|
☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
18-08-2020, 04:09 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
رد: فكرةٌ غافلة
النص :فكرةٌ غافلة
الناصر:عبد الهادي القاعود القراءة : جهاد بدران ______________________ النص: ________ سأرمي عصايَ وأمضي وحيدًا أهدهدُ ظهر الخرافِ إذا ما تيبّسَ عشبُ الحقيقةِ في مسرحِ البوحِ أو سالَ نهرُ الجنونِ على فكرةٍ غافلة .. القراءة ___________ فكرةٌ غافلة العنوان لها دلالات مفتوحة التأويل على أكثر من فكرة وأكثر من رمز، يعطي مدى للخيال وللفكر الانطلاق نحو أبعاد مختلفة.. فالعنوان نكرة، غير معرّف مما يعطي مجالاً للابحار والتدبر والتأمل، وكلمة /فكرة/ تحمل مدلولاً لمفهوم خاص لكل معبّر لها ومفسّر لباطنها من معالم تتي طواعية لمتدبرها... أما وما تحمل كلمة / غافلة/ من معالم ومعاني، فإنها تأتي بالمعنى الرمزي المبطن بأبعاد مرامي الكاتب التي تأخذنا لأفكار تحمل عدة مفاهيم، يمكن أن تحمل دلالات نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو ما دون ذلك.. فالفكرة الغافلة، تحمل معالم أغلق فيها طريق النور والضياء..لأنها غفلت عن مدارها وطريقها التي رسمته وفق مكنون الهدف المغروس فيها.. لذلك هدف هذه الفكرة قد غفل عن مقاييسه وخططه التي رسمها.. لتصبح في غياهب المجهول.. /سأرمي عصايَ وأمضي/ الكاتب هنا، بدأ بحرف السين، اختصار التسويف من/ سوف/ وهذا يعطينا صورة من صور التأجيل والمباعدة من التنفيذ/سأرمي/.. بمعنى سوف أرمي، والسين تأخذ عدة مراحل قبل عملية التنفيذ، ويجعلنا في محطة انتظار لتنفيذها بوقت غير معلوم، قريب أو بعيد، مجهولة الزمن.. أما والفعل المضارع/ سأرمي/ هو فعل يحمل معاني التخلص من شيء ما، لأن الرمي، ربما حمل معنى الشدة أو السهولة، حسب نبرة الكاتب وما تؤدي عملية الرمي من تحقيق مراده، وهذا يجعلنا في تدبر بما يلي عملية الرمي.. وهو: عصايَ.. وهنا عملية الرمي للعصا التي يحملها، فالعصا تحمل دلالات الضرب للتأديب والزجر والتنبيه، وكأنه تخلى عن عملية الزجر والتأديب للمضي في سبيله/ وأمضي/ وكأن ذلك قد أوصله لنقطة نهاية استخدام العصا وفائدتها، وانتهاء مدة فاعليتها، لذلك توجب عليه التخلص منها بعد فقدان أثرها وقيمتها من عملية التنفيذ.. ثم يوضح الكاتب أن الفعل/سأرمي/ كان بشكل فردي، على نطاق الفرد وليس الجماعة، حيث قال: /وحيدًا أهدهدُ ظهر الخرافِ/ وهنا من خلال الوصف/وحيداً/ ندرك أهمية عملية رمي العصا، لأنه كان يحملها بمفرده، وهذا يجعله في نطاق التعب والإرهاق بعملية فردية لا جماعية، مما تثقل كاهله.. لأن بناء الحياة والمجتمعات والإنسان تكتمل بالعمل الجماعي، لا بالعمل الفردي، وهنا يظهر الكاتب حجم العمل الفردي الذي لا يجدي في إيقاظ الشعوب وتحريك المجتمعات لتنهض الحضارة وينهض الإنسان، فما كان عمل الإنسان وحده داخل مجتمعه، يوقض حضارة الأمة واستقلاليتها، بل تقع المسؤولية على عاتق كل أبناء المجتمع. ثم تأتي العصا بشرح مرموز فيه لغز فاعليتها..من خلال كلمة/أهدهدُ/ والهدهدة تعني تحريك واهتزاز ودفع ظهر الخراف للتحرك، لخروجها من التبعية، والتحرك نحو التغيير لواقع مؤلم بات يفيض دماً وقهراً وقد نفذت منه معاول الصبر، فالهدهدة جاءت كنوع من التأديب والتأنيب لتغيير بوصلة الفكر نحو الحرية ونحو تحقيق الذات الآمنة المطمئنة، والهدهدة تحمل في مضمونها صوت الحمام والذي يرمز للسلام والأمن بكل أنواعه، الفكري والسياسي والاجتماعي إلخ..وكأن الكاتب يريد القول، كفانا غفلة وكفانا تبعية، وكفانا سباتاً يدوس على إنسانيتنا. أما والرمز الذي يتقوقع في مفهوم/ ظهر الخراف/ فيحمل عدة تأويلات، أغلبها تذهب بإيحاء للجهة الضعيفة التابعة لقائدها ومدبرها وهي تلك الشعوب المغلوب على أمرها، والتي تنساق وتنصاع لأوامر قادتها دون أن يكون لديها القدرة على الردع والتصدي والوقوف في وجه ظلمها، فالخراف صورة مجسدة عن كل مظلوم ضعيف لا يملك زمام نفسه وحريته وحتى لا يملك صوته الضعيف، يقع في زنزاته حاكمه وتحت سيطرة ويقوم فقط بتنفيذ الأوامر الملقاة على عاتقه ولو كانت على حساب حريته واستقلاليته.. وأما عملية هدهدة ظهر الخراف وليس رأسها، فهنا المعنى البليغ المحكم الذكي، والذي قصده الكاتب من هدهدة ظهر الخراف وليس رأسها، فلو أخذنا المعنى على الشعوب ومنها الفرد، فإن الظهر يكون لعملية التحريك أو الحراك والانطلاق في تنفيذ المهام، لتجديد التحرك وفق أهواء قادتها، لأنهم لا يستطيعون العيش دون وجود ثلة ضعيفة تنفذ مهامهم وأوامرهم، وأما عملية الرمي بالعصا فلم تكن على الرأس لأنه لو ضُرب على الرأس، لكانت موجعة أكثر، وأصبح حينها خروج من حالة الغفلة التي يعيشون بها، لتصبح حالة صحوة وإيقاظ للضمير، وهذا ما لا يريده القادة والحكام..يريدوم من الشعوب غفلة ونوم وسبات ليتسنى لهم السيطرة والتمرد والظلم والاستبداد.. /إذا ما تيبّسَ عشبُ الحقيقةِ في مسرحِ البوحِ/ هنا بدأ الكاتب بأداة شرط/ إذا/ وهذا مشروط مع فاعلية العصا، وكأن الكاتب سيرمي العصا بشرط تيبّس عشب واخضرار الحقيقة، أي إذا ما فقدت الحقيقة وجودها وفاعليتها في مسرح البوح، أي النطق بالصوت العالي لجذور الحق والحرية والعدالة.. وكأن العصا تتوقف فاعليتها عند الصحوة والتيقظ من الغفلة، لأن مهامها تنتهي بانتهاء قوة الصحوة والنهوض من زمام السبات الذي يسيطر على العقول النائمة الغافلة.. وأما معالم المسرح، فهي المعرض الاجتماعي الذي يعرض عليه كل قضايا المجتمع المختلفة وتكون أمام طبقات المجتمع كلها، معروضة بكل حيثيات معانيها ودلالاتها ومغزاها أمام فئة صغيرة ومتوسطة وعالمية.. وهنا يقع التأويل على معارك الشعوب مع قادتها وحكامها وولاة أمرها.. /أو سالَ نهرُ الجنونِ على فكرةٍ غافلة ../ ثم أداة الشرط تشمل هذه الفقرة أيضاً، مع تيبّس الحقيقة وسيلان الجنون على فكرة غافلة، الجنون يعني عدم التعقل وعدم تدبير الأمور في غفلة فكرة، والغفلة تتماشى مع الجنون الذي يسيل دون توقف ولا تيقظ، وسوء التدبير في الأمور كلها بكل مجالات الحياة، يعني انفراط في الغفلة، والفكرة منبعها التدبير من معقل الفكر والعقل، فإذا شطحت سبل الفكر وينابيعه لطرق غير شرعية، حتماً سيصيبها بلل من الجنون وسيلان من التهور في كل مجريات الخياة وخاصة مع عصرنا الجنوني هذا، الذي تتخبط به أيدي الظلام وتنهشه أنياب اللئام، وتحكمه القردة والكلاب، تحكمه المصالح الذاتية وهوى النفوس المريضة، لينتج تخبط وفساد وإجرام في حق الإنسانية، فحين نبتعد عن بناء الأفكار المتيقظة لحال المجتمعات اليوم، يصيبنا الوهن، وتجبلنا معامل الانكسار، ونحن أشد ما نكون لعصر نوقظه من سباته وغفلته لندير دفة الحياة وفق ينابيع الإنسانية، ووفق العدل والحق الذي يبيت في السماء... شاعرنا الكبير البارع في رسم حدود الكلمات: أ.عبد الهادي القادود كلماتكم تحفة فنية، طرزتموها بحرير الضاد، وأنشدتم تأويلات ودلالات عدة، فتحتم نوافذ الذائقة وشرّعتم أبواب الفكر والخيال على أوسعها، وهذا دليل على علو فكركم ونتاجكم الشعري والأدبي الفاخر، فما كتبتموه إنما هو ينبوع من ينابيع قلمكم البارع وفكركم النيّر.. حفظكم الله ورضي عنكم |
|||
20-08-2020, 02:27 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: قراءة البدراني لموضة القاعود: فكرةٌ غافلة
مقدر وعيكم المحمود
الذي تغدقون به على نتاج الزملاء نص قادودي مبهر وأشنغال بدراني ثري كامل التقدير |
||||
26-08-2020, 12:25 AM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: قراءة البدراني لموضة القاعود: فكرةٌ غافلة
أمام هذه القراءة المستفيضة تبهت المفردات
ولا سبيل للتأويل سوى الغوص فيما فاضت به قريحتكم العاشقة للأدب بل وما أغدقتموه في ضفاف هذه الومضة بحضوركم الرحب الخصب الكبير كيف لا وأنتم تشعلون فتيل الدهشة حيث دبت خطاك صخر الخيال دون الإثقال على قلب المُتلقي بالعبارات الجافة بل بما يوقظ ظباء الذاكرة لتمر عبر بيادركم وتنعم بحنطة روحكم المضمخة بعشق الوطن .. الشاعرة الأديبة والناقدة ابنة الوطن ورفيقة الجرح جهاد بدران حضوركم في كل مرة يدعوني لصياغة ذاتي من جديد لا عدمناك |
||||
26-08-2020, 05:50 AM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: قراءة البدراني لموضة القاعود: فكرةٌ غافلة
بورك المداد يا أ/ جهاد
تقرئين بعين الشاعرة و الشكر للشاعر القدير أ/ عبد الهادي دمتم متألقين تقديري
|
||||
|
|
|