[أحمد علي]

أسير الصحراء ..

بينما كنت أتجول في الصحراء بحثا عن قطرة ماء ..
تروي ظمأ الروح ، فإذا بشيخ كبير يتكئ على منسأته
ويجلس تحت شجرة ضخمة ..
رمقني بنظرة فاحصة ماحصة
زادت من جفاف ريقي ورغبتي الشديدة في الفرار من أمام
وجهه المخيف ..
أتفتش عن الماء بني ..!
هكذا ابتدرني رافعا عصاه الغريبة ناحيتي ..
وتمتم في وجوم : في صحراء مللي .. سأغرس حبوب الأمل ..
عسى السماء ترفق وتمطر ..
انتظرته حتى يفرغ من تراتيله والقاء تعاويذه
على أمل الحصول على بضع رشفات من المياه
فقد استبد بي العطش وبلغت روحي حنجرتها ..
وقبيل بلوغ اليأس ذروته مني ..
أردف قائلا :
الماء لقاء إجابة سؤالي ..
في الحقيقة كنت على استعداد لحل معادلة رياضية
بثلاثة مجاهيل مستحيل حلها ، نظير قطرة ماء
فأجبته سريعا بصوت متحشرج
هاااا ت ما عندك ..
سكت للحظة قصيرة مرت علي كـ دهر كامل
ثم قال : ما الشيء الذي يمشي في الصباح على أربع
وفي الظهيرة على اثنتين وفي المساء على ثلاث !؟
ولحسن حظي كنت أعلم الإجابة فقد مر علي السؤال من قبل ..
استجمعت ما تبقى عندي من طاقة وقوة
وتقدمت للأمام وقلت هو الإنسان ..
رشفة ماء يا راعي العصا ..!
مد يده من بعيد فإذا بها تستطيل حتى تقطع المسافة بيني
وبينه البالغة أكثر من ستة أمتار ..
خيل إلى أنه أمر طبيعي لأني أهذي من شدة العطش
التقمت قربة الماء ولم أدع منها قطرة واحدة ،
عندما أنزلتها من على فمي ..
لم يكن أمامي لا شيخ ولا منسأة ولا شجرة ،
فقط قربة المياه في يدي ..