زاوية : صباحكم أجمل/ بقلم زياد الجيوسي - الصفحة 9 - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: جرد _قصيدة قصيرة_ (آخر رد :ناظم العربي)       :: بأعلامنا التحفي (آخر رد :ناظم العربي)       :: منكم العنوان (آخر رد :ناظم العربي)       :: وجبة (آخر رد :ناظم العربي)       :: هل تحب الليل؟ (آخر رد :ناظم العربي)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: العاصفة ..!! عبير هلال (آخر رد :عبير هلال)       :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :عبير هلال)       :: أين الحب !!!؟؟؟ (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، قصـــة... // أحلام المصري ،، (آخر رد :هشام نعمار)       :: يا غزة (بالعامية المصرية) (آخر رد :هشام نعمار)       :: معايدة للجميع وغزة في الطليعة (آخر رد :هشام نعمار)       :: إبليس ينشط :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، رسالةٌ إلى البحر.. // أحلام المصري ،، (آخر رد :دوريس سمعان)       :: تراتيل عاشـقة .. على رصيف الهذيان (آخر رد :دوريس سمعان)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ ⟰ ▆ ⟰ الديــــــوان ⟰ ▆ ⟰ ▂ > ⊱ عناقيد من بوح الروح ⊰

⊱ عناقيد من بوح الروح ⊰ للنصوص التعاقبية المتسلسلة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-02-2008, 02:08 PM رقم المشاركة : 201
معلومات العضو
إيمان أحمد ونوس
عضو اكاديميّة الفينيق
سوريا

الصورة الرمزية إيمان أحمد ونوس

افتراضي صباحكم أجمل مع زياد جيوسي

بفارغ الصبر صديق روحي وتوأمها.. أنتظر صباحاتك الرائعة
وهذا الصباح الثلجي اناصع هنا في مكان إقامتي والذي حادثته وأنشدت له أثناء رحلتي للعمل
فتذكرت أبيات الشاعر رشيد أيوب عندما أنشد للثلج فقال:
يا ثلج قد هيّجت أشجاني
ذكرتني أهلي وأوطاني
بالله قل عني لجيراني
ما زال يرعى حرمة العهد
يا ثلج قد ذكرتني أمي
أيام تقضي الليل في همي
مشغوفة تلتذ في ضمي
تحنو عليّ مخافة البرد
يا ثلج قد ذكرتني الوادي
مترنما لغديره الشادي
كم قد جلست بحضنه الدافي
وكأنني في جنة الخلد
حتى أنني صديقي أنشدتها وانا أسير إلى عملي برفقة ابنتي الكبرى" إيناس"
وتذكرت كل مهجّر( قسراً أو إرادة) في تلك اللحظة كيف يعتمل الحنين بداخله وروحه لكل أشياء ورموز الوطن( ترابه، سماءه، هواءه، وووووووو) وحتى أبشع الأشياء يُصبح لها معنى آخر قريب للجمالية منها للبشاعة.
فلا تحزن توأم الروح، جميعنا مهجرون من بلداننا، قد يبدو الأمر ظاهرياً أنها هجرة إرادية، لكنها في واقع الحال وحقيقته هجرة قسرية غير مرئية، لأننا لم نجد في بلداتنا لا عمل ولا مكان يليق بنا، فآثرنا الرحيل محصنين ببعض الذكريات، مشحونين بالحنين الدائم للأهل والأصدقاء، وأماكن اللعب، والحب الأول...وووو
ومادمنا في بلاد لا تعترف بحقوق أبنائها، سنبقى صديقي مهجرين بشكل قسري أو لإرادي ظاهر...
وكم أتوق لسماع ذكرياتك عن دمشق- الشام-
ولتبقى ذاكرتك الحيّة، نابضة أبداً بأجمل وأحلى الذكريات
وإن شاء الله فرجك قريب، ولقاء أهلك يُنسيك مرارة البُعاد...
ودامت لنا صباحاتك الفرحة والنقية كما روحك الطيبة...






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-02-2008, 01:22 PM رقم المشاركة : 202
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامح عوده مشاهدة المشاركة



لا .. ( يوجد .. ) ..

أجمل ( من .. ) .. صباحات الجيوسي
وهي تطوف بنا الدروب .. ( وتعبر .. ) .. بنا الطرقات
وهي تحكي لنا .. ( حكاية .. ) .. الوطن .. وتروي لنا تفاصل
الوقت ..
والفصول ..







ايا سامح
هي كما تقول:
"حكاية الوطن"
قصة شعب وذاكرة وطن
تمتد ما بين تلال سبعة عمانية ورام تسكن الروح
تجول المنافي والشتات
هي الحكاية
الحلم
الصباح الأجمل
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-02-2008, 01:33 PM رقم المشاركة : 203
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان أحمد ونوس مشاهدة المشاركة
بفارغ الصبر صديق روحي وتوأمها.. أنتظر صباحاتك الرائعة
وهذا الصباح الثلجي اناصع هنا في مكان إقامتي والذي حادثته وأنشدت له أثناء رحلتي للعمل
فتذكرت أبيات الشاعر رشيد أيوب عندما أنشد للثلج فقال:
يا ثلج قد هيّجت أشجاني
ذكرتني أهلي وأوطاني
بالله قل عني لجيراني
ما زال يرعى حرمة العهد
يا ثلج قد ذكرتني أمي
أيام تقضي الليل في همي
مشغوفة تلتذ في ضمي
تحنو عليّ مخافة البرد
يا ثلج قد ذكرتني الوادي
مترنما لغديره الشادي
كم قد جلست بحضنه الدافي
وكأنني في جنة الخلد
حتى أنني صديقي أنشدتها وانا أسير إلى عملي برفقة ابنتي الكبرى" إيناس"
وتذكرت كل مهجّر( قسراً أو إرادة) في تلك اللحظة كيف يعتمل الحنين بداخله وروحه لكل أشياء ورموز الوطن( ترابه، سماءه، هواءه، وووووووو) وحتى أبشع الأشياء يُصبح لها معنى آخر قريب للجمالية منها للبشاعة.
فلا تحزن توأم الروح، جميعنا مهجرون من بلداننا، قد يبدو الأمر ظاهرياً أنها هجرة إرادية، لكنها في واقع الحال وحقيقته هجرة قسرية غير مرئية، لأننا لم نجد في بلداتنا لا عمل ولا مكان يليق بنا، فآثرنا الرحيل محصنين ببعض الذكريات، مشحونين بالحنين الدائم للأهل والأصدقاء، وأماكن اللعب، والحب الأول...وووو
ومادمنا في بلاد لا تعترف بحقوق أبنائها، سنبقى صديقي مهجرين بشكل قسري أو لإرادي ظاهر...
وكم أتوق لسماع ذكرياتك عن دمشق- الشام-
ولتبقى ذاكرتك الحيّة، نابضة أبداً بأجمل وأحلى الذكريات
وإن شاء الله فرجك قريب، ولقاء أهلك يُنسيك مرارة البُعاد...
ودامت لنا صباحاتك الفرحة والنقية كما روحك الطيبة...
ايمان عيون اليمامة وتوأم الروح وصديقتها
هي بلاد موحدة بالهم والجغرافيا والمناخ، وهو لقاء أربعائي يدخل في الماضي والحاضر والحلم القادم بالحرية، يوحدنا الهم ويوحدنا الفرح أيضاً، وتوحدنا أبيات شعر ننشدها تخاطب منا الروح.
جميعنا يا صديقتي نبحث في أوطاننا عن وطن، جميعنا نعاني من هجرة داخلية وخارجية، وجميعنا نعاني من البحث في دواخلنا ومقارنة حلمنا بالوطن الذي نحيا، هكذا هي الأرواح المرتبطة بالتراب وفيء الزيتون وعبق الياسمين، لا يمكنها الصمت أمام الغربان التي تصر على تشويه الجمال بنعيقها.. الحرية الفردية قاب قوسين أو أدنى ولقاء أهل طال انتظار لقائهم، لكن الحرية الكبيرة بالحرية لوطن محتل ما أحلم، وحرية أكبر لوحدة وطن من خليجه لمحيطه ما أنشد، فكم اتألم من تمزق الوطن وزيادة رقعة الاحتلالات وحكم العبيد الذين استمرئوا العبودية، وأحلم بحكم الأحرار الذين لا تنحني هاماتهم لعدو أو دولار..
أما الشام يا صديقتي فقد مرت في ذاكرة الوطن وصباحاته أكثر من مرة، والآن أسير بخط متصاعد في حديث الذاكرة حيث سأفصل تلك الأيام في الشام وما تركته من أثر على روحي..
سيكون اللقاء قريب يا صديقتي.. فانتظريني
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-02-2008, 01:44 PM رقم المشاركة : 204
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل \ ذاكرة الهوى والانتظار

الأربعاء,شباط 27, 2008


صباحكم أجمل \ ذاكرة الهوى والانتظار


شتاء رام الله 2008
"بعدستي الشخصية"

[img][/img]

صباحكم أجمل \ ذاكرة الهوى والانتظار

صباحك أجمل يا رام الله بعد أيام جميلة من المطر، صباحك أجمل وأنت تفتحين ذراعيك للربيع القادم، وأنا انظر في تجوالي اليومي بشائر الربيع والأزهار التي بدأت تتفتح والمساحات المكسوة بالعشب الأخضر الجميل، مشاعر مختلفة تجول في روحي وأنا أجول بين الدروب وجمالها، أقف في أكثر من نقطة تطل على الغرب فأرى البحر حين يصفو الجو، وأملأ صدري من نسائم تهب مع الريح الغربية معبقة ببحر يافا وحيفا وعكا، فأهمس لروحي، لقد طال البعد يا وطناً يسكن منا الروح والنفس.
بعد انتظار طويل قارب الأحد عشر عاماً من تاريخ عودتي للوطن، وبعد رفض أمني متكرر من سلطات الاحتلال، نلت الموافقة أخيراً على بطاقة الهوية الفلسطينية، ومنذ يوم الخميس الماضي بدأت نقطة تحول كبيرة في حياتي، بدأت في إجراءات استخراج بطاقة الهوية، تلقيت المئات من الاتصالات الهاتفية والرسائل عبر الشبكة العنكبوتية تهنئني، تلقيت العشرات من الزوار لصومعتي مهنئين، حتى أن نظام حياتي المعتاد تأثر بالكامل، لكني ما زلت أعيش تحت تأثير التناقض في المشاعر، وهذا يذكرني كيف حين نلت حريتي بعد خمسة سنوات اعتقال، واجهت مشكلة في التعايش مع جو الحرية، وبقيت فترة ما أن تغيب الشمس وأنا جالس في حديقة بيت أهلي أو في الشرفة، إلا ووجدت نفسي أدخل البيت فوراً، وكأنه موعد دخول الغرف في المعتقل، ولم أستطع أن أستوعب بسهولة البقاء لوقت طويل في استقبال وتوديع المئات من المهنئين ، مما سبب لي بفترتها نوبات من الصداع المزعج، وها أنا تنتابني نفس المشاعر بعد إحساسي أنني وبعد أن أضع البطاقة في جيبي، ربما يمكنني أن أتنقل بين المناطق المختلفة وأن أسافر أيضا بحرية، فيتغير نظام حياة استمر كل هذه السنوات.
والحقيقة أن الحصول على الهوية الفلسطينية كان هدف أصر عليه، وإن كانت البطاقة لا تغير في انتمائي شيئاً، فالوطن يسكن مني الروح، فمنذ عدت للوطن ودخلت بوابتة ، دأب الاحتلال على رفض الموافقة على الرقم الوطني وعلى لم الشمل وقام بسحب إقامتي وعدم تجديدها، حتى وصل هذا الرفض الأمني إلى ستة عشر مرة، ويمكنكم أن تقدروا كيف يمكن للمرء أن يبقى أسير مدينة لا يستطيع مغادرتها إلى أقرب قرية إلا بترتيبات وإجراءات عديدة، كيف يحرم من أسرته وأهله الذين يعيشون في الخارج، كيف يكون على أعصابه حين تدخل دوريات الخفافيش المدينة، وكيف يكون معرضا للاعتقال والتسفير في كل لحظة، رفضت المغادرة وأن أكون مع أسرتي، رفضت ذلك وقلت: أنا ابن هذا الوطن ولن أغادره، فأنا كالوطن سنديان ضارب الجذور فيه، ووجودي هو الشرعي وليس وجود الاحتلال، لذا سأبقى وأترنم بالأغنية القائلة: صامدون هنا صامدون هنا خلف هذا الحصار الرهيب، صمدت وتحملت حتى أن ابنتي الوحيدة تزوجت في الشتات ولم أحضر زفافها، والدتي منذ فترة بالمستشفى ولا أقدر أن أكون بجانبها، لكنه الوطن أغلى من الابن ومن الأم ومن الروح، كثيرون تساءلوا لما تبقى وبإمكانك أن تذهب لأسرتك وتعيش مع أسرتك وأهلك.. كنت أنظر لهم مستغرباً هذا الطرح وأقول لهم: صراعنا مع الاحتلال صراع وجود وإرادة.. فلا بد أن ينتصر الوجود في النهاية وتنتصر الإرادة.. فلا يجوز أبدا بعد هذه المسيرة الطويلة أن أحني هامتي، ولا يجوز أن أكتب عن الصمود والوطن وأخالف قناعتي بما أكتب.. أيها الأحبة جميعا.. إنها الإرادة وانه الوطن ولكل من عبروا عن فرحتهم بحصولي على بطاقة الهوية باقات من ياسمين رام الله وحبق الناصرة.. معكـم أبقى ومع صباحات الوطن ودوماً سأقول لكم.. صباحكم أجمل ولنحلم بيوم تمنح الهوية فيه لكل فلسطيني من خلال سلطة وطنية فلسطينية حرة في وطن حر وليس بموافقة الاحتلال، وللابنة جدل التي كتبت نصاً جميلاً تحت عنوان: صباحكم أجمل \هوية.. هوية، وقالت فيه من ضمن ما قالت: " إلى الأستاذ زياد جيوسي أباً وصديقاً...وجزءً من سماء الوطن.. أردت أن استعير كلماتك فقط فاستعرت ذكرياتك وهواجسك وهمومك، أردت أن أصمت طويلاً وأن أكف عن ثرثرتي، ولكن ماذا أفعل للورق الأبيض الذي يحاصرني وينتظر منحه بعض الروح، يا صديقي، أعتقد أنك قريبا ستسافر إلى عمان، ستعبر الجسر مع العابرين، وترى حدود الدولة التي ما كانت، وربما ستشعر بالحزن عندما يبدأ القتلة بالتلصص على أشياءك الحميمة، وتكتب من هناك شيئاً من الفرح الممزوج بحزن الابتعاد عن رام الله ولقاء الأهل، وتشتاق لتفاصيل الحياة اليومية هنا، وأنا سأشتاقك، وأكف عن حساب احتمال لقاءك صدفة في الصباح، ولكني أعلم أنك ستعود وتقضي صيفا مفعماً بالحيوية في رام الله، أردت أن أقول لك مبروك الهوية ولكل منا طريقته في التهنئة..."، أقول: يا جدل هي رام الله كانت وستبقى.
هي رام الله العشق الأول والأخير، لا أستطيع أن أتخيل وجودي خارجها بسهولة ولو بزيارة، وحين اتصلت بي الأخت جانيت ميخائيل رئيس البلدية مباركة لي قالت: نبارك لك لكننا لن نسمح لك أن تغيب عن رام الله، فقلت لها: وهل عن رام الله من بديل؟ ما الحب إلا للحبيب الأول.. فمن بين الأربعة مدن التي سكنتني من بين عشرات المدن التي عرفتها، كانت رام الله وعمان هي المتميزة والتي أحملها معي أينما كنت وذهبت، بحيث أن المدينتين تتمازجان في روحي بطريقة غريبة.
أقف لنافذتي في هذا الصباح المبكر والبارد بعد جولة قصيرة في المدينة، أقرأ في ديوان شعر للصديقة الشاعرة الرقيقة إيمان عرابي، أقرأ قصيدة الغريب بترنم ومتعة، ورغم قراءتي الديوان مرات عدة منذ أن وصلني منذ عدة أيام مزينا بإهداء بخطها الناعم ، ورغم قراءتي للقصائد العديد من المرات قبل أن تجمع بديوان أنيق، وكان لي مع بعض القصائد فيه قراءات متعددة، ومع باقي القصائد تعليقات عبر الشبكة العنكبوتية، إلا أني كلما قرأت فيه مجددا أجد فيه شيئاً جديداً آخر، فأعود لأوراقي التي خططت فيها مشروع قراءة في الديوان وأجري تعديلا من جديد.
أمتع روحي بموسيقى الحمامات وهديلها في زيارتها الصباحية لنافذتي، وتعود بي الذاكرة لحديث الطفولة في هذه المدينة قبل أن نغادرها على اثر هزيمة حزيران لعام 1967، فأستذكر كيف كانت وكيف أصبحت، حتى أني حين عدت إليها وبرفقة شقيقي جهاد، أتينا من نابلس وأوقفنا سيارته بجوار البيت الذي كنا نسكنه في سطح مرحبا، وسرنا على الأقدام من هناك كما كنا نفعل صغاراً، فجلنا حي الشَرفة مستذكرين كل بيت من البيوت القديمة التي كانت، وكل ذكريات طفولتنا في الشوارع التي نسير، ومارسنا طقوس كنا نمارسها أطفالاً، فأكلنا شطائر الفلافل من مطعم عبدو في شارع القدس، مستذكرين كيف كانت الشرطة تضطر لوضع شرطي ينظم الدور ويمنع إغلاق الطريق من المنتظرين أن يشتروا بعض من أقراص الفلافل، وسرنا في شارع الإرسال مستذكرين كيف كانت الأشجار تتشابك بين الرصيفين، وكيف أصبح الشارع يشكو قلة الشجر بعد أن نمت هذه البنايات الضخمة كالفطر الأسمنتي، وسرنا في شارع ركب بعد أن عبرنا ما كان يعرف بدوار المنارة والتي هدمها الاحتلال، وأعيد بنائها من جديد في عهد السلطة الفلسطينية، وإن كانت تماثيل أسودها الأصلية قد سرق بعض منها الاحتلال، ولم ننسى أن ندخل محل البوظة الذي منح الشارع اسمه، لنتناول أطباق منها مستعيدين مرور ما يزيد عن ثلاثين عاما بين الجلستين، وأكملنا المسير حتى قلب بيتونيا مارين بالمدرسة وبيتنا الذي سكناه هناك، عائدين لرام الله مستذكرين كل بيت وكل شجرة عرفناها أطفالا، متحدثين عن كثير من الطرائف التي جرت معنا، فجهاد يمتاز بذاكرة ممتازة لتذكر هذه الطرائف وإضفاء جو من المرح بالإضافات والزيادة عليها حتى يكاد يثيرني أحياناً، جلت وإياه كثيرا في ذلك اليوم وكأننا كنا نريد أن نختزل غياب ثلاثون عاما في يوم واحد، وكان قد تميز عني أنه تمكن من زيارتها قبلي فهو ممن عادوا بالدفعة الأولى للعسكريين والضباط بعد توقيع اتفاق أوسلو، ولم نترك مكانا له ارتباط بذاكرة الطفولة إلا وزرناه، فوقفنا أمام مبنى سينما الجميل الذي كان مغلقا بعد تحوله لمسرح السراج والذي تحول لاحقاً أثناء إقامتي برام الله إلى مسرح القصبة، ووقفنا أمام مبنى سينما دنيا الذي هدم لاحقا وينشئ الآن مكانه مبنى تجاري يحمل نفس الاسم، وأمام مبنى سينما الوليد المغلق حاليا بانتظار هدمه وتحويله لمجمع تجاري آخر، وأمام ما كان يعرف بمطعم نعوم وأغلق منذ زمن، والبردوني الذي ارتبط اسمه بتاريخ رام الله وهدم من شهور ليتحول أيضا لمشروع مبنى تجاري آخر، وفي دوار المغتربين "الساعة" والذي ما زال يا بلدية رام الله بدون ساعة رغم كل الوعود، وإن كان لمتنـزه بلدية رام الله وقفة خاصة ففيه ذكريات طفولة مشتركة كثيرة، فهذه هي رام الله الجمال والشجر والحجر التي كانت في الذاكرة ولم تزل تسكن الروح رغم كل المتغيرات فيها، فكيف يمكن أن تسهل مغادرتها والغياب عنها ولو لفترات قصيرة.
هي رام الله ببردها ودفئها وأمسياتها الثقافية والفنية، فمن معرض بالأمس في المركز الثقافي الفرنسي الألماني للفنان شريف سمحان المحاصر في غزة، والذي أعادتني لوحاته وصوره الفوتوغرافية إلى ذاكرة المخيم، إلى أمسية موسيقية في قاعة السكاكيني مهداة من أصدقاء المرحوم الشاب وجد زعرور لروحه، وجد الذي رحل وترك في الروح غصة وفي النفس وجدا، أمسية جددت الدمع في المآقي والحزن في النفوس عليه، فقد كان وجد الغائب الحاضر كما ستبقى ذكراه في نفوس كل من عرفه، إلى محاضرة في مكتبة بلدية رام الله عن مذكرات سالم الزعرور ومدينة رام الله بدعوة من نادي القراءة في بلدية البيرة، وتقديم من الباحث سميح حمودة، أضاءت لنا عن نظام الحياة في رام الله بفترة الثلاثينات من القرن الماضي، من خلال مذكرات غير منشورة، إضافة إلى العديد من نشاطات لم أتمكن من حضورها لسبب وآخر.
صباح آخر يا رام الله ويا حروفي الخمسة التي بدأت ساعة اللقاء تقترب بعد طول غياب، صباح آخر يا طيفي الحلو الشقي أنت البعيد القريب، وحلم لقاء يقترب أكثر وأكثر، فنجان قهوتنا الصباحي الواحد ولفافة تبغنا ورام الله وشدو فيروزكما اعتدنا تشدو لنا ككل صباح:
"يا طير يا طاير على أطراف ألدني لو فيك تحكي للحبايب شو بني، روح اسألهن علِي وليفه بيسمعوا ومجروح بجروح الهوى شو بينفعه، موجوع ما بيقول عا اللي بيوجعه وبتعن عا باله ليالي الولدنه، يا طير وآخد معك لون الشجر، ما عاد في إلا النطرة والضجر، بنطر في عين الشمس على برد الحجر، وحياة ريشاتك وأيامي سوا وحياة زهر الشوك وهبوب الهوا، كنك لعندهن رايح وجن الهوا خدني ولو شي دقيقة وردني".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 27\2\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-02-2008, 02:32 PM رقم المشاركة : 205
معلومات العضو
إيمان أحمد ونوس
عضو اكاديميّة الفينيق
سوريا

الصورة الرمزية إيمان أحمد ونوس

افتراضي صباحكم أجمل مع زياد جيوسي

كتب زياد:
(( وقلت: أنا ابن هذا الوطن ولن أغادره، فأنا كالوطن سنديان ضارب الجذور فيه، ووجودي هو الشرعي وليس وجود الاحتلال، لذا سأبقى وأترنم بالأغنية القائلة: صامدون هنا صامدون هنا خلف هذا الحصار الرهيب...
فلا يجوز أبدا بعد هذه المسيرة الطويلة أن أحني هامتي، ولا يجوز أن أكتب عن الصمود والوطن وأخالف قناعتي بما أكتب.. أيها الأحبة جميعا.. إنها الإرادة وانه الوطن ولكل من عبروا عن فرحتهم بحصولي على بطاقة الهوية باقات من ياسمين رام الله وحبق الناصرة.. معكـم أبقى ومع صباحات الوطن ودوماً سأقول لكم.. صباحكم أجمل ولنحلم بيوم تمنح الهوية فيه لكل فلسطيني من خلال سلطة وطنية فلسطينية حرة في وطن حر..))
لا أدري ما هو شعوري الآن صديق الروح وتوأمها..
لا أستطيع أن أصفه لك.. وأنا أقرأ صباحاتك هذا اليوم..
شعور عامر بالفرح.. وقلب كاد أن يدمع نيابة عن المآقي فرحاً لما يُفرحك صديقي..
هذا الصباح بالنسبة لي مغاير عن كل الصباحات السابقة التي كنت أنتظرك فيها..
صباح له لون وطعم ومذاق فرح آخر.. إنه صباح الحرية المنشودة لكل إنسان...
لا أجمل من هكذا صباح، أو من هكذا شعور..
وإن تركت في قلبي غصة على رحلتك مع رام الله.. وحبك لها.. وولعك بعصافير شباكك ينقودون الحب والأكل الذي تحضره لهم كل صباح..
ووريقات النعناع التي كانت تتمايل فرحة لارتشافك شاياً مضمخاً بعبقها...
من أعماق قلبي.. ومن أقاصي أقاصي الفرح المتفاعل الآن بروحي أقول لك ألف مبروك حريتك
وعودتك لأهلك وأسرتك.. ولتبقَ صباحاتك تعطر أجواءنا بالفرح الغامر الذي زرعته في أرواحنا طوال هذه السنين عبر تلك الصباحات الزيادية- الفيروزية- الرامية الله..
لك كل الفرح والحب والتهاني التي لا أستطيع أن أحملها أحاسيس روحي وعقلي تجاه هذا الخبر
فقط أستطيع أن أقول لك مبروك...






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-03-2008, 11:23 PM رقم المشاركة : 206
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان أحمد ونوس مشاهدة المشاركة
كتب زياد:
(( وقلت: أنا ابن هذا الوطن ولن أغادره، فأنا كالوطن سنديان ضارب الجذور فيه، ووجودي هو الشرعي وليس وجود الاحتلال، لذا سأبقى وأترنم بالأغنية القائلة: صامدون هنا صامدون هنا خلف هذا الحصار الرهيب...
فلا يجوز أبدا بعد هذه المسيرة الطويلة أن أحني هامتي، ولا يجوز أن أكتب عن الصمود والوطن وأخالف قناعتي بما أكتب.. أيها الأحبة جميعا.. إنها الإرادة وانه الوطن ولكل من عبروا عن فرحتهم بحصولي على بطاقة الهوية باقات من ياسمين رام الله وحبق الناصرة.. معكـم أبقى ومع صباحات الوطن ودوماً سأقول لكم.. صباحكم أجمل ولنحلم بيوم تمنح الهوية فيه لكل فلسطيني من خلال سلطة وطنية فلسطينية حرة في وطن حر..))
لا أدري ما هو شعوري الآن صديق الروح وتوأمها..
لا أستطيع أن أصفه لك.. وأنا أقرأ صباحاتك هذا اليوم..
شعور عامر بالفرح.. وقلب كاد أن يدمع نيابة عن المآقي فرحاً لما يُفرحك صديقي..
هذا الصباح بالنسبة لي مغاير عن كل الصباحات السابقة التي كنت أنتظرك فيها..
صباح له لون وطعم ومذاق فرح آخر.. إنه صباح الحرية المنشودة لكل إنسان...
لا أجمل من هكذا صباح، أو من هكذا شعور..
وإن تركت في قلبي غصة على رحلتك مع رام الله.. وحبك لها.. وولعك بعصافير شباكك ينقودون الحب والأكل الذي تحضره لهم كل صباح..
ووريقات النعناع التي كانت تتمايل فرحة لارتشافك شاياً مضمخاً بعبقها...
من أعماق قلبي.. ومن أقاصي أقاصي الفرح المتفاعل الآن بروحي أقول لك ألف مبروك حريتك
وعودتك لأهلك وأسرتك.. ولتبقَ صباحاتك تعطر أجواءنا بالفرح الغامر الذي زرعته في أرواحنا طوال هذه السنين عبر تلك الصباحات الزيادية- الفيروزية- الرامية الله..
لك كل الفرح والحب والتهاني التي لا أستطيع أن أحملها أحاسيس روحي وعقلي تجاه هذا الخبر
فقط أستطيع أن أقول لك مبروك...
توأم الروح ايمان وصديقتها
مرة أخرى معك ومع صباح يحمل في ثناياه حرية افتقدتها احد عشر عاما، وشعرت
بفرحك يغمرني ويعبق مع كل ياسمينات رام الله ويجول طرقاتها والدروب، فشكرا لك يا صديقتي هذه المشاعر الطيبة
والجميلة، بالتأكيد للحرية استحقاقاتها، لكنها بالتأكيد لن تبعدني عن رام الله الا ببعض الزيارات، لكني سأمتلك هامش أكثر من حرية الحركة..
سيتاح لي أن التقي اهل فارقتهم طوال هذه السنوات، أصدقاء رافقوا مسيرة حياتي أشتاق اليهم، وربما
يتاح لي أن أزور مدنا أحن اليها في الوطن وخارجه
هي أحلام كثيرة وحب يبقى.. وحوض النعناع يبقى مزهرا والحمائم والعصافير تبقى تجد طعامها، فقد أوصيت من يهتم بها حين تحين لحظة الحرية والحركة.
يا صديقتي.. كم أشكر لك هذه المشاعر الجميلة، ومن يدري لعله يتاح لي أن أزور دمشق ونلتقي.
بمودة واحترام
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-03-2008, 11:26 PM رقم المشاركة : 207
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل \ الكرامة غضب والمحبة غضب

الأربعاء,آذار 05, 2008


صباحكم أجمل \ الكرامة غضب والمحبة غضب


دوار الساعة في رام الله ليلاً
"بعدستي الخاصة"

[img][/img]

صباحكم أجمل \ الكرامة غضب والمحبة غضب

في الأيام الماضية وحين كنت أمارس جولة العشق الصباحية والمسائية لرام الله، وحين كنت أقف بجوار كل ياسمينة وصنوبرة عتيقة، وحين كنت أتفقد الشجيرات التي زرعتها البلدية في الأنحاء لأطمئن عليها أثناء تجوالي، وأحاول أن أُقَوم ما أراه قد أنحنى منها، بفعل المطر والرياح الغربية، وأحفظ مواقعها لأبلغ البلدية لتهتم بها، كنت أشعر بالأشجار تبكي، وبالياسمينات التي "تتعربش" على الحيطان تسكب الدمع، حتى ياسمينتي الغالية الواقعة مقابل المقاطعة، والتي نشأت بيني وبينها قصة عشق خاصة منذ عدت إلى رام الله، شعرتها تبكي، وعذرا من الأعزاء إميل وحنان عشراوي، على إصراري أن تلك الياسمينة لي أنا وهي تتعربش جدران بيتهم الجميل، وهم من يعتنون بها ويدللونها، شعرت بها تبكي وهي ترقب ما يجري، فهذه الياسمينة التي كانت تصر في فترة حصار الرئيس الشهيد، أن تزود المحاصرين بشذاها، فتغَير من رائحة البارود والقذائف قليلاً وتشد من أسر المحاصرين، لا تستطيع أن توصل شذاها للذين يحترقون في غزة.
كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز الألم ويكتب؟ هذا هو السؤال الذي كان يجول في داخلي طوال الأيام الماضية، فقد كنت أحترق مع غزة، أحترق مع كل قذيفة ورصاصة، أحترق مع من يحترقوا، مع الأطفال والشباب والنساء والرجال، فالجسد واحد مهما لعبت السياسة والمصالح من خلق تفرقة وتمزيق، وكما قلتها سابقاً: الدم حين يسيل في غزة يصل رام الله، والدم الذي يسيل في رام الله والضفة يسكب نفسه في غزة.
جريمة ومجزرة ومحرقة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يدفع شعبنا ثمنها من دمه، وفي الوقت الذي يقف فيه الأحرار من العرب والعالم وقفة شعبية كبيرة بجانب شعبنا، وفي الوقت الذي يتساقط فيه أبناء شعبنا بالعشرات، والدماء تسيل في الشوارع، وأرواح الشهداء تحلق في سماء الوطن، وأنات الجرحى تتعالى، نجد الساسة الأشاوس يتراشقون بالاتهامات، ونجد أن الصراع الداخلي هو ما سيطر على حياتنا، في الوقت الذي كان فيه طيران العدو يسيطر على الأجواء، ودم الشهداء ما زال يروي الأرض حتى اليوم صباحاً، وبدلا من أن يوحدنا الدم المراق والأطفال الذين سقطوا بغير ذنب، وجدنا الساسة يمارسون كل قرف يمكن أن يتخيله ولا يتخيله إنسان، ووجدنا الفصائلية تطغى من جديد، فلا سامح الله ولا دماء الشهداء ولا الزيتون كل من يجد في سيل الدم المراق وسيلة لتحقيق أهدافه الخاصة، وإن كنت أخشى على غزة قبل الآن، فقد أصبحت أخشى الآن على وطن بأكمله ، فقد بدأت أشتم رائحة عفنة منذ قبل الهجوم القذر على غزة، وتصاعدت هذه الرائحة في اليومين الأخيرين، مما ينذر بتكريس تقسيم الوطن فعلياً، وتكريس جهتين متصارعتين يفاوضهما العدو، فنعود لقصة القرد وقطعة الجبنة والهرتين، فالقرد قضم قطعة الجبن قطعة قطعة، في ظل صراع الهرتين على قسمتها.
ليلة الأمس فارقني النوم وأنا من اعتاد النوم المبكر، لم أشعر بالوقت وهو يمر، حتى نبهني صوت شعرته قادم من داخلي، ليقول لي: الساعة قد تجاوزت الواحدة وأنت لم تنم بعد، ومع ذلك تأخرت وأنا أتقلب في سريري قبل أن أنام، فلا بد أن أصحو مبكراً، فما زلت كعهدي أنتظر الشمس كل صباح لأعانقها، وأتمتع بصوت هديل الحمام على نافذتي، فجالت روحي مع روحي، في رحلة ذكريات واستذكار، فجلت بيروت وصيدا، وتنقلت من العرمون حتى مرج عيون، وادي الزرقاء في تونس والقصبة في الجزائر، جلت بغداد وشوارعها، عمان التي أهوى، تمشيت على الدانوب في بلغراد مترنما مع موزارت بسيمفونيته "الدانوب الأزرق"، صعدت قاصيون وحضنتك هناك يا أملي، غمرتنا الروح الإنسانية وحلقت أرواحنا، فلا أجمل من روح الإنسان الحقة، ولا أجمل من الإنسانية، فمتى يمكن للبشر أن يصلوا لمرحلة الأنسنة الحقة، فتسموا الأرواح عن المصالح، وتجول الروح في حرش صنوبر وجمال.
أعود لجمال الذكرى والطفولة، أعود لرام الله قبل أن نغادرها إثر هزيمة حزيران، فتعود إلى الذاكرة صورة مخيم الجلزون، الذي كان يقطن به خال لوالدتي، وكنت أحب زيارته، فالخال كان طيب جدا، وفي المخيم أشعر بالحرية والانطلاق، ومع ابن خال والدتي الذي يقاربني بالعمر، وإن كان يتفوق عليّ "بالشيطنة" كنا نقضي الوقت سوياً، وحين أعود لبيت أهلي كانوا يحتاجون الكثير من الجهد لإعادة سلوكي إلى ما كان عليه.
جاء حزيران والحرب والهزيمة، كانت نذر الحرب وسحبها تطغى على الأحداث، وكانت "الجعجعة" العربية تنطلق في الأجواء، هذه "الجعجعة" التي دفعت جدتي رحمها الله وكانت في زيارة لنا، لأن تبدأ بالحديث صبيحة الحرب عن ماذا ستفعل حين تعود لبلدتها "السافرية" المحتلة منذ النكبة، وتبدأ بتقديم اقتراحات لوالدتي عن أنسب المناطق لبناء بيت لنا والاستقرار في الوطن الذي ظنت أنه سيتحرر، ولم يدر في الخلد أن باقي الوطن وأجزاء من دول شقيقة ستطير أيضا، وأننا سنعاني للعثور على بيت يضمنا في عمان مع والدي، بدلاً من أن نعود للوطن الذي أغتصب ومازال مغتصباً.
وفي صبيحة المعركة غادرنا الوالد حين سمعنا عن بدء المعارك بالمذياع، لبس لباسه العسكري واتجه لموقعه في بيت لحم، وبقينا نحن لوحدنا مع الوالدة، ولن أتحدث كثيراً عن تلك الأيام، فقد سبق أن تحدثت عنها في نص سابق في ذكرى حزيران من العام الماضي، بنص بعنوان: "صباحكم أجمل/ ذاكرة حزيران"، وفي نص آخر بعنوان"حديث الذكريات.. متى نحتسي القهوة في روابي عمان"، ولكن ما أحب أن أشير إليه هو أني وبعد أن عدنا للبيت من البراري والكهوف بعد توقف الحرب، وكنت ما زلت في عامي الثاني عشر وثلاثة شهور لا غير، ذهبت سيراً على الأقدام إلى بيت حنينا في ضواحي القدس رغم منع التجوال، فمن كان سيأبه بطفل يخالف قرار منع التجوال، لأفتش عن والدي الذي كان مصيره مجهولا إن كان عند أقرباء لنا هناك، ومن هناك وصلت إلى القدس التي لم أرى في شوارعها إلا جنود الاحتلال والمتدينين اليهود أصحاب الجدائل واللباس الأسود، جلت القدس برفقة أحد أقراني من أقربائنا البعيدين وكأني أودعها فلم ألتقيها بعدها، وما زلت أحلم أن أصلي في أقصاها وأن أزور قيامتها وأجول في شوارعها العتيقة.
صباح آخر في رام الله، أخرج من صومعتي مبكرا كالعادة، أسير في شارع المستشفى، أصل لدوار الشباب ومن هناك مروراً من أمام مؤسسة قطان، أمر من أمام مقبرة الماسيون، أترحم على من دفنوا هناك، وأواصل السير إلى طريق رافات حتى أصل إلى الفندقين الراقيين هناك، فأتذكر صديقي الكاتب والباحث أحمد القاسم القاطن هناك، فأبتسم وأقول لو كنت احمل رقم هاتفه لهاتفته ليفيق من نومه إن كان ما زال نائماً لنحتسي قهوة الصباح معاً، وأعود ذات الطريق لصومعتي، لأحتسي القهوة مع روح طيفي ومع أملي، ممنياً روحي بلقاء قريب، أستمع لفيروز تشدوا لنا:
"بقولوا صغير بلدي بالغضب مسور بلدي، الكرامة غضب والمحبة غضب، والغضب الأحلى بلدي، ويقولوا قللا ونكون قللا، بلدنا خير وجمال، ويقولوا وشو هم يقولوا شويت صخر وتلال، يا صخرة الفجر وقصر الندي، يا طفل متوج على ألدني.. يا بلدي، ياصغير.. بالحق كبير وما بيعتري.. يا بلدي".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 5\3\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 19-03-2008, 12:15 PM رقم المشاركة : 208
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل\ شجر لا يرحل

الأربعاء,آذار 19, 2008


صباحكم أجمل\ شجر لا يرحل


مركز خليل السكاكيني في رام الله
"بعدستي الشخصية"



صباحكم أجمل\ شجر لا يرحل

صباح الدفء والحنان يا رام الله، صباحك أجمل وأنت تمنحين الشمس قبلة الفجر الجديد، وتحلمين بصباح أجمل وأبهى، صباحك جميل كما أنت في غاية الجمال، صباحك رقيق وناعم تشدو فيه الحمائم والعصافير على نافذتي، رغم لسعات برد آذار يبقى لرام الله صباح جميل ومساء له نكهة خاصة، ففي الحالتين يكون لهدوء الشوارع رونقا خاصا، ولكن الصباح بهدوئه يبقى الأجمل، أما المساء في رام الله فله طعم تستر العاشق عن العيون، ففي مساء الأمس جلت كثيرا في شوارع ودروب رام الله، بعد أن حضرت حفلا غنائيا لمطرب فرنسي كبير في السن وشاب في الأداء، بأغاني هادئة على عزف ناعم على الجيتار ومرافقة عزف أكثر نعومة على الكمان، الفنان اسمه "جاك يفارت" بمناسبة الاحتفال "بعيد الفرنكوفوني" كان الحفل بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي الذي يشهد له بعهد مديره الجديد السيد فيليب، أنه تمكن من استقطاب عدد كبير من عاشقي الفن والشعر والفنون في أمسيات متعددة، في الوقت الذي تراجع أداء العديد من مراكز محلية كان لها دور لا يخفى في رفعة الثقافة والفن، وإن كنت أشهد لمركز السكاكيني في عهد مديره الجديد الصديق عبد المعطي الجعبة، أنه يحاول العودة إلى سابق عهد السكاكيني، حين كان منارة مشعة للثقافة والفن، ومقصدا لكل من يهتم بالثقافة والأدب والفن والموسيقى، والحقيقة ورغم البعض من الملاحظات حول نشاط المركز الثقافي الفرنسي الألماني، والتي سمعت بعضها وقرأت بعضها من خلال مقالات لكتاب أحترمهم، إلا أني أحب أن أشير أن التبادل الثقافي بين الدول يتركز عادة من خلال هذه المراكز، وبالتأكيد أن كل دولة تحاول أن تنشر أو تُعَرف عن ثقافتها، والجمهور الواعي هو من يمكنه أن يميز الغث من السمين، أما الدعوات لمقاطعة برامج ثقافية وفنية بناء على موقف سياسي لهذا السياسي أو ذاك، فأراه موقفا قاصراً ولا يسعى إلا إلى زيادة عزلتنا عن العالم، وبدلا من أن نلوم الغير فالأجدر أن نلوم أنفسنا على قصورنا، وأذكر في الأمسية الشعرية للصديق عبد السلام العطاري والتي غصت بالجمهور في المركز الثقافي الفرنسي، أنه وقبل أن يبدأ بإلقاء قصائده أنه قال: إننا وإذ نقدر فرنسا على وقوفها في وجه النازية، وعلى العديد من مواقفها الطيبة مع قضيتنا الوطنية، إلا أننا نستغرب وندين موقف فرنسا بدعوة إسرائيل لتكون ضيف شرف في معرض كتاب في باريس، ورد مدير المركز قائلا: ونحن نتفهم موقفكم وفلسطين ستدعى لتكون ضيف شرف بأكثر من مناسبة قادمة أيضاً، وهذا دلالة أنه يمكن من خلال هذه الأمسيات لشعراء وكتاب أن يبرزوا الدور النضالي لشعبنا وأن يعلنوا عن مواقفهم، وبالتالي يمكننا أن نكسب العديد من الأصدقاء في العالم، وفي أمسية العطاري الشعرية حين القى قصيدته "دوثان" قام بالشرح الكامل عن تاريخ دوثان وارتباطه بفلسطين منذ عهد كنعان قبل أن يلقي قصائده التي ترجمت للفرنسية أيضا، كما ترجم كلامه للفرنسية بحضور عدد كبير من الفرنسيين وحملة الجنسيات الأخرى.
في الأربعاء الماضي لم يطاوعني قلمي لكتابة مقالي الأسبوعي، فالظروف النفسية التي خلفتها محرقة ومجزرة غزة كانت كبيرة، وما زالت غزة تمثل غزة في القلب، ومجازر العدو تتنقل من مدينة لأخرى، فمن غزة إلى بيت لحم إلى نابلس وجنين، ولا تكاد مدينة ترتاح من الاقتحامات شبه اليومية لجيش الاحتلال، فمن طولكرم إلى رام الله وقلقيلية والخليل، المعاناة واحدة والألم واحد يمتد من غزة إلى الضفة، وما زال ساستنا يتناحرون ويختلفون، فهل سنجد الترياق في بلح اليمن بعد أن افتقدناه في عنب الشام؟.
أسئلة تجتاح الروح في هذا الصباح الباسم بالأمل والحياة، وإن لم أستطع الكتابة فقد كانت فرصة أخرى باستضافة صديقنا "يحي حسن" المذيع في صوت العرب من القاهرة في ربوع رام الله، وترتيب لقاءات له على قدر من الأهمية، فهو كما قال: يريد أن يعيش مع الناس ويستمع منهم ويسجل لهم ما يتحدثون به، ففي الخارج لا يكاد يغطي الإعلام إلا صورة الجوع والخلاف والصراع والقتل، ولا أحد يتحدث عن شعب رغم النار والموت يخلق الحياة والفرح، فشُغلت معه ثلاثة أيام تمنيت لو طالت، فالكثير الكثير من مناحي الحياة ما زال مجهولا للإعلام ومن هم خارج الوطن.
رغم انشغالي الكبير هذه الأيام بالعمل ومحاولة انجاز ما يمكن انجازه، إلا أني ما زلت احلم بيوم لقائي مع "عماني" والأهل هناك بعد هذا الغياب الطويل، فما زالت هويتي كما الآلاف تحت رحمة مزاجية الاحتلال، وما زلت كما غيري أنتظر، والأبناء الذين ولدوا وعاشوا بعيدا عن الوطن، لا يكفون عن السؤال: متى ستحضر ونراك، وهذه المسألة تؤرقني كثيرا، فأنا بعد اعتيادي عبر ما يقارب أحد عشر عاما على أسري الإجباري في رام الله، أشعر بالرهبة من القادم، وقد أشرت لذلك سابقا حين شبهت الحالة بحالة السجين الذين طال سجنه، لكنه وبمقدار شوقه للحرية يخشى منها، وقد كتبت لي صديقة من أقاصي وطننا العربي تقول في بعض ما كتبت عن رهبتي هذه: "ولأننا لا نبتغي التفكير في هذا المنتظر الآتي، إلى حين يباغتنا بما يشاء وحين ما يشاء، لنبقي ذاك الفرح يشهر في وجه المجهول، بالصباحات التي تفيض جمالا، حتى حين يؤجل الفرح الحزن أو حين يؤجل الحزن الفرح، حتى حين يلتقيان ليتشابكا في إحساس واحد، فنسأل: ما الشيء الذي سيفرحنا؟ ما الشيء الذي سيضنيننا؟ هو هذا الإحساس بالخوف، الخوف من المجهول أو من أن تؤذى مشاعرنا، حين تصفعنا مفاجآت لا نكون وضعنا لها أي حسبان، ممكن أن تكون الحرية عقوبة حين تخرجنا من طمأنينة ما، لكن تظل زياد يحمل الفرح أين ما وليت وجهك، سوى إلا أن تشظيك جهة ما، وفي كل الأحوال من يحمل الإنسان داخله هو القادر أن يحمل ذاكرة كلها وطنا وقلبا، وقلبك يسعى لاستقبال أي منتظر، سيكون لا محالة صباحا أجمل كصباحات رام الله، التي بدأت اعرفها صورا وأشجارا ومطرا وثلجا وربيعا، ستطل الخضرة من جديد وستظل العصافير تحوم في مكانها متى افتقدت روحك البيضاء، من يحمل كل هذا العشق داخله والإحساس الراقي للحياة لا يمكن أن تتشظى روحه".
هذا الإحساس الذي ينتابني من فكرة الحرية والسفر، يعيدني إلى ذلك الوقت الذي اضطررنا فيه لمغادرة الوطن بعد حرب حزيران للعام سبع وستين، فرغم أني كنت لم أتجاوز الثانية عشرة من عمري إلا بشهور قليلة، إلا أن ذاكرتي لم تنسى تلك الرهبة والألم ونحن نغادر رام الله بالقليل من حوائجنا، نرى في الطريق العربات العسكرية والمدنية المدمرة بفعل الحرب وقسوة الاحتلال، ومشاهدتنا لسيارة والدي وقد سحقتها الدبابات وزنرها الرصاص على أطراف مخيم عقبة جبر في أريحا، ووقوفنا ليومين في شمس الأغوار الحارقة بأوامر الاحتلال البشع، قبل أن نمر عبر الجسر المهدوم بغارة جوية إلى الضفة الأخرى، وأنا أقف في المسافة الأخيرة وقلبي يشتعل أني أغادر رام الله والوطن إلى فترة لا يعلم إلا الله مدتها، فترة طالت ثلاثون عاما حتى عدت ضمن من عادوا بالاتفاق التي عقدته القيادة الفلسطينية مع الاحتلال، وأجد نفسي رهينة رام الله رافضا مغادرتها رغم كل الضغط من جانب، والمغريات من جانب آخر، ورغم فرحة اللقاء بالوالد في عمان بعد أن عشنا فترة لا نعلم عنه شيئا، ورغم فرحة اللقاء بالجد الحنون والأقارب وأصدقاء طفولة المخيم، إلا أن الغصة لم تفارقني طوال تلك الأعوام جميعها حتى عدت إلى رام الله، رغم عشقي الكبير لمحبوبتي عمان التي لم أتخلى عن حبها حتى في أقسى الظروف التي عشتها فيها، فعمان ورام الله كنت احملهما في قلبي أينما ذهبت وحللت، في معتقل أو منفى أو سفر، ولا أظن يوما أني سأتخلى عن إحداهما.
صباحك أجمل يا رام الله التي أعشق، صباحك أجمل يا عمان التي أحب وأشتاق، صباحك أجمل يا طيفي الشقي الحلو يا ربيع خريف عمري ويا حروفي الخمسة المنـزرعة في القلب، فاللقاء أصبح قريب والحلم يوشك أن يتحقق، صباحك أجمل يا أمي التي صبرت كثيرا وتحملت الكثير مع أبنائها، وأنت تجولين بين معتقلات ومنافي وقواعد ضمت أبناؤك الأربعة الكبار، فما أن ترتاح روحك بالاطمئنان عن واحد منا إلا وأنت تعانين مع آخر، وقلبك يتمزق مابين حصار بيروت وابنين هناك، وحصار طرابلس وابن محاصر، واجتياح رام الله وأسر ابنين، ومعتقلات عديدة لم تترك منا واحد لم تضمه بين قضبانها، حتى تركت ندبات الألم والتعب والزمن أثارها عليك، فأصبحت نزيلة المشفى منذ شهرين أو يزيد، تحلمين باللحظة التي ألقاك بها بعد غياب أحد عشر عاما، فلك الشفاء ولك القدسية يا أمي الصابرة كما أمهات شعبنا.
ما زالت الحمائم والعصافير تغني بفرح، وقرنفلة قرمزية متبرعمة بحوض أزهاري، تجدد روحي وأملي الأجمل، وفيروز تشدو:
"جسر العودة، يا جسر الأحزان أنا سميتك جسر العودة، المأساة ارتفعت، اتسعت، وسعت، سطعت، بلغت حد الصلب، من صلبوا كل نبي صلبوا الليلة شعبي، العاثر ينهض، النازح يرجع، والمنتظرون يعودون وشريك الخيمة يرجع، يدخل ألاف الأطفال من كبروا الليلة في الخارج، حدود البحر من الخارج، ارجع بالعتمة معهم نصمد ونقاتل لا نرحل ونقيم كشجر لا يرحل، تقفون كشجر الزيتون كجذوع الزمن تقيمون كالزهرة كالصخرة في أرض الدار تقيمون، لهم الشمس ولهم القدس والنصر وساحات فلسطين".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 19\3\2008

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-03-2008, 12:55 PM رقم المشاركة : 209
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي

صباحات الجيوسي الفناها وعلقناها
واصل صديقي رسم شموسها
لك ولها نحن منتظرون






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-03-2008, 06:46 PM رقم المشاركة : 210
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وليد الشرفي مشاهدة المشاركة
زياد وصباحات ربيع وأجمل

دامت صباحاتك ودمت

مودتي
أخي وليد
ولتدم بفرح ووطن
ويصباح أجمل في وطن حر وشعب سعيد
حيث نحن بالفرح القادم
فرح الحرية والاستقلال
بمودة
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 20-03-2008, 06:50 PM رقم المشاركة : 211
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان الزيادنة مشاهدة المشاركة
صباحات الجيوسي الفناها وعلقناها
واصل صديقي رسم شموسها
لك ولها نحن منتظرون
صديقي سلطان
معكم وبكم وبالوطن تشرق شموس ننتظرها
دمت بمودة ووطن أجمل
معكم دوما
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 26-03-2008, 05:17 PM رقم المشاركة : 212
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل\يوم تبكي سمانا

الأربعاء,آذار 26, 2008


صباحكم أجمل\يوم تبكي سمانا


مشهد لبيت قديم مهجور في رام الله
"بعدستي الشخصية"


صباحكم أجمل\يوم تبكي سمانا

آذار يحمل عصاه ويرحل، أراه يلملم ما تبقى من حوائجه بحقيبة السفر من أجل المغادرة، لم يفرحنا كما اعتدنا منه على هدايا الجمال والفرح، ربما تأثر بالبشر وطباعهم، فخان العهد والوعد، كان الجدود يسمونه آذار أبو الزلازل والأمطار، وكان يقرض كل عام لشهر شباط الذي يسبقه أربعة أيام كانت تسمى "المستقرضات"، فتسيل المياه في الوديان لتغرق العجوز وأغنامها، جزاء لها على شماتتها وفرحها بقرب انتهاء شباط كما يرد في موروثنا الشعبي الجميل، كان آذار رمزا للخير والمطر، كان شهر الربيع والشهر الذي نغني له بطفولتنا: "آذار يا آذار.. يوم شمس ويوم أمطار"، فلم نعد نرى أمطاره ولا شمسه الناعمة المشوبة بالبلبل، ولم يعد الأطفال يخرجون في الشوارع ليغنوا له، فقد أصبح آذار بخيلا بمطره، ولم يعد يقرض شباط كما كان، ولعله تأثر بالمعاملات المصرفية فأراد فوائد على القرض ولم يحصل عليها، ولعله تأثر بموجة الغلاء العالمية التي يفتعلها أساطين المال ودول رأس المال، فأراد أن يخوض في معمعة الربح والكسب، على حساب الغلابا والمسحوقين الذين ينتظرون الغيث، لا من أجل أن يملئوا أحواض السباحة، ولكن كي يشربوا ويسقوا زرعهم ومواشيهم.
منذ بدايات آذار ونحن نعاني من موجات الحرارة الخماسينية المشبعة بالغبار، فكان صيف مبكرا بدلا من ربيع مزهر، وعانت أجواء رام الله من الغبار كما عانيت أيضا، فهذا الجو الخانق يمنع الحركة والتمتع ببدء الربيع، حتى أن الجفاف ضرب الأزهار والورود الربيعية في أطراف المدينة وفي الحدائق العطشى، ولعل درجات الحرارة وموجاتها تناسبت مع الجو السياسي، فالصراع ما زال مستمرا في القطاع المنكوب ووصل إلى اليمن، ولا نذر اتفاق حقيقي يحل الأزمة ويجلب معه بلح اليمن في ظل صراع برنامجين مختلفين، وزيادة الضعف فينا يغري العدو وصديق العدو، فهذه "ميركل" تعتذر لليهود على دور ألمانيا النازية فيما أصطلح على تسميته محرقة اليهود وإبادتهم، وتعلن أن أي مساس بأمن إسرائيل هو مساس بأمن ألمانيا، وتنسى أن الفلسطينيين والعرب لم يكونوا هم شعب وحكومة ألمانيا النازية حتى يدفعوا ثمن جرائم النازية الألمانية، وفي فرنسا تقيل الحكومة موظف وتطرده من عمله لمجرد أنه انتقد سلوك إسرائيل العدواني، وأما كل الإساءات للعرب والمسلمين ولرسولنا الأعظم، فهي حرية رأي وتعبير يكفلها القانون، ففعلا كما قال المثل الشعبي: "القوي عايب"، وضعفنا يغري كل الحثالات ويستقويها علينا، وأمة تنام وتضع رأسها بين الرمال، وتتسابق لحجز السيارات الفارهة وأجنحة الفنادق بمبالغ طائلة، كافية للصرف على مشاريع تقي الكثيرون من الجوع، بدلا من إرسال وفود أكبر من الحاجة لقمة عربية المفترض أن تبحث هموم الأمة لا أن تلعب على جراحها.
صباح الخير يا رام الله، صباحك أجمل رغم الحر والغبار والخماسين، رغم الجفاف والحر وضعف موسم المطر، رغم غضب شباط و"حرد" آذار، تبقين الأجمل والأروع بين المدائن، تبقين الأجمل والأحلى رغم خفافيش الظلام الذين لا يتوقفون عن التخريب والتدمير والترويع، تبقين شامخة في وجه الاحتلال وممارساته كما كل الوطن، والتي من كثرها لم تعد وسائل الإعلام تشير لها، فمنذ يومين فقط اقتحمت قوات الاحتلال سطح مرحبا التي شهدت طفولتي، وقد أرسل لي مواطن من المتابعين لصباحات الوطن يقول: "دخل علينا الليلة الماضية خفافيش الظلام واقتحموا العمارة التي نسكن، يرافقهم بني جنسهم - الكلاب، واخضعوا جميع السكان إلى التفتيش في منتصف الليل، وكانوا يضربون الأبواب بعنف، مما افزع الأطفال والنساء، وهذا اعتدنا عليه ولو أنه غير عادي، إلا أن هناك جارة لنا لا تنجب الأطفال، وقد قامت بالزراعة أكثر من مرة بقصد الحمل، وفي آخر مرة وفقها الله وحملت، وبسبب زيارة هؤلاء الكلاب أجهظت ففتح عزاء في عمارتنا، فأتمنى عليك لما لك من باع طويل وقلم سيال في الكتابة، أن تكتب عن هذا الموضوع لانتشار مقالاتك، ولنكون قد أوفينا رام الله جزء من محبتها، فليس الحب هو في اتجاه واحد بل في كل الاتجاهات".. وها أنا يا أخي أرفق ما قلته كما هو، وماذا يمكنني أن أضيف إلى ما ورد منك عن ممارسات الاحتلال التي لم تعد تجد من يتحدث عنها في وسائل الإعلام، وإن ورد شيء فهو يرد كخبر صغير وكأن الحدث لا يخصنا، فعلى من نلوم يا صديقي؟ فحتى شهدائنا أصبحوا يردون كأرقام وأسرانا كأرقام والجنين الذي تترقبه أمه بكل الحلم والشوق يقتل، وتترك الحسرة أثرها في الجار والأم والأهل، ولا أحد يتحدث أو يتكلم، بينما لو كان هذا الحدث لامرأة من شتات "الفلاشا" بمستوطنة إسرائيلية مغتصبة لأرضنا، لثار العالم المنافق حزنا وألما، واجتمع مجلس الأمن، ولتسارعت القيادات لتقديم الاعتذارات وإدانة المسببين، فيا ابن مدينتي: أبناء الاحتلال لهم بواكي، وأما "حمزة" فلا بواكي له.
وفي جانب آخر كم سررت حين اتصل بي أبنائي الطلبة في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" في طولكرم، ليعلموني عن الدعوة لحملة تشجير تطوعية أطلقوها في منتداهم الجميل، ستكون بدايتها في الجامعة كمقدمة لحملة تقوم بها السواعد الشابة والواعدة، من أجل نشر ثقافة العمل التطوعي على مستوى المحافظة، وقد سرني الخبر كثيرا، فقد دار بيني وبينهم حوارات طويلة بعد أن نشرت صباحي بعنوان: رام الله بتحلى أكثر بشجرها الأخضر، وتحدثنا فيه أن التغيير يبدأ بالعمل التطوعي بدون انتظار المؤسسات الحكومية، وهذه خطوة في الطريق السليم، آمل أن تكون مؤشرا لكل السواعد في محافظات الوطن، وأن يبقى شعارنا: كلما اقتلع الاحتلال شجرة فعلينا أن نزرع عشرة.
ما زالت رام الله تحاول أن تخلق الفرح من بين شلالات الألم، فالفعاليات الثقافية والفنية تجود بها أمسيات رام الله، ولعل أجملها أمسية إقامتها مؤسسة الكمنجاتي يوم الخميس الماضي في مقرها بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، وقدمت فرقة أنوار القدس قادمة من رحاب الأقصى الموسيقى الصوفية والمدائح النبوية، وكان الحضور كبيرا من أبناء المدينة بمسلميها ومسيحييها إضافة لعدد كبير من الأجانب، ورغم انقطاع الكهرباء المفاجئ إلا أن الحضور أصروا على إكمال الحفل على نور البدر المنير، فكانت أمسية متميزة بجمالها وصفائها، وشعرت بروحي تحلق في عالم آخر من الجمال والتحليق في نور الذكرى وجمالها، لنكمل الليلة في التجوال أنا وصديقين في شوارع المدينة وحوار تناول السياسة والثقافة، اختتم بأنفاس النارجيلة وأكواب الشاي بالنعناع في مقهى رام الله الجميل، فأعادت هذه الأمسية للذاكرة أيام الطفولة وفرق المتصوفين وهو يرفعون الرايات الملونة الموشاة بآيات الذكر الحكيم، ويدقون الطبول والدفوف وينشدون الأناشيد، وهذه الصورة ارتبطت بذاكرتي في مخيم الوحدات في جنوب عمان الجميلة، حين كانت هذه الفرق تجوب شوارع المخيم وأزقته، وما زلت أذكرها بالطفولة القديمة أو بعد عودتنا لعمان بعد حرب حزيران، حين نزحنا مكرهين من ارض الوطن لنحل نازحين على لاجئين، ولعلنا كنا أكثر حظا من غيرنا الذين سكنوا المدارس والخيام في العراء، فنحن نزلنا ضيوف في بيت جدي لوالدتي رحمه الله في المخيم، لنبدأ رحلة تعب وعذاب في البحث عن بيت يأوينا، فالبيوت المعروضة للإيجار كانت قليلة وأسعارها أصبحت مرتفعة بحكم زيادة الطلب وقلة العرض، وتنقلنا في أكثر من بيت كل منها أشبه بالزرائب من البيوت، ما بين حي اليمانية والنظيف والدبايبة، وكلها أحياء محيطة بمخيم الوحدات تقريبا، وتأخر افتتاح المدارس بحكم الظروف العامة، حتى تمكنت الحكومة من وضع نظام التعليم لفترتين مسائية وصباحية، فالتحقت بإعدادية الأشرفية في صف يجمع الطلبة النازحين من كل مناطق الضفة الغربية، وكل قادم من مدينة أو قرية والكل يعاني نفس المعاناة، الطلبة والمدرسين ورداءة النظام الجديد ذو الفترتين، وتخلصنا لأول مرة من لباس اللون العسكري كطلبة ومن حلق الشعر على درجة الصفر، ولا اعلم هل هي الظروف المادية الصعبة للنازحين التي ألزمت وزارة التربية على الإلغاء أم كانت هناك أسباباً أخرى، وبدأت مساعدات النازحين توزع علينا بالمدارس، فبدأنا بتلقي علب السردين والبسكويت والجبن ونحن طلاب، ولن أنسى أبدا علب اللحمة التي وزعت علينا وتحمل صورة قطة، ليتبين لاحقا أنها كانت علب مخصصة للقطط وليست للبشر، ولكنها استقرت بأمعائنا الجائعة.
صباح الخير يا وطني الممزق والمحتل، وصباحك أجمل يا مدينتي ويا أحلامي البعيدة ويا أملي، صباحك أجمل وأنا احتسي فنجان القهوة في صومعتي المتواضعة، وطيفي الجميل ترف روحه تداعبني وهو في البعيد والى البعيد، صباح آخر وفنجان قهوتنا وشوق يتجدد إلى اللقاء، صباح آخر وعبق النعناع وهديل الحمام وزقزقة عصافير الدوري الكسلى على نافذتي، وغيوم تنتشر في سماء المدينة، فلعل السماء تجود بالغيث بعد انحباس وتبكي سمائنا أمطاراً، وشدو فيروز يصدح:
"لا يدوم اغترابي، لا غناء لنا يدوم، فانهضي في غيابي واتبعيني إلى الكروم، هيئي التلال، كرمنا بعد في ربانا، يوم تبكي سمانا نشبع القلب والشفاه، حبيبتي زنبقة صغيرة، أما أنا فعوسج حزين، طويل انتظرتها طويلا، جلست بين الليل والسنين".
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
رام الله المحتلة 26\3\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-04-2008, 05:17 PM رقم المشاركة : 213
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل \ قهوة في روابي عمان

الأربعاء,نيسان 02, 2008


صباحكم أجمل \ قهوة في روابي عمان


من صومعة رام الله
بعدستي الخاصة


صباحكم أجمل \ قهوة في روابي عمان

الاثنين أول الأمس كان يوم مختلفا عن كل الأيام، ففي الصباح الباكر كنت قد صحوت مبكرا بعد نهار كان متعب جدا وليلة قلقة رغم الإرهاق، كنت أشعر بشعور غريب يملأ روحي، وازداد هذا الشعور في اللحظات التي جلت فيها شوارع رام الله في الصباح المبكر، كنت أشعر بأن كل ما أراه في رام الله مختلف عما أعتدت أن أراه كل يوم، حتى الياسمين والصنوبر وهديل الحمام كان مختلفا، طعم القهوة في الصباح مختلف عن باقي الأيام، فالاثنين كان موعدي للسفر لأول مرة بعد ما يقارب الأحد عشر عاما قضيتها في رحاب رام الله لا أقدر أن أغادرها أبدا، فبدون هوية لا إمكانية للحركة، فكيف حين يكون المرء بدون هوية لرفض أمني احتلالي متكرر، فستكون المخاطرة بالحركة مضاعفة.
الاثنين آخر يوم في آذار وقبله بيوم كانت تمر ذكرى يوم الأرض، وقبل الذكرى بيوم كانت تمر في خيالي ذكرى اجتياح رام الله بكل ما تحمله هذه الذكرى من ألم للمدينة بشكل عام ولي بشكل خاص، حين كنت صبيحة الاجتياح قد أصبحت أسيرا مقيد اليدين ومغمى العينين، وها أنا في تذكار لهذه المناسبات وقد حزمت حقائبي واستعددت للسفر لعمان التي اشتقت لها كثيرا، عمان التي كنت أحملها معي في حقيبة سفر القلب حين أغادرها، لتكون كما رام الله الرئتان اللواتي لا تعيش روحي بدون إحداها.
في نهار ومساء الأحد أصر العديد من أصدقاء الصومعة الذين علموا بقرار سفري أن يودعوني، كنت أقول لهم وهل أنا راحل حتى تودعوني، انه التجول في شق روح واحدة وأرض واحدة وأنا عائد لرام الله قريبا، فصديقي التوأم د. هاني وصديقي المشاكس الطيب القلب عبد السلام العطاري الذي لم يتوقف عن الاتصال معي طوال الوقت وحتى وأنا هنا، والعديد ممن وصلهم قرار السفر كانوا معي، بعضهم وصله الخبر متأخرا حين اتصل بي ليستفسر ففوجئ بالتوقيت، والبعض حضر بنفسه، وخاصة أني مساء الأحد لم أترك فرصة حضور عرض لفرقة موسيقية تعزف المعزوفات الكلاسيكية أن تفوتني، فكنت قد سهرت معها في قاعة المركز الثقافي الفرنسي.
أخي جهاد الأقرب لروحي كان قد أصر أن يحضر ليقلني بسيارته إلى الجسر في رحلتي الأولى، وبعد أن احتسينا القهوة كان حسن الذي رافقني منذ وصولي لرام الله قد أنزل حقائبي للسيارة، وودعني وهو يكاد يبكي، لنتجه وجهاد باتجاه قلنديا لأرى عن قرب لأول مرة معبر قلنديا الذي يفصل القدس تماما عن محيطها، هذه النقطة التي أوجدها الاحتلال لتكون بوابة العبور عبر جدار طويل وبشع، فتمنعنا من دخول القدس وتحجبها عن العيون، ومن ثم باتجاه أريحا حيث كنت أرى سلسلة بشعة من المستوطنات التي تلتهم الأرض فشعرت بالكآبة تسود روحي، فهذه مشاهد لم أعتد عليها ولا يمكن أن تعتاد روحي عليها، فالأرض أرضنا ولكن منطق الاحتلال والدعم الغير مسبوق له، وضعفنا كعرب ومسلمين وصراعنا وتمزقنا كفلسطينيين يعطي المجال للعدو أن يمضي بتنفيذ مخططاته، واستمرت هذه المشاهد حتى وصلنا للمفرق المؤدي إلى أريحا، حيث التقيت أول حاجز إسرائيلي مباشرة قبل الحاجز الفلسطيني الأول، لأرى علم دولة الاحتلال كأنه رمح من قهر ينغرس في أرضنا وروحي، وبعده مباشرة علمنا الوطني يرف متأملا بأن يكون الوحيد على أرض الوطن ذات يوم، وحين دخلت أريحا كنت أستعيد الكثير من ذكريات مضت عليها سنوات طويلة حتى وصلنا نقطة المعبر الفلسطيني، والتقينا العديد من الأصدقاء من رجال الأمن الفلسطيني، فاستقبلونا بالترحاب وأنجزوا لي إجراءات السفر بسرعة قياسية، فهذه فترة هادئة للمسافرين ولا يوجد ازدحام بالسفر، واحتسينا القهوة سويا حتى ودعت جهاد وودعتهم، بعد أن قضيت الطريق مع جهاد وهو يشرح لي عن هذه التطورات على الأرض وابتلاع الأراضي بالمساحات والأسماء والتواريخ، فهو بحكم عمله موسوعة من المعلومات.
اتجهت بنا الحافلة إلى المعبر لأرى الاحتلال قد زرع اسم "جسر اللنبي" كاسم للجسر وهو اسم الجنرال البريطاني الذي احتل فلسطين في الحرب العالمية الأولى، لتكون المقدمة لتوطين اليهود واغتصاب الأرض وطرد السكان وتهجيرهم، بدلا من اسم جسر الملك حسين الذي عرف به الجسر منذ منتصف القرن الماضي، وحين أنهيت إجراءات التفتيش المقرفة والمتعددة ركبت الحافلة باتجاه الأردن، لأرى نهر الأردن من بعيد فترف روحي ما بين قهر وفرح، هذا النهر المقدس الذي تكاد مياهه تجف، لكنه ما زال يحمل عبق تعميد سيدنا المسيح فيه، وإصراره أن يعود ليكون المقدس الذي تحيط جنباته الأرض المقدسة.
دخلنا النقطة الأردنية الأولى وتوقفت الحافلة ليصعد شرطي أردني الحافلة لتدقيق البطاقات، فرأيت فيه الأردن الذي أشتاق فسلمت عليه بحرارة لأنزل لقاعة فوجئت فيها بالنظام والترتيب والنظافة، والابتسامة على وجه كل من التقيت من مرتبات المعبر، مما أثار الفرح في روحي، ولم تتجاوز المسألة النصف ساعة حتى كنت قد أصبحت خارج القاعة مودعا بالتمنيات بطيب الإقامة، لأكون في الخارج قبل أن تصل زوجتي وابنتي الأصغر محمد لاستقبالي، وما هي إلا عشرون دقيقة حتى كانوا عندي وكان لقاء حارا وعاطفيا أسال الدموع، وجلست بجانب ولدي في السيارة وهو يسوق، وقد أصبح رجلا ضخم الجثة وطالبا جامعيا، ولم التقيه عبر السنوات الماضية إلا زيارات متقطعة تمكن أن يزورني فيها، ولم يتوقف هاتف زوجتي عن الرنين من الأهل والأصدقاء الذين ينتظرون وصولي بعد الغياب، وما أن أطللنا على مشارف عمان حتى كنت أرى نفسي في عالم آخر لم أعرفه ولم أراه من قبل، فالجسور والأنفاق والبنايات الشاهقة والتطور الكبير والامتداد الهائل أحال عمان لشيء آخر لم أعرفه ولم أعيشه مسبقا، فانتابني شعور ممزوج بالذهول، حتى أني لم أعرف إلا بعض الملامح للطريق الموصلة إلى بيتي في ضاحية خلدا، هذه الضاحية التي تركتها هادئة بالكاد تمر منها السيارات، لأجدها تضج بأبواق السيارات والمباني التي تحجب الرؤية، فلم أعد أرى من الشرفة التي كنت قد أحلتها منذ سكنت البيت إلى مكتب صغير لي فيها كتبي وأوراقي، المساحات الخضراء والسهوب الجميلة، فالبنايات قد أغلقت كل الفضاء، وما أن أنزلت حقائبي وشربت أول فنجان قهوة حتى كنت أتجه وابني محمد ونادر ابن أخي جهاد القريب كما والده من روحي، إلى مستشفى الملكة علياء لألتقي الوالدة على سرير الشفاء الذي ما زالت ترقد فيه منذ ما يقارب الثلاثة شهور، ليكون لقاء مغلفا بالعواطف الجياشة والدموع، وهناك التقيت والدي الذي لا يفارقها في المستشفى، وقد ظهر ملامح التقدم بالعمر جلية عليه، كان لقاء حار ضغطت نفسي بقوة كي لا تتساقط دموعي فيه.
سنوات طويلة مرت حتى التقيت أهلي، وما زلت للحظة لا أغادر البيت إلا لزيارة الوالدة كل صباح وأعود لاستقبال الأحبة والأهل والأصدقاء، بزيارات تمتد حتى منتصف الليل، فلا يترك لي المجال للتجوال في عماني التي أهوى، فأرى عمان تأتي إليّ بنفسها تعانقني من خلال الأحبة والأهل والأصدقاء، وأشعر بهم كل الحب والحنان والدفء، وها أنا أجلس لأكتب في هذا الصباح لأول مرة من عمان بعد طول غياب، يحيطني الأبناء والوالد والزوجة، أحتسي القهوة بعد شوق طويل في روابي عمان، فأستعيد ذكرى مقالي القديم الذي كتبته منذ سنوات بعنوان: حديث الذكريات\ متى نحتسي القهوة في روابي عمان، أرواح الأحبة البعيدين ترف في فضائي، عبق ياسمين رام الله لا يفارقني، وشدو فيروز معي:
"من يوم تكون يا وطني الموج كنا سوا، ليوم يعتق يا وطني الغيم راح نبقى سوا، تاجك من الهمس، مملكتك السلام وشعبك بحبك لتبرد الشمس"
صباحكم أجمل.

