محطة الربيع/ روضة الفارسي

[روضة الفارسي]

محطّة الربيع

كان المكان خاليا الا مني ومن رجلٍ كنت أقف معه تحت بشجرة ضاربة في اعماق التاريخ قاتمة بالغة الكثافة
. كانت الأمطار تتساقط مثقلة بطين أسود موحش كريه الرائحة، أحسست برغبة في التقيؤ وكاد صبري أن يفلت مني.
قلت له وأنا أواصل حمل مظلتي المثقوبة: هل أنت مثلي،؟ تنتظر مجيء الربيع ؟
ـ نعم.
ـ أتراه سيتأخّر؟
ـ لن يتأخر.
- لقد تعبت من الانتظار وأشعر بالخوف والوحشة، وهذه الأوحال والرائحة الكريهة!
ـ لا أدري متى سيأتي ولكنه سيأتي حتما.
ـ ولكن ألا تلاحظ أنّه ليس هناك غيرنا ينتظره هنا... أنا حقاّ مستغربة من هذا.
ـ وأنا أيضا مستغرب.
ـ أترانا أخطأنا! ؟أليست هذه محطّة الربيع؟
كيف تقولين هذا؟ بل هذه هي المحطة.
هبّت ريح قوية فأخذت معها مظلّتي فقلت بتذمّر: يا إلهي ما كل هذا، ألا تكفي الأوحال المتساقطة علينا؟ منذ الصّباح أنا هنا وقد حلّ المساء والربيع لم يأت بعد.
قال وقد بان عليه أنه ملّ حديثي: قلت لك سيأتي
ـ أواثق أنت؟
ـ كل الثقة.
ـ لعلهم غيروا المحطة.
قال بنفاد صبر مبعدا الأوحال بيده عن وجهه: اصمتي أرجوك وكفيّ عن التذمّر والأسئلة. سبق وأن قلت لك إني واثق أنّ الربيع سيأتي، وأما ما تصفينه بالوحل فهو ماء صاف ألا ترين؟.
بقيت السّماء تصبّ أمطارا برائحة كريهة وبلون الطّين ثم هبّت عاصفة قوية تقاذفتنا بشراسة وعنف في كل الاتجاهات. وحين هدأت العاصفة وجدتني ملقاة في نفق أسود، ما كنت أتصوّر أنّي سأخرج منه لكنّني خرجت بعدصعوبات كبيرة، غير أنّي لم أجد أثرا لرفيقي على الإطلاق. فتّشت عنه وحين يئست من العثور عليه عدت تحت تلك الشّجرة ملطخة بالوحل مثخنة بالجراح.
التصقت بالشجرة متوسّلة لله أن يطلّ عليّ الربيع حتى دون طيور ولا أريج ولا أزهار. مضت ساعات أخرى وأنا وحيدة حائرة، وأخيرا جلست على الأرض وقد أثقلتني الحيرة والأحزان ونال مني البرد و التعب والجوع الكثير، ووجدتني أغفو قليلا أو هكذا خيّل إلي. وفجأة سمعت صوتا يناديني:
سارة ،سارة.
فتحت عينيّ فإذا بي أرى شيخا يقف أمامي
قلت بحروف متعثّرة:
ـ من أنت؟ وأنى لك أن تعرف اسمي؟
ـ أنا أعرف عنك كل شيء. أنت تنتظرين قادما لن يأتي إلى هنا ثم أنّك عمياء جزئيا وأما الرّجل الذي كان يقف إلى جانبك وينتظر مثلك فأعمى تماما.
ـ لم أفهم أيها الشّيخ عن أي عمى تتحدث، فأنا أراك بوضوح، وعيناي لا تشكوان من أية علّة .كما أن الذي كان معي ـ ربما يكون في عداد الأموات ـ لم يكن يشكو من العمى على الإطلاق.
ـ رُبّ أعمى يبصر ماوراء البحار. ورُبّ مبصر يرى النور ظلاما حالكا.
لم أفهم ماذا قصد الشيخ بل انتظرت أن يُبدي لي أنه اقتنع بحديثي أو أن يعلق بأي كلام، ولكنه قال لي وبدون لطف:
أنا جائع جدّا .هل معك طعام؟
فحصت محفظتي فوجدت علبة بسكويت. لم أتردّد لحظة في أن أهبها له كلّها رغم أنني كنت أحسّ بالجوع الشديد أيضا لكنه لم يكلّف نفسه حتى أن يشكرني وحين انتهى من أكل البسكويت قال : ألا يوجد معك طعام آخر؟
ـ لا للأسف. لكن لو كنت أعلم أني سأبقى هنا يوما وليلة وأني سأجد سائلا هنا لكنت زوّدت نفسي بغذاء كاف لنا.
لكنه لم يكترث لأدبي ولطفي بل واصل قائلا: أريد مالا. اعطيني نقوداـ
فتحت محفظي وسلّمته شيئا من نقودي
لكنه جذب الحقيبة بقوة و أخذ كلّ النقود. فقلت له وأنا في غاية الاستغراب:
ـ وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ أهذا جزائي؟
لم يجب ولم يبُد تأثرا لكلامي. فما كان مني إلا أن عدت للجلوس تحت تلك الشجرة يائسة منه ،مسلّمة أمري لله. وما كان أشد اندهاشي حين جلس الشيخ قربي وأعاد لي كلّ نقودي بل وأعطاني رغيفا وتمرا وهو يبتسم لي ثم ما لبث أن قال بكلّ لطف ومحبة:
ـ كنت أختبر صبرك. وأضاف متنهدا آسفا: لقد أهدرت عمركِ ياسارة، وعذبت نفسك وأنت تنتظرين في محطة وهمية لا وجود لها.
ـ محطة وهمية؟
هذا المكان ليس إلا مرتعا للعفاريت والشياطين. . أما وقد أشرق قلبك فقد أشرق الصّباح هناك في ذلك المكان.
لاحظت أن النهار قد طلع وأن الشمس أشرقت وكل تلك الأقذار والأمطار الموحشة قد محيت. رميت بصري حيث أشار العجوز بيديه فإذا بي أرى روضة غناء فيها يرقص الناس بسعادة وفيها تطوف الطيور والفراشات بلا انقطاع.
تبعت الشيخ العجوز إلى هناك وقد انشرح قلبي وأنا أسال نفسي" لماذا ظللت طويلا في الوهم الموحش ولم أتفطن إلى كل ذلك الجمال ؟"
استقبلني النّاس وكل الكائنات بالتهليل والترحيب كلّ بطريقته. وغمرتني حالة من الانتشاء، بدأت أبتسم للجميع وفجأة تحوّل ذلك الشيخ العجوز إلى شاب وسيم جدا وجذبني ليراقصني وعيناه تلمعان وجدا وفرحا. احتضنني فأحسست سعادة لا توصف ثم همس لي بصوت جميل ساحر " رُبّ يوم متِّ فيه لتحيي بعده، خير من ألف توهمتِ أنّك عشتِ فيها".

