM رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: حين يبيت الحلم في حضن الألم/ القصة الذهبية لشهر أيار 2018

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه مشاهدة المشاركة
تثبيت النص
لعشرة أيام
ثبتك الله على الحق وعلى صراطه المستقيم
أستاذنا الكبير الراقي الأديب الفذ
أ.خالد يوسف أبو طماعة
تنعم الحروف بالسعادة حين تربتون عليها بقراءتكم البارعة
دمت أيها الكبير قنديلاً لا يخفت أبداً...
باركك المولى وزادك علماً ونوراً وخيراً كثيراً






  رد مع اقتباس
/
قديم 24-06-2018, 02:05 PM رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: حين يبيت الحلم في حضن الألم/ القصة الذهبية لشهر أيار 2018

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير محمد مشاهدة المشاركة
ألف مبروووك للأخت الغالية والعزيزة جهاد بهذا الفوز المستحق
تستحقينه وعن جدارة غاليتي
والشكر الموصول للجنة التحكيم الموقّرة
ولكل من شارك وساهم في إنجاح هذه الفعالية الرائعة.
مع اصدق امنياتي بدوام التوفيق بإذن الله
محبتي والورد
وتنعم الروح بالعطر والنور حين تلامسين أطراف النص وحين تهطلين بروحك الندية على وجه الحرف...
باركك المولى غاليتي الرقيقة الأديبة الرائعة
أ.عبير محمد
شكراً لنور حضورك وللجنة التحكيم الموقرة ولكل من رسم السعادة على جبين النص...شكراً كثيرة وجزاكم الله كل الخير






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط