لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ عوالم مدهشة قد ندخلها من خلال رواية ، متتالية قصصية مسرحية او مقامة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15-07-2010, 06:27 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
... هكذا كان دائما... يجلس على ربوة صغيرة تحيط بها السباخ الجافة الجدباء، وعلى البعد يلوح البحر قذرا ولا موج، تتراكم فيه جذوع الأشجار الضخمة والأحجار،وتبرز أجنحة طائرات عملاقة غارقة منذ سنوات عديدة تتخذها بعض النوارس مفرا لها من المتربصين بها لاصطيادها وأكلها... لا يمل العجوز النظر إلى البحر رغم ما يثير المنظر داخله من ألم، فهو على عكس كل الباقين على قيد الحياة ما زال يذكر جيدا زرقة البحر والالتماع الأخاذ الذي يسحر الناظرين، وتلك الفتنة الآسرة لانعكاس الغروب على تلك الصفحة الصقيلة... ولكن ما الذي يجعله يطيل النظر إلى تلك البركة الآسنة التي أصبحها البحر؟ ما الذي يضطره لتحمل هذا الشعور القاتل الذي ينزّ له قلبه دما؟ إن الألم الذي يحسه العجوز ويتحمّله بصبر معجز وهو ينظر إلى نتائج أفعال البشر متجسدة في منظر البحر، وتلك الدموع الغزار التي يسكبها داخله لم تكن تكفيرا على ذنب لم يرتكبه ولا محاولة يائسة لاستغفار الأرض عما لحقها من دمار نتيجة الحرب الأخيرة... إنه ينظر فقط لأن له عينين، ولا بد أن ينظر بهما إلى شيء ما، وكل شيء هنا ينظر إليه لا يثير سوى الألم! وألم النظر إلى البحر أهون من ألم النظر إلى مقبرة الأشجار السوداء، وأهون من ألم النظر إلى تماثيل الخليقة الجديدة التي يتبارى في صنعها الباقون على قيد الحياة قتلا للوقت وإحياء عن طريق الوهم للقدرة على الخلق والإنجاب. وألم النظر إلى البحر أهون من ألم النظر إلى الباقين على قيد الحياة أنفسهم، بوجوههم الشوهاء وعظامهم البارزة ومثاناتهم المتدلية وأثداء النساء المتهدلة الجافة، ونظراتهم الساردة التي تصدر عن عيون محمرة جرّاء الدخان الذي يكسو سماء الأرض الأخيرة... فهو بعكس الباقين يعرف معنى الجمال ولا يزال قادرا حتى الآن حين يختلي بنفسه أياما لا يختلط أثناءها بالبقية أن يستشعر الرعشة التي كانت تعتريه حين يرى الجمال في خد خمري أو عين حوراء يحرسها قوس الحاجب أو لمعة البياض المحمرّ وهو يبره تحت الحرير الأسود... هو عرف كل هذا ويذكره، ويعلم أن الألم الذي يحسه حين ينظر إليهم أشبه بألم إله شوّهت صواعقه أزهار جنته! لهذا ينظر إلى البحر بألم وصبر وهو يستشعر ظلالا باهتة لإحساس يحاول أن يتدرب عليه يوميا كرقصة شعبية حتى لا ينساها يوم العيد الذي مازال موعده بعيدا جدا، وهذا الإحساس هو الأمل. هل مازلت في داخلي؟ أحسّك هناك في أقصى القلب تضيء نفسك كدودة القزّ... هل مازلت هناك؟ أعرف أنك لن تغادرني، لن تغدر بي أنت أيضا أيها الصديق، لن تخونيني يا قدمي يوم العيد، فحبيبتي ستنتظرني لأراقصها... وها أنا أتدرب وسأرقص رغم العرج!!! أنا لم أنس أصوات الكمنجات الفرحة والأكورديون الذي ترقص أنغامه حتى المقعدين، والدفوف التي تهزّ القلوب بدقاتها، والنساء الحقيقيات وهن يرقصن بملابس العيد الزاهية ويضربن الأرض بأقدامهن فيزلزلن أساسات الروح ويربكن إيقاع الجسد. ( تكبر عند هذه الذكرى دائرة الضوء في الجانب الأيسر من الصدر العجوز). أنا لم أنس باقات الزهور تحيط بساحة الرقص والراقصين، ومازلت أخبئ صورها وبعض بذورها في قبو البيت، لن أرتكب الحماقة ثانية! لوحة الغزال تخاطفوها عندما أريتهم إياها وبدؤوا بنهش القماش بنهم إنساني، ومنهم من ابتلع جزءا من القماش المطلي بالدهن البني المحمرّ، وبعد ساعات من الهياج، وإثر تحوّل اللوجة إلى فتات قالوا أنهم كانوا يعلمون أن اللوحة غير صالحة للأكل لكن الوهم الذي صاحب عملية النهش، بأن الغزالة حيّة أحدث لذة لا توصف أحلى من طعم التماثيل المصنوعة من عجينة الأشجار التي أخرجوها من البحر، وأكلوها في مهرجان " الخليقة الجديدة" ... وعند هذه الذكرى تنهد العجوز بارتياح وشعر بما يشبه الفرح لأنه لم يتسرع ويرهم مكتبته التي يخفيها بعناية شديدة في القبو. لقد تسرعت وارتكبت خطأ حين أردت إخراجهم من الكهف مباشرة بعد الدروس النظرية، كنت أعلمهم معتمدا على الطين الطيّع فأصنع قطة أو قطارا أو سمكة أو تلفازا أو شجرة، وأقول لهم: هذه قطة وهذا قطار وهذه سمكة وهذا تلفاز وهذه شجرة، فيرددون : هذه قطة وهذا قطار وهذه سمكة وهذا تلفاز وهذه شجرة، دون أن يعلموا ما تكون القطة أو القطار أو التلفاز خارج الطين الطيّع... وواصلت على هذا المنوال حتى كدت آتي على جميع الكائنات والأشياء وهم يكررون الكلمات ويصنعون الأشياء ذاتها... ثم أردت أن أقرّب لهم الأشياء أكثر فأريتهم صورة الغزال... ويا ليتني ما فعلت!!! وكنت كلما رأيت أحدهم يحتفل بإنهاء تمثاله، مستشعرا فرح من أنجب طفلا أو خلق حصانا أو شجرة توت إلا واندسست بين المهنئين لعلي أنتهز فرصة لأخلو به وأعلمه أنه قام بعمل جيّد لكنه لم ينجب طفلا ولم يخلق حصانا أو شجرة توت،،، إن هذا إلا نحت جميل ، بعض الشيء، ولكنه مجرد رسم، ليس إلا، ولا يمكن أن تبعث فيه الحياة التي لن تخرج إلا من ذواتنا وأرواحنا، وكان الواحد منهم بعد أن يسمعني مكرها، ينظر إلي بشفقة هازئة، ويشير برصانة مبالغة أنه يعلم ذلك فلا تشغل بالك بنا. كنت أنسحب حزينا، بائسا يائسا إلى ربوتي، أتأمل ضوء القمر المجتهد في خرق الدخان الذي يغطي السماء الذي غدت قريبة ورمادية، حتى يصل الضوء إلى الأرض مجهدا تعبا، بالكاد يستقرّ على شيء حتى يندم على وصوله لأنه لم يجد شيئا جميلا يضيئه ويتمتع بالنظر إليه! ولكنه محكوم بالوصول إلى الأشياء القبيحة وإضاءتها والتفرّج عليها مثلما أنا محكوم بالنظر إلى جثة البحر وهي تنطرح في أكفانها الممزّقة. |
|||
15-07-2010, 09:19 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
المبدع جمال الجلاصي
بصدق أبدعت هنا لدي حدس بأن الأرض ستنتحر قريبا وسيبقى القليل القليل ليعيد بناء هذا الكوكب من جديد وعلى أمل أن نرى بقية روايتك أقول لك دام نبض ابداعك ودمت بتألق |
||||
16-07-2010, 04:01 AM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
الأخ جمال خلاصي
انطلق النص بوصق دقيق ثم تحليل شبه نفسي للشخصية التي تشعر بنفور من الآخر إذ أنه يقوم بأفعال سلبية بينما صاحبنا في ارتباطه بالطبيعة بحرها وشجرها يبدو أنه حامل لقيم جميلة.. أكيد أن الفصول الآتية ستفصح لنا عن الكثير من الجمال.. أثارني بشكل خاص الوصف الرائع خاصة في المقطع الأخير: ( كنت أنسحب حزينا، بائسا يائسا إلى ربوتي، أتأمل ضوء القمر المجتهد في خرق الدخان الذي يغطي السماء الذي غدت قريبة ورمادية، حتى يصل الضوء إلى الأرض مجهدا تعبا، بالكاد يستقرّ على شيء حتى يندم على وصوله لأنه لم يجد شيئا جميلا يضيئه ويتمتع بالنظر إليه! ولكنه محكوم بالوصول إلى الأشياء القبيحة وإضاءتها والتفرّج عليها مثلما أنا محكوم بالنظر إلى جثة البحر وهي تنطرح في أكفانها الممزّقة.) قمة الإبداع.. تقبل تحيتي في انتظار ما يأتي.. |
|||
16-07-2010, 06:29 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
سقى أزهاري حديقتي كوني دوما بالقرب أمواج محبتي |
||||
16-07-2010, 06:46 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
تحية لجمال
كل هذا الجمال متمنيا لك الخير |
|||
16-07-2010, 11:27 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
بدأَت باستمراية وإصرار على الحياة وانتهَت بموت وكفن..
كم هي حروفك مغرية يا جمال. محبتي, |
|||
16-07-2010, 11:41 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
الاخ جمال الحلاصي
الحياة جميلة ويجب ان نحياها ويجب ان نقاتل من اجل الحيا وهطذا هي الحياة والنهاية الموت نعم وهذا طبيعي جدا ولكن علينا الا نستسلم والالم هنا كثر كثير والوجع مستمر وسيستمر ولكن علينا المواجهة وعدم الهروب من الواقع سيدي القبح ادموجود اينما نذهب وكثير منا يحدث نفسه بمراحل الحاة فيصل الي فراغ وتمر وكانها ثواني ودائما نستعيد الشريط نستعيد الالم والفرح واعتقد ان لحظات الفرح قلية في حياتنا كالبحر البحر جميل جدا ولكنه يأخذنا وتغوص فيه ونحدثه ونعلمه الاسرار فيبتلعها سيدي لا تحزن علينا ان بغير واقع مرير اعجبتني القصة جدا حتى مع قمة الوجع مودتي كن بخير |
||||
17-07-2010, 04:45 AM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
اسعد دوما لمرورك الرصين الهادئ الفاعل في النص والنفس دام مرورك بقربي ودام إبداعك المتواصل امواج محبتي |
||||
19-07-2010, 06:15 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
صديقي المبدع عبد العظيم:
شكرا لمرورك البرقي وكلماتك الرقيقة أمواج محبتي |
|||
20-07-2010, 08:35 PM | رقم المشاركة : 10 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
كلما مررت بي أشم عطرا مختلفا واشتاقك أكثر أمواج محبتي |
||||
23-07-2010, 01:47 PM | رقم المشاركة : 11 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
أخي دائما النبالي: دائما ترقص الفرح بقلبي أمواج محبتي |
||||
03-08-2010, 03:49 PM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
... هكذا كان دائما...
|
|||
20-08-2010, 03:13 AM | رقم المشاركة : 13 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
عبد العظيم صديقي
مرورك البرقي اسعد قلبي أمواج محبتي |
|||
22-08-2010, 02:24 AM | رقم المشاركة : 14 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
الكاتب الروائي جمال
أجد أنفسنا ...معشر بني الإنسان جميعنا في شخصية العجوز الذي بات يتفرج على الأرض وهي تموت والعجز ليس بالسنين التي داهمته بل من عدم القدرة على الخلق طفلا أو شجرة...فقط تماتيل ...لا حياة بها وياليت الدموع تجعل الأرض تستيقظ وتغسل الهواء من الذخان الملوث نص راااائع قراته لمرات عديدة طوبى لنا قلمك كل الود فاتي |
||||
09-10-2010, 08:36 PM | رقم المشاركة : 15 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
فاتي المبدعة العزيزة شكرا لاهتمامك بحروفي أشكر لك ذوقك الراقي وقراءتك الهادئة أمواج محبتي |
||||
16-11-2010, 04:38 PM | رقم المشاركة : 16 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
...
سلامي عليك يا ذا البنان المؤنق والفكر الناضج والوعي اللامنتهي كنت عذبا للغاية سيدي الجلاصي , جدا جدا انحناءة ... |
|||
31-12-2010, 10:49 PM | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
كلمة شكرا لن تفيك حقك كل عام وأنت بألف خير أمواج محبتي |
||||
19-04-2011, 10:53 AM | رقم المشاركة : 18 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
عدنان صديقي أعتذر صدقا على تأخر الرد شكرا لمائز مرورك أمواج محبتي |
||||
04-06-2011, 08:39 PM | رقم المشاركة : 19 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
جميل ما قرأت
فصل واحد فتح شهيتي لبقية الفصول وأشد على يديك ياجمال |
|||
20-06-2011, 12:36 AM | رقم المشاركة : 20 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
الأخ الكريم الشاعر و الروائي جمال الجلاصي
لك كل المودة يا صديقي تتدفق الرواية معبرة عن الواقع بلغة شاعرية رائعة |
|||
08-08-2011, 06:03 AM | رقم المشاركة : 21 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
أخي المكرم جمال، مساء الخير
كعادة كتاباتك تشد القارئ إليها فيسعد بما يجده من بهاء كل عام وأنت بخير أختك زاهية بنت البحر |
|||
13-11-2011, 11:52 PM | رقم المشاركة : 22 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
اقتباس:
عبد الله صديقي شكرا لمطر مرورك يسقي نباتاتي أمواج محبتي |
||||
21-11-2011, 12:29 PM | رقم المشاركة : 23 | ||||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
سكان اختلاجات سرد أرجو منكم المشاركة لو سمحتم بواضيع زملائكم بذا الركن احترامي وتقديري |
||||
01-06-2012, 08:41 PM | رقم المشاركة : 24 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
الاصدقاء الصديقات
شكرا لعاطر مروركم أمواج محبتي |
|||
03-06-2012, 11:51 PM | رقم المشاركة : 25 | |||
|
رد: الأرض الأخيرة رواية _ فصل أول
تبدو جميلة ننتظر الفصول الباقية
|
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|