[خديجة قاسم]

جميلة ممتعة طيبة المغزى
سلم المداد غاليتي روضة وطاب
ودمت بفرح يعانق قلبك الجميل
أسعدك الله .

[نوال البردويل]

كما يقال -الصبر مفتاح الفرج-
وإن مرت علينا زوبعة الربيع بكل أوحالها
فلا بد لها من الزوال وما علينا إلا الصبر
والتصميم على التغيير
وبإذن الله سيتم لنا ما نتمنى
بنفاد:هل قصدتِ نفاذ
لتحيي:ربما لتحيا
محطة جميلة حملت الأمل والتفاؤل
ألف شكر لكِ غاليتي روضة
تحياتي وودي

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة قاسم

جميلة ممتعة طيبة المغزى
سلم المداد غاليتي روضة وطاب
ودمت بفرح يعانق قلبك الجميل
أسعدك الله .

مرحبا عزيزتي خديجة أسعد الله قلبك ومتعك بالعافية

كل الحب والتقدير

[عبير محمد]

محطة توقفت عندها كثيرا
وقرأت واستمتعت بعمق المعنى
ورقي السرد
جميلة انتِ واكثر ياغالية
افتقدتك كثيرااااا
صباحك نور وحبور
ومحبة لقلبك لاتبور

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل

كما يقال -الصبر مفتاح الفرج-
وإن مرت علينا زوبعة الربيع بكل أوحالها
فلا بد لها من الزوال وما علينا إلا الصبر
والتصميم على التغيير
وبإذن الله سيتم لنا ما نتمنى
بنفاد:هل قصدتِ نفاذ
لتحيي:ربما لتحيا
محطة جميلة حملت الأمل والتفاؤل
ألف شكر لكِ غاليتي روضة
تحياتي وودي

لا تتصوري كم أثلج صدري حضورك أيتها الرائعة لك كل الحب يانوال الغالية

[نوال البردويل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روضة الفارسي

لا تتصوري كم أثلج صدري حضورك أيتها الرائعة لك كل الحب يانوال الغالية

سلمتِ وسلم قلبك روضة الغالية
وكنت الأسعد بمروري بين أحرفكِ النقية
تحياتي

[خالد يوسف أبو طماعه]

الفقد وجع كبير جدا

والانتظار جد مؤلم وصعب

وربما هو حلم أفاقت منه على غفلة

التحلي بالصبر والرضا بما كتبه الله خير الحلول

نص جميل بلغة سلسة ولكني رأيت فيه إفراطا في التفاصيل

بصراحة قرأت لك أفضل وأمتع وأقوى هن هذا النص

وكثير تقدير للأستاذة روضة

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه

الفقد وجع كبير جدا

والانتظار جد مؤلم وصعب

وربما هو حلم أفاقت منه على غفلة

التحلي بالصبر والرضا بما كتبه الله خير الحلول

نص جميل بلغة سلسة ولكني رأيت فيه إفراطا في التفاصيل

بصراحة قرأت لك أفضل وأمتع وأقوى هن هذا النص

وكثير تقدير للأستاذة روضة

أخي الكريم خالد يشرفني ردك ورأيك دائما ومهما كان

كل الإحترم والتقدير

[سلطان الزيادنة]

نص أخضر كحلم منتظر أو انتظار محلوم

توظيف الخلاصات الحكمية أثرى النص وزاد من مساحات البوح فيه

الوارفة روضة الفارسي

كثير جمال واشتغال هنا

همسة:ل بشجرة

لعلك أردت: كشجرة


تقديري والاحترام

[بسباس عبدالرزاق]

الفكرة التي كانت مختفية خلف رداء الربيع كانت هي فريستي التي أنقب عنها في النص

الفكرة هنا في هذا النص كانت عن زاوية الرؤية ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)

و كما هو معروف عند الفيزيائيين أن الطيف الضوئي المرئي هو مجال صغير جدا مقارنة بالطيف الضوئي

كان النص هنا يعتمد أو يتكئ على هذه الفلسفة و إن لم يأتي بذلك النص و لكن قدرة الكاتبة على التنقيب عن الربيع جعلها تؤمن أن الناس لا ترى بقلوبها و لكنها ترى بدماغها

فالقلب عندما استطاع التنازل عن شئ يخصه عندها فقط استطاع اكتشاف حقيقته و قدرته على رؤية النور المنبعث من الداخل

فلا نور إن لم يكن نابعا من أعماق الذات
فالعالم هو ما نصنعه بالداخل ، حتى أن بعض العلماء نظر لفكرة مفادها أن العقل هو من يصنع كل هذا العالم، فصنع مجموعة شمسية و هو يسير العالم بطريقته و هو بذلك يصنع حقيقته ...أعلم أنني ذهبت بعيدا

و لكن الفكرة أصرت أن أبوح بما انتابني

أما عن المقومات الفنية فبالإمكان التخلص من بعض الإسهاب لضغط النص
هذا مهم بالطبع و لكنه ليس صعبا على قاصة من طينتك

قصة جعلتني أحلم و النص الذي لا يترك أثرا بداخل قارئه فهو نص عقيم و جاف و مزيف أيضا


تقديري الكبير

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنان حماد

لم يتاخر الربيع لكنه ضل الطريق
جميل وعميق ما قرأت
تقديري

أشكرك بعمق شاعرنا عدنان حماد

كل االاحترام والتّقدير

و
ضل الطريق لطفلٍ غريق
**************************** وموج عذارى ع درب الشهيق
تغوص في وحلٍ كريه المنايا
**************************** ودربا تغطى برجع الزعيق
ﻻبحث عنه ربيع الوصايا
************************** ونار شموخي تشب الحريق

[عبدالرحيم التدلاوي]

وما كان ليتحقق الإشراق لولا صفاء السريرة ونقاء النفس.
وللخاتمة أبعادها.
نص مشوق ولذيذ.
مودتي

[ربى عبد الحي]

ولازلنا ننتظر الربيع كما ننتظر دوماً كل ما يجود به قلمك المبدع عزيزتي روضة
امتعني النص وفائلتني الخاتمة
دومي بخير وبأمل
وبانتظار جديدك دوماً

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن لشهب

مررت لتحية هذا العمل أولا وثانيا لأحيي أديبة اجتمع لديها الإبداع ونبل الأخلاق.

مرحبا أخي شهيب

سعدت بك وتشرفت

كل الشكر والتقدير

[روضة الفارسي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلطان الزيادنة

نص أخضر كحلم منتظر أو انتظار محلوم

توظيف الخلاصات الحكمية أثرى النص وزاد من مساحات البوح فيه

الوارفة روضة الفارسي

كثير جمال واشتغال هنا

همسة:ل بشجرة

لعلك أردت: كشجرة


تقديري والاحترام

سعادتي بولوجك لقصتي والتعليق عليها لا حدود لها أستاذ سلطان

أنحني إحتراما وشكورا

تحاياي