محفورا بالذهب - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: الأصمّ/ إيمان سالم (آخر رد :إيمان سالم)       :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :أحلام المصري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: طيور في عين العاصفة* (آخر رد :أحلام المصري)       :: جبلة (آخر رد :أحلام المصري)       :: إخــفاق (آخر رد :أحلام المصري)       :: ثلاثون فجرا 1445ه‍ 🌤🏜 (آخر رد :راحيل الأيسر)       :: الا يا غزّ اشتاقك (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الأزهر يتحدث :: شعر :: صبري الصبري (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: الادب والمجتمع (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: مقدّّس يكنس المدّنس (آخر رد :ممدوح أسامة)       :: تعـديل (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 15-10-2009, 09:14 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سامية فريد
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / الكنانة
مصر

الصورة الرمزية سامية فريد

افتراضي محفورا بالذهب

محفورا بالذهب


على أرصفة الوجع وقفت تنتظر مايخبئه لها القدر ، وتتأمل قطار رحلتها مع الحياة ، منذ بدايتها وحتى وصولها لمحطة الثلاثين من العمر ، حينما ولى الزمان ظهره لها ووقف يرمقها من بعيدِِ وينتشي من أحزانها …
هكذا كانت تواجه أيامها ، نهاراتها ولياليها في انتظارِ ِ دائم ِ ، تترجى اللحظة تلو الآخرى في المرور سريعا بأوجاعها وخيباتها ، لعلها يوما تحتضن الفرح الذي ضاع في خضم صدمات متلاحقة مرت بها …
منذ أن توفى أبوها حسرة على أمواله التي فقدها في مضارب البورصة وتخلى الأهل عنها هي وامها ، حتى أقرب الناس إليها ـ خطيبها ـ التي ظنت إنه سيكون البلسم لجراح زمنها ، كان هو أول المتخلين عنها ، ولم يعد هناك طارق يطرق بابها بعد أن كان بيت أبيها مأوى لكل محتاج من الأهل والأصدقاء ، فارتضت أن تقبل واقعا مؤلما وهو زواج أمها من رجلِ يستطيع أن يصرف عليهما حتى ولو كان ضريبة ذلك تعرضها لكل صنوف المذلة والهوان ..
في خضم كل هذه الصدمات المتلاحقة والتي جعلت حياتها تقف محلك سر قابلته .. ودونما أي مقدمات وجدته بينما هي سابحة في بحور اليأس تحصى أوجاع العمر …..
لم تكن تعلم إنه سيستطيع أن يحيي قلبا تصحر واجدب منذ زمن ، لتنبت وتزهر حدائقه من جديدِ ويسري النبض في أوردته مرة أخرى … أمسى هو نهارها وليلها ، كل يومِ يتقابلان ، يتحدثان ، يضحكان يسرقان لحظات الفرح ، فقد كانت تعتبرها حق قلبها المحروم ، تقتنصه عنوة من يد القدر ، وهاهي تحاول أن تستعيد مع هذا القادم من حنايا الصدفة شباب مشاعرها الذي تيبس من مذاقات القسوة …
يالها اليوم من فرحة فسيكون لها لأول مرة رجل ، هو رجل العمر وستعلن للعالم كله إنها لم تعد وحيدة
ها هو رجلها الذي جاد به القدر أخيرا بعد غياب ليعوضها عن عمر احتضر ومازال ربيعا !
اليوم سيتقابلا لقاءِِ غير عادي ِِِ، فهذا يوم عيد ميلاد حبيبها والذي اتفقا أن يكون موعد قرانهما ، وسيحتفلان به معا لأول مرة بمفردهما دون أى أنفاس ِ أخري تشاركهما اللحظة أو أي عيون ِمتلصصة تسرق الفرحة منهما ….
فقد كانت تتمنى أن تخبئه داخلها خوفا على فرحتها ، التي تخاف عليها حتى من عيون الناس !
ولما لا وهي التي عاشت زمنا بأحاسيس عاقرة وأخيرا حبلت بهذا الحب الذي انبلج من رحم نبضها وأحساسها بعد معاناة طويلة من أجل حقها في حياة نابضة .
ذهبت إليه في أبهى صورتها وانوثتها ، ترتدي أردية الحب وتتزين بحلي الشوق واللهفة التي زادتها جمالا على جمالها ، وفي يديها تحمل أجمل هدية ، مدالية فضية مرسوما عليها إسمه بحروف من ذهب ِ ، وفي مكانهما المعتاد على إحدى المراكب الراسية على ضفاف النيل وعلى نفس المنضدة ، جلست تنظره كالعادة
فقد كانت دائما تصل قبله بدقائق لتطلب كوبان من عصير البرتقال الطازج الذي كان يعشق احتسائه معها ليتبادلا الكوبان كي يشرب كل منهما من مكان بصمة شفتي الآخر ليتذوق طعمها
ولكن هذه المرة حينما طلبت من الجرسون الذي اعتاد وجودهما يوميا إحضار الطلب المعتاد تردد حينا ثم قال بتوجس :
ـ سوف احضر كوبا واحدا هذه المرة
نظرت إليه نظرة تحمل دهشة التساؤل وقبل أن تنطق سلمها ورقة صغيرة مطوية تحمل نكهة حبيبها وعطره .. انقبض قلبها ولكن سرعان ماطمنت نفسها إنها مفاجأة من مفاجأته المبهجة الطريفة ، فتحت الورقة بلهفة وجدت فيها سطرين.. سطرين فقط

(اعذريني حبيبتي اضطررت للهجرة كانت اوراقي معدة للسفر منذ ان تقابلنا ، فلم اجرؤ على اخباركِ ولم استطع مواجهتكِ ،لست ادري متى يمكن أن اعود ! فقط انتظرينى . )
و ……. ومرت السنون ومازالت تنتظر … تقوقعت داخل ذكرياتها الباقية ، ترفض الناس وتعشق العزلة مع طيف حبيبها المنتظر ، وتصطدم كل يوم بأسئلة من حولها والفضول في العيون وبصمت حائر تواجه الآخرين ،الكل يريد أن يعرف سبب عزوفها عن الزواج وهي بعد مازالت شابة وجميلة ، الكل اصبح موقنا بإن لديها سرا عظيما ….
أما هي فظلت تنتظر على عتبات العمر الباقي فارسها الغائب يجئ ويخطفها على صهوة طائرته المهاجرة الى بلاده النائية
لم تع كم من السنوات مضت ، فقط هي تنتظر الوعد ـ وعد الغائب بلا عوة ـ
حتى وضع القدر نقطة النهاية في ملحمة عمرها
والأن بعد رحيلها عرف جميع المتطفلين سرها الأعظم حينما نبشوا أشيائها الخاصة ووجدوا فيها هديتها له ، تلك المدالية وعليها اسمه محفورا بالذهب .
سامية






  رد مع اقتباس
/
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط