(قبس من ارواحهم ــ شعراء وشاعرات الفينيق/ رقم الايداع : فينيق/ 1 / 2012) - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)       :: مناصرة من خلايا مشاعري (آخر رد :غلام الله بن صالح)       :: رسالة إلى جيش العدوّ المقهور (آخر رد :نفيسة التريكي)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▂ 📜 ▆ 📜 دار العنقاء 📜 ▆ 📜 ▂ > 🔰 سجلات الايداع>>>

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-2016, 03:45 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني

الصورة الرمزية المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني

افتراضي (قبس من ارواحهم ــ شعراء وشاعرات الفينيق/ رقم الايداع : فينيق/ 1 / 2012)




الرحيل
الشاعر عدنان حماد / فلسطين



أشحتِ الوجهَ فانقطعَ الرجــاء وغـــابَ العقلُ وانطفـأ الضيـاء
كأنَّ الصوتَ صوت بنات نعشٍ صدقن النعي إذ نعت الســـماء
فعدتُ كما الكسير بدون عــونٍ فـلا سيف أفــادَ ولا مضــــــاء
وجُلت بناظري في جـوف بيت فـلا سقف يظــل ولا غطــــــاء
أكان لصبحيّ المجنــــــون ثـأر وصــــار لدَيْنِهِ مني إنقضــــاء
لتنهـــار الحصــــون بـلا نـذير ويرحــل عن بني أمي الهنـــاء
بـلا حــولٍ أدورُ كـأنَّ عينـــي غمـــوصٌ أو يجلّلها القــــــذاء
وتسألني ورودُ الـدار عنـــها أجابَ الصبحُ قد حــكَم القضاء
أترتحـــلين يـا أمــي وأبقـــى رهينَ الدمــــعِ متلفُه البكــــاء
عهدتك في سنيّ الجدبِ يُسراً وإغـــــداقاً إذا عـزَّ السخــــاء
فمـن يعـطي ويجــزيني إذا ما توانى الغيثُ وانقطعَ العطـــاء
وليسَ الربـحُ في تكديسِ مالٍ فأنتِ الربـــحُ عانقه الرخــــاء
لك العهدُ الذي ما خنت يومــا بأن أرثيــــكِ ما شــاء الرثــاء
فهاتي يا مصائبُ فوقَ ظهري حمولا لا يفارقهـــا الشقـــــاء
فاني قد خبرتُ الحــزنَ طفــلاً وأفـــراحي عنـــاءٌ وابتـــــلاء
وليسَ لقلبيّ المكلــــوم عيشٌ فـلا طــبَّ يُفيــــــــــدُ ولا دواء



نظـــــرْتُــــهــا
الشاعر عادل عباس / السعودية




نظـــرتُـها تحــــفةً تسـتجمـــعُ النظــرا و بالعيونِ تدكُّ القلــب و البـــصَرا
جاءتْ على عَجلٍ تُخفي مشاعـــــــرَهَا أعمالهُا سـبَقت أم قلبُـــها انفـــطَرا
تُراقصُ الخَصــرَ في غُنــجٍ وفي ثقـــةٍ كأنها مُـزنَـةٌ تســتقـــبل ُ الشـــجَـرا
قامت بجـــــولتِها جـــــــادت بنظــرتها (ياصاحبـــي أمـــلاً بالله كيف ترى)
حقيقـــــــــةٌ أنتِ !! إلا أنَّ غايَتَــــــــهَا مرَّت بنــا ألَماً يا سُعــــــدَ من نظَرا
كأنها الشمسُ من رِمشِ الصِبا شرقـت أو أنـها البـدرُ من أعماقِــنا ظــهـَرا
لكنَّ خـــاطرتي ضــاعت ومــا خطــرت جمـــــالُها ترفٌ ما كُـنتُ مقتـــــدرا
بل كيفَ أحسَبُــــها نحــــــــــوي كمبتدأٍ ماذا أنا ومتى أستقـــبلُ الخبَـــــــرا
كذاك كُنتُ لهــا في مـــوعِــــدي ولـــــهٌ والهمُّ أتعبني فالحــــكمُ قد صـــــدَرا
إن كــنتِ راضيــــةً عنــــي فــإنَّ مــعي دنيــاً برونقِــهَا قـــد أقبلت مطَــــرا
مـــرت وفي أدبي لـــحنٌ يســـــــطرني في كــــل قافيـــــةٍ عتّقتُهـــــا درَرا
كذاك في لــغتي حــــــرفٌ فصـــاحتُـــهُ تُهدِيكِ أمسيـــــةً قد أينعـــت فِكــرَا
حققــتُ أُمنـيـــــــةً ما كُنـــت أرقُـبُهــــا حتى وفي نظـــــري أمرٌ إذا انتظَرا
قبَّلتُــها فرحــــاً فاستشـــعَرَتْ فــــرَحي ثم انثنتْ سبباً(غادر وكُن حَــــذِرا)
فيا عيونَ فـــؤادي هل أراكِ غــــــــداً؟ أَمْ أنها فرصـــــةٌ كــانت هُنا قـــدَرا
ولَّتْ بِساعتِــــها والقلــــبُ يرسُمـــــها حُلمـــاً أحقـقهُ من بعدِ ما خطـــــرا
يا أنتِ فـاتنتي الشــــــــوقُ عـــــــذبني متى يُكــــونُ لنا وعــــدٌ إذا حضَرا
قــالت ستذكـــُرني يا عــــــــــــادلٌ فأنا كالطيفِ عـابرةٌ والوعـــــدُ قد نَدرَا
أجبتُـــها آمـــــلاً نصـــراً ظَفــــــرتُ بِهِ مِن بعدِ مُعْضِلَةٍ تَسْتَنْزِفُ الحجَـــرا
في ساعـــةٍ عَبَرَتْ في حينـــها رَحَــلَتْ لكِنَّها عَرَفــتْ كيف العُـــيونُ تـَرَى
ذِكــرىً مَضَتْ وَلَكــَم كانت ستســـألُنِي حَلَّتْ هَـزِيْـمَـتُها أَمْ قلبُها انتصَـرا ؟




فوق عتبة الريح تطرز الجبال معاطفي
الشاعرة نعيمة زيد / المغرب



لتوبة الريح هذا الصدى
هناك عند البيت العتيق تلبستك الجبال فوق عتبة الريح
لتطفو بمنتزهات الحلم قوارير حنين
تجمع المسافات قارورة احتراق
تركب ارتعاشة المساء قناديل بصهوة السماء
بأبهة الماء
مُدَّ كفيك المسرجتين للرحيل
وزّعها بأنسجتي صحائف ترقب الروح بأخاديد النهار
سقيفة لانهياري فيك
لن تفنى الظلال المورقة حين عزفها المطر بمدارج المدى
بعيداً عن رقاد المساء
وهذا الصباح المدرج بأحلام الشجر المتهالك
لسعة شمس عارية تستعيد أنفاسها
تنبت الصبار نصباً كزمنٍ حجريٍ لا يتلاشى
يعلق ضفائره الموصدة ظلالاً محتبسة بغفلة بريق الحلم الرخو
يلون جدارة البياض وسهو الألوان
بين طراوة السحاب وتباعد الخطو بالأحراش التي انتهت رحلتها بكفيك
قلعة حزن ثانية .....فهل يستعيد الحزن طفولته ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لم يضع وجهي عن خطوي في اختمار السهو عند صحو الأشجار المنبوذة بأنفاس المدافئ
بحذقات العشب المفتون بصمت الماء حين يشتاق التراب للتراب كنبوءة أناشيد الغيم المدللة بخطو الندى وهذا المدى الأرجواني ذاكرة الألواح البكر بغبش السكون
وذي أجنحة الجبال الممتدة بداخلي
ترمم جرح المرايا باحتفال النور اشتهاءً لنبضٍ موحشٍ لاحتضار طويل
لتنتصب الملامح قلاعاً ومآذن وموجاً عنيداً
كيقظة المدن الغافية عند مدار الشرفة بلا صخب لا يطالها الغرباء
تحضن الأرز مُضمَّخاً بغموض الإشتهاء
كلما انتبه العشب لخطو الندى فيه بدفع تدفق حلم تشد وثاقه
السماء وجيباً لجزر النور بخلجان الروح ..



النهارُ لا يَكفي كُلَّ البِلاد !
محمد مثقال الخضور




التاريخُ . .
أَنْ تتبرَّأَ وردةٌ من وعائها الشائِك
وتعلنَ أَنَّها لَمْ تَتَعَمَّدْ الوخزَ
فَتصبح جُزءًا مِنْ ثـقافـةِ الحُبِّ
يُجفِّـفُها عاشقانِ ، وَيتبادلانِ – في حَضْرتِها –
القُـبَلَ . . والذكرياتْ !
أَنْ تَـعثُرَ أُمنيةٌ على هَيكلِها العظميِّ
في مُتحَفٍ لِلمؤَامراتِ
وَأَن تُسهبَ في تَشريحِ جُـثَّةِ الجاهليةِ . .
حينَ تُسأَلُ : بِأَيِّ ذنبٍ قُـتِلَتْ ؟
أَنْ يَـغفِرَ الأَطفالُ لِلفَقرِ ما تَـقَدَّمَ مِنْ أَعيادٍ
وَأَنْ يَـثِقوا . . بِما تَـأَخَّر !
أَن يَكتُبوا في مواضيعِ الإِنشاءِ . .
ما يَجعلُنا نُشفقُ على الأَعداءِ و "الغولةِ" والحرامي !
في الوثائقِ . . يَحارُ في تَـغريبتهِ الرغيفُ . .
أَيُّ النهاياتِ أَكثر مُتعةً من الموتِ . . ؟
فالحصادُ آخرُ أَوجاعِ السنابلِ !
الطحنُ آخرُ أَحزانِ الحُبوب !
الأَفرانُ محرقةُ الدقيق !
المجدُ لا يَحتملُ الزحامَ
ولا يكتفي بِحُسنِ نوايا البُذور التي تُعاشِرُ الطينَ
لكي تَستدْرِجَ المطرَ والانتظار !
التاريخُ جَدَّةٌ حزينةٌ لا أَحفادَ لها
تُحَمِّلُ النهرَ حكاياتِها على سُفنٍ من ورق
وتَتركُها رهينةً للوعورةِ . . والسدود !
العرباتُ التي تجوبُ القصصَ بحثًا عن العناوينِ
لا تَذكُرُ الأَسماءَ . . حين تدوسُ صفحةَ الوفـيات
التاريخُ لا يَـئِنُّ ، إِلا حينَ يَسقُطُ الحُفاةُ
وينتصرُ الآخرون !
الموتى أَقلُّ رغبةً في اختيارِ المكانِ
نُقطةُ الضوءِ تَضَعهم حيثُ يشاءُ الظلامُ
وكُلما نَهَضوا . . تَسقطُ ظِلالُهم على قِصَّةٍ مُهملة
سيحتاجونَ دهرًا واحدًا فقط
لكي تَعثُر عليهم النقطةُ الأُخرى . .
فَتحمي ظِلالَهم من السقوطِ
وأَنينَهُم . . من الموت
النهارُ لا يَكفي كُلَّ البلادِ
يأْتي مُتقطِّـعًا . .
يُعَلِّقُ شمسَهُ بينَ ليلتيْنِ
وكُلَّما دَخَلَ قريةً ، أَفسَدَ فيها صَمتَها . .
وَوَزَّعَ ما يشاءُ من الظلالِ . .
والأَوسِمة !
الليلُ تاريخُ النهاراتِ البائِدة
تكتبُهُ نَجمةٌ خارجةٌ من السجنِ . .
قبلَ أَنْ يَنثُرَها الحزنُ شُهُبًا على الساهرين
الصمتُ تاريخُ الكلامِ . .
تُدَوِّنُـهُ الأَرضُ الساخرةُ من البذورِ الهجينةِ
وأَسمدةِ الغُرباءِ . . والمشانق
التاريخُ أَنينُ الكونِ . . والوقتِ
نظرةُ طائرٍ جريحٍ إِلى بُندقـيَّةِ صيَّادٍ أَنيق
صمتُ الناجين من العرباتِ الماجِنة
وطفلٌ . .
يَغرسُ زيتونةً في أَرضٍ محروقةٍ . .
وَيَكبُر . . !
قبيل الرحيل
الشاعر محمد خالد النبالي / الأردن
ويُخفيني غدٌ تَخَفّى بالرماد
لِتَلُفني ستائرُ من سواد
وأتسللُ إليَّ َعلى جناح ِ الدفءِ
أُشرقُ على ذاتي المتكورةِ
متسكعاً في أوهام الحُلُم
أتسولُ بضع َ ثوان ٍ
للمسيرِ باتجاه الشرق
باحثاً عن منبتِها
لكنني وإذا ما أضَلتني الطريق ُ
أرسلتُ كل الأنظار
إلى الضفةِ الأخرى
باحثاً عن مخدع ٍتنام ُ فيه ِ حبيبتي
علّها تعود ُ إليَّ على أجنحة ِ البشائرِ
مع النسيمِ والندى
علّها تُبعثُ إليَّ في سُباتي
رياح ُالمزنِ والثلجِ والمطرِ
فأغْرِسُني في كلِ الفيافي
بذرة َ حكمة ٍ
عَلّني أُورقُ ... أشجاراً من أزلْ
حالم ٌ أنا
أنتظرُ المفاتيحَ المُنَزَلةِ من السماء ِ
لخزائنِ القلوب ْ
أَزِفَ العمرُ وأنا قابع ٌ في تلافيفي
أُرسلُ ناظريّ
لميلادها المهيبِ
اشهد ُ معَ كلِ فجرٍ
ولادتي وابتسامتَها
فتَمضي أيامي سويعات ٍ
لأقف َ مُتسمراً أرقبُ إغفاءَتها
تَحْمَرُّ عينايَ ...وتنثرُ حبيبتي دماءَها
كل يوم ٍ
شفقاً يجمعُ كل العشاق ِ
الذينَ سافروا معي في قاربِ الأمس ْ
يُدهِشُهُم ْ احمرارُ البحرِ وخدُّ السماء ْ
قُبَيلَ الرحيل




يا منكراً زهوي
الشاعرة مقبولة عبد الحليم / فلسطين




شرقيـــــةٌ كم يا نقـــاءُ ستـــحتفي لمَّا بشالي والصبـــــا أتمـــــارى
جـــلبابُ عـــزٍ بالجمــــــــالِ يلفّني وبه المفــــاتنُ حشمــــةٌ تتوارى
لم يغشَني بــردُ الشتــاء فخــافقي دومــــــاً تلّظى كالحميــــمِ وثارا
أنـثى حَبـــاني اللهُ طُهـــرَ أنوثـــةٍ تهمي بجدبِ سنينِهم أمطـــــــارا
معجــــونةٌ روحي ببلســــمِ عِفــة فــاحتْ على جمعِ النّساءِ وَقَـارَا
شرقيةُ الأخـــــــلاقِ سيّدة النقــــا فَنَّدْتُ دومًــــا للعِـــــدَا أوطَــــاراَ
تمضي بصدرِ الغربِ أسهمُ هيبتي وتصيرُ في أيــدي الأكـــارمِ غَارَا
يا مُنكِراً زهوي بشـــــالي لا تَسلْ عمّا دعــــاني أحضــــنَ الأسرارا
لي بالنّســـــاءِ العاليــــاتِ تَمثــــلٌ بنساءِ أحمـــدَ صحبـــةً وجـوارا
لم ينتقِص لبسُ الحـــجابِ فضيلةً بي ،فالحــرائرُ أنجبت أحـــــرارا
شرقيـــةٌ ودماءُ شـــرياني ارتوت بعفـــافِ روحي مذ لبســـتُ دثارا
أوراقُ أزهار الربيــــــع جدلــــتها ولبستُ منها خاتَمـــا وســــــوارا
وعجنتُ حنـــــائي بليلِ صبابتـــي خضَّبــــــتُ كفي للحبيبِ جهــــارا
ونثرتُ كحلي بالعيـــــــون فزانها رمشٌ به ليل المسّهــــد حـــــــارا
شرقيـــةٌ سيظلُ عطـــري والمدى مطراَ يروّي في الحســـــود قفارا
ورضـــابُ شهد للحبيب نـــــذرته كالـــوردِ في حضــنِ الجنائن ثارا
سأظلُّ كالنجماتِ يحضنُها السمــا وتظلُّ ترقبُها العيــــونُ سهــارى
إني على شرعِ الحجـــابِ حفيظة مهما خبـــا مكرُ العــــــدا أو فارا





نقوش على جدار قديم
الشاعر عيسى ماروك / الجزائر



أتيتكِ...
نورسَ عشقٍ
دعته شواطئ ذاك الحنين
فلمْ تقبضين يديك ِ
تثيرينَ هوجَ العواصفِ في عيون النهارْ !
أتيتك ِ...
مثلَ السنونو
ترحّلَ عن عشّه ألفَ عام
فلمّ تغلقين الشبابيكَ في كل دارْ!
أتيتكِ...
شهقة عشقٍ
تتيهُ المفاوز في غربتي
علام تطيلين منفاي ؟!
إذْ ترسمين له ألفَ
تأشيرةٍ من عذاب
وألف جدارْ؟!
وها جئتكُ الآن ...
إني المسافرُ وشَّت
لياليه نجمةَ شوق
فلِمْ تجعلين من الحزنِ أثوابه
...والدثارْ !
وألجأ نحوك ...
أحملُ جرحِي
فما مدتِ الريحُ أذرعَها
كي تُريني مكاني
ولا دارَ كأسُ الحنين
على غربتي
... حين دارْ !
تعبتُ ... وأتعبني البوح
هذا الشتاءُ طويل .
لماذا منحتِ فؤادك للريح ؟!
ثمًّ نسجتِ الرؤى كالظلال
على فرحتي ..
فمتى سأظلُ غريباً
كرسمٍ على ذا الجدارْ
فيا نخلةً القلب
لمّا تسعْها الرمال
تَطاولَ فيها الحنين
مُدّي ضياءَك
نحو الليالي
ليبزغ فجرُ الأماني الكُبارْ !




هرطقات عاشق سابق -أو هكذا ظننت-
أحمد محمد السويدي/ الإمارات



مع ذاك روحي عند بابك قاعـــــــدة تبكي وتصرخ في الوجــــوه الجامدةْ
الصبـــر يتّـــــم في الــورود حنينها واللّيل من ولهٍ يشمِّــــر ســــــــاعدهْ
وأنا الذي قلّمت أظفــــــــار الهـــوى فعـــلاما تحــرقني الخدوشُ الحاقدةْ
وعلاما شعــــــري لا يثورُ جُنـــونه وتخــــرُّ أبنية الحقيقـــــة ساجــــدةْ
أيزفني شَفــق الـــــــدُّجى لخيـــالــه والذّكــــريات تفرُّ خوفــــــا جاحــدةْ
تلك الدُّموع غزت وجــــوه وسادتي واللّيل يقصف في السُّكون مساجدهْ
لأقيــــــــم في محــــــرابك متنســـكا وتظل تلك الأمنيــــــــــــات مجاهدةْ
وأكاد أرقص في الخــــــراب بنشوةٍ مع أن أنغـــــــام العشيــــــــة باردةْ
فلتضحــــــك الأهــوال رغم براعتي ولتنثني عنــــد الهجــــــوم معـاودةْ
ولتأخـــــذي مني فتـــــــــات محبتي ولتكسري بالجــــــوع فكّ القاعــدةْ
ولتسرقي شمس الضحى من داخلي ستظل روحي رغم ذلك صــــــامدةْ




هجرة أب
الشاعرة ناهدة حجازي / لبنان


قرَّرَ أبي الهجرة
فـ سلك بنا درب المدينة
خاوية كانت عيوننا ،، وحزينة
يا أبانا ،، تمهل
لِمَ إلى المدينة تحث الركب؟
لِمَ تتعجل؟!
يا أبانا ،، هذي بيوتنا وحقولنا
أخواننا ،، وألعابنا
وهذا ،، قرآن الفجر يرجونا ألا نرحل
لِمَ إلى المدينة نرحل ؟!
لِِمَ إلى المدينة نرحل ؟!
يا أبانا ،،
نحن نخشى في هذه المدينة شاهق البنيان
وأزياء ،، عجيبة لا تستر الأبدان
نخشى ،، عجلة الحياة
تسيرها تكنولوجيا ،، يسيرها الهذيان
نخشى ،، صلابة هذه الأرض
تحطم مبادئ الفلاح فينا ،،
وتكسر في عمقنا الإنسان
غريب ،، بدا بالأمس أبانا
قبل أن يموت
مسَّه الكبر ،،
وأراد لـ قرية ما ،، أن نعود
تحدث عن ،، إخوان
وحقول ،،
وقرآن فجر ،،
وأشياء كثيرة ،، ليس لها وجود
رحمه الله ،، آخر ما تلفظ به
علينا أن نعوووو.....



كتاب الاعترافات
الشاعر د.محمد الأسدي / العراق


(1)
اعتراف النّفَّري

لم أقتـــرب مِنِّي ولـــم أبعُـــــدِ أسئلتي غــلت و غُــلّت يـدي !!
المطَـرُ المُجْمِـــــرُ لـم يروِنـي وحشرجات الناي في معبـدي
تصــدق يا ظل مرايا الهــــوى كــاذبـــة تكــــذب يا هدهــدي
غـــــدي تخطّـ فـرأى أمسَـــهُ ومـا تخطّى الأمسُ نـحوَ الغَدِ
فليـتَ عقــلـي بــات مستحكـم النوم وأَنِّـي لـم أَدَعْ مرقـــدي
طــاردتُ نفسـي فـي متاهاتها وأبطـأَ الموعـــــــودُ بالمـوعِـدِ
وكـان سـرُّ السِّـرِّ في هاجسي نافــــذةَ الأمـسِ و رؤيـا غـدي
أطْبَـقَ وهــمٌ حالِـكٌ وانطـــفَتْ إشـراقــــةُ الحـدسِ ولـم أهتـَدِ
لا وجه لي لا اســم لـي لا غد لا صوت لي لا ضوء يا سيدي
لا أين لي لا حيـث مغموســةٌ كينـونتي في العـدمِ المُزْبِــــــدِ
تـلتـقم الأمـــــــواجُ ترتيـلتـي وعـتمَـةُ الأبـيضِ والأســـــوَدِ
الاتـجــــاهــــــات خـيانــاتُهـا تَبَوْصَلَتْ فـي الأفقِ المُؤْصَـــدِ
أقصــى يقينـي منتهى حدسِهِ وفي خَفـائي منتهى مشـهــدي

(2)
اعتراف الخيام

لم تشبه الخمرُ حزني صاحيــــا ثمِلا ولا يقيـني وظنّي حيثـــما رحَـــــلا !
سقانـيَ الســــــرُّ إكسيـــــراً فأسقمن وزاد جمري عطاشاً ما بهِ اغتسـلا
كانت أبـاريقــه تختـــــــــال أشرعـةً وكـان منه النـــــدى ينصـبُّ مشتعلا
عرفتُـهُ يتبـــــــاهى في طفــــــولتـِه وزاد فـيـه ذهــــولـي عندما اكتهلا
أزيـدُهُ كلَّمــــا لجَّ الغُـــــرورُ بهِ حبّـاً وأوسِعُــــــهُ صبــــراً إذا " زَعَــلا "
مفـازةُ الحُــــزْنِ لم أَنْحـــرْ غياهِبَها ظـلامُها بالظَّـــلامِ الحالِـكِ اتَّصــــلا
أشباحُها الســـــودُ لم تبرَحْ معابِرَها وضــــوؤُهـا أسوَدٌ يستغرقُ السُّبُلا
تعثرَ الصـبـــــــحُ في وعثـائها تعـباً مما ادلَهَمَّ وسار الطفـــــلُ مُكتَهِـلا
فما رأى أحـــدٌ في غيــــر واقعــــها شمسَ الرمادِ أو الماءَ الذي اشتعلا
مواعــــظ الخمر ماعادت لتسكرَني ولم تعد تطرد الوَجْـــــــدَ الذي ثَقُـلا
خرجتُ من جـنة التفـــاح تمكُرُ بي عِبارَتي عالِقاً في التيـــــــــه منخَذِلا
وهبَّ صوتُ أبي الهدار يعصفُ بي ارحـــــلْ بعيداً وجِدْ عن جنتي بــدلا
عثـــــرْتُ بيبل بِهِ لــم أدرِ أيهمـــــا كــان البـــــرئ ومن لم يقترف زللا
وقبـل أن تملأ الديـدان جمجمتــــي ملأتها نغـمــــــــــاً يستنطِــــقُ الأزلا


(3)
زليخا

ظـلٌّ يتـيه الوقتُ في صـحــــــرائه النـارُ و الأمـطـار من أسـمــــائـهِ
الصبح من نظرائـه والشمس من حسـاده والنجـم مـن جلســـــائهِ
نفَـخ التـفــــــردُ روحـه في نصبـهِ سجـد التـأنـقُ هيـبــــــة لـعرائـهِ
ظِــــــلٌّ تلَـظّى فـي جهنّــــمِ حُلْمِـهِ حُلُمٌ يُرَتِّـلُ حشــــــرَجاتِ بَـرائِـهِ
شرب السمـاء و أقمحَـت نـيرانـهُ فتعـذرَ الإيضــــــاحُ في إيـمـائـهِ
تتشاجــرُ الأضدادُ فيه طلاسِــمــاً مِن يقظـةِ المعنى ومِـنْ إغـفائِهِ
داوتـه آلهة السمــــــوم بـدائـه وتعثَّـرَ الـتأويلُ فـي سيـمـــــائِهِ
عجَنَ الذُّهولُ جهنّمـاتِ سُكونِـهِ في زمهريـرِ الصيفِ بعدَ شِـتائِهِ
فحـضــــــورُهُ بغـيابِـهِ ووقـــارُهُ بجنـــونِـهِ ووجـــــــودُهُ بِفَنـائِـهِ
يشـدو بلُثْغَتِـهِ سحيقـا في الندى يُدني الترابَ إلى رحيـقِ سمائِـهِ
قد كانتا رتْقــاً سمـاواتُ الهــوى وترابُـهُ فـأجـــــــدَّ في إنشــــائِـهِ
وامـتدَّ مِن عـدَمٍ كيـاناً غارقـــــا بالمستحيـلِ فـكانَ بعـــدَ خَـوائِهِ
متأرجحـاً في الوهـم يجبـلُ ماءَهُ من نـارِهِ أو نـــــارَهُ مـن مائِـــهِ
نادَى بلاجـدوى وطاش صَوابُهُ وجوابُــــهُ مازادَ عـــن أصدائِـهِ
تغـزو غوايـتُـهُ النبيــةُ جنـــــــةً فتتيهُ حـدســــاً في لـظـى إيحائـهِ
أمِنَ الخطيـئـةِ أن تَـقُـدَّ قميصَـهُ أم قلبهـا المقـدودُ من أخطـائهِ ؟؟!

(4)
اعتراف أبي العلاء

طلقـتُ دنـيـاً عليها النــــــــــاس تختـلِفُ ولم أكـن من قطيــعٍ همُّـه العَـلـفُ
لم أمدح النـــــــاس أو نفسـي فأجمعنـا لـلشـر أوعيـةٌ والمنـتهـــى جـيـفُ
وكنتُ دومـاً أنـالم أنمســــخ عُقَـــــــــداً ولـم أقـل من غـبيٍّ كيـفَ أنتصِـفُ ؟
من قال بالفكـر بالإنـســــــان منعتِـقـــــاً بلى أنـاذلك الإنسان أعتــــــــــرِفُ
وأنت من أنت ؟؟ تجـتابُ العصورَعمَـىً معـانـداً من صديـد الحُمْـقِ يرتشِـفُ
ما زلـتَ تسألــنا عنـــــــــا وترسـمُـنـــا كمـا تشـاء وإنـا فـــــوق مـا تصِـفُ
بيـن السـمــــاواتِ مـعـــــراجٌ يجنِّحُـني بسعـفـةٍ وعــــــــراقٌ حيثـمـا أقِـفُ
لم أنخـرطْ في حصـارٍ في سوى نسَقـي لم أنمسِـخْ لقنـاعٍ والمـدى صـــلَـفُ
ملآن من غصص الأجيال في سفـــري ظمآن من منبـع التكويـن أغتـــرفُ
وكــــــــــان ذنبـيَ أنْ أتعبْـتُ أزمـنتـي فكلهـنَّ سـؤالٌ : كيـف أنعطِــــــــفُ ؟
وكيف أعيــا ومن يجتَـثُّ أسئـلتــــي ؟ وكيف يخمد في قيثـارتيَ الشـغَــفُ ؟
يا سيدي لصـغـيـرٍ غــــــاب كـافلـــــهُ أعيـــــا وتجعلنـي عيـنـاه أرتجــفُ !!
وحشرجـاتُ الضـحايا في مصارعِهــا في مسمعيَّ يُـدَوِّي رجعُـهـا العـصِـفُ
فــلا مــــــلامَ ولم أُهـرع لنجدتِهــــــِم إذا تَقَهـْقَرْتُ نحـــــــو الـذاتِ أعتكـِفُ


(5)
اعتراف نيرون
كانت جماجِمُكـم في الســـكرِ آنيتي و المـــــــاء من نازف الأجسادِ أُسقاه
وكان أجملَ لحـــــــنٍ مـر في أذني أنينُ مستضــــــعفٍ يعلــــو ومبكــــاهُ
إيقـــاعُ رُعْبٍ جـــــميلٍ لا نظيرَ لهُ فيه الصــــــراخ وفيه الذعــــــر والآهُ
الأرضُ قبرٌ كبيرٌ والمَــــــدَى كَفَنٌ تَقاسمــــــتْ ليلَهُ المســـــــدولَ موتاهُ
شر التلاميذ إبليس بمــــــدرستـي مــــــا كانَ أكسَلَه دوماً وأغبــــــــــــاهُ
كم راحيدرس أفـــكاري ليفهمـني فآبَ بالخـيبـــــةِ النكــــــــراء مسعـــاهُ
خيالــهُ قاصـــــــرٌ عما أُؤسِّـســهُ وكل ما عنــــــــــــدَهُ مني تَلَقّــــــــــــاهُ
ضاقتْ بي الأرضُ كبراً وانتهيتُ إلى ثقبٍ من الأرض يأبَى الفأرُ سُكناهُ
إلهُ نفسي الــــذي وحـــــدته أبداً بعــــــد الّتي واللُّتـَيّا خــــــــــانَ مولاهُ



وحيدين
الشاعر عبدالله نفاخ / سوريا



وحيدين نمضي
كراعٍ على دابة عجفاء في سهوب الحزن
وحيدين تأكلنا النار
فنردها عنَّا بسيفٍ من عزمنا لا نملك سواه
وحيدين
صقيعُ الغربة يحطِّم عظامنا النخِرة في ليل التنهدات ،
لكنَّ الدفء يغمرنا كلما رنونا إلى تلك النجمة المتورّدة نوراًً في قلب السماء
وحيدين تنصبُّ حولنا شياطين سوداء قميئة تعدو أسرع من الريح
بيد أن في قلوبنا تروساً تردها ، تروساً لا من حديد ، بل من ورود ، من أغصان زيتون ، من شجر البشام و الأراك
وحيدين يُسلّينا أن الوحدة و إن كانت غربةً فهي كذلك صفةُ الخالدين
و نحن قد كتبنا أسماءنا على رقيم الخلود ، بأحرفٍ نصفها من نور ، و نصفها من دماء




صبحٌ بمرتبةِ الشرفِ
الشاعرة خولة عبد الكريم / الأردن



صباح الفُلِّ والعنبَرْ
صباحُ الشّهدِ إذ يَقطرْ
صباح الضّوءِ يا قلبي يمورُ بدوحِك الأطهرْ
يَشِفُ برَوْحِ أنفاسكْ
يَبُلُ بها شفاهَ الوردِ كي تفترَّ عن فرحي بلمحةِ طَرفِك النّيِّرْ
صباحُ البِشرِ أجمَعهُإذا يهفو يَحُفُّ ببَسمكَ الأسمرْ
صباحُ إفاقة الدُنيا مُوشّحةً بدحنونٍ
مضرّجةً بلافِندرْ
صباحُ الجنّةِ الـ فيها تَماهى وجهُكَ الدُّريُّ
يُطلقُ في فضاءاتي كواكِبَهُ
سُروبَ حمائم البشرى
لأستبشرْ
يُفتِّحُ ومضةً جذلى شُعاعُ الفجرِ يا أبتي
لترفِلَ هيبةً تترى،
بأنّكَ أيّها المفطورُ من نُبلٍ ومن شرفٍ ومن لُطفٍ
كما لم تَعرِف الخَطراتُ سائرها
كما لم تدرِ خافقةٌ ولا سِيَرٌ
تُعمِّده برفْعتِه وسَطوته خُطوطُ جَبينِك المرفوعِ مِحرابا وقنديلا
فيدلفَ منْ نوافذنا عريقَ النّبعِ مُنداحا
خِلال السّورِ، في الباحةْ
على أعتابِ حارتِنا
ضَفائرُ تُطفِئُ العتمَةْ
وتُشعلُ روحَها عِطرا مُبارَكةً
تُمشّطُ صحوةَ الزّيتونِ، تلثمُ زهرةَ اللّيمونِ، تغمرُ غرسَةَ الزعترْ
تُوشوِشُها على مهلٍ
بأنّكَ يا معينَ الخيرِ
قدْ أرخيتهُ نَهرا بحسٍّ جاهرٍ ثَرٍّ
ترطّبُ ريقَ هذا الكون من عتمٍ ومن ملحٍ ومن رملٍ!
بأنّ الصُّبحَ –باسم اللهِ- قد أسفَرْ
بِشاراتٌ تفيضُ بنفحِها نشوةْ
تُدغدِغُ رعشَةَ العصفورِ إذ يَنقرْ
على أغصّانِ نافذَتي ترانيما تَحُطُّ بجفنِيَ المُحترِّ بردَ النّورِ في ظلّكْ
فأستبشرْ
بأنّ إفاقةً للفجرِ في عينيكَ قد نَدَّتْ
لتنشلَني مِن الأضغاثِ تَسفَحُني بجفنِ الليلِ
ألقتنيْه نجماتي بلا دُثُرٍ
وقد سَرقتْ خيوط قميصيَّ القاني ولم تَذْكر !
وأستبشرْ
بأنّ خريرَ ألحانٍ سيَغمرُني
بُعيدَ دقائقِ الأزهارِ تَسبِقُني إلى بسمِكْ
يَلُمُّ فتاتيَّ المدعوكِ بالظُلمة،
وأدنو واختيالِ الشمسِ ضاحكةً إلى دفْئك
تُحاذيني فتُعشبُ بي
قِفارُ الروحِ في لمحةْ
لأنك قُرّةً للعينِ
هذا النُّورُ أجنحتي
أيا أبتي
وهذا الصُّبحُ مُخمَلةٌ تلفُّ يباسَ أوردتي
وأنّكَ يا نديّ القلبِ إذ تَثني عن الاصباحِ أستارا لكي يعبرْ
تَرفرِفُ خُصلةٌ مِن ضَيْ
لأمسكَ طَرْفَها شَغَفا وأترُكُني أُحاطُ بأمنِ مسكَنِها
كما الريشةْ
تُطوّحِها خيوطُ الشمسِ بالبهجةْ
فتنشرُ فيّ أطياراً وتُنبِتُ فيّ أنهارًا وأشعارًا
تُعَلّقني كياقوتةْ
بهامِ الكونِ
يا أبتيْ
صباحُ الخيرِ يا نوري ونوّاري
صباحُ السّبحةِ الخضراءِ نابضةٌ ومن خَفَقاتِها قوتي
صباحُ الشّمسِ إذْ تُنْثَر
نُبوءاتٌ إلى فرَحي
وتَعقِدها على قلبي كما الرُّقيَةْ
لأنّك يا أمانَ الرّوح تنقِشُها على الشّريانِ فاتحةً
لأنّك كلما جِئتُكْ
بأشجاني تُؤلّفني، بكوبِ القهرِ يَشرَبُني
مسحتَ بغيثِكَ الخَيّرْ على جُرحي
تمرُّ بهِ على خدي، على بَصري
تُزيحُ بهِ تَعِلّاتي
تَردُّ إليَّ مِرآتي وتُهْديني فراشاتي -التي ضاعتْ بدربِ الجدبِ- أطواقاً
فأستبشرْ
أيا وطناً
مِن النّدِّ والأنداءِ والخُضْرةْ
حَفيفُ الصُبح في جنبيكَ
يَرْوي مِن عُيونِ الطّهرِ شوقَ أناملِ الدّحنونِ للكوثرْ
يُضاحِكُ شَيْبةَ الأبوابِ يُثمِلُها عناقيداً إذا تُضمِرْ
يُغازلُ فرعَ داليةٍ تُهدّبُ -من زمانِ الحبِ- ظل السورِ نمنمةً كأهزوجة
تُخضِّلُهُ أيا أبتي مُبارَكةً إذا تنفضْ
عن الكفينِ -من عُمرٍ ومن تعبٍ- رذاذَ وضوْئك الطّاهِر
لتنموَ في ذؤابتِهِ تهاليلٌ
وتَصحو من تبلّلِها عروق التينةِ السمرا
ويسمينةْ
تدُسُ بفرعِها طَوْلًا لحضنِ الدارِ من شوقٍإلى فيئكْ
إلى صَوتكْ
تَرِقُّ لتسْمعَ البُشرى
بأنّ الصبحَ بسملةٌ -على شفتيك- خاشعةٌ
فتستبشرْ
ضميرُ الصُّبحِ من ذكرى يُجاذبُني
رواجعَ خطوةٍ نُحِتتْ على جسدكْ
مذ الأيامِ حَبوَتها على وجعِك
ومن أملِك
وقد سلكتْ دروبَ الجّمرِ طلعَتَها
يُحدثني
بذاكرةٍ أصابُعها مُجدّلةٌ مع الأسرارِ في بيدر
أوانَ الحرثِ شقشقةً مع الشقوةِ !
قد استودعتَ سُنبلةً جيوبَ الصبرِ
خَلّتْ غَصّةَ القشة
وهزّت مع عُذوقِ الريحِ جذعَ الأرضِ كي تسّاقطَ اللقمةْ
فتفري جوعَ تنورٍ يُغافِلُ وجهَ ذاكَ الطفلِ من مَهْجر
إلى مَهجرْ!
ودارتْ في ديار اللهِ تطحنُ قلبَها غُربةْ
وتوزِنُ عمرها حِنطةْ
فتُنضجهُ على ضلعٍ مِن المَرمرْ
على صبرك
كأرغفةٍ لثغرِ رحىً
لتطرحَ أُكلَها بيدرْ
بلا غصةْ !
ويصخي السّمعَ وُجداني
أ يا أبتي
على الاصباحِ تحمِلُني إلى مُدنٍ واطيافٍ
بتَرْحالٍ كأسطورة
يُسوّرني برسغيهِ
وتدفَعُني حكاياتُك
خيوطُ النجمِ والأنسامِ والأطيارِ أرجوحة
وارجعُ طفلةً تغفو على سحرٍ
وتنساني متاهاتي وغيماتي ومحبرةٌ مُسجّرةٌ
وأشواكٌ تَغوصُ بقلبيَّ الصوفيِّ
إذ تُرخي عن الاسرارِ عُقدَتها
وتأخذني لخابيةٍ ومارِدها وجِنّيةْ
كقبّرةٍ كحوريةْ
على كفْيَّ تُسكِنُها على كفكْ
تُهمهِمُ لكْ :
صباحُ الفُلِ والعَنْبرْ
يَمورُ بدوحِكَ الأطْهرْ
يُغرّدُ حولَك الإصباحُ يا وهجي
يُعششُ في مسافاتي مدى نبضي
مدى عمري
صباحُ الطيبِ والهيبةْ
صباحٌ من سنا تهفو حناياه
ويحبِكُ من خيوطِ النورِ كوفيّةْ
يُضوِّعها وجيبُ القلبِ بالنجوى تَراتيلاً
يُوسّدها على كتفيكَ
تعويذةْ
صباح النور والبركة
صباح الشهدِ والريحان والرمان والسكرْ




مرآة وثلاث قصائد
الشاعر جابرالبطة / فلسطين



حاولتُ رَسْمَ الأمس يا أمّاه في كل الصُوَرْ
فاطلَّ سورُ الصينِ سَدّاً لا يَلينْ
وعليهِ يقبَعُ حارِسان
بيض السّحابِ مع السرابِ وخارطة
رسموكِ يا أمي مُجرّد ذاكرة
ليزيّنَ الأعناق والجدران فيك الأدعياءْ
في صكِّ عِشقٍ مبتذلْ
حاولتُ رسْمََكَ يا كبير ويا صغيرْ
يا من تلوذُ إلى الشعارِ من المِحنْ
فإذا القبورُ وكل أشكال الرمادْ
وهياكِلُ المَوتى وأشرعةُ الغَجَرْ
والكلُّ يلهَثُ أو يَئِنُّ من الطقوسِ وينتظِرْ
النّفْخُ في الصُوْرِ العظيم
حتى يفيقَ متى العقاب !!
متى العقاب
حاولتُ رَسمَ أميرة الأحلامِ في أبهى الصور
فأطلَّ لونُ الصبحِ والميلادِ
من سيفٍ ومعتصمٍ وثب
في ليلةٍ ظلماءَ زانتها نباريسٌ أُخَرْ
تدعو إلى بعثِ النهارْ
وتحثّ موجَ المارد الجبّار ألاّ يستقرْ
حتى تغرِّدَ للأزاهيرِ الطيور
وتؤول للأشجار أسراب الحبر


"رسالة البريد العاجل"

أفيقي يا عروبة من سُبـاتِ وذودي عن ثرى السلفِ الأباةِ
بكيـــت لأمــة تحيـا بـــــذلٍ وتجثــو فــي خنــوعٍ للطغــــاةِ
بكيت لأربع أضحت مشاعاً مراتــــع للحـــواة وللغــــــزاةِ
فأين الهــون من مجدٍ أثيلٍ وأين اليوم من أمسِ الكمــاةِ !




