الغبار الأسود

[قصي المحمود]

الغبار الأسود
أفاق وهو يكاد يختنق من الغبار الذي يغطي المكان، بصعوبة راح ينظر من النافذة إلى الخارج، كانت الرؤيا معدومة... يبدو أنها عاصفة رملية تمتم في داخله وأسرع يغلق الشبابيك المفتوحة دون جدوى؛ فقد ضربت العاصفة الأبواب بقوة واستوطنت حباتها الرملية كل شيء بلا استثناء، تكدس الغبار وتاهت بقايا العصافير عن أعشاشها. بدأ باقي أفراد المنزل بالاستيقاظ في نوبة سعال حادة، أصواتهم مشوشة بذات النبرة، صرخ بهم بصوت لا يكاد يصل الى مسامعه ليعطوه قطعة قماش مبللة، فهو يكاد يختنق ولا يرى شيئا، خاصة مع تقطع أسلاك الكهرباء... ساد ظلام دامس... يحفظ المسافة بين المطبخ وغرفة نومه عن ظهر قلب، يقطعها بسهولة في النور، لكن مع هذا الظلام والغبار!!
تلمس الجدران حتى وصل إلى المطبخ، ومن بابه الآخر إلى حديقة الدار، فإذا ابنته الوسطى تحاول نفض الغبار عنها دون جدوى
- أين باقي العائلة... خاطبها بصوت عالٍ
- لا أدري أبي، أنا لا أرى شيئا
- هل معك هاتفك
- لا
- لنعد نبحث مصباح أو هاتف
بصعوبة وصلا الى باب المطبخ، فجأة رن الهاتف الجوال، أسرع إليه مستدلاً برنينه، لا يعد يعنيه من المتصل بقدر ما يعنيه مصباحه
نعم.. من المتصل..
- أنا سراب شقيقة زوجتك... يبدو أن قريتكم تتعرض لعاصفة رملية مخيفة... أسرعوا بالقدوم إلينا... نحن ننتظركم...
هو لا يطيق سماع أهل زوجته، منذ أن تزوج شيرين وعائلتها تتدخل بالصغيرة والكبيرة، والدتها امرأة متعجرفة سليطة اللسان وحقودة، قاطعهم منذ ثماني سنوات، وهاهم اليوم يتصلون به.. ربما شامتين به، لم يعد يأمن جانبهم... لم يجبها وأغلق الهاتف وأشعل مصباحه..
رغم صعوبة الرؤيا استدل الأولاد بنور الهاتف وهرغوا إليه.. خرجت زوجته وهي ترتدي كمامة! كانت مفاجأة للجميع، كيف علمت بالعاصفة واشترت كمامة! ولم لم تشتري لكل العائلة؟؟ أما هو فلم يفاجئه تصرفها فهي أنانية لا تحب إلا نفسها، طلب من الجميع أن يكونوا قريبين من بعضهم للخروج من القرية، واقترح أن يذهبوا جميعا إلى أقربائه في القرى الغربية من قريتهم، واجه رفضا عارما من زوجته التي وجدت الفرصة سانحة لتعود إلى أهلها، كأنها كانت أسيرة وقد حانت لحظة الإفراج عنها! في هذه الحالة بقي هو على تخوم القرية لحين انجلاء الغبار، وربما يجد طريقة ما لتخفيفه، قد يطلب المساعدة من أي كان عدا أهل زوجته؛ فلهم ثارات قريبة وبعيدة معه ومع عائلته....
حين وصلوا إلى تلال قريبة من القرية، لم يجد زوجته وابنه الأكبر وابنته الصغرى، ولده الآخر قرر التوجه شمالا إلى منطقة يسكنها أغراب، مرتفعة يفصل بينها وبين قراهم بحر واسع....
لم ينفع اعتراضه بعد أن فقد زمام المبادرة وتفكك عقد الأسرة، راقب رحيلهم وهو متعجب مما يراه؛ قريته وقرية مجاورة فقط يغطيهما الغبار، وبقية القرى المجاورة تتفرج دون حراك!!.
قرر الدوران حول القرية لمعرفة سبب ضجيج خافت غريب، وكلما سار كان يتضح الصوت أكثر، كانت النجوم تضيء المكان بطريقة لطيفة والقمر بدرا، ينظر بعين غاضبة، حين اقترب هاله ما رأى؛ طائرات بمرواح عملاقة تثير غبار التلال المجاورة للقرية، طرق أذنه صوت آخر قادما من اتجاه قرية أهل زوجته، انعقد لسانه وهو يرى حفارات عملاقة تحفر في الرمال، ومراوح عملاقة ترسل الغبار باتجاه قريته.....
أي حقد أعمى هذا الذي يجعلهم يساهمون في طمس قريته!!
احتضن ابنته وهي تبكي بحرقة، يشاهدان قريتهما تكاد تختفي من كثرة تراكم الرمال عليها...
أخرج مسحاة بدون عصاها الخشبية كان قد حملها مع بعض ثيابه، نظرت إليه ابنته وقد أصابتها الدهشة...
- ماذا تفعل بمسحاة لا تحمل أكثر من كف تراب يا أبتي.....
أجابها بحزم: سنزيل الغبار عن القرية بها......
القصّي



القصي

[عبير محمد]

قصة جميلة معبرة والقفلة جسدت معنى المثابرة والتكاتف من أجل تحقيق الأمل في ازالة الغبار الأسود عن المدينة والإصرار على البقاء.
سعدت كثيرا بالقراءة اديبنا الوارف
تحية تليق
وكل الود والورد

[ناظم العربي]

سنزيل الغبار.....
ولنقل هو الاصرار والتحدي
سلمت أيها الباسل في حرفه المنتصر للضمير الحي
محبتي وتقديري

[حسين محسن الياس]

نص قصي جميل
وقد عبر عن تماسك الاب عند الازمه
رغم تفكك اسرته ..فقد اصر على القيام بواجبه
ولو بابسط الادوات
الاخ القصي
احييك مع التقدير

[الشيخ احمد محمد]

قصة رائعة وأسلوب شيق وجميل ، فيها الكثير من المعاني الإنسانية النبيلة ، كل التقدير والمودة

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير محمد

قصة جميلة معبرة والقفلة جسدت معنى المثابرة والتكاتف من أجل تحقيق الأمل في ازالة الغبار الأسود عن المدينة والإصرار على البقاء.
سعدت كثيرا بالقراءة اديبنا الوارف
تحية تليق
وكل الود والورد

سعيد انك اول العابرين
كل الود والتقدير والورد والاحترام

[روضة الفارسي]

قصة رمزية هادفة مشوقة فقط أعد قراءتها لو سمحت ففيها اخطاء رقن ويضا تفتقد احيانا للنقط، والفواصل انا أيضا دائما يحدث لنصوصي ما حدث لنصك العميق هذا.

أستاذ قصي /لو لم تكن القصة رمزية لحمّلت الأب نتيجة عناده وعدم صفحه لأهل زوجته ولكن اظن ان النص ابعد من ذلك بكثير


كل التحايا والتقدير أستاذ قصي

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم العربي

سنزيل الغبار.....
ولنقل هو الاصرار والتحدي
سلمت أيها الباسل في حرفه المنتصر للضمير الحي
محبتي وتقديري

ناظم الحرف الجميل
يسعدني مرورك الأنيق
حتما ان لم يكن اليوم فغدا
تحياتي وتقديري

[عباس العكري]

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسين محسن الياس

نص قصي جميل
وقد عبر عن تماسك الاب عند الازمه
رغم تفكك اسرته ..فقد اصر على القيام بواجبه
ولو بابسط الادوات
الاخ القصي
احييك مع التقدير

وأحييك باجمل التحايا لمرورك الكريم
فائق تقديري

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ احمد محمد

قصة رائعة وأسلوب شيق وجميل ، فيها الكثير من المعاني الإنسانية النبيلة ، كل التقدير والمودة

الروعة في مرورك الجميل
تحياتي وتقديري

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي

قصة رمزية هادفة مشوقة فقط أعد قراءتها لو سمحت ففيها اخطاء رقن ويضا تفتقد احيانا للنقط، والفواصل انا أيضا دائما يحدث لنصوصي ما حدث لنصك العميق هذا.

أستاذ قصي /لو لم تكن القصة رمزية لحمّلت الأب نتيجة عناده وعدم صفحه لأهل زوجته ولكن اظن ان النص ابعد من ذلك بكثير


كل التحايا والتقدير أستاذ قصي

الفاضلة روضة الفارسي
جزيل شكري اليك لمرورك الحاتمي مع التقدير والإمتنان

[نوال البردويل]

قصة مؤلمة ومع هذا فقد كان التحدي غرضها
سرد جميل راق لي....
كل التقدير أ. قصي
وتحياتي

[أحمد علي]

السلام عليكم ورحمة الله


لقد رأيت الغبار الأسود يمثل الغشاوة التي على أعيننا والتي جعلت الأعداء يستهينون بنا ..
ويطرقون الحديد وهو ساخن في محاولة لإعادة تدوير مجتمعاتنا ونحن لانملك زمام المبادرة ..
ولا حتى نتشبث ببصيص أمل قد يجمعنا على كلمة سواء ..
يقول المثل أكلت يوم أكل الثور الأبيض ...
من يقف موقف المشاهد يندم والحياة والتاريخ خير شاهد ...
قصة جميلة عميقة ..
فقط بعض همزات الوصل والقطع ...

ولكنها هادفة ونبيلة القصد ...

للتثبيت الإجباري

تحياتي أ. قصي

[أسامة خواجي]

قصة رمزية ابعد من حروفها !

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري

الاخ عباس امتناني وتقديري

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل

قصة مؤلمة ومع هذا فقد كان التحدي غرضها
سرد جميل راق لي....
كل التقدير أ. قصي
وتحياتي

هي قصة واقع مرير كان الغبار فيه غطى الحقيقة
تحياتي اليك وامتناني وتقديري لمرورك الكريم

[احمد الفيصل]

ذكرتني باولاد حارتنا لنجيب محفوظ
رمزية بامتياز

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري

الرائع عباس
ممتن اليك مع جزيل شكري

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل

قصة مؤلمة ومع هذا فقد كان التحدي غرضها
سرد جميل راق لي....
كل التقدير أ. قصي
وتحياتي

الأستاذة الفاضلة نوال إمتناني لمرورك الكريم
فائق تقديري واحترامي

[محمد الفاضل]

سرد جميل ومشوق أستاذ قصي ، والأجمل روح التحدي والإصرار على الحياة برغم حقد الغبار
بوركت
أسجل إعجابي
محبتي

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد على

السلام عليكم ورحمة الله


لقد رأيت الغبار الأسود يمثل الغشاوة التي على أعيننا والتي جعلت الأعداء يستهينون بنا ..
ويطرقون الحديد وهو ساخن في محاولة لإعادة تدوير مجتمعاتنا ونحن لانملك زمام المبادرة ..
ولا حتى نتشبث ببصيص أمل قد يجمعنا على كلمة سواء ..
يقول المثل أكلت يوم أكل الثور الأبيض ...
من يقف موقف المشاهد يندم والحياة والتاريخ خير شاهد ...
قصة جميلة عميقة ..
فقط بعض همزات الوصل والقطع ...

ولكنها هادفة ونبيلة القصد ...

للتثبيت الإجباري



تحياتي أ. قصي

قاريء محترف
فككت رموزها ,مهما تكن فيها من هنات فهي سجلت قصة مختصرة
لعها تزيل الغشاوة عن البعض
إمتناتني وتقديري اليك كع جزيل شكري لجعلها في الواجهة لتساهم
بهدفها النبيل

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسامة خواجي

قصة رمزية ابعد من حروفها !

أصبت وهذا هو واجب الأدب
تحياتي

[خديجه عبدالله]

قصة رائعة نسجت حروفها باقتدار
القدير/ القصي
بوركتم

[قصي المحمود]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد الفيصل

ذكرتني باولاد حارتنا لنجيب محفوظ
رمزية بامتياز

في الرمزية تتشابه مع فارق القامة الادبية
ولكن تختلف فكرا وهدف
تحياتي اليك