|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-05-2013, 06:05 PM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
بيت الدم - خالد يوسف أبو طماعه
بيت الدم البيت يتقيأ أحزانه منذ رحيلهم، منذ حدوث أكبر مصيبة في تلك السنة، يصلب همومه على رياح المجهول الذي عصف بكل شيء دون سابق إنذار. الصالة أنيقة ومرتبة باحتراف امرأة تهتم بشؤون بيتها وعائلتها، رتبت فيها الأشياء بلمسة جمال رائعة، يزينها على اتساعها طقم كنبات جميل، وفي زاويتها شجرة تتدلى منها قطوف خضراء، وتلفاز يشكو همه للصغار الذين ينظرون إليه بشراهة، وسورة معوذات علقت على الجدار، يقابلها لوحة بداخلها ديك مذبوح وقطرات دم بشكل ثلاث علامات استفهام تنتهي بعلامة تعجب! قرر أبو رامي أن يضحي في بيته هذا العام، أخبر عائلته قبل قدوم العيد بعشرة أيام، أراد أن يُطّبق هذه السُنة بنفسه ويعلم أبناءه شعيرة عظيمة ويريق الدماء أمامهم، سرد لهم قصة نبي الله إسماعيل، وكيف فداه ربه بذبح عظيم، تشوق الأطفال كثيرا لقدوم العيد وما سيفعله والدهم من إراقة الدماء تقربا لله سبحانه وتعالى. تقف الزوجة في الصالون لحظات طويلة، تتأمل صورة الديك، تنحدر من رقبته علامات استفهام، السؤال يطرق جدار العقل، العقل لا يستوعب اللوحة، الفضول يترنح بداخلها لمعرفة سر اللوحة، تتقزز منها وتنفر من أمامها، أفاقت من شرودها على صراخ الطفل، رغوة الصابون تملأ حوض ( البانيو ). نسي أهل الحي تلك الحادثة، إلاّ "أبو محمود" الذي ظل يذكرها كلما هبت الذكريات وأشعلت بعينيه صور الماضي وآلامه، يذكرها دائما للأطفال كحكايات الجدات، وسرعان ما تتفلت من مقلتيه دموع حارة سرعان ما يمسحها بطرف ردائه الحزين. اصطحب أبو رامي أولاده ليشاركوه شراء الأضحية، يرسم على وجوههم فرحة العيد، أثار ضجيج السوق وثغاء الأغنام الدهشة والفضول لديهم، بعد الانتهاء من النظر إلى الأضاحي بأنواعها ومن زريبة إلى أخرى اختار كبشا أقرنا يزينه صوف كثيف. يدرس رامي في مدرسة خاصة، في الصف السادس، يصغره أخوه وليد بسنتين، حاد المزاج، يميل إلى العنف واللامبالاة في إيذاء الآخرين، يلكز الأطفال بيده أو بوضع طرف قدمه أمامهم ليوقعهم، وكثيرا ما يستفز وليد حتى تحمر وجنتاه وتذرف دموعه، وسرعان ما تكتشف أمه سبب ذلك، فيهرع لإرضاء أخيه بوضع قطعة حلوى في جيبه فتعود الألفة بينهما. يتحلق الأطفال حول أبي محمود، تختلط الحكايات في ذاكرته، يسرد لهم قصة الشاطر حسن ومغامراته الرائعة، ذرفت من عينيه دمعتان ساخنتان، تلذذ بطعمهما المالح، شعر بالضيق، أخذ نفسا عميقا ثم أردف قائلا ... كانت سنة جميلة والصيف في بدايته، سنة مليئة بالفرح، الربيع زيّن الأرض، في مساء ليلة صيفية جاءني أبو رامي، رأيت القلق في عينيه، وكآبة تغطي وجهه، جلس بقربي وبدأ يسرد حلم زوجته الذي أفزعه. لم أنم ليلتي والأفكار تنهشني مثل كلاب مسعورة، هل لك أن تنبئني بما رأت؟ هل تفسر لي هذا الحلم الغريب؟ سأزيح هذا الهم عن عاتقي وألقيه عليك لتشاركني ما أنا فيه، أفقت من نومي على صراخها، جسدها يرتعش والعرق أخذ منها كل مأخذ، تهذي بأنفاس متقطعة، لم أتبين ما تتحدث به، تلطم وجهها تارة وتصرخ أخرى حتى ظننت أنه أصابها مس، قمت بإيقاظها، بعدما هززتها بقوة، أفاقت وقالت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كأن الأمهات يتنبأن بقدوم المصائب، هن يشعرن بذلك، ولا أعلم السبب وراء ذاك الجنون، ناولتها كوبا من الماء، شربت بلهفة غريبة، كأنها صحراء لم تتذوق الماء أبدا، بدأت بسرد حلم شعرتُ بمرارته الذي ذاقته في المنام، رأت حية رقطاء، تنفث السم في ثلاثة أعشاش، وقفت الأم على أعلى غصن، تراقب موت صغارها، وخيل تصهل بحرقة وتهمهم، وفرح يغلفه إطلاق نار وزغاريد نساء، بينما أنا أسير وسط الجموع، حاسر الرأس مهلهل الثياب. قلت له وأنا أخفي توترا يهتز بداخلي، إنها فرحة العيد يا أبا رامي، سيزورنا بعد رحيل عام، قلتها وأنا أمضغ الحيرة تحت ضروسي، أخفف من وطأة الحلم الذي أرقه، محاولا دفعه عن الشؤم الذي التحفه، مضى وهو يلوك همّا يحاول نسيانه. الدنيا صغيرة، قالها أبو محمود وهو لا يزال يسرد لهم الحكايا، انفض الأطفال من حوله، ظل في مكانه، يلاعب الحصى ويرسم على الرمل دوائر، يمسحها ويخط كلمات مبعثرة، يستذكر طفولته وكلمات كانوا يرددونها... بكره العيد وبنعيد... ونذبح بقرة السيد... والسيد ما الو بقرة... بدأ النشيج يزداد وحشرجة باتت تخنقه. يعود أبو رامي من عمله محملا بالأكياس، يدير المفتاح في ثقب الباب، متجاوزا سور الحديقة، تدهشه رؤية خيط رفيع من الدم، يسير حتى نهايته، أصابه الذهول، خر مكانه بلا حراك، يقلب صغيره "وليد"، يتحسس رقبته، امتلأت يداه بالدماء، يقابله رامي وفي يده سكين تلمع وعليها أثار دماء، يصرخ الأب من شدة الصدمة، تخرج الأم من الحمام، يركض الطفل بسرعة جنونية نحو المجهول، تتلقفه سيارة تهوي به على الأرض، يسبح في دمه، يقف الأب مذهولا، مدهوشا ويتوه في الغياب، الأم أصابها الجنون، تُقّلب وليدها، تندب حظها، يجتمع كل أهل الحي، بعد لحظات الهذيان والجنون تستفيق لصغيرها، تركض لتجده جثة في الحوض بلا حراك. خالد يوسف أبو طماعه 2012 م
|
||||
28-05-2013, 06:28 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: بيت الدم
حرف ثائر قوي وعذبة هي المفردة حين تكتبها
لقد سطرت المعاناة هنا بشكل رائع تقبل مروري ايها الراقي مساؤك فرح
|
||||
28-05-2013, 07:08 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: بيت الدم
قمة التشويق والفكر والسرد
رائع جدا مرور أول ولي عودة بإذن الله |
|||
29-05-2013, 12:03 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: بيت الدم
لم أحتمل عظم هذه المأساة وأنا أقرأ متحمسة متشوقة لمعرفة النهاية...