كأن المعنى يونس في الظلمات
الأديب جمال الجلاصي / تونس



للأمطار بقيةٌ قد تنزل، وقد
البرقُ الكاذب، والخطاف الذي جاء يبّشر بربيع لحظيّ ما كادت أزهاره تبزغ حتى
لا شيءَ سوى رقصاتِ الريح توقّع رقص الأشجار المجنونة،
وتخلق زئبقاً لوزن الكتابة المحتفلة بالمعنى، المعنى الذي تكتشفه الكلمات حين تخلقه
بمَ سيُغفر للشاعر؟إلاّ بصبره على جنون الريح وهي تلاعب جبة الحلاج مقهقهاً
في وجه قضاة بغداد باصقاً على لحيّهم والنار تأكل حكمة الأوراق
التي أسرّ بها طيف الذي هوى في هواه حتى ناداه يا أنا !!!
هل للضمير اللقيط أب غير إله أنثى استولد رحم المعنى وحلّ في الأعشاب سراب الخضرة؟
كانوا يشدّون الأوزان بحبال حمراء بدماء السهروردي، وكان الشعر يلوّح لنا ضاحكاً يكاد يشرق بدمعته
عرفناه من حفيف الروح في خلجاته ومن زرقة وشم في كتف النبيّ ( طبعا أقصد نبيّ جبران) عرفناه يلوّح بعصاه شرق المعنى وغرب الكلمات المتصاعدة من معنى نقصد ضده ( قد يفيض المعنى بنا، فنختار المغنى لنرقص حول نار القبائل مبتهجين بحجارة ظلت تلاحق سماء النبوّة من يثرب إلى طفل في حيفا)
لم تمطر الليلة! لكني أشمّ طينا عتيقاً يفتح مسامّه قمح سقط من مناقير طيور مهاجرة لم تحطّ على الخضراء من فرط الصفرة الطاغية في حروف النُّساخ ورواة الأحاديث والعنعنة
لا رغبةَ بي الليلة لاصطياد المعنى!!!
سأتركه يركض كسمك البوري النزق، سأوهمه أن صنارتي أخطأته وأنه ابتلع الطعم وفرّ
خيط الصنارة طويل والشصّ غاب عميقا في حلق الحقيقة حتى تقيأت الجنان خلودها والحور العين والولدان المخلدين
هل لازالوا هناك؟؟؟
هل لازالت لأوراق التوت فتنتها؟
هل لازال يرقبنا من على سطح الكون
ويعدنا بالغفران إن نحن أحسنا التوبة؟؟؟
سنتوب ونتوب عن توبتنا ونؤوب لكأسنا نترعها للندامى ونفرح حين نرى الالتماع الأخاذ
في عيونهم ونكتب شعراً على بحر آنية الزهر الزرقاء
هل قلت سيدة الحضور؟
هل خضبت الأصابع بدماء المعنى الشهيد؟
هل قوزحت لها من الأقواس ما يكفي؟
هل طرّزت لها من الزبد عرشا؟
وهل
البحر ذلك الامتداد اللامعقول من الزرقة الطافحة يلقي إلى عيني بموجة عائدة إلى مهدها بعد قرون من التطواف
موجة كان أحد أجدادي غازل خلف رذاذها عروس البحر الهاربة من أساطير اليونان
تلك الموجة أرضعتني ملحها، والرغبة في الرحيل على صدر الأنثى التي لا تجيء إلاّ طيفا يزور أثناء خروج الأنهار عن مجرى الأحداث وخروج المعنى من قلب الطواسين
للضمير اللقيط أب شرّده الخليل بن أحمد من بغداد فنبت زهرا برّيا في " قفصة" يبشّر بولادة المعنى من قلب الصاعقة وبالتدفّؤ بحمم بركان الرفض لم يبايع الخليفة، كان يلاعب جنّيا صابئا، ويرضع غزلان القصائد روح التمرّد والتشرّد في صحراء اللامعنى العميق
هل قلت أني لم أقتل زهرة، ولم أذبح سوى قافية دفّأتها كي لا تفقد لثغتها في بيت القصيد، القصيد الذي لم يكتب، ولم




فلسطين .... يا حلم الشفق المسافر في عينيّ أغنية !
الشاعرة سمر مطير البستنجي / فلسطين



مسّني شغبٌ من حنين .. ويمّمت وجهي نحو عشق ما بَرح يُخالجني !
من ضلعي الأيمن أوقدت شمعتي،ومن الأيسر اتّخذت يَراعي
وهي ما بين الضلوع تربّعت ...
قلتْ ! سأغازلها بِضاديتنا المَعشوقة .. وانتظرت انهمار الكلمات !
تقلّصت كل الأشياء فيّ سوى حاجتي لكلمات غابت عن قاموس أخيلتي .. انغمستُ في حضرة التلاشي وأصبح ماء الروح غورا، ومدادي نفطٌ أسود ..تمدّد بداخلي بوح يتيم ،ضرير كحلمي أنا !
فتحتُ كتاب الجرح أرشي المفردات .. لم أبتكر ألم الحروف أنا .. فهي من أنّ ثم انكسر
ويحي أنا !
أأكتب فلسطين شعرا ... !! فكيف تستطيعها قافيتي المكسورة أمام هيبتها وجبروتها ؟!
أأكتبها نثرا ...!! فكيف ألملم نِثارا تفتّق في كتب السهر , وهل ستطاوعني مفرداتي المغموسة في قواميس الألم ؟
أأكتبها غزلا ...!! وكيف لي أن أستَعطف التعاويذ كي تمنحني بعض كلمات سحريّة ,, كسِحرها ..أو بعض حُظوظ للشجن؟!
أأكتبها شوقا ...!! وكيف لبرودة الشرق القابعة رغماً في حنايايَ أن تصمد أمام وهج حرارته ؟
أم أكتبها سردا ...!! أأسرد حفلة عرسها وقت تهاوى فارس ليلتها تحت خُطى الخيانة ؛ فأصبحت تنثر العطر المسكوب في وجعٍ أنوثتها دمعا،وتراقص طيفه على وقع زغاريد الجنازة .. وحزنها تشهدهُ النّجمات التي اصطفّت على شرفة الفناء تراقصها؛والوجع ؟
الأرض تدور بي , وتدور... تتسع وتضيق فإذاً أنا الآن سأرسمها رسما ...
يا أنا ! أيهذي الوقت أم أهذي أنا !!
ماذا سأرسمها ؟!
أأرسمها شراعا ممتدا من خلجان همّي إلى محيطات غَمّي ؟!
أأرسمها ربيعا عاثت الريح فسادا في لون خضرته،، أم خريف يحتضر قد تساقطت وريقاته على ضفاف نهر منسيّ أهوج،فاحتلّت إبر الصنوبر الغابات تفرشها،، لتقيم عليها جنازة زيتونة مصلوبة وبعض سنديان ؟
أأرسمها غيما ...!! وكيف أخادع المطر وهي من شربت من الدماء أغدقُهُ.. وقت هدّد العطش جذورها فتوضأت بالطين والدماء ؟
أأرسمها فراشة قزحية رهيفة مبثوثة من نور ونار تسبح في أرجاء اللامحدود المكتظّ بملايين الأرواح التي ضاقت بها الأرض بما رحبت ،فيممت باطمئنان نحو بارئها ؟
أم أرسم قبّتها،أقصاها،كنائسها حاراتها.. بيارات البرتقالها العابق فيّ أريجها،ومزارع الزيتون المذبوح فيّ كيف أرسمها..وهل أستطيع رسم السواحل وبأي لون ألونها..بلون السماء أم بلون عينيها..
تناسلت دهشتي ... ووجهتي يمّمت شَطر الزوال فما بيني وبين الوصف رحلة مغشيّ عليها وحائط من لاكلام ،وليلة مُثلجة..
يا حلم الشفق المسافر في عينيّ أغنية إ
أعذري أبجديتي الممّدة على تابوت المساء بانتظار رحلة سوداء ..وقلمي المتجذّر في تراب الغباء حتى أخمصَيه.. فلقد انتظرت معجزة تمنحني بعض مفردات،أوعصاً سحريّة تَضرب هامة الضّاد , وتكسر قاعدة الإعجاز ... فلربما استوي فيّ الجَدل. .وما استطاع.
يا نقاء سريرتي!
غادري لغتي الخرساء،واستمعي لوجيب قلبي .. وهزّي الذات المنكفئة على عالمك الساحر لتتساقط عليكِ ابتهالات وحُبّا... وارقَبي خيول الشوق الجامحة فيّ نحو فضائاتكِ وهي تدكّ بحوافرها جبهة الخنوع وتمضي إلى حيث أنتِ، لترتوي من بحرك الثائر في وجه الطُغاة.
يا ابنة المارد المهدّد بالقتل ،والذي ما هابَ يوما وارتَعد !
يا سليلة العرق المهدّد بالضياع , والذي ما فقد يوما قِبلته أينما قصد.
يا نسل الفراش المبثوث هيبة ووقارا..نورا ونارا ذات لهب..
جراحك ! آيات نشور تُتلى , كحلا قد ارتسم في عين خنساء العرب ،وندوب شوّهت ملامح تاريخ قد اغتصب.
وعظامك المنخورة ! يتقيأها الدُود حين تُخمتِهِ،لترث الأرض بعضا من عناصر البقاء..فتنمو جذور دالية عناقيدها قنابل وشهب..
ودموع الثكالى!صلوات أمّهات في مآقي الليل تتهجّد حتى المَطلع..
يا وجعا تلهّى به المدّ كما الزبد، ينثره في ذات هَباء،ثم يعيد الجمع ليوزعه في طرقات الشتات دليلا لنوارس الغربة وقت يشتهيها الإياب..
يا وصية تكفّل ضمير الغائب بتنفيذ خطّتها وقت تحنط من حولها الأحياء .
يا فسيفساء آلهةٍ نقوشها نفحات روحانية تمسح على ناصية المساجد والكنائس والبيوت والطرقات ،فإذا الكلّ في خشوع سابح نحو النقاء..
أيها الوجع المقدّس فينا!
لا زلنا نهواكِ هَياما للأرواح وقت يغزوها الجفاء،فرحا يعانق سنديان ربيعنا ،ويجري فوق سهول الكبرياء..
لملمينا ؛كنِثار الضوء في وجه الفضاء،كحبّات مطر تناثرت من عين السماء،واجمعينا تضاريس شاهقة،وجدولاً من دم الشهداء ينساب في غدقٍ،،ثم ارسمينا على وجه التاريخ خارطة ما لوّن مفاتيحها الجبناء.
اكسري الظلّ الممزق وهماً على وجه سعادتكِ،وافقئي عين السراب وقت زيّف مواسم الرجوع..ومدّدي الشمس على دروب عودتنا واغلقي قطارات المساء .
اسكبي الطلّ في أوردةٍ أرهقها نقص الدماء،ودَعي البلابل تشدو بأبجديات تاريخك المنقوش مجدا على خدّ السماء.. دعيها تتهجى غزلنا المبثوث في قصائد الشمس المجدّلة بالقوافي ،ودعي البوح اليكِ يرتحل من حناجر من صلّوا باقصاكِ ثم تهجّدوا لحن البقاء،وأنشدو:
باقون ما بقي التين والزيتون..
باقون ما بقي التين والزيتون
وقادمون..قادمون!
في أريج الزهر
في سنابل القمح
في لون الشفق
في حليب الغيم..حتى في سراب خيبتكم
وعائدون..عائدون!
كجلجلات الرعد
كغضب البرق مع صفير الريح
في مناقير الطيور..
في ريش الغراب
في زرعكم.. في نسلكم.....وحتى في أحلام ليلتكم
وعهدنا أننا:
باقون باقون
عائدون عائدون



العرّافة
الشاعر أحمد حسين أحمد/ العراق



قالت لي العرّافة ُالعجوز:
ستبتدئ مشواركَ الطويل باحثاً عن عطرِ (عشتروت)
تلكَ التي أحبها ( تموز) قبل أنْ يغادر المكان أو يموت
وقبلَ أن يدثّرَ المتاعَ في رحلتهِ تابوت
ستعبرَ المحيطَ راكباً سفينةَ الشمسِ،
التي ودّعها الغروب
سَقْطاً إلى منبعها الجديد،
حيثُ سرّجَ النهارُ في مخدعها،
ناصيةَ القلوب
هناك تستريح برهةً،
وفي جليدِ نارها تذوب
ربَّ ستنسى لاحقاً،
مدينةَ الفجرِ التي يعبدها العُشاق
هيَ التي تُباعُ يومياً على قارعةِ الأسواق
وربَّ تمْتدُّ يديكَ تحتَ طينها القديم
تخرجهُ من قاعها،
أو باطن الجحيم
تبني بهِ مسلّةً أخرى لقرصِ الشمس
وتستجير بالردى من حدِّ أيِّ بلطةٍ تمسّهُا،أو فأس ..
منتظراً ولادةَ النجوم
وبعضها لامَسها الضبابُ أو جاورها السديم
من ألفِ قرنٍ مظلمٍ،
تأتي لها بسنّبلٍ وغرس
قالت ليّ العرافةُ العجوز:
يا فتى،
ستعبر البحور وترتقي ركبانها،
رجعاً إلى مدائنٍ تُغتالُ في (آشور)
وتحمل (الفراتَ) في يديكَ،
نبتةً يابسةً تُذَرُّ كالنشور
ينفخُها القُضاةُ في مجالسِ الخليفة
لعلّها ترّتدُ كالقذيفة
فتصعقُ الواقفَ فوق الأرضِ،
والمقبور
والملكُ المسحور،
بالعرشِ والحاشيةِ الأجلافِ والقشور
من حولها، كالثورِ في ساقيةٍ يدور
قالت لي العجوز:
يجوزُ لي وربَّ لا يجوز
أن أركبَ الحيتانَ والطوفان، والنسور
ظفراً بأرض النور
في هذه الليلة أو بعدَ ليالٍ عشر
وربما عند اكتمال البدر
قالت، وثم أمسكتْ هنيهةٍ عن الكلام
كأنّما في لحظها يمرُّ ألفَ عام
تملّملتْ، تنحنحتْ،
وعجَّ من دخانها ظلام
قالت، ولمْ يأخذ مني هاجسٌ،
ولمْ أزل بقربها مستيقظاً أنام:
تفترشَ العيونَ والجفونَ يا فتى،
وترتقي الأحداق
حيناً إذا حملتَ في جعبتكَ الأشواق
وبعضَ ما أنفقهُ من ألمٍ،
أكابرُ العراق
ووردةً يغارُ من عبيرها مَعاشرُ العُشّاق
تنثرُ ما بدا لها من نافذِ العطور
كأنّها راقصةٌ بعطرها تدور
ففاحَ في المكان جميعَ ما ادخرّتهُ في أصصِ ( التوليب) والنرجسِ،
أو شقائق النعمان
قالت لي العجوزُ،
دونَ أن توضّح الكلام، أو تفسّرَ الرموز:
ستحمل النهرين والروافد المغلقة الحزينة
جرّاً إلى المصّبِ والمنافذ الأمينة
لأنّكَ الأخير من سلالةِ السلطان،
والضليع َ بالأحزان
بلْ آخر الباقين دونَ ملجأٍ،ودونما مدينة



ألق الطفولة
علي عبود المناع / سوريا



اللهُ ياأَلَقَ الطفولةِ إننـــــــــــــــي
أشكو إليك تسابقَ الأعوامِ
بالأمس كنتُ على الجروف تلمُّني
مثلَ الثمار أناملُ الأكمام
وعلى الْجُبَيْرسالة البريد العاجلهَــــــةِ سابحاً متمرَّغاً
وتعفَّرتْ بترابها أقدامي
وأخطُّ في خدّ التراب بإصبعـــي
أمي أبي .. وأحبّتي ..أعمامي
الله ياعبق الطفولة خافقــــــــــــي
جسر الودادِ تمدُّه أيامي
لولاك يا ألق الطفولة ما علتْ
رغم السديم نُجيْمةُ الإلهام
وتمدّ أعناقُ السنيــــــــن رؤوسَها
تتْرى تنوشُ براءةَ الأحلام
أولستُ ذاك الطفل يركض حافياً
متتبّعاً لشوارد الأغنام
وتفرُّ أسرابُ الطيــــــــور أمامه
تزقو وتصدحُ أعذبَ الأنغامِ
واليوم عدّادُ السنين يزفّنــــــــي
للأربعينَ تسوقني أرقامي
ويضيءُ ثغر الشيب ظلمةَ مفرقي
وببصمةٍ ينعي الصبا إبهامي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإبلاس : الانكسار و الحزن



عـــــطـرُ الأَرْواحِ
الشاعرة سكينة المرابط / المغرب



املأْ صَحْنِ الموتِ
القادم من شذا عذارى
رحيقَ حسانٍ
أفرِغْ رفيفَ ثغرهـِـنَّ
مسكـا وعنبرا
نـــَـــــاوِلْني أنفاحاً
تُغْري نَوازعَ الهُجَّادِ
ها أرواحهنَّ تَوَقَّلَتْ
نسائمَ حريرٍ
فانفخ فيها
سِحْر العطْر المبينِ
قدْ زبا اخضرارُ العطر
وزكت أنفاسُه
فتحَنَّتْ في كَتْبِ
الفِتْنــــــــة ِ
سأعشقُ فصْليَ
اعتلي سمائي
فلتُحي مَنْ مُتْنَ
قبلي
دونَ أريجِ أنفاسك
ها أنا أستنشـقُ
شهيق روحِكَ
أتلمسُ ريحَ زليخة اليوسفِ
إلى من توسد الثرى قبلي
فخان العهد مضطراً ليعانق لحدي



همومُ الذي لا بلاد لأبنائهِ
أحمد بشير العيلة / فلسطين



أجُرُّ الحقولَ بخيطٍ رفيعٍ كأن الحقولَ نسيمٌ
كأني الفراشةُ تسحبُ ظلاً على غزلٍ عربيّ
لتمضي فتاةٌ بكامل زينتها في البلاغة
تزيحُ المكانَ بكلتا يديها
أحوّطها بالكلام المعطّر من زيزفونٍ عتيق
تقولُ كفاني
فقد يستبدُّ البريقُ بطقمِ كريستال حول غروري
كفاني
سترفعني الريح إن لاحقتني الحكايا
سألمسُ زرقةَ أسمائكم إن علوْت
وأحسبكم سرب نحلٍ حواليّ
إني المليكةُ
هذا المجازُ زفافٌ ملوكيُّ للنحلةِ الأم
فإيّاكَ من غزلٍ آخرٍ
ليس لي قدرةٌ لأطيرَ سوى ما يعادل خمسةَ أشبارِ فوق القصيدة
وإياكَ من غزلٍ آخرٍ
قد تلمّ العرائشُ أفرعها خلف موكبِ هذا الثناءِ المحلى بقطر الكنافة
وتبقى العجائزُ في الشمسِ يفتحنَ ما قد تمشّطَ من شعرهن
يُطأطئنَ أفلاكَهن لتشربَ من ذكرياتٍ تموءُ بأحضانِهن
يخلخلن بعضَ الهواء الرتيبِ
ويتركن أعينَهُن حساءً لشمس الظهيرة
هنَّ العجائزُ يسكنَّ فوق الظلال
ويأكلنَ من سيرةِ السروِ
لا حُلْمَ يسكنهنّ
فهنَّ احتمالُ الخميرةِ في الخبزِ
أو حقنةُ الأنسولين لبعض الخلايا العتيقة
شيئاً ستأكلهُ الريحُ
لا حُلمَ يسكنهن، فكم قد تساقط وردٌ كثيرٌ قُبيلَ الوصول
لهذي العرائش
وكم قد تكسّر ضوءٌ أمامَ انحناء الظهورِ
وهنَّ الرسائلُ للغيبِ
املأْ مشاعرَهنَّ بماء الترجي
هنالكَ، في اللاهناكَ، سيسقين صبّارةً قرب عرش الإله
همومُ الذي لا بلاد لأبنائهِ عوسجٌ في الطريقِ
إلى سدرةِ المنتهى
ولما انتهى
بعثروهُ على خطوِ من يعبرون
تعثر خلقٌ كثيرٌ بتلك السماوات
زادت همومُ الذي لا بلاد لأبنائهِ
فلموا العجائزَ من تحت شمسِ الظهيرةِ
كي ينزعوا الشوكَ من طرقات السماء
تقول الحكايا
ذهبنَ إلى رحلةِ الموتِ مجموعةً واحدة
قطيعاً من البجعِ الساحليّ
وكنَّ على عجلٍ فنسينَ رجائيَ في البيتِ
كان المكانُ مَجازاً
وكنتُ أفككُ لغزَ انتمائي لبيتٍ من الشعر
كنتُ أحلل شخصيةً في روايةِ ماركيزَ
ثم أقودُ النهارَ إلى عسلٍ جبليّ
وكان المكانُ مَجازاً
لا ماءَ تحتي لأعلنَ نفسي مسيحاً
ولا ريحَ تحتي لأفتحَ هذا القلق
ولا نارَ تحتي لأهتفَ إني خليلٌ
ولا رملَ تحتي لأمسحَ دهنَ الغسق
لا شوكَ تحتي لأزحفَ نحو مصيري
ولا طينَ يقرأُ في الهمِّ آيَ الفلق
وقلبي احترق
أين العجائزُ يوصفن عشباً لقلبٍ كسيرٍ
أين العجائز
تردُّ الرياح؛ ذهبنَ ليبحثنَ في اللاهنالك عن عشبتين لتشفى
وتضحكُ مني البلاغةُ:
"سوف يعُدنَ بُعيدَ رحيلكَ ،
ويسألنَ عنكَ حبيباتِكَ المُتعَباتِ من الانتظار"
كأن المكانَ مجازٌ
وأنتَ استعاراته الهادئة
تعود العجائزُ
خمسونَ خدشٍ بأبصارهن
همومُ الذي لا بلادَ لأبنائهِ عمّقتْ جرحَهن
ولما وصلنَ ليعجنَّ ضوءاً لبعض الملائكةِ المُتْعَبين
سمعنَ كلاماً عصياً عن الفهم حولَك
فهل كنتَ تفعلُ شيئاً على الأرض حينئذٍ
وتقسمُ أنكَ كنتَ تنام على جسمكَ المنتهي
لا طيورَ بأعشاش روحك
كل الحواس تغادر منفىً رؤوكَ تموت عليه
وأنتَ الذي أغلق الباب دون اقتراب المعاني
وأنتَ البلاغةُ في موت سربٍ من الطير
أنتَ التفاهةُ في هيكلٍ مرمريّ
فكن شاعرياً لتُرْضِى النساء
وكن آدمياً ليختاركَ الموتُ منفىً
وكن فيلسوفاً ليختارك الحزنُ وهماً
وكن فوضوياً ليختاركَ الله نثراً



زفرات
الشاعر يعقوب العبادي / سلطنة عمان



إلهي عصيتك وقت السحـــــــر وفجـــراً عصيتك أين العبـــــــر؟
إلهي عصيتك وقت الشــــروق وذنبي عظيم كمـــاء البحـــــــــر
إلهي عصيتك وقت الضحــــــى ومالي ستـــــار لكي استتـــــــــر
إلهي عصيتك بعد الضحــــــــى وتبت فجنب جلــــــود يسقـــــــر
إلهي عصيتك ظهرا كـــــــــــذا عصيتك عصرا إله البشــــــــــــر
إلهي عصيتك وقت الأصيــــــل فأين العظات وأين العبــــــــــــــر
إلهي عصيتك وقت الغــــــروب وكل صغير كبير سطـــــــــــــــــر
إلهي عصيتك وقت العشـــــــاء وعند نزول الحيا والمطــــــــــــر
إلهي عصيتك سرا كمـــــــــــــا عصيتك جهرا وعند السمــــــــــر
إلهي عصيتك في كـــل حيـــــن ومن كل موعظة أقتصـــــــــــــــر
إلهي عصيتك في غفلــــــــــــة ومن حر نارك لم أدّكـــــــــــــــــر
إلهي عصيت وتبـــــــت كمـــــا عصيت أتوب عصيت أخــــــــــــر
إلهي أتيت متـــــــــــابا فقـــــــد علمت عظيم الذنوب خطــــــــــــر
إلهي تقبل متــــــاب الـــــــورى فإني ندمت على ما غبـــــــــــــــر
إلهي وثبت متـــــابي كــــــــــما تثبت أهل التقى واصطبـــــــــــــر
إلهي بكيت على كل ذنـــــــــــب بدمع العيون التي تنهمــــــــــــــر
إلهي لجــــــأت لمأواكــــــــــــم بدونك أين يكون المفــــــــــــــــر
إلهي دعوتك في ظلـــــــــــــمة أن استر عيوبي على ما ظهـــــــر
إلهي اغفر الذنب قبل الممــات وقبل سماءك أن تنفطــــــــــــــــر
وقبل ارتجاف قلــــــــوب الملا وقبل الكــــواكب أن تنتشـــــــــــر
وقبل تكور شمس الوجـــــــود من الغــــرب تطلع إحدى الكبـــــر
وقبل جبـــــالك إن ســــــــيرت وقبل نجـــــومك أن تنكـــــــــــــدر
وقبل الزلازل أن تنجــــــــــلي وقبل بحـــــارك أن تنفجـــــــــــــر
وقبل خروج الملا من قبـــــور كأنهم كجـــــراد نشــــــــــــــــــــر
فليس لعبد ذليل المقــــــــــــام يقــــــاوم حر اللظى والشـــــــــرر
وليس لطيــن ومــــاء مهيـــن يفر وأمر القضا قد قـــــــــــــــــدر
فإنك حــــــــق وقـــولك حـــق وأمرك حق ألا نعتبــــــــــــــــــــر
جنانك حــق رســـولك حـــــق ثوابك حق وكل الســــــــــــــــــور
وصـــــــل إلهي وســــلم على إمام النبيين خيـــــر البشــــــــــــر
ومن سار في نهجه واهتـــدى من الآل والصـــــــحب والمعتبــــر




عروس البحر
الشاعرة ايمان علي / السعودية



هي من خيال البحر تخرج كالندى
تبتل بالشمس الخفيفة لونها يكسو المدى
والأفق يرفع عينها الزرقاء
تسبح كالأغاني مثلما يرتجُّ قلب الصخر
تنبت وردةٌ حمراء من دمها المرصّع بالأريج وبالشذى
لها خصلةٌ تلتف حول الليل يسكنها القمرْ
هيَ درةٌ في البحر تصنع ملحه
عبقاً يفرّع لؤلؤاً يغفو على عشب القدرْ
غزلتْ إلى البحر انعطافة زرقةٍ
ورمى الحرير خيوطه
خصراً يجر ذيوله فوق الحجرْ
كانت تؤرخ حبها للعاشقين وتسردُهْ
للمولعين الحالمين
كما تطرز للشواطئ رمله أثراً أثرْ



وَصلة هديلٍ مِن حمامٍ آبقٍ
الشاعر عبد اللطيف غسري / المغرب


يَضحَكُ البَحرُ إنْ خَطَرْتِ وَيَصْبُـــو ما بهِ؟ ما انْدِهَاشُــهُ؟ ما الخَطْبُ
ما لِهَذا الحَمــــــــامِ يَعْلُـــو هَديلاً؟ يَعْترينِي سِـــــرْبٌ فَيَتْلوهُ سِرْبُ
مَنبِتُ الرِّيشِ مِن نَجِيــــعِ الحَنـايا والجَناحَـــــــــــانِ مُقلتانِ وَقلبُ
رَفْرَفَتْ مِنْهُ أُغْنِيَـــاتٌ حَيَــــــارَى وتغَشَّـــــاهُ مِن غَمَــامِكِ صَوْبُ
قُلْتِ لي: أوْقِفِ الرَّبيـــعَ ببـــابي! أنا آتِيكَ والمَـــــــــــوَاعِيدُ دَرْبُ
لِيَ فِي هَدْأةِ الأقاحِــــي هُجُــــوعٌ ومِنَ الوَرْدِ لِي بكَفَّيْـــــــــكَ تِرْبُ
وَأكُــــفُّ الرُّؤى إليَّ شِعَـــــــــابٌ فَادْنُ رُؤْيَا، إليَّ يَحْمِـــــلْكَ شِعْبُ
أنا تَعْــــويذةٌ مِنَ البَـــــوحِ وَلْهَى مِلءَ ثَغــــــــرٍ ماءَ التجَــلِّي يَعُبُّ
دعْ مُحَيَّا اللقــــاءِ يَدنُو سبيـــــلاً دعْهُ مِن كُــــوَّةِ الرِّضـــا يَشْرَئِبُّ
والتَّمَنِّي قَدِّمْهُ نَشْــــرَبْهُ نَخْبًـــــا ما كَخَمْرِ الرَّجاءِ فِي العِشقِ نَخْبُ
اذكُري يَـوْمَ جِئْتِ رَجْعَ ابْتهــــالٍ لِخُيُــــــــــولِ المُنَى حَوَاليْكِ وَثْبُ
يَوْمَ كُنَّـا سُـــلافةً وشُعَاعًـــــــــا فوقَ صَدْرِ المَسَـاءِ نَعْشُو ونَحْبُو
وإذا اهْتزَّ أو شَــدَا مِنــــكِ جَنبٌ رَجَّعَ الشَّـــــــدْوَ فِيـكِ مِنِّيَ جَنْبُ
وَندَى الهَمْسِ يَرْتدِينِي حُلــــولاً ولـهُ في شِفـــــــــــــاهِ ليلِيَ ذَوْبُ
ذلكَ العَهْــــــدُ عَنْبَريُّ الليــــالِي مَضْجَعُ الحَــرْفِ مِن مَعَانيهِ يَنْبُو
يَضحَكُ البَحرُ فيكِ مَحْضَ ادِّكـارٍ كُلَّما عَنَّ مِنـــكِ فِي الرُّوحِ قُــرْبُ
هُوَ مِنِّي انْتِباهَــةٌ وانْبِجــــــاسً والأناشيـدُ مِنهُ شَرْقٌ وَغَــــــرْبُ
والكــلامُ المَخبُـــوءُ فِيَّ وَمِيضٌ لم يزَلْ يَرْكَــبُ الهَــــــــواءَ ويَكبُو
ويَــرى ظِلَّكِ الشَّفيفَ فَيَنْــــــأى وَيُــــــوَاري سَوْءَاتِهِ ثُمَّ يَخْبُـــــــو
وتمُرِّينَ طيْفَ حُلْــمٍ فَيَصْحُـــــو وعلى رَبْــــوَةِ القصِيــــــــدَةِ يَرْبُو



قيثارة بابلية
الشاعر علي الطائي / العراق


فيها شموخ جبال كردستان
وقسوة الصحراء ونعومة سهول الفراتين
فيها رقة عطر الياسمين وقوة الصخر
عنيدة مكابرة كامرأة بابلية من زمن سنحاريب
تفوح منها رائحة العراق
تركض وتطير كفراشة هاربة من رحى الموت
او غضب العسس
من مغتصبي الأرض والنساء
في بعدها قرب من ارض المولد
هي للأرض اقرب منها للشجر
كلما أحدق في صورتها
أرى فيها كل ماسي الأرض التي فرت منها
وكل أمل وبسمة على شفاه طفل
في الجبل او السهل
تتنفس مع أطفال الأرض المجروحة
وهى تنظر إليهم عبر البحار والجبال والسهول
صوتها أجمل من قيثارة بابلية
أو صوت بلبل يغرد في صباح ربيعي مشرق
بلا خوف أو وجل
أرى فيها كل العشق
والهوى وكل كلمات وقصائد العشاق
هي أجمل من كل من قالوا فيهن
قصائد الحب والغزل
كيف الوصول اليها
وقلبها محاط بالدروع والحصون والقلاع
كيف ؟؟
لا ادري



الشهيد
الشاعرة نفيسة التريكي / تونس


إلى كلّ شهدائنا الّذين سقطوا ويسقطون من المحيط إلى الخليج بين استعمار قديم وجديد واستبداد وصمت معيب وصهيونيّة عنصريّة ماضية في غيّها أمام العالم المتواطئ مع جرائم الطّاغوت.

واربّاه
يا لطيف، يا ودود، يا رحيم يا جبّار، يا قهّارْ
يا غفّار، يا مالك المُلك
قلبي انقبض انقباض احتضارْ
رأسي صار هباء- ُنثارْ
أصابته نار كإعصار انطلق غاضباً كواقعة، كفناء مَهيب هلك
كبومٍ ينعق صوب واد سحيق
كانحدار إلى هوّة بدون قرارْ
أسئلتي اسّاقطت من عيني تترى كريشات سرب هرِم
يحوم حول خراب الدّيارْ
أينك؟‼أينك؟‼ أينك؟‼
قلقت كثيراً، كثيراً عليكما حلّ بك؟
ذات حلم رأيتني فراشة على راحتيك
حلمي لعوب، كذوب، مقيتغبار فلكْ
كهذا الزّمان الرّخيص، خسيس حلكْ
كذّبت كلّ الأمانيوصبري كدمّ سُفكْ
حدسي ما قدّر آنه حقّ قدرهأعمى
أصيب بمسّتخبّط في الموت أعشى
وا حسرتاه على العباد وا حسرتاه
لقد كان حبّك يطوّقني مثل خصري
وكانت جروحي قاطبة تتوق إليك
كنت أحكيك عن تفاصيل عمري
فأينك؟‼أينك؟‼ أينك؟؟؟
زجاج تكسّر في خاطري وانغرس
جرّحني،جرّح حتّى مسالك ظلّي
وشرايين ذاتي تكسّرت في المرايا
ذلّي المبتلّ بذلّي
يئنّ أنينا بظهري طعنت بصدري
أئنّ كندم تقاطر على أطلال كسري
مواجدي ترشدني من جديد إليك
أينك؟‼ أينك؟‼ طال انتظاري
يتمتم فيّ انكساري
صارت حياتي بدون يديك يبابْ
صرت أضمّد جروحي جرحا بجرح
على راحتي سُكارى وأنت العذابْ
كأنّما من سحابة حزن غائمة
أدمعت كلّ دناي وقلبي اغتصابْ،،،
أصابتني صبابة تائهة كالضّبابْ
كأنّيكأنّي
إنْ أذق لوعتي
أخالها حنظلالغتي
فتغرورق دمعتي في حلقي
وتترقرق في حدقتيّ غربة هذا الغيابْ
حنانيك حنانيك يا طائري
أين طرت وحيدا؟‼
كيف أبقيتني أغرق دون شراع
في الوهم، في الكذب
في العجز، في الجدب،
في الغدر، في الخجل
في الزّوال، في الانسحابْ؟‼
كيف تركتني سمكة بحرها ميّت
نورسة بلا أجنحة؟‼
جثّة صدري تنوح
ابتلعت موجة مخنقة
أرتجف، تعتريني قشعريرة ماء ملوّث
أتساءل
هل قتلوك؟ هل صلبوك؟‼
هل شبّهت لهم ونجوت؟‼
ولمّا وقعت على رفات ذاك السّؤال
إذجاءني نعيك ذات يوم رجيم
نعاني الوجود إليك
نعيت الثّواني الّتي تفجّرت فيها
عزّيت نفسي في كلّ الخطب وعزّيت
كلّ العرب في المعاني
حين تناثرتَ على ثرى أرضنا الّتي سلبوها
سلبوا قلبي كما سلبوها
نهبوه كما نهبوها
نهشوا أضلعي كما نهشوها
تناثرت ذرّات بقائي ذرّة إثر ذرّة
في ذروة العدم رتّبت حزني صفّا لصفّ
أعزّاء جنبا لجنب
مرّة إثر مرّة
ذقت حريقا بريقي
أمرّ من كلّ مرّة مُرَّى
أيا قرّة عيني، أدرّتي،
أيّها الأعزل الأنبل
خانك الكون بأكمله
أسّرك الغاصبون وأنت أعزل غلا من يقين الصمود
وفي كلّ سِرب مهاجر وعائد قصّبوا الأجنحة
ظنّوك عجزت عن الطّيران ثانية
لكنّك أيّها الأفضل صِرت على حقدهم
ما أكثرك‼
كنتَ وحدك وكنتَ ما أكثرك‼
لأنت إرادة وعزم وصدر صبور ودم جسور ولحم هدير
حبيبي ما أكثرك‼
فمي يا حبيبي إذا أدركته المنايا
زغرد ِلهواك
لساني آهة تستصرخ بلا سامع لمناي
لا أكاد أجنّ من أمنية ضاعت حتّى يلاحقني
في طرق الالتفاف أسير أو رضيع شظايا
أفول قبيح يدوّي بقلبي، بقلبي ذاك الجريح
أزفّك حبّي لأرضنا الّتي تشعل جمرة إثر جمرة
أشعل مِجمرة قلبي تؤجّجها ريح البديل
أنتفض ،، أنتفض حقول مرجان ازّلزلت
في قاع محيط
حنانيك َوجدي، تركتني وحدي
لماذا وحدك يا خافقي كنتَ تموت؟
لماذا جحور وعجّز وغدر وعارْ
هي ذات المخابئ منذ عقود
نختفي فيها كلّ انكسارْ
وأنت وحدك دون نصير لماذا؟‼
لماذا تحمل كفنك على كتفيك وحدك؟
لا شيء لك غيرعرض أضاعه" سادتنا الأكابر"
ولا شيء لك غير لحمك المخضّب بدمك
يعلو فوق كلّ الصّغائر
لا شيء لك إلاّ فمك للمعاني العظام العسيرة
ليس سوى يدك للعَلم والحجارة الكبيرة
الذبول لا يعرف عينك
الأفول لا يصل عظمك المستطار
أبيّ، خلود اخضرار
دائم كفرح الانتصار
حنانيك أطائري الباسق، العاشق، الواثق
صرتَ حروف الكتاب: اقرأ
وقالوا: ما كنّا لنقرأ
صرتَ روح الأماني وسرّ المآب: اقرأ
وقالوا: ما كنّا لنقرأ
قرأتَ وكنت ولِهاً، رائع الالتهاب
وصالي بك لن يتحقّق إلاّ عبر التّراب
هبني حبيبي من دمك الأزليّ أقحوانا
أهبك نوّارة روحي- الخزامى- فصولا
وزانا فارعا يظلّلك من لظاهم
ستظلّ يدك مشدودة ليدي آنا فآنا
لتهمْ بحبّ، ليهِمْ ماء عينيك يُخصبْ بلدي
أغيثي دعني أعتّقْ صبابتك
أغرسْها غَرْساً في كبدي
دعني أكتبْك عشقا، أتقْ لك في يدي
غريمتي فيك الّتي ولهتَ بها
سقيتها وغّذيتها وتركت الجفاف إليّ
تثير غيرتي، تثير فضولي
فنفسي الّتي حملتك أشهراً بل سنينا
ترمّدت بوفاء، تبتّلت بكبرياء
إذ يترامى في أرجائها دَلَهٌ دون رجاء
تصير غيورة،، كفورة وتنتفض ثائرة في إباء
ألا إنّها خاسرة، بائسة، يائسة
قانطة، عابسة، صاخبة، ساخطة
ما عهدّتها قطّ تعتّق حزنها هكذا
ما عرفتها غير صبورة
ولكنّ هذا الزّمان الكسير أوجعني
أتلف كلّ حكمتي وصوابي وأفزعني
فصرت لا أحابي البشر ولا حتّى رعود السّماء
كانت نفسي تحبّ ،، وكانت شكورة
وكانت إذا شربت من لظاك المحبّ
تنتشي، تنعش كلّ حبّ
تبذر له بذورا جميلة في كلّ درب
و كانت حديقة النّفس تزيّن بالزّهور
وفي كلّ درب بقلبي كانت تسكن كلّ العطور
الآن صرت أكره نفسي
أكره هذا العويل وعزائي بأمنيات تقول:
إنّنا سوف نثأر لكلّ قتيل
فمتى سينتهي هذا العويل ؟
عبثا عبثاأعود إلى أسئلتي اللاّهية؟
عبثا عبثا أبحث عنك في الأمنيات
أعرف أنّك أبعدتك عنّي
أعترف لك ولها أنّها
أبدعتك سعيدا، عزيزا
شامخ الانتماء
دافئا في صقيع الشّتاء
أعترف أنّني دونها قدرة في العطاء
وأنا دونها هيبةً في الضّياء
دونها دهشة في الجمال
دونها لذّة في الوصال
دون عتمتها دجنة في اللّيالي
احتمالاتها جمّة فوق كلّ احتمالي
هيّأتك إلى عرش اللّه بهيّ الكمال
وكان ذاك لديّ محال المحال
هي الصّامدة على جبروت الطّغاة
وأنا نازلة إلى قاعها هامدة
هي الإرث كلّه
والوردة والنّبع والسّنبلة الحالمة الخالدة
هي النّخلة السّامقة، الواهبة
هي الزّيتونة النّورانيّة، الطّاقة اللاهبة
أنا مجرّد عصفورة شاردة،
أيقونة بائدة،
أحرف باردة
لك فيها كلّ برق وعرق
روتك بلا َفَرَق
فطوبى حبيبي لأمّ تربّيت في حضنها
حين يجفّ الحليب في صدرها تبلّل لسانك من عرَق
طوبى لحرّية أنت درّتها دون خوف
كم أتمنّى أن أكون صنوا لك ولها
حتّى أنعتق من كلومي ودمائي المهدورة في الصّلف
همهمات شجوني في هذا الغرامْ
أرسلها عبر طوق الحمامْ
يحمل من بحر الهوى رقّة الابتسام
هديلا حنونا يهدهد نومك ذاك الطّويل
حياتي وما حملت وعيني وما أدمعت
وحنجرتي وما أطلقت من غناء حزين
تربِّت عليك في مهدك الأبدي
يا صغيري أحبّكأحبّك أحبّك
أحبّك كي أصحو من جديد لثأرك
وأنفض عنّي غبار الحديد
ولو كسّر الجبّارون قلبي،،، سيعود إليه الهيام
ولونشروا
(أباتشاتهم) و(منضّبهم) أو(مخصّبهم)
فوق صدري
سيعود إلى الدّنيا المغرورة الآثمة رشدها وعقل النّظام
ولو بعثروا صواريخهم في سمائي
سأظلّ حمامة عاشقة تعلو على طائراتهم
سأستمرّ شادية أغنّيك صدقي وحبّي
ولو بعثروا في دروبي ما تغرّب من سلاح عتيد
فالألغام لا تقتل صوتي النّديّ العنيد
سأظلّ أشدوك كما كنت دوما حياتي وموتي
لي فيك يا صاحبي من صفات الأنين
كلّ تلك القرون وما غفلت عن لمّه
ولي فيك ما شتّتته عهود السّلام الكذوب
و"النّظام الجديد" اللّعوب
لي فيك أمنيات يدقّ بهنّ فؤادي
تآمر على نبضها السّحرة، فتّشتها لجان العدوّ
دعهم على حقدهم دعهم على موتهم، سفاهتهم
دعهم على إفكهم، شركهم وطغيانهم على غزوهم
هولاكو و وتيمورلنك وأذناب تتّر
وهاجنا وأرغون عصابات غبن استوطنت
ويهود تباكوا على حائط اغتصبوه
ولكنّي كنت ومازلت أخرج دائما من رمادي
فينيقية المعجزات وصوتي الصارخ من ناري ينعى عدوي
لأني الخلود الذي يسطع دائماً من فناء
لأنّ الفناء لا يدرك نبض قلبي
لأنّ النار عليَّ إبراهيمية أعود
أعود من موتي وأحلق في الفضاء العظيم
ألست بمعجزة يا عدوي ؟؟
ألست بمعجزة يا رفيقي ؟؟؟
لأني الطريق أعود
لان المنافي والأسر والقهر والقتل لا تدرك روحي أعود
سأقدح إرادتي، صبري، في صمود الزّناد
حبيبي لا تخفهم بطشهم: باطل باطل "حقّ النّقض"
فهذا الهوان لهمولنا حقّ العودة لا تخفْ
فأنا سأظل كدمّك أقدّس حقي حتى ألاقيك هناك وأشتمُّ روحك
اسمع الآن همس وجدي
سأعود
أنا سأعود إليك لأعترفْ
بأنّ تلك الّتي انتشيت بصبابتها
هي منّي ومنك
إن صفت انسجاماً نعشقها
إن ارتبكت نداوها بالّتي كانت هي الدّاءْ
دواء العطاء، دواء الوفاء، دواء البطولات والأمنيات
هي الأرض فينا ثابتة، ننشقها من أغوار الكون
حدّ عروش السّماءْ
أنا يا طائري يا ترابي
أعترف أنّني لن أكون إلاّ بك وبها
هي كلّ حيّ سخيّ، صفيّ، عتيّ، وفيّ
وأنا قد أماثلها
وقد لا أكون لك سوى امرأة عابرة بين النّساءْ



غربتنا
الشاعر ماهر المقوسي / فلسطين



عساك بخير غاليتي
أنا كالرمل مصلوبٌ
وملء الريح خاصرتي
معا جئنا وكان البحر مثل الليل في أيامنا الأولى
تجاه الريح كي نكبر،
وكنت تهدهدين القلب أحيانا
وأحيانا يقطّعه أنين الطير يرمقنا
ويمضي خلفنا يبكي حنينَ اللوز والزعتر
معا كنا وإيقاع الزمان المر
ينمو فوق صدرينا
كمخرزِ جرحنا المالحْ،
وحين يجف دمع الدرب
حتى الدرب يمسي رمله جارحْ
ننادي الشرق
ليس الشرق ذا جهةٍ
وليت الشرق ذو كفٍ تربت فوق ظهرينا
فينأى حظنا الكالحْ
لمن مروا كأطيافٍ
لمن رصدوا نشيج الخيل
كنت أقول:
طوبى للذي يتلو على جسد النزيف
ملامح الوطن المسجى في المهب
ويودع الأنفاس في روح الندى جسرا من الشهوات
ترنو في المدى ثأرا
على أفقٍ من الأحداس باكية
نقشت حديث غربتنا:
تلاشٍ في الصدى
يأتي الردى
حفَّ الخطا غدرُ
يتيماً
كل دفءٍ قد بدا
صدر المدى حجرُ
ومن حجرٍ
تجيء السيرة الأولى لأشعار وأخبار
وشكل الأرض منذ الغزوة الأولى
تجاه التيه في الإنسان
والدوران
حول دبيب أزمنةٍ من الطوفانْ
وفي حجرٍ
تفتش كل قافلةٍ على صحراء غربتنا
عن الأسماء والأنحاء
علّ الريح قد مرت
فعرت سر من سلكوا طريق البحث عن باب لدائرةٍ
فأفضى البحث عن عنوان
وفي حجرٍ
يقاس الفارق المنسي بين العيش في موتٍ
وبين الموت في إرث من النسيان
لأجل جميع من عبروا
وقالوا:
الماء مثل النار أحياناً
أثار الصمت أسئلتي:
أمن نارٍ نمت في الأرض
بذرة حلمنا نحن الحيارى
بين أسلوب التفجر في مزايانا
وأسلوب التمترس في حنايانا؟
أمن ماء يقيس العشق فينا كل محرقة
دخلنا في وصاياها
فصار الماء نارا في مرايانا؟
يجيء الصمت مرحلة لتعميم الرثاء/صدى الشقاء
على أقانيمِ الرياح
ليستثير العشقَ فوقٌ من منايانا
صحابٌ هاجروا فينا
وكانوا مثل أقمارٍ
على الأمداءْ
ألا يا ليل
أطلوا من مآقينا
سحاباً دون أمطارٍ
وناح الخيلْ
كفى يا ليل تشقينا
على أنات مشوارٍ
طقوسُ الويل
مع الأصداءْ
أننعاهم وينعانا
سرابٌ خلف أستارٍ
بلا أسماءْ
لأستارٍ يبايعها شهيق الخوف
من أشكالها الأولى
نثرت غبار أزمنتي،
وأودعت السؤال صدى السؤال:
أكلما قامت حشودٌ من شتات الموت
حطت في مطارحها
مواسم رجمنا بالزور والحقد المؤدلج
منذ أن صرنا سلاحا من بقايانا؟!!



ربة الحزن
الشاعر احمد رامي / سوريا



يا ليلـةً بِـتُّ فيهــا أصـحـبُ النجــــمَ وأعصرُ الليلَ راحا مازجـتْ همّــا
هــمٌّ يـراودني عـن كــلِّ مـبـهـجـــةٍ يدُسُّ فيها – على علآتها – سُــمّا
يستخلص الزّفرةَ الحرّى ويرســلُها خِـدْنـاً لآهٍ تَـراهــا طُبِّقَــتْ شَـــحْما
خرجتُ من جسَدي والكـونُ يغمرُني في رحلةٍ صُرِمتْ أسـبابها صَـرْما
أستمهلُ الفكرَ في التَّطوافِ أســـألُه ســؤالَ مســتغربٍ قـد همَّ و اهتـمَّ
هلْ ربةُ الحُــزْنِ حلّتْ في مــلامحِنا وخـلّفَـتْ إثــرَهـا أفـواهَنــا هُتْــــما
أم أنهــا التَقَمَــتْ أثــداءَ مُــرضعِنــا خَمسا فصارتْ لنا مِن بعدِها رُحْما
ما أغفلَـتْ ســاعةً حـقَّ الطّوافِ بنا و قـدْ أعـدّتْ لنا من حُبِّها سَــــهما
و ازَّيَّلـتْ حـالُنــا بؤســــــا لِما أكَلَتْ على موائِـــدِها بَلْـهَ الأسـى لُــؤْما
أطــالَ فكــري بــلا جــدوى تأمُّلَـــهُ في ما سـألتُ وحارتْ نفسُــهُ فهما
وراحَ يشحذُ في الأســـــواق أجوبةً لكنْ جَنَى الصَّـدَّ في تجوالِهِ عُدْمـا
يا لهــفَ نفسي على حـالٍ تَمَـــلَّـكنا نَلقى الســـعادةَ في أســمالِـهِ وَهْما
نجـري إلى جهـةِ الآمـالِ نُســـرجُها مُـيَـمِّمــينَ ســـرابـا هــاربـا دَوْمـا
أصبغــةٌ أم تُــراهــا كبـــوةٌ عثــرتْ فيهــا ركـائبُنــا والسَّــــعـدُ مِـن ثَـمَّ
سُـــقيــا لعهــدٍ تغشـّــاهُ الهنـا أمَــدا حيــثُ البــراءةُ لا هـمّا ولا غـــمّا
بادرتُــهُ ولـداً عـافَسْـــــتُـهُ جَــذَعــا أُرخي العنانَ لنفـسٍ لم تـذُقْ لجْمـا
نفسٍ تعــاقـرُ صهبـاءَ الـرُّؤى زمَنـا ولم تجِدْ في تعاطِيهـا الـرُّؤى إثْمـا
لكنّـــها فُطِمـــــتْ قَسْـــــــرا فآلمَهـا طعـمُ الفِطـامِ وكانتْ تجهــلُ الفطْـمَ
هي الحــــياةُ إذا مـا أقبلَـتْ مُدِحـتْ وإن هي اْسْـــتدبرَتْنـا أُشــبِعتْ ذمّـا
يـا أيّهــا الفـــكرُ وكِّـلْني على أمـلي كيمــا أفَـتِّتُ منـه العظـمَ و اللّحْمــا
مـا همَّـني بعـدَها لـو قِيـلَ مُضْطرِبٌ جَـــهْـمٌ أكــبَّ على أظفـارِهِ قضْمـا



نسيم البنان
الشاعرة حرية عبد السلام / المغرب



أيتها المبللة بعرق كبريائي
جئتك أسأل من بين خصلات عروقي عن مكاني
أتجول بين شطي نفسي
عن أصباغ دمي وعن ضفاف حلم في شفق أجفاني
نظرت إلى جنات حلمي ....إلى فردوس رموشي ....إلى خواء نافذتي
أبحث عن نزل هرب منه توأم نبضي فتاه جنين عمري في جزر وجداني
إندهش اللاعج في الفؤاد واِحترقت سماطه فغابت عيني
تستغيث قامة تسكنها خوفاً من آهات دندنت في ساحل أكفاني
سألت الهوى ..عن ماذا جرى في الكون وهل فقدت روحي؟
أم هي الروح في قنديل عقلي تميل إلى بحر أشجاني ...
يا ملاك قلبي أتعرف أنني سرقت من ثريا أحلامي جرعة لؤلؤ
ومن قنديل خيالي حفنة ماء
أتوكأ عليها حتى لا أميل إلى أغوار ألواني؟
أتدري أيها العشب الأخضر في كتفي أن صدري فاض حبه
فدندن في سمعي صوت الرعد ..
حتى مالت مسامعي إلى شرب نخب أكفاني؟
سرق الهوى أزهار عمري فنامت على ضفاف ضفائري .
.نخلة بموكبها السريع أشعلت من شمعتي موكباً لأحزاني..
حطت نحلة على شفاهي تبحث عن رحيق ...تلتمس منه العطر
ففاح العطر وسال على سماط شفاهي كأنه نسيم البِنانِ




جفـــاف النــدى
الشاعر محمود شومان / السعودية



وَرْدٌ يُجَافيهِ النـــــــــدَى الْتاعَ و رَمَى الرَّحِيلُ مَدَاهُ فانْصَاعَا
و بِصَدْرهِ لَهَفُ العِنَـــاقِ سَرَى و بِـنَاظِرَيْهِ الصَّرْحُ قَدْ ضَـاعا
و اغْرَوْرَقتْ مِنْ غَيْمِ مُقْلتِــــهِ عَيْنٌ شَكَتْ ظَمَأً بِهَا شَــــــاعا
بِيَ في الدُّجَى قَيْسٌ يُـــرَاوِدُني و يَزِيدُهُ الإشْرَاقُ أتْبَـــــــــاعَا
والحُـــبُّ مَائـــــــــدةٌ بمسْغَبَةٍ بُؤْسٌ لِـ صَبٍّ، قَحْطُ مَنْ جَاعَا
جُرْحٌ جَدِيدٌ تَحْتَهُ قُــــــــــرَحٌ صَبَّتْ على النِّيرَانِ أَوْجَـاعا
كُنْتُ الفَرَاشَ، وأَنْتِ لِي لَهَــبٌ عَيْنِي حَنينٌ، شَـــــــافَ إِبْدَاعَا
عَيْنِي رَمَتْ وَيَدِي بِلا ظَفَـــرٍ واليأْسُ رَدّ صُوَاعَنا صَـــــاعَا
فِي عوْدِهِ عَوْدُ الفُؤَادِ لِمَسْــــ ـكَنِهِ، وَدَفْقٍ عَزّ إرْجَــــــــاعَا
و تَمَـــــــــــامُ بَدْرٍ فِي نَقَاوَتِهِ عَاثَ الغَمَامُ بِهِ بِمَا اسْطَــاعَا
و عَلَى حِيَــاضِ لَظَاهُ مُرْتَشِفٌ أَدْمَنْتُهُ شَايَاً، و نِعْنَــــــــــاعَا
أَغْفُو أُعَانِقُ ذِكْــــــرَهَا ثَمِلاً إدمَانَ حُسْنٍ عَقّ إِقْـــــــلاعَا




اسمى معشوقة
الشاعر علي طحيور الحسني / العراق




نظــــــرت إليها وروحي بحـــلم يطوف بأرداف عمري ويبكي
فقلت لها بين ظـــــــــلّ وهمسٍ أيا روح فجـــرٍ ونفثــــــة شكِ
يغادرني حلـــــم عرسي سريعا تحــــــوم عليـــــه بنـارِ وفتكِ
أيادي فراقٍ ولؤم حســــــــــودٍ وغدر قريبٍ وقصّـــــــــة إفكِ
فهل عندك الحب يجري أصيلا بلا ريّبةٍ داخـــل النّفس تحكي
فقالت أيا ويــــح عمـري وظلّ أفـانين وردي وأستــــار هتكِ
أريج حياتي وبسمـــــة شوقي وحلم فــــؤادي يميت ويزكي
وأثمار صبري وبلسـم جرحي ولحن قصيـــدي بشكّ وضنكِ
فتــــورا وبعدا وصمتــا مريبا ولــو كــان كفّي بكفّك يــذكي




قيثارة الفصول
الشاعرة غادة قويدر / السعودية



عمتَ صباحاً أيها الوطنُ المسافرُ بي
وريداً يخدشُ حياء التذكار
وينهضُ صوتي مستفزاً مخالب البعدِ
يا عبيرَ الصبحِ تدلفه تلك الحواري
تحكي قصص العاشقينَ للياسمين الخاشع ِ بالصلاةِ
وقبل النوم ترددني أطيافُ السوسنِ
وغنجُ الحسانِ يسافرُ بي
كرمحٍ أموي مزركشٍ
يهبطُ بين حضني ولهفتي يمهدُّ أسوار اشتياقي
ويمشط شعري اللاهث كبردى
يحملُ همومَ الريحِ والآهات والعوسجِ
تدنيني منكِ روائحَ الطيبِ
إذ يجنُّ بثوبكِ القديم
والبخورُ والآسُ واندلاقُ البهجةِ
يلملمانِ شفرات تذكاري
والذي لا يملُّ يَعبثُ بمشاعري
يعجِنُ رحيقَ الياسمينَ وحِنّاء القدامى
ويسكبهُ على أشرعةِ يدايَ
فتأوي إلى هيبتها الخاتونُ وتزرعُ العزّ
كراسةً مفتونةَ السطورِ
إلى الله تشخصُ المآذنُ
تنهمرُ على مناراتها تسابيحٌ وأذكارُ
وتستّردُّ ياقوتةً سُرقِتْ من تاجِ الزباءِ
وتصلبُ دماءَ أودنائس على وهمِ الأوتارِ
وتحفرُ حضاراتٍ نُقشتْ على مساحةِ ذاك الجسدِ
أين ذهبتُ تلجمني دهشةٌ غراءُ
ويتجهدني الحنينُ إلى زوايا النورِ
ويجهدني تكاثرُ الشوق على شفاهي
يرسمني الرمقُ قبلةً ماسيةً على كأسِ اللقاءِ
يا شمساً تحترفُ حدودَ عشقي
طهّري أطيافَ العبثِ فيكِ
يا مدينةَ النورِ
ويا سفر النبوءاتِ يا أنت ِ
يعزفني الحسن قيثارةَ الفصولِ
وتتدلى أعنابٌ تقتاتُ على شجني
وعلى كفي ترسمُ خارطةً
تتمرغُ بألوانِ عشقي
بنشوة تغازلُ شفاه الشموخِ
كضحكاتِ المطرِ تأتي
وراسخٌ كقاسيون عشقي
كؤوساً منهمراتٍ
تنضحُ لذيذَ الشرابِ على محرابك يا وطني




الحب يقدم أوراق اعتماده
الشاعر زياد محمد حسن / فلسطين


إن جمعتُ همساتنا.. بسماتنا
حبيبتي ترتدي وردة
مِن بطون العواصف
تنجب النسيم
مِن رسومات البحر الغامق
تعبر كالألوان
وعلى أرائك الانتظار
تينة برية من المواعيد
حبيبتي خرافية متأججة بالضوضاء
متسترة بالتثاؤب
مفوّضة عن الرقة
مندوبة الحب السامي
تمتد من المحيط إلى شاطئ القلب
أولها روحي
وآخرها كف يدي
حبيبتي تعمل في الأركان المسلحة بالأشواق
مِن الحزب الوطني العاطفي
طابعها البريدي اسمي
مشغولاتها الذهبية من عياري
عيناها شريط آلة كاتبة
تكتبني نظراتها
مطارها صدري
مـُحركات أجنحتها
لـُقاح فمي
ضحكتها كلماتي المتقاطعة
خطواتها مضخة للمطر
في موسم الجفاف الآدمي
أنفاسها
لو ينفجر هذا الليل
تخثر دمي
مِن عروق الشمس تصنع من الحرير
قارورة لأفكاري
تقيس فستانها على شفتي
تأكل كثيرا ً دهشتي
تغمس بالغرور ناري
حبيبتي بائعة للمظلات
حين يزداد الحنين ثقلا ً
أحبها جداً جدا ً




غربة روح
الشاعر خالد عمر / فلسطين



للغروب ... شيطان و أشجان
جهل عاقل... وجرم ببهتان
ردة عابد... بغير حسبان
سوط ضمير... وجلد بإمعان
أكفر بعد غفران؟
وسخط من الرحمان؟
وخلود في النيران؟
قد ضاع مني.. الحرف والاوزان
أيها الحزن
المسافر في.. عبر الازمان
من غربة.. روح وبعد الاوطان
من دمعة عيني .. في دفتر النسيان
لا تقل
حنين جذع.. لموت أغصان
ألم مصلوب ..في معبد الصلبان
ذلة... أصابت أشجع الفرسان
واستجدى... المجد من الكثبان
أو زوبعة في فنجان
وللحديث.. شجون و أشجان



من بقايا الظل المبعثرة
الشاعرة بارقة ابو الشون / العراق



1
اول يوم كتبت
حملت الشمس بكفي وقلت انها الوطن
تناثرالحجر وتساقطت الاوثان
كان حلما
لانهم اباحوا العويل وناثروه نذرا في الازقة
واقاموا وليمة النار لابراهيم

2
ارفق ذاكرتي المجبولة من نعاس واقداح
مرمية قرب السطور واكداس طيني المتبقي
من ليلة ابعد من الامس بعناد ورشقت امتدادت هاماتهم

3
السر لم يعد يكتب على جدران مدرستي
فيرتعد المخبرون
لان دم السماء لم تغسل اوثانهم
لانهم لايعرفون الحروف فستيقى الحمائم في السماء
لحين ان تولد الشجرة
4
لاتكابر
لاتكابر
ففي امتداد جذورك اخذ الطوفان اسمائهم
فلم يبق سوى بقايا اشرعتك

5
الانعتاق
الوهم الذي نحمله في اول يوم
نخيط اكفاننا ونركض في الشوارع حالمين

6
عرفت النجمة الاخيرة غياب السنابل المتبقية
القت دمعة واحدة لتغسل الوررة من احزانها

7
الشجرة التي تستريح
تحت ظل المدارات المتماهية ادمنت الانتظار
ياليلهُ الذي لم يعرف
فلا الموت موت
ولا الصحو صحو
ولاالحلم حلم

8
قالت النجمة الغافية
على اعتاب الدرب
واين يريد الكاهن الثلجي ان يحل
فثمة وجه الدفاتر المحترقة
من بقايا انامل الفراشة الاخيرة
بعيدة عن الخطوات
غائبة عن رسم المديات
اتلفع بيقظة الفجر
وغيب الظلال عند مواسم
الحرف الاخير من سطورك حين يسقط

9
ايها الجبل
باليا ثوب النسيان الذي كنت ارتديه
حيث تمر حقائب المسافرين والطلبة
الان يمر خيط الرمل
من زمن الحجر الاصفر عند قلاع الشمس

10
ايها الجبل المتراكم بين احداق الصحراء
ليس لي عشبك
مرهون بخاصرتي
أرسمُ على يديكِ ظلي ..
لأعودَ من حفرةِ المنتهى ..
كما ولدتني الشمسُ ذات ليل ..
الصحراء لاتتسمر كثيرا قربك ايتها السنديانة االمعتقة
ولاتحتاج الى زمن بليد لاقتلاع الجذور من ملاءة السحر
فربما تكوني المتعثرة في الارض المحرمة

11
الارض وهي تغني
ايتها الغيمة العابرة
امسكي بالطرف الاخر من الحكاية
مخيفة هذة الليلة
ساطيل المكوث في أردية
التاريخ وتراتيل الموت
فأنا التي تهالكت على عين السماء
وهي تتناسل ملائكة وانبياء
عند ضريح الدم المباح في انية الفجر وتقاطيع الارصفة

12
ايتها الغيمة العابرة
اعيري لي
ارتشاف الحروف ولون طرقاته التي رسمتها
فلم تعد فرشاتي تقطر غيثا
ايتها النجمة الوحيدة
ابحثي لي عن دفاتر دجلة القابلة للكسر في حافة الورد

13
ايها البحر
هل ابتدعت صمت الاغنيات
ام التحف صوتك مرسى اخر
هل كانت صورتك التي عرفت
تعبر الى الاشياء القابلة للهدم
كأنَ اناملي لن تنتمي الى غابة الزيتون
ولن تعرف ملامح الاخضر
ابقْ في تلولك الصفراء
ايها السقف المحاذي لوأد الفجر

14
طوق الحجر في اوروك
يكبر في خزانتي ويحط في جلبابكم
ايها المغادرون
يثملكم الخوف والهتاف
وتغادر الاسطورةصفحتها
هنا
حيث ينتهي المخاض بلا لون
فلاتجدون مايورق السحاب
في الوطن
كبلوا الطريق المؤدي الى الموت
باشارة من سرب دخان
واشلاء الحنين
لئلا يعرفكم الغائبون

15
ايها الوطن الغائب عن طرقات الفرح
لاترسم الان ليلة واحدة
بعيون اتعبها
المكوث والانتظار خلف باحة الرحيل والسحر
لاتبتسم بكلمة خافتة
مثل ظل انعتاق ليلة السفر
لا
ولا
فاستعد
واحفر الظلوع وادفن المطر
عندما تغادر الاسئلة
افرغ انا
لانتشاء ظلك وكينونة غيابك
لئلا اتعثر بيقين حضوري
16
النورسة الى القارب البحري
مثلي لايموت على اعقاب ريحك
فانت تحرق الفيض والندى
ولاتعرف المطر
من منا ساق الموت الى حرفه
من منا يحمل نعش الورد
من منا ياقدري يتقن فن الوهم
ليس الان
فكل المدن المهجورة
وآيات الظمأ القابعة في أردية الزمن
كانت ترتع في ظل الحرف
وتعزف قرب الاضرحة
دموع الوصل

17
لا
يتنفس القلب بعيدا عن صومعة الزهد
ونسج الغبار و عزف الاحتضار
واصابع الحروف المهملة
فالوسواس يدثر الحزن على قبضة كفيك
والطرقات تنبذ المارة والعابرون الى زمن الامنيات الغابرة
ورؤوسهم لازالت تبحث عن كفن اخر
18
هي الكلمات والحروف
ارسلها الله
لتحيي القلوب ولتقيم دوله حق
هي نفسها
تنذر الاولين والاخرين
هي نفسها
يلعب بها المقامرون
في ساحة الجاهيلة الاولى
الثانية
ال
ال
التي لاتنهي قرب العابثين

19
غمائم من ذاكرة هشة
تهرب خلف وحول الهواء
ووجه من ندب الصحراء
القت ظلها وغادرت
تتفقد امسية الحضور
واللوحة المعدة لشرفة النهر




تركتُ أبي على الجسر وحيداً
الشاعر وليد حماد



تركتُ أبي على الجسر وحيداً هكذا قالت مريم لأخوتها المهاجرين نحو الخيام
رُبما كان لي حُلم هنا ورُبما كان لي وطن بين جموع العصافير المسافرة ورُبما كان لي ماضٍ أيضاً خارج حدود الطقس وجغرافيا الأشجار العالقة على شفاه السافة التي تتسلقنا كُل صباحٍ ومساء بقُبلة عمرها عشرين عاماً , قديماً كانت تقول لي جدتي "أبحث عن مُعلم واستاذ ليعيد إليك بصيص النور الذي ضيعته في الغابة, ليعطي لحياتك حقها ولأسمك حقه ولمعنى الوطن في ضميرك حقه ,مرة أخرى وبالرغم من أن جدتي كانت جاهلة ألا أنها كانت تستطيع أن تفصل معنى النور عن الظلام ,عمري الآن أثنان وعشرون عاماً ,لقد نجوت من العديد من المجازر الفارغة أنما معنى الحرب ظل يسكنني ,صعب علينا أن نضيع الأشياء التي لا تتضمنها الفصول ف]عـــــطـرُ الأَرْواحِ
الشاعرة سكينة المرابط / المغرب



املأْ صَحْنِ الموتِ
القادم من شذا عذارى
رحيقَ حسانٍ
أفرِغْ رفيفَ ثغرهـِـنَّ
مسكـا وعنبرا
نـــَـــــاوِلْني أنفاحاً
تُغْري نَوازعَ الهُجَّادِ
ها أرواحهنَّ تَوَقَّلَتْ
نسائمَ حريرٍ
فانفخ فيها
سِحْر العطْر المبينِ
قدْ زبا اخضرارُ العطر
وزكت أنفاسُه
فتحَنَّتْ في كَتْبِ
الفِتْنــــــــة ِ
سأعشقُ فصْليَ
اعتلي سمائي
فلتُحي مَنْ مُتْنَ
قبلي
دونَ أريجِ أنفاسك
ها أنا أستنشـقُ
شهيق روحِكَ
أتلمسُ ريحَ زليخة اليوسفِ
إلى من توسد الثرى قبلي
فخان العهد مضطراً ليعانق لحدي



[COLOR=]عروس البحر
الشاعرة ايمان علي / السعودية [/COLOR]


هي من خيال البحر تخرج كالندى
تبتل بالشمس الخفيفة لونها يكسو المدى
والأفق يرفع عينها الزرقاء
تسبح كالأغاني مثلما يرتجُّ قلب الصخر
تنبت وردةٌ حمراء من دمها المرصّع بالأريج وبالشذى
لها خصلةٌ تلتف حول الليل يسكنها القمرْ
هيَ درةٌ في البحر تصنع ملحه
عبقاً يفرّع لؤلؤاً يغفو على عشب القدرْ
غزلتْ إلى البحر انعطافة زرقةٍ
ورمى الحرير خيوطه
خصراً يجر ذيوله فوق الحجرْ
كانت تؤرخ حبها للعاشقين وتسردُهْ
للمولعين الحالمين
كما تطرز للشواطئ رمله أثراً أثرْ



[COLOR=نحتاج لدليل سياحي يرشدنا داخل قلوبنا وأوطاننا التي جردونا منها وأصبحنا أصحاب الخيام, لا داعي للخجل فجميعنا ننسي تفاصيل أيامنا فما بالك في تفاصيل التاريخ و البلاد العابرة فينا, رُبما نحتاج لوجبة دسمة هذا المساء لكي تثير حواس كل الذين ظلوا الطريق ولم يصلوا إلى هنا رُبما لأنهم أن وصلوا سيجلس ضابط صهيوني على البيانو ويعزف لهم لشوبان مقطوعة للعائدين .!! لأننا نبقى دائماً على هامش اللحظات المسافرة, نعبر زمن الطفولة بجماجم مثقوبة بالرصاص لا تصلح للممارسة الحُب سراً ولا علانية ,فنضل عالقين على شفاه شجرة أو حبة لوز وعندما تمر عابرة سبيل على جسر أشواقنا, نظرتنا تفضحنا لأنها لم تعد تصلح لتأمل النساء, لأننا منذ طفولة اعتدنا النظر الجنود وهم يمارسون ضرب الرصاص على أبنائنا من خلف الأسوار الشائكة ,لا داعي لأن أطيل في الكلام لأني نسيتُ أبي على الجسر وحيداً وأخاف أن تطلُ غيمة من باحة السماء فيهرب الجسر مع الضباب الكثيف وأعاود البحث عن أبي لأني منذ أثنان وعشرون عاماً لم أراه ..!!




حلم وردي
الشاعرة هبة الشايب / الاردن



هناك
تفترش سكينتها تلمس وجه حلمها
تنتظر طيف خياله القادم على أكف الريح
كي يأخذها لتستريح
قادمة من عين القمر
ملأى بالنور والسهر
ترتدي ذهبيا فضفاضا
توزع بسمتها شطرا سطراً
تحتوي الضوء
تتسابق الفراشات اليها
يعزف الليل لحن هدوء
ترقص روحها يرقص قلبها
تستمع لصوت دقات الاجراس السماوية
لزقزقة العصافير البرية
لصوت شلال الماء
وعلى سنديانة اللقاء
تحفر :
هذا حلم الورود
احفظيه ريثما أعود



إلى الصديق الراحل الشاعر محمود درويش
الشاعر يعقوب شيحا / فلسطين



سأصب بعضا من أنين الحزن
في فنجان قهوتي الصباحية
وأعيرها اللغة التي كانت تطرز أسماعنا كل مساء
بعض الحنين إليك يا شاعرنا
درويش
أنت الذكريات ، لست أنكر ذكرياتي
مذ علمتني الهجرة أن أبقى وحيدا
درويش
كنت سحابة مرت بعالمنا
سحابة مرت ذات يوم كي تحيينا
وتمسح دمعنا الهتون من مقلتينا
عندما كنت تعزف ألحان الحب العذري
للوطن المغمس بالدماء
وبشوق أهله الراحلين
نشيدك يا درويش
كان صمت الخيول الهاربة
وقرانا حزمت مفاتنها وسارت
تبكي الرواحل عنها في مساءات
لم تكن في موعد من التاريخ والقدر
آفاقها كانت تنوح عند الفجر
وكانت قصائدكم تحييها
وتزرع الأمل في جوانبها
كي لا تكون يتيمة في ساحات الحياة
تهدلت أرواحنا يا درويش
تهدلت نصبا وألما
ها نحن في كل العواصم نتقاسم الأحزان لفقدك
لغتي تجاهد أن تسطر ما يجول بخاطري
ألون قصيدتي كي تنتعش
لكنني أراها ذبلت
تستسلم المعاني لطراوة الإنشاد
ها أنذا أستظل بغيوم التقدير العابرة
من بعد لحظات الحزن
حكامنا عانقوا مرآة خيبتنا
وتلونوا هربا على مرآى من الشعراء
لا تقذفوا القفاز في وجه القصيدة
لا تهربوا من حروف جاوزت أصواتها
وهي تغفو على ساعديكم
كم مرة استباحوني واستباحوا شعبي الفلسطيني
درويش صبرا
ها هم يشربون كأسي
وقصائدك كلها شهود
الصمت يأكل ما تبقى من حياء قصيدتي
كم قلت يوما أنهم يهود
قوموا جميعا وحيوا رمز هذا الشعب
درويش
للمرة الأخيرة أراك في نعشك
وقصيدتي إليك وجع الأيام
هذا الأسى يخصني وحدي
فاسمعوا نبضي ايها الشعراء
بالله قولوا
هل يصلح الحكام من أمثالكم ما أفسد الدهر ؟
هل يرجع الوطن السليب هذا الشجب والتنديد والإستنكار
قوموا إلى اللغة التي اجترأت
ما استسلمت أبدا لحاكم
تبحث في الفضاء الملوث عن ناي ومزمار
هذا العزاء يخصني وحدي
قصيدتي احترقت
درويش معذرة
إن كنت قد
سبقتني




هنا القصيدة
الشاعرة جليلة الخليع / المغرب



هنا القصيدةُ
وأنا أبدّدُ أثيري
بأمواجٍ عاليةٍ من تشويش
ونكران الأنا في ضيق
هنا القصيدة
وأقوالي بينَ أينَ ومازال
وحريتي بتمثال يبهرُ الناظرين
ويمتهنُ المكوث
هنا القصيدةُ
أعلنت صدرَها عندما خانني العجز
داريتُ قافيتها عندما لامني البحر
وافتعلتُ وزناً بتكتكات زمن
مطل
من أعلى نافذةٍ في وجهِ غرناطة
و الأندلس تطأطئُ رأسها
عند مقاطعي
بنوبةِ الأصبهان
هنا القصيدةُ
توقظني عندما
تحلو الغفوةُ في سريرِ الجفن
وتلعنني عند استيقاظي المبكر
وتجلدني عندما أعبث بضفائرها
فتتطاير خصلات الشعر مني
وأنا ما بين أقواس الالتقاطو الخيبة
هنا القصيدة
عند ذبذبات حزني
حشرجة صمتي
عندما يبللني الفرح
وأقتلع مظلتي من صاد الصدف
وأبوءُ بالكتمان
هنا القصيدةُ
حروفي العابرة لخطوط الورق
موسيقاي عندما أنتعل الاستماع
لأرافق الفكرةَ إلى مثواها الأخير
في رحلة النغم



مسافرٌ بلا شراع
الشاعر طاهر مصطفى / العراق


عاصفة الروح مبحرة يائسة
أمواجها ضبابية
كتبت قصيدة منمقة في زورق الأمل
رياح مجهولة وشراع منكسر
سكون بـآهات الحمى
رقص الأمواج وإيقاع الزمن
ستائري تطوى في صورة
أشلائي تشاكس في عاصفة
بحث الوجود في خريطة
أعانق الموت بقطرة ماء
جسد كطحالب قديمة
هلوسات من الماضي
في يوم سأبلغ القمر واخبره ما جرى هنا
منديلاً ألوّحهُ مساء
لعل خيط ضوء القمر يخبر المنديل ساعة الوصول
يا مسافراً بلا شراع
البحر مسرح كبير
يئست من حساب الريح
فهل يضيع زورق الأثر



أسُوَاكِ في مُدُنِ الجمالِ نســـاءُ ؟
الشاعر عمر الهباش / فلسطين



لا القلـــــــب يهدأ والبعــــــاد جَفـــاءُ أرق الولوع متاهةٌ وعنــــــــــاءُ
هفهـــافة الأعطــــــاف رق دلالهـــــا هلت تسابق طيفَها الأضـــــــواءُ
الثغـر في فلك الجمـــــــال كآيـــــــــة وعلى الجبين دمقسها الوضَّـــاءُ
في لجَّــــةِ العينينِ تغـــــرقُ أضلـــعي والجفنُ موجٌ يعتليه سنـــــــــاءُ
يا للغــــــــرام إذا تربـــع في الحشـــا والصدر موجوعٌ به أنـــــــــواءُ
في كل ناصيــــــة يلـــوح خيـــــــالها طيفا رواهُ الطَّلُّ والأفيــــــــــــاءُ
تلتفُ نَسْمـــــــاتُ الودادِ بخصـــــرها سكرى سقتها البسمــــة الغنّــاءُ
الزَّهرُ تسكبُ فوحهــــا أكمــــــــــامهُ ورحيقها شهـــد المنــــى ورواءُ
يا للمعنّى لو يســـــــافر صوبهــــــــا تهوي الدّروبُ وتخفقُ الأرجـــاءُ
تحنانها شوقا يردّدهُ الصَّــــــــــــــدى شجوا يبلّلهُ ندىً وصفـــــــــــاءُ
هذا الغنـــــاء له بقلبي شرفـــــــــــةٌ فَبِصَبِّ كأسيَ شــــــارك النّـدَمَاءُ
يسري بعينيها الغــــــرام قوافــــــــلا والثّغر نبـــــــــــــــع باسمٌ لألاءُ
هي مزنة تنثــــال نهرَ عذوبــــــــــة والضفتان غوايــة ولقــــــــــــاءُ
مرَّ المســــاء تناثـرت نجْماتهـــــــــا وتألَّقت تزهو بها الأنحـــــــــــاءُ
نفـــــح الجمــــال يموجُ بين سهولها وتبوح بين تلالها الأهــــــــــواءُ
تروي غصون السِّحر رمش صباحها وتهيم عبر شطوطها الأصــــداءُ
الفــن تبـــدعه القلــــــــوب بلوحـــةٍ ألوانها عيناكِ والأنـــــــــــــــداءُ
كل النســـــاء على يســـــــارك أنجمٌ وعلى يمينك تسجد الجـــــــوزاءُ
مدي ضفافك واغمري شــوق المدى فلقد توحَّد في دمي الشُّـــــــعراءُ
وتوحـــــدت فيك النِّســــــاء جميعها أسُوَاكِ في مُدُنِ الجمالِ نســـاءُ ؟
أســـوَاكِ يهتف باســـــــــمِ حبٍّ لمَّنا وعلى شفاهك يَرْقُصُ الإغْــرَاءُ ؟
أهديك بستـــــــان القصيــــدِ نسجته أيليق سيِّدتي بك الإهـــــــــــداءُ؟




الأعراف
الشاعرة نبيلة الشيخ / اليمن



جاهـدتُ وصـلَ العارفـيـن فصــدنـي دربٌ خُــــطــى عـــرصـــاتـــه آلامُ
مـــا روضـــة إلا عــلــى جنـبـاتـهـا غـصـنٌ يـئـن وكـــم تـجــور ذمـــامُ
فـــوأدتُ أوهـــام الـمـفــازة كـلِـهــا وبـكــت لـهــا واستعـطـفـت أحـــلامُ
ياذكـريـاتـي أيـــن فـــوحُ صبـابـتـي هــذا الـزحـامُ علـيـك مـنــه زحـــــامُ
ما عدتَ يا ليـلَ التسامـــــرِ ضوعـة ً يــا لـيـت بـثــك يـــا نـجــومُ خـــزامٌ
يا قلبٌ غِرٌ أنت تشفع في الهـــوى ؟ ولأنــت لـــي حـجــجٌ وأنـــت إمـــامٌ
مـا دمـتَ تـدري اننـي قــد مِــتٌ يــا قـلـبـي فـضــربٌ المـيـتـيـن حــــرامُ
يـا قـلـبٌ أنــت خـبِـرتَ كــل جـريـرةٍ وعـلـى شفـيـر الـحـزن طــال قـيـامُ
سأظلٌ كالأعراف ِ في حجرِ الهــــوى فهـنـاك لــي بـعـد الـوقـوف ســـلامُ




مَـرْثِيَّـةُ الْغَـزَلِ الْفَصِيحَة
الشاعر صقر أبوعيدة / فلسطين


مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيُسْمِعْنِي ضَحِكَ التُّفّاحِ لِقُبّرَةٍ تَتَفَلَّى تَحْتَ بَراعِمِها
وَالْغُصْنُ يُرَاقِصُ غُرَّةَ مَبْسَمِها
وَدَعُوها تَهْمِسُ في زَغَبِ الْفَرْخَينِ
سَنَعْصِرُ دَمْعَ دَوَالِينا تَحْتَ الْقَمَرَينِ
وَنَغْرِفُ مِنْ شَلاَّلِ مَذَارِفِها
لا اللّيلُ يَطُولُ وَلا طَالَتْ عُنُقٌ رَقَصَتْ لِمَخَاوِفِها
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيَمْنَحْ شَمْعَةَ أَحْلامِي مِشْكَاةً أَحْمِلُها لِخَيامٍ مُفْتَقَدَهْ
الشّعْبُ يُقَلّبُ شَكْوَتَهُ بَينَ الْبُلْدانِ وَبَينَ جُيُوشٍ مُرْتَعِدَهْ
وَشِفاهُ الْعَيشِ تَنُوءُ بَشَوكَةِ قَومٍ قادَ حِصاراً لا يُخْفِي كَيدَهْ
لَعِبَتْها عَاصِمَةُ الْوَيلاتِ على أَوتارِ الْجُبْنِ وَأَقْلامِ الرّدّهْ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيَقْطِفْ مِنْ شَفَةِ الْحَنُّونِ حَنِينَ اللّونِ لِجَلْوَةِ أُخْتْ
وَيُزَيِّنْ خَدَّ الصُّبْحِ بِبَسْمَةِ أُمٍّ تُسْبَى فَرْحَتُها مِنْ قَبْلِ نُضُوجِ الْوَقْتْ
لا تَدْري أَينَ تَحُطُّ مَراكِبَ دَمْعَتِها ، وَالْبَحْرُ يَغُورُ لِحَدِّ الْمَوتْ
لَمْ يَهْدَأْ رَمْلُ شَوَاطِئِهِ وَالْمَوجُ يَثُورُ حَمِيماً في ظُلُماتِ السَّبْتْ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
مِنْ دَنْدَنَةِ الْمَقْطُوعِ بِلَيلِ الْغُرْبَةِ قَدْ كَحَّلْتُ قَصَائِدَ حُبْ
أَتَوَضَّأُ قَبْلَ سُجُودِ عْظامِ النَّصِّ عَلى وَرَقِ مُكْرَبْ
أَتَحَنَّثُ بِالْبَوحِ الْمَشْرُوعِ
أَمُدُّ فُؤَادِي حِبْراً لا يَنْضَبْ
وَأُدَفِّئُ حَرْفي في رَحِمِ الْكَلِماتِ لأَشْعارٍ تَغْضَبْ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيُسْمِعْني في يَومِ رَبيعٍ هَسْهَسَةَ الأَعْشابِ بِلا وَجَلِ
وَلْيَجْلِبْ حَفْنَةَ ماءٍ يَرْوِ بِها ظَمَأَ الأَبْيَارِ وَيَرْوِ بِها أَمَلي
فَصْلُ الصّيفِ احْتَدَّتْ فِيهِ الآهاتُ وَحَنَّ الدَّمْعُ إلى الْمُقَلِ
أَبْواقُ الْفُرْقَةِ تَعْجِنُ مِنْ أَمْشاجِ الْحَرْفِ سُجُوناً لِلثَّكَلِ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيَقْرَأْ رُقْيَةَ أُمِّي في لَيلٍ تَعْدُو فِيهِ الأَخْبارُ على بَدَني
وَلْيَسْلُتْ مِنْ عَظْمِي سَيفَاً في قَلْبِ الْخَوفِ وَيَغْمِدُني
مَنْ يُلْجِمُ أَيدِي الرّيحِ إذا قَلَعَتْ أَعْناقَ الْقَمْحِ ، ويوعِدُني
وَعْدَ الإصْباحِ لِيَكْتُمَ ثَغْرَ اللّيلِ عَنِ المُدُنِ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
فَلْيُشْبِعْ لَهْفَةَ أَشْعارِي لِخَواطِرِ شَعْبٍ يَحْمِلُها طَيرُ النَّورَسْ
وَلْيُقْرِئْني بُرْكاناً يَنْثُرُ فَوقَ مَرايا قَهْرِي نَاراً لا تُرْمَسْ
وَأُعَانِقْ جِيدَ الصّبْحِ ، فَلا أَصْفادَ بِهِ ، وَلَهُ قَلَمي يَأْنَسْ
وَالْقَلْبُ مَلِيءٌ بِالسِّيَرِ الأُولَى
النّخْوَةُ فِيها لَمْ تَخْنِسْ
مَنْ يَسْأَلُنِي مِزْمارَ غَزَلْ
لَمْ يَعْلَمْ كَيفَ حُرُوفِي تَقْطُرُ غَضْبَةَ بَحْرٍ تُشْعِلُ أَشْجانِي
وَمَلَلْتُ السّيرَ عَلى دَرْبٍ تَتَرَبّصُ فِيهِ شُعُوبٌ تَرْقُبُ أَكْفاني
سَرَقَتْ مِنْ بَالي شُعْلَةَ بَوحٍ
وَاشْتَغَلَتْ بِالْحَرْبِ لِتَنْساني
نَفَرَتْ مِنْ بَينَ يَدَيَّ عَناوِينُ الشّعْرِ الْبَلَدِيِّ
فَتَاهَتْ أَلْحَاني




حب لا يعترف بقيد !!
الشاعر عبد الرحيم محمود / الأردن



جفّ بحري واغتال رملي الضفاف وتناءت عن ســـــاحلي الأصداف
وتوارى السحاب من خلـف أفــْـقي واحتواني مع الغيـــــاب ارتجاف
كيـــف أحيا وأنت زهــــــر ربيـعي وقطوفي على غصوني عِجاف ؟؟
كيـــف أحيا وأنت كل قطـــــــــوفي وكؤوسي إذا مـــلاها الســـــلاف
كيـــف يحيا بستـــــان وردي نديــا عندما حل في ورودي الجــــفاف
أنـــا أدري بأنّ نــــــاري ستـــذوي ويذوب الشــــريان والأعطــــاف
وأوارى وســالف الدهــــر يـُـطوى وسجلــّـي ما عـــاد شيئاً يضـاف
أسـرفَ القلب في هــــــــواك حنينا لم يَفــــد عنــــد هجرك الإسراف
ووفــائي لشهــــــد عينيــك دومــــاً شفّه من غــــرامك الإخـــــــلاف
عشت غصنــــاً في يبسه نار شوق لربيــــع يلــــذّ فيه الطــــــــواف
أيكون الشــــريان بركـــــــان دفء ويكون الوريـــد منه ارتعــــــاف
ثم تهــــدين لوعتي جمـــرَ صــــــدٍ يحرقُ القلب إذ تبـــوح الضِفـاف
عاندتني في العمـــرِ كل ظــــروفي كل وعــــد يشوبه الإخــــــــلاف
فحبيبي قـــد كـــــان غيـــرَ نصيبي ثم حظي من بدر ليلي انكِساف !
حارَ قلبي أيُنصِفُ الحـــب قلبــــــــا ضاع منه الميناء والمجداف ؟؟
ثم تاهت مــــوجاته في جبــــــــــال وســـط الليل والظــلام يـُخــــاف
ويدي إذ رفعـــــتُ لســـتُ أراهـــــا شبـــحُ الجــن أصبحت لا تـُشاف
كنــتِ ذنبي أليــــس يغفــــــر ذنبي إذ علاني عند اقترافي العفاف ؟؟
فأضعت الجميـــــعَ قلـــــبي وظبيي لهفَ حظي وقد بغى الإنصــــاف
ورأيت الحــصــى يـــولـــول دوني ثم تبكي الرمــــال والعــــراف !!
حيـــــرتني وأقعـــــدتني ظنــــوني ثم ملــــت من وقفتي الأعــــراف
فانتظــــرت القطـــاف كل فصـــولي خانني الفصــل ثم خــان القطاف !
أين أمضي وكـــل ما كـــان يهـــوي من كيــاني وفــارقتني الشغــــاف
وارتويت الدمـــــوع ملحــــاً فملحـا وجفــاني على ظمــائي ارتشــاف
حــــار عــقلي ، وقد أضعت طريقي وسنينــي أودى بهــا التطـــــواف
ويقينــي قـــد بـــات جــــــدُّ رقيـــق وحجــابي على المــدى شفـّــــاف
منــــه قـد بانَ أنَّ عمــــري هبــــاءٌ وسنينــي تعــافني أو أعـــــــــاف
حين أبصـــــرتُ أنَّ دربي طـــــويلٌ مستقيــمٌ قد اعتــراه التفـــــــــاف
ولــــذيــذُ الأيــــــــامِ باتــــت ورائي تتــوارى وقد طــواها السجـــــاف
سرقـــــوا منه كلَّ سحـرِ جمــــــــالٍ ومضــوا إذ شاهــت الأوصـــــاف
أنـــتِ قلـــبي ، يلـــــــذُّ فيــــه لقلبي أن يـُـــرى في غرامــك الاعتراف
كنــتِ منى وكنــتُ منـــك وكنــــــــا نعــرف الحــب منذ رد النطــــاف
فلمـــــاذا أراك صــــرت لغيـــــــري فرسَ السبــقِ ذلــّـه الاختطــاف ؟
وأنا صــرتُ كالغـــريبِ زمانـــــــــا ومجيئي في مقلتيــه انصــراف !
سوف أمضي أن هبت الريح ناحت عاليــات الجبــال ، قلبي رعــاف !
أنتِ ذنبــي وأنتِ غفـــــران ذنبــي (رُبَّ ذنبٍ غفــــــرانه الإقتـــراف)




في ذاكرة العشب ،،،
الشاعرة عايده بدر / مصر



بين انثيالِ بوحٍ يتدفقُ على جسد التراب
و أصابع احترفت تشكيلَ المعاني على خاصرة الشوق
موعدٌ لهبوط اضطراري على قاعدة القلب
مريمية الأحلام كانت
بطيف لواعج الهمسِ انتشت
و على ربقة النور المختبئ بين الثنايا
تنبت اللمسة وهجا فتشتعل الروح بضم الحنين
ينغرس في يدها شوق اللقاء ،، تزفر الغيمات
و تعيد الريح انحناءات الزوايا من جديد
لا شيء ينعق في سديم الليل سوى مُهرة
تزرع صوتها هناااكــ بين أصابع المدى ،،، تناديك :
" نرسيس " لا تطفىء حلم الفجر ،،، فتحمل الأرض أثقالها
أنا التي ارتشفت ماء الحياة من جسد الموت
لتولد على أعتاب العتمة ملايين نجوم ترتعش
لتمنح للشمس وجهاً لم ينضج بعد ،،، فانظرني في بقعة ماء
لتهنأ بموت يلفظ آخر أنفاسه على صدرك المجروح
لا ترتجف ستمر قطعان الريح و تأتيك وقت احتضارها
فقد ثبت في ذاكرة العشب أن ثمة امرأة خلعت بين يديك وجهها




سر في دمي
الشاعر علي المحمدي / العراق



سر في دمي فجراح اليوم تتســـعُ وكفكف الدمع فالأعراب قد هجعـوا
وداو يمناك من يسراك في عجـــلٍ وانهض بحملك لا يجديك إن زمعـوا
أولاد يعقوب لما غاضهم عزمـــوا وحملوا الذئب ظلما وزر ما صنعـوا
ليل العراق وكم من يوسف دفعــوا في ذلك الجب والأصوات ترتفـــــعُ
الله أكبــــــر يا صبـــــــــرا نكابـده يا صبر بغداد كم ناموا وكم رتعـوا
كم كان في سالف الأزمان أيك لهـم بين الحشا ومناماً ليس ينقطــــــعُ
يا صبرنا هل تناخى غيرنا وسـرى في حضرة الموت والنيران تنــدلعُ
يا صبرنا من بوادٍ لا رجــــــوع به كان المحان وناء الصبر والجــزعُ
لولاك لولاك ما أبقى لهــــــــم طللا ذاك البغي ومجد اليوم منقشــــــعُ
لكنهم يا أسانا ما استفــــــــاق لهم عقل وكم صدروا التأويل وابتدعوا
انهض بجرحك كالعنـــــقاء يا بطلا وداوِ بالجرح جرحاً إنهم خنعـــــوا
كم عتقـــــوا بنعيق الغل حقــدهمو وفخّخوا الفكرَ والجُّهالُ تنخــــــدعُ
ويجـــذب الـرق والإذلال سحتهمو إذ أنهم دأبوا دوما لما شرعــــــوا
كم حـــــاول الكفر في أفكارنا عبثا لكنــــه الله يمحي كل ما طبعــــــوا
قد جرّح الغدر أوصال العراق وما كان العـــــراق للؤم الغدر يتبـــــــعُ
كانوا يمنــــون أن نمضي بغفوتنا تلهــــــــو وتلعـــب في أقدارنا شيعُ
رغم الذي صـــار في أنحاء بلدتنا يبقى العراق ملاذا كلمـــــــا هرعوا
يبقى العـــــــــراق لأن الله أوجده قبل الطواغيت فاسأل هل همُ سمعوا
هل يعرفـــــــون بأن الخلق مبدأه بين الفراتين هل هم يا ترى اقتنعـوا
بأن ذا الدهـــــر دولاب يــدور بنا يهوي الأصيل وابن الأمس يرتفـــعُ
واحذر لأنك مهما احتطت في عملٍ يسمو به البر والإحسان والـــورعُ
لا تأمنن من الدنيـــا فكــــم غدرت واسأل ختامـــا به يا غر تنتفــــــعُ
سر في دمي فجراح اليوم تتســـعُ وضمد الجرح فالأغراب ما هجعـوا



ترنيمة عشق للوطن
الشاعر رمزت إبراهيم عليا / سوريا




من خلف ِالفجرِ الآتي من أفق العبثِ المجنونْ
من ترنيمِ النايٍ الملقى في سفْح ٍ ينظرُ مهتاجا لتخاريفِ البحرْ
من خلفِ هطول ٍأسودَ في روض ٍ تحت الظلِّ المكسورْ
تنهيدة ُطفلٍ يرضعُ ثديا تحتَ سياط القهرِ ْ
تتكوّن ُآهاتٌ تتلعثم ُفي حلقي المنخورْ
كلماتٌ تستعصي تتعاقرُ خمرا وشجونْ
أتأرجحُ عبرَ مسافاتٍ بتخومِ الصبرْ
من أرصفة ِالنوح ِالمتلسقِ جدران َ العمرْ
وتراوغني أنواع ُرزايا تقتاتُ الفجر ْ
تغتالُ اللونَ الأحمرَ من أوراق الوردْ
وتُسَدُّ منافذَ أيامي تتشفّى حقدا في أرَقي وتأوُّه آلامي
كم أجهدُ نفسي حتى أقتطفَ الغصنَ المتدلي في خجل وعفونة ِعُهرْ
أرنو للظلِ القادمِ منتحرا يتمدّدُ تحتَ سياط الذلْ
وقطيعٌ من ذئبان فوق السفح الآخرِ منتظر ٌ فرصَ الغدرْ
وبقايا خلق الله بأعينهم ألوان ٌمن آياتِ الرٌّعبْ
وأنا أتجولُ عبرَ مدائنَ تخلعُ ما لبستْ في أزمانِ الخِصبِْ
وغدتْ تتعرّشُ أعمدةَ السطوِ الجاني ِأو تنهارُ بها الأسوارْ
تتعبّدُ عند صوامعها ألوانُ ثعابين ٍشتّى
إني أشقى في بحثي عن وطن يؤوي حدقي
عن حبةِ قمح ٍتسعفُ جوعَ عصافير الدوري
ما أصعب َأن تنسى وطنا يحيا فيك ْ!
ما أقسى أن تتوجع من جرح لا ينزف إلا القهرْ
أو ترمُقَ بعضَ توجُع ِ أزهارٍ عطشى طرف النهر ِ الغاصتْ فيه الأمواهْ
هل أصنعُ لي وطنا آخرْ؟
أم أرفعُ سورا حول مدينتنا ؟
هذا وطني غاف ٍ في أكوانٍ تتلوى بين ِجوانحنا ويعاند تركَ حنانِ القلبْ
يرجو أن تصهلَ في الساحات خيول ْ
هل نسرج أحصنة الهذيانْ؟
هل يقدر أن يسعى للفجر ِ الخصيانْ؟
هل تُسرَجُ أفراسٌ بصهيل ٍ في (جبل الشيخ ) 1؟
حتى تتقدمَ في الساح ( البلقاءْ ) 2
ونجرد ُ سيفَ صلاح الدين(3) فلا يبقى في أقبية ِالنسيانْ؟
ها قد مسحوا من لوحةِ عشق ِ خريطتنا وطني المرسوم َ بهدْب العين ْ
هذا وطنٌ يغفو في أحدَاق ِ الطفل ِ الأسمرْ
أو في سبورة صف ٍ أو جدران ِ قلوب ٍ ملتاعةْ
إنا نرجو وطنا لا يمكن أن تُستبدَل َ فيه ضمائرَنا؟
إنا نبغي وطنا يبقى عنوانَ نقاء ٍ في تهويمِ العشقْ
مصنوعا من لمعان ِ السيف ِ ونطردُ منه قبائلَ عبس ٍ أو ذبيانْ
و القادمُ من أزمانٍ يملؤهُ أغمار بيادرْ
وهطولُ رذاذ ٍمن آفاقِ الغيم ِالماطرْ
والطفلُ الآتي يبني أسواراً لمدينتنا
وتعودُ عاصفيرُ الدوري في صبح ٍهجرته الغربانْ
وصليلُ مياهِ النهرِ زغاريدُ الفجر على جبهات الفتيان
وضفيرة ُبنت ٍترقص فرحى في أعراس ِحصاد الحقلْ
وبيادرُ قمحٍ تهزج ُفيها أفراحُ الموسمْ
تتهامسُ قربَ النبع ِ صبايانا
ويعرّشُ في كرمي زمنٌ أخضرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ جبل الشيخ : قمة جبل سوري مكلل بالثلج تحتل إسرائيل أعلى قمة فيه
2 ـــ البلقاء : فرس سعد بن أبي وقاص في القادسية أخذها أبو محجن الثقفي ( فارس وشاعر )
وكان سعد حبسه لشربه الخمر وقاتل عليها ثم عاد إلى محبسه وتاب عن شرب الخمر
3 ــ صلاح الدين الأيوبي : قائد معركة حطين




ذات وقت
الشاعرة أملي القضماني / سوريا ـ الجولان



1

ذات وقت
على صفائح الليل غفوت تلبَّسني شوق
والقاني على رصيف النار في أحشاء غربة تتكور في الحنايا تعاويذ انكسار
تناهيد تخترق صدر الحكايات
آهات ترسمها على ضريح الروح
وطن يراقص الدمع على ضفاف الوجع
وآه حارقة تضم الحزن في أضلاع الألم
آه يا بسمتي الضائعة

2

على وسائد الحنين يتكئ قلمي
يعبث ببياض يقتات على بقايا حلم
وعمر خلف أسوار الهوى يردد تراتيل المحبة
أحتضن السماء بعباءتي، وتتشمّس روحي بقبلات العطر

3

تلك القرية هجرت شوارعها
خبزها الأسمر يرسم ضحكة بأوتار القصيدة
الكون ينخزه الضمير
ملح دمعته يفشي سرَّه جُرْحُ وطن
معارج هوى مضرَّجة باللهفة

4

فنجان قهوة وأوراق ياسمين على طاولة صباحاتي
أجلس في حضن قصيدة واقرأ طالعي
يا حلمي الأبيض في خطوط فنجاني
يا حلمي المعانق عينيك،
ابتسامتك المجنونة تحمل حبات ندى في فجر الأمل
لأجلك أرمي دفاتر وجودي ، حروفي ،كل أشيائي
يا كل أحرف ذكرياتي، وحنين نبضي ودفء خفقي وعطر نهداتي

5

ذات شوق مشتعل
انشطرت روحها بين يديه
نسي أوراق اللهفة على وسادة القصيدة
ونثرنا الحلم على سحر الأسطورة
عناقا يسافر في عنق المحبرة
حروفا صاخبة
على جمر اللقاء



الرعد
الأديب عبد الرحمن حمومي / المغرب


قطعاَ
لا تنتظر الذي يؤويكَ في قفصِ الاستجابات
وإلا لكنتَ أول الهالكين
لا تنبئْ بصبح محمل بالهدايا والصور
ولا بسماء تشرقُ
تستعيض بها عن ليل يتأبد
الآن على الأقل لستَ بالخالقِ
إنكَ قانت بشكل ما
هذا احتمالُ الكلِّ عدا اليقين
إنه موت في شهوةِ الحنين
مرارة وترقب
غموض ليس ينجلي
حتى زورق يعومُ على سطح اليقظاتِ
الأوليةِ
نافذة يشرعها البرقُ
على أفق يألف حين يخالفُ
ويفارقُ حين يألف
هكذا إذن تعلو البداياتُ
وتسقط حيثُ لا أحد
غموض
وهو بعض مما تفجع به الموجودات
دون لغة
إن الذي يصمد في زمانه
صعب المراس
(كل هذي الشقوق وهذي الوهاد
وتلك الحجب
من ذا يحتمل؟ )
ليتقدم كبرياؤك الحاسرُ ولتدخل كالثور
في التحير
ارتحل
المدى تفاحةً ووجهكَ سكين
ارتحل
عمودباً وجه الذي لا يرى لا يخمن لا
يموت
من ذا؟
في هذا الصباح المجلل بفطيرةِ الضباب
يدري ما تنوء به الروح فيؤويكَ
من ذا؟
خبرتَ الخسارةَ لولا ضعفهم
ما حييتَ لولا ضعفكَ؟
ولما ظل َّ من شيء يدعى السرُ
ولانهارت كلُّ الخطايا
سمها الذي تشاء
رعود تشفُّ عن خرائب للأرض
بدايات العرفان الجميل بما تقذفبه الكواكب
من شرار
محاولاتُ الإنكشار الهيمان
في ملكوتِ الرب
عهر اللغة / عنفها
وهي تتوقُ تآلف شذراتِ التداعي
عبير أعشاب ميتة
ما هذا الذي رغبتُ فيه
غير أني أمشي في حطام يشبهني
أمشي مثلَ ثور
رغم الذي يشدني إلى بعض زيف اللحظاتِ
زيفِ الخواطر
ما هذا الذي حلمتُ به
إني ضدي
غير أني فيه الفيروس يغريه سم
فيسقط فيه ما
هذا الذي في طفولتي الهوجاء
شكراً للشعراء الواقفين على شفيرِِ الحب
شكراً للساهرين قرب هواجسِ قتلاهم
للحالمين
أنا لا أسعى ركوب موجة
فكلُّ الموجاتِ نشيعها
ذرة ذرة إلى مثواها الأخير
تلك فوضايَ متاهي والمستحيل
الأحاسيس الرماح
تبصقُ الُّسُّمَّ في جسدي
وأنا أهرق السم أملأُني بسم جديد
وأبدأُ من فراغ مثل هول
أصرخ معي فيك
ولا تضع على جبيني رقما أو صفة





فرح
الشاعر فارس الهيتي / العراق



احبسْ دُمــــوعكَ أنَّ الروحَ تنهَمــــلُ واهجرْ سَمَاءَكَ مَا عَادَتْ بها زُحَـلُ
واحزمْ ضُلُــــوعكَ أنَّ الشمسَ غَاربَةٌ واكتم أَنينكَ قَدْ ضَــــاقَتْ بِكَ السُبُـلُ
أَتَرحَــــلينَ عَروسَ الفجـــر في عَجَلٍ لِمَنْ صَبَاحيْ؟ ، بِمَنْ عَينَايَ تَكْتَحِـلُ
أَتَرحَــــلينَ وتَبقى الــــــــدارُ تَخنقني أَتَتْركيني لَهَــــمٍّ فَوقـــــــهُ جَبَــــــلُ
تَمضي السنون وَوَخطُ الشيبِ أَيقَظَني مَا عُدتَ طِفـــــلاً تَنَبّهْ أَيّهَا الرجَـــلُ
أَنتِ الصَغيـــــرةُ مَازَالَتْ تُلاعبُنـــــي تِلكَ الأصَــــابعُ في أَعمَاقِهَــــا القُبَلُ
ناديتِ باسمي بلا ( بَابَا) فَأسْعَـــــدَني إنّا صَديقَــــان بالعينينِ نَتّصِـــــــــلُ
يا لَثغة السين كِمْ منْ أَحــــرفٍ نَطَقَتْ كَأنها النايُ في أصدائهِ الخَجَــــــــلُ
هَا قَدْ كَبـــرتِ ومَا زلتُ الصغيـــرُ أَنَا في حضنِ أميَ إنْ هَاجَـــتْ بيَ العِلَلُ
يَا حِبّــةَ الروح فيكِ الروحُ قَدْ زُرعَتْ والحبٌّ والصدقُ والإيمـــــانُ والأمَلُ
إنَّ الذي فيكِ كالمـــرآة فيـــــــــه أَنَا قَلبَــــانِ اتحَــــدا والآنَ نَنْفَصــــــلُ
هَذَا النَقَـــــاءُ بِلَونِ الحبِّ يَغْــــمرُني هذي الطفُولةُ في الفُستَـــــانِ تَنسَدِلُ
اللهُ أَكبَرُ مِنْ حُســـنٍ يَهُلُّ بِهَـــــــــــا كَالشَمـسِ تَعلُـو بِهَـا الأَنظَـارُ تَنشَغِـلٌ
يَا فَرحةَ العمر في عينيك أَبصــــرُها هذا أَبـــوك برُغم الدمـــــع يَحتفــــلُ
يَا دَمعةً خَرَجَتْ كالجَمــــــرِ تَحرقني ( وَدّعْ هُرَيرَةَ إنَّ الركبَ مرتَحــــلُ )




عائدة من هناك
الشاعرة بشرى العلوي الاسماعيلي / المغرب




لملمتُ ما بقي من عِقْد أعصابي
الــ أفرطه الوجل ذات ذهاب...
واستجمعت قواي...
واضعة زوادات الشوقِ في أقبيةِ الحنين...
أتوخّى بعد الوصول...غرقاً في لجّــــة كلام
يُنطِقُ سلطان الحكْـــيِ ويشلُّ أطراف القلق!
عائدة من هناك...
لم يخطربِبالِ عودتي أنَّ توجُّـــهَ كل حواسِّ فكري...
لم يكن إلّا صوب صوت خافت ملأ فراغ المكان أثناء قلق
بكلمات باهتة الملامح ....
أضاعت ما تبقى من نبرته على مرأى من مسمعي..
و خبا بريق المعنى بين السطــــــــــور....
بعد أن عدت من هناك....
لم يعد يعنيني أن أصيب في قراءته
أو أخطئ في خارطة صمتي ...
لم يعد يقلقني ملء الجدران بالقلوب المزيفة
فلا زال جدار الذاكرة يحفظ العديد من رموزها...
وحده قلبـــي الطاهر من دنس الخديعة والمكر
من سيقلق راحة رسائلـِـــهِ
كلّما كشَفَ حدسُه عن نواياها الضبابيّة
التي لم يفلح النبض في احتوائها بعد أن لفظها العقل
بُعَيْدَ انتهاء الربيع....وقُبَيْلَ نضج فاكهة الحروف
بعد أن عدت من هناك..
تفتّحت عيون القلب المغمضة....
وجمعت ببصيرتها أوصال أسئلـــة ....
لم تعد تغرف أجوبتهـــا من محبرته ....
بعد أن جف ما تأرّخ من صهيل حبرٍ
أدركه الشكـــــ .....فقضم صدقَ ما كان يوماً بيننا
بالـــــظنـــــــــــــــون....
زهرة ذبلت بتلات أحلامها...
أنّى سقط القناع عن الوجـــه المظلم للقمر ذات نوم....
وجـــهٌ....ذكّرَ الألـــــــــم بكل ساديةٍ بموعد الجرح القديم
بعد أن عدت من هنـــاك....
أيقنت أنه لم يعد بوسعي أن أقنع نفسي
أن تلك الكـــذبة...كانت يوما ...فلتة من فلتات العشق!



وكأني قد عرفتك أيها الألم
الشاعر كمال أبو سلمى / الجزائر



وإني عرفتك !!
وي هذا الحزن الممدد على شغاف الروح
علا ودنا وتدلى من تجاويف الجسد
مد أذرعاً للتيه ولهى
وعاد يشد كوتد الخيمة أسرار العضد
وإني عرفتك
عرفت الفجر يشقشق في تثاؤبه
يختصر المسافات العطال إلى شيمة الليل
وكأني عرفتك
وبصبصة التيه توعز في غرازها أوجاعاً لطيمة
تصك كل ضراس التألم
وتحتويني في جراح الخجل
كان ليلي عاثراً بالتأوهات
يتوعك في سراديب الفاقة
في لجج الفراغ
في فراعة المتاهة
يشمر على ساعدي الضيم
ويسرب في ديجوره الطويل المتعثر
هنا زلامات الخور
تقتنص من ضراب الـ تتمادى في جراحي
إي أمي
صار مثخناً هو الليل بأفاّكات الوهن
صار مدمعاً كخاصرة في سفين الجراح
أي ليل والوثبة تجر أدراجها في عتل التباريح
غاص في غور العمر جوع الـ يأكل من تلابيبه
يجلد في صوت الليل عريه
وأنا على صوت الآهات ألبس علتي
مذ هر بالليل كلابه
وأسفر عن صبحي دفء العمر
كنت أشد إزاري
وأبحث عني في تسابيح السحر
كنت أشغلني
والوقت يمضي دبيباً
كنملٍ بالنهار الحارق
تمدني الخيبات بأذرعها على فجاج التتابع
تمدني أجلاف التعب ,طوراً على طور
كم من وجوه وملامح كانت تثيرني
كم من قتاماتٍ تعيق دروب التبصر
أي لأي أعشى في مدارات التأمل
أي لأي أضحى يقصم ظهر الـ تعتمل الحياة وجوها ممددة بالخراب
ربما كانت نهاياتنا بأمراس أشباه البشر
ربما تواترت أحجيات السآمة
وتعطل وجه الياسمين
وفك الليل أزراره على طواعية وصبب
ورحل الظلام غير مألوف المقام
وعجت أطيار قلبي :
رباه
رباه
هذا الغشيم طاول جريرته
فأحثى الوهن يترصد أبناء دمي
هناك بعض دمي ,وكل دمي هناك
واااأقصاه
تشمرت سواعد الدعي تجر التعاسة
والأقصى محراب الله في أرض الأنبياء
تدوسه أرجل الخزي
كان ليلي يذكرني هناك وأنا أنادي:
وإني عرفتك يا تباريح الخوف الـ تقطن بين مدارج العروبة
تبز كل أنياط الألم في بني جلدتها
وترمي بأقصانا إلى مدن النسيان




رَبيعُ الشِعرْ
الشاعر صالح سويدان / الأردن


لَعَمْـــري أَنا شَمسٌ وَدَمْعيَ أَنْجُـــمُ وَثغَــــرُكِ في كَــــوني أَراهُ يُتَمْتِمُ
تَأَرْجَحَتِ الأَقْمـــــــــارُ لَمّا ذَكَرْتِني فَقُلتُ هُــــراءٌ ما لِثَغـــــرِكِ يَزْعُمُ
بِرَبِكِ ،، مَقهــــورٌ وَظِلِّيَ أَحـــــدَبٌ ومِثلي بِأَرضِ الرافِــــــــدَينِ يُيَتَّمُ
وَقلبِيَ مَنْــــذورٌ يُسَطِّــــرُ دَمْعَــــهُ لِيَقرَأَهُ الخِلانُ والبَعْــــــــضُ يَفهمُ
يُشاطِرُني كأسَ النَدامَــــةِ عــارفٌ وَيَبْصُقني عِنــــدَ المَلامَــــةِ مُعْدَمُ
أَنا جُرحُ كَفِّ الشَــــوقِ لَمّا طَفِقْتِها تَغَــــــــزّلَها نَولُ القَصيـــــدَةِ يَلثُمُ
ومالي أَشُرُّ العينَ أغـــــدو كَمُرْغَمٍ أُحيلُ الهَــــوى فُلاً وما كُنتُ أُغْرَمُ
يُزندِقُني طَيــرُ البُراقِ وَيَجْتَـــــوي رَســولَ الهَوى والحُزْنُ فيهِ مُحتَّمُ
يُسَفْسِطُني مَنْ كانَ يَدري جَسارَتي يُمَنْطِقُني مَنْ كانَ يَهــــذي وَيُغرَمُ
تَهـــامَسَني نَهرٌ ولاحَ بِجُــــــــرْفِهِ يَقولُ لَعَمْري لَسْتُ فيكَ أُسَــــــوِّمُ
ولكنَّ نَبضَ القَلْبِ شَدّ عُروقَــــــــهُ لِيعصِمَكَ الوجدانُ والوجدُ مِعْصَمُ
كَمــــــارِدِ لَيلٍ هـــامَ في كَبِدِ المُنى فَصَدّ هَـواهُ البَدرُ والخَسفُ قُمْقُـمُ
تَهــــادى بهذا القَلــــبِ لَمّــا أذاقهُ كَثيبُ رِمالِ الهَجْــــــرِ حَـرّاً لَهُ فَمُ
يَقولُ رَحَلْتَ الآنَ تَنْتَحِــــلُ الــدُجى وَلَيْلُكَ مَوصولٌ وَصُبْحُـــــكَ سُلَـّمُ
لِماذا تُراني أَسْتَعيذُ مِنَ الهَــــــوى وَقلبيَ مَكنُونٌ وَشَوقِيَ مَنْجَـــــــمُ
يَقولُ رِفاقي ما لِنَبْضِكَ مُجْهَــــــــدٌ وَمِنْ حَولِكَ الأكوانُ شَدوٌ وَمُفْعَــمُ
أَقولُ وَكَمْ تَعيى القُدودُ بِدَمْعِهــــــا أتَيْتُكَ يا قلبي لِكَـــــــــوْنِكَ بَلّسَـــمُ
فُؤاديَ تِشرينٌ وَنَيســــــانُ غُرْبَةٍ وَرُزْنامَةُ الأَتــراحِ دَومـــــــاً تُكَمَّمُ
لأَنّكِ أُنثى مِلتُ في كَنَفِ الجَّــــوى وَأَرْخَيْتُ جُلي فالمشــــــــاعر يُتَّمُ
تَعذَرَ ظِلي عَنْ مُلاقاةِ شَمْسِهــــــا وَنَقـــعُ غُبــــارِ الزَيفِ راحَ يُدَمْدِمُ
هُناكَ تَعاطاني الهَوانُ كَأَنَّمـــــــــا يُقايِضُ دَمْعـــــاً بِالقَـريضِ لِتَغْنَموا
لِأَنِيَ جوريٌ أَمـــــوتُ مُجَنْـــــدَلاً وَيَقْصِمُني كِبْرُ الشِتــــــــاءِ فَأُقْسِمُ
بِرَبِ رَبيعِ الشِعـــــــرِ أَنِيَ شاعرٌ ونزفُ فَمي من هَجـــــــرها يَتَكوَّمُ
تَحَيَّنْتُ أَنفاســــاً وَلُحْتُ بِثَـــغْرِها رَكِبتُ تَعـــــــابيراً فَشِعْرِيَ أَقــــوَّمُ
مَضَيتُ وما كانَ الزَمانُ بِمُرجِعي فَحُزْني حَضــــــاراتٌ يُؤَرخُها الدَمُ
وَقَلْبِيَ مَحرومٌ وَجَوفِيَ مُضْـــــرَمٌ لأَنَكِ مِني لَيْــــــتَ مِنّيَ أَسْــــــــلَمُ



تعويذة
الشاعرة فدوى كنعان / فلسطين



أتْـلُوكَ صلاةً فوق الجرح
وهمسَ أحاديثٍ بين الدمع
وبين الملح
أُرَتِّـلكَ تعاويذاً فرعونية
علّي أصرفُ عنك إناث الجن
آه من تلك الجنّية
الـ تسكنُ جـُبَّ أمانيك
وتعاقرُ خمرَ كرومك
بشهيـــــة
وتكنس عن عينيك
رعشةَ أوراقي المسكونة
بهسيسِ حروفي
وزعانفِ كلماتي الخرساء
وهذا الليل المصلوب
على صاري الماضي الموؤد
قد باتَ فراشات محمومة
تهذي مع طيفك ذات حريق
تغزل أجنحة من نارٍ ودخان
ينقضُ غَزلَها ضوء نهار
وجحافل شك هوجاء
تلقيها في جـُبِّ أمانيك
تتلقفها قهقهة الجنية
تسقط من جيبي التعويذة
وأعودُ وحيدةً
أحرثُ في المــــــــــاء




فـي مَـــــديح الــحَــريـق
الشاعر علي مي / الاردن


في ذكرى عام على اشتعال الشرارة الأولى (محمد بوعزيزي)
(1)
الـفَجـرُ يبـزُغُ مِــن حَـنــــاجرِ فـتـيةٍ لـغَـدٍ دَعـوا مِـن تحـت حدِّ المقـصَـلَة
والـفَجـرُ يـرسـمُ مِـن دمـاءِ ضَـحِـيةٍ ضوءاً لـهُ في أفــقِ مَـن لا ضـوءَ له
والـفُجرُ مِـنجَـــلُ أمَّـةٍ حَـصَـدت بـهِ من كُــــــلِّ بـــــاغٍ ظـنَّ أن لن يشمله
والـفَجــــرُ فـاتحــــةٌ تُـرتِّــل مَجـدنا ومُـحَمــــدٌ ما كــــــــانَ إلا البَـسمَـلة
(2)
نام الفتى المَزيــــــونُ وسـطَ حُـرُوقـهِ سبـحــــانَ مَـن بحـرُوقـهِ قـد جمَّـله
نَـامَ المَـدى في الأرضِ يلـتَحِفُ الـثرى أنى احتـــــوى قـبـرٌ سَـماءً مُـنـزَلـة
أدَرى بأنَّ الله أطــــلَعَ روحَـــــــــــــهُ لـيَرُدَّهــــــــا في الياسَمـينِ كـزَلزَلـة
أدرى بأنَّ لَظَـــــــاهُ طـهَّـرَ روحَــــــنا وأذابَ ثـلـجَ الخوفِ..أنهى المَـهزَلـة
وكـــأنَّ فـي نيـرانــــهِ قــــــــــدسـيـةً إذ أَطفَـأت جَـسَـداً لـتُـشعِلَ مَـرحَــــلَة
وكـــأن جُـثَّـتَــــــهُ حـريرٌ طــــــــاهرٌ والحرُ يـنســــلُ غــــــــازلاً مستقبله
(3)
أمحمـــــــدَ الـنيرانِ ناركَ غَـيمَـــــــــة سَـكَـبت إجابتها بـحَلقِ المَـســأَلـة
نـَبَـتَـتْ بِـمَقـتَـلكَ الـنَبيـــلِ حَـناجــــــــرٌ للـقَــومِ و اندلعت شِـفــاهٌ مُـقـفَـلَة
واعـشـــوشَـبت أحــــــــلامُـنا فكأنـكُـمْ مَـطَـرٌ أزالَ اليَـأسَ سـاعَـة قـبَّـلَه
والريـحُ تـنشُـرُ فـي الـقبائلِ مَـوتَـــــكم ثأراً و تلعـَــنُ مَـن أبـــاهُ وعطَّلـهْ
والريـحُ تـرقُـصُ حَـولَ خـصـــرِ لوائنا ولَـقـد تداعى عَـرشُ قهرٍ أسـفَلَه
هذا اشتِـعالكَ فـي الصُـدورِ كواكبــــــا هذا امتدادُكَ في القَـصائدِ جــلجَة
هَـذا انبعاثـكَ مِـن غَياهبِ تيهِـنا حُـلماً وهـــذا الشعـــبُ يهتف هيـتَ له



هكذا الغيابُ على حاله
الشاعر حنا حزبون / فلسطين



سأُصغي إليكِ ،
التقطُ الندمَ المتساقطَ من شفتيكِ
يفضُّ القطيعةَ بصفحٍ
لهُ العتابُ هاجعٌ يرعى نداءَ الهوى
في أعالي صراخِنا المتألمِ
يمتدحُ الغوايةَ التي ارتعشتْ في الحضنِ
الذي أشعلكِ وأشعلني
يتَّسعُ لشراسةٍ أُخرى
لفتنةٍ يقسو الوعدُ على أنقاضها
تتردَّدُ بين الحشا المأسورِ والذكرى
لكأنَّ الشرودَ هجسٌ خالصٌ
تليقُ بهِ أنفاسُنا
تقنصُ الرُجعى في الصدى المُتوهِّمِ
هكذا الغيابُ على حالِهِ
والولهُ الغافي على ضجرٍ
يستبيحُهُ المشهدُ بعبثٍ مُدبَّرٍ
يُراهنُ اللهبَ المغزولَ
كمثلِ أُحجيةٍ
لم ننجُ من عميقها
حيثُ المغزى يتأجَّجُ نقيَّاً
دونَ أنْ تحرقنا القُبلُ بأنينها المُبهمِ
فما الذي يحتدمُ في القلبِ آسراً
يُفضي إلى فُسحةٍ
يفتعلها الحنينُ الذي يأوينا
حيثُ الإيقاعُ نفسُهُ دائماً
يُضلِّلُ الخاتمةَ التي أسرفَ الأثرُ في شراكها
تُؤلِّبُها ذاكرةٌ استعرتْ من نشوةِ المُتلعثمِ ؟
كثيراً أحلمُ بكِ
كثيراً ،
أتأمَّلُ المشهدَ إلى ألقِهِ
فيا لوجعي بكِ
ويا لنسيانكِ في ذُورةِ الوجعِ
يتوهجُ الرحمُ الذي خصَّتني بهِ أُنوثتُكِ
يُطبقُ عليَّ نهماً
كي يحتمي بالجرحِ
الذي تناحرتْ رغائبهُ في الجوى المُتكتمِ
هكذا الغيابُ على حالِهِ
هل أخطأكِ الحلمُ ، كعادتهِ
حتى غفتْ على جوانبكِ طُيوفٌ
لم تتنكرْ لها الفروقُ التي لازمتْ مجونكِ
حيثُ الرغبةُ ورهانُها
الصرخةُ وشهودُها
والرعشةُ التي ارتضتْ بالمُستترِ المُدلهمِّ




بياض الورق
الشاعرة لندة كامل / الجزائر



دفعتني صفعة الحياة لــ أكون طبيبة...الكلمات
أحفظ جرحها من سقم
أخيط فتقها بقلم
ألملم أنفاسها أجعلها كحلم
اسقي بتلات الأحرف المتوردة بحبر القلم
على بياض الورق أعانق شذاها
أمارس طقوس الاعتزال والاغتراب
أرتب المواعيد وأخلق فضاءً للحياة للعمر
أمدد الزمن فيها
كي يطول إلي آخر التاريخ
ذات لقاء مع قلم
أهديتك حقيبة سوداء !
لان السواد يترجم المحن
لا يظهر العيوب و التشويهات
إذ قال النفساني لي ربما
أنت أكثر الناس حزنا
وقال الفلسفيّ ان الاسود اصل الوجود
دخلت عالمكِ الافتراضي ...
بسواد يسدل وجهكِ
عرفت تفاصيلكِ من قصة
رسمت خطوط روحكِ الشقية
تلك الصديقة تلك الزهرة تلك الطفلة
دخلت أسرارك ِوقفزت أسواركِ
المحصنة بلفائف كقميط الطفل الوديع
رفعت اللفة قطعة.. قطعة
حتى أرى نور وجهكِ الملائكي
حتى أكشف سر مدينتك الأفلاطونية
يولد الشوق من رحم الرغبة الجموحة
يولد الشفق من عنق الشمس
يولد الأمل من خصر الحزن
تولدين أنتِ من طين وبكاء
تبكي الروح تكونكِ الافتراضي في الفضاء
يسبح طيفكِ
أتحول إلى قارب مائي
إلى صاروخ فضائي
ألملم أشلاءكِ الحزينة
والذهول يغرقك في لجة الوهن
أغسل وجه اللوعة
بشمس تشرق خلف بحور عينيكِ الزرقاوين
أحفظ وجه الماء
أفتش عنكِ في الرحيل
عند الأصيل
في حقيبتي السوداء
ذات المخابئ السرية
أتغلغل داخلها مثل الأحرف أقفز
بحبل القلم الرفيع لأمسك ظلك ِ
ألملم أوهامكِ في قصيدة نثرية
أكونُ وجه الحرية
ألبسكِ جناح الطير
كي تسرحي
في ليلة قمرية
على بياض الورق



يَاْ شَـاْمُ إِنِّيْ فِيْ هَـوَاْكِ مُـتَـيَّمُ
الشاعر عبدالرحمن لطفي / سوريا




تِيْهِـيْ غُــرُوْرَاً حُلْـوُتِـيْ وَتَبَخْـتَـرِيْ وَتَمَاْيَـلِـيْ بِجَمِـيْـلِ خَـصْـرٍ مُـضْـمَـرِ
مِـيْـلِــيْ بِــقَــدٍّ أَهْــيَــفٍ ذِيْ خِــفَّـــةٍ أَجْـنِـيْ ثِـمَـاْرَكِ بَـعْـدَ طُــوْلِ تَـسَـتُّـرِ
مَـنْ قَـاْلَ إِنَّـكِ قَــدْ كَـبِـرْتِ وَشَيَّـبَـتْ آمَـــالُ فِـكْــرِكِ إنّـمَــا هُــــوَ مُـفْـتَــرِ
مَازِلْتِ فِيْ العِشْرِيْنِ صَدْرُكِ شَامِـخٌ وَرُضَـاْبُ ثَـغْـرِكِ مِــنْ زُلالِ الكَـوْثَـرِ
وَالـوَجْـهُ سُمْـرَتُـهُ تَـبُــوْحُ بِـسِـرِّهَـاْ تُنْبِيْـكَ عَـنْ وَهَـجِ الهَـوَى المُتَسَعِّـرِ
وَضَفَاْئِـرُ اللَّـيْـلِ الطَّـوِيْـلِ تَمَايَـسَـتْ لِتَـبُـوْحَ لِــيْ عَــنْ فَجْـرِهَـا المُتَنَـيِّـرِ
وَالنِّيْـلُ يَـسْـرِيْ فِــيْ دِمَـائِـكِ نَـاثِـرَاً عَبَـقَ الحَيَـاْةِ عَلَـى الأَدِيْــمِ المُقْـفِـرِ
أَهْــدَاْكِ نَـصْـرَاً قَــدْ تَـعَـاْظَـمَ قَـــدْرُهُ وَسَقَاْكِ مِـنْ كَـأْسِ الفَخَـارِ المسْكِـرِ
بُرْكَـانُ تُـوْنُـسَ زَلْــزَلَ الدُّنْـيَـا وَأَغْـ طَـشَ نُـوْرُهُ وَجْـهَ الفَـسَـاْدِ الأَعْــوَرِ
اللهُ أَكْــبَــرُ يَــــا حَـبِـيْـبَــةُ كَــبِّـــرِيْ كُـسِـرَتْ أَيَــادِي الخَـاْئِـنِ المُتَـجَـبِّـرِ
يَـــا ليْـبِـيَـاْ مِـنَّــا الــدُّعَــاْءُ فَـربُّـنَــاْ رَبٌّ قَـدِيْـرٌ فَـــوْقَ مَـكْــرِ الخَـيْـبَـرِيْ
أَبْـنَــاْءُ مِـصْـرَاْتَـهْ تَـزَهَّــرَ جَنْـيُـهُـمْ وَتَـمَـاْيَـزَتْ بِـأَرِيِـجِـهَـا المُـتَـخَـضِّـرِ
يَـمَـنُ العُـرُوْبَـةِ وَاجَـهَــتْ ظُـلاّمَـهَـا بِنِـسَـائِـهَـا وَشَـبَـابِـهَــا الـمُـتَـصَـبِّـرِ
بَـــرَدَىْ يُـــرَدِّدُهُ الـنَّـشِـيْـدُ مُـنَـادِيَــاً لِـرُبَـى البُطُـوْلَـةِ كُــلَّ شِـبْـلٍ قَـسْـوَرِ
وَأَنِـيْـنُ دَرْعَــا لَــنْ يَـطُـوْلَ فَـزَيِّـنِـيْ بِالـغَـاْرِ رَأْسَـــكِ كَلِّـلِـيْـهِ وَأَبْـشِــريْ
مَـاْزِلْـتُ أَذْكُـرُهَـا حَـمَـاْةَ إِذِ اعْتَـلَـتْ بِـمُــهَــلِّــلٍ وَمُــــوَحِّــــدٍ وَمُــكَـــبِّـــرِ
قِمَـمَ الخُلُـوْدِ الشَّاْمِخَـاْتِ وَلَـمْ تَــزَلْ تَـرْمِـي الجِـنَـاْنَ بِـكُــلِّ وَرْدٍ مُـزْهِــرِ
يَاشَاْمُ هَذَا العُرْسُ عُرْسُكِ فَانْظُـرِيْ عُـرْيَ الصُّـدُوْرِ هُطُوْلُهُـمْ كَالحَـيْـدَرِ
زَرَعُـوْا بِأَرْضِـكِ أَلْـفَ أَلْـفِ مُجَاْهِـدٍ وَسَـقَـوْا تُـرَاْبَــكِ بِـالـدِّمَـاْءِ الـطُّـهَّـرِ
يَــاْ شَــاْمُ إِنِّــيْ فِــيْ هَـــوَاْكِ مُـتَـيَّـمٌ فَتَكَلَّمِـيْ مَـاْ شِئْـتِ عَنِّـيَ خَـبِّـرِيْ
إِنِّــيْ أَنَــا الْمَجْـنُـوْنُ فِـيْــكِ مُشَـبِّـبَـاً فَتَحَمَّلِـيْ عَثَـرَاْتِ عِشْقِـيَ وَاغْفِـرِيْ
فَإِلـى مَتَـى أُخْفِـيْ هَـوَاْيَ وَخَاْفِـقِـيْ دَقَّـاْتُــهُ صَـــوْتُ الـرِّمَــاْحِ الـكُـسَّــرِ
وَإِلـى مَتَـى نَبْقَـى نُـوَاْسِـيْ جُرْحَـنَـاْ كَلاّ فَجُرْحِي الْيَـوْمَ بِاسْمِـكِ عَطِّـرِيْ
هِيَ ذِي الجُمُوْعُ تَصُوْلُ فِيْ فَلَوَاْتِهَاْ "كُـلُّ الْمَكَـارِمِ بِالْمَكَـاْرِمِ تَشْـتَـرِيْ"
بَاْنْيَاْسُ دَوْمَاْ حِمْصُ جَبْلَةَ وَالنَّـوَى حُـوْرَاْنُ دَيْـرُ الــزُّوْرِ كُــلَّ غَضَنْـفَـرِ
وَالـلاّذِقِـيَّــةُ بُــــوْ كَــمَــاْلَ وَإِدْلِــــبٍ جِسْرُ الشُّغُوْرِ وَتَلْ كَلَخْ بِهِمُ افْخَرِيْ
كُــلُّ الـشَّـبَـاْبِ الـحُــرِّ ثَـــاْرَ مُلَـبِّـيـاً لِــنِــدَاْءِ كُــــلِّ الـمُـثْـكَـلاتِ الـطُّـهَّــرِ
اللهُ أَكْــبَــرُ يَـــــاْ شَـــــآمُ تَـزَلْــزَلِــيْ آنَ الأَوَاْنُ تُــرَاْبَ أَرْضِــكِ طَـهِّــرِيْ
مِـنْ رِجْـسِ ظُـلْـمِ الظَّـاْلِـمِ المُتَكَـبِّـرِ وَ اللهُ عَــوْنُ الـسَّـاْجِـدِ المُسْتَـنْـصِـرِ
" اللهُ أَكْـبَـرُ يَـــاْ بِـــلاْدِيْ كَـبِّــرِيْ" ثُـوْرِيْ عَلَـى قَيْـدِ الطُّـغَـاْةِ وَدَمِّــرِيْ
فَالنَّـصْـرُ آتٍ صِــرْتُ أَلْـمَـحُ نُـــوْرَهُ فَـوْقَ الجِبَـاْهِ وَفـيْ عُيُـوْنِ المُبْـصِـرِ
الـنَّــصْــرُ آتٍ بِــاسْـــمِ رَبٍّ قَـــــاْدِرٍ فَـاللهَ نَـدْعُـوْ يَــاْ صُـقُـوْرُ تَـصَـبَّـرِيْ
وَلِكُـلِّ مَــنْ خَــاْنَ الشُّـعُـوْبَ وَذَلَّـهَـا يَــوْمٌ عَـبُــوْسٌ قَمْـطَـرِيْـرُ المَـجْـمَـرِ
الـحَــقُّ فِـــي كَـــفِّ الإِلـــهِ مُـحَـلِّـقٌ وَالظُّـلْـمُ شَيْـطَـانٌ مَـرِيْـدٌ أَصْـغَــرِيْ




لن أكتب عن الدرويش...بل الأُولمبياد!!
فهيم ابو ركن / فلسطين



تَبَارَى الدَّمْعُ وَانْهَمَرَ،
مَنْ حُزْنُهُ أَكْبَرُ؟
مَنْ يَشْتَري؟.. مَنْ يَبيعْ؟!
مَنْ غَادَرَهُ الفَرَحُ والمَوَّالُ؟
مَنِ احْتَضَنَ أَثَرَ الفَرَاشَةِ..
مَنْ يَأْسِهِ هَرَبَ وِشَاحاً مِنْ سَعِيرْ!!!
إنِّي في الأَدَبِ لَنْ أَكْتُبَ، عَنِ الدَّرْويشْ!!
لَنْ أَكْتُبَ!! لَنْ أَكْتُبَ فَكأَنَّهُ ما بَدَأَ،
كَأَنَّهُ ما ذَهَبْ،
كَأَنَّهُ مَا اسْتَوْطَنَ..مَا هَاجَرَ..
مَا فَازَ ...وَمَا انْغَلَبْ!
كَأَنَّهُ مَا غَادَرَ، وَمَا عَادْ!!!
فَلأَعُدْ لِدَقَائِقي الرَّتِيبَةِ،
وَلِوَجْهِ شَاشَتي الحَبِيبَةِ..
فَلأَكْتُبْ عَنِ الأُولِمْبيادْ
عَنِ الدَّرْويشِ لَنْ أَكْتُبَ،
إِذْ ماذا يُمْكِنُ أَنْ يَقولَ عِطْرُ الحِبْرِ..كَيْ تَعْرِفُوهُ أَكْثَرَ؟!
بماذا يُمْكِنُ أَنْ يُشْدُو الحَمَامُ كَيْ تَفْهَموا هَديلَهُ أَكْثَرَ؟؟
لِتَعْرِفوا الدَّرْويشَ أَكْثَرَ..اقْرأوه!
سَتَعْرفونَهُ لأَنَّهُ أَبْصَرَكُمْ حَتَّى الأَعْمَاقْ!
لِتَفْهَموا الدَّرْويشَ أَكْثَرَ..اشْرَحُوه!
سَتَفْهَمونَهُ لأَنَّهُ يُرَتِّلُكُمْ مِنْ نَظْرَةِ الأَحْدَاقْ!
لِتَشْعُروا بِهِ افْهَمُوه!
سَتَشْعُرونَ بآمالِهِ.... لأَنَّهُ يُعَاني آلامَكُمْ!!.
لَمْ يَبْقَ مُهْتَمٌّ إِلا وَكَتَبْ
وَرَوَى أَوْ حَكَى،
أَوْ نَدَبْ،
كَثُرَ وَهْمُ الضَّبَابِ والمفَسِّرون،
تَنَافَسَ وَجَعُ العَذابِ والمحَلِّلُون..
بَيْدَ أَنَّني لَنْ أَحْكيَ عَنْهُ
لأَنَّهُ حَكانا ..وَيَحْكينا!
لَنْ أَكْتُبَ عَنْهُ فَهوَ كَتَبَنا!
أَبْكانا وَيَبْكينا!!...
لَنْ أَرْوِيَ عَنْهُ، فَقَدْ رَوَانَا...وَما زَالَ يَرْوِينَا!!
إنْ كَانَ الدَّمْعُ في صُبْحِنا،
فَهُوَ الفَجْرُ في مَآقِينَا.
لَنْ أَكْتُبَ بَعْدَ اليَوْمِ وَلَنْ تَصْدَحَ النَّايَاتْ!
فَاسْمَحُوا...اسْمَحُوا لي....
لَنْ أَكْتُبَ عَنِ الدَّرْويشِ
سَأَتَفَرَّغُ لِلْكِتَابةِ عَنِ الأُولمبْيَادْ،
سَأَنْسَى هُمُومي وَمَأْساةَ البِلادْ!
إِذْ مَاذا يُمْكِنُ أَنْ أُضِيفَ؟!
مَاذا أَضَافَ مَنْ زادَ مِنْ وَجْبَةِ اللَّهَبِ،
وَلَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ الحَطَبِ؟!!
مَنْ مَنَّ مِنْ مُنَاهُ بِأُمْنِيَةٍ...
وَمَنْ حَظِيَ بِدَمْعَةِ مُتَشَرِّدٍ؟!
بَعْدَ أَنْ حَلَّتْ بِنا الهَزيمَةُ، الهَزيمَةُ الصُّمودُ.....!!!!
نَحْنُ شَعْبٌ يَهْزِمُنَا المَوْتُ وَنَبْقى صَامِدين!
نَحْنُ شَعْبٌ نُغَازِلُ المُسْتَقْبَلَ في فِنْجانِ قَهْوَةٍ،
وَنَسْكَرُ عَلى ابْتِسامَةِ وَرْدَةٍ،
نَحْضُنُ الْجُرْحَ نُعانِقُ الأَلَمَ، وَنَبْقى فَرِحين!
ماذا يُمْكِنُ أَنْ أُضيفَ
بَعْدَ أَن ادْلَهَمَّ الحُزْنُ..والشَّوْقُ زَادْ،
اسْمَحوا لي أَنْ أَتَفَرَّغَ للأُولمبْيَادْ،
هذا الحَدَثِ الجَلَلِ العَظيمِ،
الذي شَدَّ الأَنْظارَ وأَوْتَارَ القُلوب..
عَنِ الأُولمبيادِ سَأَقولْ،
كَيْفَ هَوى نَجْمُهُ لِلأُفولْ..
عِنْدَما شاعَ الخَبَرُ، كيْفَ تَلاشَى وَضَاعَ!
كَانَ يَسْتَحْوِذُ عَلى ما بَعْدَ الرموشِ..
عَلى ما قَبْلَ الضلوعِ.
كَيْفَ تَقَزَّمَ مَارِدُ الأُولمبْيَادِ وَانْكَمَشْ..
عندَما سَمِعَ زغرودَةَ الشِّعرِ مِنْ فَمِ لاعِبِ النَرْدِ،
فَغَابَ الغِيَابُ في حَضْرَةِ الغِيَابْ،
وَتَاهَ في أَثَرِ الفَراشَةِ رَقْصُ الفَرَاشَاتِ.
كُلُّ حَدَثٍ عَظِيمٍ في وَاحَةِ الرَّجَاءِ،
يَحْتَلُّ ذَاكِرَتَنا بِبَعْضِ الأَحْلامِ الصَّغيرةِ...
كُلُّ حَدَثٍ عَظِيمٍ مُرْتَقَبٍ،
يَهْبِطُ عَلَيْنا بِخَجَلِ ضيْفٍ عَزِيزٍ،
فَنَحْنُ نَفْتَقِرُ لضَيْفٍ يَحْمِلُ أُرْجُوحَةَ الحُلْمِ،
ضَيْفٍ نَنْتَظِرُهُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ،
نُشَارِكُ بِمُشَاهَدَتِهِ وَنَشْعُرُ بالكِبْرِيَاءِ!!
نُقْنِعُ أَنْفُسَنَا أَنَّنا نُعَايشُهُ...
رُبَّمَا لِنَنْسَى آلامَنَا المزْمِنَةَ،
أَوْ لِنَهْرُبَ مِنْ آمَالِنَا المسْتَحِيلَةِ!!
نُرَفِّهُ عَنْ أَنْفُسِنا.. بِمُزَاوَلَةِ الحَديثِ عَنْ مُجْرَياتِهِ،
لَعَلَّنا نُثْبِتُ لِنُفُوسِنَا..
أَنَّنَا في هذا العَالَمِ بَشَرٌ،
بَشَرٌ نَعِيشُ، نُفَكِّرُ، نُشَاهِدُ، نُتَابِعُ، نَشْعُرُ، نَتَرَقَّبُ، نَتَنَفَّسُ،
نَتَأَوَّهُ، نَغْضَبُ، نَفْرَحُ، نَسْهَرُ، نَنْعَسُ، نَتَأَلَّمُ...نَتَشَاءَمُ ...نَتَشَاءَمُ..
نَتَفَاءَلُ...يَتَفَاءَلُونَ..
تَفَاءَلُوا..تَفَاءَلُوا.. تَفَاءَلُوا...
فَبُشْرَى لَكُمْ وَبُشْرَى لَنَا....
بُشْرَى لَكُمْ... يَا حَظَّكُمْ،
بُشْرَى لَنَا... يَا مَجْدَنَا!
بُشْرَى بُشْرَى.. فَابْشِرُوا
نَحْنُ بَشَرٌ بَشَرْ،
نُشَجِّعُ لاعِبينا الذين لَمْ يَصِلوا إلى النِّهائيَّاتِ،
نُسَانِدُ هذا المُنْتَخَبَ العَنيدْ...
نَتَضامَنُ مع هذا اللاعِبِ الفَريدْ...
نُعْجَبُ بالتِّنِسِ وَنَعْشَقُ لاعِبَاتِهِ،
لكنَّنَا لا نَعْرِفُ لُغَةَ المَضْرِبِ!!!
نتعاطَفُ مع هذا البطَلِ أَوْ مَع ذاك!!
(نَنْشَفِحُ) عَلى ميدَاليةٍ ذَهبِيَّةٍ،
لكِنَّنَا نَكْتَفي بِتَرَقُّبِ الفِضِّيَّةِ،
وأخيراً نَتَحَسَّرُ على فُقْدَانِنَا البِرونْزِيَّة!!
عَادَةً نَتَذَكَّرُ الأُولِمبيادَ..كُلَّ أُولِمْبيَادْ...
بالأَرْقَامِ القِيَاسِيَّةِ لِمَعَارِفِنا،
بِذَهَبِيَّاتِ غَيْرِنَا،
بِفِضِّيَّاتِ جِيرَانِنَا....
وَبْرُونْزِيَّاتِ أَصْدِقَائِنَا!!
لكنَّ هذا الأُولمبياد سَيَعِيشُ مَعَنَا،
سَنَتَذَكَّرُهُ مع خُبْزِ أُمِّنَا،
مَع نَكْهَةِ قَهْوَةِ الصَّباحِ.
عَادَةً الأَشْيَاءُ الكَبيرَةُ،
عَادَةً الأُمُورُ العَظِيمَةُ..
تَتَلاشَى وتَصْغُرُ أَمَامَ الأُولمبيادْ،
حَتَّى الحُرُوبُ تُشَنُّ يَوْمَ الأولمبياد
كَيْ لا يَراها المَطَرُ...
كَي لا يُنيرَ حُلْكَتَها الشُّعاع
أَمَّا اليَوْم...
وَفي إِشْرَاقَةِ الخُلُودِ..
أَوْ في ضَيَاعِ المَسَافَاتِ والحُدودِ،
أَصْبَحَ الأُولمبيادُ مِنَ التَفَاصِيلِ الصَّغِيرَةِ...
في غِيَابِ الفَارِسِ الكَبيرِ.
وَكَمَا يُقَالُ: حَدَثَ يَوْمَ "أُحَدْ"...
أَوْ كَمَا يُرْوَى: كَانَ.. يَوْمَ "الخَنْدَقْ"....
هكذا الأُولمبياد سَيُذْكَرُ:
كَانَ يَوْمَ دَرْوِيش،
حَدَثَ يَوْمَ دَرْويش..



قدًّاس الأشواق
الشاعرة فاتن فايد / مصر



يُقشرُني الغيابُ المُعلّقُ
على مِئذنةِ الوقتِ
يحملُني حيثُ يشاءُ النبضُ
المثخنِ بالحلم
سأعزفُ مقطوعةً قصيرةً
على شرفِ الانتظارِ
في ظلِّ سَحابٍ أبيضَ
بجوار منحدراتِ بركانٍ
حيثُ تنأى الأرضُ عن خطايا البشرِ
الملطخة بـ \ الرغبة \ الاشتهاء \ الكذب
فعذراً لا أطيقُ الهدوء
شريعتي تأبى إلاّ الجنونَ اللذيذ
روحي تشتهي الصراخَ \ الرقصَ
فحتميّةُ الفراقِ تدنو
أمتطي فرسَ رهاناتي
أطلقُ تعويذاتِ الوجعِ
أسمو بالألم
لتسكرَ اللحظاتُ
أنثرُ جمَراتِ اللظى
على لوحةِ الكونِ النديّة
فلَكَمْ من المرّاتِ
علينا أن ننحنيَ على أشلائنا؟
ليبزغَ الصمودُ في جوانحِنا
فما بينَ أقدارٍ تعومُ في بحرِنا
ووهجٍ يظلّلُنا
تمضي خيوطُنا الباقيةُ تتراقصُ وجَعاً
سأحملُ قدًّاسَ الأشواقِ في يدي
وخبزَ التماهي ونبيذَ الحضور
أضعَهُم على طاولةِ الاشتهاء,
القلمُ والقرطاسُ
يخونانِ الحقيقة,
يغتالانِ الأبيضَ
تستمرُّ رحلةُ وجودي بنواصي الخلود
تتقاذفُني أحلامُ الرجوعِ للمرافئ
داخلَ أهزوجة ٍ خلاّبة ٍ تشبهُ
رهافةَ روحِ بلبلٍ,
مَسْحَةَ ملاكٍ
فيضَ تجلّي الضوء,
سألملمُ شواردَ الروح
لكي أعبرَ بها نواصيَ الألم
فشيطانُ الطريق
لن يغريَني بالسقوط
في غيهبِ جبِّهِ العميق
المتكدِّسِ مثلَ سديم ٍقديمٍ
وبدونِ سابقِ إنذارٍ
تختفى إلى العدم
دلائلُ وجودي
ورحلةُ العشقِ القصيرةُ
سأُبقى على
أبجديَّتي
مهما عجزت جاهزيّتي
لكي أًدوِّنَ أحلامي
لحظةَ إكتمالِ البدر
فهنا
على الشاطئِ الذي
يتحدّثُ لغة الفيروز
تتجلَّى روحي ,شهَقاتُ موجٍ ٍ
لكنَّ الساحلَ لا يحفظُ ذاكرةَ البحر




سيزيف الفلسطيني
الشاعر صبري الجابري/ الأردن


أنافق عجل التيهِ في سفر غــــربتي همــــــومي آيــاتي وصمتي قِبــلتي
كأن غــرابا يرســـم المــــــوت حفر فيمسي المدى لحدا يواري سوءتي
وتنشر شطــــآن السمــــاء دماءها شراعا يسوق الوقت في غير رجعة
ويلثم قرص الشمس وجهي مفارقا حزينا يغطيـــه الفـــــــــراق بصفرة
يدوّي صدى الآثام كالرعد جاحـــدا نبيـــا مضى ما فــــاه بعـــــــد بآية ِ
فمن دار إيلاف إلى دار فــرقــــــة إلى دار نكــران إلى دار غــــــــربة
يشرّق طـوع الريح خوفـا من الذي ويرجع عكس الريح شوقا إلى التي
فليس الذي يمضي يخــالف رهبتي وليس الــــــذي يأتي يوافق رغبتي
أشيخ كمـــا طفـــــل يتيم مطـــارد يبدل خــوف المـــــوت جمرا بتمرة
فمن زيف طوفان الشتات وجدتني على بـــرزخ الآلام ترســــو سفينتي
شقــــاء كــــــأن الله مد زمــــانه تساوى به الهــــــولان همّي وهمتي
هو العصر بعد الفجـــر أمر محتّم فتبّ الذي يهـــــوى الحيــــــاة وتبّت
ومن كوّة في الأفـق ينفتق المـدى يقطّر روح الشعــر في موت شرفتي
فماذا تبقى غير نزف قصيــــــدة على بعد مـــوت بين نار وجنـــــــــة
فلا تجـلدوا ظهري بسـوط إرادتي فإني بما أحـــدثت أحمـــل صخـرتي



من أول الحلم حتى آخر الماء
الشاعرة نور تركماني / الأردن



من أول الحلم حتى آخر الماء
أيها الشاردُ منْ عينِ نهاري لدروبٍ مظلماتْ
كمْ سكنتَ القلبَ آهٍ وصلاةْ
وتراكضتَ وروحي في فلاة الذكرياتْ
كمْ كطيفينِ التقينا
فسكرنا وانتشينا
وصدحنا بأغانٍ عاشقاتْ
فكرةً كنت تواتيني بشوق
فأغني للقمر يا حبيب الحالمينْ
وأنا في الأسرِ عندَكْ ستغطيني بضوئكْ
وتداوي بعض آهات السنينْ بالقوافي الشارداتْ
أنتَ حلمٌ أنتَ شكٌ
في تراتيل اليقينْ
فادنُ مني يا أنيس العاشقينْ
عمرُنا كالنهرِ يمضي
بوميضِ الصبرِ يستهدي ويرثيه الغيابْ
هل ستسقي بالحنينْ
أمنياتي الذابلاتْ؟



المجرة
الشاعر محمد البكري القرني



ارتمت كرة الإبداع في مجرة العقل
جولةٌ كونية لنيازك الأسئلة
لمن الحق في ارتداء العباءة ؟؟
أهو ظله أم خياله ؟؟
وهو من هو في مغارة التعاريف :
مخلوقُ ألماسي براق
يعيش بين أحجار كريمة أقل بريقاً
والكرة بين قوسيْ إشارة
لهدف معلق بجنين مكتمل النمو في رحم العقل
لإنجاب ومضة
لا تبني للجراح القيصرية حواجز
توقفُ حركة المجرة



دندناتُ السماءِ للمساء
الشاعرة هيام ضمرة / الأردن



دعني في عُرى الاقترابِ
أقتفي أثر نبضٍ
تعرّى في هواهُ قوسُ الفؤاد
قد لا تعرفكَ الأخبارُ كلّها عندي
ولا أدري بمكونك طبائعَ الوجد والأجواء
وقد لا أعرف سنامَ الكرم فيكَ والسخاء
فسيّان عند حدودَ القلب لو كنتَ شريداًً
يُطالبُ بكَ ثأراً أو يَستأجركَ الأوغاد
لم أخبَرْ معك الفواجع وجزعَها
ولم أشهدْ حادثات الليالي وصدامها
ولا أعرفُ لكلِّ ما تعرفُ ملازم الأسماء والأشياء
لكني عرفتكَ في الحرفِ مُنظرًا
يجوبُ محلقاً آفاق الكون
وازناً بالقدرِ الدقيق كلّ عنوان
مُبحراً عبر بحار الهوى
تقُدُّ أشرعةًً وتجدِّفُ نحو المُحال
وعرفتُ قافيتكَ حينَ تتفوَّر منْ نبعِها
تجري هاربةً تغتالُ شطآن السراب
تنشرُ بعزف هديرها دندناتٍ تسحبُها أناملُ موال
كأنما دياجيرُ التّشظي فيكَ تجمدَت
عند حدود خيال
فترتَعُ على أفنانِ الحروف
يُعاودكَ اكتنازُ وفرتِها في كلِّ مكان
سخيٌّ في البوح أنتَ
موفورةٌ دنانكَ بالدندنات
تسترُ بالسخاءِ كلّ عيبٍ
فلا يُجاريكَ مُنافسٌ
ولا تغلبكَ بقدرِ جهدها الدهماء
فمالتْ إليكَ أفنانٌ لحروفٍ فيكَ مُثمرة
ترسمُ ما فيكَ غِلالاً
جُمانها لألأة، وحدودها سَيْماءٌ وبيان
تنادتني إليكَ نهاراتي
وما تُثيرُهُ عنك بدويتي الرعناء
بكل الجذب كنت فيها
وبكل ما تذروه الآمال
في عنتِ وجوب ما تُحرضهُ شجون
أعباءٌ حين يَبْتعثها الشجا بميقات
والليلُ كاشفٌ في حقيقتِكَ ملامحٌٍ تفندها
معانٍ بشيوعِ أسرار وحكايات
هي الاحتراقاتُ تتلظى فيكَ جامحة
في قافياتكَ زُخرفها عقودٌ منَّ الدانات
تُبدي في شِيم حرفكَ وفاءٌ
وفيوض احتراقات عصماء
توَقفَ النهرُ رهبةً مُذ عرفتكَ
تُشبعُ الشطآن إرواءً
وتتجلجلُ فيك أودية بفحوى بسمها جريان
كلّ المارين تجمدوا في مواقعهم
لحظة أنْ عبرتُ إليكَ
خطوٌ يُصارعُ في أروقةِ المخاض
مرتجى انعتاق طاغ
فافتح على عجلٍ بوابات صدركَ
كرم هوى، واعتمرْ في شِغافِك الانطلاق
يَغمره غادق ابتهالات
فكلّ المُطالعين انكفأتْ على الترقبِ قراءاتهم
حيث ليس ما يُقرأ على سطور السحاب
أي بوح مُثقل حلمه بجبجبة أماني
وليس يُماثِلُ لحظ الطلِّ
كمثل وصالٍ أسكرتهُ شطحات غِياث
غابتْ غُربتهُ في غياهِبِ مُدنٍ ترصدُ غماراً
لا يتصدع في وجهه ذهولُ مُحاق
ولا يُجتث عنهُ هاجرات خيال




رغيفنا الماكث
الشاعر حيدر الدبوس / العراق



تنتهز اللوز لرأب نهار أدرد
وفي آخر كأس من عصير الرماد
يتملقك الليل
وأنت تعــدُّ المصابيح العمياء
وتـُحيعـِلْ ,,
لا آه ٍ إلا تأتــي تتناسل في سوسنتك
يجدرُ بالهيبة أن تنزع خوذتها وتـُريك صلعةَ التوسل
تستغيب الفرح الناضب في ذكرى رخوة
وتصرخ ,,,,,
يا نعمان شقائـقك تشكو تـفرّط الشمل
ويبقى كرسي العسل كمينا للمؤخرات
كنت سَهَراً يجوس أزقة الشرفات قبل انحنائها
إن أكل الحوتُ قمرك الفضي لا تبـْـيـَـضّ الغرابيب
وأنا مكتظ بأسمالك التي لا تغني من أمن
تـفشـّى معناك في طيني المتقاعس عن تمكيج الحقائب
وطنٌ لا يتأرشف مثل أضابير الموتى
لكَ أقحوان الغبطة ونـفائس الأضرحة المثلجة بالأدعية
لكَ تجاعيد شربت كهولتها المرايا
لكَ نحنُ الشغوفون بشطب الوراءات
فكنتَ رغيفنا الماكث



الإشارة
الشاعر رضوان طيارة / سوريا



علي أن أكون أنيقا
وأن أعبث بأصابع المجرات كما أشتهي
وأنسى بأني شققت الطريق
للمجهدين
وأن الدموع التي واكبتني
أضْفتْ على صمتها الجليل
بعض عطر
وكثيرا من ذبول
قالتْ :
فيك شيء من جنون الطبيعة
واحتراف الفراشات اللهيب
كانت الشلالات تساقط خلفي
وأنا أعبر حاجز الخوف
قلتُ : لا تنظري للوراء
ولا تتشبثي بأقدامك اللازبة
كان اليمام يسهر فوق الجبين
والريح تبدو طائشة
عليك أن تكوني أنيقة
وأن تلبسي كل يوم لبوس المترفات
وأن تدعيني أتسلق تلك الجدائل
كيما أصل
كنتُ مزهوا بفيضي
والحروف تهدل في الوريد
كان الحاء يملأ البهو
والكاف محور الكل
وأنت بدوية الشفتين
قلتِ : ترهات الحنين وغبتِ
فكيف لي أن أحمل هذا الشجن
وأشرتُ إليك
ونحن مسرفين في العلو
فأرسلتِ ضحكتك التي تشربني
ونسينا الإشارة فانكفأنا
كانت الأنواء تسأل عن سر هذا الجنون
وكنا نجيب برعد وبرق
وفي لحظة مستحيلة
انهمرنا
كان علينا أن نبقى متلازمين
ومنفصلين
كي نتدفق في الينابيع
أذكر يوم ارتقينا معا
وصنعنا للربيع أكماما من ياسمين وفل
وحفرنا معالمنا على صدر الطريق
فكيف مات البريق
وكيف اكسرنا ....



بائعة البنادق -عنوان أولي- ‏
الشاعرة آمال رقايق / الجزائر



في زمهريرِ الماكثين
ينسى المعول اسمي
أنا جميع العابرين
وهذا القفص الذي يعرف سر الثمر،
وهذا المهرب حين يراقبه الطيبون
غارقاً في العراء
اليقين
كالدمى
وبنطال سيدنا القديم
أقدم من كوكبي
أقدم مني؟ لا
افتحوا المعابر
سنبلةٌ في الطريق إلى مركز النور
والعاشقين
أغنيةٌ تلبس ثوب القيامة
تباغت نافذة وحنين
تغرق الساقية،
يبحر الميتون
أين عصفوري؟
كان يدرس التاريخ،
كان يلعب بذيل الحب
آه
كان عصفوراً وحسب
ولي
بعد هذي السنين الكئيبة
نبرةٌ كاسحة، وعيوب
تفاجأ أيها القاطن رئة القانون
أرمادة الداء وصدر البحر صديقان،
والصخور ترقد في الياسمين،
أصدقاء دفتري والوباء
هي
السماءُ بلادي
اسمي عويلُ الشجر،
قادمٌ على شهوة باردة
حبيبي المطر
يحبُّ الثمر،
يعرف كيف الوصولُ إلى شيفرة العائلة
حبيبي المطر،
يعرفُ كيف الضبابُ، يقلِبُ الطاولة
ماكثون
بينَ البخور وجبهة طفلي
الغزاة
والشمس ملكية الشارع والمبهمين
وأحبُّ المطر
العصافيرَ العالقة في منعطف الليل،
ودليلَ الرجوع إلى الفجوات،،
أفهمَ الهفوات
قيل:
لي جناحٌ هناك،
في مواويلِ الثلج
في الجاذبية لي سرير
عكازٌ، أعلى البداية،
وجهازٌ، يحيل البنايات أجمل
يلقي يماما في صقيع الجهات
أعيدوا إليَّ
يا أيُّها الميتون
كرَّاستي السائلة
"ديوجين"
وفِّر لأجلي بعض الظلام
أحبُّ التوغلَ في الحبر والهذيان:
نظرة لليسار،
وخريف القبل،
والقطار المعفر بالرائحة
رائحة الكفر والأزمات
آه
وتجذبني النظرة الحانية
وخز الدخان
حراسة عش الفضائح
يعجبني نيزك كادح،
يستفز القدر
عالمكم "كش ملك"
لتلك الزهور العقيمة
أؤسّسُ بيتي،،
هناك
في أقاصي التوجع والأمنيات
وفي النبع أسكبُ يقطينة
رائعة،
وهناك
أجاذبُ أشرعة المجرمين
أصلُ الورق
بالكلامِ الشقي،
أجلب العافية
أرتع في الحركة
يا عدو الليالي الحنون
ليسترجع الحظ معجبيه الكرام،
لأسحبَ معنى الجدار إلي
لأبكي قليلا على كتف الساقية
أبكي،
متذرعةً بالنضج، بالحاجة الجسدية
بالعقد الزاهية،،
وينزلُ دمعي غزيراً،، في اللحظة
في الحين، في صميم الحياة
لأغرسَ دراجة في الاعتراف
هاتِ بعض الجراء،
أوزُّعها في الخدر
لا يفيق كل هذا الطريق
فتبا لنا يا شقيقي الذي في الصور
عانقني أيّها المتدثرُ بالوحلِ والذكريات
باركيني يا عجوزَ الريح، يا لهجةَ البادية
رممّوني يا فتية البحر
أطلبْ يدي يا شبحاً فادحَ النظرات
أطلب يدي، في الجحيم
يا جميعَ العابرين



حمصُ التي في خاطِري
الشاعر دنديم حسين / فلسطين




نزلَ الضَّبابُ من الجبالِ إلى العيونِ فلم يجـِدْ
إلاَّ سريرةَ عاشِقٍ مذبوحةٍ ،
فاغرَورقَت بالبَوحِ لوعةُ عابدٍ تابَت على يدهِ الذُّنوبُ !
ولها الجِّهاتُ وللجهاتِ شؤونُها
مَن أنتِ ؟ قالَت : شُرفةٌ أسَرَ التفاتَتِها الجَّنوبُ !
هيَ دمعَةٌ ذابَت عليَّ وفوقَ خدَّيها أذوبُ !
هي أنطقَتْ قلبيْ لتنطقَني القُلوبُ !
قد تُمطرُ الدنيا لحاضِرِها الجَّفافَ وتلكزُ الخيلَ التي
ذرفتِ صهيلَ بدايَةٍ في كـفِّ آخِرَةِ المَطافْ
ليخافَ زنديْ أن يخافْ
هي أمنياتُ مدينةٍ خلعَتْ مساحاتٍ عِجافْ
وعلى جدارِ ضَراعتي كانَ الحَمامُ يُصَلـِّيْ
وتَلَتْ قذيفةُ مُجرِمٍ أطباعَها فوقَ الجدارِ فماتَ ظِلـِّيْ
يمحو العذابَ عن الترابِ بكُمـِّهِ هذا الغُروبُ !
هي ليلةٌ تعِبَت فنامَت في سريرَتِها الحُروبُ !
هي طفلةٌ جاعَت فأطرَقَ فوقَ خدَّيها الشُّحوبُ !
هي وردةٌ فاتَ القِطارُ ربيعَها ، فتورَّدَت خَجَلاً خدودُ شحوبِها ،
وتفرَّقَت أيدي مواجِعِها الشُّعوبُ !
هي أسرجَت أطباعَ موجٍ مُنكـَسِرْ
وتدثَّرَت بحنينِ شاطئِها المُسِنِّ المُنتَظِرْ
صارت مآذنُها فناراتٍ ،
فأينَ مراكِبُ السيفِ الصَّقيلِ المُعتَمِرْ ؟
سكبوكِ في شريانِكِ التاجِيِّ لونَ خميرةٍ ،
هل تنزف الدمعَ المكَثَّفَ وردةٌ دَمُها يَروبُ ؟
هي دمعةٌ ذابَت عليَّ وفوقَ خدَّيها أذوبُ !
وسأرتقُ الغيماتِ إنْ نعِسَت طبائعُها على ريحٍ كَبـَتْ ،
فأصابَها الإسفنجُ أرتقُ عُريَها بخيوطِ ماءْ
تعِبَ الشتاءُ فأجهشَتْ بتعَطُّشٍ روحُ البحيرةِ والبلادُ ،
فضَمَّها لزجاجِ فضَّتـِهِ النَّدى ، ليصُبَّ فيها بَوحَهُ المكسورَ كوبُ !
هي دمعةٌ ذابَت عليَّ وفوقَ خدَّيها أذوبُ !
تعِبَتْ سيوفُكِ يا قتيلَةُ ، بُحَّ في دمِكِ الحَبَقْ
فتفيَّئي إطراقَةً وتبَرَّديْ
وتوسَّدي السَّلَفَ الجميلَ تعبَّديْ
" لحضارةِ " الفولاذِ شَرٌّ نافِقٌ ،
ولوجهِكِ الشَّمسِيِّ نبضُ الدَّفءِ والخيرُ المتَوَّجُ والأَلَقْ
هي ليلةٌ تعِبَتْ فنامَت في سريرتِها الحروبُ !
ودُمَيعةٌ ذابَتْ عليَّ وفوقَ خدَّيها أذوبُ !
سرقَ الطُّغاةُ عيونَ حالِمةٍ وقالوا فوقَ نومِ شقيقةِ النُّعمانِ يُتمًا كاوِيًا
سقطَ الغُروبُ مضَرَّجًا بغيابِها المَطلـِيِّ بالكِبريتِ والشَّجَرِ الذي يأوي
لظِلِّ حكايَةٍ تحكي وتَبكي حِبرَها
نهبوا سجاجيدَ الصَّلاةِ وسمَّموا آبارَها ،
فتيَمـَّمَتْ بترابها المَحروقِ وانتَثَرَت على فَمـِها الدُّروبُ !
وعواصِفٌ يغفو على يدِها الهُبوبُ !
حِمصُ احتماءُ ذبيحةٍ بقتيلةٍ في تعتعاتِ المَشرَحَهْ !
حمصُ السَّكينةُ بعدَ عَصفِ المذبَحَهْ !
حمصُ الخروجُ على نِصابِ " المَسبَحـَهْ " !
حمصُ التَعَرُّقُ في حديدِ المروَحَهْ !
حمصُ امتِزاجُ الدَّمعِ بالدَّمِ خلفَ ظَهرِ الأضرِحَهْ !
حمصُ انهمارُ السكَّرِ الروسيِّ من أحلى ثقوبِ المملَحَهْ !!
حمصُ انتصارُ جديلةٍ حضَنَتْ جروحَ الأسلحَهْ !
حمصُ الجناحُ لحالِمٍ لو حطَّمَتْ ريحُ الطغاةِ الأجنحَهْ !
حمصُ البـَلَدْ
حمصُ التي قُدَّتْ من الأَبَدَينِ روحًا في الأَبَدْ
حمصُ التي تَهوي كمطرقَةٍ على نابِ " الأَسَدْ "
خلعَتْ أزقَّتها وزَمجَرَ قلبُها فوقَ المآذِنِ قابَ قَوسٍ مِن صَفـَدْ
حمصُ البـَلَدْ
هي دمعةٌ سقطتْ عليَّ وفوقَ زندَيها الطُّيوبُ !
أو ندهَةٌ هبطَتْ على قلبيْ لتنطقَني القلوبُ !
حِمصُ البـَلَدْ !!




الشهيد الطفل أنس السعيدي
الشاعر نبيل الفودعي / اليمن



الى أنس أصغر شهيد في الثورة السلمية اليمنية واسمه انس السعيدي وهو لم يكمل السنة الأولى من عمره تغمده الله بواسع رحمته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان

لقد قتلوك يا أنس
بغير إثمٍ أو دنس
هل كنت ثائراً يابني؟
للنور تبحث عن قبس
بأي جرم يعاقبك البلاطجة والحرس
شهرين لتكمل شمعتك الأولى
وضوءك ما انبجس
نزفت دماءك يا فتى
والأمن يضحك والعسس
البيت خالٍ من قبس
بغير انس أو انس
عادوا لبيت مقفر من غير نورك والقبس
لا أنساً يعرف بيتهم بعد رحيلك يا أنس
يا طفلُ ماذا جنيت ليكتموا فيك النفس ؟
يا أيها الطفل الرضيع ماذا جنيت لتفترس ؟
قد كنت شمعة بيتهم
وفجأة يا للخرس
أنس تكلم يا أنس
انس تكلم يابني
والطفل صامت ما نبس
وأبوه يزعم أنه
أصاب عينيه النعس
من الهول كذّب عينه
وهو يراه بلا نفس
لو كان يعلم أنه
يمسي طعاماً للحرس
لاحتاط منهم لابنه
ولحاذر منهم واحترس
لكنها أقدارهم
انستهمو كلَّ حدس
يا فارس الشعب العظيم
أين الفراسة والفرس
وأين الكياسة والكيس
هل قتله يشفي الغليل
أم القتل قد أصبح هوس
الوقت حان لطردكم يا قاتلي روح أنس
لأن قتل الأبرياء قد بات ينذر بالفلس
ما طار طير وارتفع
إلا كما طار انتكس




وطـني المشتهـى
الشاعرة عطاء العبادي / العراق



ولدتُ جمالاً على راحتيك
لأشربَ حبكَ من رافديك
وأكبرَ فيك بحبي إليك
أحبكَ طوعاً
أحبكَ قسراً
حنيني إليك وشوقي إليك
وروحي وعمري فدى مقلتيك
أثمَّةَ ريحٌ تطال عُلاك
أثمَّةَ حبٌ يساوي هواك ؟
أثمَّةَ دارٌ تساوي حماك؟
عراقي عراق
وحبي إليك
وشوقي إليك
وليسَ سواك هوىً مشتهى
فأنتَ رواء وأنت مطر
وأنت العصور وأنت الدهور
تغني الطيور بحب العراق
وتهمسُ ريحٌ لرقص الشجر
بمثلِ العراق تطيب الحياة
كسعفة نخلٍ على رافديك
أتيتُ أغني بحبِ العراق
كلانا ارتوينا بكأس الندى
وأمواه دجله
وعذب الفرات
كلانا امتلأنا بزهو الحياة
كلانا ارتشفنا رحيق الزنابق
كلانا رأى
عناق النوارس طيف النسيم
عناق البراعم قطر الندى
كلانا عرفنا طريقَ الغياب كسوط العذاب
كلانا مضى
لعلك تأتي وتسقي الحياة شذى الأقحوان
لعلك تأتي كريح جموح
جميل المُحيّا كنور الصباح
تداوي الأنين وتشفي الجروح
لعلك تأتي كصوت حنون
كلانا مضينا كلانا نعود
وفي العود حمدٌ
وسقيا خلود



سفر
الشاعر عبد العزيز أمزيان/ المغرب


سفر(1)

أيُّ مدى في عينيك؟
تهزني عواصف الشمس
ترتعد أصابعي في روض تيهك
كأنفاس شجر على ظلال المساء
كدمعٍ ينداح على ورق التوت
تعشوشب رائحتك في ذاكرة البحر
فأدوخ في أكواب عطرك
أدوخ كموج يتكسر بانتشاء
يصعقني الحنون
أحضن وجهك في الريح
فيرقص اللحن في جفني
عميقا كما صخب الضوء
كما مطر يغسل النهر
ويرسم السفر في مدى عينيك بامتلاء

(2)

لعينيك عمق الريح
اهتزاز المرايا في صفحة النهر
تسكنني بحارك
كما عاصفة من زجاج
تنبت ورودا في كفي
لكأنه حلم يتهادى
كحبة كرزة
تجنن ذاكرتي بعطرك
ورحيق مداك في سهومي

(3)

أي شيء يرميني إلى ينابيعك؟
يشعشع الغيم في عينيك
كخيط فجر
يرقص في مرايا النهر
ورود أحلامك
تبلل أشجاري بالنشيد
يغمرني وجهك بالمطر
وريح طفولتك تتسلَّقني بلذة
كمركبٍ يعانق غروب البحر
ومجاديف ترشف مدى عينيك
في أرخبيل الضباب

سفر(4)

ما هذه الأنداء التي تتناثر من على أدواحك؟
رقيقة كلحن الغدير
صافية كمياه الشمس من عينيك
هل حقا أن أصابعك من صلصال شجر الزيزفون
وهل حقا أن نظراتك يختلط فيها رائحة الأزل
وأنفاس النهر وعقارب المساحات من شرفة المطر؟!
من أين جئت بهذه الأسوار، تلمع من معصمي الورد
كروض في ماء
كمركب على نصال عباب!
لكأنها خشخشة ضوء على مراسي الشجر!
وهذه الرزم من الغيوم من يديك، تسافر إليك
تحط على غصن الأفق
كحمام!
ترسم لوحة نشيد عارم
عطش المساء
انشداه الوجوه لحمرة البحر
ليت الشمس تتغلغل في كفي!
أنحت فيك انشطاري
أكب في عينيك غابات الروح
أحضن في مداك أعشاش العصافير
خرير الأشجار
نبات الفجر من تحت أقبية الرذاذ
أسافر في مدى عينيك كمطر
يزلزلني عمق الورد
تغمرني المساءات بلون العطر
بعضي يراكم نسيم الهواء في روحي
أتلمس وجهي في صداك
ثمة مرايا تخامر اندلاق الزهر
انسكاب العمر في رمشيك
ليت الشمس تتغلغل في كفي!
وأنشد فيك احتراقي
واحتراق الروح في عينيك




طقوس كنعانية
الشاعر د عبدالله حسين كراز / فلسطين




1
يا سيدةَ البوادي والبحر المدلل
يا أميرةَ أسفاري وأسراري
قولي ما شئتِ من ضادي
علَّ العرّاف بموعده
نبّأ النجمَ بمولده

2
حينما يرتدُّ العاصونَ إليكِ
يرسونَ حتماً فوقَ نعليكِ

3
يا ابنةَ الوجهِ المعبَّقِ بالقمَر
لا تُشهري في وجهي الخناجر
يا سيدةَ الشامِ يا أميرةَ الحضَر
شاطريني في المدى صدحَ الخناجر

4
أيّتها الأشرعةُ التي غادرَتني
احمليني إلى متاهاتِ التَّشظّي
لا تهابي في الريحِ كبوةً
مارستُها في الليل مع أصحابي


5
غنّينا لطيرِ البادية
في مساءاتٍ دثّرت أحلامي
أغنياتُ العذارى الشادية
بلَّلت شفتايَ ثم صارت نحو بحري

6
حضنتني موجةٌ مثل طفل يبكي
فوقَ صفيح العمر يا جبلي
ثم حطَّت حِملَها فوق مئذنة
صرختْ في المدى صيحة نحو سمائي
رحلت موجاتي
أبقتني أسيرَ الهوى ورملِ الشواطئ

7
رحلتُ يا سيدتي
مع أسفاري التي نطقَت
فوقَ غيمٍ ماطرٍ أبجديةَ آبائي
لم ترحلْ مَلحمتي
ثم غابَ عنها القمر




مـريـم الأحـزان
الشاعرة تسنيم الحبيب / الكويت


(1)
أهزُّها
و قد استطالت نخلةُ الحزن
هزا شجيا
فـ يسّاقط " رطب " البوح
كـ دًيم مشبوب بالحنين
يروّي بذور الضَوَر
لأزرع صهيل الوجد في ثرى قلبي
و أفرد جناحيّ
كـ قبّرة عطشى
مغسولة بماء الشوق
أجوب الحنايا الساجية
و سماواتك
الموضونة بنور ثكلان
أتوخى "سراجا " تُشعله أناملك كل ليلة
لتخلقُ من الطين بساطَ العروج
و تشفي دَنف الوقت
و تُحييَ سنابل العزاء

(2)
ولا عزاء!
تدك خيول الوجع جسدَ الذكرى
و تهدلُ الورقاء بالنحيب
فلا تسل
عن لوعتي
عن عًبرتي
عن حُمرة وجنتي
عن جفني المطلول
فـ يامن
قد أُوتيت الحزن صبيا
هل أنبؤك بأكثر قلبينا صليّا؟
قد كنت معك
أقتسم رغيف الفزع
أغترف أجاج الأم
و تلسع قدميّ ذات الجمار
و بعينيك
رأيتُ الشموس تفوح بنورها فوق الأسل

(3)
أنا " الوديعة " في بَرى الكتمان
كـ مريم اليوم
أتكأ على وهني
أزرع مقلتي
في رواقك المنداح منه شهد العنب
أسكب ينابيع الدجى ثم أهيل عليها تراب الثكل
وأقصدك
أفرش أكفانك الثلاث
و بكفي المجلولة
أمسح على القلوب الوالهة
المصلوبة على ثمالتك

(4)
و تُنتثر
رياحين العمر الكليم
تخطر في شرفات الوقت
تمزج في أحداقي طعم الوجع
يا واسع الأردان
و الندى يتفرق على بتلاتك الجماء
اطلع إلى وجه السماء
سترى
مع غمام البث" مريم"
تمطر بالأنين
وتروّي بنداك ذاته
جُرز الأوام



ويرعب المطر
الشاعر عبد ربه محمد سالم اسليم / فلسطين


" إلى شهيد الشهداء : فتحي الشقاقي "

وحين نهتف : نحبك
نحبك
فيرعب المطر
الريح تصاب بالكآبة ،
تنزعج
فتتقيأ الجنوب ،
وذراعيها القحط الذي يبتلع الرياح
ومواسم الندى الغارقة في الوحل الشهي ،
الصمت يتبرج ، يخلع أوتاره
فيغرق في أوتاده
وأورشليم رصاصة سوداء
حمراء
وخبز مقفى ! ،
فيلبس الشجر صوتك
ظلك الصوفي
مسبحتك !
الأرض تخترق الليل
تخضر
وتقتحم البحر كالسفرجل
فتحمل شوارع القدس العتيقة في دمك
ونورك مشوار العصافير الملونة
والكنانير
والبرق الذي يحتل الريح
والنمل !
فنخبئك في جراحنا
في خبزنا
في صوتنا
في …
نخبئك في الريح اللعينة
وفي سيف علي !! … ،
ونغني العاصفة .. الوتر التاسع ! حين استحالت الصلاة نوافذ للشمس كعيونك المسكونة بالقدس العتيقة التي تمتطي صهوة التعب الفريضة ، التعب الفاخر .. تعب العاصفة المتناسل خيار الشجر الصوفي ! …
كأني أحبك ، أحبك
أحبك ،
والمسافة بين ابتسامتك وضحكتك هي القلب بعينه،
فاسميك خمري الفاخر حين كانت الصلاة زنبق واضح كالحقيقة ،
والدموع التي تقرحت بين ضلوعنا كالشوق ! …
والهوى يصحو محرابا للجرح
ولمسدس طافح بالجوع محشو بالحقد الذي يضئ الجنوب كزمن للقرآن !
والمطر احتمال زئبقي يسامر الغرائز كزورق يتسلل إلى الشمس في غفلة من الريح التي تكمل دورتها التاسعة ، وتنفجر في شوارع " أورشليم " كزهرة ألليلك فيض من الدم المتوجس في رحلة الاغتراب التي يكمن فيها البحر بين الأهداب المثلجة والضحكة الساخنة ، وأنت على ساحل المتوسط خصب كالحقيقة التي تسكن خيمة القسام ، والريح احتدام البرق والمطر الجائع للسيف العائد من احتدام الشوق بين كرات الدم ! … والشوق خيمة أوتادها الريح ، والريح خلود الشجر ذات العيون السود التي تعبئ الجراح بالجوع الذي يحاول أن يحجب الشمس !! …
يا لهفتي ،
وكلب البحر أعرج ويقال : انه أعمى هذه المرة حين يحاول أن يقضم الموج الساحر كالفيض الإلهي ،
والأرض التي أزرعها بالسيوف الصدئة ، والتي تحارب الشمس كبد الحقيقة الموغلة كالعصف المأكول في الريح المتناثرة على صقيع أهدابك في حي " سليما " بالقرب من الجادة الشرقية للأفعى المتحفزة المملوءة بالريح والسيد الزنبق الحالم بامتطاء الريح يوجهها يمينا وشمالا وجبال الاطمئنان تسكنه على جرف مسكون بالسيوف الحمراء التي تقطع رأس الريح التي تحاول أن تلوي عنق الريح أو تمس الشمس بدهاء نورس يسكن عيون السيد القدس ! …
( 2 )
والبحر ذئب جارح ، ذئب جبان
فنخاف عليك من الشمس الشمالية
وتآمر القمر الجنوبي
نقاوم ناطحات السحاب
وعلى راحتيك الحياة مهما السحاب جاع ! ،
والغيث تقيأ ! …
والقمر الأسود نهب العشب الأخضر بحرارة السياج ، لوى عنقه الزرافة ،
واغتال الشجر في عربدة الصلاة ! …
وجاع حد تخمة التخمة ! …
وأكل الريح ، وجاع حد الشبع !
فتربع الحزن على العشب والريح مائلة للسقوط ! …
( 3 )
… والنمل يعاني من الذكاء ، صلف التخمة ! ،
ومنسأة الشقاقي باقة ورد
وآية محلاة بالدم المعطر ..
وبطاقة دمع لا يرتجف أمام الجبال الغارقة في التيه ،
وإصبع موز معطر كأنه الصيام ! ،
وصلاة تحرق المطر
وتخضر كسر خبز في مخاط طفل يتدلى كالشهد ! ،
ويستغفر للعشب الساذج الذكي ! ،
وتبقر بطن الريح بعفوية الشجر الذاهب للعرس المخملي ! …
( 4 )
آه ،
تمطر دموعي صاعقة كالفجر المبين ،
والبحر يحدق مليا بشراسة ويضحك ملء خمره الوثني المقطر من خيط دمك
والغيوم تمشي خلفك ،
والقرآن ،
والموج مئذنة ! …
للأعلى
للأعلى ترفع الشمس على سنام رمحك
ورأس السيد الغرقد شهوة الريح ،
شهوة زهرة تفتح بوابات الليل العالية ، فيدخل البحر خلفك .. والصلاة عمود الشجر حين استحالت زغرودتك سحابة في سقف القصائد التي تثمر ظلك كتكبيرة الإحرام ، فتخبئك السماء بين أهداب الشمس وغيومها الفحلة كوعد الربيع البض التي أيقظت العصافير بسلالاتها وأطيافها القزحية ، وخيط دمك الثوري من " سليما " إلى " دمشق " … وجهها الشجر الصبوح ووعد الغيوم الداكنة التي تسكن جيبك كرصاصة ما زالت تركض أمامك ، تحييك كالصلاة ، وتعبئ العصافير بشهوة الانتقام للشمس الغارقة في شراع دمها كي ينضج القرآن على جمر جثتك البضة ! …
( 5 )
المطر يغتسل بلونه
بالريح ! ،
والريح تغتال الريح
وتسقط في صخب العناق
في دمه الضاحك !
وصوته الدموع !
لبداية كانت وهج الموج
ليلوح في المدى الشجر الملثم ،
وتلوح ابتسامة الوطن ! ،
فيستريح البحر في دمك
في راحتيك
يغرق !
ونحن نطفو كالشمس ،
ودمك الباب !
والشجر يفيض بالأقمار
فينفجر الحبر قلقا
وسماء ، وأنهار
فتتدفق الخيول من عينيك ،
والعصافير من صدرك ،
ومن أصابعك الطوفان ! ..
فينشق الليل عن الليل ،
والصبح فيض دمك الثجوج ! …
الأفعى تغرق في لونها
والغرقد يحتسي خمره الوثني !
راكضا يبحث في الموج عن دمعة بحجم سيد الأفعى ! ..
البحر أدمن دمك ،
وأنت أدمنت المطر !
فزفك البحر خيمة ورصاصة
ووشمك العشب سهما ناريا ناضجا ! ،
ودمعتك مطلية رشفة خمر معتق !
….. !! …..
واقف تحت السحاب كالشجر
وبعينيك المحاق ! …
حلو كالشمس
مر كالريح
شهي كاليقين الناضج الذي يستوي وردا
وسهامك من مسيرة الصلاة ! …






امرأة الكون
الشاعر عباس باني المالكي / العراق


إلى المرأة التي صححت نداء القلب إلى اليقين ومن جديد هذه بعض مناسكي في الحروف

كنت معلقاً مابين حرف اسمي وتنهدات المجهول
معلقا ما بين وهمي وسنوات العجاف
كحلم خارج ذاكرة البصر
يمتد زماني من أضلاعي إلى وطن الخواء
لا شيء يربط خطاي إلى عواصم الحنين
سوى وجه الثعالب المنحوت على صخور الدروب
أرمي تنهداتي إلى عزاء العصافير
يرتد المساء إلي نحيبا
أكابر ألواح المقدس ب( أليف لام ميم )
أهجع داخل كف الأقدار دون عزاء
يسامرني يأسي كالأوثان لتسد عطش الروح
يا أيتها القادمة من حلمي في بكارة الضوء
انهضي من صلاتي في محراب جرحي
علميني أن الطفولة في عينيك قداسٌ أخر من النور
علميني أن الكفر بك معصية لكل العصور
ارفعي أجنحة المدى فالنهار في كفك يدور
من أي سماءٍ أتيت تعالي
أنت نعمة الرب بعد أن أتعبتني أسفار الشرك بقلبي
بيدك قمر وقافلة عطر
قبلك لم أولد إلا من إزميل اليأس
قد تعلمت من حبك أن للريح همساً خارج أظافر الخواء
وأن للروح اسماً خارج خسارات الضياع
لأنك أنت أنت ومن دونك لا شروط للنقاء
أعدت لي كل نفسي و الرطب الشهي
من عمر البياض والفرح الموشوم بين يديك
وتعلمت منك أن للحب ربيعاً يكمن في كل الفصول
تعالي يا سيدة الأكوان والعصر الذهبي
سيسجد القمر لعينيك
ويتمرد الشاطئ على مده ويأتيك عارياً من ملحه
فتخرج الفرس البيضاء من ضلعه
تحمل كل عصور الأنبياء ومزامير الخلود
أنت قبلة البحر إذا عبئت الشواطئ بالنجوم
فلا يغسل القمر أنوثته إلا في كفيك
أنت يا أول النهار وآخره في عينيك
لن ينكسر الصباح حين ينفتح القلب إليك
أعيدي إلي إيماني إن للحياة حياة
أعمق من كل الوجوه الخارجة عن المعنى
علميني أن جذور انتمائك إلي أعمق من كل غابات النساء
فكلهن يتبعن الريح إذا هزت الثمر
يتبعن شرخ البريق إذا أعاد ظلهن
أنت شامخة بالثبات ومسك الوجود
أنت يا كل سماء النساء
اختصرت كبرياء الأرض من زنوبيا بلقيس الخنساء
اختصرت زمن انتظاري بروحك الموشحة بالقمم
امتلأت فأنبتت أجنحة الملائكة على كفي
صارت كل المسافات محض افتراض
تعالي تعالي
انتمائي إليك خرافة لا يصدقها العاجزون عن القلب
في هذا الزمن المسحوق بالرغبة
أنت يا أول التاريخ قبل بدء دفاتره
يا أول الفجر الطالع من نهار الكون دون أغطية الغيوم
كل ما لديك نور
حتى وإن عطش مداي إلى الشموع
كل قوافل الأرض تنتمي إلى التيه
إلا قوافلك تحمل عطر غابات الحنين
التوجه إليك أسفار في العبادة
الابتعاد عنك انهزامٌ عن مناسك اليقين
أيتها القادمة من صلاة عرش الفقيه
دعيه يبني إلى الملائكة عرش النقاء
وما أنت إلا أول حروفه على الأرض
تعالي يا سيدة الكون إني فيك منتظر




على مقصلة الصمت
الشاعرة فاتي الزروالي / المغرب



صمتي مهرجانٌ كديمومةِ الوجع
يكتنز الأماني من غيم الصبر
يغرس الخلايا لأنسجة تنوس عند حافة القهر
فيضيع الكلام
كما ضاعت الأحلام
بين شقاق السموات السبع
صمتي طقوس نــــــــار
بين طين وحطب
يخرج من صلبه ليل عبوس كهل
أثقله السفر
جعَّده السهر
لا يتقن لعبة الشمس
وشمسي رماد
عند كل صبح تخبو وتتقدُ
لتخبو على هامش العمر
صمتي صامد صارم
أتوسد كتفيه
أرخي شقوتي عليه
وقد أغفو حينا بين ذراعيه
وأقبّلُ الوطنَ
الملثم بأبجدية عينيه
وأغتسل عند انحناءات النور الشارد
تحت قوس شفتيه
لأمارس كل غواياتي
وأنتدب ركنا قصياً
مني فيهإليه
صمتي ذبحٌ عند رعشة الشوق
غرَقٌ عند صحوة العقل
بين مد وجزر أمشط الماء على شط النهر
بدون حدولا غد
لحين اندلاع الفجر
وصمتي حينها



إلى أمي عيونك إرهاصٌ لقافيتي
الشاعر وليد عبد الغفار الحراكي / سوريا



أوَّاهُ يا جُرْحِيَ النَّضَّــــــــاح بالْأَلـَــــمِ
يا آهــَـــــةً فيْ الْحَشَا يا غُصَّةَ النَّدَمِ
ماذاْ أَقولُ وَهَلْ يُرْضــــــيكِ غَاليتــــي
بعضُ العَروضِ وما نمَّــقْتُ من كَلـِــمِ
أُمــَّـــــــاهُ يا صَرْخَةَ الْآلامِ فيْ كَبـِـدي
يـا رَعْشَةً أَزْمَنَتْ تَنْـــــسَلُّ في نُظُمي
آهٍ على آهِـكِ الحَـرَّى تَضِجُّ لَــــــــــهَا
أهلُ السَّماءِ وما فيْ الأرْضِ منْ نَسَـمِ
رَاْوَدْتُ دُنْيا الْوَرَى عنْ زَيْفِها طَمَـــعاً
ورُحْـــــتُ أُبْرِي جِرَاحـاتِي بِذِي سَقَمِ
غابَ الشَّبابُ فَمَا أَبْصَرْتُ مِنْ عَمَــــهٍ
أنَّ الْهَنَا مُــــذْ جَــــفَا كَــــفَّيْكِ لَــمْ يَدُمِ
خلَّفْتُ فيكِ أسىً يا مَبْتَدَى فَــــــرَحــي
بــَخِلْتُ فــيْ صِــلَـــةٍ يا وَاْحَــةَ الْكَرَمِ
عَرَاْئِشِـي ذَبـــَلَـتْ وَاجْتـاحَـــهَا يَبَـسٌ
فَمَنْ يَقِيْهَا الرَّدَى منْ فَــأْسِ مُصْطَرِمِ
قَدْ كُـنْتِ قَبْلَ الْفِرَاقِ الْمُرِّ حَـــاضِرَتِي
وَشاطِئَ الْأَمْــنِ أَرْسُـــو فِيْهِ إِنْ أُضَمِ
تَسرِيْنَ مَسْرَىْ الْهَوَاْءِ الصِّرْفِ فِـيْ رِئَتِي
وَتَغْـــزِلِيْنَ الْهُــدَىْ نُوْراً بِعَتْمِ دَمِــــي
هَجَرْتُ حِضـْــــنَكِ للدُّنـْـيا أَكــُــــــرُّ بِهــاْ
وَعُــدْتُ مُنْهَزِمـــــاً وَالْحِضْنُ مُعْتَصَمِي
إِنْ صَامَـــت الْعَيْنُ عَـــنْ رُؤْياكِ يا قَمَرِي
فَالَّلهُ يَشْــهَدُ نَبْضُ الْقَلْـــبِ لَــــمْ يَصُمِ
يا نَمْنَمَاتِ وُجـُــــــوْدٍ زَاْنــَـهُ أَلَقـَـــــاً
فِيْكِ الْخَبيْرُ وَ يا فَيْضَاً مِنَ النِّعَمِ
يا مـِـهْرَجانَ حَنَـــــانٍ كُنــــْـتِ حــُـلَّتــَـهُ
أَنَّـى ارْتـَــــداكِ فَلَوْلَا أنْتِ لمْ يُقَمِ
و يـَـا يــَـديْكِ الَّتــي غَنــــَّتْ قَصَائِــدَهَا
لـَحْناً عَلىْ شَعْرِيَ الْمَشْغُوفِ بالنَّغَمِ
فِيْ قَلْبِكِ انْصَهَرَتْ كُلُّ الْقُلُوبِ عَلَـــىْ
نَبْضٍ شَـدَا فِيْهِ طَيْرُ الْحَرْبِ لَلسَّلَمِ
مِنْ فَجْرِكِ ارْتَشَفَتْ كُلُّ الزُّهُورِ شَذًا
ولَقَّنَـــتْهُ النَّدَىْ فَانْــسَابَ فِي النُّسُمِ
أَنْتِ الْحَقِيْقَةُ لا شَــكٌّ يُساوِرُهَـــــــا
بـِـُنوْرِهَا سَـرْوَتِي فِي حَالِكِ الظُّلَمِ
أَنـــْتِ الْعُيُونُ فَمَا جَفــَّــتْ مَنَابِعُهَـــا
أَنــْـتِ الثُّلُوجُ إِذَا انْسَابَتْ مِنَ الْقِمَمِ
أَنْتِ الْعَوَاطِفُ فِي الْلَيْلِ الْعَتِيِّ سَـــــمَتْ
مِنْكِ المبادئ أَضْحَتْ مَنْهَلَ الْقِيَمِ
وَفِـــي عُيُونـِـــكِ إِرْهَاصٌ لِقَافِيَــتِــــــي
وَدَمْــعُهَا رَافِــــدٌ لِلْبـَـوْحِ فِي الْقَـــلَــمِ
عَلَى ذِرَاعَيْكِ أُمِّي صُـــغْتُ ذَائِــقَتــــِي
لَــقَّنْـتِـني الوَحْيَ إِذْ مَارَسْتِهِ بِدَمِي
خُطُـــوطُ كفِّـكِ يا أُمَّــاهُ خَارِطَتـــــِـــي
فـِــي سَمْتِهَا الْمُهْتَدَى بِالشَّمْسِ وَالنُّجُمِ
فَكَــيْفَ أَهْجُـــرُ آلائِي إِلَــــى زَبــَـــدٍ
وَكَيــْـف أَعْــــبُرُ لِلدُّنــْـــيَا بِلا رَحِـــمِ
هذَا وَلِيْدُكِ يَا أُمِّــــي غَدَا هَرِمــــــاً
حـَــــطَّ الرِّحَالَ عَلَى رَسْمٍ لَهُ هَرِمِ
أُمَّاهُ رُحْمَاكِ لَا تَسْتَبْشِرِي فَرَحَــــــاً
بــِعَوْدَتِي فَأَنَا مَنْ تَـاهَ فِي حُلُمِي
أَنَا الْمَلُــومُ لِمَا كَابــَـدْتِ مِنْ صَلَـــــفِي
أَنَا الْجَحُوْدُ بِمَا أَسْلَفْتِ فَاخْتَصِمِي
غَادَرْتُ لَا عُذْرَ لِي عَمْـــدَاً إِلَى تـَـرَفٍ
فَـــكَــــيْفَ أُفْلِتُ يا أُمِّي مِنَ التُّهَمِ
مَا ضَمَّــنِي الْيـَــــمُّ فِي التَّابُوتِ مُخْتَبِئَاً
وَلَا قَمِيْصِيَ رَدَّ الطَّــرْفَ حِيْنَ رُمِي
أَلَسْــتُ مَنْ عَافَ يَا أُمَّـاهُ أَنْجُـــــــــمَهُ
وَرَاحَ يَرْفُــــلُ فِـي ثَوْبِ الــدُّنَا الْقَزِمِ
رُحْمَاكِ لَا تَصْفَــحِي أَوْ تَغْــفِرِي زَلَلِي
فَـــــذَا وَرَبُّ الْسَمَا أَقْــسَى مِنَ النَّقَمِ
وَ الدَّمْعَةُ الْـ سُفِـــحَتْ فَوْقَ الْخُدُوْدِ لَظَىً
تُفْضِي إِلَيْكِ بِمَا فِي الرُّوحِ مِنْ ضَرَمِ
هَاتِــي نِعَالـَكِ يَا أُمَّـــــــــاهُ أَلْثِمُــــــــــهَا
وَأَطْلُــــبُ الْخُـــلْدَ لِي مِنْ أَخْمَصِ الْقَدَمِ
لَا نِمْـتُ لَا صَالَحَـــتْ نَفْسِي مَضَاجِعُهَا
وَجَــــفْنُ غَالِـــيَتِـي الْمَقْـــرُوحُ لَــمْ يَــنَمِ
إِنـــِّـي لَأُقْسِــــــمُ يَا أُمَّــــــاهُ لَا مَــلِــــقَاً
وَلْيَشـهَد الْخــالِقُ الْمَـوْلَى عَلَى قَسَـــمِي
عَــهْــدَاً سَـــأَبْقَى إِذَا مَا العُمْرُ أَسْعَفَنِي
طَوْعَ الْإِشَارَةِ مِنْ عَيْنَيْكِ فَاحْتَكِمِي



صراحة
الأديب أمين خير الدين / فلسطين



لم أفعل شيئاً لا يستحق الشكر
ولم أكفُر بشيءِ لا يستحقُّ اللعنةَ
في أعماقي شمسٌ ساطعة ُ الظلام
وجهلي يلفُّ أرضاً واسعةَ الأرجاء
سذاجتي شفيعي عند الذين لا يرحمون
يجلدون يظلمون يقتلون
فيدوسون المروءة والوفاء
وحتى الأطفال والنساء
قتلتُ ليلَ ظهيرتي بنقاءِ النفس
وأضأتُ حلكة ليلي بطيبِ النوايا
وتحمّمتُ بالحبر والوفاء والنقاء
كلُّ ما فعلت كافرا
بوجود هذا الزمان
وبفضيلة هذا الزمان
وبزعامة هذا الزمان
حظيت بما لم يحظَ به
بخس أو رجس
أو إبليس ُ هذا الزمان
حظيت بما لم يحظَ َ بِهِ
قس أو شيخ أو إمام في هذا الزمان
كتبي تجلدني بمتاهات الكلمات
وخشونة الحركات
وأوراقي تكفنني ببراءة الأطفال
وبخشونة النساء وطراوة الرجال
وهويتي ترفعني على مشانق الصدق
والفضيلة والأخلاق الحميدة والله والإنسان
تصلبني في الساحات وعلى مفارق الطرق
والميادين وفي الأسواق
تلسع أنفاسي وتفقأُ عيوني بالشمس المزيفة
وبخيانة الرجال وكذب النساء
أُداري عيوبي من عيوني
أُداري عيوني من عيوني
ونفسي من نفسي
فيقرأُني الشيوخ والرجال والنساء
وطلاب المدارس وحتى الأجنَّة في الأرحام
أتراجع أتقلَّصُ أتقمص أعتزلُ
الضوء والهواء والماء
لأكتب يوميات غربتي
في بيتي في وطني
مع نفسي وفي الأعماق
فأذوبُ أغيبُ أتبدّدُ
وأموت أموت حتى الحياة





في ضيافة السراب
الشاعرة فاطمة الزهراء العلوي / المغرب



كنت أمشي وحدي كنت أمشي
أرتدي الهجير ، ومن تحت قدمي الأرض سكون
العتمة صارت فوضى ، والبداية استحالت جنونا
كنت أمضي كاللذة الممنوعة ، كالبضاعة المهربة لا يسكنها نور ولا إفراج
أمشي خلف ضوءٍ يسبقني والفاصل ما بيننا رغبة
رغبةٌ تأججت في داخلي منذ أزمان
أرغب في معانقته حتى الذوبان
أن أتضاءل في حضنه أتلاشى
أن أقيم في دقات قلبه
كي يراني فقط يراني
أرغب أن أتكرر ذرةً مغلقة من كل نفس فيه
منه أكون وأعود إليه
أرغب أن أتحول هذياناً يُبلسِم أقواس المدينة
يُحوّل حروفَ القصيدة تاجاً كتاج الملوك
أرغب أن أكون وإياه فقط هو وأنــــا
لكنه كان يمشي
وأنا خلفه ألاحقُ رغباتي المجنونة باللقاء
أتكئ أحيانا على جدار من ماءأتوسل العابرين اقتلاع الاضطهاد من
على الأرصفة كي لا يتعرقل سير الموكبوكي تصاحبنا رفقة السماء
لكن الأرض تميل وتقذف على وجوه الحالمين مثلي هتكها المشين
بدأت قدماي تتوتر ، وجسدي بسخرية استفزازية يتنكر لي أكثر
وأنا ما زلت أتابع المسير وغربتي عارية تشكو عطشاً باستمرار
تكشف البثور التي زرعتها في حنايا قلبي يد الإنسان
هذه الغربة لا تملك سوى التعب بدأت منها ومن السير أتعب
أستريح على جانب من الطريق أشرب قهوةً رديئة تغريني بالنوم
كأقراص التخدير مازال الضوء يتابع المسير وأنا هنا أسترخي
برغبتي فيه تحت ظل النخيل وأحلم أحلم بأننا التقينا هو وأنا التقينا
قدَّمَ لي وردةً وغصنَ زيتونٍ وماءً في جفنة فجأة
فجأة انشق جرح من فراغ تفتحت حدقتاه على يدي
سقط غصن الزيتون ذبلت الوردة وجف ماء الجفنة




إنّي المحبُّ
الشاعر ماضي عبد الغني / الجزائر


إنّي المحـــبُّ وفيــتِ لي أم لـــــم تفي وأنا المعـــذّبُ من هــــواكِ المُتلفِ
لم تُبق لي الأشــــــواق ما أحيــــا به أوَ لمْ تَعي قــــــولَ المحبِّ وتعرفي
أنّي أذوبُ من الهـــــــوى وبـداخــلي نار ٌ وأنّ سعيـــــرَها لا ينطــــــفي
عينــــاكِ , وحدهُمــا همـا أملي الذي من أجله أحيــــــا , فرقـِّي والطُفـي
لـو أنّنـي أصــفُ الــذي قاسيتُ مـــن حُرقي لخانتني اللغـــــات ُ وأحرفي
أصبـــو إليك , لِئَن أراكِ فــإن فقــــد تك , ظلّ يُقلقني الأســــى وتأسُّفي
لا تنظُــري لي إنّ في عينيـــــكِ سرّاً كـــــــم أســـــال دمَ الفؤادِ المُدنَـفِ
إنّي المحـــبّ ُ فهــل شعرتِ بلوعتي أمْ هل دريتِ بدمــع جفني المُذرفِ ؟
أمْ هـــل قرأتِ الحـــــبَّ في عينيّ قا تلتي ؟ وأنـّي هِمـــتُ دون تكلّـــــف
يا ليتَ أنّي مــا رأيتُك يومَـــــــــــها والقلـــبُ لم يُحبِبْــــــكِ إذ لم تُنصفي
لو كنتِ قد بادلتني بعض الهــــــوى لوضعــتُ بين يديــــك قلبي فارأفـي
وجعلتُ أجفـــــاني غطاءَكِ و الحشا لكِ مسكناً , وكما أردتِ تصــــــرّفي
مــــاذا أزيــدُك فــــوق هــذا كلّـــــه يــــا عُمريَ البــــاقي إذا لم تَكتـَفي
أوْ مـــــا الـــذي يُرضيـكِ منّي إنّني موف ٍ فلا تُلغي الوعــــــودَ وتُخلفي
كم أنــــت غاليــــــــةٌ وإن أرشفتني من مــرّ هذا الحُبّ مــا لــم تـرشُفي
أغريتـــِني بالحُســـــنِ ثمّ تركـــتـِني أشقى بــــأـــزاني ولمّا تُسعـفـــــي
ولقد رأيتِ جـــــــراحَ قلبي وهْيَ نا زفـةٌ فمــا أحسستِ بي وبمـــــوقفي
وأبيـــْتِ إلا أن تزيـــــدي في أسـى قلبي المُحطّمِ من هواكِ المُرهــــــف ِ
أنا عاشقٌ حتّى الثُّمالةَ مُســـــرفٌ في العشقِ يا عُمُري فمثلي فاسرفي
أنا رغمَ ما ألقى أقـــولُ لتسمَــعي : إنـّي المُحــبُّ وفيتِ لي أم لــم تفـــي




من رجَز الغياب
الشاعرة جيلان زيدان / مصر



من يحملُ الأضغاث عني , عنكَ
يقضي من وجوه الليل حتفْ !!
يبحرُ في دمي ويسقي علبة التلوين حرفْ
يطرق دمعتي , ويلقي دربهُ بعدَ البكاءِ
بعد إغلاق الكتابْ
وقبل تصفيف الضبابْ
كم صرتَ بعدي واحدًا , اثنينِ
أضغاثًا وألفْ !!
هلّا أجبتَ من دمي الراكدِ أصداءَ العذابْ
هلّا أذبنا وتر الماضي كما تشاءُ أو كما أشاءْ
فصوتكَ الخاذل نحوي رجَزَ العثارَ نارْ
مسْـتعِلن , مشـتعِلٌ , مسـتعِرٌ والقلب نارْ
والليل نارْ
والشوق ثارْ
والصمتُ جارْ
فالصوتُ غارْ
وعمرنا الموهومُ ألقى في عيون الشمس خسْفْ
وزهرنا المحمومُ قدّ من ظلالِ الخرْقِ رجْفْ
عادت على الجراح أرماحُ الغيابْ
وأنت نافلات عيني الغامرة
تشحذُ أنيابَ الأرقْ
تُجري بألوانِ العرقْ فصلَ الكتابْ
يا للكتابْ !!
فصلُ الخطاب !
موهومةُ لا نبضَ مدعوٌّ على الأملْ
لا سؤلَ وترُهُ عقابْ
لا موتَ خفقهُ بلل
لا حلمَ وهجهُ ثقابْ
لا صبح إلا يرتدي إظلام عسْفْ
أنكالَ آبْ
كم صرتَ بعدي واحدًا , اثنينِ
أضغاثًا وألفْ !!
أم صرتَ نصفْ ؟
أم صرتُ نصفْ ؟
أم أذهبَتنا خطُواتُ الصبر جرفْ ؟!
حملًا على يبْس الحِطابْ



زينّتُ خارطة الغـرامِ بدقـةٍ
الشاعر هيثم العمري / الأردن


أشعلتُ في صدرِ النـــوى نيرانا ووصلتُ نهداً طلّقَ الأحــزانـا
قبلتُ ثغـراً لا شبيــــــه لشهـدهِ تركَ الفؤادَ بطعمــــهِ سكرانـا
زينّتُ خــــــارطة الغـرامِ بدقـةٍ وأضفتُ من عنـدي لها ألوانـا
منْ لمْ يذقْ طعم الوصال رثوتهُ وكفى به ما لامـــس التحنانـا
لو يسأل العشـاقُ عن تلك التي أشبعتهـا يـــــوم اللقـاء حنانـا
ذابتْ أمام براعتــــي بسهولـةٍ وتذوّقتْ ممـنْ تحـــــبّ لسانـا
علمتها في الحبّ درساً لمْ تكنْ منْ قبلـه تستوعـــب الهيمانـا
كانتْ كما لو انها في صــدمـةٍ وغرورها يستغربُ العصيانــا
داعبتها حتى رأيـتُ عيونهـــا ذبلتْ وأصبحَ رمشهـا نعسانـا
أجلستها كيمـا أهـدِّئ روعهـا ومسـكتُ ركبتها وقلـتُ كفانـا
لكنها اعترضتْ وأبدتْ رغبـةً وتلاصقتْ بعد الهــدوءِ يدانـا
وكأننـا فـي جنـــــةٍ ولوحدنـا روحٌ تعانــــق بيننـا الريحانـا
يا ليت إنا مـا انتهينــــا ليتنـا عشنا الهنـــاء بخلـوةٍ أزمانـا
إنّ الحيــــاةَ لذيـذةٌ ومذاقـهـا بجوارِ تلـكَ يجـــــدّدُ الإنسانا
ويعيـدهُ لشبـابــــــه ويـزيـدهُ نعمـاً ويمـلأُ قلبــــــهُ إيمـانـا




المركز الأول
الشاعر خالد احمد محمود / السودان



وإن كنت الفائز
ماذا صنعت لك يا وطني
قصيدة!!!
ووقفت على الروابي
أنظر شروق الشمس على أرضى
في حضن أخر
وأنشدها في كل عيد
زرعت
فيك سنبلةُ
من فراغ الحروف
هشةً لأتنبت من جديد
تزوجت
امرأة لتكون لي وطنا
أنجبت لي
بلا وطن وليدا
لعبت بأوتار الحناجر
في كل آه مني
تألمت روح الشهيد
ماذا صنعت لك يا وطني
بنيت دارا على أنقاضك
تطل على حدودك المسلوبة
بطراز فريد
وإن كنت الفائز
فلا طعم يهز النفس
فقد مات طعم الكلام في القصيد



أبَتَاهُ
الشاعرة نادية بوغرارة / المغرب



أبَتَــاهُ قَــــدْ عَبَــثَ المَشيبُ بِرَاسِي وَخَبَـــا أَمَــــامَ الحـادِثَاتِ مِرَاسِي
أَبَتَاهُ أَفتَقِدُ الفَضَـــــائِلَ فِي الـــوَرَى مِنْ دُونِهـا قَلْبُ الخَـــــلائِقِ قَاسِ
كَانَتْ لأَوْصَــــالِ العُـــرُوبَةِ حِصْنَهَا وَ لِصَرْحِهَــا حِـ،رْزًا مِنَ الإفْلاَسِ
أَيْنَ الفَضَـــــائِلُ و الشَّمَائِلُ و النُّهَى أَيْنَ الرُّجُــــولَةُ كيْ يَرُوحَ إِيَاسِي
أَيْنَ المُـــــؤَمَّلُ و الكَرِيمُ وَ شَــــاعِرٌ نَسَجَ القَصِيــدَةَ أَشْطُرًا مِنْ مَاسِ
إنِي لَأَعْجَــــبُ مِنْ شُرُورِ غَـــرُورَةٍ كَـــــمْ مَوَّهَتْ عُرْيَ الخَنَا بِلِبَاسِ
الألْسُ*عُـــرْفٌ وَ المَكَائِدُ شِرْعَــــةٌ رَقطـــاءُ* لَيْسَ بِقَطْفِهَا مِنْ بَاس
وَالمَاكِــرُونَ مُقَدَّمُونَ وَوَصْــــــلُهُمْ فِي كُــــــــــلِّ نَـادٍ مَطْـلَبٌ لأُنَاسِ
أَنْكَرْتُ فِي الزَّمَنِ المَعِيشِ حَضِيضَهُ ورَأَيْتُ غَيْري فِي حَضِيضِهِ نَاسِ
هَاجَرْتُ فِي مُدُنِ التَّهـــافُتِ تُرْبَـــها وَأَوَتْ إِلَى تُـرْبِ الجِنَانِ غِرَاسِي
أَبَتَاهُ ضَـــاقَ الرَّحْبُ فِي عَينِ النَّدَى فَاخْتَــــــارَ نَأْيًا عَنْ دُنَا الأَدْنَاسِ
إنِّي ظَنَنْتُ الآسَ أَسْكُـنُ ظِلَّــــــــــهُ فَـإِذَا بِهِ تَحْـــتَ الظَّلِيلَــــةِ آسِي*
عَفْــــوًا أَبِي حَمَّلْتُ قلبَكَ غُصَّــــــةَ فِي الحَلْقِ تَخْنُـقُ كُلَّ ذِي أَنْفَـاسِ
لَكِنَّ أَلْطَـــــــافَ الــرَّؤوفِ تَنَـــزَّلَّتْ فَنَــجَوْتُ فِيهَا مِنْ لَظَى إِبْـلاَسِي*
لاَ يَا أَبِي، مَا زِلْتُ إِبْنَــــــةَ طَـــارِقٍ وَعَلَى الغَمَــائِمِ لَمْ يَزَلْ إِحْسَـاسِي
سَأَكُونُ مِثْلَهُ فِي العَزِيمَـــــةِ قُــدْوَةً وَعَـــــــزيزَة في كَـرّها أَفـْرَاسِي
عَلَّقْتُ فِي وَجْهِ الصِّعَابِ صَحِيفَــــةً وَكَتَبتُ فِيهَا أَنْ سَأَغْــــلِبُ يَـاسِي
سَيَظَلُّ أَغْـرَابُ الحـياةِ مَشَـاعِــــــلاً لَنْ تَنْطَفِي بِمَكَــــــائِدِ الوَسْـوَاسِ
ويُقِيمُ في الجَـوْزَاءِ هـــاتِفُ دَعْـوَةٍ هَيَّا إلَيَّ، فَجِيلُـــــــكُمْ حُـــــرّاسِي
فَذُرَى الفَضِيـلــَةِ لا يُفارِقُ عَرْشَـها إلاَّ شَقِيٌّ في الهَــــوانِ يُقــــاسِي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الألس : السوء ، الغدر الكذب ..
رقطاء : من أسماء الفتنة
الآس :القبر



حَـجَّ الـوَفـَــاءُ
الشاعر عدنان لطيف الحلي / العراق




حَـجَّ الـوَفـَــاءُ لِـقـُبــةٍ تـِـرحـَـابـَــا يَـا كـَاظميـنَ الغـَيْـــظِ جِئْتُ تـُرابـَا
جِـئْنـَا لِنـَرْصُـفَ حـَضْـرَةً بِـقلوبِـنَا جِـبْـريـلُ يَحـْـرِسُ والمَلاكُ أجَـابَـا
يـَا كَاظِمِيْنَ الغيـظِ أُشـرعَ نهجُـكـمْ إرْثٌ بـِيَـقـْـظـَةِ أمَّــةٍ قـَــــــدْ آبَـــا
وتَـقـَاطـَـرَتْ أمَــمٌ تـُريـْدُ تـأ سِّـيـَـا لِـتـُحـِيـْلَ آمَـالَ الـطـُغــــــاةِ سَرَابـَا
وصَفـُوكَ أرْضَـاً والعَـبَاءَةُ لِصْقـُهَا حـتـَّى المَـلاكِ لِسَجْـــــدَةٍ قـَـدْ ذابَـا
بَكَـتْ الطَـوَامِرُ ظـُلمَكمْ مِـنْ ظـَالِـمٍ والـظــلمُ يَـنـْحـَرُ ودَّ كُـــمْ و كـِتَـابا
فـَتـَنـُّورَتْ والـنـُّورُ يَـمـَــلأُ قـَـلبَهَـا عِـنـْدَ السّجُــــوْدِ تَضـمُّـهُ تـِرْحَـابَـا
بلْ تشتكيْ بُعـدَ الرُكـــوعِ كـقـانـِـتٍ هـذا الـذي لـولاهُ كـُنــتُ خـَـرَابــَا
حـتـى إذا وقـفَ الأَشَـــــمُّ تـَذلـــلاً رَاحَـتْ تـُقَـبـِّلُ أخْـمُصَــاً وكِـعـَابَـا
صَلَّـتْ عـلـى قـَدَمٍ يَـنـُــوءُ إزاءها ثِقـْلُ الوُجُـــودِ لأن أرَدْتَ حِـسَابـَا
عَـقلُـوا الأســــودَ بِفـريةٍ بطـَوامـر مَـنْ ذا يـُقـارِنُ هـِـزْبَـراً وغُـرابـَا
حُبِسَتْ بِـكَ الآياتُ تـَرفـقُ قَيْــدَكـمْ والـقـيــدُ يـَحْـكـيْ لـلإلـهِ عِـتـَابـَـا
شتـانَ مَـنْ سَجَـنـُوا يَبْيـْتُ تَهجُــدَا ومُـراقِـصـاً كـأسَــــاً يـَراهُ مُهَـابَـا
شتانَ مَنْ نَشَرُوا عُلومَ مُحْمـــــــدٍ والسـابـحـيـنَ بِـخـَمْـــرَةٍ إطـرَابـَـا
كَـفٌّ على قـَلْبِ الرسَــــالةِ مُمْسِكا أخرى تـُنورُ ذي القلوب،شِعـَــــابا
بـلْ شَتَّتْ أمْـــوَاجُ نـورِهِ عَـصْفَهُمْ هــَادٍ لـيـَهْـدِيْ جِـيـْـئـَــةً وذِهـَـابـا
يـَدْنـُـو الـمَـمَاتُ مُهَلِّلاً في حَضْـرَةٍ ضَـيْـفـَاً يُصلِّـيْ خَـلْـفـَــهُ مـُرْتـَابـَا
نـَامَـتْ عـَلـى جَـفـْنِ المَمَــاتِ أئِمَّةٌ واللـيــــلُ وسـَّـدَ بَدْرَهُ وسـَحـَابــَا
نـَمْ يـَا عـُيـُوْنـَاً لـَمْ تـَنَمْ في ظُـلْمَــةٍ لـيـــلُ المَـلائـِكِ يَشْـتـَكِـيْ إغْـرَابَـا
نـَمْ لـَمْ تـَنـَمْ جُـلُّ العُـيُـــونِ لفقْـدِكُمْ والـدّمْـــعُ يُحْـيـيْ ظلمَكُمْ ومُصَابَـا
تـدريْ نـِداءُ الجـسرِ فتَّتَ أضـلعيْ والحـامـلــونَ لِـنـْعْــشِهِ مُـذ غـابَـا
يـَا أيها الجَـبَــــلُ الأشـم اتـرتـمـيْ أرْضـَاً فـَيُـثـْقـِـلُهَـا لـِــــوَاكَ وِثـَابـَا
جِئْنا وفيَضُ الدمـــعِ يَسبقُ خطوَنَا عـذراً إذا أضحى الوصَالُ خِـطابَـا
وتزاهـرتْ هَـذيْ القلــوبُ لـدعـوةٍ حـتـَّى تُعـَاهـدَ حـُجَّـــةً وصِـحَـابَـا
تـاهـتْ طـوَامِرُهمْ وتـاهَ طـُغـاتُهـمْ بلْ تـاهَ مَـنْ قـَرَنَ السِيوفَ رِقـَابـَا
وتـسِـامَـقــتْ أبـراجُ نـورِ ولايـَـةٍ هـذا الإمامُ يـُصَافـــــِـحُ الأحْــبَـابــَـا



حتمي مؤجل
الشاعر حسام الأسدي / فلسطين


مهداة إلى روح الجليل روح محمود درويش

لا بد أن تحظى به أيضا
هو ذاك فقه الكون,
حتمي
من عاش فوق الأرضيصعد للسماء
وحده من عاش يصعد للسماء
للحظة الأبدية الأزليةالومضيةموعد,
لكنه طبعا،
مؤجل
اصعد هناك
وكنكما كنت فينا
فكماك تعشقك السماء
لك سقف سماءٍ أعلى
ومملكةٌ, هناك
ولنا قمرٌ ناقصوأغنيةٌ لم تكتمل
وللغائبين منفاهم والرجوع إذا أحبوا
للاجترار الذكريات
ما كان حتمي مؤجل
لا نصرَ يُحسب ههنا للموت
لا تقبل اليوم التعازي
ما كان حتمي مؤجل
كولادة الشمس الخجوله في الصباح
وجنون شقائق النعمان في أرض الجليل
وعش حمائم سكنت على صدأ الرماح
وزيتونة قلعت,
بدعوى أنها تأبى الرحيل في الزمان اللا مبجل,
حتمي مؤجل
ما كان حتمي مفاجئ
لم تكفنا وصاياك الطويلة
لنا للأمس منك ما يكفي وينقصنا الغد
فاكتب وصيتك الأخيرة من هناك
لتخبرنا بهاإذا حل الشتاء,
حبات المطر
وارمِ ملامحك البسيطة كالملاك,
نوراً إذا حل المساء
وشماً على وجه القمر




ورقٌ على وقعِ القاف
الأديبة روضة الفارسي / تونس



ورقٌ يحومُ، يقع
يرقص رقصةَ الموتِ بفرح
ورقٌ هزيلٌ بلونِ الوداع
بحشرجةِ الذكرى
بِقُبلِ الأبدية
ورقٌ خفيفٌ رقيق
يقعُ ويوقّع بقافه:
علق، قمح، قلم، قَدر
حق يشقُّ القسوةَ فتلينُ رحيقا
قِبابُ السماءِ تتّسق،
ورقُ الصيفِ ولّى
والعيدُ حلّ
والدهرُ محا البياض
وطلا الخضرةَ بين طياتِ المدى
يتأتى صدى "الجليل"
وطيبُ الحنّاء بأقدامِ "عكة"
إيقاع ، إيقاع
غسق، ورق
ثوبُ السماء يواري وجهك يا قمري
ولا شيء سوى أنفاسك على خطى الأثير
الآن دقَّت السّاعة ألّا وقْـع للوقت،
وأعلَن النبضُ ألّا دوار ولا مدار
وأنا ثغرُ القلمِ وقلبُ الورَق
أنقشُ إيقاعاً للحرف
وأبحثُ عن قاربِ فرَحٍ
يعلو كلَّ السماواتِ
ويشقُّ أمواجَ الشفَق



أكفانُ ذاكرة
الأديب حسين الدايني / العراق



أنسجُ
أكفان ذاكرتي بدخانها
تموت سيجارتي
تودعني قبر الفضاء
أيّ لعنة ؟؟؟
ألقيتها !!!!
أي آلهة تلبستكِ
محوتِ كل قدري
تركتني أصارع الطوفان
بخشبٍ مهترئ
أهو دمعُ الرب
أم سيلُ حزنك
يغرق الوجنات
أم دماء الفرح
تنضحينها مخاتلة
على رأسي المفصول
في طبق غوايتك
علّقت حبكِ
على يد النصيب والقدر
ومضيتُ على مضض
أبحثُ عني
وحيداً كما نبي
أرتّل آياتي في زمنك المثخن
بأنبياء الآيات الكاذبين
أنا اصطنعتك لنفسي
وآية حبي
أن لا أكلم الناس
ثلاثا سويا
أنا
زرعت الورد في الشبابيك
فأعبّقتني
يأساً لون تضاريسي
عبثاً أحاول فتح كوة
يردمني أرقك السرمدي
أنا المزهو بانكساراتي
قدت الفرح لشفاهك
فملأتِ فمي
دمأ صديداً
أنا
أمرتُ السحاب
فأمطَرت أناملك
فيضَ الغواية
أنا
الفجر
تعويذةُ ليلكِ
يفتَضُّ بي بكارة النهار
أنا
تتفيأُ نخيلاً
ضلالاتي
نسغُه حكمة الأنبياء
ثمالة معتقة
أنت ِ
في رحم بهجتي
يلدك
شغفي كل يوم
خلقا جديدا
ربما السماء
مفتوحة لكل ذي جنح
لكنما الزرازير
ليست كما الشواهينا




إبحار
الشاعرة مريانا سواس / سوريا




بوه اعتليت قارب الأحرف
أقترفُ التيه
في بحر استغراق
اللاعودة منهرغبة حلم !
وحده كان
الوجعُ شمسا تُشعلني
وعلى ملامحي نبتت
حشائش حزن
تلوّنت باخضرار دمعي
أوغلت في الإبحار
وشهوة الموج تبتلع
هذيان أمنيات
تكسّرت على أطرافي المبتورة!
كل المدى من حولي
مساحات لعـُريِّ نفسي
الأزرق الأزرق
المتلوِّن برماد الوهم
أهو لون الغياب؟
أم لون الحضور القابع
في وجه العدم؟؟
صعبة ومضنية
رحلة نفس حائرة
اعتبرتها الأزمنة
رحلة عابرة!
مذهلة وغريبة
صرخة صادقة
في بوح الخلايا
تردد ارتجاف الحنين
لهجة عمر
ما زلت أصرخ
والصرخة تتلون
ج الانتظار
تنطق بلغة السكون
السكونناطق أزلي
بوجع اللحظات المغتالة
أنا أنثى
سكنت ملامح الضوء
فابتلعتني أقنعة العتمة!!!
ومازلت أبحر



خيال القهوة
الشاعر عبد الحليم الطيطي / الأردن


وتزيل سناتك رشفة بن
يتداخل في عينيك الموج
يأخذك لحرب في الصحراء
وهناك الأسود … والبيداء … وجمع الناس
وخيول تصهل … جنب الشمس
وارتاحت خيل في الرمضاء
من انزل عنترة العبسي عن الخيلاء
من شدّ الفارس … اسقطه
وهوت في الريح … الخيل تصيح بلا فرسان
وتلاقت مع شفة البحر … عند المغرب
وتماوج في سمعي بركان ....يشقّ البيد
فهناك ضباب … وخيول
وبطولتي.... ضاعت …
وتلاقى مع عنترة الليل المظلم
وأزال الليل حكايانا
فصهيلا اسمع خلفك يا ظلمات الليل
وأولّي وجهي للمغرب
وأنادي عنترة العبسيّ … بغرب الشمس
وأنادي عمرا وأبن الورد
وبقايا ذئب نام على جنبات البرد.....بظلٍّ... مد
يتفيّأ سدرا ...ومضارب
يتفيأ عند غمام الأفق .....ظلال المجد
وتثور رياح عند الأفق … وصوت الخيل....!!!!!!!
وتقوم لتعوي في أذني
وتهزّ سناتي وثباتي....
وتموج القهوة بذئاب … وأقوم وأقعد… فاهتزّت عبس بذاتي




اسقط هُبَل
الشاعر محمود العرب / الأردن



تتعالى أصواتُ الطبل
في حضرةِ الإله هُبـلْ
و تتمايلُ النساء بلا مَللْ
شرابٌ بكل أصنافه يتدفق كنهر العَسلْ
خدم بشتى أنواعهم متأهبين فالأمر جَللْ
إستيقظ يوماً هُبَلْ
ليس كما تعود على أصوات حَمَلْ
أو سيمفونيات تجعل العقل في خَبلْ
بل على صوت طفـــلٍ
صوتِ بنتٍ و امرأة و رجلْ
قد شحّت لديهم المُقـَـلْ
هرع الجنود لقمع من كان لهم هدير الجَبلْ
كي لا يتعكرَ صفو الإله هُبـــَــلْ
و قعروا كل بطن جائع ليشبع هُبــَلْ
ليتقوى على مضاجعة النساء و يتعمق بالقُبَلْ
لكن ماذا حدث ؟؟؟
ضجت الأصوات و التحمت
الأجساد ببعضها إلتصقــت
كالجبال عالياً إرتقــــت
لا عجب فقد تعبــــت
أيدي جنود هُبَل و قُطِعَـتْ
مهما تعاليت ستسقط كما غيرك أيها الصنـمْ
و دين الله قائمٌ بحفظه برغم ما جرى من ألَمْ
و كل خائن يدّعي الصلاح مصيره تحت القـَدمْ
فهذا مقداره و لن تعلو مهما فعلت يا هُبـَـلْ



لاتقل ..أتيت
الشاعرة ميساء العباس / سوريا



إن استطعت التهيؤ لحصاري
تعال
لا تقل أتيت
فرائحتك تفتح النوافذ في قلبي
ويضرب ريشي الأرض والسقف
فتصطدم دموعي بعودة الطيور
أنا من يفضل الحب بعيدا
لأن خفقانه يقلع بي
ولا أستطيع بعده الهبوط ولا الإخفاق
تلوّن المعاني على وجهي
وأنا الوجه الآخر لك ..للأغاني
عيناك ...تشبه قلبي
وابتسامتك ..مثل مراهقتي
وعندما تغيب ......
أشبهك كثيرا
اعتدت سرقتك
أنت يا مدرّب لصّتي
أنتشلك رويدا رويدا
حتى تجد نفسك نظيفا
تبحث عن فوضاك ورائحة ترابك
تجدني هنااااك
خبأت بخار المطر المطبوخ بترابك
لأكوّم ملامحك الطينية
أسندها على شمعتي
وأقول لها ...
احترقي
اعتدتك قائد جيوشي
أنت يا ملازم امرأتي
تخلع رتبك وتهوي على طاولتي
وأخبئها عبثا لأمسيتي
الرجال ...كلهم نجوم
تغمض وتنير
إلا أنت لا تقل أتيت
فهداياك لا تعرف النوم
ولا الإغماض
أفتح مراياي
فاذرف عليها ما شئت
من أوسمة أرقي
ياااا ......قبضة حياتي
عندما تغيب يضيع بابي
وريح هوجاء تنخرني
وغرفتي تصبح ممدودة الألسن
أتموّه في زاويتي
ريثما تأتيني ويأتي فراري
فكيف ستأتي على هلعي
على بردي
إن استطعت التهيؤ لحصاري
تعال غزيرا كدموعي
لا تأتني متعقّلا...
كحبات مطر أيلول
يخبئ تهوره لأشجار الزيتون
أو متباعدا كحبات عنقود بلح
تنتظر أن تنفك عن عودها
من ثقل النضوج
أو نقر الطيور
طيوري ... اعتادت الرحيل
فلا تأت بين دمعتي ورحيلها
إن وطأت قدماك حرمتها
ستحفر خديك بسوط أجنحتها
أنت ...يا قابض جيوشي
ملازم امرأتي
نجومك ههنا على طاولتي
هي لا تغمض..
وأنا لا أنام ..
أعبث بالليل ومسروقاتي
فلا تقل أتيت
فعندما تغيب ....
أشبهك ...
كثيرا



رسالة إلى المضامين اللامسؤولة
الشاعر عدنان عبد النبي البلداوي/ العراق



عَـرّجْ عـلى بـعضها واسْـبرْ قـوافيـها واسْـتخبرْ البؤسَ هــل أبـْكى مـآقيـها
وســائـل الحـقَّ فــي أي الجهات خبـا إذ لـم يـَعـُدْ مـُفصِحا عـن نفـسه فيــهاَ
مــن ذا يـُعـير لـها ( تـَـفعيلةً ً) ذرفـت مِــن عــين مـُوجَعَة قــد غــاب واليها
ومــــن أنــين يــتامى خـلف أقـبـيـــةٍ صُـفرِ ِ الوجوه ِ تـرَجّى مـَن يــُداويها
أكـفّـَها رَفــَـعتْ مِمـّــــــــــا ألـمَّ بـــها تشـــكو شـعارات مَن بالزُور يُلهيها
هــــذا يــُغرّدُ دون الــسّرْب مــُغتبطــا بــحفنة مــــن ورَيـْـقات يـُـداريــــــها
وذا عــــلى قــَـتـَب يـــسعى لـــبهرجة مُـغـرّرا بـكــؤوس مـات ســـــــاقيـها
اســتيقظي يــا قوافي واسْــكبي دِيَـمَا فتربـــة الــحق تــستنجدْ ســــواقيها
الا يـَـعيبــــــكِ ان تـبـــكي نـوارسـُـها وعـزفُ حرفكِ مأســـــــــورٌ لباغيها




هل افترقنـــــا؟
الشاعرة رجاء سعيد / فلسطين


هل ما عادت الشمس تنتشلني من ذروة العزلة في كلّ بكاء!
مع كلّ انصياعٍ للذّاكرة الثقيلة ؟
للحلمِ البعيد الهشّ
الذي ما عاد ينجبه حتى سرير من ورق
أو توسّد لانتظارٍ لم يعرف الهزيمة يوماً
مع كل خدر لحقيقةٍلم تعترف بي
لحقيقةٍ أنكرت نبضاً ترشّقت به نوافذ قلبي
لفراقٍ استلّ حلماً من صدر الغيمات
مع كل رجفةِ حبّ ٍ ودفءٍ وشريانٍ أنجب تمنّ ٍ
ساقه القدر بأعجوبة لحتفي
مع كلّ الأشياء التي لفظتني خارج رحمها
تضيق الأنفاس أكثر وأرحل بي أعمق
لتكرارٍ أعجميٍ للموت
وحيرة عمياء لا تتقن الاختباء إلا بزوايا ساذجة تعيد نفس العزف
للصقيـ \عللسّقـ \م
هذيانٌ يكررني
ماذا أقول للزوايا المحمومة بكَ
ماذا أقول للصّوت المبتلّ باسمكَ
ماذا أقول لمسامات الروح المنتشية بظلالك
سيسـألونني عنك حتماً
عند ارتباكات الفصول
وعند رحيل الحمائم
بلا تأشيرات
أو نشيد الإسقاطات والانسيابات
بأيّ احتراقٍ سأنثر رماد الإجابة؟!
وأي عجز سيتلوه السؤال؟
بتُُّ ألامس نجمة الهذيان من شرفة تطلّ على سراب راعفٍ بأنين الرمال
ما عدتُ أعرف الحدود
أمشي وأنا خلفي
والأمام يتيهُ أكثر
وفي كل الانحناءات رأيت الذي منك يدلف صُبْحاً
أرَقاً
يمتدُ في العمقِ طفلا ً غريقاً بالسؤال
هل افترقنا؟




انطفاء الجسد
الشاعر فراس المرعب / العراق


1
الجسد المنذور وقت الرصاص
كومةٌ تراب من كلمات

2
أسرار الأفق
تلمع على ريش المعرفة
خوف وسكوت

3
جسدي شارع لبس التراب
حمل حقائب الضجر ، وجع الجدران

4
أرسمك خارطة الخبز ،
لأستدل على جوعي

5
مذبحة الأوتار على عودي
امرأة داخل امرأة

6
عايشت احتضاري
هجرني الجسد إلى وطن النسيان

7
جسدي صلاة
يرتل آيات التعب

8
خيط الرحلة
يلتف حول رقبتي
مشنقة القصيدة

9
المطر حزين
وقت انتحار الشطآن

10
ارمي الشباك نحو السماء
حصاد الليالي سراب ضياء


11
صدق المرآة
وهمٌ مقلوب

12
صوت الغربة يدعونا
نتبعه بلا إنصات

13
في نفق الروح
الضوء يهتدي ببقعة ظلام

14
قلبي قوقعة مخنوقة
ينتظر بوابة تغلق فكيها

15
أنا
وشمٌ منسي
قتله حنين الدهشة




وحيدة وهدوء الفجر
الشاعرة عبور درويش / فلسطين



وحيدةٌ وهدوء الفجر
تخلعُ رداء نومها الحالك رويداً رويداً بحياء
تمسحُ وجهَها بقطرات الندى وتتبخّرُ بنورٍ آت
يشدُّ وشاحها عن رأسها
فينزلقُ على عنقها وأكتافها
وبغمضةِ مُقلةٍ
تمسحُ قشعريرة بدنها بأشعةٍ حميمة تطلُّ من خلف ستار
تزيحه بأناملها وتفتح قميصها
حتى يسترسل بعضُ دفءٍ لبياضِ جسدها الناعم
تخلع أقراطها اللؤلؤية وتُزيُّن عنقَها بقلادةٍ ذهبية
تفكُّ ضفائرها وتطلق العنان لشعرها
فينساب ويتماوج مع زرقة فستانها الفضفاض
إنها دوماً هناك مستلقية على أجفان اليم
هائلة برقتها
رقيقة بهولها
تحيّي المارين بين دروب البسيطة
تنظر لبراءة المقبلين
وتنصت لأنّات الراحلين
وأنا دوماً هنا أراقبها
أنسى نفسي بين طياتِ فستانها
يشدُّني صمتها يأسرني غضبها يذهلني صفاؤها
فأهمسُ لها بكل جوارحي
أيتها الباقية هنا
تغمرينَ وجهَ البسيطة بفستانك الأزرق
حتى بعد أن يضعَ الموت
نقابه الأبيض فوق وجوه البشر
انتظريني يا الفاتنة
واقفةٌ أنا قرب المحطة
كم سافرتُ
وكم طريقاً عبرتُ
وكم من الحقائب ملأتُ
وكم تذكرة ذهاب وإياب قطعتُ
هذه المرة وجّهتُ وجهي نحوك
وحجزتُ تذكرتي إليك
وما بقيَ إلّا
دَينٌ أسدده
ومُحبٌ أودعهُ
ودفترٌ أغلِقه



وَطَنٌ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله
الشاعرة أَمَل تَحْسِين يَحْيَى أَبُو عَاصِي / فلسطين



مَادَتْ سَنَابِلُنَا الْعِجَافُ مُغَيَّبَةْ
لا غَيثَ يَهْمِي فَوقَ بِيدِ المسْغَبَةْ
وَالْقَحْطُ غَطَّى الْبَيْلَسَانَ بِشَوكِهِ
مِثل المَسائلِ إِذ تغطِّي الأَجوِبَةْ
والأُمْنِياتُ الآنَ بَاتَتْ مِثْلَ طَيْفِ رِوايةٍ
فِي كُلِّ فَصْلٍ مَشهَدٌ
مَا أَرْعَبهْ!
وَرِيَاحُنَا تَاهَتْ لِتَبْحَثَ عَن تَوَاريْخِ الْوَطَنْ
وَطَنٍ أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللهِ قُربَى
وَطَنٍ أُهِلَّ بِهِ لِأَقْدَامِ الْوَثَنْ
لَمَّا خَصَفْنا فوقَ أرْوِقَةِ الْمَذَلَّةِ كلَّ عُذرٍ نَسْتَفيءُ مِن الْمِحَنْ
لَم يَبقَ مِن صَوتِ الصَّهِيلِ سِوى صَدَاهْ
ونِثارُ ذِكرَى سُمِّيَتْ
مَجْدَ الْوَطَنْ
لَمَّا هَجَرْنَا الضَّادَ ، مَسَّدْنَا أُلُوفَ الْأَسْئِلةْ
لَمَّا أَنَخْنا الزَّادَ خَبَّأْنَا بِتِيهِ الذَّاتِ تِيْهَ الْمعْضِلَةْ
لَمَّا نَسِيْنَا بَلْ تَنَاسَينَا بِـ(مُورِيَّا) قَعِيداً
فَوْقَ حَدِّ الْمِقْصَلَةْ
مَا بَين قِدْرونٍ وبَيْنَ رَبَابَةٍ
هُوَ قَدْ تَربَّعَ كَالْمُلُوكْ
فَوقَ الضِّفَافِ الْمُنْهَكَاتِ بِحِمْلِهِنَّ كَمِثْلِ أبْيَاتِ الْقَصِيدِ مُرَفَّلةْ
كَانَ انْتِشَاءُ السُّكْرِ والسَّجْدَاتُ تَترَى تَحْتَ عِجْلِ السَّامِرِيِّ
مُكَبَّلَةْ
وَيَمُرُّ هَذا الْعُمْرُ مِثْلَ سَحَابَةٍ
بِرَحىً عَبُوسْ
وَقَفَتْ علَى أَعتابِهَا قَدَمَا يَبُوسْ
وَتَغَطرسَتْ فِي مهدِ دَورَتِهَا قَرَاصِنَةٌ مِنَ الْهكْسُوسْ
وَيَلُوحُ خَيْطُ الذِّكْرَيَاتِ لِيَنْسُجَ الْوَجَعَ الذي
قَد كَمَّ أَفْواهَ الْمَسَافاتِ التي
قَدْ صَفَّدتْ أَيْدي السَّلامِ
عَلى مَقَابرِ (هِيْرُدُوسْ)
لَمَّا نَسِينَا كُلَّ أَرْوِقَةِ التَّوَارِيخ الْمَجِيْدَةْ
لَمَّا انطَلقْنَا مِثلَ سربِ جَرَادِنَا الْمَنْفُوشِ يَومَ الْبَعْثِ
خَلْفَ أسْرَابٍ قَعِيدَةْ
لَمَّا صَنَعْنَا مِن أَيَادِينَا لَنا وَثَناً
وَسَلَّمْنَاهُ سَوطَ النِّفطِ كَي يَغْتالَنَا فينا بِنَا مِنَّا
لِأَزْمِنَةٍ مَدِيْدَةْ
عِشْنا بلا بيْعٍ وَلا خلَّةْ
وكأَنَّنَا الذِّكْرَى الشَّرِيدَةْ
مِنْ أَيِّ رَحْمٍ يا نَبوخَذُ سوفَ يأتيْنا صلاحْ
وَمآذنٌ جَفَّتْ حَنَاجِرُهَا بِخَمسٍ ، كلّ يَومٍ فيهِ
(حَيّ على الْفَلاحْ)
مِنْ أَيِ رَحْمٍ حِيْنَ يَغْلِبُنَا السِّفَاحْ؟
يَا مَن تفَيَّأتِ الهَوانَ سِلاحْ
وَغَدَوتِ مِثلَ الرِّيْحِ فِي إبْصَارِها
هُزِّي إِلَيكِ الْجِذْعَ يَا ابْنَةَ خَالدٍ
يَسَّاقَطِ النَّصْرُ المُبِينُ عَلَيكِ مِثلَ غَضَاضَةِ التَّمْرِ الذي
ما كَانَ غير شموخِهْ الوضَّاحْ
نهْجَ الذِّينَ بِكفِّهم حَمَلُوا الأمَانيَ
مثل أنْفَاسِ الصَّباحْ
حَتَّام يذوي الفجْرُ يا ابنةَ ثابتٍ؟؟!!
حَتَّام يذوي
والنُّهَى
أشْبَاحْ؟
حَتَّام يَذوِي والسَّمَاءُ تَلَبَّدَتْ مِنَّا مليَّا
لا رِيْحَ تُجْرِي ذَا السَّحَابَ فنَسْتَقِي غَيثاً هَنِيَّا
وقَد اتَّخَذْنَا مِن هَوَانا فِي البغَى
رُكْناً قَصِيَّا
وإِخالُنا مِن عَسْفِ نَشْوَتِنَا غَفَونَا
فَوقَ كَفِّ الغَانِياتِ كَأنَّنَا نَعلُو الثُّرَيَّا
إِنَّا تَرَكْنَا الْعُشبَ يَرعَاهُ الظَّلامُ
وذِئْبُ يُوسُفَ قَد أَنَالَ الغَيَّ غَيَّا
عَينُ النِّهَايَةِ تَرمُقُ الَّليلَ الذي قَد سَربَلَ الأَوجَاعَ
مَسَّدَهَا وَألْقَمَهَا بِفِيهِ الطِّفلِ يَرضَعُهَا عَتِيَّا
إِنِّي أَرَاهُ يَلُوكُ عَتمَتَهُ وَيرْقُبُ ذَلِكَ الليلَ
الذي يَذْوِي بِقلْبِ الْحَالِمِينَ كَأنَّمَا كَلَفٌ عَلَى وَجْهِ السَّمَاءِ يُصرَّفُ
والْحُلْمُ ينطِقُ (أَيُّهَا الليلُ الطَّويلُ أَلا انْجَلِ)
سَيَجِيءُ يَحْيَى مِثْلَمَا بَشَّرْتَ يَا وَحيَ السَّمَا زَكَرِيَّا
وَالْحَقُّ
- إِنْ طَالَ الرُّقادُ وَخَاتَلَ الْموتُ الأُبَاةَ –
لَسَوفَ يُبْعَثُ حَيَّا



كَـهذا الهَـواء في آخـر المـسَاء
الشاعر عبد الأحد بودريقة / المغرب


1
فِي آخِر المسَاء
كانَت تُغنِّي
لنَهر شَرسٍ يَتشهَّى السَّفر
ريَّانةً بنبرَة صَداه
تُلوِّن أجْنحةً تُشرقُ بالانْخطَاف
وتغفُو مُهيبةً في رُؤيَاي
تَجيئُني شَطحاً من غمَام
فَنشهقُ عَميقاً في عنَاق الأمْطَار
نَغسلُ ظُلماتِ الطّين
نَسيلُ ناياً وحيداً منْ أُوَار
كَلماتٍ
وَجهَ رُخَام مِن دُخَّان الأسرَار

2
فِي آخِر المسَاء
كَانت تُوقدُ النّار
بقَليلٍ من مُوسيقَى الذّكْريَات
تُقيمُ ولائمَ لصَلاة الألوَان
موجةً تَأتِي تُفيضُ فِيَّ روحَ أنُوثَـتها
وتُراقصُ نَجماً من سُلالَة الصُّبار
أيُّ حُلم كَان يحلُّ بنَا ؟
وأيّة ريحٍ كانَت تَعزفُ فينَا وتَقرعُ الأجرَاس
علَى حَافةِ ليْلنا
لأُغنيَّات آخِر الأشجَار ؟

3
فِي آخِر المسَاء
كانَت تَرسمُ احتراقَ نخِيلٍ
وظلَّ شُعَاع يَحملُ كآبةَ النَّهار
بدقَائقِ الصَّمْت تحيكُ
عتمةً بقَلبي تركتُها علَى زجَاج الوَقْت
أو وَردةً قدْ تأتي
قُبلةً خَبّأتُها لسَاعَة الحُب
هيَ الآن
تعودُ إليَّ عُصفورةً ترجُّ الرُّوح
مَوجاً أَهذِي فِيه أحْترقُ فِيه
كهَذا الوَهم / فزّاعةُ النَّص
الأملِ البعِيد البعِيـــــد كآخر خُطَّافٍ في الخَريف
يَستَديرُ علَى ذَاته وتَنفَجرُ فِيه الحَـ يْـ ـرَة
كهَذا الكَلام الّذي يبحثُ عَن ثَوب المَاء
عن بجَعٍ يسبحُ في الخَيال
وفلَك يُغنّي
يَجمعُ أطْرافَ حُلمي لبَعضهَا
كهَذا الجمَال الّذي يحْملُ التّـعَب
وقيدَ الخَيبَة ويَتجنَّبُ أبْوابَ الدَّمع
كهَذا الهَواء في آخِر المَساء
(تَصفعُه دمْدمةُ القُبح / عضَّة رُعب الظَّلَام )
تحفُّه فراشةٌ ماءٍ تُبصرُني
ظلاًّ يَتواترُ
يثْقبهُ ريشُ المَعنَى
يَتطايرُ من مَركب جمْر السّفرالطّويلِ
الطَّويل
وينشرُ في قَامَته فداحَة اليبَاس وغَسيلَ القَـلب




عُذراً مولاتي
الشاعر أحمد حماد/ الأردن


إن جمعتُ همساتنا .. بسماتنا
من كلِّ دربٍ طوانا
عُذراً مولاتي
إن لملمتُ أهاتنـــا .. أشجاننا..
من كلِّ مكانٍ حوانا
سأنفق كل الحروف الثقيلة
بنونٍ ..
وألفٍ ..
ودالٍ..
وهاءٍ ..انيقة
إضيفها لفعلٍ يعاني إنهزاما
ســأرجع ..
سأشفع ..
سأصبح ..
سأغدو ..
وسأصنع من كل لحظة جمعتنا زمانا
لعلي أنسى إدخار الكلام ..
وبيض الحمائم والهديل ..
وجيمكِ لا زالت بذكرى بما كُنـّا وكان




إني مسافرةٌ فيك
الشاعرة د.انجي عبود / مصر



لا أُريد منك وعداً كاملاً
أحيا بنصف الوعد
وربع الوعد منك يُكفيني
سأنتظرك لآخر حدود الانتظار
سنتقابل عند حدود عيني وقلبي
الموغلان بك أنتَ
وعلى مهلٍ تطوف عليهما
سأنتظرك على صهوةِ عشق ٍ
جامح ٍ يصهل في حقول روحي
يجول على أوسع مساحة مني
أولها رغبة وأخرها رغبات
يصهل ويصهل
ليشق ستار خجلي
ليمطرني هتون أشواق ولهفات
وليمطر ناراً وسلاماً على قلبينا
ونسبق خطواتنا
لتصل قبلنا ونبدأ من جديد
سأنتظرك حد الانتظار
ضمني كثيراً أطول وقت ممكن
ضمة مسافر مغادر عن روحك
فأنا مسافرة من الآن وجئتُ الآن
علمْني كيف ستكون ضمة الفراق واللقاء
فالانتظار يلتهم قلبي ولا أكف عن تيهي بك
أنت وحدك الذي تستحق مني الانتظار
حتى لو انتظرت حتى آخر الانتظار




صِبا الغيد سِحْر
الشاعر عدنان الخشرمي / السعودية



تناثر عِطر لهُ ألف سِحْر
لعبقٍ الندىَ لزهرٍ بدا بفنّ اندماج
وخد بهي برجفة برد
بجفن لورد صغيرٍ بلج غريب المزاج
كبدر الكمال بوجه النديم الجميل المُورّد
وبِتُ الملمَ عهدي المُهدَّد ...
على وجه صبحٍ كساهُ ابتهاج
لوجهٍ ندي كساهُ الوجلّ .. وروض غني وثير الخراج
وطبت اغترابا بآتٍ خَجِلّ ... ولاءٍ عجِل
وكل كياني يئن احْتجاج
وعدت حزيناً كما جئت قبل... بقلبٍ سقيم
ونبرات وجد بألف لسان ... لجرحٍ تأجج
رغيد الحنان
غزا نبض قلبي بسِحر مكين
وإبحار نبض العيون أنين
صِبا الغيد سِحْر الظهور انبلاج .. كثير الحُجَج
تبدد صبحي يناجي المساء ... بوعد المساء
أطالع حظي واشكيه حظ
وذاك السراج كئيب الوميض
لقلبٍ غزاهُ جفاهُ العريض
وركب الأماني يتوق انفراج
وأمال قلبٍ يناجي الفَرَج
لقبي الذي قد مضىَ راحِلاً
وطعم الرحيل كملحٍ أُجاج
وعدت كما عادني طيفها ... شقيٌّ سعيد
يترجم فِكري غريب الخيال ...ودرب بعيد
... اطمئن روحي بومضٍ سُرج
وبُعْد الطريق وقرب الأماني ومكر هواني
أغْلِق بين القلوب الأماكن .. أن لا حَرَج
ودون احتجاج ... تباكىَ الشجيّ
تَسرِيْنَ مَسْرَىْ الْهَوَاْءِ الصِّرْفِ فِـيْ رِئَتِي
وَتَغْـــزِلِيْنَ الْهُــدَىْ نُوْراً بِعَتْمِ دَمِــــي



آهــــات في ذاكـــــرة شـــــتاء
الشاعرة عبير محمد / مصر



غَفوتُ ليلاً طويلاً
واسْتفَقتُ على ليلٍ آخر
وكنتُ أظنُّ أن الصباحَ
سيشبعُ الروحَ شهوةَ الانعتاق
ويمنحُها سنابل من ضياءْ
أوصَدتُ بابَ نافذتي
وغرِقتُ في بحورِ ليليَ الآخر
الشفاهُ عصيةٌ على الكلام
اللغةُ باهتةٌ بلا لون بلا مذاق
الكلماتُ رصاصات قاسية فوق الأوراق
الدموعُ قطرات من ثلج تجمّد
سؤال يسابق سؤال
يسابق ألف سؤالٍ وسؤال
لماذا جئنا ؟
وكيف بدأنا؟؟
والى أين سينتهي ما بدأناه؟؟؟
الدروبُ
لا تهبُنا إلا الأشواك
تغرسُ أنيابَها
في براءةِ أحلامِنا
تغتالُ
كلَّ خُطوةٍ تشتاقُ الرَّكضَ
في بستانِ الحياة
احترقت الأغاني
فوقَ شفاهٍ ثلجيةٍ أثقلتْها الآهات
آهٍ
من دخانٍ تصاعَدَ وخَنَقَ الأنفاسْ
آهٍ
من جمرٍ باتَ يحرقُ
مشاعرَ كلّلتها أحلامي بعناقيدِ فرحْ
آهٍ
من صوتٍ زلزلَ في أعماقي كثيرَ أشياءْ
وآه
من نهايةٍ أعيت ريشتي عن رسمِ ملامِحها
وحرتُ كيفَ وبأيِّ لونٍ سأنقشُ خُطوطها الصمّاء
ومتى سأسحبُ أوراقي من سطوةِ أقلامِ العناءْ ؟
لأرحمها وأحفظها
بسراديبِ روحٍ
سطّرتها أحاسيساً
دافئة ذات حُلم
وطَمَسَتْ ملامحها
ذات شتاء




ما قالته الجراح وأبي
الأديب سلطان الزيادنة / الأردن


ليس الشَّقيُ بطيّبٍ في عَيشِه
مهما تكلّفَ حِكمَة الصبّارِ
الإهداء:إلى أبي بعد فوات الأوان

عزَّ الزَّمـــــــــــانُ بقطرَةٍ لِقفاري واستوطَــنَ الظَّمأ الأثيمُ دياري
والعمرُ يحمِلُني على رمْضـــــائه أنّى أسِرْ أُبصِرْ نَزيفَ جــراري
مِلحُ العيـونِ على الدروبِ قَصائدٌ صمَّـــاءُ قد نطَقت بِصمتِ الدّارِ
والآن يكسو الموتُ لونَ قصائدي والحــــــــزنُ يُبكي مُقلَةَ الأوتارِ
أطوي الأسى فوقَ الأسى بِلفائفي دُنْيا مِنَ اللّــــــــوعاتِ والتِذكارِ
وتخوض في بحرِ الشقاء مراكبي مَدفــــــوعةً بمَصــــائرِ الإجبارِ
لَكِنَّ مَـــــــــــوْجَ الهمِّ حطّم دفّتي وتَكفَّلت ريـــحُ النّـوى بالصَّاري
كلُّ الوجـــوهِ الماضيـــاتِ أَحِبَّـــةٌ ولَّوا ليكتبَ بُعـــدُهم أشعــــاري
ناشدتُهم والرّيحُ تَعصِفُ في دَمي والقلـــبُ لا يقــوى عَلى الأسفارِ
إِنَّ الْوَفَـــــاْءَ لِنبضِ قلبي يَقْتَضِي ذكرَ الضّياءِ لســالفِ الأقمــــارِ
ودّعـــتُ سَعـــدي بعدَما سبَّلتــه وَمضيت وَالصَّمتُ الكئيبُ إزاري
لم ادرِ هــــل عَتــــمٌ ألمَّ بشمعتي فأنــاخَ ،أم ليـــلٌ أزاحَ نهــــاري
حتّى كـــروم النورِ غـــارَ بريُقها والنجـــــم قطَّبَ وجهَـهُ للسّاري
والشمسُ في أجفـــــانِها لمَّا يَزلْ وَسَنٌ يغالبُ صَحــــوَها المُدّاري
فإذا بطيفِ أبي يَفيـــضُ بِحــالكي تحكي طيــــــــوبُه عاطِر الأزهارِ
فسَمعتُ مِنْ أبتي كــــلامــاً بيّنـــاً كالفجرِ شقشقَ في دجى الأسحار
لا يأسَنُ البحــــرُ الرَّحيبُ بِمــائه مهمــــا تجنّى الشَّطُّ بالأكـــــــدارِ
وإن امرؤٌ عـدَّ السماحـــة مَغرَماً اســـــــودَّ قلبه واستــــوى بالقارِ
قل للجَبـــانِ وقــــد تلكأ خانعـــــاً أبوردة تكـــــفي أذى البتّـــارِ ؟!
أيــام تَركنُ للخضـــوعِ، وَتستقي خَمـــرَ النَّدامةِ مِن قُطـــوفِ العارِ
عَجبـــاً لمن أخذَ الهـــزالُ بِعزمِه أنَّى يطيـــحُ بغاصبٍ جبَّــــــار؟!
وإنِ امرؤٌ فَقَـــدَ الإباءَ فمــــا له في العــــــزِّ بَعد هَــوانه مِن جارِ
يا من أضــــاع سُمــــوّه بَهوانه وبما يَحــطّ الــــــرّوح من أوزارِ
مَن غــرّه وَثَنُ الحَيــــــاةِ بزيفه مَلأ اليدينِ بفائضِ الأصفـــــــــارِ
أما الإياس مِنَ الحَياة فحِكمــــةٌ وتَطيبُ في ديمـــومة الإعســــارِ
فاسلمْ بنفسكَ أن تَرومَ سعــــادةً وكفــــاكَ حَـــرّاً ما بــــها مِن نارِ
ولقد أقــولُ لطامعٍ بسُـــــــلافها ترجو الحَلاوَةَ مِن جَنى المرّار؟!
ما بينَ فَرحَـــةِ مَـــولدٍ ورَحيلُنا نَبـــكي بِلا عَينينِ حُكـم الـــذّاري
فَعَلامَ يَخْشَى الْمَرْءُ أوبة روحه والمـوت يخرقُ أحصنَ الأَسوارِ؟
والمـــــوتُ كلٌ لا مناصَ يذوقه مهما استطالت غَفــــــوةُ الأقدارِ
بينَ الأحبّــــة قــــد يُلاقي حَتفَه فِي مَحضـــــرَ التسبيحِ والأذكارِ
وَ تَمُـــوتُ آلافُ الخيــامِ غريبةً مَنْسِيَّــــةً بمَـــــــــواطنِ الأغيارِ
فانشر جَناحَـــك للحياةِ مــودِّعاً واقـــرأ عليهــا ســــورَة الإدبارِ
والآن أمضي فالرّحيلُ يَشــدُّني وعـــزاءُ نفسي أنْ يَطيبَ بِذاري
أنسيتني أبتــــــاهُ حيَّ مواجعي وجَمعتَ من لُجَجِ الدروب نِثاري
فاكْرِمْ بِطَلِّ سحــــابكم من زائرٍ ما هـــلَّ إلاَّ مُطفئـــــــــاً لأواري
وَإليك مِنْ روحي التَّحِيَّـــةُ كُلَّمَا ناحـــت ملوّعة عَلَى الأشجـــارِ
وسَقَــاكَ ربي مِن مَعينه رَحمةً وأنالَكَ السُّكنى مَـــع الأبــــــرارِ




لا ديَّـةَ لَهْ
الأديب زياد السعودي / الأردن



اغْروْرَقَ
طَرفُ الليلِ بفيضٍ
حينَ نعاهُ أنينُ الناي
بشهقةِ موتٍ
بحرقةِ ثكلٍ
لمّا نالت منهُ الآهُ
قد أرْهَقهُ الصمتُ الـ يَغْفو
في حنجرتهْ
قد جَرَّحهُ سيفُ الخَيبهْ
مُذ صالَ وجالَ النصلُ
يَجُزُّ سنابلَ نجواهُ
من أوّلِ شهقة ميلادِهْ
مكتوبٌ في لوحِ الأقْدارِ
بأنْ لا ديَّـةَ لَهْ
موسومٌ بالأوجاعِ
وكأس البينِ حميماً أسقاهُ
ترويهِ قُيوظُ الهَمّ بدجنِ الغَمِّ
أُواماً
يركضُ في شريانِ توجُّسِهِ
أوجاعاً
ترقصُ رقصتَها الغجريَّـةَ
تُذكي بَلْواهُ
وصقيعُ الوحدةِ لا يرحمْ
يَسْتَشْري بردُ تمدُّدِهِ
في غربةِ روحهِ
كيما يطرد
وهمَ الدفءِ الكامنِ فوقَ
خرائطِ منفاهُ
ما أدركَ جمرَ توجُّعهِ أحدٌ
مذ أرجأ صرخَتَهُ
وتكوّر في "صيوان" الفقدِ
بقايا إنسانٍ تركتهُ
يتيماً دنياهُ
في الليلِ الأخرسِ
في جُبِّ العتمهْ
وعناكبُ وِحدته
تلوي بخيوط قتامتها عُنُقَهْ
خرجت من جوفه آهاتٌ حرّى
غَرَسَتْها ذاتَ رصيفٍ أوّاهُ

عدد النصوص : (102)
[/color]




المنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
أكاديمية الفينيق للأدب العربي

المادة محمية بموجب حقوق تجمع أكاديميّة الفينيق لحماية الحقوق الابداعية
رقم الايداع :رقم الايداع : فينيق/ 1 / 2012
تاريخ الايداع : 10 - 10 - 2012









  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط