لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
28-11-2008, 05:53 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
الجمالية في شعر نعيم عرايدي
الجمالية في شعر نعيم عرايدي
في الرمق الاخير من سبتمبر 2008 حظي الشاعر البروفيسور نعيم عرايدي , بأمسية تكريمية في بيت جن , حضرها جمهور غفير , وكانت لي المداخلة التالية : اخترت في هذه المناسبة التركيز على الناحية الجمالية في بعض شعر عرايدي , باعتبار ان الشعر كأحد الفنون الجميلة يحثنا ان نتذوق العبارة جمالا ودهشة , قبل ان نستوعب الموضوع هدفا وقضية . في الواقع ان الجمالية في شعر عرايدي ليست مدعاة للدهشة والاعجاب فحسب , بل هي مغرية الى حد التساؤل : كيف تكوّنت ؟ وما هي المواد المستخدمة في تشكيلها ؟ . وهذا يستدعي بعض التحليل , لكن بعد قراءة النص التالي : رأيت فوقي نجمتين من الزبرجد وغيمة لها شكل خرافي . عناصر متنوعة تضافرت فتمخضت عن هذه الصورة المبهجة . أولا : سلامة اللغة التي هي من شروط جمالية القصيدة , في رأي النقاد القدامى , وبعض النقد الحديث . ثانيا : التجربة الانسانية التي هي جزء من المنجز الجمالي في كل الفنون . ثالثا : الصفاء الذهني والذي يرتبط في حالات معينة مع البعد الرابع للانسان ( البعد الروحاني ) , فيبدعان معا جمالا مميزا ؛ وهذا يعيدنا قليلا الى فلسفة " هيغل " الذي اعتبر " الروح " القوة المحركة الوحيدة في التاريخ . رابعا : اختيار المفردات النادرة الذكية , والتي تتواءم مع طبيعة الفكرة وطبيعة السياق . مفردتان في هذا التعبير المبتكر هما في رأيي الركيزة المعتمدة لهذه الجمالية . الاولى " الزبرجد " الذي اتخذ ثلاثة ابعاد : اللون ـــ المسافة ـــ القيمة . فهذا الحجر الكريم النفيس بلونه الاخضر الزيتوني , كان منذ العصور الماضية يغدق البهجة والفرح , ويجلب السعادة والحظ , في معتقدات بعض الشعوب القديمة كالمصريين والصينيين والكلدانيين . والمفردة الثانية" خرافي " كمادة خصبة للجدل بين الشك واليقين , مثال الالياذة والاوديسا وتغريبة بني هلال . هذه المفردة تثير فينا التصور , وربما التخيّل : شكل الغيمة عبر ملامح وهياكل مختلفة : شجرة عجيبة , حيوان خرافي , كتلة من الريش , طيور اسطورية , زعانف لاسماك هائلة , سفينة شراعية وهلم جرا. فنصل بالضرورة الى ظاهرة " التداعي" أي الترابط , ترايط الافكار , استدعاء الفكرة فكرة اخرى في الوعي . وما يميز هذه الظاهرة انها غالبا عملية مشتركة يقوم بها الشاعر ثم المتلقي : النظر المتأود صعدا استدعى النجم , والنجم بلمعانه وقيمته المادية ليلا .. استدعى الزبرجد , الغيمة بشكلها الفوضوي استدعت الخرافة . كتلة الريش استدعت الطيور , والزعانف استدعت السفينة . وقد يبرز السندباد في قصته مع الحوت الذي نام الف سنة ! وهذه الظاهرة كما خبرناها في الكتب , كانت معروفة منذ أرسطو , وقام " توماس هوبز " بربطها بالعملية الخيالية , ثم طورها " لوك " بحيث تركت اثرا عظيما في الميدان الأدبي . ومن اسباب الجمالية عند عرايدي , ان العبارة في الكثير من نماذجه تجتاز مساحة التقنية (التكتيك ) الى فضاء العفوية , لتتحد مع البيئة الجغرافية التي لها تأثير مباشر في أداته الكتابية ؛ الجليل الساحر بمكوناته وتاريخه . وليس شرطا ان يتناول الشاعر الأشياء الضخمة حسية او مادية كي يحقق الجمالية , فالشاعر الموهوب يحقق ذلك بأشياءَ صغيرة وعادية جدا , كهذه النبتة في حديقة منزلية : في حديقتي نبتت سريسة هكذا ببطء وهكذا بصمت في قمة الجمال اراقبها كل يوم , وافكر في قدرتها على الاحتمال . هذا التوافق بين الشعور والخيال والنظر , منح هذه الشجيرة حيوية وجاذبية . وهاهنا استعيد رأي " شارل لالو" بحديثه الشائق في علم الجمال : ــــ ان جمال الشيئ لا يتوقف على طبيعته , بل على حرية الادراك والتخيّل . وان كانت المرأة في معظم الشعر العربي , خاصة القديم منه , ترفل بحلة من الاوصاف والنعوت المكرسة لاحتواء جسدها ؛ ابتداء من " التاج " الحرير , الى اخمص القدم ! فان شاعرنا يضرب صفحا عن هذا التقليدي المبتذل , فيرقى الى ما هو أسمى , ذوقا وجمالا : تعالي نسكن تحت العرائش في العراء نأكل التين والرمان والعنقود في صبر الوعاء تجدر الاشارة ان الجمالية عند نعيم عرايدي ليست محصورة في النماذج التي سقناها للدلالة فقط , بل تنداح هذه الجمالية على قسم كبير من اعماله القيّمة , والتي تستحق التقدير , نظرا لأصالتها وانضوائها تحت عريشة اجمل ما قيل في الشعر المعاصر , نهجا فكرا وابداعا . نقد النقد في "النهر المقدس" ! للناقد الليبي المبدع جميل حمادة جهود بارزة في معالجاته للقصيدة الحداثية في شعر الشباب الليبي , كذلك له موقف نقدي صارم تجاه الشعر العمودي يتلخص بأن القصيدة العمودية " اصبحت سجنا لعقولنا وارواحنا في اطارها الضيق "! . وقد وجد الناقد فرصة لتعزيز موقفه هذا , أثر عنوان اوردته جريدة السفير اللبنانية في احد اعدادها " النهر المقدس غير صالح للاستحمام " . تقصد احد الأنهار الهندية المقدسة الذي اصبح ملوثا من تعدد استعمالاته . وهكذا الشعر القديم في رأي حمادة . بديهي ان في الميدان الديمقراطي لكل رأيه او موقفه صراحة وعلنا , لكن من الحكمة ألا يجازف القلم بالشطحات المارقة , ويستند الى وجهات نظر فردية , حيال القضايا الكبيرة والمعقدة كقضية الشعر , بل عليه ان ادلى بدلوه ان يكون على جانب من الابانة والاقناع , والا يصبح موقفه عرضة للتجاهل او الانهيار ؛ وفي افضل الحالات ’يناقَش ويدحض . الحقيقة ــــ باختصار ــــ ان القصيدة العمودية والتي عمرها يزيد عن الف وخمسمائة سنة , ما زالت مؤثرة في الوجدان العربي والفكر العربي ذوقا حماسا لغة وموسيقى . وان الثورة على الفراهيدي بكل عنفوانها , وان لاقت آذانا صاغية هنا وهناك , الاّ انها لم تستقطب الجمهور العربي , بل اسست لحركة الشعر الجديد , وهذا انجاز جيد . لكن المرفوض في رأيي الشخصي ما يقوم به دعاة التنكر لكل قديم , كالشعر العمودي لمجرد انه قديم ! . ناسين او متناسين ان شعراء قدامى مثل ( رهين المحبسين) المعري يعتبر محدثا في زمانه , فهو اول من نادى بالاصلاحات , واستطاع اخضاع القوة العسكرية لقوة الفلسفة والعلم ؛ كحكايته مع الامير اسد الدولة زمن الحمدانيين , كذلك ابتكاره اول فكرة ديمقراطية تغلغلت بفضل المعري الى الشعر العربي , بل كانت هذه فكرة الديمقراطية الحديثة . وحق للمعري ان يقول : ـــ وانى وان كنت الاخير زمانه / لاتيت بما لم تستطعه الاوائل . لكن المعري في نقاشنا ليس نقطة البيكار , انما المحور المنشود هو المنطق يمسكنا عن النظر الى الشكل كمقياس للحداثة او عدم الحداثة , فالشكل هو مجرد وعاء تصاغ فيه الافكار . المهم في القضية هو المستوى والقيمة الأدبية ؛ باستطاعة شاعر ان ينظم قصيدة عمودية بلغة حضارية وايقاع عصري , وبالمقابل نجد في الشعر الحديث الكثير من قالبيات التقليد , لغة فكرا ورؤيا . ومن هنا نستنتج ان " التلوث " ان وجّد , فمصدره ليس القِدم او عكسه , بل سببه في كل الاشكال والازمان , النصوص الشعرية الركيكة التي تغامر بين الروائع . لذلك لا أرى ضرورة لجدل النقاد حول شكل القصيدة ؛ هلاّ يدخرون هذا العمل فيما هو اجدى للشعر والشعراء . ثمّة كلمة , أخي جميل حمادة , ان العقول لا يقيدها / يسجنها الشكل أو المظهر , بل تقيد نتيجة عجزها عن الابتكار والتجديد . أمّا " الروح " كمنحة من السماء غير قابلة للخضوع القسري , فلا يحد حريتها قالب او حاجز . |
|||
03-12-2008, 02:17 AM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
مشاركة: الجمالية في شعر نعيم عرايدي
نور عامر
هنا الصمت أبلغ كُلها أحجار نفيسة وسلام وود وتحية |
|||
03-12-2008, 02:59 AM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
مشاركة: الجمالية في شعر نعيم عرايدي
سلام الله عليك ايها الوارف
ثمة من صافحوك في حاشية ما نثرت : http://www.fonxe.net/vb/search.php?searchid=13988 نتمنى تواصلكم وتفاعلكم كل الود |
||||
21-12-2008, 09:52 PM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
مشاركة: الجمالية في شعر نعيم عرايدي
الأخ العزيز زياد السعودي
اشكرك على تعليقك اللطيف. نور عامر |
|||
22-12-2008, 08:57 PM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
مشاركة: الجمالية في شعر نعيم عرايدي
الشاعر عدنان الخشرمي
تحية طيبة أشكرك على تعليقك اللطيف . نور عامر |
|||
30-05-2010, 07:53 PM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: الجمالية في شعر نعيم عرايدي
ننقلها لركن تحت الضوء
مع كل الود |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|