زراعة الحرير

[ابراهيم شحدة]

زراعة الحرير ..



تلك الدودة عاملة مجدة نبيهة ، لا تقدد غزلها لمجرد الذهاب في رحلة محدودة ، ستموت فيها على شمعة ماجنة ، في غرفة مظلمة تجمع حولها حبيبين عابرين . أو في جهاز كهربي لصعق الحشرات الطائرة . الجهاز الذي شغله أحد الكاذبِيْنِ ، هربا من الحك و الهرش ..


انها لن تفعل ذلك أبدا ، هي المشغولة بحياكة فكرتها اللامعة في حبسها الذي اختارته بملء وعيها الدبق القصير . هل تصدقين لو قلت : انهن من أقنع الرعاة بقتلهن البطيء ؟ .. اعرف انك لن تصدقي !.. حسن ، لقد وقفت إحداهن في وجه راعيها وقالت : أجوهك بالله وبكل عارف منير أن تفعلها ، اكسر الطور ياجامع الحرير .. أقصره ، يكفيني أن أرى الشمس حولي تدور ، فأذوب في حسنها ، وأبوسها في عينها مرتين ، في الصباح مرة و حين تغيب .

* في لحظة إشراق نوراني ، وساعة رضا رحماني ، اقتنع الزارع بنشيدها .. وحزن لأجلها كثيرا ، فأخذ يقلبها تحت الشمس ذات الشمال وذات اليمين .. كان يشويها بسعادة غامرة و إيمان عجيب .

* هذه الحادثة حقيقية وقديمة يؤكد المحب : من يومها لم أر فراشة تطير .. حتى أني بحثت عنها في قاعدة جهاز الصعق الكهربي ، كل ما وجدته ناموس كثير و هِسْهِسَ .. ، وبعوضتين بالغتين . لكنني أعتدت سماع صوتها النعسان في السحر ، يناجيني ، ويهمس في قلبي البليد : لازْراعلك بستان ورود .. وسجرة زغيرة تفييكي .. ولاغزيلك من نور الشمس .. ، فأبتسم مطمئنا ، و أمسح بيدي على طاقيتي الحرير البيضاء ، أعدلها منيح منيح .. شمال يمين يعني ، ثم أنام ....

**

* لازراعلك بستان ورود : أغنية للسوري فؤاد غازي
* ساجْرَةْ : شَجَرَةْ ..
* لازراعلِك : سَأَزْرَعَنَّ لك ..
* تفييكي : تظلك ..
* لاغزيلِّك : سَأغْزِلَنَّ لك ..
* منيح : مَليح ، كويس

[ابراهيم شحدة]

زراعة الحب ..

ثُمِّ السمكة والسِّتِّ المِسْتَحِيِّه ، وكل الورد في قواويره المستحدثة من علب النيدو الصدئة وسمنة الغزال يضحك الان بعمق ، على النعنع الغارق في حوضه كيف ينشغ ، ويجاهد في رفع اوراقه الخابصة بالوحل والنسيان . ومن قعر ضميره الأخضر ، سيَسُبُّ سلامةَ السَّهيان ، ويلعنه بتجرد لعنة أبدية فواحة .

الساعة الان الرابعة عصرا ، ستعتذر ام كلثوم لسميعتها الثقات الطيبين ،عن قول كان زمان ، بعد أن رق الحبيب فجأة .. مشتعلا بسيرة الحب ، و بمن حوله من الكائنات الرقيقة.

- الولد ده شكله غبي يا سوسن ، ومبيفهمش .. أعمل له إيه أنا دي الوءت ؟ ..
- غنيهاله تاني والنبي ، و"حياتي عندك" لتغنيهاله .. عشان خاطري .. غنيهاله شوي شوي .

إنها الساعة السابعة مساءً ، كانت الست قد خرجت من حفلتها مسرعة ، وفي يدها قطعة متوسطة من برببش المَيْ الاخضر ، وبعد مطاردة مرهقة في زقاق " ابو طلعت الصانوري" استطاعت ان تحشره أخيرا ، في الزاوية الحرجة ..
- انت ايش بدك مني يا مَرَهْ ..؟
- بس انت اهدا شوية و روق دمك ! انت خايف ليه .. ؟ ده انا شفت بعيني محدش قال لي ، ثم اقتربت منه بعينيها الجاحظتين ، وهمست في أذنه القريبة : بتسلم عليك سوسن الهبلة وبتؤلك : مش حتسيبك للزمن .. وانك انت اللي شاغل البال يا سلامة .. ماشي ؟ .. ثم رجعت كالصدى من حيث خرجت.. كأن شيئا لم يكن .

بعد حين قصير ، نطق النعنع المعذب أخيرا معترفا انه قد سامح سلامة على فعلته ، مشهدا على ذلك إلهه ، و أعوادا من الحبشتكانات العطاش ..من البقدونس والجرجير و الريحان ..

تقول المرآة : لقد كانت المرة الاولى التي يشلح فيها سلامة ملابسه قدامي دون خجل .ادار ظهره لي ، وراح يفتش عن اثر البربببش المنحوت بِغِلٍ على جلده الأسمر السميك .. و أنها كانت المرة الاولى والاخيرة ، التي كلمته فيها عارية ايضا : بتستاهل يا سلامة .. ما دام تحب بتنكر ليه .


* البربيش : الخرطوم
أبو طلعت الصانوري : صاحب دكان الأنوار في الرصيفة .
الرصيفة : مدينة اردنية تقع على جبلين رئيسين / شمالي وجنوبي .
مَرَهْ / إمرأة
ثُمِّ السمكة : فم السمكة وهي زهرة جميلة تشبه فم السمكة
الست المستحية : زهرة كذلك
قَواوير : جمع قُوَّارَة .. اللي بنزرع فيها كل النبتات الحلوة .
المَيْ : الماء .

* سلامة الآن يعتبر من طويلي العمر ، لكن قلبه ما يزال أخضر يعشق الحياة .. و ينصت بانتياه شديد ، الى كل ما تقوله الست شيرين عبد الوهاب ، وحماقي ، و عمرو دياب .

[ابراهيم شحدة]

صفراء فاقعة ..

الفراشة ما الفراشة
وما أدراك ما الفراشة ..
زرافةٌ نهمةٌ ربما ،
تعالت فاستطالت
ثم نالت آخر الشجر ..
**

ليس بعد الشجر
الا القمر ..
فتعالت مرة أخرى ،
واستطالت
وبقلبها الرشيق ، قالت آخر الفِكَرْ ..

***
ثم انْجَنَّتْ وطارت
فاستدارت
احتارت ماذا تكون ، ..
الزرافة يا حبيبي ْ
صارت فراشة .
تأكل الضوء بعينها ..
تأكله بحب وتنام
والكون ينشد خلفها ..
.
.


" ليس بعد الشجر إلا الضجر .
الحب أعمى ..
ليس بعد العمى إلا النظر"

[ابراهيم شحدة]

من قصصي القصيرة ..

الحكاية باختصار : سقوط "أبو أحمد "وهو يجتاز سورا واطئا يلف أرض "أبو العبد". المسافة بين إحساسه بقدمه تزل ، ووقوعه على جنبه سريعة ومؤلمة ، لم تمنحه الفرصة لزرع اتكاءة صمت مقنعة بين مزاجين ،
فقال بالحرف: يا ساتر يا الله ، يلعن تعاريس والده .. ثم ضرط .
لم أملك نفسي حينها ، صرت مرجلا يغلي من الضحك ، وضحك من كان معي كثيرا .

* ما زلت احتقظ بهذه الحادثة معي اطورها في كل مرة ارويها للاصدقاء الجدد.
سألني من كان معي مرة : بتعرف يا ابراهيم خخخ من يومها ههه.. وأنا أتساءل : ان احدا منا لم يفكر حتى في مساعدته على الوقوف ..

* شروحات أهملها السرد :

أرض أبو العبد : أرض خلاء تحاذي بيتنا القديم ، ملعب الحارة الوحيد ، نلعب فيها الحيبو بيبو، السبع شحف ، الحج ، الخارطة ، كرة القدم . في طرفها البعيد يقوم بيت أبو أحمد .
ابو العبد : عجوز ثمانيني أعور ، بنى السور حول أرضه بيدين راجفتين ، وبدون اسمنت تقريبا .
أنا : واقع ابدا في حب المفارقة ، حالم ، مسالم ، شرير ، وميت من الضحك .
الضحك : تنفيس للعجز ، حين تعلو الاسئلة فوق طاقة القلب ، لا إرادي ، مباغت ، كالحازوقة تعلو و تهبط في زور الحقيقة .
الجمهور : المتحلقون حول راو ما ، تغريهم المفارقة ، يشربونها فيغرقون .. وتنجو الحكاية .

[ابراهيم شحدة]

انشقاق أخير ..



كان يعلم بانشقاقه منذ الخشبة الأولى ..
قال لا تقرب هذه الشجرة فتندم ، لكن آدم المفتون بالأسماء قطعها . وما إن فعل ، حتى راح ينقسم إلى ما لا نهاية ..
بكى إدم الى ربه حسران ، قال يا رب أنجني مني ..
.
.
سمع الرب دعاءه ، وحزن لذلك كثيرا ..
.
.
قال اركب السفينة وحيدا ، ثم خرج منه إلى الأبد .

[ابراهيم شحدة]

اليمين ذاته الشمال ..

قالوا : ستة سابعهم كلبهم ..
وكان عندي وطن ، أوتاد أربعة ، وحمار ..
حتى إذا فار التنور ، لم أجد عقلا أركبه ..
فركبت الموج .

[ابراهيم شحدة]

قلبي وطن ..


و ركبت عقلي ، حتى إذا خار سحره نزلت ..
ربطت روحي إلى رجل ولد ،
ومشيت حتى بابك يا الله
دققت حتى كَلَّ قلبي ، قال ادخل واعطني كُلَّكْ
قلت لا ظِل إلا ظِلُّك سبحانك ،..
ماذا تريد !
وطنا قلت .. قال هاكَهُ ، ثم أدخلني النار ..

[ابراهيم شحدة]

ازعاج ..

ليس هذا أوان الدلع ، فقل انك تمزح ..

انت تمزح يا حبيبي / ... صح

[ابراهيم شحدة]

الحلم ..

كنت خفيفا ينازعك السهر ، و كان الليل خيطا رقيقا من التعب ، يشد القمر الى عينيك .. فلا تدري أكنت تُطَيِّرُه ، ام ان الهوى طَيَّرَكْ ..


اليقظة ..

حكي واطئ بين الوالد و الوالدة ، قبل ان تعلن اول سيارة اجرة ، ذهابها الى عمان البلد ..

[ابراهيم شحدة]

دعاء المساء ..

يا رب دخيلك يا رب : مِدّْ احْبالَك يا رب ، وخذ هٍبَّالَك .. ياااا رب .. آآمين

* هذا و يجوز الدعاء به عند الصبح ، شرط ان يكون ذلك "عالريق قبل المَيِّهْ و الدوا يعني ".. لكنه عند المساء / بعد المغرب بشوي زغيرة ، يكون أفيد و أبرك ..
و الله العليم

* إحبالك .. حبالك
* الهبال بكسر الهاء و تضعيف الباء .. جمع الاهبل العبيط و الذي قد يكون فدما أكولا

[ابراهيم شحدة]

دعاء الكتابة ..




يا رب : انت تعلم بأني لا أعرف القراءة و لا الكتابة .. فأعني يا رب على المجاملة اذا قرأت ، و اجعلني مقبولا عند عبيدك المبدعين اذا ما كتبت // مهما كتبت .

اللهم و احلل عقدة من لساني ، عساني شاعرا فقيها أصير عساني ، او ساخرا عميق البيان .. طائش العقل و اللسان .. آمين يا رب العالمين .. يا رب القارئين

[ابراهيم شحدة]

تعاليم جنسية ..

كل مولود ولد ..



فأبواه يذكرانه ..
ويؤنثانه ..
.
.
و ربما يخنثانه ..

[ابراهيم شحدة]

اولئك الأوغاد ..


يغُشُّون فيفوزون واحدا تلو الآخر ، و أنا أراقبهم بحسرة كبيرة .. و أراهم حين يبتعدون كيف يبتعدون ، خفافا خفافا كالضحكات ..




* في ذكرى وفاتهم ...

[ابراهيم شحدة]

احاديث سلامة و سوسن ..


أحاديث حاسمة .. مهمة و حساسة ..
لا تقل أهمية عن أحاديث حسني البغل ,
و فوزية ..

* فوزية ابو سيف .. بتكون امها لسوسن ..

[ابراهيم شحدة]

حسني البغل .. بكون خالها لسوسن // بنتها لفوزية ..

[ابراهيم شحدة]

الذهاب مع الريح وفقا لشهادة سوسن ..


.. لكنك تسكت حين يتكلم السوقة و الرعاع ، و تنطق في أوقات غريبة ..
أحوج ما نكون فيها إلى ان تخرس .


* عفكرة يا سلامه : انت واحد مش جدع .. ماشي ؟؟

[ابراهيم شحدة]

أول مشاوير الغرام ..


كعبلتها كعبلتها .. ثم لطختها في وجهه الصغير : بتروح تحكي لصاحبك ، انه بغل و ما بستحي عفكرة .. ok ?
.
و بعد لحسة طويلة من حبة الدورادو ، جاوبها سلامة بكل صقاعة : مش شغلتي انقل حكي عفكرة .. انا شغلي أوصل رسايل / رسايل و بس .. ok !

[ابراهيم شحدة]

على سيرة سلامه .. ..


فوزية ايضا تكره الحكي ، و نقل الحكي .. لكنها موهبة عزيزة في الاستماع و التسميع ..

[ابراهيم شحدة]

صور في ذهن الكاميرا ..



لدى الكاميرا ما تقوله دائما ، .. لكننا نفضل أن تبقى ساكتة .

[ابراهيم شحدة]

خلف الكاميرا ..

الكاميرا تدرك جيدا شغف الناس بالأرشفة .. يسألونها على الدوام أن تغض طرفها عن خلل غير مقصود قد يقع هنا أو هناك ، في اشكالهم و في تعابير قلوبهم .. يضغطون عليها لتكذب ، لتقول صورا لا وجود لها إلا في أحلامهم .. ، لكنها " لمن لا يعرفها " حقانية أمينة لا تفعل ذلك أبدا ..

..

[ابراهيم شحدة]

سأعود بعد راحة قصيرة ... انا مشوش و تعبان ..

[ابراهيم شحدة]

الوقوف على أطلال ابوها لسوسن ..

و حين فاض به الكيل ، تشعلق على سور دارهم الذي يقابل سور دارها .. و راح يكسدر عليه بثقة جمعت بين البس و السعدان .. روحتين و رجعتين ، و ما ان بدأ بالروحة الثالثة ، حتى هاجمه الحنين بغتة فاقشعر خياله و بهت قلبه .. جمد في مكانه ، نظر ناحية شباكها .. و بكل ما اوتي من خيبة ماوى باسمها مواء طويلا متعرجا : بعدين يا ربي .. مطولين اْحنا على هالحالة ... الله يلعن قلب ابوه ابوك ي سوسن .. ok ? ..
ثم قفز في الهواء .. لا يلوي على شيء

[ابراهيم شحدة]

إخبار عن شوكت .. أبوها لسوسن ..

لم يقفز سَلامٍه في الهواء كما حدَّثت سوسن ، فهو اجبن من أن يطير مختارا كالعاشقين ، لم يزل سلامه حيا ، محشورا كالبُرْصِ في يد أمينة خشنة لا ترحم .. ملوي الكاحل معقود اللسان .

[ابراهيم شحدة]

تقول الجمال و كلك مؤيس .. فتعصيك ألفاظك ، تفشي معانيك الأُوَل ..
معانيك التي حرصت طويلا على اخفائها متدرعا بألامل ..

[ابراهيم شحدة]

مداخل لحياة سعيدة


* فقرة من كناب شوكت / باب سوسن .. صفحة رقم واحد و عشرين ..

( و قال له : اللي بستحي من بنت حارته بجيبش منها اولاد ي فوزية .. ok ! )

..