|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15-02-2014, 06:14 PM | رقم المشاركة : 1 | |||||||||||||
|
انتقام
انتقام نسي مؤمن غيضه وغضبه وهو يغلي كالبركان أمام القاضي الذي أصدر الحكم بهدم البيت الذي بناه مؤمن بتعبه وعرق جبينه، وهو يقطع من قوته وقوت أبنائه، ومن طفولتهم، وبدفع غرامة مالية بمقدار نصف تكاليف بناء البيت، وتذكر وهو يقف أمام القاضي أن الله يُمهل ولا يُهمل، وعندما عاد إلى بيته المهدد بالهدم، حاملا بداخله بركانا يكاد ينفجر، وجد بانتظاره إشعارا بدفع ضريبة العوائد عن البيت المهدد بالهدم، وكتاب اعتذار مرفقا بالإشعار من رئيس السلطة المحلية، يعتذر فيه من جميع المواطنين عن مضاعفة الضريبة، وذلك من أجل سدّ العجز المتراكم الذي خلفه الرئيسان، السابق والأسبق، فاشتعل غضبه أكثر، وصار كالدّمل الآيل للانفجار، لكنه فجأة تذكر ما قاله الواعظ الذي كان يحاضر أمام مجموعة من فتيان وفتيات القرية عن اقتراب قيام الساعة، ويدعوهم إلى الصبر، وأن الله إن مدّ للباغين في الدنيا، وأعطاهم ما يتمنون، لكنه يتوعدهم بجحيم اشدّ غليانا، يهون أمامه القار الأسود الذي يغلي على نار متأججة، ويمنّي المؤمنين "بجنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين أبدا".
ارتخت أعصاب مؤمن، وابتسم عندما مرت بخاطره كلمة مؤمنين، نسي الحكم الذي أصدره القاضي المتجهّم الوجه الذي لا يبتسم، ونسي كلماته التي كانت تخرج من فمه، كلمة، كلمه، كطلقات بندقية تطلقها طلقة طلقه، يشدّ عليها لتسقط على بدنه كما يسقط الرصاص، تخترق لحمه، تقطّعه كما يقطع سكين الجزار في لحم الذبيحة، تذكر كيف كان يقطع من طفولة أبنائه، ويحرمهم من مصروفهم وألعابهم، ليبني لهم بيتا، كيف كانوا يبكون ويقطّعون نياط قلبه، ولا يستطيع عمل شيء ! عاد من ضياعه على صوت زوجته، وهي تسأله بصوت عال وباستغراب عما أصابه، تلاشت الابتسامة من على شفتيه، وبدا كمن تلقى صفعة على وجهه، وبدت عيناه جمرتان تشعان نارا..ارتعبت زوجته من نظراته الحارقة كجمر النار، ولما لم يجب على أسئلتها المتكررة، جرته من يده إلى السرير فانقاد لها كما ينقاد الطفل الصغير إلى أمّه، أطاعها ومشى خلفها وهو يرتجف من البرد، أدخلته الفراش، وأثقلت عليه الغطاء، وهي تدعو أن يفك الله أزمته، وحين سرى الدفء في عروقه، غاص في نوم عميق عمق البحر المظلم، فرأى نفسه بثياب نوم حريرية يتمشى في قصر كبير، واسع، جدرانه الداخلية تلمع كالبنّور، على بعضها مرايا طويلة، وبعضها الآخر مغطى بسجاد منقوش بأجمل اللوحات الفنية، تحيط بالقصر حديقة، تتشابك فيها أشجار الليمون والبرتقال، لتملأ فضاءها برائحة زكيّة، وتنتشر في زواياها ورود مختلفة الألوان تعطّر الجو بروائحها الطيبة، تتقاطع فيها قنوات يجري فيها ماء صاف، كما يجري في الأنهار، وعلى أماكن متباعدة من سور الحديقة المحيطة بالقصر ثبتت كاميرات الكترونية ترصد كل حركة تقترب من القصر. أحسّ بالزهو والسعادة وهو يتجوّل ببطء في أرجاء القصر، يشرف من الكاميرات الالكترونية على الحديقة والشارع القريب، يراقب المارة على الطريق، يتساءل عن العربة الفاخرة التي تقترب من القصر، وتقف عند البوابة، وما هي لا لحظات حتى جاءه الخدم يزفون إليه خبر زيارة القاضي الذي أصدر أمر هدم البيت، جاء يهنئه بامتلاكه القصر الذي لا يليق إلا بالأغنياء أمثاله، ويبشره بإلغاء كل العوائد المتراكمة عليه منذ عهد رئيسي السلطة المحلية، السابق والأسبق. أمر الخدم بلغة جافة، وبلهجة حازمة، وبصوت صارم لا يقبل الجدل، أن ينتظر القاضي عند البوابة، وألاّ يسمحوا له بالدخول، حتى يفرغ من تبديل ملابسه بملابس تليق بمستواه، وباستقبال أناس بمناصب أعلى من منصب القاضي. احتار أيّة بدله يلبس، ليظهر للقاضي ضآلته، وأن الحياة ليست قانونا وعدالة، وأن المرء لا يساوي إلاّ ما حوى جيبه من المال، وما يربحه هو في صفقة واحدة، بليلة واحده أضعاف ما يتقاضاه في شهر وربما في سنة، وبينما هو يحلق في خياله هزته يد قوية، وصوت عالٍ ينهره قائلا "استيقظ لقد نمت ما فيه الكفاية، حان موعد عودتك إلى العمل، وإلاّ جعنا وجاع أبناؤك"!!!
|
|||||||||||||
15-02-2014, 10:00 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: انتقام
الأستاذ أمين
نص شيق وسرد يشدك للنهاية وصورة من صور الظلم تتبدى بين السطور لكن إيمانه القوي أن الله سينصره على من ظلمه ، أراه في المنام قصرا بدل بيته ، هل النهاية دعوة للصبر على الظالم حتى يعوضنا الله بالآخرة بالخير سلمت يمينك لأنك أخرجت البطل من أزمته في حلم ليت مشاكلنا تنتهي بالأحلام مع تقديري |
|||
16-02-2014, 02:42 PM | رقم المشاركة : 3 | |||||||||||||
|
رد: انتقام
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم الأستاذ أمين نص شيق وسرد يشدك للنهاية وصورة من صور الظلم تتبدى بين السطور لكن إيمانه القوي أن الله سينصره على من ظلمه ، أراه في المنام قصرا بدل بيته ، هل النهاية دعوة للصبر على الظالم حتى يعوضنا الله بالآخرة بالخير سلمت يمينك لأنك أخرجت البطل من أزمته في حلم ليت مشاكلنا تنتهي بالأحلام مع تقديري اخت فاطمه
احييك على كلماتك الطيبة واشكرك على مرورك الكريم لكني قد اعارضك من حيث نتفق على ان في عصرنا الهزيل صار الإيمان سلاح الضعفاء وقد ندفع ضريبة هذا العصر - بسبب ايماننا- من الوطن اشكرك مرة اخرى ودائما واحييك
|
|||||||||||||
16-02-2014, 03:14 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: انتقام
شكرا لك سيدي لسرد حكايتنا
واما عني ولما هدموا بيتي على ما به لم اقف على اطلاله باكية بل نهضت وهرولت نحو الاعلى لاصنع بيتي من جديد واقسمت ان لا اضع كرسيا او خزانة لمكاني المؤقت حتى يجهز بيتي ليحتويني واطفالي بعد عشرة سنين . نعم سيدي نحن من نعيد صناعته بيوتنا بعد انهيارها وها نحن راسخون كشجر الزيتون وان الله معنا |
|||
16-02-2014, 06:33 PM | رقم المشاركة : 5 | |||||||||||||
|
رد: انتقام
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجه ريحان شكرا لك سيدي لسرد حكايتنا واما عني ولما هدموا بيتي على ما به لم اقف على اطلاله باكية بل نهضت وهرولت نحو الاعلى لاصنع بيتي من جديد واقسمت ان لا اضع كرسيا او خزانة لمكاني المؤقت حتى يجهز بيتي ليحتويني واطفالي بعد عشرة سنين . نعم سيدي نحن من نعيد صناعته بيوتنا بعد انهيارها وها نحن راسخون كشجر الزيتون وان الله معنا أخي /اختي
اعذرني الأسم الكريم يدل على هي والصورة الجميلة تدل على هو وأنا اضيع بيه هو وهي 1) هل تسكن/تسكنين داخل الخط الأخضر عندنا هنا في الجليل وقد يكون في المثلت ومؤكد في النقب إذا هدموا بيتا نقيم متعاونين بيتا بدلا له حتى لو تكرر الأمر اكثر من مره على كل اردت ان اظهر نوع العدل الذي يتباهون به عندما يقوم انساان مسحوق ببناء بيت لابنائه كيف يعاملونه شكرل لمرورك الكريم وتحياتي
|
|||||||||||||
17-02-2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: انتقام
ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي والله
سرد آسر ونص عميق من لدن متمكن استمتعت بقصتك التي قالت حكمة فألف شكر لك تمنياتي لك بالألق الدائم روضة |
||||
18-02-2014, 10:51 AM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
رد: انتقام
أخي /اختي [/quote]اعذرني الأسم الكريم يدل على هي والصورة الجميلة تدل على هو وأنا اضيع بيه هو وهي 1) هل تسكن/تسكنين داخل الخط الأخضر عندنا هنا في الجليل وقد يكون في المثلت ومؤكد في النقب إذا هدموا بيتا نقيم متعاونين بيتا بدلا له حتى لو تكرر الأمر اكثر من مره على كل اردت ان اظهر نوع العدل الذي يتباهون به عندما يقوم انساان مسحوق ببناء بيت لابنائه كيف يعاملونه شكرل لمرورك الكريم وتحياتي بداية صباحك سكر يا ابن بلادي نعم انا هي ويحتويني وطني الجميل الحبيب سابقا ولا زلت ابنة اللد وبعد التهجير بقيت وها انا اجوب شوارع مدينتي رام الله بانتظار عودة ولعلى وعسى ودي وتقديري |
|||
18-02-2014, 10:52 AM | رقم المشاركة : 8 | |||||||||||||
|
رد: انتقام
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أي والله سرد آسر ونص عميق من لدن متمكن استمتعت بقصتك التي قالت حكمة فألف شكر لك تمنياتي لك بالألق الدائم روضة "ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "
صحيح وصحيح إضافة على ذلك أن القوانين العنصرية لا تلغيها الدعوات والصلوات إن لكلماتك وقع يريح الأعصاب والفكر ولها مذاق طيب يفتح أبواب الأمل ويدغدغ الغرور ويستحق الشكر والعرفان تحياتي لك واحترامي
|
|||||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|