العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-2011, 02:07 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نورالدين بلكودري
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب

الصورة الرمزية نورالدين بلكودري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نورالدين بلكودري غير متواجد حالياً


افتراضي قراءة في الشكل و المضمون لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"

نور الدين بلكودري


قراءة في الشكل والمضمون
لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"


تعتبر القصة القصيرة جدا من الأجناس الأدبية التي بدأت تفرض نفسها في الساحة الثقافية والإبداعية بالمغرب، وعرفت الآونة الأخيرة بروز كتاب خاضوا مغامرة الكتابة فيها بوعي ونضج ملموسين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عبد الله المتقي، مصطفى لغتيري، عز الدين الماعزي وغيرهم وينضاف إليهم في هذه المرحلة الكاتب حميد ركاطة من خلال مجموعته "دموع فراشة".

عرفت القصة القصيرة جدا جدلا كبيرا حول التسمية المناسبة لها بعد ظهورها في كل من أمريكا اللاتينية وإسبانيا، حيث كثرت الآراء حول الشكل والعناصر والمميزات التي تتسم بها، حتى استقرت على اسمها الحالي وعلى ركائزها التي يشتغل عليها الدارسون وهم يمارسون عملية الهدم والبناء والبحث عن الجمال والتفرد والانزلاقات.

إن المغرب لم يكن بمعزل عن هذه الحركة النشيطة التي كانت تقع في أمريكا اللاتينية وإسبانيا، حيث عملت الترجمة على نقل هذه الدراسات والاستفادة منها وإضفاء طابع الخصوصية المحلية على التجارب التي تحاكي المعيش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمغرب، كما أن الكتاب المغاربة كانت لهم القدرة على الإبداع والتجريب ووضع بصمة جمالية تبرز قدرة الكاتب المغربي على الخلق والتميز.

تأتي مجموعة الكاتب حميد ركاطة في هذا الإطار، وأول ما يثير فيها هو غلاف المجموعة وعنوانها، اللوحة تتضمن عينا آدمية وقطرات دموع، ويحضر الرمز من خلال "الفراشة" في العنوان، ومن مميزات الفراشة أنها تطير إلى أي مكان تريد، وتقتات مما تريد، ولها جمال أخاذ وبراءة لا مثيل لها، وألوان تثير العين، التساؤل هل لشخوص المجموعة هذه المواصفات، بل على العكس فانطلاقا من مؤشر "دموع" يتضح ذلك، فالشخوص في الأضمومة حضرت محرومة من أبسط ضروريات الحياة، فهي شخوص مقرفة، مهمشة، انتهازية، لا وجود فيها للجمال وإن وجد قتل من طرف شخوص حقيرة، بغيضة، إذن لوحة الغلاف تنسب الدموع لهذه الشخوص التي اغتصبت فرحتها وابتسامتها، والدموع أيضا تنسب لتلك الشخوص المعتدية على الآخر و التي يجب عليها البكاء على حالها وخروجها عن فطرتها، من هذا نتوصل إلى العلاقة التطابقية التي تجمع العنوان بلوحة الغلاف، لقد جاءت العتبة الأولى مشوقة لقراءة النصوص والبحث عن الفراشة التي وإن استترت لفظا في أغلب النصوص فهي حضرت ظاهريا في أخرى.

يتعامل الكاتب حميد ركاطة مع القصة القصيرة بحب جلي، ويعتبرها حبيبته الغالية، والحبيبة مكانتها لا تضاهى، فهو يبث فيها مشاعره الصادقة واعترافاته بمختلف تجلياتها المأساوية والساخرة والحالمة...

وأنت تقرأ نصوص الكاتب تحس بإنسانيته تتشامخ وشخوصه جزء من وجوده، وهمومها همومه، وأحلامها أحلامه، وإشراقها إشراقه، فأن تكتب في القصة القصيرة جدا فأنت تختار الأصعب، تعبر عن الكثير بالقليل من المفردات والجمل، والكاتب البارع المتقن لفن القصة القصيرة جدا يلزمه التقاط الومضة وتحويلها إلى خطاب مكتوب يتسم بالتفرد والخلق، يقول الأستاذ أحمد بوزفور "يبدو لي أن القصة القصيرة جدا هي شكل القصة الذي يكتبه الشيوخ الذين عاشوا وجربوا وقرأوا، والذين دربوا أصابعهم يوميا لعدة سنوات كعازفي البيانو، على نسج القصة من لحمة القراءة وسدى التجربة" من هذا المنطلق نتساءل أين تتموقع مجموعة
"دموع فراشة" من هذا الزخم من الإنتاجات في هذا الجنس العصي على المطاوعة في نظر الكثيرين.

إن الكاتب حميد ركاطة وإن كانت هذه مجموعته الأولى فهو خبر القصة القصيرة جدا منذ سنوات طوال، ونشر العديد منها في المجلات والجرائد، وتعرضت نصوصه للمساءلة النقدية والقراءة الفاحصة من أهل الاختصاص، ولابد انه استفاد من التجريب الذي اختار أن يمارسه على نصوصه الغضة العذراء، ولم يختر نشر نصوصه اليوم إلا إيمانا منه باختمار التجربة، فالنصوص نضجت على نار هادئة وأخذت ما يكفيها من الوقت تنقيحا ومراجعة.

إن أول ما يثير قارئ نصوص المجموعة هو ذلك البعد التشكيلي الكليكرافي الذي يهيمن عليها، فالكاتب اعتمد التصوير ونقل الواقع في قالب سردي يعتمد التكثيف والمقطع السينمائي فالكاميرا تتجول في دروب البؤس، ترصد حياة المهمشين، وأحيانا تصبح هذه الكاميرا آلة فحص تدخل إلى أعماق الشخوص فتكشف عن دواخلهم المليئة بالانتهازية والعقد النفسية، لتعري الكبث الذي يعيشه بعض الناس داخل المجتمع.

يمكن القول إن حميد ركاطة ينتصر لإنسانية الإنسان من خلال مجموعته، فهو يحتفي بالطبقة المهمشة، يظهر جراحها، ويترك لها مساحات واسعة لتبوح بهمومها، فهو يقف عند البراءة التي تغتصب من طرف أشخاص يفترض فيهم توفير الحماية والحنان، ويفضح المنافقين الذي يظهرون عكس ما يبطنون، يدعون الورع والتقوى وهم من يتزعم في الخفاء عصابات الفساد والاعتداء على حرمات الآخرين.

إذن نحن أمام مجموعة ترصد المعيش اليومي وتفضح الجوانب المسكوت عنها في حياة البسطاء، وبنصوصه يفضح الكاتب هذا الواقع وإن لم يصرح بذلك، ولكن مجرد تصويره له، وإظهار آلام الآخرين، نلمس تعاطفه مع هذه الشريحة الاجتماعية، فهو يختار المكان المناسب للتواجد مع فراشاته، وهو لم يكن بعيدا عنها، ودليل ذلك وصفه الدقيق لجزئيات المكان والزمان والحدث والشخوص، بأقل المفردات لكن بدلالات عميقة ذات أبعاد دلالية وتداولية، تنفتح على تأويلات متعددة حسب نوعية القارئ المتلقي وحسب المنهج النقدي المعتمد في مقاربة النصوص وتحليلها.

إذا كانت السخرية حاضرة في نصوص المجموعة فهي حضرت ببعد جمالي يشد القارئ ويفضح ممارسات سائدة في المجتمع المغربي، ولا بأس من الوقوف عند بعض الأمثلة و جاء في نص "خائن" مثلا :

"فكر في كتابة قصص حول المهمشين بالمدينة، نام متوسدا أفكاره معانقا آلامهم... قبيل الفجر داهموا جحره، سحبوه مكبلا بالأصفاد بتهمة الخيانة العظمى".

إن من اعتقل، اعتقل على نواياه وأحلامه وإذا كتب ماذا سينتظره.

وفي نصه "الحطاب "يقف الكاتب عند ظاهرة الرشوة المستفحلة في المجتمع، ويبرز الخداع الذي يمارسه حارس الغابة على الحطاب وكيف يدعي عدم قبول الرشوة في هذا اليوم وهو الذي يأخذها لسنوات وتتناسل الأسئلة حول ذلك ويبقى النص مفتوحا على عدة تأويلات والقصة جاءت كالتالي:

-ضبطه حارس الغاب يحطب ليلا، سأله:
-ماذا تفعل ؟
-فأجاب: كما ترى.
وهو يسلمه ورقة نقدية قال الحارس:
-لم أعد أرى شيئا
عقب الحطاب مستهزئا:
-وهل كنت ترى من قبل.

وفي نصه "ألوان ضاحكة" يأخذنا إلى عالم البراءة، وإلى الفصل الدراسي، وينقل لنا واقعة قد تقع لأي مدرس وجاء في القصة ما يلي:

رسم وجها بشعا، لونه بألوان قاتمة، وأخذ يضحك، ويلون...يلون ويضحك...
وقفت وراءه، سألته المعلمة مبتسمة:

لمن هذا الوجه الجميل ؟

استمر الطفل في إنجازه، غير عابئ بأي شيء... وهو يضحك...و ...سألته ثانية بصرامة وحزم... التفت إليها باسما:

لامرأة، لا تكف عن مضايقتي بأسئلتها.

لا يمكن في هذه القراءة الوقوف عند كل الجوانب، والمجموعة تحتاج إلى قراءات كثيرة حتى ندرك عجائبها، فقس البيض سيأخذ منا وقتا وفي هذا الإطار يقول عبد الله المتقي "حفنات حميد ركاطة بيضات صغيرة جدا، حاول فقسها، وسيخرج لك منها العجب العجاب".

بعد الوقوف عند الجانب الدلالي لا بأس أن نستكشف جانب الشكل في نصوص الكاتب حميد ركاطة، فمن خلال الملاحظة البصرية نكتشف التزام الكاتب بالتكثيف والإيجار في القول، حيث لم تتجاوز نصوصه حيز الصفحة الواحدة، وهذا يؤكد رغبة الكاتب في التأكيد على وعيه بخصوصيات الجنس الأدبي الذي يكتب فيه، وهنا نستحضر ما قاله الكاتب "فيليب ستيفيك" ومضمون ذلك أن الكتابات السردية القصيرة جدا، هي الأشكال التي لا تتجاوز في حجمها الصفحة المطبوعة الواحدة.

من الصعب أن تقول كل شيء في صفحة واحدة، وهنا تبرز حرفية الكاتب وقدرته على الإيحاء بأقل ما يمكن من الكلمات أو الجمل، فالذي يكتب القصة القصيرة جدا يورط نفسه في كتابة جنس أدبي يفرض توظيف الحذف، والبياض، والانزياح، والترميز إلى غير ذلك من العناصر الجمالية حتى يتحقق النص المأمول.

إن طول النصوص يتفاوت في مجموعة حميد ركاطة، ويحضر البياض بإيحاءات دالة، وهذا يترك للقارئ حرية كتابة ما أراد وتأويل النصوص بطريقته واختيار بدايات أخرى لها، وتغيير النهايات السعيدة إلى حزينة والحزينة إلى سعيدة وهنا تتمظهر البنية العميقة للنصوص في عين المتلقي الذي يتلذذ النص بنشوة.

الكثير من النقاد يتحدثون عن حضور الشعر في السرد، فهل حميد ركاطة كان من هؤلاء الذين اتبعوا هذه الموجة واستفادوا من الشعر وهم يكتبون في السرد، فمن خلال قراءة نصوص الأضمومة نجد ملامح الشعر حاضرة في بعض نصوصه منها "كلمات" "النملة والعصفور" " انكسار" و"نافذة". ولا بأس أن نقف عند نص "كلمات " حيث يقول حميد ركاطة : على الورق كانت تجرح لياليها وهي تنزف بالقص الجميل، وقلبها يبدد ما تبقى من نسغ الأحزان.. لم تكسر أحلامها، ولم تبعثرأوراقها و تركت يراعها ينبت على غصنه براعم جديدة ...ذات صباح غمر نور عجيب غرفتها، فتحت له نوافذ حواسها، وأغمضت عينيها وهي تردد آخر الكلمات... "إلى روح مليكة مستظرف".

جاءت هذه النصوص موحية، فحضر الإيقاع الداخلي والرمز، وهذا أعطى بعدا جماليا للسرد وساعد الكاتب على الإيجاز والتكثيف وتوليد الدلالات بأقل عدد من الكلمات.

"دموع فراشة" ولاشك تشكل إضافة نوعية لجنس القصة القصيرة جدا في المغرب، وبقراءتنا لها ننظر إلى أفق الكاتب بتفاؤل، والأكيد أن المجموعة الأولى محطة انطلاق لإنتاج نصوص أخرى ونشر مجموعات لا تقل جمالية عن المجموعة الأولى بل تكون أكثر إشراقا منها، فالكاتب حميد ركاطة بجهده وصبره قادر على المضي في تجربته وإعطاء الفرصة لشخوص أخرى حتى تبوح بأسرارها أيضا، ويبقى المشترك الواقعي و المتخيل هما عالم الاشتغال و التجريب، و لننتظر بيضات حميد ركاطة القادمة و ما ستحمله من عجائب .

11 20/10/28 الدار البيضاء






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-11-2011, 02:37 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبد العزيز أمزيان
عضو أكاديمية الفينيق
رابطة الفينيق / المغرب العربي
المغرب

الصورة الرمزية عبد العزيز أمزيان

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عبد العزيز أمزيان غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة في الشكل و المضمون لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"

أخي نور الدين ،، نشكر لكم هذا الجهد ،الذي بذلتم في مقاربتكم القيمة ،لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"في بعديها الشكلي والدلالي ،، نتمنى لكم مزيدا من الألق والعطاء والبذل ، ولكم منا أزكى التحيات .ودمتم بألف خير .
تقديري.






  رد مع اقتباس
/
قديم 04-11-2011, 03:12 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نورالدين بلكودري
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب

الصورة الرمزية نورالدين بلكودري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نورالدين بلكودري غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة في الشكل و المضمون لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"

تحية طيبة أخي عبد العزيز على تشجيعك الدائم و الشكر أيضا على دعوتك الجميلة و دمت كريما
محبتي التي لا تشيخ






  رد مع اقتباس
/
قديم 08-11-2011, 02:21 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


فاطمة الزهراء العلوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة في الشكل و المضمون لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"

قراءة جد عميقة ويستحق هذا النص الواجهة كونه يسبر اغوار القصة القصيرة جدا برؤية نقدية عميقة وبحضور جميل من خلال نتاج المبدع حميد ركاطة
فشكرا كبيرة لك سيدي على الجهد

مودتي وتقديري






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 09-11-2011, 02:01 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
نورالدين بلكودري
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب

الصورة الرمزية نورالدين بلكودري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نورالدين بلكودري غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة في الشكل و المضمون لأضمومة الكاتب حميد ركاطة "دموع فراشة"

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
قراءة جد عميقة ويستحق هذا النص الواجهة كونه يسبر اغوار القصة القصيرة جدا برؤية نقدية عميقة وبحضور جميل من خلال نتاج المبدع حميد ركاطة
فشكرا كبيرة لك سيدي على الجهد

مودتي وتقديري
تحية محبة أختي فاطمة الزهراء
شكرا على كرمك الحاتمي
شكرا على مرورك البهي
و أملي أن يدوم التواصل بيننا
محبتي الخالصة






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط