۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - سلسلة ضوء الشاعرة جهاد بدران على نصوص فينيقية
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2020, 10:31 PM رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: سلسلة ضوء الشاعرة جهاد بدران على نصوص فينيقية

النّص : شريعة
النّاص : عدنان حماد
القراءة : جهاد بدران
.............................


النّص :


منذ الولادة إيم الله يا بلدي
ألفيت اسمك منقوشا على عضدي

لم تغر روحي حقول النفط قاطبة
فالسعد ظلك رغم الشح والكمد



القراءة :


ما أبلغ هذه الكلمات وما حملت بين ثناياها معالم جمة ودرراً تندرج تحت مسمى الوطن..
بيتان من الشعر يعدلان لوحة فنية نفيسة لا تقدر بثمن، تعلق على خيوط الشمس وهي تمتد نحو عيون الوطن..

/شريعة/
العنوان وما يحمل من دلالات عظيمة، ينبثق منه مفاهيم جليلة، بتأويلات تكتب من قلب الأرض المقدسة..
الشّريعة/ تأخذنا نحو اتجاهين، الاتجاه الأول: الشّريعة ما***شَرعَه***الله لعباده من العقائد والأحكام.
والثاني: معناها، طريقة ومنهج.
وهنا في هذه الومضة، يصلح المعنى الثاني، وهو الطريقة والمنهج الذي تربى عليه الكاتب (أو الشخصية التي رسمها في مخيلته) منذ ولادته..
وسنوضح هذا المنهج الذي أصبح غذاء يومي للكاتب، وانغرز في حياته كطريقة حياة ممتلئة بالقناعة والرضى..
الشاعر يتحدث باسمه عن هذه الطريقة التي يستخدمها كأسلوب حياة.. فقد قال:

/ منذ الولادة إيم الله يا بلدي
ألفيت اسمك منقوشا على عضدي /

يستعمل الشاعر القسم/إيم الله/ ليؤكد تأكيداً جازماً لا شك فيه، أن اسم بلاده بات منقوشاً على عضده منذ ولادته، تأكيداً على عامل وراثي للحب لها مع تعاقب الأجيال، لينمو هذا الحب ويكبر لبلاده المقدسة، مما يدل على إخلاصه وتفانيه لها..
سنلاحظ في عجز البيت، أن الشاعر استخدم تعابيره بالحديث عن نفسه، ولكن كان كناية عن بلادنا فلسطين الحبيبة..
فاسمها /منقوشاً/ أي محفوراً، والنقش إنما يكون بطريقة يصعب إزالة أثره، لأن النقش يكون فيه مهارة صعبة وفيها دقة وفيها جهد كبير حتى تتم عملية النقش، وكأنه يريد القول، أن فلسطين منذ ولادته قد حُفر حبها على جسده منقوشاً بطريقة لا يمكن محوها أبداً حتى الممات بعد عمر طويل للشاعر، والنقش إنما وضعه بمكان يوضح فيه أبعاد ما يريده بطريقة احتراف ظاهر وذكاء فذ، مما يوحي لدلالات لها أثر ومعالم قوية المضمون، في إبراز تعلقه الشديد بها..

/لم تغر روحي حقول النفط قاطبة
فالسعد ظلك رغم الشح والكمد/

هنا ينقلنا الشاعر لدلالات الغنى والفقر في آن واحد، وهذه دلالات متضادة، تعكس جمالية المحتوى، وقدرة الشاعر في الجمع بينهما بطريقة حكيمة جدا لخصت الوضع العام لسياسة بلاده، ونهجها الذي اتبعته بعيدا عن المغريات التي تقدّم لها كمساعدة نفطية ملغومة لها أبعاداً سياسية معتمة، ليتم اصطيادها فريسة كلقمة سائغة لهذه الدول النفطية، تحت ضغط عامل النفط لتكون كرت تلاعبٍ تفعل بها ما تشاء، والشاعر هنا بمهارته، استطاع التعبير عن ذلك بلغة الأنا / لم تغر روحي/ وهي تشتمل بنفس الوقت على لغة الجماعة، وهذا ساهم في توضيح علاقة الفرد بالجماعة، علاقة بين سياسة الفرد وسياسة المجتمع الفلسطيني، على أنه يتماشى في بؤرة واحدة لا وجهان فيها، بل عملة واحدة لوجهة واحدة، وهذا يُظهر قوة الفرد الفلسطيني وهو يتنفس من قوة المجتمع كوحدة واحدة أمام الإغراءات المادية النفطية لتصبح في أعلى مراتب الغنى، ثم ترفض هذه الإغراءات بقوة رادعة لسياسات التركيع، رغم ما يكتنفها من فقر مدقع. وهذا يدل على معنى شعب يبحث عن حرية بلا تنازلات ولا ضغوطات نفطية اقتصادية..
فلسطين ترفض الخضوع والذل والهوان أمام مارد الغنى المعروض للمساومة على البلاد لتصبح حجر النرد بين أيديهم..فالشاعر يقول:

/حقول النفط قاطبة/

كلمة /حقول/ تدل على مهارة التوظيف الدقيق لدى الشاعر، فلم يستعمل كلمة نفط لوحدها والتي تدل على كمية غير محددة، فممكن أن تكون براميل نفطية قليلة. لذلك حدد أنها حقولاً، كي يظهر مدى الاغراءات التي تتعرض لها فلسطين مقابل جرة قلم للبيع، وفوق ذلك كله ترفض هذه العروض الضخمة مقابل كرامتها وحريتها التي تقاتل لأجلها في سبيل الله لنيل الشهادة مقابل الأرض الحرة.. عملياً هذا الإغراء لا يصلح مع فلسطين الدولة النقية الطاهرة، ولا مع شعبها، فهي كل ما تريده، حرية مطلقة تأخذها بسواعدها النقية ورجالها الأحرار الأبطال الذين يحملون أكفانهم على أكتافهم مقابل أن يمسحوا عن وجهها غبار الحزن والوجع، ويقلعوا أنياب المحتل التي تجذرت في أراضيها..

/فالسعد ظلك رغم الشح والكمد/

وهنا يوضح الشاعر بشفافية حبه لها، من خلال تعلقه بظلها والذي يدل على قمة سعادته، لا النفط ولا كنوز الدنيا تغني عن ذرة واحدة من أرضها المقدسة، بالرغم من الشح والوجع والمعاناة التي تتعرض لها فلسطين وأبنائها البررة..
لا تريد حرية مشروطة أو مسمومة، هي تريد حرية بلا قيود، وهذا هي شريعتها ومنهجها في التعامل مع من يريد إغرائها بشتى الأساليب، والحفاظ على معاني الكرامة والحرية الصحيحة بمعناها الأعمّ، لذلك جاء العنوان يلبس البيتين بإتقان وبراعة بلباس على مقاس حجمها، وهذا هو قمة الإبداع الذي يوظف دلالة العنوان بالمحتوى المشار إليه ببنان الشاعر، هذه هي بوصلة الاستقامة لفلسطين..

شاعرنا الكبير البارع حرفه المبدع
أ.عدنان حماد
لا يكتب مثل هذه الأبيات إلا إنسان صادق يحمل قول الحق في وجوه الطغاة ولا يهابه لومة لائم..
لا يكتبها إلا من يحمل في قلبه الغيرة على الأرض المقدسة..
الشاعر الراقي عدنان حماد، كتبتم بيتان من الشعر يعدلان ما تقوله فلسطين بشعبها الأبي الحر المناضل..
دام قلمكم ثائراً على الظلم وأهله، ودام منارة الشعر والأدب..
رعاكم الله وحفظكم ومتّعكم بالصحة والعافية ورضي عنكم وأرضاكم..
احترامي لقلمكم الفاخر والرشيد..
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/