زاوية : صباحكم أجمل/ بقلم زياد الجيوسي - الصفحة 11 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ عناقيد من بوح الروح ⊰

⊱ عناقيد من بوح الروح ⊰ للنصوص التعاقبية المتسلسلة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-06-2008, 01:15 PM رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل/ الريح الحزينة

الأربعاء,حزيران 18, 2008


صباحكم أجمل/ الريح الحزينة


مدينة طولكرم
بعدستي



صباحكم أجمل/ الريح الحزينة
ليالي الشمال 2


ها أنا أتمتع بنسمات رام الله المشبعة بالحب ونفحات الحب، تمتع روحي في كل صباح ومساء، أجول بها وأتنشق عبق الياسمينات، أهمس في أذن طيفي محدثا عن كل شجرة وزاوية ودرب، أفرش لحروفي الخمسة في القلب الإقحاونات والسواسن والفل، أزرع في شعرها الياسمينات، فما أجملك يا رام الله وأنت تمنحيني كل هذا الحب، في هذا الصباح المبكر والنسمات الناعمة، بعد ليلة بالكاد نلت فيها بعض السهاد، وإن لم تخلو من فرح روحي، وبعض من الم جسدي عابر.
منذ عودتي من رحلة طولكرم وجيوس، والفعاليات الثقافية والفنية لم تتوقف في أمسيات رام الله، فقد أتيح لي حضور فيلم عن مطار القدس بعنوان "خمس دقائق من بيتي" للمخرجة ناهد عواد على شاشة القصبة، وأمسية رائعة لفرقة تراث للموسيقى الشرقية، وهذه الفعاليات بالذات اجتاحت مني الروح فكتبت عنها، وحضرت ثلاث أمسيات موسيقية ما بين قاعة المركز الثقافي الفرنسي لمعهد ادوارد سعيد للموسيقى، وأمسية هندية برعاية مؤسسة الكمنجاتي في القصبة أيضا، إضافة لمناقشة كتاب في بلدية البيرة، وهذا ما تمكنت من متابعته ناهيكم عن فعاليات لم أتمكن من حضورها لانشغال أو تضارب أوقات تدفعني للاختيار، فأذكت هذه الفعاليات في روحي الرغبة في استكمال ما بدأته من الحديث عن زيارتي إلى طولكرم، ففي اليوم الثاني لوصولي وصادف الجمعة السادس من حزيران، فضلت البقاء مع أسرة بيت أخي، ولم أغادر إلا ظهرا للصلاة في المسجد، لأجد خطيبا تنتفخ أوداجه في الدرس قبل الصلاة، يتحدث عن عذاب القبر بطريقة منفرة، وكأن الوطن قد تحرر، والناس أصبحت تنعم بنعيم الحرية، ولم يبق لدينا من المشاكل إلا عذاب القبر، فيا أيها السادة رجال الدين، تعاملوا مع مشكلاتنا اليومية والمعيشية أيضا، واذكروا أن الله عز جلالة يمتلك الرحمة، وأن الدين يسر وليس عسر، وأن تصوير الخالق بهذه الطريقة المنفرة بالحديث، تبعد الناس عن الدين والإيمان، ورسولنا الكريم لم يبعث إلا رحمة للعالمين، فتعاملوا مع الدين بتوجيه الناس للخير والعطاء، فلو كان الدرس يحض المؤمنين على نظافة المدينة أو تشجيرها مثلا، أليس كان ذلك أفضل وأجدى؟
في المساء زرت أحد الأصدقاء الذين ربطتني بهم في الماضي علاقات نضالية قديمة، تذاكرنا الماضي وتحدثنا بالحاضر، وسررت بلقائه وأسرته بعد هذا العمر، فالصغار أصبحوا كبارا، ونحن مضى بنا قطار العمر.
السبت منذ الصباح المبكر كنت برفقة رامي ابن أخي في جولة تصوير للمدينة، فصعب أن أسوق وأصور في نفس الوقت، فاعتمدت عليه بالسياقة كونه ابن المدينة ويعرفها بدقة، ولا تخفى عنه منطقة فيها، وبعد الجولة ذهبت للقاء أصدقاء يمثلون قواهم السياسية وفصائلهم، وكان السؤال الذي يؤرقني وأناقشه معهم، لماذا تراجعت طولكرم بدلا من أن تتقدم؟ لماذا وهي الحاضنة الاكبر عبر تاريخها للشعراء والكتاب والفن، وما زالت تحوي بجنباتها العديد منهم أمثال: صبحي الشحروري وعبد الناصر صالح وخضر سالم ومحمد علوش ونصوح بدران وأديب رفيق محمود وطارق عبد الكريم وطارق الكرمي وغيرهم الكثير ممن لا تحضرني أسمائهم الآن، .. لماذا؟ كانت اشارة تساؤل كبيرة مع كل من التقيتهم، وفي حوار مع الصديق محمد الشعبي، والشاعر محمد علوش هذا الشاب المتدفق بالحيوية، ومع العديد من الأشخاص، كنت أريد أن استمع منهم للجواب، فيندر أن تكون هناك أمسية شعرية أو فنية، ولا يوجد قاعة مسرح ولا مراكز ثقافية، والغبار يتراكم على ذاكرة المدينة وحاضرها، ناهيك عن الإهمال الخدماتي والقصور من قبل القائمين على المدينة، وأبرز مثال أن المدينة محاطة بمدخليها بمركزين لتجميع القمامة وحرقها، فلا تتوقف الروائح الكريهة، ولا الغازات السامة عن اجتياح المدينة.
كل ما طرح في الحوارات يمكن أن يحلل بعض العوامل، لكنه بالتأكيد لا يكفي، فدور المثقف والكاتب والأديب والفنان يجب أن يتميز، يجب أن يكون عاليا، وعلى كتاب وشعراء المدينة والمحافظة، أن يخرجوا من الذات والفردية والفصائلية قليلا، ليشكلوا بؤرا مضيئة تحمل على عاتقها الخروج من هذا الواقع المؤلم، وفتح الطريق أمام طولكرم أكثر حضارية ورقيا، فالتغيير لا يأتي من الخارج، انه يأتي من الداخل فقط، فهل سيبقى من على عاتقهم التغيير ينتظرون من يعلق الجرس؟ وهل ستبقى القوى السياسية تحصر دورها بالركض وراء الحدث ببيان أو مسيرة، ولا تتذكر أن دورها المجتمعي هو مسألة في غاية الأهمية، وهل يجب الصمت والانحناء أمام الجدران التي نبتت في غفلة من الزمان، فأصبحت الأسوار تحيط بالمدينة، فمن جدار الضم الذي يمتد كأفعى، حتى الجدران الداخلية التي حجبت الوعي ومزقت نسيج وحلم المدينة.
وفي لقاء آخر مع السيدة انتصار سلمان منسقة شمال غرب الضفة للمركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية، كان هناك حديث آخر إضافة للهم الثقافي الذي يسكنني، فوضعتني بصورة دقيقة لتركيبة المجتمع الكرمي وتأثيراته المختلفة، وعن الظروف التي أدت للتغير في ذلك المجتمع عبر السنوات الماضية، فتحدثت عن تأثير الاحتلال والانتفاضة الأولى والثانية، وتأثيرات مختلفة تناوشت المجتمع الكرمي، بحيث أصبح في الحال الذي هو فيه، وخصوصا غياب الحركة الثقافية والفنية، ووضعتني بصورة الدورات التي يعقدها المركز، والتي تهدف إلى النهوض بالحركة المجتمعية ورفع معدلات الوعي وخاصة لدى الفتيات.
ومن دعوة غداء إلى قليل من الراحة بعد الظهر، لأنهي يومي بلقاء لطيف على أحد مقاهي المدينة، مع الشاعر الصديق طارق الكرمي، ساعتين من الزمن تحدث فيها الكثير من أزمة المدينة حتى أزمة الثقافة والفن فيها، مرورا بأزمة المجتمع الكرمي، وأسمعني العديد من قصائده، وحديثه عن أسلوب شعره وتطوره من خلال تأثيرات مختلفة، مستخدما العديد من المصطلحات، ناقدا أقرانه وغير أقرانه من الشعراء، فهو ساخط دوما، وقال لي في النهاية حين رأى أني أسجل ملاحظات: إن كتبت فأرجوك أن تشتمني وسأكون مسرورا، فقلت له: أيها الكرمي الجميل سأعاقبك ولن أشتمك، فالشتيمة ستفرحك وأنا لن أفرحك بها، وضحكنا بصوت مرتفع.
انفصلت عن طارق الكرمي، وقررت أن أعود للجولة في أطراف المدينة سيرا على الأقدام، فوجدت نفسي في أحد الأزقة بين شجرتي ياسمين متقابلتين، فوقفت أتنشق هذا العبق وكأنهما تقولان لي بصوت واحد: ليست رام الله وحدها تبوح بالياسمين يا عاشق الياسمين، وسيأتي اليوم الذي ستعبق فيه ليالي الشمال الحزينة بالفرح وعبق الياسمين، فسرت مسافة طويلة وحدي، لا يرافقني إلا طيفي وحروفي الخمسة، أنتظر قدوم الغد لتكون خاتمة جولتي في طولكرم، في لقاء دعيت إليه من جامعة خضوري ومن طلبة منتداها، أولئك الشباب الذين عليهم عبء التغيير والتطوير.
صباحك أجمل يا رام الله، صباحك أجمل يا حبيبتي، صباحك أجمل مع عبق الياسمين وفنجان القهوة وطيفي البعيد القريب وحروف خمسة لا تفارقني وصومعتي، شدو فيروز:
" ليالي الشمال الحزينة ظلي اذكريني اذكريني، ويسأل علي يا حبيبي، ليالي الشمال الحزينة، يا حبيبي أنا عصفورة الساحات، أهلي نذروني للشمس وللطرقات، لسفر الطرقات، لصوتك يندهلي مع المسافات، ويطل يحاكيني، الريح الحزينة، يا حبيبي وبحبك على طريق غياب بمدى لا بيت يخبينا ولا باب، خوفي الباب يتسكر شي مره بين الأحباب، وتطل السكينة، ليالي الشمال الحزينة ظلي اذكريني اذكريني"
صباحكم أجمل
.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 18\6\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-06-2008, 03:12 PM رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام الباسل مشاهدة المشاركة
ومن عبق الياسمين رام الله
حتى كرم العلالي طولكرم
حتى وإن طوتنا المسافات
ستبقى معالمها عالقة في ثرى اللحظة
تتسرّب عبر ثقوب سرية بالذاكرة
لتغربل ما شاءت من تفاصيل صغيرة
رصدت الأمكنة والزمان
أخي زياد
حتى طولكرم
رافقناك السفر
عبر انسام فلسطيننا الجميلة
الــ ستبقى صاحبة الفضل
في استفزاز هذا الكم النقي من الذكريات
لتحيا راسمة دروبٍ من نور

سلمت
وسلم يراعك الذهبي
نهارك شموس حرية
سلام
سلام ولك سلام
من ياسمين رام الله وليالي الشمال
يسعدني مرافقتك أنسام الوطن
وليالي الشمال
وجولات أخرى إن اراد الله ذلك
في ربوع وطن محتل
ممزق بفعل احتلال
ممزق بفعل مصالح ذاتية
رايات فصائلية
سأبقى معكم
أرصد تفاصيل الوطن
رسما بالكلمات
ورصدا بعدسة التصوير
أرحب بك دوما
دمت بود
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-06-2008, 08:12 PM رقم المشاركة : 253
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل\ في رحاب خضوري


الأربعاء,حزيران 25, 2008


صباحكم أجمل\ في رحاب خضوري


مدخل جامعة فلسطين التقنية خضوري
بعدستي


صباحكم أجمل\ في رحاب خضوري
ليالي الشمال 3


عمان في القلب كانت ولم تزل، صباح الخير يا ربة عمون، صباح آخر أجمل في لقاء هو الأجمل، في لقاء القلب والروح والياسمين، لقاء الرئة الأخرى من القلب، فهنا أفتح حقائب سفر القلب، حيث اعتدت أن أحمل فيها رام الله وعمان.
حين اجتزت النهر المقدس هبت رياح حارة، كأنها تقول: أنت الآن في أخفض بقعة في العالم، لكني شعرت بها نار الحب المتراكم عبر السنين، يملئ الطرقات ويتراكم في الدروب ياسمينات وجمال وهوى، يقول لي: أنت الآن في أكبر قصة عشق وأجملها، قصة عشق تبرعمت عبر العصور، فكانت نزفي الليلي وعبق الياسمين، فأفرك بين أصابعي برعم ياسمينة، أشتم عبقه على أصابعي، أتذوق شهده، فتهيم الروح عشقا وهوى.
من رام الله الحب إلى عمان الهوى، رحلة الأحد الماضي في زيارة مفاجئة لعمان، شدني فيها الشوق لمدينة سكنت الروح، وأم ما زلت ترقد على سرير الشفاء منذ بداية العام، تقف بين يدي المولى، فهو من بيده الشفاء أو الراحة، أم لها في القلب أكثر ما يمكن أن يكون لكل الأمهات من حب، فأنا أكتب الآن بعد تعب وإرهاق نفسي أكثر مما يكون جسدي، بعد وقفة بجوار سرير الوالدة من بعد ظهر الأمس إلى ما بعد منتصف الليل، فيا الله هي بين يديك ولا أرحم منك على عبادك، وليس من أحد غير الله أتوجه إليه بالرجاء والدعاء.
أجلس إلى شرفتي الجميلة، أفتح الستائر في الصباح المبكر، أستقبل الشمس وأتأمل قطوف العنب التي بدأت تكبر على داليتي التي رعيتها منذ سنوات، فكبرت وعلت حتى وصلت الشرفة في الدور الثالث أثناء غيابي الطويل عن عمان، فوجدتها تستقبلني بجمالها وطيبها، فتعيدني وأنا أتأمل بها إلى رحلتي في شمال ضفتنا، إلى طولكرم ولقائي في الثامن من هذا الشهر بربوع جامعة فلسطين التقنية، التي عرفت عبر تاريخها باسم معهد خضوري الزراعي، لقاء ترك في الروح ما ترك من أثر، فوجدت في الطلبة قطوف العنب التي بدأت تنضج لتعطي الطيب والحلاوة، وفي الهيئة التدريسية والإدارة دالية العنب التي غذت الطلبة من نسغها، حملتها ورعتها، حتى أصبحت قطوفا بين ناضجة وبين قطوف في طريقها للنضج، فمن يزرع يحصد، وها هو حصاد خضوري يعطي ثماره عاما اثر عام.
قرابة الحادية عشر صباحا من ذلك الأحد، كنت أقف أمام بوابة الجامعة، ليفتح حراس العِلم البوابة للسيارة ، متأملا أول ما رأت عيناي، يافطات مرسومة على الجدران دعوات لكتل انتخابية للطلبة، يافطة الجامعة تعلو المدخل، تحمل اسم الجامعة وسهم يشير لليسار، واسم جامعة النجاح وسهم يشير لليمين، فاستغربت وكان هذا السؤال الأول الذي ارتسم في داخلي، ليليه أسئلة أخرى التقطت الأجوبة عليها من بين شفاه الطلبة.
ما أن وصلت لساحة المبنى الرئيس، حتى كان أبنائي الطلبة من إدارة وأعضاء منتديات خضوري يقفون بانتظاري، نزلت من السيارة ليكون لقائي الأول معهم، فأنا لم أعرف منهم سابقا إلا الشاب الجميل المتدفق حيوية رامي أبو شمعة، وهو الذي كان قد اتصل بي منذ زمن من أجل أن أكون عضو شرفي في المنتدى، أشارك به بقلمي وأتفاعل مع قضايا الطلبة ضمن حدود ابن للوطن، لنبدأ جولة ابتدأت بالمكتبة وانتهت بها، مكتبة أكاديمية يطمح المشرفون عليها أن تصبح أكثر تنوعا وحجما ونوعا وتطورا، مكتبة كان أجمل ما فيها لقاء مع الأستاذ رائد الجوهري في لقاء حميم وحوار جميل بحضور العديد من الطلاب، وحقيقة لا أمتلك إلا أن أسجل إعجابي بهذا الإنسان بما يحمله بداخله من روح جميلة وحلوة، لأكمل الجولة فنلتقي بالأستاذ عامر ياسين في شؤون الطلبة، هذا الشاب المتدفق حيوية ومرحا، وحقيقة أقف باحترام خاص أمام رائد الجوهري وعامر ياسين، فالاثنين يعانيان من إعاقة حركية، لكنهما تمكنا من إحالة هذه الإعاقات إلى دافع أكبر للعطاء، فلم يستسلموا لها، وأصبحوا شعلة من العطاء والبذل، وحقيقة لا بد أن أسجل شكري الخاص للقاء الذي جمعني بإدارة الجامعة، فلقائي مع الأساتذة: ماهر قمحاوي ووجدي الجلاد ومحمد حمايدة وعزمي صالح ورشيد الراميني ترك في داخلي أثرا كبيرا، ليتوج اللقاء بلقائي مع الأستاذ منصور الحضيري "أبو الشهداء"، والد الشهيدان علي وعامر، نائب رئيس الجامعة للأمور الأكاديمية. فهنا وجدت علاقة خاصة ومتميزة بين إدارة وطلبة، لقاء مع نخبة تربوية وأكاديمية ونضالية، لا يمكن إلا أن يحفر أثاره في الروح والقلب، فباقة من ياسمين رام الله وباقة أخرى من شيح عمان ودفلاها لكل منهم.
جولة جميلة في ربوع خضوري وحاضرتها، لم يترك الطلبة زاوية لم نتجول فيها، كانوا يشرحون ويتحدثون، استمعت منهم لطموحات جميلة ورائعة، انتماء لجامعتهم ومدينتهم، حلم بأن تتطور محافظة طولكرم لتصبح قبلة للزوار، حلم بأن تكون مدينتهم نقطة استقطاب للنشاطات الثقافية والفنية، أن تعود طولكرم كما كانت منارة مشعة بالثقافة والفن والجمال، يحلمون بمدينة نظيفة بدون مجمعات حرق القمامة على مداخلها الاثنين، شوارع مشجرة تفوح منها روائح الورود بدلا من غازات حرق القمامة، شوارع معبدة بدون حفر ولا مطبات، مدينة منظمة الشوارع والحركة والأرصفة، يحلمون بدار للسينما ومسرح ومكتبة عامة كبيرة وضخمة، أحلامهم كبيرة ومشروعة على المستوى العام للوطن الذي يحلمون بحريته والمدينة، وأحلام مختلفة على مستوى الجامعة وتوقهم للتحديث والتطور فيها، وقد أجاب أحدهم على سؤالي الأول حول وجود اسم جامعتين على المدخل قائلا بمرح لا يخلو من ألم: جامعتنا تعاني من ثلاثة احتلالات، الاحتلال الإسرائيلي باقتطاعه قسم من ارض الجامعة وإقامة مبنى الارتباط عليه، فأصبح محتلا ولم يتم إعادته، واحتلال من وزارة وسلطة الطاقة بإقامة المحولات الضخمة على جزء آخر من أرض الجامعة، واحتلال من جامعة النجاح، حيث تستولي على نصف الجامعة تقريبا لإقامة مشاريع زراعية فيها.
أنهيت زيارة دامت عدة ساعات في خضوري، ودعت الطلبة والمشرفين والإدارة، عشرات الطلبة الذين رافقوني، كنت أتمنى أن أذكرهم بالاسم هنا، لكن ضيق المجال لا يترك الإمكانية لتحقيق الرغبة، فأكتفي بتحية لهم جميعا، طلاب الجامعة وأعضاء منتديات خضوري، فقد غادرتهم وأنا أترك في رحاب الجامعة بعض من قلبي وروحي، وفي لحظات المغادرة صهلت فرس أصيلة هناك، فوقفت للحظات فقد شعرت بهذا الصهيل إشارة إلى صرخة التغيير القادمة، صهيل الحرية القادم على الوطن، صهيل المستقبل الآتي مزلزلا ليكون لنا جميعا الفرح، غادرتهم وأنا أحلم بالغد القادم، فهذه السواعد الشابة هي قوة التغيير وتمزيق سدل العتمة.
صباح آخر يمتد من رام الله إلى عمان، صباح آخر يحمل الحب والهوى والحلم والأمل، طيف يسكن القلب والروح، حروف خمسة ترف من حولي فتسكب عطر اللافندر والياسمين في روحي، تشد من أزري، فيروز رفيقة الصباحات تشدو:
" أمي يا أمي الحبيبة نفح الرياحين والورود، أين ابتسامتك الرطيبة تسمو باشراقة الوجود، ولأسم أمي الجميل لحن في القلب أحلى من النسيم، لا وجه قد لاح فيه حسن يرقى إلى وجهها الكريم، هل لي سوى حبك العظيم أحيا به الوعد بالنعيم، روحاُ بأرجائه أهيم طفلا لأحضانه أعود، أمي و هل لي سوى يديك أرجوهما منة السماء، أبوابها طوع راحتيك إن تسألها يسمع الرجاء، يا من حلا باسمها النداء يا من تسامى بها العطاء، إن رمت جوداُ من السماء، من غير نعماك لا تجود، ألقاك في نجمة الصباح، في مبسم الزنبق الرطيب، في زرقة البحر في الاقاح، أمي و في دمعة الغريب، و الشمس تدنو من الغروب، كأنها وجهك الحبيب، يا وجه أمي لا تغيب، أماه أنشودة الخلود"
صباحكم أجمل.


زياد جيوسي
عمّان الهوى 25\6\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-07-2008, 11:25 AM رقم المشاركة : 254
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل\ عائد إليها - ليالي الشمال 4

الأربعاء,تموز 02, 2008


صباحكم أجمل\ عائد إليها - ليالي الشمال 4


الجدار يلتهم أراضي جيوس
بعدستي


صباحكم أجمل\ عائد إليها
ليالي الشمال 4

صباح الخير يا رام الله، صباح الخير أيها الياسمين، أعانق دروب الحبيبة وشوارعها، بعد أن عدت من عمان الهوى، فأصبحت بين المدينتين "كالمضيع بين فراشتين"، فكيف لا والهوى ينازعني بينهما، فما أن أكون في عمان حتى ينازعني هوى رام الله، وما أن أعود لرام الله حتى يقفز عبق الماضي العابر للمستقبل، من زجاجة عطر ياسمين عمان ودفلاها وشيحها، فتعبق البراعم شذا في الروح، عبقا في النفس، حبا يغمر النفس ويجول فيها.
في عمان كنت بين ألم وفرح، فرح اللقاء وألم الفراق، في اللقاء كنت أشعر بكل براعم الورود تصطف وتهتف: يا هلا.. يا هلا..، وفي الفراق كنت اشعر بعيون الياسمينات تقطر قطرات من ندى اللافندر، فتعبق الروح بها بين دمعة فرح لقاء ودمعة ألم فراق، فما زال عبق الياسمين على أصابعي، وشذاه يتغلغل في خلايا الروح، فهو جنون الياسمين تتراقص أوراقه طربا، تعزف على قيثارة الماضي حلم اللقاء، فتتفجر البراكين تقذف حممها، فيستعيد الحلم نكهة الياسمين وبرعمه المتوهج، على أنغام عزف الطيور وهدآت الليل، وشدو فيروز تناقلني من شدو لآخر، وكأنها تبث أنغامها لتصف اللحظة، فكان في العبق الحلم و الرؤى، وفي الرؤى تجدد الأمل، وفي الأمل كان شلال الهوى، يأبى إلا أن يبقى مندفعا ثائرا بجنون، فيحمل معه عشقا تتراكم أوراقه في الطرقات، تغلق الدروب إلا من هوى، حلم السنديان الذي بقي يتجدد عبر العصور، لم تزلزله الأقدار ولا ألاعيب الزمن.
ما بين الذكرى والذكرى تعود الروح لاستذكار رحلة الشمال واستكمال بعضا مما رسمته تلك الرحلة من جمال يأبى أن يفارق الروح، يصر أن يبقى شلالا لحديث وحروف، فما أن غادرت حاضرة جامعة فلسطين التقنية "خضوري"، حتى كنت أقود السيارة مغادرا طولكرم باتجاه محور الكفريات، والروح تكاد تقفز من الجسد شوقا لبلدة الزيت والزيتون والأجداد "جيوس"، شاعرا رغم الحر الشديد بصوت شاعر جيوس المرحوم عبد الرحيم عمر وهو ينشدها: "جيوس يا قريتي الخضراء حيى على الصلاة"، وما أن أصبحت على حافة طولكرم حتى فوجئت بسيارات جيش الاحتلال تغلق الطريق بنشاط أمني، تمنع التوجه للكفريات والعودة لطولكرم، وأشار لي الجند بالتوجه إلى طريق لا اعرفها، لأعرف لاحقا أنهم يجمعون السيارت القادمة من طولكرم فيها، وهي مدخل بلدة فرعون، وبعد مناقشة قصيرة مع الجندي وحين رأى الكاميرات بجواري، سألني إن كنت أعمل في الإعلام، وحين أجبته: نعم، سمح لي بالعودة باتجاه طولكرم، فدخلت مسجدا قريبا صليت فيه الظهر حتى غادروا المنطقة وعدت باتجاه محور الكفريات.
ما أن عبرت النفق الذي وضعه الاحتلال تحت طريق التفافي ليمنع التقاء السيارت الذاهبة باتجاه محور الكفريات مع سيارات المستوطنين، حتى بدأت أشعر رغم حرارة الجو بعبق طيب بلدتي يهب مع النسمات الحارة، فتحت النوافذ وأوقفت التكييف في السيارة، فقد كنت بحاجة أن أملأ رئتاي من عبق بلدتي ومحيطها، وسرت وأنا أترنم ببعض من مقاطع أغنيات لفيروز، حتى فوجئت بطابور طويل من السيارات يقف بدون حراك، وقفت خلفها ووقفت خلفي سيارات أخرى، وسيارات أصرت أن تتجاوز لمقدمة الطابور الذي لا أراه، سألت شابا متوفز الأعصاب ما الذي يجري، فأفادني أنه حاجز جبارة الاحتلالي، فقررت أن أحاصر الحصار، مستذكرا درويش وقصيدته "حاصر حصارك لا مفر، حاصر حصارك بالجنون، فإما أن تكون أو لا تكون"، فأخرجت من حقيبتي رواية للروائي الفلسطيني يحي يخلف وبدأت أقرأ بها، وبعدها أخرجت دفتري وبدأت أسجل ملاحظات وأفكار، وإن شعرت بنظرات الاستغراب ممن كانوا قد نزلوا من سياراتهم ورأوني، فقد كنت هادئ الأعصاب جدا، فقناعتي أن الاحتلال يفرض حواجزه المقرفة لتثوير أعصابنا والتمتع بتعذيب البشر وصلبهم ساعات تحت أشعة الشمس المحرقة ، فلما أسمح لهم بهذه المتعة؟، فنحن يمكننا أن نستغل الوقت بالقراءة وتجاهلهم.
أخيرا بدأت السيارات بالحركة، لم يسألوا أحد عن بطاقة هوية ولم يفتشوا سيارة، فقط صلبونا تحت الشمس وهم يستظلون بالمظلات وخلف المكعبات الاسمنية، فهم يخشون حتى من شمسنا، فهي نار عليهم وبردا وسلاما علينا، تجاوزت هذه الوجوه التي لا تمت لأرضنا بصلة، وسرت بهدوء شديد مارا عبر البلدات المختلفة، حتى تجاوزت بلدة "كفر جمّال"، فتراءت "جيوس" تتلألأ تحت الشمس، وكأنها در منثور بين الأشجار، فأوقفت السيارة فقد اغرورقت عيناي بالدمع، نزلت وجلست إلى مقدمة السيارة متأملا إياها من بعيد، مستذكرا كل لحظة قضيتها فيها، من ماتوا ومن بقيوا، وبعد حوالي نصف ساعة كنت أقود السيارة من جديد، متألما أن الكاميرا الأساسية معي خذلتني منذ الصباح في خضوري، والأخرى كانت بحاجة لشحن للبطاريات، فلم أتمكن من التقاط صور هذه اللحظة التي لن تنسى.
جيوس أخيرا.. زرت أول بيت لابنة عمتي في مدخل البلدة، وأكملت لبيت ابنة عمتي الأخرى، وهناك طلبت الطعام من أم عزمي هذه الإنسانة التي تفيض حنانا، فأكلت طعاما طيبا مطبوخا بالطابون يغرقه زيت الزيتون الشهي برفقه خبز الطابون، وبعد أن ارتحت قليلا بدأت بجولة زيارات للعم الأكبر الشيخ أبو الطاهر، ولابن عمي أبو خليل صديق الطفولة والدراسة في الجامعة والشباب والمشيب، وتجولت معه بعدة زيارات لأقرباء لنا، فزرت أبو زياد ابن عمي وصديق الشباب، حتى عدت لأكمل السهرة مع أبو عزمي على سطح البئر وأكواب الشاي من ماء المطر، لأصحو مبكرا بعد نوم عميق فأتجول بين ما تبقى من زيتون، فالجدار الاحتلالي البغيض التهم ثلاثة أرباع أراضي البلدة، وبعد وجبة إفطار جميلة كنت أتجه لغرب البلدة لزيارة مبنى المجلس البلدي وصديقي أبو الطاهر الرئيس الحالي للمجلس، الذي وضعني بصورة شاملة عن وضع البلدة، وكان الجدار قريبا منا، وقفت في ساحة المجلس أنظر إليه، وهو يتمدد كأفعى بشعة ملتهمة أراضينا وتعب الأجداد وعرقهم، ملتقطا بعض الصور والألم يعتصرني، لأكمل النهار ما بين زيارات وبين صلة رحم، أتأمل الوجوه فلا أرى إلا ألما يعتصرها، بشرات لوحتها الشمس وحفر القلق والألم أخاديد عليها، فالكل يعاني بعد أن التهم الجدار الأراضي، المياه وأبارها، والتصاريح للوصول للأرض قليلة يتحكم بها الاحتلال، فعم الفقر وأصبح كل واحد من هذه الوجوه حكاية، وكل الوجوه المتعبة تروي رواية، رواية الأرض التي استلبت، الجدار الذي التهم كل شيء ولم يترك إلا بيوت السكن، بيارات البرتقال والليمون التي جفت، الزيتونات الرومية التي لم يعد أحد "يقشبرها" لتحمل الحمل "الماسي" من جديد، وأصبحت الحكاية عيون ترقب الأرض من بعيد، من خلف جدار ينغرس رماحا سوداء في القلوب والصدور.
وفي الليل كنت أرقب الغرب والساحل القريب، أذكر حديث الأجداد عن امتداد الأرض للساحل، أتأمل الأنوار وأمتع الروح بالهواء المشبع برائحة البحر، وبعد إصرار مني نمت على السطح وعيناي باتجاه الساحل، رافضا عروض أبو خليل ابن عمي أن أنام في داخل البيت بعد عشاء في الهواء الطلق، فمنذ الذي يتاح له دوما أن يفترش الأرض ويلتحف بهواء الساحل الغربي، حاملا معه عبق "بيارات جيوس والمروج والهدفة والواد والحليص والمنطار" وغيرها من أراض استلبها الجدار والاحتلال، لأغادر إلى طولكرم فرام الله في الصباح ومع قطرات الطل والندى وفي القلب حسرة وفي العين دمعة، مارا من أمام خضوري ملقيا نظرة حب، حاملا في القلب وعلى سنان القلم ليالي الشمال التي لا تنسى.
صباح آخر لرام الله.. صباح آخر بعد عودتي أول الأمس من عمان، تاركا أما تعاني مرضها وإقامتها الطويلة في المشفى، قاطعا طريق لا تحتاج ساعتين بثماني ساعات، تغلبت عليها بقراءة مجموعة منى ظاهر "خميل كسلها الصباحي"، وإعادة قراءة نصف مجموعة راوية بربارة "شقائق الأسيل"، تاركا خلفي قلبا ملوعا بالفراق، محملا بعبق الياسمين.
في عمان ويوم الخميس الماضي كنت على مدرج الجامعة الأردنية أحضر تخريج ولدي المعتز بالله وتكريمه أيضا لتفوقه الرياضي، فقد تخرج من كلية الرياضة، وهو البطل الدولي في رياضة التايكوندوا، وفي الأمس كنت أشارك الصديقة المناضلة عبلة سعادات فرحتها بتخرج أبنتها صمود وابنها غسان من الجامعة، فأتذكر كيف حُرمت من الفرحة بتخرج أبنتي ذؤابة وابني مصطفى قبل سنوات، وأنا أسير رام الله بدون مغادرة، فأرى الفرحة المنقوصة في عيون عبلة الزوجة وصمود وغسان الأبناء، وهم ينظرون الزوج والأب أحمد سعادات خلف قضبان سجون الاحتلال، محروما من الحرية ومن مشاركته أبنائه الفرح.
صباح آخر أفرح فيه للشمس ورام الله وهديل الحمام، أخشى فيه فراق آخر وتذوق حسرة أخرى، فما زال قدري أن افرح قليلا لأواجه ألما أكبر، فهكذا القدر كان ولم يزل، فأجول شوارع المدينة وأحضر صحيفتي، أحتسي القهوة مع طيفي الساكن الروح وحروف خمسة، استمع لشدو فيروز رفيقة الصباحات منذ الطفولة:
"سوى ربينا، سوى مشينا، سوى قضينا ليالينا، معقول الفراق يمحي أسامينا، ونحن سوى سوى ربينا، أنت وأنا سرنا على كل الأبواب حبينا وكبرنا بموسم العناب، ونطرنا الجنى بليالي الجنا، وقطفنا الفرح من علالينا، قولك بعد الرفقة والعمر العتيق، نوقع مثل ورقة كل من على طريق، وينسانا السفر في ليل السهر، ويسألوا عنا أهالينا".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة – الأربعاء 2\7\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 10-07-2008, 05:27 PM رقم المشاركة : 255
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل\ يا مختار المخاتير- ليالي الشمال 5

الأربعاء,تموز 09, 2008


صباحكم أجمل\ يا مختار المخاتير- ليالي الشمال 5


بوابة في الجدار الأفعى تظهر من خلفها الأراضي التى التي التهمها الجدار
بلدة حبلة - قلقيلية
بعدستي



صباحكم أجمل\ يا مختار المخاتير
ليالي الشمال 5


تواصل رام الله عرسها الجميل باحتفالها بمئوية إنشاء بلدية مدينة رام الله، فما بين المشاريع التي انطلقت لتنجز عبر مراحل زمنية، إلى الفعاليات الثقافية والفنية التي لا تكاد تخلو أمسية منها، فقد عبقت أمسيات رام الله بشدو محمود درويش في قصر الثقافة فأبدع كعادته، ولم تخلو ساحة راشد حدادين من أمسيات تراث وغناء، وافتتاح جاليري المحطة ومعرض اشراقات في قصر الثقافة، وعرض فيلم السيرة والمسيرة ليتناول مسيرة الفنان إسماعيل شموط، وغيرها الكثير، فكانت بداية الصيف استكمالا لفعاليات الربيع، وفي المستوى الداخلي للمدينة لا بد من الشكر لحملة إزالة التعديات على الأرصفة والعمل على توسيعها، وإن أثار أعصابي أن أعود لأجد أربعة أحواض جميلة للأشجار قد جرى تدميرها واقتلاعها ورميها في الشارع، أمام محمص سابا بجوار مسرح القصبة، علما أني كنت موعود من البلدية بإعادة زراعتها، فهي قسم من سبعة عشر حوضا كانت مزروعة بالأشجار الجميلة، فاقتلع الاحتلال أشجارها في الاجتياحات، وزرعت مرة أخرى على حساب المواطنين، واقتلعت الأشجار في مرحلة الانفلات الأمني، وها هي الأحواض تقتلع من جديد من قبل جهة ما، فالبلدية نفت على لسان المهندس رائد النجار مسؤوليتها، ووعدني أن يكشف على الموقع بالأمس ولم يحضر، والمحافظة فشلت كل محاولات الاتصال بها والحصول على جواب، ومدير شرطة المدينة يؤكد لي أن البلدية هي المعنية، وأن جرافتها هي من نفذت تحت حماية الشرطة، والمواطنين الشهود يؤكدون على أن البلدية برجالها وآلياتها هي من نفذت، وأن بعض رجال الشرطة تعاملوا معهم بالتهديد حين ابدوا استهجانهم، فهل هناك من مبرر لخلع أحواض أشجار وتحطيمها وهي لا تعيق حركة مشاة، بل تمنع صعود السيارات للرصيف، وهي ملكية عامة وجمالية، ولماذا أربعة أحواض فقط وترك الباقي، ولماذا تدمر وترمى بالشارع ولا يجري إزالة الركام؟ وهل يجوز أن يجري التعامل مع المواطن بالتهديد؟ أسئلة بحاجة إلى أجوبة من المحافظ ومدير عام الشرطة والبلدية، فيا بلديتنا ومحافظتنا ونحن نرفع شعار: "رام الله بتحلى أكثر بشجرها الأخضر"، هل يجوز أن ندمر أحواضا جميلة تنتظر إعادة الغرس، بدلا من أن نزيد منها ونجعلها نماذج من جمال بغض النظر عمن قام بهذا العمل؟ فأعيدوا بناء هذه الأحواض وازرعوها، واتجهوا لإزالة التعديات على الشوارع والأرصفة في المحافظة، فقرارات إزالة التعديات بالعشرات في أروقة الحكم المحلي، ولكنها لم تجد متابعة من قبل الجهات المنوط بها التنفيذ، لأسباب لا يعلمها إلا الله والمعنيين، ويا رجال شرطتنا الشرطة في خدمة المواطن لا العكس.
في الأيام الماضية ومنذ يوم الخميس الماضي واصلت جولتي في شمال ضفتنا الحبيبة، فذهبت لجيوس لأشارك في زفة وسهرة أبنائنا محمد وجمانة يوم الجمعة، ويوم الأحد كنت أشارك بزفة عدنان ابن صديقي الأستاذ وصفي الخالد، وللحقيقة أن المشاركة بمثل هذه الزفات والمناسبات تمنح الروح جمالا مميزا لا نراه ولا نشعر به في المدن، فالعريس يزف على فرس أصيلة، ويشارك الجميع بالزفة والسهرة بغض النظر عن القرابة والصلة، فالفرح فرح الجميع، وتبدأ الزفة عادة من مكان استحمام العريس حتى الساحة التي ستقام فيها السهرة، والكل يساهم بفرح وعطاء، وكان إبداع الفنانين جهاد الجيوسي وحسن الخربشة مميزا، ففي هذه السهرات يستجلب تراث يؤكد الهوية الوطنية، فما بين الأهازيج والزجل والدبكات، يتم استذكار شهداء البلدة وأسراها والغناء لهم وتجديد العهد، وتتقوى الأواصر الاجتماعية، وتستمر السهرة بحماس حتى منتصف الليل حتى تجري عملية نقش الحناء على يد العريس اليسرى، لتنتهي السهرة استعدادا لحفل الزفاف في اليوم التالي.
السبت كنت استغل الوقت لزيارة قلقيلية المحاصرة من كل الجوانب بالجدار البشع، فلم يترك لها سوى مدخل واحد يتحكم به الاحتلال بمزاجية مطلقة، فأحالها إلى سجن كبير محاط بالجدار وأبراج الرقابة العسكرية والأسلاك الشائكة، فالتقيت هناك بصديقي الكاتب سامح عودة، ليرتب لي جولة جميلة في أنحاء قلقيلية وبلدة حبلة، فشاهدت كم الأراضي الخصبة التي ابتلعها الجدار، ولمست كم القهر الذي يعيش به المواطن، فقد احتجت إلى أكثر من نصف ساعة بالحر الشديد على مدخل المدينة حتى أتمكن من الدخول إليها.
قلقيلية كباقي معظم مدننا تفتقر إلى النشاطات الثقافية والفنية، فلا مسرح ولا سينما ولا أمسيات ثقافية وفنية، وإن كان أعلمني سامح أن هناك مشروعا لبناء قاعة ومسرح، فآمل أن يتم ذلك ولا تبقى الفكرة حلما وسراب، وما آلمني أن قلقيلية من خلال مواطنيها لم تحافظ على أبنيتها التراثية، فجميعها تقريبا قد هدمت وبني مكانها أبنية حديثة، ففقدت ملامح ماضيها وتراثها، فهي مدينة ضاربة في القدم وكانت محطة لمرور القوافل والتجارة، ويقال أن اسمها مستمد من كلمة "قيلولة" دلالة على راحة المسافرين والقوافل فيها، فمياهها طيبة وأشجارها متميزة، وما زال من يريد أن يأكل الجوافة لا يجد أطيب من جوافة قلقيلية.
أما حبلة هذه البلدة الجميلة، فقد كان لي جولة حلوة فيها، فوجئت فيها بوجود مقام اسمه مقام أبناء العوام، يضم العديد من القبور القديمة وان لم يفدني احد عن تاريخ هذا المقام وعن هوية المدفونين فيه، فهو مهمل بطريقة غريبة، ولا يوجد فيه أية يافطة إرشادية تعطي نبذة عنه، والطريق إليه تسلق عبر الصخور، فهل من جهة تهتم بهذا المقام وتجعله لائقا ونقطة جذب لزوار المنطقة؟
في حبلة مبنى لنادي رياضي وثقافي ضخم ومميز، لكن الروتين الإداري يعطل استغلاله، فقد أفادني رئيس النادي السيد أبو رداد بأن الهيئة العامة قررت رفع عدد أعضاء الهيئة الإدارية إلى احد عشر عضوا بدلا من تسعة، من اجل حل مشكلة تواجه إدارة النادي، ولكن مديرية الشباب والرياضة في قلقيلية إفادتهم أن الوزيرة غير موافقة، مما أدى لتعطل نشاطات النادي، وفي نفس الوقت أتيح لي أن ازور ملعبا لكرة القدم تابع للنادي، فنادي حبلة يتميز بكرة القدم، وكانت السيدة تهاني أبو دقة وزيرة الشباب والرياضة قد زارت النادي ووعدت بأن تقوم الوزارة بزرع الغطاء العشبي للملعب، ولكن هذا الوعد لم ينفذ حتى الآن، فهل تتكرم أم خالد بتنفيذ وعدها وحل مشكلة النادي وهيئته الإدارية، وأن تمنح من خلاله وزارة الشباب والرياضة ومن خلال وزارة الثقافة التي هي وزيرتها أيضا، اهتماما بالنادي ليكون أنموذجا طيبا في العطاء، فمبنى ضخم مثل مبنى نادي حبلة، يمكنه إن وجد اهتماما أن يكون منارة ثقافية ورياضية.
صباح آخر من صباحات رام الله الجميلة المنعشة في الصباح، قبل زيادة نسبة الرطوبة في الجو وارتفاع درجة الحرارة، أجول في إرجائها ودروبها، القي تحية الصباح على الياسمينات الجميلة، أشعر بكل الحب الذي يتدفق في شراييني، أخاطب البعيدة القريبة الساكنة في القلب، تعالي لنـزرع رام الله حبا وجمالا، فمدينة الحب لا تعرف إلا الحب والعشق، رغما عن انف الاحتلال الذي يصر على تشويه وجهها بندباته السوداء، فأجتاح بالأمس شقيقتها التوأم مدينة البيرة، وعاث في مبنى بلديتها خرابا وتدميرا، كما اعتاد في المدن الأخرى الجميلة.
أحضر صحف الصباح، أتجول في صحيفة القدس وكأني أجول رحاب القدس من خلالها، وأتأمل الأيام من خلال صحيفتها، والحياة من خلال أقلام أحبتي فيها، أحتسي قهوتي المرة مع طيفي البعيد القريب الساكن الروح من فنجان واحد، اهمس لحروفي الخمسة بالحب وشدو فيروز:
"يا مختار المخاتير بحكيلك الحكاية، أنا ما بحب الشرح كتير ولا في عندي غاية، هني كانوا زعلانين أنا شو بدي فيهن، قلت براضي العشقانين زعلوا أهاليهن، حطوا الحق علي وقالوا أنا حشرية".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 9\7\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 17-07-2008, 10:43 AM رقم المشاركة : 256
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي


الأربعاء,تموز 16, 2008


صباحكم أجمل \ طير المسا


نافذة لبيت في رام الله تعود لعام 1922
بعدستي



صباحكم أجمل \ طير المسا


رام الله تشدني بقوة هذا الصباح وأنا أستعد للسفر منها بالغد إن شاء الله، تشدني بقوة رغم أني مسافر معها ومنها واليها، أضمها إلى صدري وأزرعها في الروح، أداعب شعرها الناعم الحريري، فهي دوما في حقائب سفر القلب، لكن هذه المرة للسفر معها طعم آخر، نكهة أخرى، ففي مركز رؤى في عمّان الهوى، سيكون الثلاثاء القادم الثاني والعشرون من هذا الشهر، افتتاح معرض صوري عن رام الله، سيكون المعرض تحت عنوان: صباحكم أجمل – رام الله، حيث ستكرس فيه قصة عشق رامية بعمر الزمن، مزروعة الجذور كسنديان عتيق، كفيء زيتونة رومية باركتها هذه الأرض المعطاء، والفضل في هذا المعرض يعود للسيدة الرقيقة سعاد العيساوي، مديرة مركز رؤى التي التقطت عيناها صور رام الله التي أرفقها مع مقالاتي والتقطها بعدستي، فخاطبتني وتبنت الفكرة بالكامل، فلها الفضل بعد الله بخروج هذا الحلم إلى أرض الواقع.
في مقالي الصباحي السابق بعنوان: صباحكم أجمل \ يا مختار المخاتير والذي تكرمت صحيفة القدس المقدسية مشكورة بنشره وإعطاءه مساحة جيدة، كما عودتني بادراتها ورئيس تحريرها، بإيلاء سلسلة صباحات الوطن الاهتمام، والذي أشرت فيه لبعض القضايا التي تهم الوطن والمواطن، وبمجرد أن نشرته الصحيفة حتى وجدت تجاوبا جميلا ممن انتظرت منهم أجوبة، فقد اتصل الصديق العميد عدنان الضميري الناطق الرسمي باسم الشرطة الفلسطينية، ليبلغني رسالة من اللواء حازم عطا الله مدير عام الشرطة ، بأن الشرطة ستقوم على حسابها الخاص بوضع أحواض للشجر بدل التي جرى اقتلاعها وتدميرها، وستقوم بزراعتها أيضا، وطلب مني أن نبقى على تواصل لوضع أفكار ليكون عمل الشرطة خدمي مجتمعي أيضا، إضافة لدورها التنظيمي والتنفيذي، فكم سيكون رائعا أن نرى ذات يوم رجال شرطتنا يقومون بحملة تشجير في كل محافظات الوطن كمثال، فشكرا للواء حازم والعميد عدنان وشرطتنا الوطنية على الاهتمام السريع، فرائع أن يكون لدينا ضباط شرطة مثقفون ومهتمون، يتابعون ويقرؤون، وآمل أن أعود من سفري لأجد أحواضا جميلة وأشجارا أجمل، وخطوات فعلية لإزالة المخالفات والتعديات التي تراكمت ملفاتها في أروقة وزارة الحكم المحلي، ولم تجد من يساند من أجل إزالتها، فبقيت على الرفوف بدون تفعيل، فالوزارة تقرر ولكنها بحاجة لمن ينفذ، ويفرض القانون على الكبير قبل الصغير.
وفي نفس الوقت التقتني السيدة نهلة أبو قورة مديرة الدائرة الثقافية في البلدية وأبدت اهتمامها، كما أبدت رئيسة البلدية اهتمامها بالموضوع، وكذلك صديقي أحمد أبو لبن مدير البلدية، الذي قال: ربما تقع بعض الأخطاء ولكن المهم أن تتم معالجتها، وفي جانب آخر ابلغني صديقي مروان طوباسي وكيل وزارة السياحة باهتمام الوزارة بموضوع مقام أبناء العوام في بلدة حبلة الذي أشرت إليه، وأعلمني عن مشروع ضخم لجعل قصر هشام نقطة جذب سياحية، وهذا الموضوع أشرت إليه بمقال سابق بعنوان: صباحكم أجمل \ مدينة القمر، حين زرت أريحا ووجدت الإهمال يحيط بقصر هشام، ولا أنسى اتصال صديقي الشاعر عبد السلام العطاري مدير مكتب وزيرة الشباب، ليعلمني أن السيدة تهاني أبو دقة وزيرة الشباب مهتمة بشكل خاص بما طرحته عن نادي حبلة الرياضي والثقافي، فشكرا لهم جميعا، وشكر موصول لصحيفة القدس واسعة الانتشار والتي تحظى بمتابعة واهتمام أولي الأمر، وآمل أن تنفذ كافة هذه الوعود ولا تتبخر في الهواء.
ما زالت رام الله تحتفل بعرسها الثقافي والفني والحضاري، فقد توالت الاحتفالات والمشاريع بمناسبة الذكرى المئوية لإنشاء بلدية رام الله، فكانت مهرجانات الدبكة والتراث، وحملة لمكافحة التدخين لدى الصغار بالسن، وجرى توسعة أرصفة وإزالة عوائق، ولعل الأهم هو إعادة إحياء عين مزراب، فهذه العين الواقعة في شارع يافا كانت مزود كبير للماء لمدينة رام الله، وإن كانت جفت مع الزمن ولم يتبقى منها إلا القليل من تسرب الماء، فقامت البلدية مشكورة بإعادة تصميم المكان ليكون حديقة جميلة للسكان بتلك المنطقة، وهذا جزء من إعادة الروح لعيون ماء رام الله التي منحتها أسماء أحيائها، وهي كثيرة ولها تاريخ كبير وقديم، فالحضارة نشأت حيث وجدت المياه.
وفي جانب آخر أحيا بيت الشعر كعادته السنوية أسبوع فقيد الثقافة الفلسطينية الدكتور حسين البرغوثي، فبدأ الإحياء بمعرض فني جميل لصديقي الفنان التشكيلي مروان العلان، الذي استقى لوحاته من كتاب زهر اللوز للفقيد الكبير، وعلى مدار أيام كان هناك تكريم للمعطائين في الوطن، فقد جرى تكريم الشاعر الصديق محمد حلمي الريشة باحتفال جميل، كما جرى تكريم الزجال الشعبي والباحث في التراث نجيب صبري، والباحث حسين سليم العطاري، وسيجري تكريم الدكتور خليل عثامنة أيضا، فكان جهدا رائعا ولفتة كريمة من بيت الشعر ورئيسه الشاعر الصديق مراد السوداني وزملائه ، فقد تميز بيت الشعراء والثقافة "بيتنا جميعا" بمبادراته الجميلة والهامة.
فحق لرام الله أن تفخر بأمسياتها الفنية والثقافية، وببلديتها ومحافظها وقيادة ورجال شرطتها، وأبنائها الغيورين عليها، فجعلوا منها أنموذجا يحتذى به، فآمل أن تقتدي محافظات الوطن جميعا بها وبهم، فنخلق وطنا أجمل رغم أنف الاحتلال وخفافيش الظلام.
أسير في دروب رام الله بهذا الصباح الندي الجميل، أتفقد الياسمينات وأشجار زرعناها بحملة تشجير رام الله، أتنشق عبق الياسمين والنسمات الغربية، أعانق طيفي البعيد الجميل، الذي كان وسيبقى أجمل براعم الياسمين، يمنح روحي بذكراه وأمل اللقاء كل جميل، يجعلني أرى الحياة أجمل، رغم البعد والمسافات، فاستعيد ذاكرة عمان الهوى، ورحيلنا عن حي جميل في الأشرفية حيث ترعرع الهوى في الروح واجتاحها، وحيث عشت فيه كل الأحداث المؤلمة في لحظات غياب العقل وصراع الأشقاء، والتي خلفت الآم وقتلى كثيرون، وشقت المجتمع والأهل، وتركت بروحي جراح لا تنسى من مشاهد قتلى وتدمير وصراع، وانتقلنا إلى حي الأرمن حيث أكملت الثانوية العامة، وفي تلك الفترة تقاعد والدي من سلك الشرطة الأردنية، وعمل تاجرا وكنت أعاونه في بعض الأوقات، ولم ترغب روحي التجارة أبدا، ورغم الرحيل فإن الحي القديم لم يفارقني، فبقيت أزوره باستمرار، أستعيد الذكرى تلو الذكرى فيه، وأما حي الأرمن فلم يترك في الذاكرة الكثير، فمعظم أوقاتي كانت خارجه وكذلك أصدقائي، وكنت في ثانوية حسن البرقاوي بتلك الفترة الجميلة من حياتي، ورشحتني المدرسة في أول مسابقة لأوائل المطالعين على مستوى المملكة، فكان ترتيبي الثالث، وأهدتني وزارة التربية والتعليم قاموس المورد هدية، ما زلت أحتفظ به وسام فخر واعتزاز، وقدمت امتحانات الثانوية ونجحت بمعدل جيد، لأجد نفسي بمواجهة استحقاق السفر وتأمين مقعد جامعي، فكان علي أن أعتمد على نفسي بالكامل، فكان سفري للشام للمرة الثالثة في حياتي خلال عام واحد، شآم الحب والعز والذكرى الطيبة والجميلة، والتي سيكون لبردى والشام وقاسيون أثر كبير في حياتي، لألتقي المرحوم أبو منهل جهاد قرشولي، الذي ذهبت إليه بتوصية من أصدقاء، فساعدني بالحصول على منحة دراسية في بغداد، وبقيت أواصر محبتي له قائمة، وكنت حريصا على زيارته دوما، ولم أخاطبه يوما إلا بالعم أبو منهل، حتى فارقنا من سنوات ليرتقي للعلا، تاركا في أرواح كل من عرفوه ذكرى طيبة وجميلة، وفي روحي وفاء لذكرى هذا العملاق المتواضع.
صباح آخر يا رام الله العشق والجمال، صباح يمتد حتى عمّان الهوى، صباح عابق بالحب والشوق ينازعني بين رئتي الصدر الواحد، بين هوى مدينتين، وشوق لغائب حاضر وحروف خمسة، أعود لصومعتي الصغيرة المعبقة بروائح اللافندر والياسمين، أتصفح صحيفة الصبح التي أحضرتها، أحتسي القهوة وروح طيفي، استمع لشدو فيروز:
"فايق يا هوى لما كنا سوا، والدمع سهرني وصفولي دوا، تاري الدوا حبك، وفتش عا الدوا، فايق لما راحوا اهالينا مشوار، وتركونا وراحوا وقالوا أولاد صغار، ودارت فينا الدار ونحنا أولاد صغار، والهوى جمعنا وفرقنا الهوى، طير المسا جاي من سفر طويل، على باب الدارة تبكي المواويل، نطفي القناديل، وتبكي المواويل، ونسهر على العتمة اثنينتنا سوى"
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة – الأربعاء 16\7\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة







  رد مع اقتباس
/
قديم 26-07-2008, 03:19 PM رقم المشاركة : 257
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي


الأربعاء,تموز 23, 2008


صباحكم أجمل\ رام الله – عمّان والهوى


افتتاح معرض صباحكم أجمل - رام الله
في مركز رؤى في عمان
بعدسة: محمد زياد جيوسي



صباحكم أجمل\ رام الله – عمّان والهوى

هي عمّان الهوى تحتضنني من جديد، تلفني ورام الله والياسمين بدفلاها وشيحها وهواها، بالحب الذي غمرتني به منذ الطفولة، منذ رأت عيناي النور، فكانت تبادلني الهوى والعشق هي ورام الله، تركت بداخلي ما تركت عبر سنوات العمر التي مضت، منحتها الحب فبادلتني هوى بهوى، وحب بحب، فتمازج هواها مع قصة حب مع رام الله العشق والصنوبر والياسمين، فكانتا رئتي الصدر وحقائب سفر القلب، أحملهما في حلي وترحالي.
في الأمس كنت أحمل رام الله وأزرعها ياسمينا في صدر عمّان، فشدّت جذورها مع ياسمينة رؤى عمان، من خلال معرضي الأول للصور الفوتوغرافية لرام الله، بمناسبة مئوية رام الله، فكانت "وين ع رام الله" تشدو بمعمار رام الله وتراثها وجمالها، كانت رام الله تعانق عمان بصورها وروحها بمعرض تحت عنوان: صباحكم أجمل – رام الله، فتمازج الهوى، وتعانقت الحبيبتين وأرخت عمان جدائلها فوق كتفي رام الله، وكان مركز وغاليري رؤى يزهو بأحبة رام الله وعشاقها، أحبة وأصدقاء ومواطنين وكتاب وصحفيين وسفراء ومهتمين، عربا وغير عرب، جمعهم شوق لمدينة أحبها كل من عرفها، وتمنى لقائها كل من لم يراها، فانصهرت المشاعر بالحب، وظهرت الفرحة بالعيون، فرحة ممزوجة بألم أن رام الله وكما الوطن يعاني من الم الاحتلال وقسوته وبشاعته.
كان افتتاح المعرض من قِبل الدكتور جواد العناني الذي حضر مبكرا ولم يتأخر كعادة اعتدنا عليها سائدة، وبحضور بهي من أهل وأصدقاء وأحبة، وبوجود سيدة "رؤى" الرقيقة واللطيفة سعاد العيساوي، صاحبة الفكرة ومنفذتها، والصديق الغالي د. محمد سناجلة رئيس اتحادنا الذي أفخر بوجودي ودوري فيه، اتحاد كتاب الانترنت العرب، وبحضور أبنائي وأسرتي ووالدي وعشيرتي، إضافة لأصدقاء ومهتمين، وباقات زهور تتالت مباركة ومشاركة، من حضور حضروا ومن بعيدين أنابت عنهم الزهور بالحضور، وإن كانوا حاضرين في القلب طوال الوقت ولم يغادروه، وحضور متواصل عبر الهاتف لرئيسة بلدية رام الله الفاضلة جانيت ميخائيل، والصديقة الرائعة مها شحادة مديرة العلاقات العامة في البلدية، والذين كانوا على تواصل معي منذ قبل المعرض إلى لحظات كتابة مقالي هذا، فكان الافتتاح والفرح، وعرس رام الله مع عمان، وإن تراءت في عيني دمعة لغياب والدتي سيدة الكون والحب على سرير شفائها الذي ترقد عليه منذ بداية العام.
هي عمّان هنا ورام الله هناك اجتمعتا معا فتمازج الحب وعهد الوفاء، فراقصتهما رقصة الحب سويا، وروينا معا قصة عشق ربطتنا، فحق لعمان الآن أن أحملها إلى رام الله، لتكون هناك كما كانت رام الله هنا، شكر ومحبة لمدينة سكنت القلب ولم تزل، ولن تترك سكناها أبدا، فهي عمان الطفولة والشباب والهوى، وقصة عشق وأطياف متمردة تروي قصة العشق التي لن تموت.
صباحك أجمل يا عمّان الهوى، صباحك أجمل وأنا أستعيد معك الذكرى والحب والجمال، أحبك كعاشق مجنون أناني بحبه، فيغار عليك حتى من نسمات الهواء، فكيف لا يجن غِيرة إن شعر بعاشق آخر، ومثلك يُعشق، لكني ما زلت رغم البعد والزمن الذي أبعدني عنك، لا أرى في الكون من عاشق غيري ومثلي، فبادليني حبا بحب وعشقا بعشق، لننصهر معا كما كنا، فاشرب من هواك كأس الهوى، أمازجه من نداك وطلك ورضابك، من رحيق حبك ومن سهوبك وتلالك ومائك العذب، متدفقا بمشتهى الحب والهوى، وقصة عشق عبر عصور ومنذ أكثر من ألف عام مضت.
صباحك أجمل يا رام الله، وأنت تشاركيني هوى عمّان والجمال، صباحك أجمل وأنت من احتضنتني بطفولتي سنوات أربع، وفي مشيبي أحد عشر عاما متواصلة، فلم اشعر بالغربة بين حنانيك، ضممتني إلى صدرك المترع بالحب والجمال وعبق الياسمين، فكُنت وعمّان نشاركك الحب والعشق، أجول في دروبك أتنشق الياسمين المتعربش على الحيطان، أجالس تلة الماصيون وأرقب من هناك عمّان والذكرى، فكتبت نزفي الليلي وأطيافي المتمردة، في تنازع الهوى بين مدينتين، أداعب شعرك الناعم الذي يتطاير نسمات غربية على جبيني، فكنت الأجمل والجمال.
هي عمّان الهوى ورام الله الحب تعيد للذاكرة الذكرى والذكريات، فأعود من جديد لحديث الذاكرة حين غادرت عمان أول مرة إلى بيروت عبر دمشق، فبقيت أياما بدمشق التقيت بها أنسباء وأصدقاء، فشعرت بالقرب من تلك المدينة التي تجتاح الروح وتسكنها، لكني غادرت على عجل إلى بيروت، فقد كنت برفقة أصدقاء، وكانت المرة الأولى التي أغادر فيها إلى قطر آخر، فقبل ذلك كانت حياتي بين عمان ورام الله وبعض من الشهور في القدس، وحين اجتزنا الحدود السورية مع لبنان، دخلنا شتورة وتناولت أول وجبة لي هناك، وحين اكتشفت أنها شطيرة من العصافير، حتى انتابني الحزن على عصافير الدوري التي استحالت لطعام لنا، فآليت على نفسي بعدها أن لا آكل مثل هذه الوجبة مرة أخرى، فجمال العصافير وروعتها بتحليقها وزقزقتها، كما جمال الورود بالحدائق أكثر من آنية الزهور.
حين اقتربنا من بيروت بعد أن قطعت السيارة ظهر البيدر، ووصلنا إلى تلال عرمون، رأيت البحر لأول مرة في حياتي من بعيد، فشعرت بالدهشة والفرح والعشق لهذا الأزرق الممتد حتى يعانق زرقة السماء، فلم أمتلك إلا الصمت أمام مشاعر الدهشة والفرح التي سادت روحي، فلم أذكر في تلك اللحظة إلا المقيمة في حينا، فتمنيت لو كانت معي لنمارس الدهشة سويا.
بـيروت أخيرا ولأول مرة، كان الجو صيفا ودرجة الرطوبة مرتفعة، ورغم ذلك وبمجرد أن ارتحت في الفندق حتى كنت اترك صحبي لأجول وحيدا في مدينة التقيها أول مرة، كان ذلك في صيف العام ألف وتسعماية واثنان وسبعون، فلم اترك بها شارعا لم أدخله، وكان يعجبني بشكل خاص أن أجول مبكرا على شاطئ البحر، وأجلس في ساحة الشهداء في أوقات أخرى، تجولت في مصايف الجبل، ساحات بيروت ومسارحها، اشتريت العديد من الكتب والتقطت العشرات من الصور، وفي الليل كنت اذهب للروشة واجلس إلى مقعد رصيف واقرأ، فلم يكن لدي متعة أكثر من ذلك، مما سبب انفصالي عن صحبي الذين أتوا للسهر والصخب، ينامون النهار ويسهرون الليل، فبيروت مدينة صاخبة، وأنا بطبيعتي أنشد الطبيعة الهدوء، فسرعان ما غادرتها لأذهب لصيدا، وهناك وجدت نفسي وروحي والهدوء، فاكتريت بيتا في مدخل المدينة على البحر مباشرة، أصحو مع اشراقة الشمس وأخرج للشاطئ أركض مسافة جيدة، فأرى السلطعونات تخرج مفزوعة من بين الرمل عائدة للبحر حيث أمانها وموطنها، ومن ثم أنزل الماء للسباحة، فقد تعلمت السباحة في صيدا، وبقيت هناك شهرا كاملا بدون ملل، هدوء وبحر وشمس وكتب، ومن ثم غادرت إلى بيروت ليوم واحد، وشددت الرحال إلى دمشق لتبدأ قصة حب لمدينة لا تنسى أبدا، تركت في الروح ذكرى وذكريات.
صباحك أجمل يا عمّاني والهوى، أجلس لشرفتي ودالية العنب وقطوفها التي تبرعمت، يشاركني طيفي فنجان قهوتنا، ترف في فضائي حروف خمسة وشدو فيروز:
"بناديلك يا حبيبي ما بتسمعلي ندا، لا التلات القريبة بترجعلي الصدى، كأنك مع حدا ضايع بها المدى، حبيبي حبيبي مالي غيرك حدا، مالي غيرك حبيب يسأل عني سؤال، يبقى مني قريب يسأل كيف الحال، ويسمعني كلام ويغمرني بالسلام، ع صوته اغفي وأغيب على نغمات الحدى".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
عمان الهوى في 23\7\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-08-2008, 12:06 PM رقم المشاركة : 258
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,تموز 30, 2008


صباحكم أجمل \ شام يا ذا السيف


نخلة رؤى
بعدستي

صباحكم أجمل \ شام يا ذا السيف
زياد جيوسي


فرح خاص يجتاح الروح وينشر في جنبات النفس شعور خاص، فهنا في عمّاني الأجمل عشت بالأمس لحظات الفرح بولادة ابنتي لحفيدتي الأولى، لأشعر لأول مرة في حياتي بشعور الجد وامتداد الحياة من خلال الأحفاد، فجاءت سيرين لتضفي إلى حياتي فرحا خاصا، لعله امتداد للفرح الذي شعرت به حين جاءت ابنتي ذؤابة للحياة في نهاية عام 1980، فكانت ولم تزل المدللة بين أبنائي، وحين أبلغت بالخبر السعيد كنت أجول مع زوار معرضي الأول للصور الفوتوغرافية، في جنبات مركز رؤى في عمّان فرحا برام الله وهي تتجلى بصورها في عمّان، فأضيف للفرح فرح آخر، وللروح سعادة جعلتها تحلق بفضائات أجمل وأرحب.
هي عمان الهوى مرة أخرى، عمان الذاكرة والهوى والجمال، أجول في جنباتها كلما أتيح لي بعض من الوقت، فأستعيد ذاكرة وذكريات ضاربة جذورها في الروح، فعمان توسعت بشكل مذهل، وأصبح الاعتماد على استخدام السيارات العامة كطلبات للوصول إلى المناطق يهز ميزانية الجيب، وانتظار حافلات النقل عملية متعبة وخاصة لعدم توفرها بالشكل المتواصل ولكافة المناطق، وعدم وجود سيارة خاصة يساهم في الحد من الحركة، ففي الماضي كنت اسكن في جبل الأشرفية ومن ثم جبل التاج حيث قضيت فترة زمنية طويلة من عمري، حتى انتقلت وسكنت ضاحية خلدا التي كانت هادئة وافتقدت الهدوء أثناء غيابي الطويل عن عمان، ومن الأشرفية كانت الحركة أسهل وكانت عمان أصغر، وكان سن الشباب يلعب دوره بالقدرة أكثر على الحركة، فليس من مسؤوليات متعبة، وليس من تعب تأثيرات العمر أيضا.
في رام الله الحب والعشق لا أعاني من نفس الصعوبات، فرام الله مدينة صغيرة رغم امتداد مساحاتها في السنوات العشر الأخيرة، وطبيعة وجودي في قلب المدينة وقرب المراكز الثقافية من هذا القلب، وطبيعة مناخها الجميل يسهل الحركة كثيرا، وفي معظم الأحيان سيرا على الأقدام، فحركتي من صومعتي هناك إلى أي من أطراف المدينة لا يتجاوز النصف ساعة سيرا على الأقدام، مما يتيح الحركة اليومية بشكل مختلف عن الحركة في عمان وامتداداتها الشاسعة والكبيرة.
ومع هذا يبقى لعمان في الذاكرة جمالها الخاص وذكرياتها الأجمل، وقد أتاح لي معرضي صباحكم أجمل – رام الله، لبعض من الصور التي التقطتها عدستي لمدينة رام الله والذي سيختتم في الغد، المجال للحديث مع الزوار للمعرض عن الذاكرة العمّانية كما الذاكرة الراميّة، ووجدت ألما عند العديد من رواد المعرض من تدمير ذاكرة عمان ومبانيها القديمة التي رسمت تاريخها وذاكرتها، وحقيقة أن هذه المشكلة تواجهها كافة مدننا العربية بشكل عام، فهذه المباني بالأصل هي ملكية خاصة لأفراد، وليس هناك من قوانين تمنعهم من هدمها وبناء مباني تجارية أو عمارات سكنية تحقق لهم المرابح المادية، وبالتالي ليسوا معنيين كثيرا بالذاكرة والتراث، وليس هناك بالمقابل من جهات يمكنها أن تستملك هذه المباني وتبقي عليها بعد ترميمها كذاكرة تروي حكاية المدن وتحفظ ذاكرتها.
وفي نفس الوقت أتيح لي من خلال المعرض الالتقاء بالعديد من الأصدقاء القدامى الذين باعد بيننا الزمان، إضافة لبعض الذين جمعتني بهم علاقة الحرف والكتابة، فسعدت بحضور الصديقة الكاتبة دارين طاطور من الرينة في قلبنا المحتل منذ عام النكبة التي حضرت خصيصا للمعرض، وحضور صديق الحرف والكلمة القاص ناصر الريماوي والتعرف عليه، هذا الشاب المفعم حيوية، والشاعرة ماماس صاحبة الحرف الرقيق، فأضاف اللقاء المباشر إلى معرفة الحرف والقلم بعدا أجمل وأروع، فكان لمركز رؤى الفضل بتبنيه فكرة المعرض أن يتيح لي هذه اللقاءات، وللحقيقة لا أمتلك إلا أن أقدم كل شكر ومحبة لوسائل الإعلام المختلفة في الأردن على اهتمامهم الكبير وتغطيتهم للمعرض والكتابة عنه، وكان للقاءات اليومية التي أجرتها معي الصحافة ووسائل الإعلام أثر كبير وطيب في قلبي.
يعيدني الحديث عن ذاكرة عمّان ورام الله إلى ذاكرتي وسفري الأول إلى دمشق وأنا عائد من بيروت إلى عمّان، فقد تركت هذه المدينة اثر كبير في روحي، فقد قضيت وقتا طويلا أجول في أحيائها القديمة، هذه الأحياء الضاربة جذورها في التاريخ، فتجولت أزقة الساروجة وباب توما والميدان وغيرها الكثير من الأحياء، ساحات دمشق ومتاحفها، ساحة المرجة والصالحية، المتحف العسكري ومتحف الآثار ومتحف العظم، معرض دمشق الدولي وجامعة دمشق، وحرصت على زيارة المسجد الأموي وقبر القائد صلاح الدين الأيوبي، سوق الحميدية الجميل والذي أصبحت فيما بعد لا يمكنني أن أزور دمشق بدون أن أزوره، وأتناول بوظة بكداش وأتأمل العاملين وهم يصنعونها بواسطة الدق بالمدقات الخشبية الضخمة، أو أتناول إفطارا من الفول باللبن في مطعم المصري، أو أن أشتري كتابا من بسطات الكتب المنتشرة على الأرصفة وأذهب لمقهى الفاروقي أقرأه هناك، أو أجلس في مقهى الحجاز أرقب المسافرين والقادمين والمنتظرين من كافة المناطق بلهجاتهم المختلفة، أو أذهب لقاصيون أجالس الغوطة وجمالها من هذا الارتفاع، فأشعر بالجمال يتكوم في طرقات روحي ودروبها، فأخاطب حبا تركته في عمان عبر الروح.
بقيت على تواصل مع دمشق بعد هذه الزيارة، فأصبحت دمشق تسكنني، أصبحت بعض من روحي، فسكنت في فترة لاحقة في حي المزرعة الجميل، أمارس كل يوم هناك طقوس حب وعشق لدروب دمشق وحواريها، أتنشق ياسمينها ذو العبق المتميز، أغسل وجهي وروحي بمياه عيون الماء الواصلة مياهها لدمشق، والمنتشرة في أرجاء المدينة، أجالس حوافي بردى، ولم أتوقف عن معانقة دمشق حتى عام 1976 حين زرتها آخر مرة، فقد أتت ظروف أبعدتني ولم يتح لي أن أعانقها من جديد، وإن بقيت في الذاكرة لم تغادرها، أسائل من يزورها عنها وأحملهم السلام إليها، فيفاجئوني بالحديث عن حجم التغير الذي أصابها، فاشعر أني لو زرتها من جديد فلن أجد وجهها الجميل الذي تركته، وأني سأجد بدلا من ذلك وجها غطته المساحيق والألوان المستحدثة، فأشعر بألم يجتاح الذاكرة ويخدش جمال الذكرى.
صباحك أجمل عمّان، صباحك أجمل يا رام الله التي أشتاق إليها بجنون الشوق، فلا تفارقيني أيتها الجميلة، ابقي معي وعلى عهد حب اجتاحني عبر العصور، فقد كنت أنت حبي وستبقين، فدعينا رغم كل الصعاب وبرد الوحدة الموحش، نضع يدا بيد، نحلم معا بحب أجمل وصباح أجمل، نعوض ما فاتنا عبر السنين من بعاد وفرقة، فأنا احبك وأغار عليك حتى من نسمة الهواء، فاعذري قسوتي حينا إن قسوت، فهي من الم البعد وشدة الجوى، فان مت فادفنيني في حنانيك، وازرعي على مرقدي من ياسمينك، كي لا يفارقني عبقه وشذاه في رحلتي الأخيرة.
صباح آخر وحروف خمسة تلفني بالحب والجمال، فنجان قهوتنا المبلل بالدمع وآهات الجوى، فيروز تشدو لنا:
"شام يا ذا السيف لم يغب، يا كلام المجد في الكتب، قبلك التاريخ في ظلمة، بعدك استولى على الشهب، في ربيع فيك خبأته، ملئ دنيا قلبي التعب، يوم عيناها بساط السما والرماح السود في الهدب، تلتوي خصرا فأومي إلى نغمة الناي ألن تحب، أنا في ظلك يا هدبها أحسب الأنجم في لعبي، طابت الذكرى فمن راجع بي كما العود إلى الطرب".
صباحكم أجمل.

عمان الهوى 30\7\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-08-2008, 06:15 AM رقم المشاركة : 259
معلومات العضو
إيما ناصر
كرمل الروح
سوريا

الصورة الرمزية إيما ناصر

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

إيما ناصر غير متواجد حالياً


افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

صباحك ورد يا أبتي...

ومسك وعنبر من كل عواصم تمرها عيناي في طريقها لفلسطين..

صباحك أبوي حفيديٌّ رائع..

قد تحزن أمي...الآن..

لكن رغم وجودها..أحسستُ بالأمان لأنك هنا..

مباركة ابنة أختي..

سيرين يا صاحبة الجسد الصغير..مالي إليك من الشوق أطير؟؟

فتكونين معي عمان ورام الله ودمشق وبكل الأمكنة لفرحتك أسير..

سيرن يا أملاً تفتح بالعيون....وصل القدس بعمون..

وفي الرؤى..صرت ِ الرؤى..

و هدوء جد لمسه ه من لعيني رأى..

فتقت كل مواجعي والذكريلات..

وامتد بي حلم الى مستقبل اجنّبْك ِ به الاهات..


ابتي...شعور غريب بالشوق..

قد يكون دافعه سيرين الصغيرة..

او حب وحرمان في داخلي لشيء من طيب ارضك

دمت بود كل حين






لا تقترب..
ماظل مني ما أدفنه
في خيبة جديدة..
  رد مع اقتباس
/
قديم 04-08-2008, 10:55 AM رقم المشاركة : 260
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايما حجاز مشاهدة المشاركة
صباحك ورد يا أبتي...

ومسك وعنبر من كل عواصم تمرها عيناي في طريقها لفلسطين..

صباحك أبوي حفيديٌّ رائع..

قد تحزن أمي...الآن..

لكن رغم وجودها..أحسستُ بالأمان لأنك هنا..

مباركة ابنة أختي..

سيرين يا صاحبة الجسد الصغير..مالي إليك من الشوق أطير؟؟

فتكونين معي عمان ورام الله ودمشق وبكل الأمكنة لفرحتك أسير..

سيرن يا أملاً تفتح بالعيون....وصل القدس بعمون..

وفي الرؤى..صرت ِ الرؤى..

و هدوء جد لمسه ه من لعيني رأى..

فتقت كل مواجعي والذكريلات..

وامتد بي حلم الى مستقبل اجنّبْك ِ به الاهات..


ابتي...شعور غريب بالشوق..

قد يكون دافعه سيرين الصغيرة..

او حب وحرمان في داخلي لشيء من طيب ارضك

دمت بود كل حين
الابنة الغالية ايما
افتقدتك منذ زمن
وها هي سيرين تعيد فرحة أخرى لقلبي فألتقيك بعد غياب
هي الطفلة الحفيدة التي ارى فيها فرحا آخر وزهرة جديدة في ربيع الوطن الذي أنظر فيه
صباحا أجمل
وها انت بحروفك وروحك المحلقة تثيرين بهجة في جنبات النفس
فمرحبا بك محلقة من جديد في فضاء حرفي
لعل كل منا يمنح الآخر بعض مما يحتاج
من شوق المكان وحب الأرض
وامتداد الحياة
دمت بمحبة يا ابنتي
لا تغيبي
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 08-08-2008, 03:28 PM رقم المشاركة : 261
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,آب 06, 2008


صباحكم أجمل \ حنين وذاكرة


حي الصبا في الأشرفية
بعدستي


صباحكم أجمل \ حنين وذاكرة
زياد جيوسي


صباح آخر لعمّان، لم أصحو مبكرا كالعادة وكما اعتدت أن أصحو في رام الله، فعمّان لها طقوسها الخاصة بها وخاصة في الصيف، طقوس كنت قد نسيتها بحكم الغياب الطويل عنها، لكن هذا الصيف عادت وعدت وأصبحت جزء منها، فالصيف يجمع الخلان والأهل القادمين من أنحاء الدنيا، مغتربين ومسافرين ومقيمين، فتمتد السهرات إلى أوقات متأخرة من الليل، ومن كان مثلي قد اعتاد النوم المبكر والصحو المبكر، يواجه مشكلة بإعادة برمجة ساعته البيولوجية، فهي عمّان تبقى عمّان الهوى، تهوى إليها أفئدة أحبتها من كل حدب وصوب، من كل مكان يأتون، فكل الينابيع تصب فيها.
يوم الجمعة الماضي صحوت بالفجر المبكر على أصوات إطلاق النار والتفجيرات، للوهلة الأولى ظننت أني في رام الله وأن هناك اجتياحا إسرائيليا كالمعتاد، فقفزت من سريري لأنظر الأمر وآخذ احتياطاتي، فوجدت نفسي في سرير عمّان وليس رام الله، فتذكرت أن في هذا الصباح إعلان نتائج الثانوية العامة، وأن الفرحة والتعبير عنها يكون مبكرا، فرحة عرفناها بفترتنا، لكن وسائل التعبير كانت مختلفة، فالبعض من الأسر كانت تقيم حفلة لابنها، والناس تكتفي بتقديم الهدايا لخريج الثانوية، أما ما حصل صبيحة الجمعة الماضية فهو شيء مختلف لم أعتاده أبدا، فهل من المعقول أن يبدأ نهارنا بإطلاق الرصاص وتفجيرات الألعاب النارية، حتى أني شعرت نفسي في أتون معركة!!، أليس بالإمكان أن يكون هناك قوانين تمنع هذه الألعاب وتحد من هذه الظواهر السلبية، ظواهر تؤدي إلى قتلى وجرحى إضافة للهدر المالي الكبير، فتفسد الفرحة وتنشأ أجيالا تبالغ بالمظاهر، بدلا من أجيال تنتمي إلى أرضها ووطنها وواقعها أكثر.
أقف لشرفتي العمّانية الجميلة، أتذوق بعض من حبات العنب الحلوة مباشرة عن دالية العنب، التي زرعتها ورعيتها حتى وصلت لشرفتي في الطابق الثالث، فأحمد الله على نعمته، فتجول الذاكرة ما بين الحاضر والماضي، بين عمّان البسيطة التي عرفتها طفلا وشابا، وبين عمّان التي أراها الآن، فأول الأمس تمكنت من الحصول على سيارة أقودها لأذهب للبحث عن ذاكرتي، كان المفترض أن أخرج باكرا قبل اشتداد حرارة الجو، لكن لم تأتي الرياح بما تشتهي السفن، فخرجت من البيت في حدود الثانية عشرة وعشرة دقائق من خلدا، لأجد نفسي في سيل متدفق من السيارات والحافلات، ازدحام لم أراه أو أخوضه في الماضي، فالعربات كأنها حبل واحد غير منقطع، وزاد الأمر سوءً أن نسبة الحوادث ترتفع فتزيد من أزمة السير، ولمدة خمسون دقيقة كنت أسبح في عرقي حتى وصلت دوار الداخلية في الحسين، مسافة لا تتعدى العشرة كيلومترات لكنها أخذت وقتا طويلا، فأخذت بداية شارع الاستقلال متجها إلى الأشرفية حيث مرابع الصبا، ومن بداية شارع الاستقلال حتى وصولي حي أم تينة خلف حاووز الأشرفية لم تأخذ الطريق معي أكثر من خمسة عشر دقيقة، فاستغربت هذا التغير المعكوس، فقد كانت الأزمات في المنطقة الشرقية، والمفترض أن المنطقة الغربية باتساع شوارعها وكثرة أنفاقها وجسورها أن تكون أكثر سلاسة، لكن ما لمسته كان مختلفا تماما.
تجولت في أم تينة قليلا وزرت خالة طيبة لي، وأم تينة ليس من أحياء عمّان العريقة والقديمة، فقد بدأت بداياته بعد هزيمة حزيران وتدفق النازحين لعمّان، وقبل ذلك أذكره أراض حمراء شاسعة تزرع بالقمح والقثائيات، ولعل أراضيه الممتدة على السفوح كانت تكفي عمّان غذائها وتفيض، وما زال هذا الحي تتكاثف فيه الأبنية الإسمنتية وتمتد، فهذه الأحياء التي بناها الفقراء لم تعرف الحجر بالبناء إلا نادرا، تضيق أزقتها وتتسع، تفتقد الغطاء الشجري إلا ما ندر في بعض البيوت وبقايا أشجار على بعض الأرصفة، وأثناء تجوالي في الحي وجدت شجرة تين تمتد إلى خارج جدار بيت، فاقتطفت حبة وأكلتها، فكانت حلوة وشهية، فساءلت نفسي إن كان هناك صلة بين اسم الحي وحبة التين الشهية.
من أم تينة إلى حينا القديم في الأشرفية، امتداد شارع حاتم الطائي حتى حدود الجوفة الغربي، أوقفت السيارة وأخذت عدستي لأجول في الحي، كانت مشاعري متضاربة، كنت أشعر بنفسي أعود للماضي بقوة وسرعة، فهذا الحي شهد صباي وشبابي المبكر، فقد سكناه منذ عام 1969 حتى عام 1972، فترك في ذاكرتي الكثير، وما أن نزلت من السيارة حتى التقت عيناي بشخص أذكر أنه كان من أشقياء الحارة، كان أكبر منا عمرا، فما أن رآني حتى تذكرني وسلم عليّ بحرارة، مستغربا وجودي في الحي بعد هذا العمر الطويل، فقلت له: جئت ابحث عن ذاكرتي في الحي، أصر أن يستضيفني على فنجان قهوة في بيته فاعتذرت لضيق الوقت، سألته عن كِبار الحي، فقال: العم أبو عليان وأبو فهمي وأبو جبران وأبو بشير انتقلوا لرحمة الله تعالى، وعدد أسماء كثيرة بعضها في الذاكرة وبعضها ذهب مع الزمن، فترحمت عليهم جميعا، فالبعض منهم له نقش في ذاكرتي لم يمحوه الزمان، وبدأت أجول في الحي الذي تغير كثيرا، فالبنايات الإسمنتية تكاثفت كالفطر فيه، فحجبت الرؤيا والريح الغربية الجميلة، فلم أتمكن من مشاهدة جبل القصور والقلعة وجبل عمان إلا من بين شقوق ضيقة بين البنايات، مقارنة بفترتنا التي كنت أقف لشرفة البيت فأرى عمان بامتدادها أمام عيناي، تجولت في الحي بشوارعه الثلاثة المتوازية، وكان شريط الذكريات يتدفق بقوة مارا بأصدقاء الحارة ومحبوبة الحي وتاريخ رسم لوحاته على روحي، فلم يفارقني رغم عقود من الغياب.
من هناك إلى حي الأرمن فجلت فيه كاملا بالسيارة، كثير من ذاكرتي لم أجده هناك، فمدارسنا ذهبت وكثير من الأماكن قد تغير، وعبث الزمان بالذاكرة فلم يترك إلا بعض من تشوهات، حتى شعرت بألم يجتاحني، ثم صعدت وأوقفت السيارة بالقرب من مسجد أبو درويش، وأردت الدخول للصلاة في وقت ليس من أوقات الصلاة فوجدته مغلقا، فظننت أن ذلك مرتبط بالحفريات المحيطة بالمسجد لتطوير موقعه، لأكتشف لاحقا أن المساجد لا تفتح إلا بأوقات الصلوات، فتجولت بالمنطقة وذهبت إلى مدرستي الواقعة تحت المسجد، فوجدتها قد تبخرت مع الزمن وذهب اسمها وحل محله اسم آخر لمدرسة أساسية، فوقفت أمام الجدار أستعيد ذكريات أربعة سنوات فيها، تجولت في كل المنطقة رغم الحر، قرأت الفاتحة على أرواح من ذهبوا بلحظات الجنون في قبرهم المختفي تحت الأبنية، وركبت السيارة لأجول الأشرفية بكاملها، شارع بارطو والشارع الرئيس من بداية التقاءه بطلوع مصدار عيشة حتى وصوله لجامع أبو درويش، اتجهت بعدها إلى حي آخر من أحياء الأشرفية خلف الدير، فوجدت غابة بشعة من الاسمنت، وإن تمكنت أن أجد في تجوالي البيت الذي سكناه وولد فيه أخي جهاد عام 1957 أثناء الثلج القوي، ومن ثم جلت شارع مأدبا والدبايبة والشعيلية ودخلت مخيم الوحدات، وكل المعالم في الذاكرة قد تغيرت، ووجدت المخيم المكتظ قد استحال إلى بسطة واحدة للمبيعات، من كثر أعداد البسطات وتواصلها، فلم أستطع أن أجد مكانا أقف فيه وأجول على أقدامي، فقررت المغادرة والعودة في وقت لاحق، ومن وسط المدينة عدت باتجاه جبل عمان بجولة سريعة، مقررا أن افرغ نفسي أياما قادمة للتجوال كل يوم في حي، باحثا عن ذاكرتي التي شوهها الزمن وغابات الاسمنت.
صباح آخر يشدني الشوق لرام الله، ويشتعل هوى عمّان، فلا أجد غير مجالسة طيفي البعيد القريب ومعانقة هوى من حروف خمسة، وفنجان قهوتنا وشدو فيروز:
"أنا عندي حنين ما بعرف لمين، ليلية بيخطفني من بين السهرانين، بيصير يمشيني لبعيد يوديني، لأعرف لمين وما بعرف لمين، عديت الأسامي ومحيت الأسامي، ونامي يا عيني إذا راح فيك تنامي، وبعده الحنين من خلف الحنين، بالدمع يغرقني بأسامي المنسيين لأعرف لمين وما بعرف لمين، أنا خوفي يا حبي لتكون بعدك حبي ومتهيئلي نسيتك وأنت مخبى بقلبي، بتودي الحنين ليلية الحنين يشلحني بالمنفى بعيونك الحلوين"
فيروز.. عندي حنين يجتاحني وأعرف لمين..
صباحكم أجمل.


عمّان الهوى 6\8\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 14-08-2008, 06:35 AM رقم المشاركة : 262
معلومات العضو
إيما ناصر
كرمل الروح
سوريا

الصورة الرمزية إيما ناصر

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

إيما ناصر غير متواجد حالياً


افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

صباحك متشح بالسواد هذا الأربعاء ياأبتي..

قد رثاه الكل قبل يومين ولم أصدق..

لكن اليوم ظهراً كان لابد لي أن أصدق أن من وحّد عواصمك من عمان إلى الشام وبيروت وبغداد ورام الله والقدس الشريف

قد غااااادرها كلها دون جواز سفر منا..

و لكن غادرها بكرتٍ أحمر من قيادات رسمية علنية و أخرى مخفية..

تركني أجتر كلماته علني أجد بها خيط أمل في أحجية من شعره تقودني للحل وللطريق إلى الكنز
الكنز القابع في القدس..

أبتي إني لا أبكي شاعراً..ولا كلمات ٍ ولا صاحب قصيد..

لكن أبكي أملاً كنت أستمده من كلماته بأن اللقاء مع الأحبة ممكنٌ أوقريب..

و أن التحرير قاب قصيدتين أوحجرين... أو حاجزين ....

أو حتى خصامين ...وصلحاً واحدا من بعيد

والصلح الآخر وجها لوجه

أرثي فيه ابناً لي أربيه يوماً في سهول حيفا ويافا..

لا أدري أهو الأربعاء فقط قد اتشح بالسواد..أم العمر كله؟؟

لا أدري لماذا أشعر بذنب خفي يراودني..بأنني لعنة عليه عندما أخذته لي أملاً ومحفزاً على الاستمرار بأمل إمكانية اللقاء..

فكأن الله أراد أن يبتر أملي..فقبض روحه..

وفعلاً كان الشاعر سميح القاسم صادقاً..

فإن كانت يافا بعيدة عن رام الله..وطولكرم ممنوعة عن اللد..

وفلسطين لااااااااااتتجلى في فلسطين..

فهل ستتجلى سوريا في فلسطين؟؟

أو هل سيتجلى نصفي بشقه ونصفه الآخر؟؟

قد خُذِلتُ..يوم خُذِلت فلسطين يا أبتي..


لك مني العزاء

لك مني الدعاء

لك مني الود والحب والقبلات لكل طفل صغيرتراه يحمل بندقية خشب ويستر عريه بجلده ويركض حاف في أزقة الشوارع..ويصرخ بعلووووووو صوته.. "" بدي أطخ اليهود ينعنهم ولاد كلب ""

لك مني التماعة العين مبتسمة لعروق في أكف عجائز يجلسن على أبواب الدور ينقين العدس والرز..

لك مني الحب العمييييييييييييييييق لرجال حملوا ربطة الخبز على الكتف وتحت الإبط..و أحنى ظهرهم همٌّ أكبر من لقمة العيش..

لك مني الشوق لكل شباك تراه في فلسطين يزينه أصيص حبق أو فل أو ربطة للثوم مجدولة ومعلقة ..

لك من أعمق القلب حببي لضحكات شبان تتعالى في الحارات والشوارع محاولين تناسي الحال والتعالي على الواقع

لك مني حاااجتي يا أبتي لاجتماعي على ذاتي وتلملم أشلائي..فتجتمع إيــــ...بــ ...ـــــما..

فهلا كنتَ الباء و أوصلت السلام من نصفي لنصفي؟؟










لا تقترب..
ماظل مني ما أدفنه
في خيبة جديدة..
  رد مع اقتباس
/
قديم 15-08-2008, 08:29 PM رقم المشاركة : 263
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايما حجاز مشاهدة المشاركة
صباحك متشح بالسواد هذا الأربعاء ياأبتي..

قد رثاه الكل قبل يومين ولم أصدق..

لكن اليوم ظهراً كان لابد لي أن أصدق أن من وحّد عواصمك من عمان إلى الشام وبيروت وبغداد ورام الله والقدس الشريف

قد غااااادرها كلها دون جواز سفر منا..

و لكن غادرها بكرتٍ أحمر من قيادات رسمية علنية و أخرى مخفية..

تركني أجتر كلماته علني أجد بها خيط أمل في أحجية من شعره تقودني للحل وللطريق إلى الكنز
الكنز القابع في القدس..

أبتي إني لا أبكي شاعراً..ولا كلمات ٍ ولا صاحب قصيد..

لكن أبكي أملاً كنت أستمده من كلماته بأن اللقاء مع الأحبة ممكنٌ أوقريب..

و أن التحرير قاب قصيدتين أوحجرين... أو حاجزين ....

أو حتى خصامين ...وصلحاً واحدا من بعيد

والصلح الآخر وجها لوجه

أرثي فيه ابناً لي أربيه يوماً في سهول حيفا ويافا..

لا أدري أهو الأربعاء فقط قد اتشح بالسواد..أم العمر كله؟؟

لا أدري لماذا أشعر بذنب خفي يراودني..بأنني لعنة عليه عندما أخذته لي أملاً ومحفزاً على الاستمرار بأمل إمكانية اللقاء..

فكأن الله أراد أن يبتر أملي..فقبض روحه..

وفعلاً كان الشاعر سميح القاسم صادقاً..

فإن كانت يافا بعيدة عن رام الله..وطولكرم ممنوعة عن اللد..

وفلسطين لااااااااااتتجلى في فلسطين..

فهل ستتجلى سوريا في فلسطين؟؟

أو هل سيتجلى نصفي بشقه ونصفه الآخر؟؟

قد خُذِلتُ..يوم خُذِلت فلسطين يا أبتي..


لك مني العزاء

لك مني الدعاء

لك مني الود والحب والقبلات لكل طفل صغيرتراه يحمل بندقية خشب ويستر عريه بجلده ويركض حاف في أزقة الشوارع..ويصرخ بعلووووووو صوته.. "" بدي أطخ اليهود ينعنهم ولاد كلب ""

لك مني التماعة العين مبتسمة لعروق في أكف عجائز يجلسن على أبواب الدور ينقين العدس والرز..

لك مني الحب العمييييييييييييييييق لرجال حملوا ربطة الخبز على الكتف وتحت الإبط..و أحنى ظهرهم همٌّ أكبر من لقمة العيش..

لك مني الشوق لكل شباك تراه في فلسطين يزينه أصيص حبق أو فل أو ربطة للثوم مجدولة ومعلقة ..

لك من أعمق القلب حببي لضحكات شبان تتعالى في الحارات والشوارع محاولين تناسي الحال والتعالي على الواقع

لك مني حاااجتي يا أبتي لاجتماعي على ذاتي وتلملم أشلائي..فتجتمع إيــــ...بــ ...ـــــما..

فهلا كنتَ الباء و أوصلت السلام من نصفي لنصفي؟؟




ايما يا ابنتي
محمود درويش سنديانة فلسطين التي رحلت
لكنها تركت جذورها في الأرض
لم تغادرها
الأربعاء الماضي لم أستطع أن ابدأ نهاري بكتابة صباحكم أجمل
فكيف يمكن للصباح أن يكون أجمل
والشمس صحت من نومها متشحة بالسواد
باكية العينين
كيف كان يمكن أن ابدأ وأقول:
صباحكم أجمل
فقد غاب صباح أجمل
صباح درويش
فشعرت بسنديانة أخرى ترحل
فنحن في زمن اليتم الفلسطيني
في مرحلة الفقد الذي بات يحيط فينا من كل جانب
افتقد درويش بشكل ربما كان مختلفا عن الآخرين
فقد اعتدت أن اراه أثناء تواجدي المستمر في مركز السكاكيني الثقافي
حيث كان لديه مكتب الكرمل هناك
القي عليه التحية
لم أذكر أن باب مكتبه كان مغلقا يوما
كنت أشعر بكم الأدب والتواضع في سلوكه
حتى كان آخر لقاء
يوم اعلان نتيجة مسابقة تصميم ميدان محمود درويش في رام الله
هذا الميدان الذي الحت عليه البلدية بتسميته باسمه
فالقى كلمة قال فيها:
أشعر ان ما يجري رثاء مبكر
وصدقت النبوءة
ورحل درويش قبل أن يتم تدشين الميدان بحضوره
يومها التقطت نبوءة أخرى قالها
وقلت: أشعر أن درويش يودعنا
وهذا ما كان..
فالعزاء لنا جميعا
للوطن والجذور والعاشقين
لزهر اللوز والحصان الوحيد
ولرام الله وياسمينها
ولطفل يصر أن يكمل المسيرة
فالسنديانة قد رحلت
لكن أرضنا ليست بعاقر
بمحبتي ابنتي
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 27-08-2008, 11:32 AM رقم المشاركة : 264
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,آب 20, 2008


صباحكم أجمل\ الرواد وكارفان وذاكرة السينما


المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة
بعدستي


صباحكم أجمل\ الرواد وكارفان وذاكرة السينما
زياد جيوسي

صباح آخر من صباحات عمّان يحمل نسمات حارة تملأ الأجواء، أجلس لشرفتي الصغيرة حيث تتسلل من بين أوراق العنب نسمات أكثر لطفا من الجو الخارجي، أحتسي قهوتي بهدوء على نغمات وشدو أغنيات فيروزية، أحن معها لرام الله التي كان من المفترض أن أكون في أحضانها اليوم، لكن حدثا طارئا أجل من عودتي، حدث يحمل في ثناياه جمالا وفرصة للتذوق السينمائي، فمساء الأحد الماضي كنت على موعد مع افتتاح مهرجان "كارفان" السينما العربية الأوربية، والذي تشرف عليه "الرواد للصوتيات و المرئيات"، فقد بادرتني الصحفية المتميزة سميرة عوض بالاتصال لحضور المهرجان السينمائي وتقديم الأفلام الفلسطينية التي ستعرض فيه، فوافقت على التأخر في عمّان بعد تردد، وشعرت بعد ذلك بأني لو غادرت لفقدت فرصة طيبة من الجمال.
السينما كانت عشقا منذ الطفولة، وفي الحادية عشرة من صباح السبت كنت مدعوا لحضور المؤتمر الصُحفي لإعلان فعاليات المهرجان، في مركز الحسين للفنون في رأس العين، فأتيح لي أن أرى تغيرا هائلا في هذه المنطقة، فهنا لم يكن إلا نبعة الماء التي كانت تشكل الرافد الأساسي لسيل عمّان الذي جف مع الزمن، وكانت تحيط به بيوت طينية مختلفة كانت تشكل حي المهاجرين، إضافة للأشجار الضخمة، لكنه الآن أصبح مساحة مشغولة بمعمار جميل وحديث، يضم قاعة عمّان ومركز الحسين للفنون، ومساء الأحد كنت في رحاب الهيئة الملكية للأفلام في جبل عمان، لحضور حفل الاستقبال قبل عرض الفيلم الأول "في انتظار بازوليني" للمخرج المغربي داود أولاد سيد، والذي وُفقت إدارة المهرجان باختياره، وقفت من هناك أطل على عمان الشرقية وجبل الأشرفية الذي شهد بعض من طفولتي وصِباي، فاستعدت ذاكرة سكننا وأنا طفل لم يتجاوز السنوات الأربعة بالقرب من هذا المكان في شارع الملفوف وفي شارع خرفان، حين كانت عمّان اصغر بكثير حتى أنها لا تقارن بعمّان اليوم، وبدأت ذاكرتي تعمل بسرعة مستعيدة ذاكرة السينما منذ الطفولة، وشعرت بالفَخار أن يكون هناك الآن في عمّان الهوى مؤسسات تهتم بالسينما وتعمل على رعايتها، فأمانة عمان والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة من الداعمين لهذا المهرجان، إضافة للهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وأعتقد أنه حين تكون صفة الملكية للهيئة، فهذا يعني اهتماما على أعلى المستويات بدأ يتجه للسينما.
ذاكرة السينما تمتد في عمّان إلى الطفولة، فأول دار عرض تمر كلمحات في ذاكرتي كانت في شارع مأدبا بعد قيادة البادية مقابل مخيم الوحدات، كان ذلك في أواخر خمسينات القرن الماضي، وكنت أتردد عليها برفقة خال لي يكبرني بالعمر، وإن كان اسمها قد ضاع مع طوال الفترة الزمنية، حتى كان الرحيل من عمّان إلى رام الله فتجددت علاقتي بدور العروض السينمائية، فرام الله كانت تضم دارين للعرض، سينما الجميل التي أصبحت الآن سينماتيك ومسرح القصبة، وسينما دنيا التي جرى هدم مبناها العريق منذ سنوات، ويتم الآن بناء مبنى تجاري ضخم يحمل نفس الاسم مكانها، وفي البيرة توأم رام الله السيامي، كانت تقع دار سينما الوليد، والتي اشترى مبناها أحد المستثمرين وبدأ خطواته لإحالتها إلى بناية تجارية ضخمة أيضا، وكنت في تلك الفترة أتردد على تلك الدور الثلاثة لحضور العروض السينمائية، وأذكر أن أول فيلم حضرته في سينما دنيا كان فيلم جميلة بوحريد المناضلة الجزائرية، وفي سينما الجميل كان فيلم اسمه تفاحة آدم، وفي سينما الوليد كان فيلما عن هرقل البطل الأسطوري، وبقيت أتردد كلما توفر لي ثمن تذكرة على دور العرض هذه حتى هزيمة حرب 1967 ونزوحنا مكرهين من رام الله إلى عمّان، فبدأت كلما توفر لي ثمن بطاقة أحضر في دور العرض المختلفة في عمّان، فعرفت سينما الكواكب وسينما دنيا والحمراء في شارع الملك طلال، وسينما البتراء بالقرب منهما، وسينما فلسطين وسينما الحسين خلف البنك العربي في شارع الملك فيصل، وسينما عمّان في الشارع نفسه، وسينما زهران وسينما استوديو زهران في شارع الملك حسين، وسينما رغدان وسينما بسمان في شارع بسمان، وسينما الأردن في أعلى درج الأردن المتفرع عن شارع الأمير محمد، وسينما الخيام في طلوع البريد في شارع الخيام المتفرع عن شارع الأمير محمد، ولم تشذ عن قاعدة التواجد في قلب المدينة إلا سينما الرينبو، والتي تقع في شارع الرينبو المتفرع عن الدوار الأول في جبل عمّان، وكانت تعتبر بفترتنا أرقى دور العروض السينمائية، فهي السينما الوحيدة التي كانت تمنع تناول المأكولات والمشروبات أثناء العروض، وتتميز أيضا بفخامة تأثيثها، بينما في دور العرض الأخرى أذكر أن صوت تناول المكسرات وبذور البطيخ كان يشوش سماع صوت الممثلين، وكان الذهاب للسينما كأنه رحلة عائلية، فكنت أرى أسر بكامل أفرادها في العروض، فلم يكن هناك من وسائل متعة غير دور السينما.
رغم هذا العدد الكبير من دور العرض السينمائية في العاصمة عمّان وفي رام الله قبل الاحتلال، وبالتأكيد أنه كان هناك دور عرض أخرى في المدن والحواضر الأخرى، إلا أن ذاكرتي لم تحمل إلا تجربتين من أفلام ذات إخراج أردني، هما صراع في جرش للمخرج واصف الشيخ والذي جرى إخراجه عام 1957، وفيلم عاصفة على البتراء للمخرج فاروق عجرمه والذي أخرج العام 1965، مما يثير التساؤل عن أسباب تعثر صناعة السينما الأردنية في تلك الفترة، وجميل جدا حقيقة أن يتم تكريم هذين الفيلمين بحضور الممثلين، وتكريم فليمين أخريين هما الأفعى للمخرج جلال طعمة والذي أخرج عام 1970، وحكاية شرقية للمخرج نجدت انزور والذي أخرج عام 1991، مما يشكل تسليط الضوء على تجربة مهمة رغم تعثرها وعدم تواصلها ونموها.
كارفان السينما العربية الأوربية تجربة مهمة تستحق التواصل والمواصلة، فقد أتاحت لعشاق السينما أن يتابعوا أفلاما قد لا يتاح لهم حضورها بالتلفاز أو دور العرض، والدور الذي قامت به "الرواد للصوتيات والمرئيات" هام جديد في هذه المسيرة والتظاهرة السينمائية، فعدد الأفلام التي ستعرض عشرون فيلما، تتراوح في جنسيتها بين الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والمغرب وقطر والكويت، وبين فرنسا وبولندا وسويسرا، فحققت تنوعا مقبولا من حيث الجنسيات المشاركة، وتوازنا بين الأفلام الروائية والوثائقية، ولعل من المهم الإشارة أن العروض بغالبيتها في ساحات مفتوحة وليس في القاعات المغلقة، مما يحقق فكرة"الكارفان" ووصوله للجمهور العريض، وأتاحت لي الفرصة أن أقدم عرضا للأفلام السينمائية الفلسطينية للجمهور ووسائل الإعلام، ككاتب وناقد وعضو في جماعة السينما الفلسطينية، فالأفلام الفلسطينية في المهرجان ثلاثة هي: "خمس دقائق عن بيتي" للمخرجة ناهد عواد الذي سبق أن قدمت عنه دراسة نقدية، وفيلم "في ظل الغياب" للمخرج نصري حجاج الذي كتبت عنه أيضا، وفيلم "رنات العيدان" وهو فيلم فلسطيني سويسري مشترك من إخراج آن ماري هالر، وأتاح لي فرصة اللقاء مع عدد من المخرجين والمهتمين، فالتقيت المخرج داود أولاد سيد، والمخرج صلاح هاشم، والمخرج ماهر أبو سمرا وغسان شميط وغيرهم، وكانت فرصة طيبة اللقاء مع المبدعة سوسن دروزة ومع الناقدة والكاتبة السينمائية رانيا حداد التي جمعني وإياها عبر الشبكة العنكبوتية عشق الحرف وحب السينما، إضافة للقاء المخرجة الفلسطينية عزة الحسن مجددا في عمّان، بعد اللقاء الوحيد في رام الله أثناء عرض فيلمها "دايما اطلع بعيونهم"، مما يدفعني للأمل أن تمثل جهود "الرواد" لبنة هامة في نهضة السينما الأردنية، وأن تأخذ هذه السينما دورها بجوار شقيقاتها العربيات.
صباح أخر لعمّان، صباح شوق متجدد لرام الله، وحيدا أجلس في صومعتي العمّانية، مع فنجان قهوتي، أفتقد الكثير، أستذكر أحلاما ربما بعثرتها الرياح، أستمع لفيروز رفيقة وحدتي وفرحي وألمي وهي تشدو: "يا ربع لي في حماك الغَض عِشرة صبا، غنيت في واحتك الحان حب وصبا، بنطر ينسم علينا من رياضك صبا، بذكر ملاهيك يلي العِشب فيها وَرد، بذكر غدير الهوى بيفيض منه وَرد، يا سالب القلب اسمع ما نغني ورِد لعيوننا النوم، يلي القلب نحوك صبا".
صباحكم أجمل.

عمّان الهوى 20\8\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-08-2008, 01:22 PM رقم المشاركة : 265
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,آب 27, 2008
صباحكم أجمل\ وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة

ياسمينة من حديقة مركز رؤى في عمّان

بعدستي


صباحكم أجمل\ وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة

زياد جيوسي

رام الله.. صباحك أجمل وأنا أعود إليك بعد غياب حزينا متألما، أنشدك الشوق على عزف أنين ناي حزين، بعد أن تركت في ثرى عمّان الهوى وترابها بعض من روحي وجسدي، وكأن القدر يصر أن يبقى هواي المشتعل لعمّان أبدا، فيربطني بها إضافة لكل ذاكرة الطفولة والشباب والصبا، لكل ذكريات الحب والألم، لكل ارتباطي بها في كل دروبها وأحيائها القديمة ووسط المدينة وأزقتها المتشعبة وسنوات الدراسة وأصدقاء الطفولة والشباب والكهولة، قبر جدي الذي كان الحنان يستمد منه الحنان، يشد القدر من جديد أواصر ارتباطي بعمّان فيضم في ترابها أوراق أجمل ياسمينة.. أمي.

حين غادرت رام الله إلى عمّان في منتصف الشهر الماضي لافتتاح معرضي صباحكم أجمل- رام الله في رحاب مركز رؤى الجمال العمّاني، لم أكن قد نويت الغياب عن حضن رام الله الدافئ أكثر من أيام المعرض، وحين كنت أزور الوالدة يوميا وهي على سرير المرض الذي رقدت عليه منذ بداية العام، كانت تبادرني بالسؤال بصوتها الموهن من التعب والمرض: كيف معرضك أمي؟ تمنيت أن أحضره فقد اشتقت لرام الله.

يوم افتتاح المعرض أصرت على والدي الشيخ الكبير وكل الأسرة أن لا يبقى أحد عندها، قالت لهم جميعا كونوا مع زياد ورام الله ولا يتغيب أحد منكم عن الافتتاح، كانت أمنيتها أن تكون معنا في رحاب رؤى الذي احتضن رام الله بالحب، وكانت أمنيتنا جميعا، لكن كانت الاستحالة بأن تغادر سرير المشفى ولو للحظات.

كنت أزورها وأحدثها، أقبل جبينها ويدها، أهمس لها في لحظات صحوتها القليلة، عن رام الله والياسمين وذاكرة عمّان والأشرفية والقدس وجيوس، أقرأ لها بعض مما كتبت، فتبتسم وأشعر بالنور يتجدد في عيناها، ومرة بقيت عندها وحدي عدة ساعات، أضع لها بين شفاهها قطرات العصير حين تفتح عيناها، وحين تغفو كنت الجأ لدفتري فأكتب، وحين فتحت عيناها نظرت لي وبصوت موهن سألتني: ماذا كتبت.. اقرأ لي.. فقرأت لها نصا كتبته وأنا عندها لم أنشره بعد بعنوان: " مذكرات حفلة زار مجنونة"، فنظرت لي بعينيها المتعبتين نظرة لم أنساها وأغمضت عيناها من جديد.

في كل يوم نويت فيه العودة لرام الله بعد المعرض، كان يحصل ما يؤجل العودة، وكأن مشيئة الله أن أبقى مع الياسمينة في أيامها الأخيرة، حتى كانت الساعة التي لا بد منها، ساعة الرحيل، فأغمضت الياسمينة عيناها وعلى شفتيها ابتسامتها الأخيرة، رحلت وتركت لنا الألم والحزن والأسى، وذكريات أم لا تنسى أبدا، رحلت في السابعة من صباح الخميس الماضي، فكانت لحظات قاسية على الجميع، حين بادرت بالاتصال بإخوتي جميعا وشقيقتي الوحيدة، فحضروا جميعا، وشد أخي جهاد الرحال من رام الله فورا لنكون جميعا في وداع أغلى الناس، وداع ست الحبايب.

حين وضعناها بالسيارة التي ستقلها إلى مثواها الأخير، ونحن أبنائها الذكور الخمسة نرفعها عاليا فوق هاماتنا، كما كانت في حياتنا فوق كل الهامات، صعدت معها وأحد أشقائي، وقفز في السيارة ابني وابن شقيقتي وابن أخي، فحمدت الله أنها ترحل محاطة بأبنائها وأحفادها جميعا، يرافقونها حتى اللحظة الأخيرة، فتذكرت غيابي القسري عنها أحد عشر عاما بسبب الاحتلال، وحين كنت أهاتفها وتشكو من الفرقة والبعاد، تقول لي: أخشى أن أموت قبل أن أراك، فأرد عليها: إن غادرت الوطن لن أتمكن أن أعود إليه أبدا.. فهل تقبلي ذلك؟ فتجيب: خليك بالأرض يا أمي، والله سيكون معك ويصبرني على فراقك، ولم أراها طوال تلك السنوات إلا منذ شهور وهي تعاني على فراش المرض.

ما أصعب الفقد والفراق، فكيف حين يكون فراق الأم الحنون الغالية، وما أصعب لحظات الوداع الأخيرة، حين أنزلتها وأحد أشقائي إلى مثواها الأخير، وكنت آخر من رأى وجهها حين كشفته ورفعت عنه الغطاء، وخرجت ووضعت أول حفنة تراب بيدي على قبرها، لأقف لدقائق بعد أن بدأت الأقدام بالرحيل القي النظرة الأخيرة، وليمر شريط طويل بلمح البصر منذ أن تفتحت عيناي على الدنيا، فأتذكرها وهي تحرص على زيارتي في المعتقل لخمس سنوات لم يثنها حر صيف ولا برد شتاء، كما كانت تزور أخي الأكبر في المعتقل قبلي، وأخي الأصغر بعدي، وتتنقل بين المعسكرات والقواعد لتزور ثلاثة من إخوتي، وتتسمر أمام شاشة التلفاز أثناء حصار بيروت، حين حوصر اثنين من إخوتي في الحصار، وتصرخ ألما في حصار طرابلس حين كان أحد أشقائي محاصرا هناك أيضا، فشعرت بها حكاية من حكايات شعبنا، حكاية رسمت بالدمع والدم والدموع، فلم تتمكن أن تجتمع معنا الإخوة جميعا سويا منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، إلا في جنازتها وموكب رحيلها الأخير، فأهمس: وداعا أيتها المناضلة، وداعا أيتها الياسمينة، وداعا يا أمي، أعدك أن أزرع طرفي قبرك زيتونة وياسمينة، ونبتة صبار تعلمت منك الصبر.

بالأمس عدت لرام الله، مودعا أسرة وأب وروحك، بعد أن تلقينا العزاء من الآف الناس في عمّان، لأبدأ بتقبل العزاء وأشقائي وسيم وجهاد، الأكبر والأصغر مني، فتدافعت الألوف إلى قاعة بلدية البيرة توأم رام الله السيامي، والكل يترحم عليك، بعد أن تقبل أشقائي العزاء في مدينة جنين بعد العودة من عمّان، وتقبّل أبناء العمومة والعم الأكبر العزاء في بلدتنا جيوس بالتزامن معنا في عمّان، ونشد الرحال لتقبل العزاء في طولكرم الجمعة، فأشعر بأن الآلاف المؤلفة التي تدافعت وترحمت عليك، تركت لك في مقر وحدتك الأخير ما يؤنس وحشة قبرك، إضافة لمحبتنا ودموعنا التي انسكبت سيولا على فراقك.

هي رام الله التي سكنت روحك كما سكنت روحي، ترحمت عليك وودعتك من بعيد، أعود إليها ويلفح وجهي منذ الصباح نسمات حارة غير معتادة، وكأنها زفرات الفراق، أجلس وحدي أتذكرك، وأتذكر كلمات شاعرنا الكبير محمود درويش وهو ينشد: أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي، وأنا من حرمت من قهوتك وخبزك طوال السنوات الماضية، وكنت دوما أترنم بهذه الكلمات، وأقول لك من أسري القسري عبر الهاتف: لا بد أن أشرب القهوة من تحت يديك الطاهرتين، لكنك رحلتي ولم أشرب قهوتك ولم أتذوق خبزك، فتسيل دمعة حارة على وجنتي، وأشعر بالوحدة من جديد، فلا يخفف وحدتي إلا حروف خمسة فارقتها، وطيف بعيد قريب يجول في صومعتي بيت الياسمين، فأنشد مع قهوتي المرة وشدو فيروز:

" أمي يا أمي الحبيبة نفح الرياحين والورود، أين ابتسامتك الرطيبة تسمو باشراقة الوجود، ولأسم أمي الجميل لحن في القلب أحلى من النسيم، لا وجه قد لاح فيه حسن يرقى إلى وجهها الكريم، هل لي سوى حبك العظيم أحيا به الوعد بالنعيم، روحاُ بأرجائه أهيم طفلا لأحضانه أعود، أمي و هل لي سوى يديك أرجوهما منة السماء، أبوابها طوع راحتيك إن تسألها يسمع الرجاء، يا من حلا باسمها النداء يا من تسامى بها العطاء، إن رمت جوداُ من السماء، من غير نعماك لا تجود، ألقاك في نجمة الصباح، في مبسم الزنبق الرطيب، في زرقة البحر في الاقاح، أمي و في دمعة الغريب، و الشمس تدنو من الغروب، كأنها وجهك الحبيب، يا وجه أمي لا تغيب، أماه أنشودة الخلود"


صباحكم أجمل.

رام الله المحتلة - الأربعاء 27\8\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-09-2008, 10:13 AM رقم المشاركة : 266
معلومات العضو
سلام الباسل
عضو أكاديمية الفينيق
لأكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو تجمع أدباء الرسالة
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
عضو تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية سلام الباسل

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

القدير زياد جيوسي
وتطلّ من حزن الصباحات
على تفاصيل الفقد واوجاعه
تهيىء للاماكن مناديلها..كي تذرف دمعة وداع
وداعاً ايتها الياسمينة..وألف وداع
وأي الوداعات تليق بروحٍ انتشر دمها في دمنا..نقاءاً وعذوبة؟
صوراٌ يحتويها انكسار الروح حين تنفصل عن ذاتها..
رحم الله والدتك العزيزة
واسكنها فسيح جنانه
وإنا لله وإنا اليه راجعون
وصباحك أمل
تحياتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-09-2008, 04:26 PM رقم المشاركة : 267
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام الباسل مشاهدة المشاركة
القدير زياد جيوسي
وتطلّ من حزن الصباحات
على تفاصيل الفقد واوجاعه
تهيىء للاماكن مناديلها..كي تذرف دمعة وداع
وداعاً ايتها الياسمينة..وألف وداع
وأي الوداعات تليق بروحٍ انتشر دمها في دمنا..نقاءاً وعذوبة؟
صوراٌ يحتويها انكسار الروح حين تنفصل عن ذاتها..
رحم الله والدتك العزيزة
واسكنها فسيح جنانه
وإنا لله وإنا اليه راجعون
وصباحك أمل
تحياتي
سلام
ولروحك سلام
هو الفقد يا عزيزتي حين يجتاح الروح والنفس
يكون له الم ينتشر في الأرجاء
فكيف حين يكون فقد أم
حلمت بفنجان قهوة من تحت يديها
ويغيبني الاحتلال عن رؤياها أحد عشر عاما
لأعود ولا اراها الى في لحظات الموت
هو الفقد
وفي نفس الوقت
هو الايمان بقضاء الله وقدره
فالحمد لله
بارك الله بك
ولا اراك مكروها بعزيز
بود
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 06-09-2008, 04:49 PM رقم المشاركة : 268
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,أيلول 03, 2008
وداع الأم الياسمينة بقلم: خالد محاميد

من صُبار جيوس نستمد الصبر

بعدستي
[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=66&u=12018225][/url
]
حين غادرتنا الياسمينة – أمي صبيحة الخميس الحادي والعشرون من آب لهذا العام 2008 إلى رحاب السموات، شعرت بالفقد وألمه، اعتدت عبر سنوات عمري على الفقد، لكن فقد الأم.. مسألة مختلفة، فقد بمذاق مختلف، شيء مختلف تماما عن كل الفقد الذي عانيته وتذوقته في حياتي، فكتبت في 27\8 نصي: صباحكم أجمل\ وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة.. كتبت فيه نفسي وألمي، والكتابة كانت وما زالت وسيلة أفرغ فيها ما يجول في روحي، إلا في هذا النص الذي كتبته بحبر الدمع والمشاعر، كنت أسكب نفسي فيه، فتدفقت إلى بريدي عشرات كلمات المواساة التي صيغت من أرواح ومشاعر من كتبوها، وبدأت بالرد عليها شاكرا هذا الطيب والمشاعر، حتى كانت قصيدة أخي وصديقي الشاعر الفلسطيني خالد محاميد، الذي جمعني وإياه الحرف والروح رغم أننا لم نلتقي أبدا حتى هذه اللحظة، فألجمت حروفه المنبثقة من روح الإنسان الموغل بإنسانيته، ألجمت حروفي فلم أتمكن من الرد عليها أو حتى شكره، أو استكمال الردود على من كتبوا لي، فقد شعرت في قصيدته بكل الأرواح الإنسانية، أرواح كل الأحبة، فوقفت مرات أقرأ قصيدته بصوت مرتفع أمام صورة أمي، ولم أتمكن ولا مرة من إكمالها كاملة بسبب غلبة الدموع، وفي هذا الصباح الذي اعتاد أحبتي أن أخاطبهم بنصي المعتاد: صباحكم أجمل، أو مقال آخر من كتاباتي النقدية أو أطيافي المتمردة، لم أجد من حروف تنبثق من داخلي إلا أن أقدم قصيدة الرائع الإنسان: خالد محاميد، قصيدته في وداع الأم الياسمينة.. أمي.. وداد جيوسي، أقدمها لأحبتي وأصدقائي وقرائي، لعل في ذلك بعض من شكر لخالد محاميد، ولكل من كان معنا برحيل الياسمينة، روحا وحروفا ومشاركة في بيوت العزاء الخمسة التي فتحت لتقبل العزاء، بين عمّان وجيوس وجنين ورام الله وطولكرم، وإن كنا أنا وأسرتي وعشيرتي لنعجز عن الشكر لكل هذه المشاعر التي غمرتنا فخففت عنا بعض من مصابنا.


وداع الأم الياسمينة

إلى الفلسطيني زياد جيّوسي



بقلب الأم كنا نحتمي

من وخزِ ضَيْمِ المقصلة

يسير الفجرُ في درب الندى؛

والزهرُ يروي هائجا

يومًا مليئا بالحصاد.



هكذا الصبحُ المضيئُ الصواري

فيك رام الله :

نمشي إلى ما يملئُ الفنجانُ

من قهوةِ الأمٍّ الفلسطينية خيالَ المقاتل؛



تبارَكْنا على خبز ٍ من الأيدي

التي استكملت تدريبها

في نثر ألوان السنابلْ

قبل تهجيرِ الأناشيد

عن ألحانها في نكبةٍ



تهيئُ للصباح

المستباح بقبعات الجند

حكمة َ قلبِ أمّ

للمثول أمام باب السجن؛

تعتمر الأحاديث المليئةِ بالوطنْ

والأغنياتِ عنْ شجرٍ

ينادينا لمعركةِ الفلسطيني على عِنَبِهْ



فنصيح يا طيرًا سجين َ بلاد أهداب الملائكة ْ:

المواويل التي جمعتْ جفونُ الأمِّ في طرقاتها ،

تهوي على السجناء من خلف الجدار ،

هيَ التي أمُّ البلاد تريدها في قلبنا

حَكَمَتْكَ ناياً للطريق

إلى انعتاق الشمس

من عتبات سجن العابرين.



يصطف ثوار الرغيف الحاملين الحريةْ

في سجنهم خلف الوعود الواثقة؛

والقلب عند الأم :

بستان الحكايا والجريدة؛

نهرُ أحلامٍ لسرد الأغنية؛

والنار في روح القصيدة



يحتويهم بالدعاء القول :

يا إبني لك القلبُ الحنينُ الحبُ والنصرُ العتيدُ

فاصمد مع الأبناء في سرِّ الحكايا

عن بلاد الانتصار



بيروت كانت لون أطياف الخيال

الحادِّ في رفع الحصار؛

والموت لم يعرف تفاصيلا

عن الأم الدؤوبة في بلاد الانتظار العالية؛

تخفي حنين القمح

عند البندقية والتواريخ الثكولة

عند أسباب الحقيقة

والوعود الصامتة للعودة الكاملة.



تعطي دموع النصر

حبرا للقصيدة

في رسوم الابن فرشاة

لعبئ المعركة



تمضي بلا أصفاد الرحيل

الغاصِّ في سفر الهَتَرْ



والإبن يمسي مَرْكِبا

للنجم في حلم الفلسطيني



مَعْرِضًا دون التلكؤ

عن جروح الطفل في رسم الخريطة

وابتكار اللون في صدّ القذيفة

فالحصار استوضح المعنى

عن الحبِّ للسهول

الموغلة في دفئ حيفا

والحكايا عن جنود الصاعقة

عند المناديل الطرابيلسية



كيف تمشي الصبايا على معرضكْ يا بنيّ؟

ياسمينٌ كما أنت في موطن الشوق

في دارنا عند رام الله يا أمي!!!



خلِّيكْ بالأرض.

بأرض الشوق والأزهار

عند الشوك

الذي يبقيه جند الطاغية

حول المخيم



فالقلوب الحالمة؛ أوجاعُها من نيزكٍ قادمٍ

والنجوم الزاهرة تعلو على عبئ الجريمة

والعيون الساهرة لا بد من أن تنتصر



وداعا ياسمين الإخوة الباقون في قلب الرواية



وداعا جذوة الحب المُتَّقِد في ثنايا الملحمة



جيوس سالت في فلسطين الحزينة

دمعَ زهرٍ للتمادي في حنينٍ للأمومة



خالد محاميد

2008-08-29



http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 27-09-2008, 02:09 AM رقم المشاركة : 269
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,أيلول 24, 2008
صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق

شجرة بركة في شارع النزهة في رام الله صباح اليوم

بعدستي

صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق

زياد جيوسي


تهمس في أذني رام الله وهي تلقي بشلال شعرها على وجهي، فلا أرى من العتمة سوى اشراقة وجهها وجماله، تغمرني بمشاعر الحب والحنان، تحاول أن تعيد لي توازن النفس الذي افتقدته منذ وداع الياسمينة أمي، حين توقف القلم عن الكتابة، وتوقفت المشاعر عن البوح، تهمس لي ببوح عينيها أن أعود إلى ما كنت عليه، أن أتذوق الياسمين وأتنسم عبقه، أن أتعايش مع الألم ولوعة الفراق، وأعود إليها أراقصها وأضمها كما اعتدت أن أضمها منذ زمن سحيق، وأن أهمس لها كعاشق مجنون.

عدت إليها بقلب حزين، فغمرني رمضان ببركته، وحضر ولدي محمد ليكون معي بداية الشهر يواسي وحدتي، يرافقني في السير في الطرقات، الوقوف عند الياسمينات المتعربشة على الحيطان، وفي الليل يبدأ يعزف بهدوء على جيتاره، يغني بعض الأغنيات الهادئة، فأبتسم لهذا الطفل الضخم الذي يحمل قلبا مترعا عاطفة وحنان.

غادرني ولدي عائدا لوالدته ودراسته ولم تغادرني رام الله، فقد كانت وما زالت السلوى والجمال، وإن افتقدت المسير بعض الصباحات في دروبها بحكم الصيام وسهر لياليه، فهي تغمرني بجمالها حين أسير في الأمسيات والصباحات، أسير وحيدا وأجول بعضا من دروبها، ويستقر بي المقام في النهاية تحت شجرة حرجية ضخمة عتيقة، أعتدت أن أجالسها بين الحين والآخر في شارع النـزهة، على رصيف الشارع أمام بيت مهجور لعل أصحابه قد هاجروا وهجروه، فأغلقوا أبوابه بالاسمنت ونوافذه بالحديد، لعله خوفا ممن يتسللون ويستولون على البيوت المتروكة، فلا يخشون قانون ولا سلطات، فأصبحت حديقة البيت مهملة تجول فيها السحالي وربما زواحف أخرى، وبقيت الأشجار والنباتات بدون تشذيب ولا تقليم، فأصبحت وحشية المظهر، وبقيت الياسمينة الضخمة المتعربشة على الجدار تصر أن تبوح بشذاها والجمال، فتبدد بعضا من وحشة المشهد، مما يدفعني للجلوس على الجدار المنخفض تحت هذه الشجرة العتيقة الجميلة، التي أحببتها وأحببت ظلها الوارف، فأتمنى لو كان هناك مقعد رصيف تجود به بلدية رام الله تحتها، فليس أجمل من مشهد عاشقين تحتها، أو راحة عابر سبيل لعله يجول في الطرقات ليبحث عن قوت لأطفاله، أو عاشق مخذول يستعيد ذكرى وذاكرة، أو عاشق مدينة مثلي يهمس بأذن طيفه البعيد القريب لحن قصة عشق تمتد عبر العصور، ففي ظلال هذه الشجرة التي أجهل اسمها ونوعها فأسميتها بركة، أجد راحة نفسية في النهار أو الليل، فأتأمل جذعها الضخم الذي تنبثق منه ثلاثة أغصان ضخمة، تحمل امتدادا رائعا من الجمال، فلا أكف عن تأمل جمالها، حتى أني أرى إمكانية أن تضم بين أغصانها كوخ صغير وجميل، أتخيل أني التجأ إليه كصومعة بين الأرض والسماء.

في الأمسيات أكون هناك، وحين تدق الساعة العاشرة، يندفع الدم في عروقي، فقد أزفت ساعة الرحيل، فأستعيد ذكرى رايات انكسار، وأرى في أوراق الشجرة المتساقطة، بقع من دم أزرق يلوث طهر البياض، فأصرخ أنادي: أين الشذى والياسمين، فيرتد الصدى: أما يكفيك رؤية الياسمين متعربشا على جدران شارع النـزهة، فدع العبق للقاطنين الديار، ففي أيلول تبدأ الأشجار بتلوين أوراقها بلون الذهب الأصفر، حتى تغطي الحزن ببعض من فرح وإن كان خدّاعا، فأنظر للرصيف المشجر الممتد، أشعر بطيفي البعيد يهمس لي: يجب أن نعترف لأنفسنا، فأيادينا لن تتشابك يوما ونسير معا على الرصيف كأي عاشقين، فهو الحلم البعيد البعيد، واشعر بالرصيف يهمس لي ويقول: الأرصفة لا تتحدث إلا عن حكاية عاشق مشتاق لنصفه الآخر، يحلم بالوصول واللقاء بعد طول انتظار، فأقول له: الأرصفة تروي حكاية المارين الذين ذهبوا، تتحدث عن عبق الأمكنة وحكاية عشق الجدات تحت الصنوبرات والأشجار العتيقة، تتحدث عن عيون الماء التي جففها غياب الحب وراء سراب الحقيقة، وتحكي الأرصفة حكاية عاشقين بقلب واحد يفرق بينهما الزمان والمكان، محرم عليهما حتى اختلاس النظرة.

أجول رام الله في هذا الصباح المبكر، ضباب وندى ونسمات ناعمة، ذكريات وقلب يستعد للمغادرة، فبعد ساعات سأكون في طريقي لعمّان الهوى، أقضي أواخر أيام رمضان والعيد في رحابها، أودع شجرتي بركة وأهمس لفيئها: إنها خطوة أخرى من خطوات رقصة الزار المجنونة، قبل أن تأتي عواصف الشتاء فتشتد خطوات الرقص، فتعرينا من كل أوراق الشجر، أودعك وأنا مسرور أني رأيتك أقرب ما نكون وابعد ما نكون، سأغادرك الآن ويبقى في القلب ما فيه، فسنلتقي من جديد أعدك، ولن يكون فراقا طويل المدى، أجول في الدروب مودعا الياسمينات وشذاها، أتأمل مظاهر الزينة في ميدان الساعة والمنارة والعديد من الشوارع، أشجار أصبحت مضاءة بأنوار جميلة تضفي بهجة في الأمسيات، أرصفة أصبحت أكثر اتساعا وتنظيما، زهور جميلة في طرف المنارة، لا تخلوا من بقايا أعقاب لفافات التبغ وأكواب الشاي والقهوة التي يلقيها الذين يقفون هناك، بدون إحساس بالمسئولية والحرص على الأمكنة العامة من التشويه، دوار الساعة ما زال يئن من وحدته بلا ساعة، واليافطات الإعلانية ما زالت تحجب الرؤية في دوار المنارة، فلا البلدية وفت بوعودها ولا المحافظة كذلك.

أعود لصومعتي بيت الياسمين متأبطا صحيفتي اليومية، أشعر بحزن يلفني، لا أجد إلا روح أمي وطيفي الذي يمعن بعدا، وحروفي الخمسة تؤانس لحظات ألمي، أفتح نافذتي فيتسلل لي عبق النعناع مع النسمات القادمة، أبدا بتجهيز حقيبتي الصغيرة التي ترافقني ببعض الكتب وعدسة التصوير ودفتر ملاحظاتي، أتفقد أوراقي الرسمية فيها، فحين أذهب لعمان لا أحمل شيئا آخر، أستمع لفيروز تنشد لي:

"لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدب ورحت أحضرها في الخافق التعب، أيد تلوح من غيب وتغمرني بالدفء والضوء بالأقمار بالشهب، ما للعصافير تدنوا ثم تسألني: أهملتي شعرك، راحت عقدة القصب، رفوفها وبريق في تلفتها تثير بي نحوها بعضا من العتب، حيرى أنا يا أنا والعين شاردة أبكي وأضحك في سري بلا سبب، أهواه؟ من قال إني ما ابتسمت له بالدمع فعانقني شوق إلى الهرب، نسيت من يده أن استرد يدي، طال السلام وطالت رفة الهُدب، حيرى أنا يا أنا أنهد متعبة خلف الستائر في إعياء مرتقب، أهوى الهوى، يا هلا إن كان زائرنا، يا عطر خيم على الشباك وانسكب".

صباحكم أجمل..



رام الله المحتلة 24\9\2008

مدونة أطياف متمردة

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/







  رد مع اقتباس
/
قديم 15-10-2008, 05:40 PM رقم المشاركة : 270
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

ا
لأربعاء,تشرين الأول 15, 2008
صباحكم أجمل \ الطيبة ورفقة وطن ومطر

من مهرجان الطيبة

بعدستي



صباحكم أجمل \ الطيبة ورفقة وطن ومطر

زياد جيوسي


صباحك أجمل يا وطن.. صباحك أجمل يا رام الله.. صباح أجمل وأنا أسير مع رفقة رذاذ المطر الخريفي المتساقط منذ ليلة الأمس، مع الضباب الجميل الذي انتشر في الطرقات في الصباح الباكر، فلعل الله يمن علينا بموسم أمطار خير، فيكون موسما زراعيا جيدا ولا نعاني العطش في الصيف القادم.

الأحد في الخامس من هذا الشهر كنت على موعد مع أحضان رام الله بعد أيام قضيتها في عمّان الهوى، كان العيد الأول الذي أقضيه مع أسرتي بعد أحد عشر عاما من حصاري في رام الله الحب، وكان الألم على فراق الوالدة هو المسيطر على أجواء الأسرة، ومع هذا أتيح لي بعضا من الوقت لمعايشة الذاكرة التي لم تتوقف عن الذكرى، فسجلت لقاءً تلفزيونيا عن ذاكرة الأشرفية في نفس المنطقة التي عشت بها، نفس المنطقة التي تفتحت بها براعم الهوى ولم تُنسى عبر الزمن، فذكراها عبق ياسمين وجمال، وباقي الأيام قضيتها أعاني من الأنفلونزا وأتنشق الياسمين كلما أتيح لي، حتى اليوم الأخير قبل عودتي فقضيته في زيارة مركز رؤى ودارة الفنون، وما أن دخلت رام الله حتى تنشقت هوائها بقوة وصرخت بصوت مرتفع: ما أجملك رام الله، ومنذ الصباح التالي كنت أجوب شوارعها مبكرا، أحتسي فنجان قهوة اشتريته من بائع متجول تحت شجرة قديمة أسميتها في مقال السابق يوم سفري "بركة".

بلداتنا في الوطن تنهض وتقاوم بكل الوسائل، فهي الجياد التي لا تعرف الكبوة، وأهلها الفرسان الذين إن ترجل فارس منهم أنبتت الأرض الف فارس، فوطننا المغموس بالطل والندى وعبق الياسمين والمستظل فيء الزيتون كان وسيبقى، رغم كل عتمة الليل وخفافيش الظلام وحراب جند الاحتلال، ورغم أنف العابثين بأمن الوطن من أصحاب المصالح واللون الواحد، ورغم أنف متسولي بطاقات الشخصيات الهامة من الاحتلال، والذين لا يخجلون من التباهي بامتيازات احتلالية، وهم يرون شعبهم يتعرض للمهانة على المعابر والحواجز، بينما هم يعبرون رافعي الرؤوس كالسنابل الفارغة ببذلاتهم الأنيقة، ويغمض القذى عيونهم عن طوابير شعبهم المسحوق، الذي يتكدس تحت الشمس ويعاني من قرف الاحتلال واضطهاده، ويغرق بالعرق ولا يكاد يتخلص من حاجز وتفتيش حتى يعاني من غيره.

في اليوم الثاني كنت أشد الرحال لمدينة طولكرم والتقي أصدقاء أعزاء وأجول فيها، فالجو كان أفضل بكثير من زيارتي السابقة، مما سمح لي أن أجول بمتعة كبيرة سيرا على الأقدام، ثم غادرت لجيوس بلدتي الخضراء التي تعاني ما تعانيه بعد سيطرة الاحتلال على أكثر من ثلثي أراضيها، فابتلعها الجدار وغرقت القرية بالفقر بعد فقدان الأراضي، لأتنشق عبق الزيت البكر مع بدء موسم قطاف الزيتون، مما حرمني أن أتمكن من كتابة مقالي الأربعاء الماضي، فتغيبت عن القلم وقرائي الأحبة أسبوعين بعد أن اعتادوا على مصافحة حروفي كل أربعاء، وفي مساء الخميس كنت أغادر جيوس قافلا إلى طولكرم لأغادرها صباح الجمعة متوجها إلى بلدة ترمس عيا المغرقة بالجمال، وأجول في رحابها حيث كان هناك احتفال لسباق الخيل، فقد أصبحت المهرجانات السنوية بعض من سمات المقاومة في العديد من بلداتنا، ومن ترمس عيا إلى بير نبالا البلدة التي امتدت في السنوات الماضية بعمران جميل ومتميز، حيث الهواء النقي والجو اللطيف، حتى أتى جدار الضم الاحتلالي فحصر البلدة ومنع اتصالها بالمناطق إلا عبر منفذ واحد مع رام الله، وأغلق الطرق السابقة التي كانت تربطها بأطراف القدس، فأصبحت كالوردة الجميلة التي تنقل من بستانها الرحب إلى قارورة صغيرة، فتبدأ الحياة تجف في عروقها.

في المساء كنت اتجه للمخيم الذي قدم كما كبيرا من الشهداء والجرحى، مخيم قلنديا الصمود لزيارة أصدقاء يسكنون القلب، وكما هي العادة تحرشت الدوريات الاحتلالية بالمواطنين فرشقوها بالحجارة، ليعلوا صوت الرصاص وقنابل الصوت وينتشر الغاز في الجو، فالاحتلال لا يريد أن يستوعب أنه مرفوض أبدا، وأن هذه الأرض لنا ولن تقبلهم بالمطلق، فالاحتلال ما زال مغرورا بقوته، مراهنا على حالة التمزق والانقسام والتفرد التي تسود بيننا، وصراع بعض من قوانا السياسية على المقاعد السلطوية المنخورة بالسوس تحت ظل الاحتلال، بدلا من مواجهة المحتل والعمل على تقصير عمره في وطننا الجميل.

السبت كنت في بلدة الطيبة الجميلة والأكثر طيبة، لأشارك أحبتنا الطيبون هناك مهرجانهم السنوي للعام الثاني على التوالي، فهذه البلدة الجميلة الرابضة على التلال ما زالت تصر أن تقاوم بتطوير نفسها، فأصبحت منتجاتها مضربا للمثل، وأصبح أهلها مثالا للتعاون والعطاء، فأكرموا الحضور كعادتهم، وقدموا مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية وفرق الدبكة الشعبية على مدار يومين، فأفرام التي أسماها القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي بالطيبة، تستحق هذا الاسم ويستحق أهلها الطيبون هذا التكريم، من قائد عظيم حرر الأوطان والقدس، فالطيبة والطيب في الطيبة كان منذ القديم وما زال، فتحية محبة لهم جميعا على تمسكهم بالوطن والأرض والأصالة والطيبة، ولعل أكثر ما أفرحني هناك إضافة للقاء أصدقائي من أهل الطيبة كداود ونديم وبثينة كنعان خوري وأفراد أسرتهم جميعا الذين تفانوا بالترحيب والإعداد والمتابعة، أن البلدة القديمة في الطيبة سيبدأ ترميمها وإعادة تأهيلها قريبا، بحيث يكون المهرجان القادم فيها، وهذا حديث تحدثت به مع أصدقائي على أثر المهرجان في العام الماضي والذي كتبت عنه مقالا مطولا.

وفي الأمس كنت مستضافا في الفضائية الفلسطينية، تحدثت به عن صحافة الانترنت ودورها، وعن معرض صباحكم أجمل – رام الله للصور الفوتوغرافية عن رام الله التي التقطتها عدستي، والذي افتتح في مركز رؤى في عمّان برعاية وتغطية كاملة من السيدة سعاد العيساوي مديرة رؤى وياسمينته، بعد أن ضاقت المؤسسات هنا عن رعاية المعرض، فشكرا لزاهدة بدر مقدمة البرنامج وشكرا للفضائية الفلسطينية على اهتمامهم.

أجول في دروب المدينة بعد أن أوصلتني أمل زوجة أخي الرائعة إلى وسط المدينة حيث يستضيفوني وزوجتي التي تزور رام الله عندهم منذ أيام، فأسير بنهم وعشق لشوارع رام الله، أزور شجرتي الأثيرة في هذا الصباح المبكر في شارع النـزهة، أمارس طقوس عشقي الصباحي لرام الله وأستعيد الذكرى تلو الذكرى، فاذكر أهلنا في عكا وهم يعانون من الاحتلال واجتياح منازلهم من قطعان اليهود وحرقها، وافتتاح كنيس لصلاة اليهود بجوار الأقصى وتواصل الحفريات تحت الأقصى الأسير، حتى يكون جاهزا للانهيار وبناء الهيكل مكانه، في الوقت الذي يصمت العرب والمسلمون فلا نسمع قرقعة ولا نرى طحنا، ويتواصل الصراع الداخلي ولا يتوقف الاحتلال عن إذكاء الصراع ضمن لعبته المعتادة القرد والهرتين وقطعة الجبنة، ففي النهاية لا مستفيد سواه، وان استمر الوضع الداخلي كما هو فلن يأكل الجبنة سوى الاحتلال، ولن يرحم التاريخ كل من ساهم بإطالة أمد الاحتلال يوما بتلهيه بالصراع على المصالح والامتيازات، بينما قطعان المستوطنين تعبث بأمن الوطن وتقطع وتحرق وتسرق أشجار الزيتون في موسم القطاف المبارك، تمارس كل عنجهية تحت حماية جيش الاحتلال، والقدس تسرق والأراضي تصادر، ووسائل الإعلام لا تنقل إلا تصريحات الصراع المتراشقة بين شقي وطن واحد، نسي الكثير من القادة أنه ما زال تحت الاحتلال.

أعود لصومعتي بيت الياسمين من جديد، وقد بللتني قطرات المطر وشعرت بها تبث الحياة في عروقي من جديد، فاشعر بالمطر دموع تبكي على شهدائنا، وعلى الشاب الصغير الذي مارس الاحتلال هوايته بالقتل عليه الليلة الماضية، فقتلوه في مدخل رام الله وهو يسير على الشارع العام قرب بيته ليزور أصدقائه، فصعدت روح عبد القادر محمد بدوي زيد لبارئها تشكو من الظلم ومن الاحتلال، أتصفح صحيفتي وأحتسي قهوتي وطيفي البعيد القريب، أستمع لشدو فيروز وهي تشدو:

" لا يدوم اغترابي لا غناء لنا يدوم، فانهضي في غيابي واتبعيني إلى الكروم، هيئي هالدنانة كرمنا بعد في ربى، يوم تبكي سمانا نشبع القلب والشفاه، حبيبتي زنبقة صغيرة أما أنا فعوسج حزين، طويلا انتظرتها طويلا جلست بين الليل والسنين، وعندما أدركني المساء حبيبتي جاءت إلى الضياع، ما بيننا منازل الشتاء يا أسفا للعمر كيف ضاع، ما أحيل رجوعي متعبا أتبع المساء، والهواء في ضلوعي جن من فرحة اللقاء".

صباحكم أجمل..

رام الله المحتلة 15\10\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-10-2008, 08:46 PM رقم المشاركة : 271
معلومات العضو
إسماعيل حسن سيفو
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الفينيق للإبداع الأدبي والعطاء
عضو الهيئة الادارية
سورية

الصورة الرمزية إسماعيل حسن سيفو

افتراضي مشاركة: ~ .. مع حبي .. ~

آفاقي تمتلئ ب تلاوينك


فلا تستغرب حينما تجدني لا أتقن من اللغة سواك !

أنت


*******************
الصديقة.... والأخت الرائعة

سميرة توفيق

ونلتقي ثانية.... وعاشرة
بعد غياب
أحيانا لا يُحتمل

يكفيني أن أقرأ هذه الأبيات / المقدمة أعلاه

لكي أهيمُ
بروعة وجمال في القصيدة

شكرا لك... ودمت

إسماعيل سيفو






  رد مع اقتباس
/
قديم 29-10-2008, 01:29 PM رقم المشاركة : 272
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,تشرين الأول 29, 2008

صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا


نافذة أثرية في بلدتي جيوس

بعدستي

صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا
زياد جيوسي

بين الألم والفرح تدور عجلة الزمان، فأبحث في هذا الصباح البارد عن الفرح بالسير تحت الرذاذ، فقد بدأ موسم الأمطار يحمل في ثناياه خير كثيرا، واغتسلت رام الله بالمطر كما الوطن، فتطهر جسدها وروحها بكمية جيدة من الأمطار، أزالت بعض مما تراكم عليها في الصيف الطويل الذي سبقه موسم جفاف عانينا فيه من شحة الماء، وعكس نفسه على غلال الزيت والزيتون، فجاء الزيت شحيحاً في معظم المناطق.
ليلة الأمس حين توقف رذاذ المطر خرجت من صومعتي للسير في دروب رام الله، كان الهواء باردا، لكني كنت اشعر بالدفء يلفني، كان البرق يسطع بالغرب باتجاه ساحلنا السليب، دلالة على أمطار قوية، فتوقعت أن يصل المطر في الليل لرام الله ولكنه لم يصل إلا رذاذاً، فسرت بقوة وهمة عالية، متمتعا بالنسمات الباردة وجمال المدينة وهدوئها، وبعد تجوال سريع لعدة كيلومترات آويت لصومعتي وحيدا إلا من رفقة الحب والذاكرة، فالخريف يجدد الحب ويجدد الروح، فأشعر بأوراق تسقط مني كأوراق الشجر، استعدادا لولادة جديدة.
الأيام الماضية كنت أمر بمرحلة هدوء وانطواء، فلم أكن أخرج سوى للسير في شوارع المدينة في الصباح الباكر وفي الأمسيات، ولم احضر سوى فيلم سينمائي واحد في المركز الثقافي الألماني الفرنسي، شعرت به فيلما موجها يهدف فقط لإبراز أن شعبنا ليست لديه أية مشكلة بالتعايش مع المحتل ومستوطنيه، وسيكون لي حديث بمقال خاص عن هذا الفيلم، وقد بدأت أشعر أن هناك دورا خفيا يمارسه المركز المذكور بعد أن زاد عدد رواده وزواره، وقد استفزني هذا الفيلم حتى أني قدمت مداخلة طويلة لتبيان أهداف الفيلم السيئة، رغم أني قلة من الأوقات التي أشارك بها في مثل هذه الحوارات، لأخرج من هناك مع الصديق حسان البلعاوي الذي استُفز مثلي في لقائنا الأول بعد معرفة طويلة من خلال كتاباتي واطلاعه عليها، لنجلس حتى منتصف الليل بحديث ذو شجون كانت القدس وذاكرة القدس التي عشتها، واحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية تأخذ الحيز الأكبر من الحوار، وسرقنا الوقت حتى اكتشفنا انه لم يبقى غيرنا في مقهى زرياب الجميل، فاعتذرنا للعاملين الذين بقوا بانتظارنا ولم يظهروا تأففا ولا ضيقا من تأخرنا.
وها أنا أعود لأواصل ما انقطع من الذاكرة في الأحاديث السابقة، وتمسك ذاكرتي بيدي وتعيدني لأوائل سبعينات القرن الماضي إلى الشام مرة أخرى، فقد عشقت المدينة بطريقة غريبة، وقد كتبت عن ذلك في مقال صباحكم أجمل\ شام يا ذا السيف، في الثلاثين من الشهر السابع لهذا العام، وفي دمشق كنت أصحو مبكرا وأجول في شوارعها، أتمتع بالسير لمسافات طويلة، كنت اتجه نحو حي من أحيائها وابدأ التجوال فيه حتى أحاول أن اعرفه كله، وفي العصارى أعود إلى وسط المدينة، احتسي القهوة أو الشاي بالنعناع على مقهى الفاروق الذي ذهب به الزمان، وأدلل نفسي أحيانا بنفسٍ من التمباك من تحت يد أبو سليم الفلسطيني الذي كان يقطن مخيم اليرموك، فعلى روحه الرحمة إن كان ميتا أو ما زال على قيد الحياة، وإن كنت أشك بذلك فقد كان في الخمسينات من العمر وأنا بأوائل العشرينات، وكان يحلو لي الجلوس معه حين لا يكن ضغط بالعمل عليه، فيحدثني عن ذاكرته وفلسطين وذاكرة اللجوء، ويحلم باليوم الذي يعود به إلى بلدته في شمال فلسطين، وإن كنت نسيت مع الزمن أي بلدة ينتسب إليها بالجذور، فأشعر بالدمعات تتدفق إلى عينيه وهو يحدثني، فما أن يجلس معي إلا وقلت له مقطع من أغنية: أهلا بالشيخ يحدثنا، فيجيب كما الأغنية: سأحدثكم، ونضحك معا.
كانت دمشق جميلة وبسيطة، كانت مساحات الأخضر تحيطها، وبعد ما يزيد عن ثلاثين عاما لم أراها، اسمع من أصدقاء لي هناك أن هذه المساحات الخضراء قد التهمها البنيان وغابات الاسمنت، وأن معظم ما في ذاكرتي قد عفا عليه الزمان، وأني بحاجة إلى ترتيب زيارة جديدة لبناء ذاكرة أخرى تقارن بين ما كان وما مضى.
كان يعجبني التجوال بحي الساروجة القديم واشعر فيه بعبق التاريخ، والذي يحمل اسمه من أسطورة تروى، ومع الزمن وجدت نفس الأسطورة سببا لتسمية بلدة طاروجة في محافظة نابلس وتسمية الفالوجة في فلسطين والعراق، وربما تكون سببا للتسمية في مناطق أخرى من أنحاء الوطن العربي الكبير، أما في الأمسيات فكان يحلو لي الجلوس دوما في قاصيون المرتفع والجميل، احتسي القهوة والشاي مع كتاب اقرأه مع النسمات العليلة، أو أحضر فيلما سينمائيا وخاصة في سينما الكندي التي كانت متميزة بأفلامها، أو أحضر مسرحية بأحد المسارح المنتشرة في المدينة، وقد أتيح لي بتلك الفترة أن أزور حلب وحمص وأجول بهما، كما أتيح لي أن ازور الزبداني وسرغايا والفيجة وعين الخضراء وهي من أجمل مصايف سوريا، ولكنها زيارات قصيرة لم تترك في الذاكرة إلا بعض من الملامح.
وذات صباح خرجت من البيت لأجد دمشق ترتدي حلتها العسكرية، فعلمت أن حرب تشرين قد بدأت، وكنت حاضرا على ملحمة مشرفة من القتال الشرس، وشاهدت بعيناي الطائرات الإسرائيلية وهي تتساقط أمام منظومة الصواريخ الدفاعية المضادة للطيران، فشعرت بالكرامة تعود للروح وذاكرة خروجنا مطرودين من وطننا ومن رام الله في حرب حزيران في الذاكرة، وفي تلك الفترة فقدت رفيقين في غارة على حي أبو رمانة، أوصلاني بالسيارة إلى منطقة المعرض واتجها هناك، فحصلت الغارة الإسرائيلية وارتقت أرواحهما شهداء للعلا، بعد أن تسللت الطائرات المغيرة من فوق بردى على ارتفاع منخفض ونفذت فعلتها، وشاهدت غارة فاشلة أخرى على موقع بطريق السويداء وكنت مع أصدقاء بسيارة نمر من هناك، فقفزنا إلى جنبات الشارع على الأرض حتى نهاية الغارة، وفرت الطائرات المغيرة بعد أن واجهت مقاومة عنيفة فلم تتمكن من أهدافها، ونجونا جميعا رغم أني كنت اشعر مع القذائف المتساقطة بأني ارتفع للسماء وأرتطم بالأرض، وبقيت بدمشق في تلك الفترة ورفضت أن أعود لعمّان، حتى توقفت الحرب وقررت الذهاب إلى بغداد للدراسة الجامعية، حيث كان اللقاء بحاضرة مميزة من حواضر العرب، سيكون لها أحاديث في مرات قادمة.
صباح آخر لرام الله، صباح أجمل يا طيفي البعيد القريب، صباح أجمل يا حروفي الخمسة، التي لا يمكن أن تفارقني وستبقى منقوشة في ثنايا الروح وتلافيف الذاكرة، صباح أجمل مع أمطار الخير والجمال وجولة الصباح السريعة في دروب المدينة، أتأمل بها رام الله والياسمين المتعربش على الحيطان وأقطف كالعادة وردتين منها، لي ولطيفي، فأضعها أمامي في صومعتي بيت الياسمين لأبدأ نهارا جديدا وحلما بصباح أجمل مع شدو فيروز: " أحب دمشق هوايا الأرقا، أحب جوار بلادي، ثرى من صبا و وداد، رعته العيون جميلة و قامة كحيلة، دمشق بغُوطتك الوادعة حنين إلى الحب لا ينتهي، كأنك حلمي الذي أشتهي، هوى ملئ قصتك الدامعة، تمايل سكرى به دمشق كشمس الضحى الطالعة، هنا و البطولات لا تنضب، تطلع شعب حبيب العلى إلى المجد بالمشتهى، كلل دمشق و أنت الثرى الطيب، غضبت و ما أجمل، فكنت السلام إذا يغضب".
صباحكم أجمل.

رام الله المحتلة 29\10\2008

مدونة أطياف متمردة

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/







  رد مع اقتباس
/
قديم 20-11-2008, 11:51 AM رقم المشاركة : 273
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,تشرين الثاني 19, 2008

صباحكم أجمل / سماح.. يا بلد


سلسلة حجرية قديمة في رام الله

بعدستي


صباحكم أجمل / سماح.. يا بلد

زياد جيوسي


رام الله ما زالت وستبقى تحتل مني الروح والنفس، أصحو على صوت حمائمها وعصافيرها على نافذة صومعتي الصغيرة، فأعانق الشمس لحظة صحوها، أو رذاذ المطر حين يجود المولى، وأسير في دروبها صباحا ومساءً، أخشى أن يفوتني جمالها ووجهها الوضاء في الصباح، وفي المساء أسير معها وهي تنفل شعرها الناعم والقمر يطل من بينه على جسدي، فأمارس معها قصة عشق أبدية كانت منذ عصور وستبقى، حتى حين تؤلمني أبقى العاشق والمحب.

القدس

القدس تسكن القلب والروح، وفي الآونة الأخيرة كانت القدس هاجس لا يفارق الروح، فاعلان القدس عاصمة للثقافة العربية للعام القادم يمثل حدثا له في الروح ما له من تأثير، وأتابع باستمرار ما يتناثر بين الحين والآخر من أخبار حول هذه الاحتفالية، وأكون سعيدا حين يصلني من الصديق حسان بلعاوي بعض من أخبار، وإن كنت أشعر أن الحدث بما يستحقه من اهتمام ومتابعة، ما زال محصورا في أطر رسمية ولم يعطي هذا الموضوع الأهمية الكافية من مشاركة على نطاق أوسع، فالقدس يما تعنيه وبوقوعها تحت الاحتلال الذي صادرها واعتبرها عاصمة له، وبكل الإجراءات التهويدية التي تتعرض لها، بحاجة إلى مفهوم مختلف بالتعامل مع هذه الاحتفالية العظيمة، وبحاجة إلى مشاركة أوسع لتصبح عروبة وإسلامية القدس هي العنوان والشعار للقدس عاصمة الثقافة العربية,

وفي هذه الأيام تشدني الذاكرة بقوة لإقامتي بالقدس فترة ستة شهور تقريبا في الطفولة، حين سكنا وادي الجوز ودرست بدايات الثانية الابتدائية في مدرسة خليل السكاكيني في حي الشيخ جراح، هذا الحي الذي اكتسب اسمه من اسم طبيب من قواد جيش الناصر صلاح الدين الأيوبي، والذي هو مهدد ضمن مخطط احتلالي قذر بالمصادرة والتهويد، فقد جرت مصادرة بيت المواطن محمد كامل الكرد، هذه القضية التي أصبحت تعرف ببيت أم كامل الكرد، التي تصر رغم طردها وزوجها المريض من بيتها على الإقامة في خيمة على أرض مجاورة، رغم كل قرارات الاحتلال التي استولت على البيت، تمهيدا للاستيلاء على سبعة وعشرون بيتا آخر أنشأت عام 1956، بقرار من الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير، لإسكان عائلات هُجرت من القدس الشرقية في عام النكبة، ومُلكت للقاطنين فيها الآن بعد ثلاث سنوات بوثائق رسمية، ولكن الاحتلال الذي يستولي على الأرض ويُهجر السكان لا يعترف إلا بمصالحه ومخططاته.

فكم أتمنى ومع إطلاق شعار القدس عاصمة للثقافة العربية من فوق أسوار القدس، أن تقترن الاحتفاليات بقضية بيت أم كامل الكرد وباقي الأراضي المصادرة والتي تحت تهديد المصادرة، حتى تكون الثقافة صنواً للصمود ومواجهة الاحتلال.

رام الله

مابين آخر مرة كتبت فيها صباحكم أجمل فيها وأخذتني بعدها النصوص الأدبية المتراكمة في حاسوبي،لم تتوقف رام الله عن العطاء، ولم أتوقف عن ممارسة عشقها، فشاركت في انتخابات مسرح عشتار لاختيار هيئة إدارية جديدة، كما شاركت في انتخابات مركز خليل السكاكيني لانتخاب هيئة جديدة، فالسكاكيني بالذات يسكن مني القلب، فقد كان بيتي الأول وحاضنتي الثقافية الأولى منذ عودتي للوطن بعد غياب قسري استمر ثلاثون عاما، وفي الحالتين كنت سعيدا أن ينجح من أملت بنجاحهم ومعظمهم من جيل شاب حان الوقت لأن يأخذوا دورهم في قيادة هذه المؤسسات الثقافية والفنية.

وتوالت في رام الله الجماليات، فقد افتتح مهرجان شاشات لسينما المرأة بعطاء كبير يختلف عن السنوات الماضية، كما افتتح مهرجان القصبة الدولي للسينما أيضا بشكل تميز عن العام الفائت، ولعل أهم ما حصل هو توزع العروض على الشاشات التي يمكن التواصل معها في مدن الوطن، ومن أجمل ما شاهدت في رام الله هو العرض الذي قدمته سرية رام الله الأولى: قصة ساحة الورد التي أعادت للروح أيام زمان فأبدع أعضاء السرية في لوحة لمدة ساعة كاملة، جعلتني بعد العرض أعانق الصديق خالد عليان مهنئاً على هذا الإبداع والانجاز.

وفي البيرة توأم رام الله السيامي، أفتتح معرض فلسطين الدولي للكتاب بمشاركة رائعة وضخمة من دور نشر عربية مختلفة، وكم كنت سعيدا وأنا أجول ثلاثة طوابق من صالات متنـزه البيرة غصت بالكتب وأسماء دور النشر العربية، حتى شعرت لوهلة أني تحت إطار دولة مستقلة وليس تحت احتلال بغيض,

وإن آلمني الغياب الكبير في مهرجانات السينما من قبل العاملين في هذا المجال، فلم نرى معظمهم كالعادة إلا في حفل الافتتاح، وبعدها غابوا بدون الاستفادة من مهرجان ضم كماً هائلا من أفلام قد تشكل لهم فرصة ضخمة للاستفادة والاطلاع على تجارب الغير، إلا إذا اعتبر قسم منهم أنهم قد ختموا العلم وليسوا بحاجة إلى المزيد.

خضوري

قبل سنوات وضمن برامج وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، أوجدت الوزارة قسما للتربية التكنولوجية، وقد بادرت جامعة فلسطين التقنية خضوري في طولكرم، إلى استحداث هذا المنهاج الهام في كلياتها، وتخرج فوج من الطلبة والباقي على الطريق، ليجدوا أن الوزارة لا تعينهم كمدرسين لهذه المادة، وتأخذ من تخصصات ثانية للتدريس لنفس المادة، وكونهم درسوا هذه المادة بالذات ولا مجال لها إلا التعليم، فقد أصيب الطلبة بخيبة أمل كبيرة استدعتهم لتنظيم العديد من الاحتجاجات السلمية والحضارية، مطالبين بحقوقهم بأن تكون لهم الأولوية لتدريس هذه المادة كما كان الحديث من الوزارة، وإن كانت الوزارة لا تريد هذا التخصص في الجامعات، فلتعمل على وقفه وحل مشكلة الطلبة الحاليين، حتى لا يضخ لأسواق البطالة أعداد أخرى، فالتخطيط السليم فقط هو الذي ينجح العملية التربوية، في ظل أحاديث هائلة عن مستوى التعليم الحالي، فهلا بادرت وزيرة التربية والتعليم باتخاذ القرار المناسب وحماية الطلبة الخريجين والطلبة القادمين؟

صباح آخر واستعداد للسفر خلال ساعات، أجول في دروب رام الله المحببة وأتنشق ياسمينها العبق، أعود لصومعتي لوداعها بما أكتب، أحتسي قهوتي مع طيفي البعيد القريب الذي يسكن القلب والروح والنفس، آه يا طيفي الحلو الشقي كم أفتقدك في هذا الخريف الجميل، فأشرب القهوة مع شدو فيروز ككل صباح وعيناي ترنوا للقدس:

كان في أرض وكان في أيدين عم بتعمر تحت الشمس و تحت الريح وصار في بيوت و صار في شبابيك عم بتزهر، صار في ولاد و بأيديهم في كتاب، وبليل كله ليل سال الحقد بقية البيوت، والايدين السودا خلعت الأبواب، و صارت البيوت بلا صحاب، بينن وبين بيوتن فاصل الشوك والنار والايدين السودا، عم صرخ بالشوارع.. شوارع القدس العتيقة خلي الغنية تصير عواصف و هدير، يا صوتي ضلك طاير زوبع بهالضماير، خبرهن عللي صاير بلكي بيوعى الضمير.

صباحكم أجمل.

رام الله المحتلة 19\11\2008




مدونة أطياف متمردة

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-12-2008, 04:58 PM رقم المشاركة : 274
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

الأربعاء,كانون الأول 03, 2008



صباحكم أجمل \ آه يا شام - يوميات دمشقية1

من جوار قلعة دمشق

بعدستي





صباحكم أجمل \ آه يا شام

يوميات دمشقية "1"

زياد جيوسي


.. وأنا العاشق الذي ودع حبيبته، فأرخت رام الله جدائلها على كتفي صبيحة الأربعاء قبل أسبوعين من اليوم، ودّعتني بكل الحب الذي اعتادت أن تغمرني به، قبلت وجنتاي، أمسكت بيدي وجالت معي الدروب، احتضنتني تحت شجرة بركة في شارع النـزهة، قطفت لي زهرات ياسمين من ياسمينات متعربشة على الحيطان، حملتني إياها لأزرعها في مفارق شعر الحبيبات الأخريات، وما أن أنهيت كتابة مقالي صباحكم أجمل\ سماح يا بلد، حتى رافقتني لتودعني من دوار المنارة، لتسلمني في مساء نفس اليوم إلى المحبوبة الأخرى، مدينة الهوى عمّان، فأقدم لها زهرات ياسمين راميّة، فتلفني بعباءة ليلها القمري، تحتضنني وتوصلني إلى بيتي وأسرتي.

ما هي إلا يومين في حضن عمّان الدافئ حتى كانت تمسك بيدي وترافقني وزوجتي إلى الحدود السورية، إلى مدينة الحُلم كما يسميها صديقي القاص الجميل ناصر ريماوي، إلى الشام حيث عانقت المعشوقة التي غبت عنها زمنا زاد عن اثنان وثلاثون عاما بثمانية شهور، الشام ولقاء بعد فراق، لقاء عاشق كان يقف أعلى ماسيون رام الله، ليخاطب بآهات الهوى قاسيون دمشق، فكان لقاء الروح بالروح، الحبيب بالحبيبة، العاشق بالمعشوقة، فنثرت زهرات الياسمين الراميّة على مفارق شعرها الجميل.

أجمل ما في معشوقاتي الأربعة، رام الله وعمّان ودمشق وبغداد، أن لا إحداها تغار من الأخرى، كلما كنت في أحضان إحداها، عملت أن تذكرني بالأخريات وتذكي نار الشوق، وما أن اجتازت السيارة الحدود السورية باتجاه دمشق، ونحن نجلس في المقعد الخلفي للسيارة وزوجتي وحدنا، حتى بدأت قطرات المطر تتساقط، بعد أن رافقتنا شمس مشرقة من عمّان حتى الحدود، فابتسمت وأنا الذي يتطهر برذاذ المطر، وهمست لزوجتي: هي الشام تستقبلنا بالخير كعادتها، وكأنها تسعى لغسل مرارة الفراق الطويل الطويل.

آه يا شام.. تعالي لنستعيد معا الذاكرة، تعالي لنتعانق ونجدد قصة حب نسجناها معا منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي حتى بعيد منتصفها، سنوات قضيتها أتجول بين أحضان محبوبات ثلاث، عمّان والشام وبغداد، وعيناي ترنوا إلى رام الله التي اجتثني الاحتلال منها في حرب حزيران، لكن جذوري بقيت هناك، فمن يستطيع أن يقتلع جذور السنديان؟

وصلنا تحت رذاذ المطر إلى فندق برج الفردوس قرب ميدان الصالحية، اتصلنا بأصدقاء لنا نعلمهم بوصولنا، وما هي إلا أقل من نصف ساعة حتى كان صديقنا الرائع المضياف أبو محمد والمعروف بلقب أبو دركل قد وصلنا غاضباً معاتباً بعد اللقاء الحار، كيف ننـزل بفندق وهو موجود في دمشق، فأنا لم التقيه منذ أواخر العام الف وتسعماية وخمس وثمانون إلا عبر الهاتف، وأصر مقسما أغلظ الإيمان أن لا نبقى سوى ليلتنا الأولى كوننا كنا قد دفعنا للفندق، وتركنا لنرتاح وقد واعدنا أن يعود في المساء، وفي هذه اللحظات كانت صديقة الحرف الرائعة الكاتبة والباحثة إيمان ونوس تتصل بنا، لتواعدنا على الحضور في الخامسة مساء، ولم يكن تبقى من الوقت إلا أقل من ساعتين، فخرجنا بدون أن نفكر بالراحة، كنت على شوق للقاء الصالحية التي كانت نقطة تواجدي اليومي في أوائل سبعينات القرن الماضي، فقد عرفتني مسارحها ودور السينما فيها، وعرفني مقهى الفاروق الذي أودى به الزمن في تلك الفترة، حين كنت أحتل زاوية منه مشرفة على الشارع، وأبدأ بالقراءة بكتاب اشتريته من بسطات الكتب التي كانت تنتشر على الأرصفة وفي الزوايا، أو أن أتجول في الدروب لتلتقط عدستي ما تراه، وإن كان يؤلمني أنني أضعت المئات من تلك الصور، التي كانت بالأسود والأبيض قبل عهد الألوان، في رحلة الشتات والمنافي، فأشعر أني فقدت مرحلة من عمري وذاكرة مدن حرصت أن أوثقها بالصورة ومخطوطات أولية.

وكما أنا كانت زوجتي بشوق أيضا، فهذه هي المرة الأولى التي يجمعنا السفر فيها منفردين بعد ما يقارب الثلاثون عاما، وهي لم تعرف الشام إلا مرورا منها، مرة إلى بيروت ومرة إلى تركيا، وكل ما في ذاكرتها أحاديث حدثتها بها، أو مقالات كتبتها، فتجولنا من ميدان النافورة في أعلى الصالحية حتى محطة الحجاز، تبحث عيناي خلالها عن كل زاوية ومشهد ترك أثره على روحي في الماضي، واقترحت على زوجتي أن نتناول الغداء في مطعم أبو كمال الذي عرفته شابا صغيراً، وكان قِبلة الزوار بطيب طعامه وموقعه، وعُرف كثيراً في الأقطار المحيطة من خلال دعايته المتلفزة، في عهد كان التلفاز هو وسيلة التواصل الحديثة التي تلتف حولها الأسر والعائلات كل مساء، فتناولنا الغداء هناك وطلبت طبقاً من الخضار المشكلة التي تشتهر بها الشام، وعدنا للفندق لنلتقي إيمان ونوس صديقة الروح وتوأمها، فكان لقاءً جميلاً بعد تواصل سنوات عبر الكتابة والحرف، وقد فوجئنا أنها حضرت من بلدة بعيدة نسبياً اسمها "قطنه" تطل من بعيد على جبل الشيخ، مرافقة ابنها الشاب الجميل مختار، فأثر في روحي وروح زوجتي حضورها وتجشمها مشاق الطريق لتلتقينا بأول يوم من وصولنا، وسهرنا معا حتى الثامنة تقريباً في أحاديث شتى، ما بين الكتابة وذاكرة الشام وتذاكر أصدقاء قلم مشتركين، بعضهم عرفناهم مواجهة وبعضهم لم نعرفهم إلا عبر الحرف والتواصل الأثيري، وغادرتنا وقد سكنت منا الأرواح بعد أن أكدت على ترتيب زيارة للبلدة التي تقطنها.

حضر صديقنا أبو دركل وأخذنا لبيته في مخيم اليرموك لنلتقي مع أسرته الرائعة المضيافة، وشعرنا هناك من طيب الملتقى وبشاشة الوجوه وجمال الأرواح أننا نعرفهم منذ زمن طويل، وتوافد الأصدقاء الذين عرفوا بقدومنا إلى بيته للسلام علينا، فالتقيت بأصدقاء لم التقيهم منذ زمن طويل، ورفاق قدامى جمعني وإياهم مسيرة النضال في مرحلة قديمة قبل أن تختلف القناعات، وأعلن ابتعادي عن العمل الفصائلي والانتماء للوطن كل الوطن، ولكن الحميمية والشعور بالقرب بقي يلازم علاقاتنا ولو عن بعد، وكان أجمل لقاء هناك لقائي مع صديقي سمير كيالي بعد هذا العمر الطويل، فقد أخذته رحلة المنافي إلى بولندا، ولم نلتقي منذ ثلاثة وعشرون عاماً إلا في هذه الليلة، وبعد إصرار على العشاء غادرنا بعد منتصف الليل برفقة صديقنا المضياف الذي أصر أيضا أن يوصلنا للفندق، ومصراً أن يحضر في الصباح ليأخذنا من الفندق إلى شقة صغيرة وجميلة جهزها لنا لتكون مقر إقامتنا طوال وجودنا بدمشق، رافضاً منا أية أعذار فأصبحنا عاجزين عن الشكر أمام هذا الكرم وطيبة الخلق، حسن الاستقبال والوفاء لصداقة قديمة لم يزعزعها الزمن.

صباح عماني مشمس يفتقد الغيوم والمطر، عدت صبيحة الأمس وزوجتي حاملين كل محبة لكل من التقيناهم ولكل درب وياسمينة متعربشة على جدران الشام، حروف خمسة وطيف جميل ترافقني مع فنجان القهوة كما رافقت روحي في رحلة الأيام الدمشقية التي سيكون لها رحلة طويلة مع الكتابة، فيروز تشدو:

" قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب، شآم من أنت؟ أنت المجد لم يغب، إذا على بردى حور تأهل بي، أحسست أعلامك اختالت على شهب، شآم ما المجد؟ أنت المجد لم يغب..".

صباحكم أجمل.

عمّان الهوى 3\12\2008


مدونة أطياف متمردة

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-12-2008, 09:19 PM رقم المشاركة : 275
معلومات العضو
سامح عوده
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية سامح عوده

افتراضي مشاركة: صباحكم أجمل مع زياد الجيوسي

صديقي زياد ..

الحمد لله انك بخير وانا الان اطمئن عليك، لقد ذهبت هواجسي بعيدا
اليوم كنتُ في رام الله
وهي حزينة..

لذا انهيت المؤتمر
وغادرت ..
دون ان اقوم بجولتي المعتاده

ودي






sameho120@hotmail.com
http://www.dardasha.net/montada/uplo...1168087429.gif
مــــــــدونـــــــتي ...
sameho120@yahoo.com
[/b][/size][/center]
  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط