|
⊱ قال المقال ⊰ لاغراض تنظيمية يعتمد النشر من عدمه بعد اطلاع الادارة على المادة ... فعذرا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
18-09-2011, 07:10 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الهجرة، و قصور الإنسان الذاتي
الهجرة و القصور الذاتي للإنسان لعلنا نعلم أن حزام الأمان في السيارة يستخدم بغرض تثبيت البدن الذي قد يتحرك لا إرادياً تحت تأثير ما يسمى بـ " القصور الذاتي".. و هذه الخاصية أول من اهتم بها هو العالم الكبير " جاليليو"، و جاء من بعده نيوتن ليصوغها ضمن قوانين الحركة. القصور الذاتي هو ما يجعل الإنسان ينحني للأمام في نفس اتجاه الحركة عند استعمال كابح السرعة ( الفرامل )؛ محاولاً المحافظة على وضعيته السابقة و هي الحركة. و هذه الخاصية أيضاً هي ما تجعل ظهورنا تضغط على المقعد للخلف عندما تنطق السيارة بقوة، أي في عكس اتجاه الحركة محاولةً المحافظة على وضع السكون السابق. كذلك في الحركات العمودية في المصاعد سواء في حالات التوقف أو الانطلاق لأعلى أو لأسفل.. و من الطريف- إن جاز لي قول ذلك- أنها هي السبب في إحداث الحركة التي تؤدي لـتهدم المنازل إثر وقوع الزلازل ؛ حيث تعمل كتلة البنايات كـ جسم له كتلة و كلما كبرت الكتلة و ضخامة البناية؛ كلما كان تأثير هذه الخاصية أكبر على المبنى، و عبئاً على الأساس. و خروجاً عن الفيزياء، نجد في الواقع الحياتي أنّ الإنسان بصورة عامة يحاول الإبقاء على حالته في الحياة. استجابة لنداء جسده و تلبية لتكوينه " الطيني" الذي يدعوه للتكاسل، و استطابة البقاء و تحمل المتاعب و المشاق من أجل ما يسميه الإنسان"الاستقرار". فهذا الاستقرار ما هو إلا جزءٌ من التأثير القصوري باعتبار الإنسان (جسماً) نشأ من الطين. لذلك الروح؛ تحاول الانطلاق و التآلب على سكون الجسد؛ فتحمل صاحبها في الخيال، و في الأحلام إلى عالم آخر و أكثر بعداً عمّا يحيطه. و يجيء المنهج الرباني ليعالج نزعة الجسد للاستقرار و البقاء؛ فنجده يحرضه على الانتقال، و ربّما يعنّفه في مواضع أخرى لـتثاقله، و استهوائه السكون؛ فيقول أصدق القائلين موضحاً تأثير طبيعته تلك:" يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض، أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة!"و تأمل هنا اللفظ " اثّاقلتم" و فيه إشعار بالتأثير العاطفي و الجسمي بالمكان الذين يقع فيه الإنسان..مع أنه- سبحان- ذكر قبلها" انفروا خفافاً و ثقالاً و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل؛ ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون".. آمراً الجميع بالاندماج طائعين لركب آخر، و وجهة أخرى غيرِ التي هم عليها. لم يأت الجهاد وحده ليقاوم تلك الطبيعة الإنسانية؛ بل جاءت الهجرة جاءت أيضاً تقاومها.. و مع أنّه- سبحانه- أودع في الطبيعة مشاهد حية، و تراجم ناطقة تعلن اعتماد الهجرة وسيلة اتزان و ضرورة في الحياة تمثلت في هجرة الطيور، و الأسماك و غيرها من الكائنات أمام أعين الإنسان، إلا أن ذلك لم يكف الإنسان ليضفيه على سلوكه، فـنجد آيات القرآن تبثّ ما فيه الطمأنينة في صدور النفوس الضائقة؛ فتحضها على الهجرة، و تأمرها بمغالبة نزعتها للركون، و إيثارها السلامة و حبها الاستبقاء؛ فيقول - سبحانه-:" و من يهاجر في سبيل الله؛ يجد في الأرض مُرَاغماً كثيراً و سَعة".. بل و يحسب ذلك الشخصَ ظالماً لنفسه حين يرضى و يقبل مغالبة الذل و الهوان و الاستضعاف في الأرض؛ فيقول سبحانه عنهم:" إن الذين توفّاهم الملائكةُ ظالمي أنفسهم، قالوا: فيم كنتم، قالوا: كنّا مستضعفين في الأرض، قالوا: أ لم تكن أرض الله واسعةً؛ فتهاجروا فيها".. ثم يأتي بعدها قوله تعالى:" فأولئك مأواهم جهنم و ساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان، لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلاً"... و كأن في الأية أمراً باختلاق الحيلة التي تخلص بصاحبها إلى الحرية، و إلى أن يرفض المكوث تحت نير الاستضعاف و وطأة الهوان الدنيوي..، و في ذلك الأمر لمحةٌ بديعة من إسلامنا تجاه معتنقيه، يراعي فيها مكنون أبنائه البرّاق الرافض لأن يكون مقوداً أو أهلاً للهوان و لا للذل إلا لله سبحانه، و عليه يجب أن يفتش المسلم له عن بارق أمل و خلاص من ضيقه، فإن لم يبد له؛ فليختلقه، و لينطلق حيث شاء له الله، و حيث وعده الله بطيب في المعيشة و السعة.. و لعل ما سبق يثبت أن للهجرة مقصداً كونياً و اجتماعياً، فالكوني هو ما يؤدي إلى توزيع أكثر انتشاراً للبشر على البسيطة، و الآخر الاجتماعيُّ هو ارتقاء بالإنسان و تحريره مما يرهق إنسانيته. و لنا في هجرة حبيبنا محمد- صلى الله عليه و سلم- خير المثل و التأسي، فنجده يترك أحب بقاع الأرض تاركاً خلفه الوطن و الديار؛ ليتجه إلى المدينة لينشئ هناك مجتمعاً جديداً كان النواة الأولى لقيام الدولة الإسلامية.. و لا نجد أدل على تقديس الإسلام لمبدأ الهجرة من جعل التقويم الإسلامي رمزاً للهجرة. محمود شومان (عبق الحروف)
|
|||
15-10-2011, 02:50 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: الهجرة، و قصور الإنسان الذاتي
سلام الله
تحية لروحك السامقة طمعا في رايكم نرشحك لكم http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=31010 ننتظركم ود |
||||
15-10-2011, 02:22 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: الهجرة، و قصور الإنسان الذاتي
و عليكم السلام و الرحمة
أهلاً بـ عميدنا القدير تم الرد |
|||
20-10-2015, 07:19 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: الهجرة، و قصور الإنسان الذاتي
موضوع يستحق القراءة لما تضمنه من تحريض وحث على النشاط والحركة
وتغيير المكان والهجرة لطلب الرزق كما أن الموضوع لم يقتصر على هذا فحسب بل تناول علمياً ومنهجياً ونفسياً أبعاداً أخرى للموضوع تعين القاريء وتدله على البحث والاستفادة تحياتي الفاضل محمود وتقديري |
|||
20-10-2015, 04:37 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: الهجرة، و قصور الإنسان الذاتي
عميق جدا ما طرح في ا المقال الجدي الرزين
هناك أشياء نمر بها أو نقوم بها ولا ندركها في عمقها/ وتاتي الكتابة المتبصرة وتمنحنا مرورا جميلا جزاك الله خيرا مقال يستحق القراءات تحيتي للشومان شاعرنا
|
||||
|
|
|