الموضوع: يوميات محجور
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-2021, 03:02 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
قصي المحمود
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
العراق

الصورة الرمزية قصي المحمود

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


قصي المحمود غير متواجد حالياً


افتراضي يوميات محجور

يوميات محجور
لم يخطر ببالي يوماً أني سأكون تحت الأقامة الجبرية، كنت اسمع عن هذا المصطلح العقابي المخفف عن عقوبة السجن وهذا الفرق يعرفه أهل السلطة والسياسة أكثر من غيرهم ومارسوه بالتناوب! ولأني العبد الفقير لله بعيد عن العبة السياسية والتناوب ما بين حاكم أوتحت الأقامة الجبرية إن رحم به، لهذا كنت لا التفت لهذا المصطلح الا أن كورونا اللعينة وضع الجميع سواسية تحت الأقامة الجبرية، هذا الوباء اللعين والكائن الذي لا يرى بالعين المجردة وهو لا يملك القنبلة الذرية والصواريخ العابرة للقارات والطائرات النفاذة العابرة للصوت ولا الدبابات والمدرعات والقنابل المنفلقة والكيمياوي ولا القنابل المسيلة للدموع ولا قوات النخبة أخضع الجميع للاقامة الجبرية ..يا سبحان الله ..فقد تساوى الفقير والغني والحاكم والمحكوم والكافر والمؤمن واللص والنزيه وصار الجميع تحت الأقامة الجبرية !!كنت أظن في باديء الأمر ما هي الا أيام وينتهي الحجر والحظر ولكن الفترة طالت فدب دبيب الملل، الزوجة وهي متأقلمة مع مملكتها البيت لكن نحن الرجال ماذا نعمل، حتى الزوجة بدى الملل عليها لتدخلنا في ادارة شؤون مملكتها، بدأ الرجل (يقترح) وجبة الغداء والعشاء ويتذمر من هذا وذاك، الأولاد كذلك اصابهم الملل فلا علاقات خارجية مع الأصدقاء ولا مدارس وكليات ووو..في البداية توجهت للعبادة وقراءة القرآن الكريم حتى ختمته رغم ممارستي للكتابة والقراءة بين الحين والآخر وما كان هو اشبه بالإعتكاف والرهبنة، لكن الحياة تتطلب الموازنة وهو ما موجود في الشريعة والتفاعل مع الحياة من عمل وعلاقات إنسانية، تقطعت السبل وتفرقت الأرحام وتباعدنا مع الأصدقاء، في اليوم الأول للحجر دخلت العائلة في الاِنذار(ج)، شاهدت وجوههم المرتبكة ، وبعد مرور الأيام أدركت عليَّ الابتعاد قليلا عن السلطة الأبوية وهيمنة الذكورية فهي تمارس متباعدة ارشادية لا يومية بعيون مراقبة لأدق التفاصيل البيتية، أدركت ذلك وكان عليَّ التصرف بحكمة لأن كل علماء الاجتماع والتقارير الصحفية والاعلامية يؤكدون أن بقاء الرجل في البيت لفترة طويلة يولد ضغط نفسي له وينعكس ذلك سلبا على العائلة مما يسبب مشاكل عائلية وحالة من الاضطراب النفسي واحينا عند بعض العوائل يساهم في تفككها، رغم الكآبة التي داهمتني في الأيام الأولى للحجر الصحي وجدت نفسي في صراع ذاتي وكان علي أن انتصر لنفسي وللعائلة، فخرجت من العزلة أولاً كما اسلفت بالعبادة وقراءة القرآن ونفضت عن مكتبتي كثير من الكتب المهداة لي من الأدباء وقرأت ما لم اقرأه، راجعت كثير من النصوص التي كتبتها وكانت حبيسة الأدراج واعدت صياغة بعضها، لفني الصمت مع العائلة وابتعدت عن التدخل في صغائر الأمور، تدخلي في المطبخ احيانا للمساعدة لا أكثر، كنت اقرأ في عيونهم الدهشة وكنت اتجاهلها لأني تخليت عن كثير من الأمور حتى تلك التي ما قبل الحجر لأنها كانت غير منظورة وطبيعية في سياقها الطبيعي لكنها الآن جزءاً من مجموع السلوك اليومي في ظل الحجر، كنت أدخل النت قليلا واحيانا اقطع الشبكة عن الهاتف واغلق الحاسوب متذرعا للاصدقاء بضعف الشبكة او انقطاع الكهرباء وهي تهمة لشركات الانترنت وللكهرباء جاهزة وفيها مصداقية لما يعاني الجميع منها،البعض من الأصدقاء شغله الشاغل الحديث الطويل الغير منتج وكأنه يريد قضاء الوقت برأسي المزدحم أصلاً، عدت للمنتديات الأدبية فهي تعطيك حرية ملتزمة في الرأي مقيدة بضوابط أدبية ومغلق للأعضاء ولرواد الأدب لا يدخله متطفل جاهل أو حاكم مستبد أو طائفي بغيض أو لص وقاتل مأجور عكس الفيس مقيد فيه ويدخله كل من هب ودب وعليك مجاملة المتحذلق والطائفي وانصاف الأدباء ومن لا شغل لهم الا المعاكسة والثرثرة المقيتة وطلبات الصداقة التي أكثرها للفرجة لا للتفاعل، مع مرور الأيام توطدت علاقتي بالأولاد رغم المنغصات القليلة ولكنا كنا نتجاوزها، ذات يوم سألتهم: من منكم يعرف لعب الورق، علت وجوههم الدهشة والاِرتباك لكني تداركت الأمر وقلت لهم : حسنا أني أعرف كلاكما تعرفان لعبة الدومينو ..هيا نلعب، ساد الصمت برهة ثم اسرع أخر العنقود وهو طالب مرحلة أخيرة (تخرج هذا الشهر) هندسة كهروميكانيك ليأتي بالدومينو وسط ضحكات الجميع






  رد مع اقتباس
/