10-01-2012, 05:53 PM
|
رقم المشاركة : 1
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
آخر
مواضيعي |
|
|
في أيِّ حُبٍّ تُقيمين ؟
في أيِّ حُبٍّ تُقيمين ؟
د. نديم حسين
حتَّى يفقَهَ الأُقحوانُ روحي ، كان عليه أن يتحلَّى بصَمتٍ عاشِقٍ ، حزينٍ كموجةٍ مكسورةٍ . وكان عليه أن يعرفَ في أيِّ حبٍّ تُقيمين ! وأن يقرأَ وجهَكِ من اليمين إلى الشِّمالِ ، ليُدركَ أنكِ تأخذينني إلى أقصى أقاليم الوجَعِ النَّاطقِ ، حيثُ ترمينَني بنظرةٍ متسائلةٍ :
مَن تكونُ أيها العاشقُ التـَّمرِيُّ لنخلةٍ غائبةٍ ؟
- أنا من دَمٍ وعاطفةٍ وريحٍ . أنا الزَّمنُ الطِّفلُ الذي رآكِ تستحمِّينَ عاريةً في عُقرِ مائهِ . أنا القنديلُ الذي تتـَّكئُ الشمسُ على خاصِرةِ جنونِهِ . تتـأَزَّرُ ذاتَهُ . تقَلـِّدُهُ . تتقَلـَّدُ حفنةً من نورِهِ الخافِتِ لكي تراني غافيًا . وفي زمنِ السُّباتِ يتَمـَطـَّى الحُبُّ . تتثاءَبُ الشَّهوةُ . وقد كانت لديَّ شمسٌ طارحتني الضوءَ حتى الانطِفاء وأنا أستطيع أن أحرِّرَكِ وقتما أشاءُ لأصيرَ سيِّدَكِ أو عَبدَكِ . لن أصادِقَ المَلـَلَ . فأنا أستطيعُ أن أبَذِّرَ حَوْليَ ووقتيَ كيفما أشاءُ . أستطيعُ أن أقضي ساعةً كاملةً في قياسِ حجمِ غيمةٍ عابِرَةٍ !
أدرِكُ أنَّ الحروبَ لا تنتهي في فصلِ الشتاء . وأن الماء لا يتوبُ عن طباعِ شفتَيهِ . وأنني أستطيعُ أن أحلقَ شعر ذقن الشاطئ بشَفرة موجةٍ مثابرة . وأن أرشَّ رذاذَ العطر على خدَّيه ليتوَرَّدا . أستطيع أن أصنعَ من حنيني عُرسًا لهذا الشاطئ . شاطئي هو بداية البلاد كلها ! ودبكتي الشهيَّة تقِفُ على أقدامِ شيوخِ الجبال .
أيتُها اللهفةُ المعرِّشةُ على ذاكرة الجدران العارية ، المتدثِّرةُ بقماش الذكرى ، يستنبتُ الشوكُ عذابي يا يتيمةَ الوَجدِ . وأنتِ يُلفِّعُكِ الحنينُ في أسِرَّةِ التغَرُّبِ . يا حسرةَ النعناعِ الذي يشربُ من كفَّيَّ . عودي لتنتشليهِ من ثقوبِ الذاكرةِ المتقَيِّحةِ . صبابَتي ما زالت فتيـَّةً ، فمتى يُصيبُها شَيبُ القلبِ ، واحمِرارُ العقلِ بنصاعةِ الألوان ؟
لقد ملَلتُ أن أكونَ طفلاً نقِيـًّا ، يحتمي ببراءةِ الحيادِ وصمتِ الرمادِ في حضرَةِ الطقوس الحارَّةِ . ثلجي مقروسُ السِّحنَةِ . ملدوغٌ بسخافات الشتاء . ثلجي مسِنٌّ قصُرَت خطاهُ فطالَ طريقُهُ . وعمري الواعي لا يشربُ من دِنانِ ظِلِّكِ الميَّاس . قـَدُّ حبيبتي صَحوٌ وصحوةٌ وصِحَّةٌ ومَصَحَّةٌ .. وإيابٌ وافِرُ التـَّوقِ . وأنا المُكتفي ببهجةِ أحزاني .. أرتقُها لأرتديها ! وأدَّخر في عمري الواعي ما يُقيلُني من عثاري . مهجَتي مُبتَلـَّةٌ بالنـَّزفِ . ولحشرجَتي مأزَقٌ صَوتيٌّ ، فهَل أكونُ ظاهِرةً صَوتيَّةً في بلادِ الصَّمَمِ المُريح ؟!
في مَوقِدِ الروحِ حِكمةٌ ساخنةٌ . في حِكمةِ الروحِ سخونَةُ الروحِ . وفي عناقِ النَّدى والدَّمعِ حِكمةٌ صباحيَّةٌ . ولهذا فإنَّني أبكيكِ كلَّ صباحٍ . صباحي يُذكِّرني بغروبِكِ . أتسألينني من أكونُ ؟
لكي يفقَهَ الأقحوانُ روحي كان عليهِ أن يتحلَّى بصَمتِ عاشِقٍ . وحُمرَةٍ كثيرةٍ ! وكانَ عليَّ أن أستدرجَهُ إلى أقاليم اللغةِ التي تتكلَّمني بطلاقَةٍ . والتي لم تطأها بَعدُ أقدامُ الحِبرِ . ولم تدَنِّسْ فضاءَها بَعدُ أنفاسُ المُفرداتِ المنافقة !!
أيتها المخلوقةُ الجميلةُ كروحي ، في أيِّ حُبٍّ تُقيمين ؟!
|
|
|