أكيد لن يحتمل الوالدان ما جرى لأطفالهم... وسوف ينهاران كذلك.. يا لحظ تلك الأسرة المنكوبة.. الحدث لا يطاق... العنوان ناجح جدا يمثل ما في القصة من أحداث دموية... شكرا لك، على نص مبهر متكامل... تحيتي واحترامي وتقديري. |
|||
29-05-2013, 10:59 AM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: بيت الدم
نص رائع بكل المقاييس أثبته قليلا راجية أن تقرأ لزملائك أكثر إن سمح وقتك أ،ت مبدع حقيقي |
||||
30-05-2013, 01:27 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: بيت الدم
ثمة سرد
ثمة فكر ورؤى قاص يتقن توزيع غرضه على امكنة القص بوركتم وكل الود |
||||
30-05-2013, 03:34 PM | رقم المشاركة : 7 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
شكرا لمرورك العطر والثناء الجميل ومساؤك أفراح وكما تشتهين سيدتي تحياتي الخالصة
|
|||||
30-05-2013, 09:24 PM | رقم المشاركة : 8 | |||||||||||||
|
رد: بيت الدم
اخي خالد
تسلسل رائع غير صاخب وان كانت المشاعر صاخبة النهاية ماساة متوقعة والاحداث متسارعة شادة للاعصاب نهاية مؤلمة القصة متقنة والسرد عذب بلغة قصصية متقنة هي الاخرى
|
|||||||||||||
31-05-2013, 12:03 AM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: بيت الدم
دراما من نوع خاص
ولغة محلقة بأسلوب سردي متقن اعتمد النص على عدة محاور أساسية وفرعية استخدام راو فرعي إلى جانب الراوي الأساسي أمر غير معهود توقعت أن يخل بالنص لكنه ما زاده إلا عمقا وتشويقا الأحداث معهودة معروفة لكنها غير متوقعة تحدث وقد تحدث في أي وقت وميزتها أنها أتت قبيل عيد فكأن الشيطان احتفل بالعيد على طريقته وتلك اللوحة المشؤومة أضافت حيرة بالغة في النص وهنا احترافية السرد بلغة تفور فورانا في النص تقول خذوني قمة في الأداء لم يسبق أن امتدحت نصا هكذا لكنه يستحق نص للتدريس أبدعت أخي خالد تحيتي وتقديري |
|||
01-06-2013, 06:17 PM | رقم المشاركة : 10 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
تحية كبيرة تليق بقامة عظيمة في عالم القصة مرور لرد التحية ولي عودة للرد على كل الأحبة تحياتي الخالصة
|
|||||
01-06-2013, 06:20 PM | رقم المشاركة : 11 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
هي حقيقة لا مفر منها أختي الكريمة نكتب ما يجول ويؤرق ذاكرتنا ربما الكتابة تخفف شيئا مما يحتوينا من ألم شكرا للمرور الجميل والثناء الطيب وأعتذر عن الألم الذي سببه النص باقة ود وورد
|
|||||
01-06-2013, 06:23 PM | رقم المشاركة : 12 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
شكرا على هذه الشهادة القيمة الجميلة كما أشكرك على رفع النص ولو قليلا سأفعل أستاذي ما استطعت لذلك سبيلا كما أتمنى أن يتفاعل رواد القصة في المدينة الحالمة وعودة الأخوة والرد على تعليقات إخوتهم احتراما وتقديرا لعناء القراءة والمتابعة والتعليق باقة ود وورد
|
|||||
03-06-2013, 02:36 PM | رقم المشاركة : 13 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
ينثر روائحه على الحروف يغرد باقتضاب السرد لحنا جميلا تغني له الكلمات عميدنا الــ زياد شكرا تليق بكم لتشريفكم نصنا محبة لا تشيخ
|
|||||
03-06-2013, 05:01 PM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
نص جسد تناقضا غريبا. جمع بين الجمال و الفظاعة. أعجبني التوازن يت الصوتين في النص مما ينم عن مهنية مائزة. تحياتي |
||||
04-06-2013, 10:01 PM | رقم المشاركة : 15 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
شكرا على تشريفك النص شهادتك وسام فخر أعتز به محبة لا تشيخ
|
|||||
05-06-2013, 11:43 AM | رقم المشاركة : 16 | ||||
|
رد: بيت الدم
هذه انموذج القصة القصيرة بامتياز
تسليط الضوء على صورة الديك أعطى صورة خلفية واضحة لما سيحدث ودمجت مسرح المأساة في عمقها قصة محبوكة بعمق وبحرفية الفكرة وجع كبير ولكننا نعشق هذا الوجع حين تبرمه اللغة إتقانا استاذ خالد شكرا لك
|
||||
05-06-2013, 02:00 PM | رقم المشاركة : 17 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
شكرا تليق بك على هذه القراءة المتميزة للنص قراءة جد جميلة وافية بحق أتمنى أن نكون عند حسن ظن من يتوسمون فينا خيرا تعرف أخي ... ربما هذه القصة الوحيدة التي أتعبتني جدا نفسيا ومعنويا وأرهقني فكريا ربما تجاوزت ال 6 أشهر وأنا أعاني كتابتها لا أعلم ربما الحدث مقيتا وبشعا حتى أن بعضهم ذهب بأنها من صنع الخيال الدنيا مليئة بالمآسي والأحزان قصص لا نعرفها ومشاكل لم تكن في بال أحد عندما تبحث عن التفاصيل تؤرقك جدا كفيت ووفيت على هذه الرؤية الفذة الجميلة محبة لا تشيخ
|
|||||
06-06-2013, 07:48 PM | رقم المشاركة : 18 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
شكرا لنقاء المرور والكلمات من نور كماء الزلال أخجلتني بتشبيهك هذا ما نحن إلاّ تلاميذ في مدرسة القصة نتعلم من الكبار ونقلد خطاهم علنا نستطيع أن نقدم الفكرة بأقصر الطرق أنتظر عودتك السامقة تحياتي وتقديري
|
|||||
06-06-2013, 08:09 PM | رقم المشاركة : 19 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
نتعلم منكم أستاذي العزيز شكرا لنقاء وكرم المرور وأخرى بحجم السماء لشهادتك التي أعتز بها بتلات ياسمين حتى ترضى تحياتي
|
|||||
08-06-2013, 12:42 PM | رقم المشاركة : 20 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
والله أخيتي لا نزال نتعلم حبو الكلم ونتعثر في السير نحو فن القصة نزاحم الكبار ونتقمص مواهبهم ابداعهم وفنهم ونثرهم المحبوك في عوالمها .. القصة .. شهادتك وسام أفتخر به شكرا لنقاء المرور الطيب احترامي يسبق تقديري
|
|||||
14-06-2013, 10:19 AM | رقم المشاركة : 21 | |||
|
رد: بيت الدم
السلام عليكم..
لا يسعني الا ان اشكر الاخ والصديق العزيز على كتاباته الرائعه الواقعية...والتي تشد القاريء اليها حتى يشعره انه بموقع الحدث..قصة اكثر من متميزة .كلماتها مقتضبة ومكثفة .يعطيك الف عافية. |
|||
15-06-2013, 04:34 PM | رقم المشاركة : 22 | |||||
|
رد: بيت الدم
اقتباس:
أهلا بأختي العزيزة فردوس تشرفت بك وبنقاء مرورك العطر ها أنت بيننا الآن في الفينيق الرائع شكرا لشهادتك والثناء الجميل تحيتي وتقديري
|
|||||
23-06-2013, 05:37 AM | رقم المشاركة : 23 | |||
|
رد: بيت الدم
القدير خالد يوسف ابو طماعه
نص باذخ .. سرد مشوق وقدرة عالية الحبك انت رائع اتقنت القص وابدعت مودتي والتقدير |
|||
24-06-2013, 09:12 PM | رقم المشاركة : 24 | |||
|
رد: بيت الدم
الأخ الفاضل خالد يوسف .. تحية طيبة ..
استدراج جيد للقارئ ، ارتكز على التشويق والتحفيز لجعله أن يتجول بين جغرافية النص ، بفكره وحسه وشعوره وخواطره .. قدرة متميزة في توليد لغة طيعة تتماشى مع الدلالة المستهدفة ، دقة في التعبير وخلق مشاهد وصور قريبة من حس القارئ .. ببراعة ينقلنا السارد بين فضاءات وأجواء عائلية تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم ، بين الفرح والحزن ، بين الحاضر والماضي ، بين المجهول والمعلوم .. سارد متابع ،راصد ،يتتبع الجزئيات والتفاصيل ، ينقل الفعل وإنجازه بصدق ، يحرك شخصياته وفق خطاطة سردية محكمة ، مبنية على مسافة زمنية ومكانية تنطلق من الاستعداد النفسي والمعنوي للفرح بالعيد ، وخيبة مجهولة نطت بها الظروف ، فأجهزت على متمنيات الصغار والكبار ، خيبة تشكلت تشكل مصيبة وجدت معالمها وجذورها في تخيلات الأسرة من قبل، وقد نجح السارد في إشراك القارئ في تصور الحدث ، بعدما استطاع استنفار موقفه منه.. جميل ما كتبت أخي خالد .. تقديري واحترامي .. الفرحان بوعزة .. |
|||
25-06-2013, 09:43 AM | رقم المشاركة : 25 | ||||
|
رد: بيت الدم
السلام عليكم
الأديب المكرم خالد يوسف أبو طماعه نص مميز يجمع ما بين الطرح الإجتماعي و الترميز الإنساني عبر لغة ذكية متمكنة .. كان التشويق من أبرز سمات النص ، وذلك التلاعب بين ( الوضوح و الترميز ) على صعيد الحدث شكل جمالا ملفتا للنص. خالص التقدير. |
||||
|
|
|