لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26-02-2020, 10:41 PM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
أميرة بُصرى (قصة قصيرة)
أميرة بُصرى
قصة قصيرة بقلم الروائي - محمد فتحي المقداد تلجلج السؤال على شفتيْه مع إطلالة الأميرة من شرفتها، عيون الانتظار تنشدّ بلهفة الشوق لرؤية وجه محبوبة الجماهير. انشداده مع الجموع أنساه ما كان يُفكّر فيه، دموع الفرحة تغالبه لوقوفه أمام أمنية حياته هذه اللّحظة. الأميرة نؤوم الضّحى تتثاءب كسلًا، تتمطّى رافعة ذراعيْها للأعلى، وصيفتها تقف خلفها تُلملمُ أكمام قميصها الزّهريّ. أصوات رعاياها تُطاول الشّرفة مُحيّية محبوبتهم ابنة سيّدهم سيّدتهم، ظنّّا منهم أنّها تُحييّهم. لم تتمالك إلّا أن تُبادلهم مشاعرهم.. يُمناها تُشوّح للجميع.. وترمي لهم القبلات عبر الأثير. تفاعل غير معهود من قبل، جاء رئيس الحرس، ليكون سدًّا منيعًا لتبادليّة الحبّ، ويُطلق حرسه بفظاظة لتفريغ السّاحة.. وتفريق المُحبّين، دموع الأميرة تنزلق على صدرها المرمريّ لترسم عِقدًا لؤلؤيّا ينثّ حُزنًا وكآبة. ما أوجع عشقهما مع صرامة ملامح العساكر الجامدة كالبازلت الأسود.. شعاع القمر مات في أحضان الـمساء.. الفراشات نسيتهم.. ضوء الفجر تجاهلهم.. المطر رتّلهم صلوات هَجْرٍ على ربيع لا يعترف بالألوان. *** لعلّ دموع الأميرة هيّجتني؛ لأذرف دموعي حُزًنا على سريرها الحجريّ المُبهر بكثرة زخارفه الفريدة، الذي أُسقط أرضًا، وتناثرت قطعه في كلّ اتّجاه. جنون المدفع المقهور حقدًا، لم يترك أثر الأميرة الذي رفعها والدها إليه، خوفًا على وحيدته من كلام العرّافين. وكم تفطّر قلبه ألمًا وحُزنًا على ابنته، عندما حمل إليها الموت الزؤام، مع بواكير عنب بُصرى؛ ليُفرح قلبها.. فلا نامت أعيُن الجُبناء. فقدتُ قلبي بفقدان ذكرى أميرتي.. لطالما فاخرتُ أصدقائي ممن يزورنني في مدينتي. عقدٌ مضى.. ألمًا وحسرة.. هجرة ولجوءًا.. وحنينًا وشوقًا.. أضاعت. يا للمدفع المجنون الغبيّ..!!، وأنت تقتل أحلامي..!!. وتترك العمود الحامل للسرير وحيدًا يشكوك إلى الله. *** اسماعيل صديقي، وزائري جثا على رُكبتيْة على بلاطات الشّارع، وظلّ حوريّات الماء يُلقى وشاحه بُعيْد العصر على المكان، ويتلّمس بنعومة وحنان على فُوّهة مجرى قناة فُخاريّة، وهو يقول بلهجته العراقيّة المُحبّبة إلى قلبي: - "عيني.. هذا لازم يضعوا عليه صندوقًا زجاجيًّا لحمايته". - "صدقتَ بقولك.. لازم..!!". وقف.. وعيناه ساهمتان تسمّرًا على سرير ابنة الملك، وشرد بعيدًا، ولا أظنّه سمع شيئًا مما شرحتُ له من خبر الأميرة.. انتبه إليّ فجأة، وقال: - "وددتُ لو أنّي صعدتُ إلى السّرير؛ لأوقظ تلك الأميرة النّائمة هناك، وألقي عليها تحيّة المساء، وأنتشي ببريق عينيْها النّاعستيْن". كلماته مازالت ماثلة في ذهني، تتقلّب على جمر أحزاني كالسّفود، ولو استطعتُ، لنَحَتُّها على أحد الأعمدة المجاورة؛ لتحكي قصّة آلامي المُتجدّدة. يا لتعاسة حظّك أميرتي.. وهم يمحون ذكرك من مدينتك.. مدينتي!!.
|
||||
03-03-2020, 02:41 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: أميرة بُصرى (قصة قصيرة)
ما أبشعها من مشاهد مشاهد الحقد والكره والدوس على قلوب المحبين
دام الإبداع أ. محمد تحياتي |
|||
04-03-2020, 08:10 AM | رقم المشاركة : 3 | |||||
|
رد: أميرة بُصرى (قصة قصيرة)
اقتباس:
بفنية رفيعة، ونسج بديع تمكنت من نقل الواقع إلى مشاهد
اتقنت التقاط صورها ..وببراعة الخبير مزجت الماضي بالحاضر ولم تنسى حصة المستقبل من هذا الوجع العميق والواقع المرير المدفع لن يشعر بما شعر به (البطل) ولا حتى ما شعر به الناص حين يرى سرير الأميرة وتأريخ يعود إلى عصر الفراعنة يدخل معمعة حرب لا ناقة له فيها ولا جمل ..كما ان الحرب لا تفرق بين ما يعبر عن حضارات قديمة تؤكد وجود الحياة والجمال على هذه الأرض التي تكتفي بالصمت وهي ترى هذا الدمار وهذه الجريمة البشعة وهي تدخل صدر التاريخ لتجتث قلبه وتمزق أحشاءه. الأديب المكرم محمد فتحي المقداد سيشهد التأريخ على الفعل والفاعل.. ولكنه لن يغير شيئا مما حدث ويحدث مع ذلك لا بد من توثيق ما الأحداث وبكل السبل المتاحة ..فالأجيال القادمة ستحتاج هذه الحقائق التي ستمكنها من فهم ما جرى وكيفية التعامل مع هذا الواقع. بوركتم وبورك نبض قلبكم الناصع احترامي وتقديري
|
|||||
20-06-2022, 07:30 PM | رقم المشاركة : 4 | |||||
|
رد: أميرة بُصرى (قصة قصيرة)
اقتباس:
أسعد الله أوقاتك بكل خير سيدة نوال تحياتي
|
|||||
20-06-2022, 07:33 PM | رقم المشاركة : 5 | |||||
|
رد: أميرة بُصرى (قصة قصيرة)
اقتباس:
أستاذ محمد أسعد اله أوقاتك بكل خير لا شك أن التاريخ فقط يوثق ولا يعيدد ما جرى تخريبه ولكننا نكتب للأجيال لتعرف ما الذي حصل تحياتي وتقديري
|
|||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|