زيادجيوسي
عَمان الهوى 2\4\2008


http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 05-04-2008, 09:30 PM رقم المشاركة : 214
معلومات العضو
سامح عوده
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية سامح عوده

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد جيوسي مشاهدة المشاركة
الأربعاء,نيسان 02, 2008


صباحكم أجمل \ قهوة في روابي عمان


من صومعة رام الله
بعدستي الخاصة


صباحكم أجمل \ قهوة في روابي عمان

الاثنين أول الأمس كان يوم مختلفا عن كل الأيام، ففي الصباح الباكر كنت قد صحوت مبكرا بعد نهار كان متعب جدا وليلة قلقة رغم الإرهاق، كنت أشعر بشعور غريب يملأ روحي، وازداد هذا الشعور في اللحظات التي جلت فيها شوارع رام الله في الصباح المبكر، كنت أشعر بأن كل ما أراه في رام الله مختلف عما أعتدت أن أراه كل يوم، حتى الياسمين والصنوبر وهديل الحمام كان مختلفا، طعم القهوة في الصباح مختلف عن باقي الأيام، فالاثنين كان موعدي للسفر لأول مرة بعد ما يقارب الأحد عشر عاما قضيتها في رحاب رام الله لا أقدر أن أغادرها أبدا، فبدون هوية لا إمكانية للحركة، فكيف حين يكون المرء بدون هوية لرفض أمني احتلالي متكرر، فستكون المخاطرة بالحركة مضاعفة.
الاثنين آخر يوم في آذار وقبله بيوم كانت تمر ذكرى يوم الأرض، وقبل الذكرى بيوم كانت تمر في خيالي ذكرى اجتياح رام الله بكل ما تحمله هذه الذكرى من ألم للمدينة بشكل عام ولي بشكل خاص، حين كنت صبيحة الاجتياح قد أصبحت أسيرا مقيد اليدين ومغمى العينين، وها أنا في تذكار لهذه المناسبات وقد حزمت حقائبي واستعددت للسفر لعمان التي اشتقت لها كثيرا، عمان التي كنت أحملها معي في حقيبة سفر القلب حين أغادرها، لتكون كما رام الله الرئتان اللواتي لا تعيش روحي بدون إحداها.
في نهار ومساء الأحد أصر العديد من أصدقاء الصومعة الذين علموا بقرار سفري أن يودعوني، كنت أقول لهم وهل أنا راحل حتى تودعوني، انه التجول في شق روح واحدة وأرض واحدة وأنا عائد لرام الله قريبا، فصديقي التوأم د. هاني وصديقي المشاكس الطيب القلب عبد السلام العطاري الذي لم يتوقف عن الاتصال معي طوال الوقت وحتى وأنا هنا، والعديد ممن وصلهم قرار السفر كانوا معي، بعضهم وصله الخبر متأخرا حين اتصل بي ليستفسر ففوجئ بالتوقيت، والبعض حضر بنفسه، وخاصة أني مساء الأحد لم أترك فرصة حضور عرض لفرقة موسيقية تعزف المعزوفات الكلاسيكية أن تفوتني، فكنت قد سهرت معها في قاعة المركز الثقافي الفرنسي.
أخي جهاد الأقرب لروحي كان قد أصر أن يحضر ليقلني بسيارته إلى الجسر في رحلتي الأولى، وبعد أن احتسينا القهوة كان حسن الذي رافقني منذ وصولي لرام الله قد أنزل حقائبي للسيارة، وودعني وهو يكاد يبكي، لنتجه وجهاد باتجاه قلنديا لأرى عن قرب لأول مرة معبر قلنديا الذي يفصل القدس تماما عن محيطها، هذه النقطة التي أوجدها الاحتلال لتكون بوابة العبور عبر جدار طويل وبشع، فتمنعنا من دخول القدس وتحجبها عن العيون، ومن ثم باتجاه أريحا حيث كنت أرى سلسلة بشعة من المستوطنات التي تلتهم الأرض فشعرت بالكآبة تسود روحي، فهذه مشاهد لم أعتد عليها ولا يمكن أن تعتاد روحي عليها، فالأرض أرضنا ولكن منطق الاحتلال والدعم الغير مسبوق له، وضعفنا كعرب ومسلمين وصراعنا وتمزقنا كفلسطينيين يعطي المجال للعدو أن يمضي بتنفيذ مخططاته، واستمرت هذه المشاهد حتى وصلنا للمفرق المؤدي إلى أريحا، حيث التقيت أول حاجز إسرائيلي مباشرة قبل الحاجز الفلسطيني الأول، لأرى علم دولة الاحتلال كأنه رمح من قهر ينغرس في أرضنا وروحي، وبعده مباشرة علمنا الوطني يرف متأملا بأن يكون الوحيد على أرض الوطن ذات يوم، وحين دخلت أريحا كنت أستعيد الكثير من ذكريات مضت عليها سنوات طويلة حتى وصلنا نقطة المعبر الفلسطيني، والتقينا العديد من الأصدقاء من رجال الأمن الفلسطيني، فاستقبلونا بالترحاب وأنجزوا لي إجراءات السفر بسرعة قياسية، فهذه فترة هادئة للمسافرين ولا يوجد ازدحام بالسفر، واحتسينا القهوة سويا حتى ودعت جهاد وودعتهم، بعد أن قضيت الطريق مع جهاد وهو يشرح لي عن هذه التطورات على الأرض وابتلاع الأراضي بالمساحات والأسماء والتواريخ، فهو بحكم عمله موسوعة من المعلومات.
اتجهت بنا الحافلة إلى المعبر لأرى الاحتلال قد زرع اسم "جسر اللنبي" كاسم للجسر وهو اسم الجنرال البريطاني الذي احتل فلسطين في الحرب العالمية الأولى، لتكون المقدمة لتوطين اليهود واغتصاب الأرض وطرد السكان وتهجيرهم، بدلا من اسم جسر الملك حسين الذي عرف به الجسر منذ منتصف القرن الماضي، وحين أنهيت إجراءات التفتيش المقرفة والمتعددة ركبت الحافلة باتجاه الأردن، لأرى نهر الأردن من بعيد فترف روحي ما بين قهر وفرح، هذا النهر المقدس الذي تكاد مياهه تجف، لكنه ما زال يحمل عبق تعميد سيدنا المسيح فيه، وإصراره أن يعود ليكون المقدس الذي تحيط جنباته الأرض المقدسة.
دخلنا النقطة الأردنية الأولى وتوقفت الحافلة ليصعد شرطي أردني الحافلة لتدقيق البطاقات، فرأيت فيه الأردن الذي أشتاق فسلمت عليه بحرارة لأنزل لقاعة فوجئت فيها بالنظام والترتيب والنظافة، والابتسامة على وجه كل من التقيت من مرتبات المعبر، مما أثار الفرح في روحي، ولم تتجاوز المسألة النصف ساعة حتى كنت قد أصبحت خارج القاعة مودعا بالتمنيات بطيب الإقامة، لأكون في الخارج قبل أن تصل زوجتي وابنتي الأصغر محمد لاستقبالي، وما هي إلا عشرون دقيقة حتى كانوا عندي وكان لقاء حارا وعاطفيا أسال الدموع، وجلست بجانب ولدي في السيارة وهو يسوق، وقد أصبح رجلا ضخم الجثة وطالبا جامعيا، ولم التقيه عبر السنوات الماضية إلا زيارات متقطعة تمكن أن يزورني فيها، ولم يتوقف هاتف زوجتي عن الرنين من الأهل والأصدقاء الذين ينتظرون وصولي بعد الغياب، وما أن أطللنا على مشارف عمان حتى كنت أرى نفسي في عالم آخر لم أعرفه ولم أراه من قبل، فالجسور والأنفاق والبنايات الشاهقة والتطور الكبير والامتداد الهائل أحال عمان لشيء آخر لم أعرفه ولم أعيشه مسبقا، فانتابني شعور ممزوج بالذهول، حتى أني لم أعرف إلا بعض الملامح للطريق الموصلة إلى بيتي في ضاحية خلدا، هذه الضاحية التي تركتها هادئة بالكاد تمر منها السيارات، لأجدها تضج بأبواق السيارات والمباني التي تحجب الرؤية، فلم أعد أرى من الشرفة التي كنت قد أحلتها منذ سكنت البيت إلى مكتب صغير لي فيها كتبي وأوراقي، المساحات الخضراء والسهوب الجميلة، فالبنايات قد أغلقت كل الفضاء، وما أن أنزلت حقائبي وشربت أول فنجان قهوة حتى كنت أتجه وابني محمد ونادر ابن أخي جهاد القريب كما والده من روحي، إلى مستشفى الملكة علياء لألتقي الوالدة على سرير الشفاء الذي ما زالت ترقد فيه منذ ما يقارب الثلاثة شهور، ليكون لقاء مغلفا بالعواطف الجياشة والدموع، وهناك التقيت والدي الذي لا يفارقها في المستشفى، وقد ظهر ملامح التقدم بالعمر جلية عليه، كان لقاء حار ضغطت نفسي بقوة كي لا تتساقط دموعي فيه.
سنوات طويلة مرت حتى التقيت أهلي، وما زلت للحظة لا أغادر البيت إلا لزيارة الوالدة كل صباح وأعود لاستقبال الأحبة والأهل والأصدقاء، بزيارات تمتد حتى منتصف الليل، فلا يترك لي المجال للتجوال في عماني التي أهوى، فأرى عمان تأتي إليّ بنفسها تعانقني من خلال الأحبة والأهل والأصدقاء، وأشعر بهم كل الحب والحنان والدفء، وها أنا أجلس لأكتب في هذا الصباح لأول مرة من عمان بعد طول غياب، يحيطني الأبناء والوالد والزوجة، أحتسي القهوة بعد شوق طويل في روابي عمان، فأستعيد ذكرى مقالي القديم الذي كتبته منذ سنوات بعنوان: حديث الذكريات\ متى نحتسي القهوة في روابي عمان، أرواح الأحبة البعيدين ترف في فضائي، عبق ياسمين رام الله لا يفارقني، وشدو فيروز معي:
"من يوم تكون يا وطني الموج كنا سوا، ليوم يعتق يا وطني الغيم راح نبقى سوا، تاجك من الهمس، مملكتك السلام وشعبك بحبك لتبرد الشمس"
صباحكم أجمل.

زيادجيوسي
عَمان الهوى 2\4\2008


http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة


صباحك ومساؤك خير ايها الصديق الغالي

رام الله تسال عنك ( وهديل .. ) .. الحمام ما زال ينتظرك
ارجو ان تكون بالف خير .. انت والعائله

مودتي










[email protected]
http://www.dardasha.net/montada/uplo...1168087429.gif
مــــــــدونـــــــتي ...
[email protected]
[/b][/size][/center]
  رد مع اقتباس
/
قديم 06-04-2008, 09:25 PM رقم المشاركة : 215
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي

المكرم الجيوسي
واصل نثر صباحاتك
وكلنا عيون

دمت ايها السامق

وكثير امتنان






  رد مع اقتباس
/
قديم 07-04-2008, 08:50 AM رقم المشاركة : 216
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي

نرتشف قهوة صباحاتنا برفقة صباحاتك اخي زياد
واصل عندلتك
تقديري والاحترام






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-04-2008, 12:04 PM رقم المشاركة : 217
معلومات العضو
إيمان أحمد ونوس
عضو اكاديميّة الفينيق
سوريا

الصورة الرمزية إيمان أحمد ونوس

افتراضي صباحكم أجمل مع زياد جيوسي

قهوة في روابي عمّان


بدايةً صديق روحي وتوأمها النبيل

أهمس لك بكل عبارات الفرح والتهنئة الأخوية الصادقة
لعودتك لأهلك وذويك... لزوجتك المصون وأولادك ... للوالدة التي لم يكن لأحد أن يشعر ما بروحها من ألم وقلق عليك في غيابك عنها، وقد يكون حضورك هو الترياق الذي يبلسم جراحات روحها فتشفى بإذن الله وتعود للدار فتجده مضاءً بألق حضورك بعد طول غياب.. فالأم هي الوحيدة التي تتحسس مواطن الوجع عند أولادها... لذا ترى روحها هائمة.. دائمة البحث عنهم.. قلقة لغيابهم.. لمشاكلهم وظروفهم... وهذا ما يتعب تلك الروح التي تعززت بالأمومة النبيلة الصادقة... أطال الله بعمرها... وألبسها ثوب الصحة والعافية...
لا تتصور كيف ترقرقت دموعي وأنا أقرأك هذا الصباح... كنتُ معك في كل حركة وشعور... أحس بكل كلمة قلتها، إن كان عن رام الله، أو عن عمان التي فوجئت بالتبدلات والتغييرات التي طرأت عليها...
وكذلك عندما وصفت نافذة مكتبك في عمان، والتي كنتَ ترى منها امتداد السهول والخضرة والأشجار... فاغتالتها اليوم الأبنية الشاهقة، كما اغتال صخب السيارات وأبواقها صفو هدوء المكان والحياة....
دامت صباحاتك أجمل وأنقى أينما حللت...






  رد مع اقتباس
/
قديم 18-04-2008, 11:38 AM رقم المشاركة : 218
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامح عوده مشاهدة المشاركة


صباحك ومساؤك خير ايها الصديق الغالي

رام الله تسال عنك ( وهديل .. ) .. الحمام ما زال ينتظرك
ارجو ان تكون بالف خير .. انت والعائله

مودتي




سامح أيها الجميل
هديل حمام رام الله
يرافقني في عمان
عائد اليكم قريبا
بفرح آخر سيكون اللقاء
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 18-04-2008, 11:42 AM رقم المشاركة : 219
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي مشاهدة المشاركة
المكرم الجيوسي
واصل نثر صباحاتك
وكلنا عيون

دمت ايها السامق

وكثير امتنان
الغالي زياد
كما كنت معكم بصباحات رام الله
ها هي الرئة الأخرى تتنفس الحرية في عماننا
لذا سنبقى معا
نحلم بالصباح الأجمل
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 18-04-2008, 11:45 AM رقم المشاركة : 220
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان الزيادنة مشاهدة المشاركة
نرتشف قهوة صباحاتنا برفقة صباحاتك اخي زياد
واصل عندلتك
تقديري والاحترام
أخي سلطان
وهل أجمل من قهوة طال الشوق لاحتسائها
في روابي عمان؟
صباحك أجمل مع نسمات روح مازجت بين هوى عمان ورام الله
بمودة
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 18-04-2008, 11:52 AM رقم المشاركة : 221
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان أحمد ونوس مشاهدة المشاركة
قهوة في روابي عمّان


بدايةً صديق روحي وتوأمها النبيل

أهمس لك بكل عبارات الفرح والتهنئة الأخوية الصادقة
لعودتك لأهلك وذويك... لزوجتك المصون وأولادك ... للوالدة التي لم يكن لأحد أن يشعر ما بروحها من ألم وقلق عليك في غيابك عنها، وقد يكون حضورك هو الترياق الذي يبلسم جراحات روحها فتشفى بإذن الله وتعود للدار فتجده مضاءً بألق حضورك بعد طول غياب.. فالأم هي الوحيدة التي تتحسس مواطن الوجع عند أولادها... لذا ترى روحها هائمة.. دائمة البحث عنهم.. قلقة لغيابهم.. لمشاكلهم وظروفهم... وهذا ما يتعب تلك الروح التي تعززت بالأمومة النبيلة الصادقة... أطال الله بعمرها... وألبسها ثوب الصحة والعافية...
لا تتصور كيف ترقرقت دموعي وأنا أقرأك هذا الصباح... كنتُ معك في كل حركة وشعور... أحس بكل كلمة قلتها، إن كان عن رام الله، أو عن عمان التي فوجئت بالتبدلات والتغييرات التي طرأت عليها...
وكذلك عندما وصفت نافذة مكتبك في عمان، والتي كنتَ ترى منها امتداد السهول والخضرة والأشجار... فاغتالتها اليوم الأبنية الشاهقة، كما اغتال صخب السيارات وأبواقها صفو هدوء المكان والحياة....
دامت صباحاتك أجمل وأنقى أينما حللت...
ايا ايمان
كم كان اللقاء الذي كنت أنتظر جميلا
كم كان للقلب من خفقات وهو يعانق عمان والأهل والعشيرة
الأسرة التي طال الغياب عنها
والوالدة التي سرت الدماء بعروقها وهي ترقد على سرير الشفاء
ليس بالسهل وصف المشاعر
تغيرت المدينة كثيرا
لكن الحب الذي زرعناه فيها نمى وتطاول لعنان السماء
كما الحب الذي زرعناه في رامنا هناك
وبين أحبة هناك وأحبة هنا
وبين مدينتين أحملهما معي
تبقى صباحات الوطن هي الأجمل
لأنها رويت بالحب
كانت وستبقى
فليكن يا صديقة الروح وتوأمها
صباحك أجمل في ثالث المدن التي تسكن الروح
بمودة
زياد






  رد مع اقتباس
/
قديم 19-04-2008, 04:08 PM رقم المشاركة : 222
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل/ حديث الربى

الأربعاء,نيسان 16, 2008


صباحكم أجمل/ حديث الربى


من شرفتي في عمان
بعدستي الشخصية


صباحكم أجمل/ حديث الربى

هو الصباح في عمان يشد بي الشوق لرام الله ودروبها وياسمينها وكل ما فيها، وكأن قدري أن ينازعني هوى عمان في رام الله وهوى رام الله في عمان، أجلس إلى شرفتي الصغيرة في بيتي العماني الفسيح وأفتقد فيه صومعة عشت فيها أحد عشر عاما، تركت في الروح ما تركت، وأفتقد أصدقاء وأحبة عايشوني تلك السنوات بحلوها ومرها، أتابع عبر البريد الالكتروني انطلاق مئوية تأسيس بلدية رام الله والاحتفالات التي ستنطلق اليوم، فأرى برام الله عروس تحتفل بعرسها في غيابي، فأستعيد ذكرى زواج ابنتي الوحيدة في عمان وأنا بعيد في رام الله لا أقدر أن أشاركها الفرح والبهجة.
بالأمس كنت ألتقي الأكبر من أبنائي الذكور بعد سنوات من الغياب، فآخر مرة التقيته فيها كانت بعد تخرجه من الجامعة الهاشمية وسفره للعمل مهندسا في أحد الأقطار العربية، حضر لنلتقي ولنحتفل بخطوبته على الفتاة التي أختارها عقله وقلبه، وفي المساء كنت أمارس هوايتي التي لا تفارقني بمتابعة معارض الفن التشكيلي، فحضرت المعرض الثالث منذ حضوري عمان في مركز "رؤى" ففي الأيام الأولى حضرت معرض الفنان السوري ناصر نعسان آغا "مقامات حلبية" والذي كان في آخر فترة العرض، وبعدها معرض للفنانة لمى حوراني "حجوم"، وفي الأمس كنت التقي مع الفنان التشكيلي العراقي إبراهيم العبدلي في معرضه الجميل "بين بغداد وعمّان والقدس"، فكان الفضل "لرؤى" أن أعيش أجواء اعتدت عليها منذ زمن، كما كان "للسكاكيني" الفضل في ذلك في رام الله.
عمان الهوى والطفولة والشباب والجمال تغيرت كثيرا، فحق لها أن ترخي "جدائلها فوق الكتفين"، أرقب بعيني الغائب المقارِنة بين ما كانت وبين ما أصبحت عليه عبر سنوات الغياب، فأرى عمان مدينة بدأت تتسيد المدن بجمالها وعمرانها، فامتدت إلى مساحات شاسعة على أراض كانت بورا، وأراض شهدت عيناي لها أنها كانت بيادر قمح وحبوب، وفي كل المؤسسات الرسمية التي راجعتها لانجاز معاملات رسمية وجدت التعاون والابتسامة والترحيب، فزاد ذلك من حبي لعمان وعشقي لها واعتزازي بها.
في الأوقات التي تمكن فيها أصدقائي الجميلون هنا من اختطافي من أفواج المهنئين والزوار، والتجول بي في أنحاء المدينة كنت أرى كل ما هو جديد، وفي الأيام الأولى حين ذهبت بمعية أصدقاء هم أقرب للروح من الروح، جلسنا في مقهى جفرا الجميل الذي أعادني بتصميمه وتركيبته وكل ما فيه إلى مقهى زرياب في رام الله، شعرت كم للروح الواحدة من تأثير على المدينتين، وحين تجولت برفقتهم في وسط المدينة مرورا بشارع الملك فيصل حتى المسجد الحسيني ومن هناك إلى شارع الملك طلال حتى جسر الحمام وعودة إلى مطعم هاشم الذي شكل عبر سنوات طويلة وما يزال أحد معالم وسط المدينة، كنت استعيد معهم ذكريات عمان القديمة المتمثلة بوسطها، والتغيرات النسبية التي حصلت على وسط المدينة وقلبها النابض، فكانت هذه الجولة الأجمل، ربما لأنها كانت جولة من قلب عشق المدينة يجول في قلبها، وفي لقاء آخر مع أصدقاء من اتحاد كتاب الانترنت العرب في مقهى عمون في العبدلي، كانت استعادة أخرى لروح عمان، وأما جولتي مع صديق طفولتي في أطراف عمان الشرقية واستعادة ذكريات أربعون عاما مضت فكان لها في الروح ما لها من تأثير.
وفي لقاء مع أصدقاء "جفرا" في الشميساني كنت أنتقل إلى جزء آخر يحمل روحا عمانية جديدة لم تكن في فترة إقامتي فيها، وإن تميزت دعوة غداء عائلية في مطعم بالقرب من جرش بميزة خاصة، فقد أخرجني صديقي محمد سناجلة من جو عمان إلى الأطراف والطبيعة في أحضان جرش التاريخ والرواية التي ما زالت تروي الحكاية التي رسمت فيلادلفيا، وفي ظل جو اسري حميم وحضور أطفاله المتميزين بخفة الروح والذكاء وتهامس الزوجات وربما "بنميمة" لم نسمعها قضينا نهارا ولا أجمل بين الطبيعة وأثار ما زالت شاهدة على تاريخ عريق، وفي هذه الأجواء لم يفارقنا صديقنا المشترك رقيق الروح الشاعر عبد السلام العطاري، فاتصلنا به هاتفيا لنشاركه فرحنا ولو من بعيد.
عمان حارة الأجواء هذه الأيام، ووجودي في عمان غير من برنامجي المعتاد في رام الله، فهي ضريبة الغياب الطويل والابتعاد عن أجواء الوحدة التي عشتها عبر تاريخ طويل، لكن الشوق لعمان يجعلني أشعر في كل وقت بالفرح ويدفعني لأن أجدد الأمل أن تشفى الوالدة وهي على سرير شفاؤها منذ شهور طويلة، وأشعر بالروح رغم كل ضعفها تتجدد في جسدها الذابل بتأثير المرض، فأجلس كل يوم بجوار سريرها أمازحها وأداعبها وأمنحها من روحي طاقة الابن الذي أذواه البعد والشوق والحنين.
هي عمان ترافقني هذه الأيام التي اقضيها في أحضانها، فتمازج بين هواها وهوى رام الله وبين حاضر وماض وذكريات العودة لعمان بعد حزيران والتي كنت أواصل حديث الذكريات فيها عبر الصباحات السابقة، وفي مساء الأمس وحين مغادرتي مركز "رؤى" فضلت السير على الأقدام مسافة طويلة، فالنسمات الناعمة وجمال الحي الذي يقع فيه المركز يغري على السير المنفرد إلا من روح الحبيبة، وتأمل هذه المباني الجميلة والأرصفة المزينة بالأشجار، فسرت مسافة تزيد عن الساعة لفت نظري فيها اهتمام أمانة عمان بأن تكون الأرصفة يمكنها أن تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذه لفتة رائعة فهي جزء من مطالبتنا الدائمة لبلدية رام الله، فذوي الاحتياجات الخاصة جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الواحد.
عدت بالذاكرة لعمان بعد حرب حزيران ونزوحنا لها من رام الله، حيث تنقلنا بين أكثر من بيت في أحياء عمان الشرقية بين النظيف والمريخ والدبايبة واليمانية، حتى استقر بنا المقام في جبل الأشرفية في بيت جميل وهادئ في بناية من عدة طبقات، وكان لي في هذا البيت شبه خصوصية وشرفة جميلة كنت أقضي أجمل الأوقات في قراءة الأدب والشعر والفلسفة، وبعد أن أكملت الأول إعدادي في إعدادية الأشرفية كنت قد نقلت إلى مدرسة صلاح الدين في حي الأرمن، وفي تلك الفترة كانت معركة الكرامة التي انتصرت فيها وحدة الجيش العربي والمقاومة على العدوان الإسرائيلي الذي ظن أنه جاء للنـزهة، فترك آلياته المدمرة وقتلاه في ساحة المعركة، وسحبت هذه الآليات إلى ساحة الأمانة في عمان، لنصعد إليها فرحين بنصر الله وعودة الروح بأول انتصار في مواجهة العدوان، وكان لي الاعتزاز أن أشارك بجنازة شهداء الكرامة من جنود ومقاومين، قدموا أرواحهم بكل شجاعة وإقدام في سبيل الوطن.
أجالس ذاتي التي تسكن ذاتي في نسمات عمان الناعمة في هذا الصباح، استمع لزقزقة العصافير التي تحط على دالية العنب وتطير، نسمات شمالية ناعمة، تذكّر لرام الله والياسمين والدروب العتيقة، فنجان قهوتنا أنت أنا كلانا كما اعتدنا فنجان قهوة واحد، فيروز تشدو لنا:
"يا من يحن إليك فؤادي، هل تذكرين عهود الوداد، هل تذكرين ليالي هوانا يوم التقينا وطاب لقانا، حين الوفا للأغاني تعالى، طاف الجمال على كل وادي، هل تذكرين غداة الورود حنت علينا وطاب السهود، كانت لنا في الغرام عهود صارت حديث الربى والشواطي، حين الوفا للأغاني دعانا طاف الجمال على كل وادي"
صباحكم أجمل.

زياد جيوسي
عمّان الهوى 16\4\2008


http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 30-04-2008, 08:15 PM رقم المشاركة : 223
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي صباحكم أجمل \ زهرة الجنوب

الأربعاء,نيسان 30, 2008


صباحكم أجمل \ زهرة الجنوب


من حديقة "رؤى" في عمان
بعدستي الشخصية




صباحكم أجمل \ زهرة الجنوب
كان من المفترض أن أكون في صباح اليوم متجها إلى رام الله، عائدا إليها بعد شهر من الغياب، لكن مجمل مستجدات أخرت من عودتي إليها، أطالت من لقائي عمّان الهوى، رام الله معي أحملها في كل زاوية من عمان، أزرعها ياسمينة وهوى، أجول كلما أتيح لي الوقت في أنحاء المدينة التي اتسعت بشكل كبير، لكن عماننا التي عشقنا وعرفنا منذ الطفولة ما زالت تمتلك الكثير من سمات الماضي الأقرب، وليس الماضي الأبعد الذي عشناه في طفولتنا، وعبق عمان القديمة ما زال في كثير من الزوايا، ففي زيارة لأسرة رائعة بمناسبة عيد الفصح كانت ماركا تهمس لي كما كانت في تلك الفترة من سبعينات القرن الماضي، فما زال دوار المطار فيها يعج بالمتنـزهين والراغبين في السير، وما زالت حركة المشاة تعج بالطريق الواصل بين الدوار والمشفى العسكري القديم، فأعادتني الذاكرة إلى تلك الفترة من أواخر ستينات القرن الماضي وأوائل السبعينات، حين كنا في بداية الشباب وأواخر الطفولة ونذهب للتجوال هناك، فقد كانت المنطقة التي أتحدث عنها من المطار والدوار حتى المشفى العسكري، قبلة للمتنـزهين والراغبين بالتجوال في منطقة تعج بالحياة، فبعد المشفى العسكري بمسافة ليست بالطويلة كانت حدود عمان، وحين انتهاء الزيارة تجولت بالسيارة في وسط المدينة وشوارعها، وأجزم لو أني من كان يسوق لكنت صيدا سهلا لرجال شرطة السير المنتشرين في كل أنحاء المدينة رغم الوقت المتأخر، فمعظم الشوارع قد تغيرت اتجاهاتها وما تبقى في الذاكرة فهو كيف كانت حين غادرتها قبل أحد عشر عاما من الزمن، لكني كنت اشعر بالنشوة وأنا أنظر الأمكنة وأستذكر الكثير من الذكريات فيها، وإن طال التغير النسبي الكثير من الساحات والأبنية، ولم تعد عمان تلك المدينة الهادئة ليلا، بل أصبحت تعج بالحركة في كل الأوقات، مما أفقدها الكثير من السمات التي عايشناها وعشقناها فيها، هي سنة الحياة والتغير والتطور، لكن آمل أن يكون التغير في المراحل القادمة يحافظ على روح المدينة في قلبها وحشايا القلب، حتى تبقى لعمان نكهتها التي عرفناها ونقلناها لأبنائنا وأحفادنا.
من أجمل الجلسات في الفترة الأخيرة هي جلسة حوار أدبي جميل جمعتني وصديقي د. أسامة المجالي، فقد اختطفني من بيتي وتجولنا سيرا على الأقدام لوقت طويل، ومن ياسمينة متعربشة على سور منـزل، اقتطف لي بعض من أوراقها ووردة جورية وقال لي: كي لا تفتقد الياسمين يا عاشق ياسمين رام الله، فحدثته عن أنواع ياسمين رام الله وأصولها مستذكرا ما كتبه صديقي الجميل د. تيسير مشارقة عن ياسمينها، كل هذا قبل أن نستقر على مقهى الفاروقي الشهير، المتميز بقهوته وقطع البسكويت المعجونة بالقهوة، والتي تقدم بجوار فناجين القهوة، والفاروقي بفرعيه في جبل الحسين وشارع الثقافة في الشميساني، له في الذاكرة ما له إبان إقامتي في عمان، ففي فرع جبل الحسين كنا نلتقي مجموعات الأصدقاء نتحدث بالأدب والفن والسياسة، وفي فرع الشميساني كنا نلتقي أصدقاء ندوات مؤسسة شومان، فما أن ننتهي من الندوة الأسبوعية، إلا ونتجمع لمواصلة الحوار في فاروقي الشميساني، أو نلتقي في تلك الفترة في مجمع النقابات الذي كان قلب الحركة السياسية في مرحلة ما قبل الديمقراطية وترخيص الأحزاب، وكان المجمع يشهد ندوات أدبية ومعارض فنية ونشاطات كثيرة، وكنا نتنقل ما بين الفاروقي وما بين المجمع، لذا كان لجلستي الجميلة مع د. أسامة ما لها من إثارة الذاكرة وجمالها، إضافة لجمال الحوار الأدبي والثقافي، فهو يكتب الكثير عن الذاكرة وهذا ما يشد من أواصر الصداقة بيننا، إضافة لأصدقاء مشتركين لهم عنده وعندي كل جمال وذكرى طيبة، ومساء الأمس كنت سعيدا بلقاء في مركز "رؤى، لبعض المهتمين الذين دعتهم السيدة سعاد مديرة المركز، من أجل المشاركة بالفكرة والعمل من أجل انجاز معرض يضم المقتنيات التي تعود لما قبل الهجرة من فلسطين اثر النكبة، مما جعلني أعتز بهذا النشاط وهذا الاهتمام، وتحويل الذكرى إلى شواهد تؤكد حق العودة.
ما أن أجلس إلى حاسوبي وقلمي في شرفتي المغطاة بأوراق دالية العنب، إلا وتكون رام الله هي الحاضر الأكبر، وفي كل جلسة مع أصدقائي تكون رام الله لها حصة الأسد من الحديث، ويكون لأصدقاء الصومعة الدائمين حضور طاغ أيضا، فترافقني مقاطع من دوثان للعطاري الجميل، وبعض من ترانيم أميرة السراب للدكتور هاني الحروب، ولا بد من تذكر الجميل جميل حامد وزاويته على الطاير، وجلساتنا تحت شجرة الجوز وأضواء ساحل يافا المغتصبة تواجهنا، وزياد خداش ونساءه الغريبات في قصصه المتميز والخارج عن المألوف، وأصدقاء الصومعة من الجزء الأقدم بالاحتلال عام 1948، وأصدقاء غزة المحاصرين بين الحديد والدم والجوع، كل ذلك يرافقني وأنا أتابع ما يستجد في رام الله يوميا بشكل خاص، والوطن بشكل عام، وغزة زهرة الجنوب التي تقدم الشهداء كل يوم وتعاني الحصار والقتل والجوع، والتي قدمت أما وأبنائها الأربعة بمجزرة واحدة على درب الحرية، ومنذ أيام كانت رام الله والبيرة وبيتونيا تتعرض للاقتحامات والعبث والتخريب، في نفس الوقت الذي تصر فيه أن تجعل من الثقافة والفن وسيلة من وسائل المقاومة واستمرار الحياة، فتحتفل بلدية رام الله بمرور مائة عام على تأسيس البلدية، وتحتفل سرية رام الله بالمهرجان السنوي الثالث للرقص المعاصر، ويشهد القصبة والسكاكيني والثقافي الفرنسي الألماني العديد من الفعاليات، وكالعادة أيضا لا يخلو الأمر من هجوم على المهرجانات ممن لا يروق لهم ذلك، متناسين أننا ومنذ ستون عاما ونحن نقاوم الاحتلال، وفي كل يوم هناك مجزرة يرتكبها الاحتلال، يوميا ينـزرع في الأرض شهداء كالسنديان، يوميا تسيل الدماء الطاهرة، وفي نفس الوقت لم نتوقف عن الفرح، ولم نتوقف عن خلق الحياة من قلب الموت والدمار، ولم نتوقف عن زرع الزيتون واللوز الأخضر، وكان الفن والفرح عبر هذه السنوات وقبلها في فترة الانتداب البريطاني، جزء لا يتجزأ من حياتنا، وأن الثقافة والفن كانت وما زالت بعض من وسائل المقاومة والمحافظة على الحياة.
هي عمان ترافقني ورام الله والذكريات، ففي تجوالي في عمان تقفز دوما صورة عمان التي عدت لها بعد هزيمة حزيران من رام الله، ففي تلك الفترة كانت حدود عمان الغربية هي القصور الملكية ما بين الدوار الثالث والدوار الرابع الذي لم يكن موجودا بتلك الفترة، وكان آخر ما في الذاكرة بناء كان يعرف باسم قصر الطباع أو الصباغ، فالذاكرة لا تذكر بدقة، وكان مبنى مميز بجماله والفسيفساء التي ترصع لوحة على جداره، وفي مرحلة لاحقة بني قصر الشريف الذي أصبح فيما بعد مقرا لرئاسة الوزراء، والطريق من هناك حتى معهد وكالة الغوث في وادي السير كانت خالية من السكان، وفي غالبيتها بيادر للقمح والشعير والعدس، وكانت منطقة البيادر في وادي السير تحمل اسم البيادر نسبة لبيادر القمح، فالمنطقة سهلة ومشرفة تصلح لزراعة القمح، وأما بلدة وادي السير فقد كانت في الوادي الواقع خلف معهد التدريب، ومن ناحية جبل الحسين فقد كانت حدود المدينة ما عرف باسم دوار فراس لاحقا، نسبة للشهيد الطيار فراس العجلوني، ومن هناك حتى بلدة صويلح كانت أراض مزروعة أو جبال صخرية، ولم تبدأ حركة البناء على هذا الشارع الذي بنيت فيه الجامعة الأردنية إلا متأخرة، فالجامعة كانت في بداية عهدها تعتبر بعيدة، واذكر أنه في عام 1969 أو 1970 أن الثلوج هطلت بغزارة، فعزلت الجامعة عن العالم الخارجي، وقامت آليات الجيش العربي بشق الطريق لفك الحصار الثلجي عن الجامعة، والإفراج عن المحاصرين من الثلج الأبيض، وأذكر صورة للمرحوم الملك حسين وهو يقفز عن آلية مجنـزرة أمام بوابة الجامعة، نشرت بالصحافة آنذاك وان لم تخني الذاكرة فقد كانت منشورة في صحيفة الدفاع، أما حدود عمان الجنوبية فلم تكن تتجاوز مقبرة الشهداء، والتي كانت تعتبر بعيدة عن العمران بتلك الفترة، وفي الشرق كان جبل النصر هو أقصى امتداد لعمان، بينما الآن أعجز عن وصف امتداد عمان واتساعها بكافة الاتجاهات، هذا الاتساع الذي لم يترك من أراض كانت تقينا غائلة الاستيراد شيئا.
صباح آخر من صباحات عمان، أجالس شرفتي ودالية العنب وحيدا مع فنجان قهوة، أستذكر أحبة يسكنون القلب والروح رغم الغياب، أحلام ترف في صباحي مع كل رشفة قهوة، أشعر بالحنين والشوق المتجدد، أستمع لشدو فيروز:
"اسوارة العروس مشغولة بالذهب وأنت بقلوب يا تراب الجنوب، رسايل الغياب مكتوبة بالذهب وأنت بالعز مكتوب يا تراب الجنوب، وبتولع حروف وبتنطفي حروف وبتظلك حبيبي يا تراب الجنوب".
صباحكم أجمل.
زياد جيوسي
عمّان 30\4\2008
http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/
مدونة أطياف متمردة






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-05-2008, 11:14 AM رقم المشاركة : 224
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

افتراضي

صباح آخر من صباحات عمان، أجالس شرفتي ودالية العنب وحيدا مع فنجان قهوة، أستذكر أحبة يسكنون القلب والروح رغم الغياب، أحلام ترف في صباحي مع كل رشفة قهوة،

سفير الصباحات الندية زياد الجيوسي
عمان بك نشوى
ود كبير






  رد مع اقتباس
/
قديم 03-05-2008, 04:05 PM رقم المشاركة : 225
معلومات العضو
زياد جيوسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
رابطة الفينيق / القدس
فلسطين

الصورة الرمزية زياد جيوسي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان الزيادنة مشاهدة المشاركة
صباح آخر من صباحات عمان، أجالس شرفتي ودالية العنب وحيدا مع فنجان قهوة، أستذكر أحبة يسكنون القلب والروح رغم الغياب، أحلام ترف في صباحي مع كل رشفة قهوة،

سفير الصباحات الندية زياد الجيوسي
عمان بك نشوى
ود كبير
أخي سلطان
ذو الروح المحلقة في عالم من جمال وشعاع شمس
أعتز بك
كما أعتز بعشقي لعمان الهوى
دمت بمحبة
زياد






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:43 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط