|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
30-08-2009, 01:36 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الضائع
الضائع حين رفع الضابط يده لتهوي على وجه الشيخ السجين، دون سبب، لم يفطن إلى أن هذا الشيخ بعمر جده، أو أبيه ، أو أنه دكتور أو مهندس أو محام ، أو صاحب رسالة، أو مركز اجتماعي مرموق...
ورغم جهله لهذه الأمور إلا أنه يعترف أنه خلال جزء الثانية الذي سبق اللطمة تذكر أن هذا الشيخ ليس لصّا، أو تاجر مخدرات، أو قاتلا.. ومع ذلك لم يتردد، وهوت يده بشدة على وجه الشيخ بلع الشيخ السجين غضبه بكبرياء، كما بلع بضعفه كمية كبيرة من الألم الجارح، وهو مدرك أن الكبرياء لا يحس بها صغار النفوس، وأن لها طعما لا يتذوقه إلا الأقوياء، حين يقعون في المحن، وأن للظلم رائحة عندما تمتزج بالجهل تطرح شرا... ربما تمنى أن يتوقف الزمن، أو تنشق الأرض..أو تتصدع السماء فتهوي النجوم والشمس والقمر لتدك معاقل الظلم أينما كان... لكنه اكتفى بأسبرين الصمت... ولم يقل أكثر من "البحر الواسع لا تعكره ترعة" ولم يزد !!! قالها بلهجة الأب الغاضب ، المجروح من عقوق ولده، العاجز أمام ضياعه ... ودارت الأيام.. .تاتي وتذهب.. كالطيور..كالغيوم .. تترك جروحا وتداوي جروحا واندمل الجرح تحت غبار الأيام وفتات الذكريات.. والشيخ في ظلمات السجن والأيام..، كالمواسم، خصبة، مفرحة أو قاحلة من الفرح، مُرّة بجفافها.. حبلى بالمفاجآت.... لكن هذه المرة كانت غريبة المفاجأة، مزقت رائحة السجن المتغلغلة في ذكريات الأيام وخبايا النفوس، أمطرت رطوبة ودبقا، فتلتصق الثياب باجساد المساجين ، تزيدهم سجنا داخل سجن، وسجنا داخل حصار.. وحصارا داخل سجن. ألهبت المفاجأة الحر المسلِّط، ألسنة من نار، تبعثر الذكريات ومسيرة الأيام، وتلاشى السؤال في حدّة االدهشة تلاشيَ الظلام أمام النور. وتنفرط لمّة المساجين المتآلفين مثنى وثلاث ورباع، حين فتح باب السجن، في غير ميعاد، فالوقت ليس وقت إفطار أو غداء، ولا هو وقت صلاة ، لأن الصلاة غير طبيعية وأنت ترفع يديك إلى الله ولا تدري إن كنت ترفعها إيمانا أو خوفا من البندقية المتربصة بك ، ولا حتى وقت قيلولة في الحر الشديد داخل الجدران السميكة المتعرّقة برائحة الرطوبة وعفن السجون. فتح الباب الرواق، ووقف كل المساجين على أرجلهم، كما عوّدوهم هذه المرة خيم صمت مشحون باستغراب ودهشة واسئلة تقف على حوافّ الألسنة، تريد أن تنطلق لكن الدهشة تلجمها... اتجهت العيون كلها نحو الضابط المدفوع بعنف وسط الرواق، يرتدي ثياب المساجين بدلا من ثياب السجانين أحاط به المساجين وعلى لسان كل منهم أكثر من سؤال.. كيف!؟ ..ولماذا!؟..وأين!؟.. ومتى!؟.. وعما إذا كان معه سجائر؟؟ تساءل الشيخ الذي كان أول من احتضن الضابط.. تساءل بصمت.. مع نفسه صحيح!! هل اهتزت مدينة الظلم التي كان يضرب بسيفها أو يتكئ ُعليه !!؟؟؟ هل انقلبت الدنيا خارج السجن؟؟ هل عاد العدل إلى اعتداله، بعد غياب أكثر من نصف قرن؟؟ هل سوّيت موازين الطبيعة المنحرفة عن موازينها والخارجة على طبيعتها؟؟ وبدون أن يفكر كثيرا، وتلقائيا احتضن الضابط... ربما تخيل ابنه، أو أخاه أو أي إنسان عزيز عليه... أحس أن الأرض الصلبة تميد به قال موجها كلامه للضابط السجين: تعال.. اقترب .. احك لي ماذا جرى؟؟ قال الضابط ضربت سجينا غير عربي بعد أن شتمني ورفع الكرسي ليضربني وعيرني بعروبتي. لاحت على وجه الشيخ ابتسامة حزينة لها أكثر من معنى ظن الضابط السجين أن الشيخ يتذكر الماضي ويتشفى به فنفر وابتعد! لم يزد الشيخ على أن ربت على كتف الضابط وقال هدئ من روعك ، ولا تنس من أنت، على الأقل يهون عليك سجنك، وتتبخر نصف كمية الغضب المطل من بين عينيك! بهت الضابط .وانكمش ! واندمج في رطوبة السجن منطويا على نفسه وطوال مدة سجنه ظلت نظراته تهرب أمام نظرات الشيخ كي لا تلتقي بها.. بينما ظلت يد الشيخ وعينه ترعاه . |
|||
30-08-2009, 03:59 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الضائع
ولا تنس من أنت، على الأقل يهون عليك سجنك،
و إن نسي فالتاريخ لن ينسى أنّه ساند الظلم فأذنب بحقّ نفسه و بحقّ الوطن .. و لا بأس من سجن يعيد فيه ترتيب أوراقه و مواقفه .. بينما في السجن الكثير ممـّن كان جرمهم حبّ الوطن .. لا تنس من أنت .. جملة كانت كما الصاعقة تقول لنا : عروبتك جرم بحدّ ذاتها في عينهم .. و سواء عندهم من خنع لهم أو عارض وجودهم .. فقرارهم بسجنك و موتك سابق كلّ شيء .. لا تنس من أنت .. و قد كان منك ما كان لكنّي غفرت وفاء للدم و غدروا بك وفاء للغدر .. لا تنس أنّ ندمك يناصف الغضب في ذاتك .. بينما غضبي بقدر محبّتي لوطن أريدك أن تكون مع أبنائه لا عليهم .. المكرم أمين خير الدين .. بعد الذروة تأتي النهايات التي تقول كلّ شيء .. و نهاية قصتك أحسنت القول و التعبير عن هدف أردته .. بوركت ودمت مبدعاً للحياة في قصّة .. تمنّيت للتفاصيل التي وردت قرب الذروة و دخول الضابط السجن لو أنّها عرضت قبلها لترصد معاناة السجن .. و تبقى أمنيتي مجال خطأ في الرؤية .. مودّتي و احترامي
|
||||
30-08-2009, 05:30 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: الضائع
الكاتبة الكريمة بشرى حسن بدر"من أنت"
كم نحن بحاجة إلى هدهدة هذه العبارة وترديد صداها لأن بعضنا لم يعد يعرف من هو والتاريخ يسجل وكرم الشيخ السجين وسعة صدره الأوسع من البحر أكبر من تعاقب طائش ضال!! أما معاناة السجن فيكفيها أنها تفقد الصلاة روحها ودافعها ومعناها ، وعفونة السجن ورطوبته التي تخلق حصارا داخل السجن وسجنا داخل الحصار لك كل تقديري واحترامي وشكري مرورك توج القصة وأكسيها عمقا ومعنى وحدة وتاثيرا |
|||
15-09-2009, 03:12 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: الضائع
سلام الله
و تحية ترقى لتليق بكم ثمة حروف لكم تناديكم هنا : http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=10266 وثمة من صافحكم لعتايتكم ولكم جل الاحترام ********* |
||||
16-09-2009, 05:39 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: الضائع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زيـاد السعـودي سلام الله و تحية ترقى لتليق بكم ثمة حروف لكم تناديكم هنا : http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=10266 وثمة من صافحكم لعتايتكم ولكم جل الاحترام ********* مرورك الكريم يرفع من مكانة النص شكرا وتحياتي ومودتي |
|||
18-09-2009, 11:32 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: الضائع
نص بقمة الروعة هكذا هي الايام تدور ومن تم تذكر البشر بأن لاشئ يغفل ابداً
|
||||
10-01-2010, 05:40 PM | رقم المشاركة : 7 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
اقتباس:
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=6 width="100%" border=0><TBODY><TR><TD class=alt2 style="BORDER-RIGHT: 1px inset; BORDER-TOP: 1px inset; BORDER-LEFT: 1px inset; BORDER-BOTTOM: 1px inset">المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة رشاد ناشر نص بقمة الروعة هكذا هي الايام تدور ومن تم تذكر البشر بأن لاشئ يغفل ابداً الشاعرة المكرمة فاطمه رشاد ناشر من خلال غمائم الخجل الذي يلفني أنشد المعذرة للتاخر الذي فاجأني دون ان أعرف سببه كلماتك لا تُثمن ومرورك أثمن ألف اعتذار وألف شكر </TD></TR></TBODY></TABLE>
|
|||||||||||||
12-03-2010, 08:33 PM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: الضائع
تحية لروحك السامقة اسهمت في العلاقة التشاركية بين الناص والنص والمتلقي صاحب النص قادر على اعادته للذاكرة .. فكثير ود |
||||
13-03-2010, 12:24 AM | رقم المشاركة : 9 | |||||
|
رد: الضائع
اقتباس:
[frame="2 60"]استاذي الفاضل لطالما كانت الحكايات مصدر فرح وسعادة رافقتنا منذ الطفولة مع انها كانت تجعلنا نبكي وما دنيانا إلا حفنة حكايات سنحكيها جيلا بعد جيل دمت محلقا سيدي ولك كل الود والاحترام أمل[/frame]
|
|||||
13-03-2010, 12:36 PM | رقم المشاركة : 10 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امل عبدالرحمن [frame="2 60"]استاذي الفاضل لطالما كانت الحكايات مصدر فرح وسعادة رافقتنا منذ الطفولة مع انها كانت تجعلنا نبكي وما دنيانا إلا حفنة حكايات سنحكيها جيلا بعد جيل دمت محلقا سيدي ولك كل الود والاحترام أمل[/frame] الأديبة امل عبد الرحمن "لطالما كانت الحكايات مصدر فرح وسعادة" لكنها صارت وسيلة لإخماد براكين تتفاعل في النفوس التي تعيش في قلب المحن سنظل"نحكيها جيلا بعد جيل" شكرا لمرورك الكريم ودمت مع الود والاحترام
|
|||||||||||||
22-03-2010, 10:22 PM | رقم المشاركة : 11 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لانا أحمد
الغالي أمين! "البحر الواسع لا تعكره ترعة" قلمك لا يخيب ظني أبدا..وأعرف عند دخولي لعالمك القصصي بأني سأخرج اكثر ثراءا سلمت يداك الكاتبة المتألقة لانا أحمد أدمنت كلماتك التي امتلكت فؤادي وحين تتأخرأبحث عنها لأنها غالية كثيرا كثير دمت بود وبخير
|
|||||||||||||
23-03-2010, 10:19 AM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: الضائع
أن الكبرياء لا يحس بها صغار النفوس، وأن لها طعما لا يتذوقه إلا الأقوياء،
يا لها من حكمة عظيمة اخدتني قصتك اخي امين لدرجة كبيرة تأثرت جدا جدا بما عانى الشيخ من ألم احترامي و تقديري |
|||
23-03-2010, 04:26 PM | رقم المشاركة : 13 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
لديك نفس سردي قوي
احييك كن بخير..
|
|||||||||||||
23-03-2010, 07:48 PM | رقم المشاركة : 14 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أفراح حمود لديك نفس سردي قوي احييك كن بخير.. اشتاق هذا النص لمرورك
أحييك وكوني بخير وود
|
|||||||||||||
23-03-2010, 07:51 PM | رقم المشاركة : 15 | |||||||||||||
|
رد: الضائع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبا خليل أن الكبرياء لا يحس بها صغار النفوس، وأن لها طعما لا يتذوقه إلا الأقوياء، يا لها من حكمة عظيمة اخدتني قصتك اخي امين لدرجة كبيرة تأثرت جدا جدا بما عانى الشيخ من ألم احترامي و تقديري أخت صبا خليل الشاعرة المكرمة شكرا لمرورك أكسبت النص ألقا
|
|||||||||||||
|
|
|