اللجة - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: حلم قصير وشائِك (آخر رد :عبدالماجد موسى)       :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-10-2017, 04:05 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي اللجة

_اللجة_

أرخى الليل سدوله و نشر رداءه على الكون. فتسربت الظلمة إلى نفسه خفيفة في البداية.ثم راحت تتكثف شيئا فشيئا إلى أن استحالت طبقة حالكة تكاد تخنقه، حاجزا سميكا بينه و بين نفسه.
هو الفتى اليافع على موعد مع الليل و ظلامه، مع الوحدة و قسوتها.هو الفردالمتفرد رغم الوجوه الكثيرة التي تحيط به و ترافقه في رحلة إلى المجهول،
رحلة على متن الماء.الماء تحتهم. و السماء فوقهم. يرتادون البحر سعيا و راء سراب الثروة و وهم الرفاهة.
هم شباب خابت آمالهم في مدنهم و قراهم. فهجروا الأرض العزيزة على أمل لقاء في ظروف أفضل.هو واحد منهم. استتر بالليل ليخفيه عن الأنظار ريثما يصل إلى بر الأمان.
.و هو هنا مع هؤلاء الشباب منذ أسبوع تقريبا
. الجميع مختبئون في هذا البيت القديم الجاثم بين الأشجار و النباتات الكثيفة
و الليلة موعدهم جميعا مع القدر و التحدي.فإما حياة و إما ممات.
تجمع رفاق الرحلة مع هبوط الليل. و استعدوا للانطلاق بتوجيهات من الرجلين المشرفين على ذلك. الوجوه مذعورة و العيون زائغة تسأل البحر عن المصير.
.شباب تائه في عمق اللجة.التيار الجارف يسحبه و ينزل به إلى القرار
هكذا هم. تحركهم أوهام زائفة و أحلام خادعة.
السفر غدا هاجساً يلازمهم ليلا نهارا. هو حبل النجاة من واقعهم البائس الأليم.
لقد سئموا حياة البطالة و الفراغ و الفقر .أيامهم كالحة متشابهة لا جديد فيها.
شبابهم يمضي و أعمارهم تتآكل يوما بعد يوم.
.لقد صدرت الأوامر بعد ترو و تقص و طوال انتظار بأن يكون الانطلاق الليلة.
الليلة مشهودة رهيبة. سيكون فيها على موعد مع القدر و الخطر.الليلة امتحان لوجوده و حياته و صبره و عزمه.
فإما أن يهوي إلى القاع المكين طعاما سائغا للأسماك و إما أن يقفز درجات في سلم المال و المجد.هذا أو ذاك. لا خيارا ثالثا. لا منطقة وسطى.ارتعدت فرائصه و اهتزت أوصاله، و هو يتخيل ساعة الرحيل،
ساعة الصفر.
تبادل الشباب النظرات. وقفزوا إلى القارب يشغلون سطحه و جوفه و كل ركن فيه
فاكتظ بهم و غص. ثم انطلق تحت جنح الظلام يمخر عباب البحر، متثاقلا، مترنحا، بطيئا في البداية ثم راحت سرعته تزداد.خيم على الجميع سكون مشوب بقلق خفي.
تملك فكره و إحساسه.انفرد كل واحد منهم بهواجسه تلح عليه و
عبثا يحاولون طرد المخاوف و الظنون. هم يسيرون و الهاوية تتربص بهم. تترصدهم. و قد يسقطون فيها كل حين.تأملهم واحدا واحدا. لكل منهم قصة و حكاية و هدف لم يتحقق بعد. و قد لا يتحقق.
الظلمة تزداد كثافة. لا صوت إلا صوت هدير المحرك يشق طبقات الصمت السميكة وصوت دقات القلوب الواجفة تقرع الصدور قرعا عنيفا مخيفا.فتكاد تنفجر و تتشظى.
هو أيضا له حكاية مثلهم. شاب يافع يقف على عتبة الحياة و لا يدخلها.
و كيف يدخلها و هو بلا مال و لا عمل؟هو أعزل يواجه الحياة بصخبها و عنفها.
لذلك انهزم في أولى الجولات. و عاش سنين عاطلا، بائسا يلفه الفراغ و الإفلاس.
و تطحنه الأيام و الليالي.هو لاشيء مادام لا ينتج و لا يفعل. ما دام يعيش عالة على والدين فقيرين.فيزيد إلى همهما هما آخر.
كيف لا يشعر بالتفاهة و هو يطوف من شارع إلى آخر و يتسكع من زقاق إلى آخر يقتل الوقت بين المقاهي و الحدائق العامة حتى كاد يختنق ضجرا و غما.
.و اليوم ها هو يطوي تلك الصفحة السوداء ليفتح صفحات جديدة عساها تكون مشرقة.
و تساءل: هل يمكن أن يكون هذا البحر جسر عبور إلى حياة كريمة؟
هل يمكن أن يكون حدا فاصلا بين شقاء لازمه منذ الولادة و بين نعيم منتظر؟
هل يمكن أن تشرق شمسه بعد طول غياب؟ فيسري الدفء .ما وراء البحار حلم الشباب بعد أن هجروا مقاعد الدراسة و الأرض و الوطن.
مرت ساعات و القارب يتأرجح بين الأمواج حينا و يتماسك حينا آخر.
العيون تشع ببريق غريب يبدد الظلمة.تتطلع إلى الآتي. تحاول اختراق الحدود تحدوها آمال كبيرة.
و فجأة هبت ريح باردة. بدأت تشتد شيئا فشيئا و أومض البرق و قصف الرعد.
بدأ المطر رذاذا رقيقا. سرعان ما تحول إلى زخات قوية تصفع الوجوه.
تمايل القارب بشدة. ارتسم الفزع في العيون الزائغة.
.و راح الجميع يحاولون التماسك، متشبثين بجوانب القارب المتداعي.
.ازدادت الأمطار غزارة. بدت كأنها سياط لا متناهية تلسع الأجسام. فتؤلمها
انتاب الجميع ذعر فظيع. و راحوا يتبادلون النظرات الحائرة، متسائلين عن المسافة التي تفصلهم عن بر الأمان.
:تلاشى السؤال الحارق أمام الحقيقة الصاعقة المرة
.أنهم وسط اللجة. و أن الخطر يحدق بهم من كل صوب
.و أن أنفاسهم المتسارعة هذه قد تصمت بعد حين إلى الأبد
و أن الرحلة المشؤومة لم تكن أبدا كما تصوروا طريقا مفروشا بالورود أو نزهة بحرية ممتعة.ازدادت العاصفة ضراوة. و بدا صوتها عويلا متواصلا بل قل نواحا كئيبا.
المشهد جنائزي: البحر سيتحول بعد قليل إلى قبر كبير متحرك يبتلع أجسامهم المنهكة و يواري أحلامهم الوردية.
هذا البحر الذي طالما تأمله و عشقه. و اعتبره جسر العبور إلى الفردوس المنتظر يغدو الآن عدوا لدودا، وحشا ضاريا يزبد و يرعد.
.دوامة تكاد تبتلعهم الواحد تلو الآخر.أتونا يتوعدهم بالصهد و الحرق.
هذه الأمواج التي طالما داعبها و داعبته.
تضرب الآن حوله حصارا لا فكاك منه.و هذه المياه التي طالما غاص فيها و انتعش بها تضرب الآن حوله
طوقا يزداد ضيقا و انطباقا على عنقه. فيختنق.انشقت السماء عن صاعقة أضاءت
الظلام الدامس فتراءى القارب المنهوك قشة تعبث بها الرياح العاتية.
خشبة تتقاذفها الأمواج الغاضبة.
تهاوى الفتية الواحد وراء الآخر في اللجة الباردة السوداء يصارعون الماء الهادر.
. الموج الصاخب يعلو و يزبد و يرغو
. صرخوا. استغاثوا. بحت الحناجر. غطست أجسام. و طفت أجسام. و تعطل الزمن.
.لقد غاصوا جميعا في الأعماق و غاب الإحساس بالأشياء و الوجود.
و لم تبق إلا الأمواج تصطخب.
و الفقاقيع تغطي سطح الماء و تشهد على شباب كانوا هنا منذ حين. و تاهوا وراء السراب.فابتلعتهم اللجة. و ما أدركوا أن مكانهم ليس هنا بل هناك.
.في أرض بور تنتظر سواعدهم لتينع و تثمر.
.هناك في تربة بكر تنتظر فعلهم لتحيا و تزهر.
.هناك في وطن يبقى عزيزا مهما جار و قسا
وطن يحتاج إليهم، إلى كل ذرة من كيانهم،
إلى كل نبضة من قلوبهم، إلى كل قطرة من عرقهم المبارك، ليعلو و يسمو بين الأمم. مكانهم هناك في الحقول و السهول، في المروج و الروابي يشقونها. يقلبون تربتها السمراء. يحولونها تبرا.
مكانهم هناك في المعامل و المصانع يعملون. يصنعون. يبدعون. ينتجون.يطورون. يشيدون صرح الوطن.
مكانهم هناك في المدارس و الجامعات ينهلون العلم و المعرفة حد الارتواء.
مكانهم ما كان يوما في أعماق البحار المظلمة الباردة تعبث بهم الأمواج و ترقص معهم رقصة الموت الجنونية.
فتنهشهم الأسماك و يتهاوون تباعا كأوراق الخريف الصفراء الذابلة ليتركوا وراءهم قلوبا تتصدع حزنا لذكراهم و جروحا عميقة تأبى أن تلتئم.






  رد مع اقتباس
/
قديم 13-10-2017, 06:00 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
افتراضي رد: اللجة

نص يسلط الضوء على ما لم يعد طابو في زمن التردي السياسي العربي
حيث المواطن فقد لقمة العيش النظيفة في لجة اخذ حق بالقوة / قوة السلطة
فتاه هذا المواطن وتشرد في حلم الثروة الفاحشة غير المشروعة
هؤلاء الذين يتاجرون بهم هم اكبر ارهاب عرفه هذا الزمن الخائبة فيه نياتنا وتصرفاتنا

شكرا للرشيدة وتقديري بلا ضفاف

همسة:

يرتادون البحر سعيا و راء سراب الثورة ؟؟ تقصدين الثروة؟؟
و الظنونهم ؟؟
فيسري الدف..؟؟
مرتساعات؟؟
ثانيا
القصة بالنسبة إلي انتهت عند:فابتلعتهم اللجة ُ
الباقي من حق القراءة. لانه يبدو تدخل من الذات الكاتبة تفسيرا / والذات الكاتبة تنقل الحدث حياديا






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 14-10-2017, 01:17 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
قصي المحمود
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
العراق

الصورة الرمزية قصي المحمود

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

قصي المحمود غير متواجد حالياً


افتراضي رد: اللجة

هم شباب خابت آمالهم في مدنهم و قراهم. فهجروا الأرض العزيزة على أمل لقاء في ظروف أفضل.هو واحد منهم. استتر بالليل ليخفيه عن الأنظار ريثما يصل إلى بر الأمان.
--------------------------------
نص يسلط الضوء على المعاناة التي بعيشها شباب اليوم من بطالة وقمع للحريات
ووهم وبهرجه به ديمقراطية الغرب
ما بين المطرقة والسندان ..يعيش شباب اليوم ...
نخب طفيلية من تسلطت على رقاب المجتمعات ...
نص رائع ..مع تحياتي للفاضلة الرشيدة






  رد مع اقتباس
/
قديم 15-10-2017, 09:29 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: اللجة

الصديق الكريم
قصي المحمود
شكرا جزيلا على الحضور الأنيق.
حمى الله شبابنا من كل أذى.
و حمى أوطاننا من سياسات مفلسة
أبت إلا أن تقتل فينا الأمل و الحياة.
كل الود و التقدير.






  رد مع اقتباس
/
قديم 15-10-2017, 09:40 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: اللجة

الصديقة الفاضلة
فاطمة الزهراء العلوي
كل الشكر على الحضور الوارف.
مودتي و تقديري






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:21 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط