الخلاص 2 ...

الخلاص 2 ...
ان آدم لم يهتم, في الجنة, بالحفاظ على نعمة حياته العضوية منشغلا عنها بحاجته العقلية لامتلاك ناصية العلم والمعرفة أو بالخلود , لكنه اضطر , بعد ان أُخرِج منها, ان يحافظ على تلك الحياة باعتبارها آخر ما تبقى , بد الخروج أو الهبوط, فاقدا , بذلك, تميزه ومنخرطا , رغما عنه, في تجربة حياة جديدة خالية من العلم والمعرفة ومتصلة بالعذاب والشقاء والكدح , تحكمه دوافعه العضوية بالدرجة الأولى ....
اما الفلسطيني الذي طرد من وطنه فوجد نفسه , فجأة, خارج معادلة وجوده التاريخي وفاقدا , كآدم, تميزه الحضاري بلا ارض ولا مُلكٍ ولا عملٍ إلا حياته العضوية .. حتى انه لم يجد ,كما وجد آدم او الانسان البدائي, جغرافيا بريئة من غير حدود سياسية ولا حواجز عسكرية, يؤسس فيها وطنا جديدا... هذا الفلسطيني البطل في عالمٍ لا يحترم البطولة .
هي رحلة إذن فقدت فيها الحياة الفلسطينية معظم ملامحها المعاصرة ووقفت عارية تبحث عن خلاصها تحت الشمس.. وهو , اليوم, ليس خلاصا اخرويا بآلياتٍ دينيةٍ ولا هو خلاص اقتصادي بآليات تكنولوجية ولا هو خلاص سياسي اجتماعي بآليات انقلابية أو ثورية .. لكنه خلاص عضوي يلخصه ويختصره بوضوح حاجة واحدة طاغية في الحاحها وهي الحفاظ على الحياة.. فلم تعد شعائر وطقوس الدين ولا خبرات الاقتصاد والانتاج ولا نظريات وايديولوجيا التغيير والثورة.. لم تعد كلها قادرة على ان تحول دون اعادة الفلسطيني , قهرا, الى البدايات البشرية.
ونحن الفلسطينيون لسنا بحاجة ال من يذكّرنا بصورٍ ما تزال رطبة وعالقة في الذاكرة لتدفقنا وتدافعنا بالاجساد , دونما اي اعتبار لقيم دينية او حضارية تدعو للفصل بين الجنسين او للانتظام في طوابير امام بوابات الغوث للحصول على ما يقيتنا ويوفر لحياتنا ابسط اسباب بقائها العضوي.
كما اننا لسنا بحاجة ايضا الى من يذكرنا بالمغامرات التي خاطر اثناءها آباؤنا في مواجه الموت يستعيدون لانفسهم ولاهليهم بقايا ما تركوا في قراهم ومخازن غلالهم تحفظ لهم اسباب البقاء.
صور كثيرة لأدوار البطولة في ميدان الحفاظ على الجسد توزعت طوال عقود على كل الفلسطينيين ولا يمكن لشخص ما, حتى لو ادّعى النبوة, ان يصادرها لحسابه ويستأثر بها لنفسه او يعلن ,من ثم, بأنه البطل الذي فعل كل ذلك , شأن اي زعيم متخلف, نيابة عن شعبه .

[عائشة منافع]

الفلسطيني لايمكن اننتصوره بمعزل عن شتى انواع البطولات
عاشها ولا زال وان اختلفت ظروفها
لكنها حتما تؤرخ مراحل من الصراع لاسترجاع الحق

القدير احمد بارود
شكرا لك على ايداع المقال

تحيتي وتقديري

اهلا ومرحبا استاذه عائشه وتحياتي لروحك

اهلا ومرحبا الاستاذ عبد الكريم شكوكاني وتحياتي لروحك الجميلة