الفينيق مصطفى وهبي التل(عرار) يليق به الضوء*سلطان الزيادنة* - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: رفيف (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > 🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘

🌿 فينيقيو بيــــديا ⋘ موسوعات .. بجهود فينيقية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-02-2010, 10:34 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي الفينيق مصطفى وهبي التل(عرار) يليق به الضوء*سلطان الزيادنة*

سلام الله

تعودنا ان نضع نصا
تحت الضوء ومن خلاله نشتغل
هنا ووفاءً لتجربة عظيمة
نستميح روح مصطفى وهبي الف عذر
لنضع العرار تحت الضوء
اذ به يليق الضوء



مصطفى وهبي التل (عرار)
---------------------------




- ينتسب لقبيلة الزيادنة العربية التي إستقلت بفلسطين وشمال الأردن وأجزاء من سوريا ولبنان عن الدولة العثمانية.
ولد مصطفى وهبي بن صالح المصطفى اليوسف التل في مدينة إربد كبرى مدن شمال الأردن ، في 14 محرم 1317هـ الموافق 25 أيار 1899 م .
تلقى تعليمه الابتدائي في إربد ، ثم سافر إلى دمشق عام 1912 م
نفي إلى حلب وأكمل دراسته هناك ، حيث حصل على الشهادة الثانوية منها من المدرسة السلطانية .
في أواخر العشرينات درس القانون معتمدا على نفسه ، وتقدم لفحص وزارة العدلية فاجتازه وحصل على إجازة المحاماة عام 1930م.
حياته العملية :
عين معلما في مدرسة الكرك ، ثم حاكما اداريا لثلاث نواحي في الأردن ( وادي السير والزرقاء والشوبك ) .
واستلم مدعي عام السلط ثم عين رئيس تشريفات في الديوان العالي
ثم متصرفاً للبلقاء ( السلط ) بقي فيه لمدة أربعة أشهر ثم عزل واقتيد إلى سجن المحطة في عمّان .
بعد خروجه من السجن عمل بالمحاماة .

-توفي يوم 24/5/1949م




الإسم الحقيقي والاسم المستعار
-----------------------------

اسمه مصطفى صالح المصطفى اليوسف التل وأضيفت له كلمة"وهبي"فيما بعد لأنها طريقة كانت سائدة عند العائلات التركية أيام حكم السلاطين ، وكلمة وهبي إشارة إلى الموهبة الفكرية والثقافية والشعرية ،
أما"عرار"فهو الاسم المستعار الذي اختاره الشاعر لنفسه حيث كان يوقع به أشعاره ومقالاته في الصحف والمجلات وذلك تيمناً"بعرار بن عمرو شأس الأسدي" القائل:


أرادت عراراً بالهوان ومن يرد =عرارا لـعمـري بالهـوان فـقـد ظـلم
وإن عرارا إن يكن غير واضح=فإني أحب الجون ذي المنكب العمم

ان في هذه الأبيات المضمون الذي جاء من ورائه إسقاط لقب "عرار" على مصطفى وهبي التل الذي تشبه بـ "عرار بن عمرو بن شاس"
الذي كانت امرأة أبيه تؤذيه وتستخف به فقال عمرو بن شاس تلك الابيات التي قالت معاناته التي شابهت طفولة مصطفى وهبي التل الذي وجد بينه وبين عرار ذاك الشبه الكبير حيث عانى طفولة مريرة وصعبة وعاش في بيتٍ غير مرغوب فيه بعد طلاق امه



جرأه ،حق، دهاء:

عرف مصطفى وهبي التل بدهائه وجرأته وأنه لا ينافق ولا يجامل في المصلحة الوطنية التي رضعها مع حليب أمه ومن المواقف التي أجمع الكثيرين على أنها قمة الدهاء والتدبير لدى هذا الإنسان هي في بدايات تأسيس إمارة شرقي الأردن على يد سمو الأمير عبد الله بن الحسين في ذلك الوقت وبالتحديد في وزارة علي رضا الركابي الثانيه عام 1926 دار في بال الركابي السوري الاصل أن شعبيته تطغى على شعبية الامير عبد الله بن الحسين في ذلك الوقت وهذا ما لمسه الشعب في ذلك الوقت فقام عرار بدعوة كل من الأمير عبد الله وعلي رضا الركابي لزيارة اربد حاضرة الشمال الأردني في ذلك الوقت فقام عرار وابن عمه محمد الموسى المصطفى التل ببناء قوس على مدخل اربد الجنوبي وبالتحديد بالقرب من النادي العربي وهذا المدخل يعتبر مدخل مدينة اربد الرئيسي للقادمين من مختلف مناطق الأردن وقام عرار بالتنسيق مع ابن عمه محمد الموسى التل بجمع خياله من مختلف عشائر اربد برئاسة محمد الموسى التل ووضعها عند القوس فكانت ترتيبات عرار بأن يأتي الركابي قبل الأمير عبد الله إلى اربد وبالفعل قبيل وصول الأمير إلى اربد بنصف ساعة وصل الركابي إلى اربد فقام محمد الموسى التل وأبناء عشائر اربد بمنعه من الدخول من خلال القوس فاستشاط غضباً ورفض وحاول الدخول عنوة لكنه عجز عن تحدي هذه الارداة واذا بموكب الامير يأتي ومعه عرار فدخل من القوس ووقف سمو الامير عبد الله عند هؤولاء الفرسان وحياهم فقال عرار عن ابن عمه محمد الموسى انه شيخ الفرسان فقام الأمير بتكريمه تكريما معنويا بالسلام عليه وتحيته بالرغم من عدم علم الأمير عبد الله بهذه الخطه التي نسجها عرار مع ابن عمه وأبناء عشائر اربد ورافقته الخياله في هذه الجوله فكانت هذه الخطه بمثابة استفتاء شعبي ولكن على طريقة عرار وابن عمه. تدرج عرار بالسلك الوظيفي في أن عين مصطفى وهبي التل مدرسا في الكرك، ثم حاكما إداريا في الأردن (وادي السير والزرقاء والشوبك). أصبح بعدها مدع عام السلط ثم عين رئيس تشريفات في الديوان العالي. ليصبح بعدها متصرف للبلقاء لمدة أربعة أشهر. إلا أنه عزل واقتيد إلى سجن المحطة في عمان. وبعد خروجه من السجن عمل بالمحاماة




نجله الأبرز - وصفي التل:




وصفي التل من أبرز الشخصيات السياسية الاردنية حيث تولى منصب رئيس الوزراء في اعوام 1962 و1965 و1970 وعرف باخلاصه وولائه لقيادته الهاشمية وعشقه لوطنه وامته العربية ووحدتها. وامتاز بايمانه بالعمل العربي المشترك والتصدي للاخطار المواجهة للامة العربية ودعمه لكفاح الشعب الفلسطيني في سبيل تحرير ارضه ووطنه . ولد المرحوم وصفي التل عام 1920 وهو ابن الشاعر الاردني المعروف مصطفى وهبي التل و حمل هو كنية ابي مصطفى ، حيث تلقى دراسته الابتدائية في الاردن ثم انتقل الى الدراسة في الجامعة الاميركية في بيروت والرئيس الشهيد وصفي التل كان رئيسا مختلفا ، ليس في حياته المهنية والسياسية فقط ، بل وفي طريقة رحيله ايضا. ، والى جانب ذلك اهتم بدراسة التاريخ والاقتصاد والعلوم السياسية ، ليكون ملما باطراف الوعي السياسي من جوانبه كافة. ، بعد ان عمل عام 1947 في المكتب العربي بلندن مدافعا عن قضية فلسطين. ظلت فلسطين هاجسا قوميا ووطنيا وشخصيا للرئيس وصفي الذي لم يتخل عن قناعاته حتى في احلك الظروف ، ولذلك كان موقفه رافضا لمشاركة الاردن في حرب حزيران 1967 لقناعته بعدم توفر امكانية المواجهة.احراق الملفاتبعد عودته للاردن نهاية الخمسينات ، اصبح وصفي التل مديرا للاذاعة الاردنية ، ويؤكد الذين عملوا معه في تلك المرحلة انه حول الاذاعة وبرامجها الى سلاح في المعركة ضد اسرائيل ، خاصة في ميدان الحرب النفسية مع العدو ، في الوقت الذي اعاد فيه الاعتبار للاغنية الاردنية التي انطلقت عبر اثير الاذاعة الى ارجاء الوطن كله ، كما ادخل للاذاعة ظاهرة التعليق السياسي لابراز رأي الحكومة في الاحداث والمتغيرات. خمس وزارات شكلها الرئيس وصفي التل ، الاولى عام 1962 والخامسةعام 1970 ، اسهمت في كسر العديد من التابوهات السياسية التي كرستها مواقف الحكومات السابقة ، ففي الوقت الذي كانت فيه البلاد تعيش تحت وطاة الاحكام العرفية ، قام الرئيس المختلف وصفي التل باختيار شخصيات حزبية ، كان الكثير منها محسوبا على المعارضة ، للمشاركة في الحكومات التي ترأسها ، واسهم عن سابق موقف بالعمل على اعادة عدد كبير من المفصولين الى دوائر الدولة ، في وقت ذهب فيه الى حرق عشرات الالاف من الملفات الامنية لاشخاص كانوا مطاردين بسبب انتماءاتهم الحزبية ، كما صدر في عهد حكومته الثالثة عام 1965 العفو العام عن كل اللاجئين في الخارج والمعتقلين السياسين في الداخل ، حيث عاد معظمهم للاندماج في المؤسسات العامة ، ويسجل للرئيس وصفي التل انه جعل المؤتمرات الصحفية ظاهرة ملازمة لعمل الحكومة في شرح برنامجها للرأي العامو في الثامن والعشرين من تشرين الثاني عام 1971 انطلقت رصاصات في بهو الفندق بالقاهرة تنهي حياة الرئيس وصفي التل باغتيال وصفي التل فقد تم اغتيال المشروع السياسي الذي كان يؤمن به رحمة الله ويعمل جاهدا على تحقيقة من خلال ايمانه بدور الاردن وهويته القومية ودوره في الدفاع عن عروبة فلسطين ، ليخسر الاردن والامة رجلا آمن بعروبته ظل اسمه وصفي التل. فقد كان رحمة الله حريصا على متابعة الاصدارات محليا وعربيا ودوليا وتقلد الراحل الكبير العديد من المناصب الرسمية والوظائف في عمان والقدس واريحا ولندن وعمل دبلوماسيا في السفارات الاردنية في موسكو وطهران وبغداد . وصفي مصطفى وهبي صالح المصطفى التل ينتمي إلى عشيرة التل التي تسكن شمال الأردن وخصوصا مدينة أربد ، اغتيل عام 1971 في القاهرة .هو ابن شاعر الأردن مصطفى وهبي التل الملقب بعرار ولد في 1919 م في كردستان العراق ، أبوه شاعر الأردن مصطفى وهبي التل الملقب بعرار وأمه منيفة إبراهيم بابان. أنهى أبوه دراسته في مدرسة عنبر في دمشق والتحق بقطاع التعليم في العراق ، وهناك تعرف بأمه ، بعد ولادة وصفي التل عاد أبوه إلى الأردن ليدرس في مدارسه ، قضى وصفي بعض طفولته في شمال العراق ليعود إلى مدينة والده إربد بعد بلوغه السادسة من العمر ، ويبقى متنقلا مع والده وبسبب ضيق الحال ومشاكل والده العائلية والسياسيه هجره والده فتره هو واخوانه ليعيشوا بعد ذلك في منزل عم والدهم صاحب المال والعزوه في ذلك الوقت لفترة من الزمن وهو موسى المصطفى اليوسف التل وزوجته نعمه الجويعد قزق ومن اولاد موسى المصطفى محمد ويحيى ويونس حيث آوى وصفي واخوانه بطيبته وكرمه وحسن الضيافه وهذا ما ذكره المقربون من وصفي واخوانه وافراد عائلة التل .محاربة المحسوبيةوكان وصفي عدوا البيروقراطية والمحسوبية والفساد ، لم تجرؤ يد في عهده أن تمتد على المال العام ، وحتى حين كان ينتصر للفئات المهمشة ويعمل على إنصافها ، لم يكن فعله هذا يمثل انحيازا ، وإنما ينم عن ثقافة فيها احترام لكرامة الإنسان ، وكان بمقدورك ان تزور رئاسة الوزراء ، وقد تلتقيه مصادفة على درجات السلم ، وتتحدث إليه ، ويستمع لك ، وإذا كان رآك قبلها سألك »شو صار معك« ثم اتخذ القرار المناسب بتشكيل لجنة جديدة مثلا إذا اقتضى الأمر ، او معاقبة اخرى قصرت في أعمالها ، او الشروع بتنفيذ العمل فورا في مشروع اقتنع بضرورته ، فقد كانت قراراته فورية ، سريعة التنفيذ ، يتابعها عن كثب.واشتهر وصفي التل بنظافة اليد والضرب بيد من حديد على الفساد والمحسوبية ، ولما مات كان عليه دينا قيمته 92 ألف دينار .
-اغتيل في القاهرة اثناء مشاركته في اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك في 28 نوفمبر 1971





مدخل إلى عرار الإنسان والشاعر:




ليس سهلا أن تدخل الى عالم شاعر كعرار، وإن رضيت بالمجازفة فعليك أن تعد عدتك جيدا وتنقب في هذا العالم برويـة وتبحث في جزئياتـه كما تبحث في كلياته لأن ظاهـرة كعرارلا يمكن الاكتفاء بدراسـة جوانب محددة منها واغفال الجوانب التي يرى البعض أنها لا تشير لشيء ذي أهمية، فهذه الشخصيـة لا يمكن فك رمـوزها، الا من خلال الايغال بعمق وسبـْرِغورها على قاعـدة أن الشخصي في حياة عرار كان جزءا من الحالة الابداعية التي جعلت منه شاعرا مجيدا يقرن بكبار شعراء العربية، فضلا عن كونه شاعر الأردن الأميز.




قـالوا: لشعـرك عشاق بودهـم أن يجمعوا بعضه في شبـه ديوان
فقلت: شعـري أشـلاء مبعثـرة كأنـها عمـري في كـل ميـدان
ويوم يأزف ميعـاد النشـور وما يقضي به البعث من سـر وإعلان
لسوف يعلم حتى الصم من غرري آيـات تلفظهـا أفـواه خرسـان




كتب عرار في مختلف الموضوعات الاجتماعية والسياسيـة، ويستشف من شعره رفضه وثورته على كثير من تفاصيل واقعه، وإعلان العصيان على كل التقاليد والأعراف التي تحد من حريته ونزوع روحه القلقة الى الانطلاق الـى عوالم لا تعرف الحدود.
أأسجن الناس إرضـاء لخاطركم وخشية العزل من ذ المنصب الدون؟
أم رغبة في تقاضي راتب ضربوا نقوده مـن دمــاء في شرايينـي؟
هذي الوظيفـة إن كانت وجائبها وقفـا عليكـم، فعنها الله يغنينـي

ويبدو عرار لغير الدارسين لشعره أنه ليس إلا شاعرا خمريا (بوهيميا) آثـر الانسحاب من مجتمعه إلى مجتمع يشكله مزاجه الساخط فوجـد ذلك في حيـاة النور، وبالرغم من حميمية العلاقة بين عرار وبين أصدقائـه ( النّوَر ) إلا أن هذا الحكم ليس عادلا ولا يمكن أن يشكل أساسا موضوعيا لدراسة عرار الشاعر الذي بان من شعره عمق تفاعله مع القضايا والأحداث أردنيا وعربيا وعالميا.




لا تحسب الجرح فيمن لا يضج أسى يا كوكس! مندملاً فالضيـم نكاء
والحـق لا بد من إشـراق طلعتـه مهما استطالت على أهليه ظلماء
وقـوة الضعف إن جاشت مراجلها تنمرت نعجـة واستأسدت شـاء


ويرى بعض النقاد أن التمرد و الثورة تعود في جذورهـا إلى بدايات حيـاة الشاعر بعد أن شاب علاقته مع والده جفاء إثر طلاق أمه، فجعل منه هذا الأمر صبيـا متبرما وبعد ذلك شابا متمردا، وقد يكـون هذا التكويـن النفسي أحـد العناصر التي أججت الثورة في نفس الشاعـر، ولكـن لا يمكن أن نحمّل كامل ثورتـه وتمـرده على جزئية واحدة بمعزل عن باقي عناصر التأثير والتأثر التي صاغت لنا ظاهرة شعرية فـذة اسمها (عرار)، ومن هذه العناصر، الاستعمار الذي يكبـل حريـات الشعوب،والطبقية الاجتماعيـة التي شكلت تحديـا كبيرا للشاعـر التي سعى جاهـدا إلى مهاجمة رموزهـا والتعريض بهم، عشقـه المتناهي لوطنه وخشيته أن يكون مصير هذا الوطن بين أيـدي المستعمريـن وأصحاب المصالـح والمرابيـن الذين تغيب عنهم المعاني السامية،ولا يعنيهم من وطنهم إلا ما تتحصل عيه أيديهـم من مكتسبات.




والبائعين بلادهم بقلامة قد أقدموا والمخلصين تقهقروا
فالحر فينا للعلوج مطية والعفُّ منـا لليـهود يسمسـر
لا تعجبن لفعلنا فنفوسنا رغم الظواهر بالدنـاءة تزخـر


وعرار الإنسان لا ينفصل عرار الشاعر فالنزعة الإنسانية العميقة صاغته قلقا مرهف الإحساس باحثا عن تفاصيل الفقراء زاهدا في أعطيات وحيـاة المترفين والأثـرياء، وهذا يفسر لنـا ورود كثيـر من المفردات التـي تظهـر تعاطفه ومناصـرته للفئات المسحوقة، كاستخدامه لمصطلـح ( الصعاليك ) في غيـر مكان، وهذا يشف لنا عن عالم عرار الإنساني الذي أبـى أن يساوم عليه حتى وإن كان ثمن ذلك وظيفته ومنصبه.




بين الخرابيش لا حرص ولا طمع ولا احتراب على فلس ودينـار
بين الخرابيش لا مـال ولا نسب ولا احتراب على حرص وإيثار
ولا هيــام بألقـاب وأوسمــة ولا ارتفاع ولا خفض بأقـدار
الكـل زط مســاواة محققــة تنفي الفوارق بين الجار والجار


وتتجلى المثل الانسانية برفضه لطبقية مجتمعه وسيطرة فئة من الأثرياء على مقدراته، وحرمان السواد الأعظم من الشعب من فرصة الحياة الكريمة، ونرى في بعض المواقع إشارة مباشرة لهذا الواقع، ويميل في مواقع آخرى كثيرة الى الرمز في ذم هؤلاء الذين تنتفخ جيوبهم ويعيشون مترفيـن من خلال الاستحواذ على خيرات البلد ونهب مقدراته، في حين أن أبناءه المخلصين يجوعون وينفون ويحرمون من أدنى فرص الحياة الكريمة.



أمـا السكاكـر فلينعم بمأكلهـا "صبري" و "منكو" و" توفيق بن قطان"
وليحييَ "لدجر"و"الكوتا" وطغمتها فـي ظـل دوح من الـلـذات فينـان
أما أنـا والمناكيـد الذين هُمُ قومـي وصحبي وندماني وخلاني
فَحسْبُنا نعمة الذل التي نخرت عظامنـا وأعـزتْ أهـل عمـان




مصطفى والهمّ العربي القومي:


أحسن القول والوصف الدكتور محمد صبحي أبو غنيمة عندما قال: فوطنية عرار كانت قومية الفكر والانتماء، ولم تكن عاطفية دون تعقل، وطنية الإيمان، وعمقها قضية الوطن العربي والشعب العربي، وحقوق الوطن وحرية الشعب .

وصدق الدكتور ناصر الدين الأسد عندما قال: كان عرار عربياً صادق العروبة.. بل كان من الرعيل الأول من رجالات العروبة، يشمل بإحساسه الوطني البلاد العربية كلها لا يفرق في ذلك بين قطر وقطر.. .

عاد مصطفى إلى إربد بعد إتمام دراسته الثانوية العامة من مدرسة تجهيز حلب في نهاية العام الدراسي 1920، وهو بحالة من الإحباط والقلق النفسي لما أصاب الأمة العربية من انتكاسات في تحقيق أهدافها المشروعة، جراء التآمر البريطاني الفرنسي، والشروع في تنفيذ اتفاقية سايكس بيكو، سيئة السمعة والنتائج.

عاد إلى الأردن وفي ذاكرته الأحداث المؤلمة التي هزت الضمير العالمي، وأفجعت ملايين البشر من أبناء الأمة العربية، وبخاصة أبناء بلاد الشام، حيث نجح الأعداء الحلفاء!! في تمزيق الجسد العربي الواحد، كثيرة هي الأحداث التي كانت تجول بذاكرة المناضل الشاب مصطفى، وكان الشاهد فيها وعليها قبل مغادرته دمشق إلى الأردن، ونذكر منها باختصار لتنشيط الذاكرة الوطنية:

- الثورة الجولانية الأولى عام 1919 1920، بقيادة الزعيم الوطني أحمد مريود والضباط الأرادنة: علي خلقي الشرايري، محمد علي العجلوني، أحمد التل أبو صعب، محمد أبو غنيمة، أديب وهبة، والتي انتهت بانتكاسة بعد أن حررت قواتها الشعبية المناطق الواقعة ما بين القنيطرة حتى النبطية في الجنوب اللبناني، ويومها قال مصطفى: هذه الرصاصة الثانية بعد رصاصة الثورة العربية الكبرى، ومفخرتها سورية الأرض أردنية الرجال.. .

- ثورة الشهيد كايد المفلح عبيدات على القوات البريطانية والمستوطنات الصهيونية في تل الثعالب بالغرب من سمخ يوم 20 نيسان 1920م، واستشهد قائدها، ويومها قال مصطفى: شجرة الحرية لا تنبت إلا بالدماء .

- احتلال القوات الفرنسية مواقع الرياق وبعلبك، وإنذار غورو، ثم معركة ميسلون وهزيمة القوات العربية، وأخيراً احتلال دمشق وسقوط الحكم العربي، وخروج الملك فيصل نهائياً من دمشق إلى حيفا ومنها إلى العراق، والفراغ السياسي في الأردن، إلى أن جاء الأمير عبد الله إلى البلاد، وكان مصطفى من المرحبين بالأمير عبد الله وبخطابه التحرري لتحرير سورية.

- إنفجار الثورات المحلية في المناطق السورية، ونزوح أحرار سورية إلى الأردن، وتشكيل تنظيمات المقاومة من المجاهدين، واختيار الأردن قاعدة لانطلاق عملياتهم ضد القوات الفرنسية، وكان لمصطفى الدور الرائد والداعم لأحرار سورية، وبنى علاقات نضالية مع قادة حزب الاستقلال وفي مقدمتهم: أحمد مريود، ونبيه العظمة، وعثمان قاسم، وخير الدين الزركلي، وفؤاد سليم، وسعيد عمون وغيرهم. ويشهد عثمان قاسم في مذكراته على: أن الحركة الوطنية الأردنية ممثلة برموزها مصطفى التل، وسعيد خير، وعلي خلقي الشرايري، وصالح النجداوي، وعودة القسوس، وقفت بوجه المخطط الخبيث الذي رسمه المعتمد البريطاني لتطويق حركة المقاومة ضد الدوريات الفرنسية، ولاقى بعضهم عقوبات السجن والنفي لأنهم كانوا يõسيرون المظاهرات ضد السياسة البريطانية، وعندمما اعتقل ابراهيم هنانو في القدس، قامت المظاهرات في عمان وإربد، دعماً للمجاهدين واستذكاراً لاعتقال ضيف الأردن...

أمام هذه الأحداث التي مرت سريعاً أمام مصطفى... ما هي خياراته للعمل النضالي القومي؟؟ وما هي آليات العمل المتوفرة لديه؟؟

عاد بذاكرته إلى الوراء، وتذكر قول علي رضا الركابي رئيس وزراء الحكومة الفيصلية الذي قال: إننا غير قادرين على محاربة دولة عظمى خرجت من الحرب منتصرة وإن الموقف لم يصل حدّ الحرب . ويومها ردّ عليه مصطفى عبر جريدة الإخاء الدمشقية فقال: إلى الذين يلبسون عباءة الخوف، أذكرهم بقول الشريف الحسين بن علي الذي قال: إن أمة منها الرسول العربي لن تهزم بإذن الله، فالجهاد ولو بكلمة صادقة أنفع للعباد من الصمت والسكينة، ولنا برسولنا القدوة الحسنة .




تنظيم العلاقة مع الداعية القومي نجيب نصّار:

نجيب نصار، شخصية عربية يعتز بعروبته، وهو من قرية عين عنوب في لبنان، ناضل ضد الحكم التركي، واستمر في نضاله في حيفا ضد الانتداب البريطاني وهو من العائلات المسيحية المرموقة، علماً وثقافةً واعتزازاً بعروبتها، يقول عنه مصطفى: يعد الشيخ نجيب نصار صاحب جريدة الكرمل الحيفاوية أحد الغلاة في الفكر القومي والحضارة العربية والإسلامية، والتراث العربي والتقاليد النضالية للإنسان العربي. كما أنه صاحب فكرة توحيد الديانة الإسلامية والديانة المسيحية بديانة واحدة، وقد اختار الدين الإسلامي ليكون دين العرب في كل الديار العربية، فوجدت فيه وعياً شاملاً ونظراً ثاقباً وميولاً تشبه إلى حد بعيد ميولي في المسألة القومية، ولمست في جريدة الكرمل جرأة في الذود عن الحق العربي، وسيفاً حاداً على الباطل، وصراحة لا تشوبها غمغمة في تحذير العرب من الصهيونية البغيضة والطائفية المقيتة .

تعرف مصطفى على نجيب في نهاية عام 1921م، وفي عام 1922م اتفق مصطفى ونجيب على البدء بالتبشير بالقومية ونشر الفكر القومي عبر صفحات جريدة الكرمل، وكانت البداية بنقد مصطفى للقوى الانعزالية اللبنانية التي تعاملت مع الانتداب الفرنسي والتي رفضت فكرة استقلال سورية الكبرى، من أمثال البطريرك الياس الحويك الذي طالب الجنرال غورو بانفصال لبنان عن سورية الداخلية، وأن لبنان أمة مستقلة ، كما نقد ميشيل تويني وهاجمه بشدة لأنه ضد الاستقلال، وطالب أن تبقى فرنسا في لبنان، وهاجم الدكتور أيوب ثابت الذي طالب بفك الارتباط مع الهاشميين، وطالب الرئيس الأمريكي ولسون العمل على فصل لبنان عن الدائرة الإسلامية.

وسّع مصطفى دائرة اتصالاته في شرق الأردن وفلسطين، واقترح على صديقه نجيب نصار عقد اجتماعات موسعة، وندوات في القرى والمدن الفلسطينية وبخاصة المدن والقرى المشتركة ما بين النصارى والمسلمين، ومصارحة الجماهير بالنفوذ الأجنبي الذي يسعى لتعزيز مفهوم الطائفية في البلاد، فكانت مدينة الناصرة قبلتهم الأولى، وكانت رسالة مصطفى الأولى للجماهير العربية هذه الأبيات الشعرية:

إنجيل عيسى أو كتاب محمد سيان عندي فـ العروبة محتدي

إن كان عيسى للسلام يقودني فكـذاك أحمد للسعادة مرشدي

خوري الكنيسة لا يقول لنا افسقوا والفحش ينهي عنه شيخ المسجد

فعلام يبغون الضـلال بقولهم هذا مسيحي وذاك محمـدي


وكان أول من استجاب لرسالة مصطفى الشاعر مارون عبود الذي طالب الأهل والأصدقاء أن ينادوه بـ أبي محمد..

ومن الناصرة الفلسطينية إلى الكرك الأردنية، حيث التشابه بين المدينتين من حيث التكوين السكاني، وشرعا في الدعوة للوحدة الوطني أولاً، والدعوة للوحدة العربية والتبشير بحقيقة قيامها، وكانت عشائر الكرك تعيش حالة التوتر الدائم منذ عهدت الحكومة المحلية أي فترة الفراغ السياسي 1920 1921م، وكادت أن تتطور ظاهرة العداء التقليدي إلى حرب أهلية، فانقسمت المدينة إلى جبهتين: الجبهة الشرقية الحارة الشرقية والجبهة الغربية الحارة الغربية. ولولا هذه الندوات والاجتماعات التي لاقت قبولاً عند وجهاء وزعماء الكرك لاستمرت هذه الظاهرة تنخر جسد هذه المدينة العظيمة.

في الناصرة كان الداعية مصطفى وهبي التل، وفي الكرك طالب مصطفى صديقه نجيب نصار أن يكون هو المتحدث والداعية، فركز نجيب في حديثه عن مخاطر الطائفية، فقال: إن الطائفية بذرة شريرة بذرها الاستعمار ليرتكز في سيادته عليها والتحكم بمقدراتنا عملاً بسياسته فرق تسد، فلنعبد الله أولاً، ولنصلّ للوطن ثانية، فليس الأنبياء ولا القرآن ولا الإنجيل بحاجة إلى الشجار باسم الدين فالدين لله والوطن للجميع .

ولكي نضع حداً للتدخلات الاستعمارية، ونضع السياسة الأوروبية في خارج الدائرة العربية، قال نجيب: إن من أهداف الاستعمار إثارة النعرات الطائفية في بلدنا، وللقضاء على هذه الروح الخبيثة ينبغي توحيد المذهبين الإسلامي والمسيحي في بلاد العرب، وبما أن المسلمين العرب يؤلفون الأكثرية الساحقة، لذا يتحتم على المسيحيين العرب اعتناق الإسلام، وهو دستور عربي حمل رايته النبي العربي الكريم القائل: الخلق عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله... .




إحياء مكتب عنبر بالمدارس الأردنية:

وجد مصطفى أن الشريحة الطلابية هي المؤهلة لنشر الفكر القومي فاتخذ مكتب عنبر مثلاً لذلك، فهو المجرب والأكثر دراية في أهمية الحركة الطلابية، فأراد أن يكرر نفسه في المدارس الأردنية، من منطلق أن الطلاب هم عدة الوطن وجيل مستقبله، فهكذا كان مكتب عنبر في العهدين التركي والفرنسي، يحرك الشارع الدمشقي، ويقود طلابه الحركة التحريضية ضد الاستعمار وأعوانه، وقرر مصطفى أن يتخذ من المدارس منبراً لصرخاته، ومسرحاً لاتجاهاته القومية، فالتحق بوزارة المعارف وعيّن في مدرسة الكرك يوم 1 أيلول 1922م، وهناك أخذ يؤلب الجيل الطلابي على المستعمر، ويحذر من مؤامراته ويدعو إلى مساندة القومية العربية وتقديسها، ويذكر طلابه بأن الحضارة العربية الإسلامي هي أساس الحضارات الإنسانية: لو لم تظهر حضارة العرب على مسرح التاريخ لتأخرت حضارة أوروبا عدة قرون .

وحوّل حصة العربي إلى محاضرة يومية، وعلّم طلابه أن اللغة العربية لغة جميلة، والحفاظ على جمالها بحمايتها والدفاع عنها يكمن في الدفاع عن الوطن والإنسان والحضارة والتراث . وترك مصطفى بصماته في ذاكرة أبناء الكرك، فهو بالنسبة إليهم المعلم والمرشد والداعية، على الرغم من المدة القصيرة التي قضاها في بلدهم.

وفي 6 أيار 1923، تابع نضاله الدعائي للوحدة العربية في مدرسة إربد الثانوية، وخلق من طلابها نخبة مارست دورها السياسي والنضالي عبر سنين طويلة، وتجذرت في أعماقهم وصايا مصطفى الشهيرة التي انتشرت انتشاراً واسعاً وليس بين صفوف الطلاب فحسب، بل في صفوف قطاعات شعبية واسعة في محافظة إربد، وتجاوزت حدود الأهالي إلى أن أصبحت حديث المجاهدين من أحرار سورية. وعلى سبيل المثال قال المجاهد أحمد مريود: إن مصطفى وهبي التل داعية نشط للقضية العربية وأفكاره وصايا نأخذ بها باعتزاز... ومن وصايا مصطفى لطلابه نختار الحكم والعبر التالية:

- اعتقد أن روحك فداء أمتك.

- حذار أن تهمل نفسك فتضيع أمتك.

- قل أمام كل إنسان.. أنا أسعى لاستقلال الأمة وأتحمل في هذا السبيل كل شيء حتى الموت، أحيا من أجل هذا وأموت مستريحاً في سبيل أمة العرب.

- أنا عربي، أتعلم لأجل استقلال العرب، وأحيا وأموت. أنا رهن إشارة قومي، أموت ولا أغير عقيدتي.


ومن بين المقطوعات الشعرية التي استظهرها الطلاب من شعر مصطفى:

سلّم وصلّ عـلى النبي محمد وأحمـل سلاح مجاهد مستشهد

واخدم لعـزة دولة عربيــة في الجـيش والبس شكة المتجند

لولا المدافـع والدوارع لم تقم دول جحافـلهـا كـبحر مزبد

ترجمة رباعيات الخيام – ( عن الفارسية مباشرة )
للشاعر العربي مصطفى وهبي التل ( عرار )

...


(1) يقولون الجنة بحورها وعينها جد جميلة , وأنا أقول إن عصير
العنب أجمل بكثير من جنتهم التي يصفون , فخذ دفعتي هذه سلفا و
انفض يدك من هاتيك الديون واتعظ بصوت الطبل فإن سماعه عن
بعد لا يخلو من نغمات تلتذها الآذان .


(2) يقولون في الجنة حورا وعسلاً وخمراً , أي بأس في معاقرتنا
الدنان , ومغازلتنا الغيد الحسان , في هذه الدار الفانية ما زال ذلك
سيكون شأنا في آخرتنا الباقية .


(3) لقد نصب صياد الأزل حبائله ومد شراكه واقتنص شيئا سماه
" إنسانا " , الصياد يتصرف بخير العالم وشره والقنيصة تغص
بحنظل هذا التصرف .


(4) ما لِيَدِك عطلاً من كأس مترعة في موسم أينعت فيه أزهار
سعادتك , أدرها ولا تأمن زمنك الغدار , فقد لا يسمح لك بفرصة
كالتي منَ بها عليك .


(5) لو لم تر كيف فجعنا هذا الدهر الشتيم بخلاننا الراحلين , وإلا
فأمعن النظر بوحشة العالم من بعدهم واعمل كل مايسعك عمله في سبيل الحياة الرغدة الهنيئة ,
لاتفكر بالغد ولا تتحسر على الأمس واغنم ساعتك التي أنت فيها


(6) بكاؤك دماً طول عمرك لايزيد موجود الكائنات قطرة واحدة
إن ما جرى به القلم حتم لا يتغير وما الأحزان إلا أداة تنكأُ جراحنا
وتدمي قلوبنا .


(7) ليس بوسعي أن أكون خيرا مما أنا عليه , إن صفة القالب
الذي سبكوني به تقضي بصيرورتي كما تراني , أما هذه المعاصي
اللاحقة بي فرفيقة البوتقة ولسوف تلازمني حتى اليوم الأخير .


(8) لا أستطيع أن أحيى بغير الخمرة ولا أقوى على حمل ثقل هذا
الجسد بدونها , بنفس تلك الساعة التي يعرض بها علي الساقي
كاساً أرفضها لا عن زهد فيها ورغبة عنها بل لأن السكر سلبني
قوة تناولها .



(9) ما أن إلا شيخ هرم أشيب الرأس أيها الساقي : وما من حد إلا
تجاوزه خماري أيها الساقي , وما من إنسان إلا أسمعته أنيني أيها
الساقي . إن خمرتك بعثت شبابي من مرقده , وجددت ربيع نفسي
فكيف أقلع عن شربها أيها الساقي .


(10) أنت الذي نصبت الحبائل وأقمت الشراك في طريقي يا رب
وأنت الذي أوصيتني أن لا أقع في الحبائل والشراك يا رب , أي ذرة في الكون لا تأتمر بأمرك ولا تخضع لمشيئتك ؟
أنت تأمر فأصدع , فعلى م تسميني مارقا وتدعوني عاصيا يارب .


(11) بعد أن يكوِن الخلاق هذه الطبائع ويؤلف بينها لماذا يعود
فيجزئها ويفكك عراها ؟ . وما هي الحكمة في تمزيقه هذه الصور
إذا كانت جميلة ؟ . ومن الملوم في شناعتها إذا كا نت قبيحة ؟ .



(12) لي لو رائق يستهوي الأفئدة وعطر فواح يأخذ بمجامع القلوب
ولي خد زاهٍ كلون الورد و قَدُ دونه السرو إعتدالا فمن ذا الذي يستطيع أن يفهمني الحكمة التي حدت بالمصور الأزلي لأن ينقش
رسمي في حلبة هذه المسرات دنيانا ؟ ..


(13) إن للأزل أسرارا لا أنا أدركها ولا أنت وهذه الكلمة العويصة
لا أنا أستطيع تفهمها ولا أنت .
فأنا وأنت نتقول من وراء الستار ومتى أسدلت السجوف لا أنا أبقى
ولا أنت .


(14) لو يستطع القلب إدراك كنه الحياة كما هو , لاستطاع أن يتفهم
حكمة الموت , ليت شعري إذا كنت اليوم وأنت مهيمن على نفسك
تجهل كل شئ فما الذي ستعلمه غدا عندما يستحوذ عليك سبات الموت العميق .


(15) إن مقاسات العقل قصرت عن معرفة الزمن الذي باشرت فيه
القدر المذهبة – السماء المكوكبة – دورتها وأعياها العلم بالزمن الذي ينهار به أساس هذا البناء الجميل .


(16) حذار أن تدع يدك تفلت حبل التعقل فما هذه الأجرام المنوطة
في هذا الإيوان والتي ما برحت مثار حيرة العقلاء والتي يظن أن
لها شأنا في تدبير أمور هذا الكون , إلا حائرة مدهشة مثلنا ..



(17) ما زالت اليد مقوية من معرفة الحق واليقين , فلا تدع عمرك
ينقضي بالشكوك ولا تدع أصابعك تفلت جام الصهباء , واعلم بأن
السكر والصحو شئ واحد عند من يجهل حقائق الأمور .


(18) فكر في نفسك التي ستفارقها عندما يسدل العدم عليك سجوفه
ليخيفك وراء حجبه . عليك بإبنة العنب ما زِلت ما تدري مأتاك وعليك بأسباب الطرب ما زلت تجهل مصيرك !!


(19) ما من أحد شهد النعيم أو الجحيم يا نفسي !!
وما من مسافر عاد إلينا بنبأ من العالم الثاني !!!
فما لنا نؤمل ونخاف من شيئين لا أثر عندنا ولا ذكر بيننا لأحدهما



(20) إن كانت الأهواء تتيمك والشهوات تستحوذ عليك , فاعلم
بأنك تعسٌ معدم الحيلة , انظر أي مخلوق أنت ومن أين أتيت !!
وماذا أنت فاعل !! وإلى أين أنت ذاهب !!



(21) ما من سبيل لتمزيق حجب الأسرار وما من عقل يتسع لهذه
التعبئة وما منزل غير طيات التراب , فاصغ ما شئت لخرافاتهم
المسهبة فإنها طويلة الذيل !!

(22) أما أولئك الذين استهوتهم المعقولات فهيهات لهم أن يهتدوا
سواء السبيل وخير منهم الذين اتخذوا التبالة ديدنا في زمن لا يباع
فيه العقل الناضج بضمة من العشب .



(23) سيضعون على قبرينا عندما نقضي نحبنا قطعتين من الآجر
وبعد قليل يصوغون من تراب أبداننا آجرا يوضع على قبور غيرنا.


(24) إني أرى على فراش الثرى كثيرين يستحوذ عليهم سبات عميق, وإني أرى كثيرين ممن حجبهم التراب عن أعيننا بيْدَ أني
مهما أنعمت النظر في بيداء العدم لا أرى غير الداخلين الذين لن
تتاح لهم العودة إلينا ثانية أبدا .


(25) إن هذا الليل وهذا النهار كانا قبل أن نكون نحن , وإن لدوران هذه العوالم غاية و قصدا ً , خفف الوطء فمن أدراك أن التراب الذي تطأه قدماك ليس بسحيق عين ناعسة .



(26) يا أسفاه ولوعتاه أن سفر الصبا قد إنطوى وطوى معه ربيع المسرات الفيَاض , أما عندليب الشباب فقد زارني ومضى دون أن
يشعرني بوصله وهجرانه .


(27) زينة عالمنا الكواكب تروح وتغدو وتذهب وتجيء وفي لحف
السماء وذروة الأرض خلائق لا تمل التوالد ما زال الله حيا لا يموت

(28) انظر كيف تناثرت أجزاء سكان المقابر وتجزأت ذراتهم
عندما حالوا ترابا فيا لهول مفعولها خمرة أودت بصوابهم دون
أن يأتوا على آخرها وصيرتهم صرعى لا يحسون ولا يشعرون




عشيات العرار
------------------

عشيات وادي اليابس

.
صور عرار في "عشيات وادي اليابس" مرحلة سياسية واجتماعية
واقتصادية في الأردن، وقدم رؤيا ورصداً للواقع والبيئة وأنماطاً
متعددة من الشخصيات هي رموز تمثل بنىً فكرية واجتماعية
وسياسية.
كما قدم سيرة شخصية لشخصية ثائرة على واقعها. "استحضر
الحياة اليومية والأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية
المحلية مثل معاهدة 28- الاحتلال البريطاني للأردن – وعد
بلفور".
لا تحسب الجرح في من لا يضبح أسى
ياكوكس مندملاً فالضيم نكاء
والحق لا بد من إشراق طلعته
مهما استطالت على أهليه ظلماء
وقوة الضعف إن جاشت مراحلها
تنمرت نعجة واستأسدت شاء
يا هبر استقلالنا الكرتوني
أخرجني كما ترى عن ديني
فدرت بين الناس كالمجنون
أسألهم عنه فما دلوني
يا رب إن بلفور أنفذ وعده
كم مسلم يبقى وكم نصراني
وكيان مسجد قريتي من ذا الذي
يبقى عليه إذا أزيل كياني

وكنيسة العذراء أين مكانها سيكون إن بعث اليهود مكاني
كما استحضر في شعره الشخصيات المحلية من خلال ذكره
ومخاطبته لشخصيات يعرفها، وجعلها نماذج إنسانية عامة حيث هي
رموز لطبقات ونظم اقتصادية واجتماعية وسياسية، وللقيم
السائدة في المجتمع كالرأسمالية والإقطاعية.
وقد هاجم وهجا النظام الطبقي متمثلاً في هذه الشخصيات – صبري
رمز الطبقة الرأسمالية، "أما السكاكر فلينعم بمأكلها صبري
والشيخ عبود رمز القيم التقليدية الجامدة أو القيم التي هي خواء
وموت – قيم تنفي انطلاقة الحياة وحيويتها، كما أنه رمز للإنسان
الذي يعيش بالوهم بعيداً عن الواقع.
فحسبنا لبغضنا نكيد ضل غوي واهتدى رشيد
إن فاز بالغنيمة اليهود فحسبك التعظيم والتمجيد
وسعيهم لا سعيك المحمود وظلهم لا ظلك الممدود

الشخصية "الهبر" ترمز للطبقة المسحوقة المستلبة، غير أنها
تحمل القيم التي تؤكد إيجابية الحياة والإنسان. كما وهجا الشاعر
الانتهازيين والمحتكرين والمنافقين والمرتدين ألف قناع، هؤلاء
الذين ليس لهم جذور تاريخية واجتماعية في الوطن، ولا يهمهم
سوى مصالحهم الشخصية غير عابئين بمصلحة الوطن. الأفراد
المخلصون للبلاد تقهقروا، "باعوا العقائد بالقلائد" وبالمناصب
والألقاب.
ما قيم الألقاب منصوبة والظهر بالخزي قد احدودبا

وبالنفاق فهم ما بين جاسوس مندس ومنافق (ص )، وتمجيد القوة،
بشر يسيرون مع الأقوى الذي يفترس الضعيف (نظام الغاب)
وتبديد الوقت والطاقات في التفاهات – الكراهية - الاستغابة –
التدخل في الشؤون الشخصية للآخرين (القال والقيل) .
"ويمتاز عرار بمقدرة فائقة على ذكر خصائص الشخصيات، وعلى
ذكر خصائص مجتمع متخلف"، هجا عرار هذه الشخصيات بالتهكم
والسخرية واللوم والعتاب "استخدم الهجاء لهدم هذه الشخصيات" كما
صور في شعره ازدواجية وتناقض الشخصية بين المفاهيم التي
كانت سائدة من كرم وبساطة، وعزة نفس وشجاعة وبين المفاهيم
التي زيفت الشخصية وشوهتها نتيجة للاحتلال السياسي.
وصور كذلك، الشخصية في مرحلة تاريخية – البلد في فترة
انتقال، والشخصية لا هي بدوية ولا هي حضارية" وقد صور همومه
الشخصية التي هي هموم عامة، يشكو في بعض أشعار الموت
والبلادة في الناس، اليأس والوحدة، وعدم احترام الناس أو الثقة بهم
نتيجة كذبهم وعدم وفائهم أو جهلهم.
أنا معكم أصبحت لا أرض ولا أهل، ولا دار ولا لي معشر

لقد قدم عرار سيرة ذاتية عن شخصية ثائرة تمردت على واقعها
السياسي، نقد لواقعه الاجتماعي – هدم القيم الاجتماعية السلبية،
والمناداة بالقيم الإيجابية – يزرع بذور ثورة اجتماعية، كما
تتجسد ثورته في رفض تحمل الأذى والظلم الاجتماعي أو
السكوت عنه – احترام الإنسان وكرهه النفاق والخضوع والمساومة –
وفي عدم التقيد بالرسميات، وفي رفض القيم الاعتبارية التي
تفرق بين الناس والتي تقدر وتحترم الإنسان بمقدار ما يملك.
الهبر جاءك للسلام فكيف تمنعه التحية
الآن كسوته ممزقة وهيئته زرية
ليس الزعامة شرطها لبس الفراء البجدلية

يا شر من منيت هذي البلاد بهم
إيذاؤكم فقراء الناس يؤذيني
أنا إن صمت فصمتي حسبه
إنه صوت الأرقاء الأبح
لما رأيت الكذب سر تفوق الفئة الثرية
ورأيت كيف الصدق يذهب من يقول به ضحية
ونظرت أحلاس الوظائف سادة بين الرعية
أيقنت أن الألمعية في ازدراء الألمعية

كما تتجسد ثورته في هجاء الشخصيات الانتهازية والشخصيات
المتعاملة مع الاحتلال أو الأعداء وفي اضطهاده. "وقد استخدم الكلمة
كسلاح يهدم به خصومه "سجن، نفي، تعذيب".
كما تجسدت ثورته في التزامه وتقديسه الوطن "يزرع بذور
التعلق والارتباط بالوطن عن طريق استحضار وتخصيص
البيئة والأماكن المحلية – أسماؤها – مدنها، وقراها، كلماتها" "حبه
المبالغ فيه للأردن تعويض عن واقع مؤلم لا يستطيع أن يغيره
لأن الحكم بيد الأجنبي".
ويتجسد التزامه في الدفاع عن الوطن وفي إيقاظ وتنبيه الناس
الذين كانوا في جهل وغفلة عن الأخطار المحدقة بهم وأكثرها خطراً:
الخطر الصهيوني، كما يتجسد التزامه برفض مغادرة الوطن أو
الهرب منه بالرغم من أن الوطن قد تحول إلى سجن "وجود الاحتلال
البريطاني" وبالرغم من اختناقه وموته فيه.
فهناك لا بلفور يزعج وعده وليس هناك من يتبلفر
وهناك لأبيك تخاف جنوده يوماً ولا كوكس هناك ولاهوب
فأقم باربد لا تغادر ساحها إلا إلى القبر الذي به تقبر

وجد عرار البديل أو القيم والقناعات المفقودة في الواقع، في
الطبيعة – الخرابيش، الخمرة، الغزل، وجد البديل في العودة إلى
الفطرة أو إلى الحياة البدائية التي ضد الرتابة وضد القيم
السلبية التي هي موت.
"يهرب عرار إلى هذه البدائل لكي يتخطى الواقع الذي يعيش فيه
والقيم التي يرفضها بدون أن يموت". يحارب بالعودة إلى
البدائية ضد هزيمته وضد موته "الشخصية التي تتدمر وتختفي
وتنفى وتتغير في عالم لم تجد فيه نفسها لأن القيم التي
تنادي بها تؤدي إلى اضطهادها وتشويهها وخنقها".
تتدمر الشخصية حين تتحول الشخصية الرافضة في عالم
ترفضه إلى شخصية مرفوضة". يحارب عرار بنظام واقع بديل
يحس فيه أنه مبرر وشرعي حيث نجد أن قيمه وقناعاته مقبولة
ومتحققة. "القيم التي نادى بها في الواقع اضطهد من أجلها" قدم
عرار البديل الحل باليأس والهرب من الواقع أو العودة إلى الحياة
العفوية البدائية.
فحين هرب عرار إلى الخمر كان نتيجة لإحساسه بواقع تعس "الحزن
على الوطن" – الاستعمار البريطاني الذي كان يأتي بأناس بدون
جذور اجتماعية ولا يحبون الوطن لكي يكرسوا واقع الاحتلال
ولجهل الناس للأخطار التي تحدق بهم. ولم يهرب عرار من نفسه،
فقد كان يحس أن له جذور اجتماعية وفردية ووطنية، وإنما هرب من
واقع سياسي واجتماعي كان يعجز عن تغييره لأن الحكم بيد
الأجنبي مثلما كان هرب عرار يأس من إيقاظ وتوعية الناس.
هاتها واشرب فقومي كاد من فرط إيقاظي لهم صوتي يبح
ومثل واقع الاحتلال
والله لولا كوكس يا ابن الناس
ما لاح هذاك الطراء الكاسي
كما تراءى لأعين النظارة:
يا رب إن بلفور أنفذ وعده
كم مسلم يبقى وكم نصراني
وكيان مسجد قريتي من ذا الذي
يبقى عليه إذا أزيل كياني
وكنيسة العذراء أين مكانها
سيكون إن بعث اليهود مكاني
هات أسقني قعوار ليس يهمني
قول الوشاة عرار سكر أنان
وراضي قومي على الإذعان راضهم
على احتمال الأذى من كل إنساني
فاستمرأوا الضيم واستخذى سراتهم
فهاكم يا أخي عبدان عبدان
وإن تكن منصفاً فاعذر إذا وقعت
عيناك منا على مليون سكران

ومثل القمع – والاضطهاد – الطرد من الوظيفة – السجن – النفي –
محاربته في رزقه – جهل الناس واضطهادهم له:-
فمن سجن إلى منفى لآخر إيوانا
فهناك الكأس مترعة من الصهباء ألوانا

كما تجسد هبه من الواقع إلى الطبيعة، وكان يجد في رومانسيته
وجمال المكان أو الطبيعة بديلاً عن واقع بشع، وعن وطن مفقود.
اتخذت الطبيعة صفات الإنسان الذي يحمل القيم الإيجابية كما
اتخذ الوطن أو المدينة صفات الإنسان الذي يحمل قيماً سلبية.
يامي جلعاد الأشم كعهده ما زال يربض جاثماً بمكانه
والغور ما انفكت غدائر نبعه وزهوره تحنو على جدرانه
وسماء اربد ما يزال سحابها يسقي سهول الحصن من هتان

كما يجسد هربه إلى الطبيعة في الهرب من المدينة المزيفة التي
تحمل وتؤوي كالقبر جثثاً ميتة، كما أن الطبيعة تحقق المساواة
بين البشر وبذا تحقق النظام البديل غير الموجود عند
البشرية.
ودع عمان يسكرها الرياء الوقح والكذب
حيث هنا وليس ثم شرع يفرقنا ما بين راعي سحاحير وسمار

كما هرب إلى الخرابيش كمهرب من البشر الموجودين في الواقع
والهرب نفاقهم واستغابتهم بعضهم بعضاً، وتدخل الآخرين في
شؤونه الخاصة.
بين الخرابيش لا كذب ولا ملق
ولا وشاة ولا رواة أخبار


وبين الخرابيش لا نظام طبقي كما هو موجود في الواقع وإنما مساواة
بين الجميع.
الكل زط مساواة محققة
تنفي الفوارق بين الجار والجار
بين الخرابيش لا عبد ولا أمة
ولا أرقاء في أزياء أحرار

كما اتجه إلى الغزل الذي اتخذ الذكرى أو الهرب إلى الماضي لموت
الحاضر والمستقبل. صور الموت الذي يحسه الإنسان حين يعيش
على الذكرى أو الحنين أو الهرب إلى الماضي، أو توقف الزمن عند
الماضي، كما صور الزمن كيف يستطيع تغيير الإنسان إلى
إنسان آخر إلى شخصية أخرى – موت المشاعر وتبدد القوى الزمن
صديق للقوة والشباب، وعدو للشيخوخة والضعف.
وتتحول الذاكرة لمشهد يجسد الإنسان وتغيره، أو موته ويأسه
وتجسد تحول الحياة بحيث تصبح أمام هذا المشهد لا معقولة خادعة
كاذبة كامرأة عابثة تعبث بالناس وهم مخدعون خاضعون لها.
وصور الحالات الشعورية: الحنين – الغزل – الشوق – الندم – الملل
– موت العاطفة، فكان يجد في حياة الشعور أو العاطفة: الانتصار
والفرح أو تجاوز الواقع وانتصار الحياة.
قصائد عرار لها خصوصية تميزها عن غيرها لغته سهلة تلقائية
تنبع من الفطرة – لغة تلامس القلب حيث أنها مرتبطة بالوطن
والناس وواقعهم ارتباطاً وثيقاً، استبدل باللغة التقليدية
المتكلفة لغة لا صنعة فيها ولا تكلف. ألفاظه عامية، "استطاع أن
يطوع الألفاظ الأردنية العامية الدارجة أو اللغة المحلية الشعبية
أو لغة الحديث اليومي التي لا يمكن التعبير عنها إلا
بالفصحى تطويعاً متقناً".
تعابيره مباشرة واضحة بسيطة سهلة مع بساطة وسهولة في
الأفكار وبساطة وسهولة ووضوح في تصوير الأحاسيس وبساطة
في الموضوعات (لغة تدل على مدى الصدق في معالجته الحياة في
الأردن في مستوياتها العديدة) – تنوع الإيقاعات نتيجة الانتقال
بين الحالات النفسية – إيقاع ولهجة حرة لا مبالية هجائية
صريحة ساخرة (تعكس الطبيعة البدائية البسيطة الشجاعة
العفوية الصادقة أو الروح والشخصية المحلية).
الصورة الشعرية منتزعة من البادية (تعكس بساطة البيئة
المحلية) يكتفي في وصفه للوطن والطبيعة والمرأة بالوصف
الخارجي أو وصف المظاهر الحسية لكي يجسد ما في الداخل يترك
التفصيلات للقارئ والسامع حتى ينطلق من الماديات
والمحسوسات إلى الأعماق.
كتب عرار الشعر الكلاسيكي كما كتب الموشحات في قصيدة
"أقبل الساعي" التي كانت تعتبر تجديداً في عهده كما كتب
الشعر المرسل "عرار هو أول من كتب الشعر الحديث في شرق
الأردن في قصيدة يا حلوة النظرة".
عشيات وادي اليابس وثيقة سياسية واجتماعية وأدبية وشخصية
تؤرخ لمرحلة تاريخية ليس باستطاعة التاريخ العربي أن
يتجاهلها، كما أنه ليس باستطاعة وبمقدور المؤرخ الأدبي والمؤرخ
السياسي والاجتماعي أن يستغني عند تأريخه لتاريخ هذا البلد عن
الإطلاع على عشيات وادي اليابس وعلى شعر عرار.




الخرابيش
-----------

إلا أنه عزل واقتيد إلى سجن المحطة في عمان. وبعد خروجه من السجن عمل بالمحاماة
واشتهر وصفي التل بنظافة اليد والضرب بيد من حديد على الفساد والمحسوبية ، ولما مات كان عليه دينا قيمته 92 ألف دينار .
-اغتيل في القاهرة اثناء مشاركته في اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك في 28 نوفمبر 1971
بين الخرابيش لا حرص ولا طمع ولا احتراب على فلس ودينـار
بين الخرابيش لا مـال ولا نسب ولا احتراب على حرص وإيثار
ولا هيــام بألقـاب وأوسمــة ولا ارتفاع ولا خفض بأقـدار
الكـل زط مســاواة محققــة تنفي الفوارق بين الجار والجار


وتتجلى المثل الانسانية برفضه لطبقية مجتمعه وسيطرة فئة من الأثرياء على مقدراته، وحرمان السواد الأعظم من الشعب من فرصة الحياة الكريمة، ونرى في بعض المواقع إشارة مباشرة لهذا الواقع، ويميل في مواقع آخرى كثيرة الى الرمز في ذم هؤلاء الذين تنتفخ جيوبهم ويعيشون مترفيـن من خلال الاستحواذ على خيرات البلد ونهب مقدراته، في حين أن أبناءه المخلصين يجوعون وينفون ويحرمون من أدنى فرص الحياة الكريمة.
أذكرهم بقول الشريف الحسين بن علي الذي قال: إن أمة منها الرسول العربي لن تهزم بإذن الله، فالجهاد ولو بكلمة صادقة أنفع للعباد من الصمت والسكينة، ولنا برسولنا القدوة الحسنة

إني لمع هذا الشرف اللامع والكبرياء الساطع والكبرياء الرافع للراياترغم المصاعب والمصائب والاغتيالات

ولمست في جريدة الكرمل جرأة في الذود عن الحق العربي، وسيفاً حاداً على الباطل، وصراحة لا تشوبها غمغمة في تحذير العرب من الصهيونية البغيضة والطائفية المقيتة نعم كل حر يقاتل ذاك الخطر
وكانت رسالة مصطفى الأولى للجماهير العربية هذه الأبيات الشعرية:

إنجيل عيسى أو كتاب محمد سيان عندي فـ العروبة محتدي

إن كان عيسى للسلام يقودني فكـذاك أحمد للسعادة مرشدي

خوري الكنيسة لا يقول لنا افسقوا والفحش ينهي عنه شيخ المسجد

فعلام يبغون الضـلال بقولهم هذا مسيحي وذاك محمـدي

رائع هذا الفكر المستنير

يا أمة سكب الطغاة والفاسقون دماءها ما جاء الأنبياء للتفرقة والاقتتال بل للمحبة والتأخي
ومن الناصرة الفلسطينية إلى الكرك الأردنية، حيث التشابه بين المدينتين من حيث التكوين السكاني، وشرعا في الدعوة للوحدة الوطني أولاً، والدعوة للوحدة العربية والتبشير بحقيقة قيامها، وكانت عشائر الكرك تعيش حالة التوتر الدائم منذ عهدت الحكومة المحلية أي فترة الفراغ السياسي 1920 1921م، وكادت أن تتطور ظاهرة العداء التقليدي إلى حرب أهلية، فانقسمت المدينة إلى جبهتين: الجبهة الشرقية الحارة الشرقية والجبهة الغربية الحارة الغربية. ولولا هذه الندوات والاجتماعات التي لاقت قبولاً عند وجهاء وزعماء الكرك لاستمرت هذه الظاهرة تنخر جسد هذه المدينة العظيمة

زعماء حقا هم الذين يقودونبلدانهم إلى المحبة والعمل والعلم والتنمية والتوحد تحت الراية الوطنية .هذه المعاني يجب أن تكتب على حيطان المدارس والمعاهد والجامعات والطرقات والكنائس والمساجد ليفهم الناس أن الوطن الحر هو الوطن المندمج اندماجا في معاني المواطنة بلا تطرف قبلي أو قومي أو ديني أو طائفي أو مذهبي او حزبي .الوطن الحر هو الذي يجعل اختلافه لوحة فسيفسائية رائعة الجمال تجد فيها الطائر والسمكة والزهرة والفراشة وقوس النصر والسفينة وشاعرا من حوله عرائس الفن وفيلسوفا يشدو بالحكمة وإماما صالحا يهدي للتي هي أقوم وقسا يدعو للمحبة والتسامح ........
ما أحوجنا لقادة فكر على هذا البهاء



عرار يحكي فلسفته:

وقد فاتني أن أخبركم أني رجل طروب وأني في حياتي الطروبة افلاطوني الطريقة ابيقوري المذهب خيّامي المشرب ديوجني المسلك، وأن لي فلسفة خاصة هي مزيج من هذه المذاهب الفلسفية الأربعة التي اتيت على ذكر أصحابها ،فأنا اكيّف حياتي وفقاً لمقتضيات هذه الفلسفة التي ابتدعتها لنفسي بنفسي، غير حاسب لأحد غير الله حساباً وضارباً بكافة الاعتبارات القشرية التي تواضع عليها الناس عرض الحائط ليقيني أن معظمهم يضمرون غير ما يظهرون وان لا صلة بين حقيقتهم الراهنة وبين ما عرفهم عليه الناس من أوضاع:

فللّه عندي جانب لا اضيعهوللّهو مني والصبابة جانب

قلت الصبابة ولم أقل الخلاعة ..لا لأحمل المستمعين على اعتباري من أولياء الله الصالحين بل لأقرر الحقيقة فحسب،فأنا طراد هوى يفتنني الجمال أينما كان فالحسن بنظري هو مصدر كل خير والخير عندي هو أصل كل لذة والجمال واللذائذ كاللآلي لا يقلل من قيمتها أبداً أن ليس لها من أثر في خلجان البحار العظيمة كالاتلانطي والباسيفيكي وأنها موفورة في خلجان البحار التي على الهامش، والتي لولا الحياء من الأمانة العلمية لما تنازل الجغرافيون لإثباتها في خرائطهم .
ولذا أرى أن على الشاعر أن يتحرى الجمال وأن يفتتن به لذاته ولجوهره وليس للقشور التي تحف به ولا لما يحيط به من مظاهر الترف أو التطرية أو لما هي عليه مصادره من أوضاع خلابة ومظاهر براقة، مثله في ذلك كمثل الفيلسوف الذي يتحرى الحقيقة لذاتها ويطلب الحكمة لنفسها لا لأنها صدرت عن فلان أو قال بها فلان.



عرار... إنحياز تام للشعب

يوم شغل عرار وظيفة مأمور الإجراء في اربد ، تلقت وزارة العدلية عشرات الشكاوي من المرابين في لواء عجلون،فحواها أن شاعرنا أهمل قضاياهم وحرض المدينين على ألا يدفعوا ديونهم، وحارب المرابين حرباً لا هوادة فيها وتحداهم في نفوذهم وفيمن يعولون عليهم، فوجه مفتش العدلية كتاباً رسمياً لعرار استوضح فيه عن أسباب تلك الشكاوي.
وبعد أيام بعث عرار إلى مفتش العدل برد قاسٍ ختمه بقوله:
"لقد فاتهم كما فاتكم أني لست من الذين يقرع لهم بالشنان ويغمز جانبهم كتغماز التين ، فليكفوا عن شكاواهم الباطلة ولتكفوا عن سماع ترهاتهم ، والله من وراء القصد!"

وعرف المرابون فحوى رد عرار فتألبوا عليه وملأوا الدنيا صراخاً ورفعوا الشكاوي إلى وزير العدل فبعث هذا بمفتش العدلية إلى اربد للتدقيق في القضايا الإجرائية التي أهمل عرار تنفيذها ووجه إليه الأسئلة التالية:

س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟

ج: هب الهوا يا ياسين...يا عذاب الدرّاسين

س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟

ج: يا حمرا يا لوّاحة ...لونك لون التفاحه!

الحمرا: كناية عن الكديشة التي تدور حول لوح الدراس

س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟

ج: يا راكب ومدلّي رجليه ...يا حراقة والديه!

س : لوحظ أنكم لم تنفذوا الحكم في القضية الإجرائية رقم كذا تاريخ كذا فما سبب ذلك؟

ج: هبّ الهوا يا حنيني...صار الظعن ظعنين!

تسلم وزير العدل هذه الأجوبة اللا ابالية بالمنطوق العامي فحملها في حقيبته ويمم اربد وسأل عرار عما يعنيه بالزجل الشعبي الذي اعتمده في رده.
فقال عرار:" تريدون مني أن انفذ أحكاماً إجرائية بحق فلاحين طفارى والفصل شتاء! والفلاح لا يغنّي مثل هذه الأغاني الزجلية الا وهو فرح مسرور في فصل الصيف، فصل الحصاد والكيف،فهال المرابين أن يصبروا إلى أن يحل الصيف ،فإذا جاء الموسم خصباً نفذنا الأحكام وإلا فليبلطوا البحر!"

قال عرار هذا وخرج غير مبال بالسائل ومكانته...وهنا لم ير الوزير بداً من نقله مأموراً لإجراء عمان فانتقل إلى عمله الجديد والفى مكتبه مكتظاً بالمرابين فوقف فيهم خطيباً وعلى مسمع المسؤولين:
" يا قساة القلوب
يا غلاظ الأكباد!
من له منكم إذنان للسمع فليسمع إلى قول ابن مريم في أناجيله الأربع:
"تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"

ألا وإن في قانون الإجراء أيضاً نصاً ينص على ما المحت إليه الآية الكريمة:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ولا تظلمون ،وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وإن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون"
هذا هو القانون...فإن لم يعجبكم فتمثلوا بقولي:
كم مجرم باسمك يا قانون=عزّ وذو حقٍ هو المغبون!
وكم بريء دارت الظنون =به فلم تحمه يا قانون

ومن له إذنان للسمع فليسمع

فغضب المرابون وجمعوا أمرهم وذهبوا للوزير فوجه الوزير سؤالهم لعرار فأجب عرار بالقصيدة المعروفة "إخواني الصعاليك":



قولوا لعبّود علّ القول يشفيني =إنّ المرابين إخوان الشياطين
وأنّهم لا أعزّ الله طغمتهم= قد اطلعوا ، رغم تنديدي بهم ، ديني
فذا يقول: غريمي كيف تمهله ؟ =وذاك يصرخ: لم تحبسه مديوني ؟
كأنّما الناس عبدان لدرهمهم =وتحت إمرتهم نصّ القوانين !
يا رهط " شيلوخ " من يأخذ بناصركم =يجن على الحقّ والاخلاق والدين
ومن يسّهل أمرا فيه مصلحة =لكم فملعون حقا وابن ملعون
فما كظلمكم ظلم الفرنج ولا =كفتككم بالورى فتك الطواعين
أأسجن الناس إرضاء لخاطركم =وخشية العزل من ذا المنصب الدّون ؟!
أم رغبة في تقاضي راتب ضربوا =نقوده من دماء في شراييني ؟
هذي الوظيفة ان كانت وجائبها =وقفا عليكم ، فعنها الله يغنيني
إنّ الصعاليك إخواني وإنّ لهم =حقا به لو شعرتم لم تلوموني
فالعزل والنفيّ ، حبا بالقيام به =أسمى بعينيّ من نصبي وتعييني
يا شرّ من منيت هذي البلاد بهم =ايذاؤكم فقراء الناس يؤذيني
إنّ الصعاليك مثلي مفلسون وهم =لمثل هذا الزمان " الزّفت " خبوني
والأمر لو كان لي لم تفرحوا أبدا =من أجلّ دين لكم يوما بمسجون
( فبلطوا البحر ) غيظا من معاملتي= وبالجحيم ، إن اسطعتم فزجوني
فما أنا راجع عن كيد طغمتكم =حفظا لحق ( الطفارى ) والمساكين



عمر الفرا يزور قبر عرار وينشده شعرا
-------------------------------------------

علمنا الصدق يا عرار


عرار


اعتبرني جاي اتعلم سطر يحمل عباراتك

اعتبرني جاي اتسلم رسالة واحمي راياتك

اعتبرني تايه يدور غزالة تسرح باربد لمح نار بعشياتك

ش اسولف لك عجب يا عرار

ش اسولف لك بعد غيبه على اللي يجرى واللي صار

يا عرار احنا غير اللي كنت تخبرهم البارح

كان الحب بالامة شعار الجاي والرايح

كانت نخوة العربي مثل نخوة صقر جارح

غيرنا الزمن ياعرار

الاخوة عندنا انشلت ....العداوة بيننا حلت...عدوننا مننا وبينا ولا نغفر ولا نسامح

نسينا غيرة الاحرار ...نسينا غضبة الثوار

نسينا كل بداوتنا ..ونسينا كل اصالتنا ..ونسينا كل عروبتنا ..ونسينا المرجلة والثار

علمنا الصدق يا عرار

نسينا الصدق ...هاي احنا تعودنا الكذب حتى باذاعة نشرة الاخبار

عرار...المرحلة صعبة واخاف الازمة تبلعنا

نزف كل يوم بالامة وخبر كل ساعة يفجعنا

الحزن يسكن مدامعنا...الالم زلزل مضاجعنا..وطنا مسرح واحنا نمثل من مواجعنا

تآمر ...مذبحة...وعتمة...وبعدها نعض اصابعنا

الحمد لله الشرق والغرب ع كل مشهد يشجعنا

شهم يا عرار يا ابن ام الشهم يا عرار

تعال نصارع التيار...تعال نحطم الاعصار

ملينا الصبر واحنا بحياة المسكنة والعار

ملينا الصبر واحنا بقلبنا اندق الف مسمار

قوم عرار ...عسكرنا على الجبهات تتوثب ع خط النار

هلهل..صوتك البدوي يفطنا الاخذ بالثار

قوم عرار...ذكرنا برجالات العرب ذكر

برجولة خالد وطارق وصبرنا بمعركة مؤتة وبسالة جعفر الطيار

عرار...العرب محتاجبن ..سيف يجابه الردة..يرد كيد الغزو عنا ويلزم للعدو حده

... محتاجين للنخوة ولصوت يسافر ابمده

لكل عربي درس تاريخ جدي من اصل جده

انا موافق معك يا عرار...شرف امتنا بالوحدة

بعلم واحد يبشر شعبنا العربي برفع الحدود...من مراكش ال جده

عهد بالدم نمشي ع الدرب حتى نهاية اخر المشوار

انحني كل شبر بالقاع من رعشة دم الثوار

بحرية الشمس نحيا بكرامتنا ..ونموت احرار

بدقات القلب ننسج رمش العيون كرمى للوطن زنار

عهد منا بحليب امنا ..رمزنا بعشق وحدتنا ..وضوح الروؤيا عند عرار



***





نماذج من شعره :
إخواني الصعاليك


قولوا لعبّود علّ القول يشفيني =إنّ المرابين إخوان الشياطين
وأنّهم لا أعزّ الله طغمتهم= قد اطلعوا ، رغم تنديدي بهم ، ديني
فذا يقول: غريمي كيف تمهله ؟ =وذاك يصرخ: لم تحبسه مديوني ؟
كأنّما الناس عبدان لدرهمهم =وتحت إمرتهم نصّ القوانين !
يا رهط " شيلوخ " من يأخذ بناصركم= يجن على الحقّ والاخلاق والدين
ومن يسّهل أمرا فيه مصلحة =لكم فملعون حقا وابن ملعون
فما كظلمكم ظلم الفرنج ولا= كفتككم بالورى فتك الطواعين
أأسجن الناس إرضاء لخاطركم =وخشية العزل من ذا المنصب الدّون ؟!
أم رغبة في تقاضي راتب ضربوا= نقوده من دماء في شراييني ؟
هذي الوظيفة ان كانت وجائبها =وقفا عليكم ، فعنها الله يغنيني
إنّ الصعاليك إخواني وإنّ لهم =حقا به لو شعرتم لم تلوموني
فالعزل والنفيّ ، حبا بالقيام به= أسمى بعينيّ من نصبي وتعييني
يا شرّ من منيت هذي البلاد بهم= ايذاؤكم فقراء الناس يؤذيني
إنّ الصعاليك مثلي مفلسون وهم =لمثل هذا الزمان " الزّفت " خبوني
والأمر لو كان لي لم تفرحوا أبدا =من أجلّ دين لكم يوما بمسجون
( فبلطوا البحر ) غيظا من معاملتي= وبالجحيم ، إن اسطعتم فزجوني
فما أنا راجع عن كيد طغمتكم =حفظا لحق ( الطفارى ) والمساكين


بقايا ألحان وأشجان


عّفا الصّفا وانتفى من كوخ ندماني =وأوشك الشّك أن يودي بإيماني
شرّبت كأسا ولو أنّهم سكروا =بخمرتي وسقاني الصابّ ندماني
لقلت: يا ساق ! هلاّ والوفاء كما= ترى تنكّر ، هلا جدت بالثاني
سيمت بلادي ضروب الخسف وانتهكت= حظائري واستباح الذئب قطعاني
وراض قومي على الإذعان رائضهم= على احتمال الأذى من كل إنسان
فاستمرأوا الضيم ، واستخذى سراتهم =فهاكهم ، يا أخي عبدان عبدان
وإن تكن منصفا فاعذر إذا وقعت =عيناك فينا على مليون سكران

** **

إليكها عن أبي وصفي مجلجلة= أبا طلال وما قولي ببهتان
وقلت: هذا هو الباشا وذاك لقد= عليه أنعمت إنعاما بنيشان
رفعت كلّ وضيع لا يقام له =إلاّ بسوق الخنا وزن بميزان
وقلت: أولاء قومي ينهضون بكم= وحسبكم أنهم من خير أعواني
هلاّ رعيت ، رعاك الله حرمتنا =هلا جزيت تفانينا بإحسان ؟!
مولاي شعبك مكلوم الحشا وبه= من غضّ طرفك والإهمال داءان
وليس ترياقه يا سيّدي وأخي ،= في ناب صلّ ولا في سنّ ثعبان
مولاي ! إنّ المطايا لا تسير إلى =غاياتها ، إن علاها غير فرسان

** **

خداك ، يا بنت ، من دحنون ديرتنا =روحي فداء الخديد الأحمر القاني
أما هواك ، فلن تنفك جذوته =توري زناد تباريحي وأشجاني
يا بنت ، وادي الشتا صرت جنادبه= ورجّعت جلهتاه الغرّ ألحاني
فلا عليك إذا أقريتني لبنا =وقلت : خبزتنا من قمح حوران
أما السّكاكر فلينعم بمأكلها =' صبري ' و ' منكو ' و ' وتوفيق بن قطان '
وليحيي ' لدجر ' و ' الكوتا ' وطغمتها= في ظلّ دوح من اللذات فينان
أما أنا والمناكيد الذين هم =قومي وصحبي وندماني وخلاني
فحسبنا نعمة الذلّ التّي نخرت =عظامنا وأعزت أهل عمان

** **

' يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما ' =على المذلة والإذعان روضاني
لقد تنكّر لي أهلي ، وأنكرني =صحبي وأقرب من أدنيت أقصاني
فهاكني كيتامى الزّطّ لا أحد =يرثي لحالي ، ولا إنسان يرعاني
وليس لي ملجأ آوي إليه إذا= تهكم الصلفين الفظّ آذاني
ولا يراني أهل الخير ، يوم يدي= أمدها لهم ، أهلا لإحسان
أقول : هذا صديق صادق فإذا =بعد التجارب بي أمنى بخوّان
فهل عليّ ودأب الناس ثعلبه =ورفع كل وضيع القدر والشان
إذا عكفت على كأسي وقلت له := يا أيّها الكأس ! أنتّ الحادب الحاني ؟!
يا صحابيّ ! أعيراني عيونكما =أمتاح من دمعها لكن بأشطاني
عسى يخفف كرب الثكل سائلة= تنساب ما بين جثمان وأكفان
قد أنضبت أدمعي من أعيني نوب =تبكي وتضحك قد حلت بأوطاني
يا صاحبيّ ! خذا عنّي ، فديتكما ،= سرّ الصبابة والألحان والحان
وناشدا الشوق هل شامت مرابعه =وجدا كوجدي ، وتحنانا كتحناني

** **

ليلاي قيسك قد شالت نعامته =إلى فلسطين من ' غور ابن عدوان '
هلاّ تجملت ، يا ليلى ، وقلت له : =مع السلامة إنّ الدرب سلطاني
شدوا الرّحال إلى ابن السّعود ففي= رحابه مجد غسان وعدنان

** **

ماذا على الناس من سكري وعربدتي =ماذا على الناس من كفري وإيماني
ماذا على الناس من قولي لهم : أحد= ربي ، وقولي لهم : ربي له ثان
ماذا على الناس من لهوي ومن عبثي =ماذا على الناس من جهلي وعرفاني
ماذا على الناس من جهلي ومعرفتي= ماذا على الناس من ربحي وخسراني
ماذا على الناس من صفوي ومن كدري= ماذا على الناس إن دهري تحداني
ماذا على الناس من فقري ، ومتربتي =ماذا على الناس من ضنّي وإحساني
ماذا على الناس من حبي مكحلة =بين الخرابيش أهواها وتهواني

** **

قالوا : ذوو الشأن في عمان تغضبهم =صراحتي ، ولذا أفتوا بحرماني !
قالوا ذوو الشأن في عمان قد برموا= بمسلكي واصطفائي رهط مجان !
واستنكروا شرّ الاستنكار هرولتي =إلى الخرابيش مع صحبي وندماني
ما كان أصدق هذا القول لو عرفت =عمان مذ خلقت إنسان ذا شان !
قالوا : ( تمشكح ) في يافا وقد صدقوا =إنّي ( تمشكحت ) رغم العاذل الشاني
وقد جررت ولم أحفل بلومهم= بين الخرابيش عند الزّطّ أرداني
يافا عروس فلسطين التي غبرت= ما في يدي خلا شجوي وأشجاني
يا أهل يافا لقد طوقتم عنقي= شتى العقود فمن بر لإحسان
إلى الإشادة في ذكري ومعرفتي= وأعرف الناس بي يوصي بنكراني
ماذا عساه لساني أن يقول= لكم إن أوجب الأمر تقريظي وإحساني
إلا مقال ابن حجر يوم أنزله =بالأبلق الفرد ياهوديّ قحطاني
يا أهل يافا لقد بالأمس أرقني= برق تألق في أجواء حسبان
وحين رفّ لقدّ والله ذكّرني= بأنّني ذات يوم كنت عماني
فاستيقظت عبرتي من بعد هجعتها =وعادني ذكرهم من بعد نسيان


** **


ليلاي دنياي أحلام مجنحة= تطير بي في فضاء أحمر قان
يا ليتها حلقت ليلى بأجنحتي= إذن لقلت لها : طوباك جنحاني
إذن لزغردت يا ليلى وقلت لها := مع السلامة إنّ الدرب سلطاني
قالوا : يحب، أجل ، إنّي أحب متى =كانّ الهوى سبّة يا أهل عمان ؟
أما هواك فلا زلت الحفي به= ولا أزال عليه الحادب الحاني
أما لياليك ، يا ليلى ، فقد سحبت= سود الليالي عليها ذيل نسيان
طيري غدا والسلوقيّ استجاب إلى= بياع عظمات يا ليلى تحداني
فهل عليّ وهذا ما منيت به =إن صحت ، يا كأس انت الحادب الحاني
فادني شفاهك من فيهي أمصمصها =وأدفئيني ، فإنّ البرد آذاني
أما الشّباب فقد أودت بجدته= ليلاي ليلاي إرهاقات سجّاني
ليلاي! إنّ الخلابيس العتاة عتوا =على فراشي واستصلوا بنيراني
فربتي ، بأبي أنت ، على كتفي= إني على نفسه إنّي أنا الجاني
ما زال وادي الشّتا دفلاه مزدهر= مالي ومالكمو يا جيرة البان
أما هواك فقد شالت نعامته =وقد حططت بوادي السّير ركباني
مالي وزمزم ماء غير سائغة= فأسقني جرعة من ماء حسبان
ودع هواهم فما بالرقمتين هوى= وليس حبّ ذوي حزوى بإمكاني
جيران وادي الشّتا كانوا وما برحوا= برغم أنفك ... جيراني
أمّا أنا فالهوى العذريّ يكلؤني= وأعين الخفرات البيض ترعاني

** **

' لولا الهوى لم أرق دمعا على طلل =' ولا حننت إلى أطلال عمان
الحمد لله ليست مصر لي وطنا= وأحمد الله أني لست عماني
لا أنت منّي ولا أهلوك خلاني= ولا نداماك يا عمان ندماني
عمّان ! عمّان إنّ الكوخ قد عصفت= به الرياح فلست اليوم عماني

** **

يا ميّ ! وادي الشّتا صرت جناديه= فطرّ شارب ذاك المجرم الجاني
ذاك الذي كان قلبي ، يوم كنت به= برا وكان عليّ الحادب الحاني
أيام كان الهوى العذريّ يكلؤني= وأعين الخفرات البيض ترعاني
يا ميّ ! دحنون وادي الحور حمرته= قد شابها ببياض طلّ نيسان
ناشدتك الله والأردنّ هل قبسا =خداك لونهما من لونه القاني
يا ميّ شبنا وما تبنا فهل نزلت= بما انتهينا إليه آيّ قرآن
يا ميّ ! يا ميّ ! قد حال الصبا هرما =إلى قذالي سبيلا هينا داني
والنّفس تزخر بالآمال ساخرة= مما تبيته يا ميّ ! أحزاني

** **

يا حادي الركب ! قف واصمت على= مضض فالركب تحدوه سعلاة تحداني
قفا بعمواس يا ابنيّ وانتظرا =لو ساعة فهوى وصفي تحداني
وسائلا كلّ ركب مرّ عن ولدي= وسائلا الركب عن ( دحنون ) أوطاني
ويسألونك عنّي ، إنّني رجل= طرد الهوى ، مذ براني الله ، ديداني

** **

أين الندامى ؟ مضوا كلّ لطيته =وخلفوني بهذا الكوخ وحداني
فلا كؤوس ، ولا ساق ، ولا وتر= يشنف اليوم ، واويلاه آذاني
يا وحشة الكوخ ، أضفي فوق وحشتنا =دمعا نهلّه من سقف وجدان
فإنّ عبرتنا أودت بها نوب= كانت وما برحت تجتاح أوطاني
والصحب أضرب حتى عن إعارتنا =دمعا .تموح بقاياه بأشطاني
' لو كنت من مازن لم يستبح إبلي ' =( عرص ) من الشام أو ( عكروت ) لبناني
قالوا : تعاقرها ؟ قولوا لهم علنا =إني أعاقرها في كل دكان
قال الأطباء : لا تشرب . فقلت لهم : =الشّرب لا الطب عافاني وأبراني
عليّ بالكأس فالدّنيا مهازلها= طغت على الناس لكن شرّ طغيان

** **


قالوا : تدمشق ، قولوا : ما يزال على =علاته إربدي اللون حوراني

** **

إليك عنّي ألقابا وأوسمة =قد أرهقت بضروب الخزيّ عنواني
رأسي لربي ، وربي لن أطأطئه= ولن أذلك يا نفسي لدّيان
شمس العدالة لم تشرق على نفر= مؤلف من مخاريق وخرسان
فليتق الله بي شعب محبته= كانت وما برحت ، ديني وديداني
وليتق الله بي شعب وفيت له= حق الوفاء وبالنكران كافاني
على مذابح قولي : سوف أسعده= ضحيت عمري فلم يسعد وأشقاني


** **

الناس أحلاس من دامت سعادته= وكلّهم خصم من يمنى بخسران
غبر الوجودة إذا لم يظلموا ظلموا =فلا تثق منهم يوما بإنسان
خذني ( معاك ) فإنّ الناس قد برموا= بما يسمونه ظلمي وطغياني
خذني ( معاك ) ودعني في مضاربكم= أمتاح من بئركم لكن بأشطاني
خذني ( معاك ) فإنّي في مضاربكم =والله ، أنعم في سهوي ونسياني
ولا أبالي أأنتم معشر نزل =أم أنكم أهل ترحال وتظعان
ألم أقل لك : إنّ الناس أخلصهم =بوركت إنّ هاجمونا جدّ خوان
وأنّ وادي الشتا حوّ جآذره= وأنّ زمزم والأردنّ صنوان

** **

يا أربعا ما وراء الحصن عامرة= بما تعانيه من ظلم وطغيان
قضى أساطين حزبي يا أخي ومضوا= فاشحذ مداك فإني اليوم وحداني
أودى الغريب ولم تجزع لمصرعه =لعلّ جثمان ذاك الميت جثماني
أين الأمين ؟ لقد شالت نعامته= وأصبح اليوم يا لله !! ألماني
لا زرت قبرك تحدوني ........ =ولا رثيتك إبراهيم طوقان
نحن الألى قد وفينا في مودتنا =يوم الرفاق تنادوا يا لقحطان
وعلقوهم على الأعواد ما علموا =أنّ العزائم لا تثنى بعيدان

** **

قالوا : لشعرك عشاق بودهم= أن يجمعوا بعضه في شبه ديوان
فقلت : شعري أشلاء مبعثرة= كأنها عمري في كل ميدان
ويوم يأزف ميعاد النشور وما =يقضي به البعث من سر وإعلان
لسوف يسمع حتى الصمّ من غرري= آيات تلفظّها أفواه خرسان

** **

يا أردنيات إن أوديت مغتربا =فانسجنها بأبي أنتنّ أكفاني
وقلن للصّحب : واروا بعض أعظمه= في تلّ إربد أو في سفح شيحان
قالوا : قضى ومضى وهبي لطيته =تغمدت روحه رحمات رحمان
عسى وعلّ به يوما مكحلة =تمرّ تتلو عليه حزب قرآن




بعد الأربعين
-----------



يا شيخ أين من الخريف ربيع=ما للشباب وقد خلاك رجوع
يا شبخ بعد الاربعين بقاؤنا=عبث فلهو لداتنا ممنوع
إما صبوت اليوم قيل لعمركم=يا ناس تهيام الشيوخ فظيع
واذا نظمت الشعر قيل تكلف=وإذا أدرت الكاس قيل حليع
وإذا بكيت جوى ونحت صبابة=قالوا وهجر ابن المئين دموع
يا شيخ تف على الحياة بلا هوى=وجوانح تزهو به وضلوع
لمن المضارب لا تسل هي للألى=أيامهم كحياتنا ترقيع
لله در الهبر إن قبابه=أدم وإن جنابه لمنيع



ومن منفى إلى غربة
----------------------


هواك ظننته لعبة =وحبّك خلته كذبه
وقلبي كنت أحسبه= قضى واويلتا نحبه
وأحلامي وآمالي= وأيام الهوى العذبه
وتذكارات آمالي =قضت في جملة الحسبة
كفرت بكل عاطفة =لها بمبادئي نسبة
ورحت أظنّ أنّ الجر =ي في حلب الهوى سبّة
وعشت لغير تطلاب ال =علا والمجد لا أأبه
أبايع من يساومني =على الترفيه بالنكبة
فمن سجن إلى منفى =ومن منفى إلى غربة
ومن كرّ إلى فرّ =ومن بلوى إلى رهبة
فبي من كلّ معركة= أثرت عجاجها ندبة




الحنين الى الجزيرة
----------------------



أفي كلّ يوم أنت مضنى مروع= تشوقك أوطان وتصيبك أربع
تعشقتها طفلا صغيرا كأنّما= رضعت هواها قبلما كنت ترضع
فمنذ بها نيطت عليك تمائم =وأنت بها من دون تربك مولع
قضيت الصّبا صبّا وأنحيت نحوه =شبابا تقضى وهو بالوجد مشبع
تكاد حنينا ان تذوب إذا بدا =لعينيك برق بالجزيرة يلمع
تكاد إذا ريح الجنوب تنسمت= حنينا إلى وادي الأراكة تهرع
أتحسب كثبان المهامه يا فتى =جنانا بها أيك السعادة مفرع
فتشجيك ذكراها ، ويصيبك ذكرها= وتشتاق سكناها إذا ضاق موسع
وما هي ، لو أوتيت علما بأمرها =، سوى بلقع من نضرة العيش بلقع
فمتع بما أعطيته من تمدين= جوانح جدا شاقهنّ التمتع
ولا تك جحّادا بنعمى حضارة =على بعضها عين البداوة تدمع
ألا ايّها الغرّ المرجى رحابة =بأرض بمن فيها من الناس تظلع
نزلت بواد غير ذي زرع ما جنى= خلا القحط من إخصابه المتوقع
فدع عنك إغواء الصبابة وارعو =فإنّك في سهل من الوهم ترتع
بنفسي وأهلي أفتديها مواطنا= مدى العمر ما انفكت لها النفس تنزع
قضيت الصّبا وجدا بها وصبابة =فهيات عن تهيامي العمر أقلع
ألا حبذا أرض الجزيرة موطنا =وإن كان من دوح السعادة بلقع
أقول لنفسي حين راح كلامها =جزافا بإقناع الذي ليس يقنع
نعم ، جيدها عطل من الحليّ والحلى =ولكنّه بالمكرمات مرصع
وإنّ مغانيها وإن قلّ خصبها =لمن كلّ مرعى قام بالغرب أمرع
وأبيات شعر رصعت جنباتها= لمن كلّ قصر قام بالغرب أرفع
فيا حبذا بيت من الشّعر ما به= لعلج زنيم ، دأبه الغدر ، مطمع
ولا حبذا قصر مشاد بروضة= على الرغم مني فيه للعلج مربع
فلا خير في دار بأحرار أهلها =تضيق إذا خطب أناب ، وتظلع
وآل بعرض القفر يخدع ظامئا =لغلتنا من نهر ( لندن ) أنقع
وبوم يحيي الليل في حالك الدجى= بنعق له جأش المصاليت يجزع
أحبّ لسمعي من تغاريد آلة= لغير بلادي يا أخا العرب تصنع
وكلّ بلاد يلفظ الضاد أهلها =بلادي ، وإن كانت بمثلي تظلع


سهاد


لقد بتّ أمس كما بتّ انت =عثاري دثاري ويأسي وساد
وفي القلب جرح لقد حرّمت =عليه الليالي مباح الضماد
أنام ولكن ليصحو شقائي =وأصحو ولكن ليشقى الفؤاد
فهيهات منّي سبات الأماني =وهيهات منّي أماني الرّقاد
وإنّي سعيد بما قد لقيت= وإنّي شقيّ لأورى زناد

** **
لقد بتّ امس كما بتّ أنت =جزوعا خشوعا مروع الفؤاد
كأنّ بنفسي كآبة رمس بدا= لي أمس بعرض الحماد
وما من طموحي وأحلام روحي= بكفيّ إلا رماد الرّماد
وأنت عليم بما قد لقيت= وما سألاقي وما بي يراد
أجل قد مللت تساقيّ بؤسا= بحانة يأسي بكأس اضطهاد
فحسبي شقاء يلاشي جهادي= ويكبي جيادي بكل طراد
أجل قد مللت بقاء مملا= وعيشا مذلا بهذي البلاد
" ولا صغار كزغب القطا " =ومأساة يتم وثوب حداد
وحزني عليك جزوعا وقد= نعتني إليك بنات المداد
لبعت الحياة وبأساءها =بسوق المنايا بأدنى مزاد
لقد بتّ أمس كما بتّ أنت= عثاري دثاري ويأسي وساد
وفي النّفس نار إذا خلت أن قد= عراها خمود تزيد اتقاد
ونار بروحي لقد صيّرت =أمانيّ قلبي كذرّ الرّماد
وربّ سموم لقد أذبلت= زهوري فآضت كشوك القتاد
فهيهات مني سبات المنى= وهيهات مني أماني الرّقاد



سكر الدهر
---------------


سكر الدهر ، فقل لي : كيف أصحو= والنّدى يبخل ، والجود يشحّ
وأنا يا سيدي المفتي كما قلت عنّي := حيث ينحو الحبّ أنحو
وحياتي ، لا تسل عن كنهها= إنّها حان وألحان وصدح
وأمانيّ شباب فاتها مثلما= فات بني الأردنّ نجح
وعثار الجدّ قد صيّرها عبرة =خرساء هيهات تسحّ
فهي أحيانا بشعري آهة =وهي أحيانا جوى يشجي وبرح
وهي طورا في مغاني قصفهم =عربدات تضحك الثكلى وردح
وهي أحيانا هوى ، طرد الهوى =يتبناه ، فيشفى ، ويصحّ
وهي أحقاد تلظى تارة= فإذا بي وبها : عفو وصفح
وهي أحيانا ظلام دامس= لا أرى أنّي له يطلع صبح
فافتني يا شيخ ! هل لي بعدما= جاءكم عنّي ،عمّا بي ندح
ودع الساقي يدر كأس الطلا =حسبه لله ، فالسّكر أصحّ
في زمان ليس للحقّ به أيّ صوت إن أسفّ الدهر يلحو
** **
سكر الدّهر ، ولم يفطن إلى =سكره حرّ أبيّ النفس قحّ
فانتفى الإنصاف ، والعدل= عفا وأسفّ الحكم ، فاستجبل سفح
وأنا ما ذقت إلا كاسة= عند قعوار وأخرى إذ ألحوا
ضربوا الأمثال بي عربدة =فلسكري عندهم : متن وشرح
هيه يا رمز الأماني والمنى= إنهم حيات ، رقطاء تفحّ
لا يغرنك تقبيلهم =يدك اليوم ، وتقريظ ومدح
فغدا سوف ترى موقفهم= منك ، يا مولاي ، إن أبرم صلح
فثرى الأردنّ أن لم يرو= من مائه الفياض ، لن يرويه ميح
** **
أيّها الشيخ ! الذي دستوره =إنّما الإفتاء : توجيه ونصح
بعضهم يسكر للسكر وفي الن =اس من يسكر ، يا شيخ ليصحو
كتب الله علينا شربها =ليس خطّا كتب الله فنمحو
قد قلوت القيل والقال وما =ليس لي فيه غنى أو منه ربح
ونذرت الصمت ، لما قيل لي : =من يقول الحقّ يؤذي ويدحّ
أنا إن أصمت ، فصمتي حسبه= أنه صوت الأرقاء الأبح
أيّها الباكي على أوطانه =لا يردّ الروح للميت نوح
بارك الظلم ، وصفق للأذى= فهما نصر من الله وفتح



نَوَرٌ نسميهم
-----------------



لا درّ درّك " جعفر يا " جعفر "
دعني بغيّ ضلالتي أتعثر
وإذا فقيه القوم أسهب واعظا
وبه اهتدى غيري فدعني أكفر
وإذا مريدوه الأفاضل أسرفوا
بالقول : هذا ماجن مستهتر
فأنخ على باب الصرّاحة ناقتي
حتى يموت بغيظه المتذمر
واضرب به وبفقهه وبوعظه
عرض الجدار فذا بذلك أجدر
عبّود قال ، فما لنا ومقاله
السكر في نظر الشريعة منكر
والخمر رجس والكؤوس برأس من
شربوا بها يوم الحساب تكسّر
إنّ الإله الحقّ جلّ جلاله
من أن يقول بقول شيخك أكبر
فهلمّ نشربها فلون حبابها
ذهب كشعر الشركسية أشقر
وتعال عند المنتشين بطبعهم
من حان ألحان الربابة نسمر
الطامعين وليس من أمل لهم
والقانطين وكلهّم مستبشر
الآخذين من الحياة بصفوها
والتاركين لغيرهم ما يكدر
الساخرين بكلّ شيء بينما
لا شيء إلاّوهو منهم يسخر
" نَوَرٌ " نسميهم ونحن بعرفهم
منهم وفي عين الحقيقة " أنَورُ "
أو لم تر العرفاء كيف تهودوا
أو لم تر المتعلمين تنصروا
والبائعين بلادهم بقلامة
قد أقدموا والمخلصين تقهقروا
فالحرّ فينا للعلوج مطية
والعفّ منا لليهود يسمسر
بعنا العروبة بالوظيفة وانبرى
ليبيع " غور أبي عبيدة " أزعر
لا تعجبنّ لفعلنا فنفوسنا
رغم الظواهر بالدناءة تزخر
يا " هبر "، يا طبال ، يا من قومه
من كلّ سفسطة تغلّ تحرروا
إنّا على ما قدروه لشأننا
من قيمة من شسع نعلك أحقر
حاك الصّغار لنا رداء رئاسة
يلهو بقرض خيوطه المستعمر
لا تحسبن يا " هبر " سؤددنا كما
يبدو، فغيرك بالحقيقة أخبر
هيهات لو تغني الظواهر ربّها
أسدا لكان الثعلب التنمر
فدع الرصانة والرزانة والحجا
برؤوس عبدان الفلوس تنقر
وهلمّ عند الضاربين بطبلهم
للناس أمثلة الصراحة نسمر
الراقصين على الحبال جدودهم
رقصا كرقص الأمس لا يتغير
الثابتين على مبادىء قومهم
الحافظين ذمام من لا يخفر
" نَوَرٌ " لئن كانوا فإنّ وفاءهم
مما يحار بأمره المتبصر
لا يكذبون ولا بتور فعالهم
ولقلّما ظهروا بما لم يضمروا
ما زال من كنا نؤمل خيره
قد صار عن آراء " وزمن " يصدر
يا " هبر " شعبك بالحياة من أمتي
أضحى الأحقّ وبالكرامة أجدر
يا " هبر " هات لي الربابه وانطلق
بي حيث قومك أسهلوا أم أصحروا
أنا مثلكم أصبحت لا أرض ولا
أهل ولا دار ولا لي معشر
ولقائل لك بالعراق ، وملكه
واق يعيذك ما تخاف وتحذر
فهناك لا بلفور يزعج وعده
أحدا وليس هناك من يتبلفر
وهناك لا " بيك " تخاف جنوده
يوما ولا " ككس " هناك وهوبر
وهناك لا .. أوهل هناك دساكر
يا شيخ بالهيف المرنّح تزخر
وعيون ما ينفك يزعم أنّها
عيناه في نظراتهنّ الجؤذر
هيهات ما بعد " الصريح " وأهلها
للحصن لا شرقي " سال " "مغير"
ما في العراق وربّ زمزم أعين
إلاّ ومن خلف الزّجاجة تنظر
" عمص " ويحسبها السخيف لأنّها
سقيت بدجلة بابلية تسحر
فأقم " باربد " لا تغادر ساحها
إلاّ إلى القبر الذي به تقبر .
--------------------------
النَوَر: الغجر




إخواني الصعاليك


قولوا لعبّود علّ القول يشفيني =إنّ المرابين إخوان الشياطين

وأنّهم لا أعزّ الله طغمتهم= قد اطلعوا ، رغم تنديدي بهم ، ديني

فذا يقول: غريمي كيف تمهله ؟ =وذاك يصرخ: لم تحبسه مديوني ؟

كأنّما الناس عبدان لدرهمهم =وتحت إمرتهم نصّ القوانين !

**

يا رهط " شيلوخ " من يأخذ بناصركم =يجن على الحقّ والاخلاق والدين

ومن يسّهل أمرا فيه مصلحة =لكم فملعون حقا وابن ملعون

فما كظلمكم ظلم الفرنج ولا =كفتككم بالورى فتك الطواعين

أأسجن الناس إرضاء لخاطركم =وخشية العزل من ذا المنصب الدّون ؟!

أم رغبة في تقاضي راتب ضربوا =نقوده من دماء في شراييني ؟

هذي الوظيفة ان كانت وجائبها =وقفا عليكم ، فعنها الله يغنيني

إنّ الصعاليك إخواني وإنّ لهم =حقا به لو شعرتم لم تلوموني

فالعزل والنفيّ ، حبا بالقيام به =أسمى بعينيّ من نصبي وتعييني

يا شرّ من منيت هذي البلاد بهم =ايذاؤكم فقراء الناس يؤذيني

إنّ الصعاليك مثلي مفلسون وهم =لمثل هذا الزمان " الزّفت " خبوني

والأمر لو كان لي لم تفرحوا أبدا =من أجلّ دين لكم يوما بمسجون

( فبلطوا البحر ) غيظا من معاملتي= وبالجحيم ، إن اسطعتم فزجوني

فما أنا راجع عن كيد طغمتكم =حفظا لحق ( الطفارى ) والمساكين




تسول شاعر !
--------------


بين الأنين وغصة الذكرى = أبعد بعمر ينقضي عمرا
وانفض يديك من الحياة إذا = يوما أطلقت عن الهوى صبرا
ما قيمة الدنيا وزخرفها = إن كان قلبك جلمدا صخرا
يغضي إذا حيته آنسة = ويهش إن نظرت له شزرا
وضلوعه قفراء موحشة = تتجشأ الكفران والغدرا
فكأنه وكأنها شبحا = قبر يلوك بشدقه قبرا

**
ظبيات وادي السير هل نفرت = من سربكن الظبية السمرا
فهي التي خطت أناملها = في سفر حبي آية غرا
وتلت علي من الهوى سورا = رتلتها مترنما شعرا
ومضيت أسال كل فاتنة = كرما وجودا نظرة شزرا
ونشرت أحلامي وقلت لها = زفي لنفسك ويحك البشرى
فالقلب قد عادته شيمته = وتدفقت قسماته بشرا
وتناقضت جنباته شغفا =وأقض وقع وجيبه الصدرا
ريانة الالحاظ من حور = زيدي رسالة حبنا سطرا
ما زال قلبك ما يزال به = رمق ونفسي لم تزل خضرا
سكرانة الألحاظ مرحمة = حني علي بنظرة سكرى
من عينك اليمنى فأن بخلت = فتصدقي من عينك اليسرى
وإذا مددت الى يديك يدي= فتلمسي لتسولي عذرا
فحياة أمثالي إذا صفرت = من عطف مثلك أصبحت صفرا

**
جراجة الكفلين من هيف = أوحى لرمح قوامك الخطرا
هلا اتقيت الله في كبد =حرى وعيش حلوه مرا
ورعيت حرمة شاعر دنف = يشكو اليك العوز والفقرا
حبست سماؤك عنه صيبها = فتسول الفضلات والسؤرا
وثابة النهدين حاجتنا = لزكاة حبك لم تعد سرا
ما زال قلبك ما يزال به = رمق ونفسي لم تزل خضرا
ونصوص حكم هواك ما برحت =مطروحة بدوائر الإجرا
شبنا وحبك ما يزال فتى =غض الاهاب يغازل الدهرا
يبكي فتشرقني مدامعه = وتغصه زفراتي الحرى
فكأنه وكأنها شبحا =ذكرى تكفكف دمعها ذكرى




أهكذا حتى ولا مرحبا !!
----------------------------

....

أهكذا حتى ولا مرحبا !!

لله أشكو قلبك القلبا

أهكذا حتى ولا نظرة !!

ألمح فيها ومض شوق خبا

أهكذا حتى ولا لفتة !!

أنسم منها عرفك الطيبا

ناشدتك الله وأيامنا

ونشوة الحب بوادي الصبا

وغصة الذكرى وآلامها

وحرمة الماضي وما غيبا

لا تسأليني اي سر لقد

احال عمري خاطرا مرعبا

عمان ضاقت بي وقد جئتكم

أتنجع الآمال في " مادبا "


يا هند برق لاح لي موهنا

تنورته العين مستهضبا

فاض " بحسبان " فهشت له

" حسما " و " وادي يتمها " رحبا

فرف بالقلب رسيس الهوى

وود صدع الشمل لو يرأبا

ود وما عل واشباهها

بمرجعات للصبا أشيبا

رب مقيل في ظلال الغضا

يدعم فيه المنكب المنكبا

ما تامني الوارف من ظله

ولا عناني منه ان اقربا

مخافة النفس بأرجائها

ظفر من الاشواق ان ينشبا

فحسبك الآلام تزجينها

قلبا من الآلام قد اتعبا


يا هند تالله سموم الأسى

سيان عندي لفحها والصبا

فلن يضير اليأس ان قانط

شام المنى تفتر فاستعذبا

وما عليه ان يكن برقها

ككل برق شامه خلبا

وما على التوبة من ناكث

أن يشرب اليوم وأن يطربا

وما على الخمار ان شرقت

به الخوابي والهدى غربا


كم رصعت أفقي نجوم المنى

ثم تهاوت كوكبا كوكبا

" بالسلط " غزلان كما قيل لي

هضيمة الكشح حصان الخبا

المجد والوجد بقاماتها

عن غاية اللطف لقد أعربا

ريانة الأرداف ألحاظها

سهم من الإبداع قد صوبا

لكن هوى قلبي وقد كان لي

قلب كباقي الناس هذي الظبا

أرآم هذا الحي من " مدين "

" فالبدع " " فالبتراء " حتى " ظبا "


كم قائل : فر ألم يأته

لا أرنبا كنت ولا ثعلبا

وهل يفر الحر من خطة

ساقت عليه جيشها الالجبا

كذبا ودسا وافتراء اذن

فلست من قحطان او يعربا

آباء صدق اورثوا حضرتي

من الخصال الغر ما اعجبا

ان تكذب الانساب اصحابها

فصادق الاعمال لن يكذبا

من كل قرم شامخ انفه

ان سامه العلج هوانا ابى

لا ينحت الرزء له أثلة

من عزة النفس وإن أسهبا

***

***

خيال اطفالي وقد زرتني

غداه امس العيد مستعتبا

من كوخ ارهاقي وهذا الحمى

حذار بعد اليوم ان تقربا

فالناس انسانان من همه

ان يرتوي ذلا وان يلعب

وآخر تأبى عليه الحجا

الا بأن يشقى وان يتعبا

ما قيمة الالقاب منصوبة

والظهر بالخزي قد احدودبا !؟

كم مطلق العنوان القابه

ما حققت سؤلا ولا مطلبا

يستنسب الري بصفع القفا

يا بئس ما اختار وما استنسبا

وراسف بالقيد ما ينثني

يدأب حتى يبلغ المأربا

***

***

يا هند من " حسبان " قد بارق

رف رفيفا واضحا مسهبا

فهش للماضي وقد طالما

بذلك الماضي لقد شببا

فاستذرف العين فضنت على

اعينه الادمع ان تسكبا




تراث
-------------



بيت عرار أصبح" بيت عرار الثقافي"







عرار في مكتبة عمون الفينيق
------------------------------

رباعيات الخيام


مصطفى وهبي التل (عرار)



تحميـــــــــــــــــــــــل


اعداد : سلطان الزيادنة ... زياد السعودي ... نفيسة التريكي ...مروان العتوم






 
/
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط