لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰ >>>> >>>> فنون النثر الابداعي ( نثر،خاطرة، رسائل أدبية) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
12-12-2012, 11:17 AM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
إزميليـَّةٌ على صَفحةِ الماء !
إزميليـَّةٌ على صفحة الماء !
د. نديم حسين في جرَّةٍ زرقاءَ تجتمعُ البِحارُ لتَنظُرَ في أمرِ المِلح . تذرفُ قطرةً من بكاءٍ وتصلِّي . آتي لها بالماءِ من غيمةٍ زرقاء ، وأنزِلُ من صُلبِ فجرٍ لأعودَ مُبصِرًا . مُعجَمي مالحٌ لا يُطفئُ عطشَ الرماحِ المهاجرة . وأرى الطيورَ تطيرُ قريبًا من الزَّبـَدِ . وأرى الزبدَ فقاعاتٍ تتوسَّدُ زرقةً مالحةً . وأرى موجةً تركَبُ الريحَ إلى شاطئٍ قريبٍ . وأرى قلبًا يتسكَّعُ في أزقَّةِ البلدةِ القديمةِ .. مُصابًا بطَقسِ الترَقـُّبِ .. أراهُ غائمًا جُزئيًّا .. يذرِفُ قطرةً من بكاءٍ . وأرى قنديلاً عربيًّا يغفو فوقَ السُّورِ القُدسيِّ . يحلمُ بصُبحٍ ينهضُ من نَومِ غيمةٍ زرقاءَ على كفِّ السماء . وأرى ظلَّ امرأةٍ تبكي .. حُبلى يكسو العَرَقُ وجهَها . وأرى أنني لا أرى . وأقرأ في كفِّ الزَّفيرِ غيمةَ حالِمٍ .. وأرى غيمًا أزرقَ تعلـِّقُهُ رئَتا فارسٍ مُصابٍ بالرَّبوِ على حبلِ الأفق . أرى منديلاً غَيمِيـًّا يمسحُني عن خَـدِّ البلادِ ، فأُدرِكُ أن المِلحَ يُحالفُ عطشَ الرماح المهاجرةِ . أتذوَّقُ دمعتي .. أشربُ دمعتَها ، فأتساءَل :
- أينَ يقعُ السكَّرُ أيها القَصَبْ ؟ - بعيدًا جدا عن بلادِ العَرَبْ ! ولكنني ، سأنتظرُ ما يُنجبُهُ اجتماعُ البحارِ في جرَّتي الزرقاء !! \\\\\\\ ويكونُ أن يسكُبَ الربيعُ ماءَ الوردِ على كفَّيكِ : توضَّئي ! واوُ الجماعةِ أضحتْ يتيمةً . ونونُ النساءِ تلوِّحُ بمنديلها لخِصبٍ مُغادِرٍ إلى أقاليمِ الصَّدى الرماديِّ . وأرى الشمسَ تقبَلُ بالغروبِ زوجًا . وأرى بلادَ الليلِ تحترفُ الدُّعاءَ : توضَّئي ! لا تأخذي تأخذي على مَحمَلِ النبضِ قلبًا يقلِّدُ الموجَ ، ويصفعُ شاطئًا رخوًا . هذا القلبُ يعيشُ مثلَ عاشقٍ وحيدْ . ومثلَ نَسرٍ مُحايِدٍ من قمَّةٍ لقِمَّةٍ يوزِّعُ البَريدْ . جبالُهُ مُصابَةٌ بوِحدةٍ عاليةٍ قريبةٍ من الزرقةِ المُطلَقَة . يجوبُها وجعٌ يسكبُ روحًا على قمَّةٍ ميـِّتَةٍ : توضَّئي ! هذا العاشقُ يجهِّزُ صُبحَهُ لفنجان قهوةٍ . ويشربُ من كفِّ بنتِ الملوكِ . مرمريـَّةِ الخاصرةِ التي يحبُّها حتى الإغماء .. وحتَّى نشوبِ النارِ في غابةِ روحهِ الزرقاء ! \\\\\\\ - من أنتَ أيها المتشرِّدُ الوقور ؟ تسأل أنثاهُ . كلامُكَ رعدٌ وزندُك بَرقٌ وأمطارُكَ تذرفُ الغيمَ فوقَ صَخرٍ .. من أنتَ ؟ تُضيفُ . - عميقٌ جمالُكِ ! وعالٍ خَيالُكِ ! وحلوٌ مماتي على شاطئيكِ !. يُجيبُ المُجيب . - وعلى إصبعكِ يتبرعَمُ خاتَمُ بيتِ النارِ . ويكتبُ آخرتَهُ على أوراقِ بداياتِكِ السعيدةِ البعيدة ! يُضيفُ . وبين السؤالَينِ تستأذنُ الشَّمسُ وتمضي . تثرثِرُ الأمواجُ زبدها . وينتظرُ البحرُ شمسَهُ العائدة . وزرقتَهُ الحالمةَ العاتية . وترشُّ السماءُ عِطرَها الغَيميَّ على كفِّ الرياح . وترمي زندَ فارسٍ متقاعدٍ على زمنِ الرماح . أما أنتَ ، أيها البدويُّ المُزمِنُ ، فتكتفي بكِسرةٍ من رغيفِ الصحارى .. وقليلٍ من رمادِ الشهوةِ .. وذاكرةِ اللهفةِ . لك العاصفةُ الوادعةُ . ولك الرتابةُ التي تخدِشُ منزلة النبضِ العالية . يستعرضُ " المُبدِعونَ " قدراتهم على الرقصِ على الحبال الرفيعة . والتعرِّي على مسارحِ الكَبتِ . و " يُدَبلِجونَ " لغاتِ الريحِ ، لعلَّ البلادَ الوحيدةَ تتفهَّمُ خرائبَ المدائنِ . ووليمةَ اللقاءِ المكتفيَة برغيفين وعناقٍ واحدٍ وسلالةٍ باقيَةٍ . - وما الفارقُ بين البُعدِ والابتعاد ؟ تسألُ أنثاهُ . - البُعدُ سيِّدُ الفِراق .. والدهُ .. صديقهُ . والابتعادُ نزوةُ اللقاءِ المؤجَّلِ .. للبُعدِ ظلامٌ كثيرٌ ومؤلمٌ وأزرقُ . وللابتعاد طَعمُ الجنازاتِ .. والحنينُ فيهما مرهَم أخضر . وشِبهُ عِطرٍ يعقِّمُ ريحَ البلاد ! يجيبُ المجيب . - من أنتَ ؟ - أنا نهارٌ يمتلكُ مساءً خجولاً . شقيقةُ النعمانِ أختي . وشقائقهُ قبيلتي الميِّتَة . أنا الوَردُ الفلسطينيُّ العاري الذي يرتديكِ يا سيدةَ المقامِ والمَقالْ . أنا الجِهاتُ الخَمسُ .. والشَّمالْ . تُنزِلُني صِفريـَّتي عن مشجبِ الأرقامِ ، لأقومَ من رمادِ الحنينِ طفلاً مشاغِبًا .. ينتظرُ ما ستقولُ البحارُ في أمرِ خبزهِ ومِلحِها !! أنا المنتظرُ الأبديُّ .. الحاضرُ الأبديُّ .. المتغيِّبُ الأبديُّ عن شفتيكِ !.. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|