العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-09-2020, 09:16 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الفرحان بوعزة
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


الفرحان بوعزة متواجد حالياً


افتراضي قراءة تحليلية لقصة "جريمة/ للمبدعة نوال البردويل/ فلسطين

2 ـــ جريمة.... / نوال البردويل/ فلسطين
قراءة تحليلية لقصة "جريمة/ نوال البردويل/ فلسطين
تحت عنوان: الدلالة المضمرة بين الخيال والواقع
القصة:
اقتلعوا النخل... تطاول العشب... عَضّوا بَنَانَ النّدَم.
...............................
تـــقــديم
من حيث الشكل، ونظام السطر الواحد، وعدد الكلمات التي تفوق سبع كلمات، يتبين أن الكاتبة الفلسطينية أبدعت ومضة قصصية. والسؤال الذي يتبادر للذهن، هل الومضة القصصية لها استقلالية، تميزها عن باقي الأجناس الأدبية ـ خصوصا القصة القصيرة جدا. فالومضة القصصية هي كلام منثور يدل على معنى مراد مشروط بالتكثيف والإيحاء ونهاية مباغتة. ولا يهمها الانشغال بسرد الحدث والأحداث، بل جل اهتمامها أن تقوم بغرضها الفني في أن تلمع وتبرق داخل النص، وفي عقل ووجدان القارئ.
يقول مجدي شلبي "وهناك خلط مستمد من التسمية العشوائية التي أطلقها بعض النقاد المغاربة في بداية تعاملهم مع القصة القصيرة جدا؛ فقد خلطوا بين القصة القصيرة جدا و القصة الومضة أو الومضة القصصية و اعتبروهما شيئا واحدا." (1)
فالومضة تعني في اللغة: برقة، والبرقة، لمحة خاطفة ترتكز على سبب و نتيجة، أو فعل و رد فعل. تترك أثرا مباغتا و صادما و غير متوقع، و هو ما يجب أن تحدثه الومضة القصصية من أثر؛ فالنص الذي لا يباغت القارئ بنهاية غير متوقعة؛ لا يمكن اعتباره ومضة قصصية بحال من الأحوال.
بوابة النص/ جريمة
جاء العنوان كلمة مفردة تتبعها أربع نقط، دلالة على كلام محذوف، كأن نصا آخر غائباعن النص القادم، وكلمة "جريمة" تحفز القارئ على طرح أسئلة عديدة نظرا لحمولتها الدلالية المشينة، ما نوع الجريمة؟ ما هي أسبابها؟ ماذا وقع للجاني؟ في أي زمان ومكان وقعت الجريمة؟
فما معنى كلمة "جريمة" لغويا؟ نقول: جَرِيمَةٌ، جَرْمٌ،ارتكب الذنب الذي يعاقب عليه القانون، وقد تتعدد الجريمة في العصر الحالي منها: الفساد/ الزنا / السرقة / التطهير العرقي/ العنصرية/ ... وقد أثار انتباهي معنى آخر،الجرم هو القطع، جَرَمَ الشَّيْءَ : قَطَعَهُ/ جَرَمَ النَّخْلَ : جَنَى ثَمَرَهُ / جَرَمَ الثَّمَرَ : قَطَفَهُ.. وشجرة جَرِيمَةٌ: مقطوعة.(2)
البناء الفني للقصة الومضة
اقتلعوا النخل.../ اقتلعوا/ فعل الاقتلاع تم على يد جماعة من الأفراد، جماعة اتحدت وتضامنت على فعل اقتلاع النخل من أجل استئصالها من الجذر، وانتزاعها من مكانها، فعل الاقتلاع فيه نوع من التمرد والعصيان، واقتراف عمل شنيع. والمعروف عن النخل أنه ينتج ثمارا مستطيلة الشكل، لذيذة الطعم، التي تعدّ من أفضل الثِّمار المغذيّة.وقد ذكرها الله في كتابه العزيز(فيهما فاكهة ونخل ورمان ) سورة الرحمان /آية 68.
فكلمة "النخل" جاءت معرفة، نخل معروف ومعلوم لدى الجماعة، فلم يقتلعوا نخلة واحدة، بل اقتلعوا جميع النخل الموجود أمامهم، وهي عملية تصفية النخل وإخلاء الأرض منه.. فما المقصود بالنخل في الومضة؟ وما المقصود بتطاول العشب؟ ما هي الحالة التي استجدت بعد تنحية النخل؟
فالقصة الومضة "جريمة" استغنت عن الزمان والمكان، ولكنهما موجودان ضمنيا في النص، وحدث اقتلاع "النخل"؟ ! سار في كل زمان ومكان، تقوم به شخصيات متعددة ومختلفة التوجه، ومتضاربة المواقف،لا تفرق بين الحق والباطل. فالقصة الومضة مبنية على الحذف الفني، وخالية من الشرح والتفسير، والحشو الوصفي... والاقتصاد الدلالي الموجز. فخليل خلف سويحل يشبه التكثيف بـ" قطرة عطر فواحة". خالية من الزوائد اللغوية، شديدة الامتلاء بالمعاني البعيدة والدلالات المختبئة بين جمل قليلة. فهذا اللون القصصي يعتمد في الأصل على الأداء اللغوي والفني. فالكاتبة خلقت نصا إبداعيا صغيرا بثلاث جمل فقط، لكن النص يكبر كلما قمنا بالنبش في جزئيات هذه القصة الومضة "جريمة" يصل القارئ إلى رؤى كثيرة للحياة الإنسانية في المجتمع، من سلوك وطباع وثقافة وأفكار سياسية وما إلى ذلك.
القصة الومضة خالية من أفعال الوصل، يظهر، يبدو، يمكن..والأفعال الناقصة"كان" و"بات" و"صار" فالأفعال" اقتلعوا " تطاول " عَضّوا "، خلقت حركة وحيوية، وتصويرا لمشاهد متناسقة، وقد تكون متباعدة في الزمن والمكان، لكنها تبقى كحدث حي، يتطور وينمو مع شخصيات القصة الومضة/ الجماعة" فحدث انتزاع النخل، يجعل المتلقي يتخيل مشهد "الاقتلاع" وحبيبات التراب تتساقط من جذور النخل، كما يتصور مشهد "التطاول" بأعناقهم وأفكارهم، وأعمالهم الهادمة، ليصلوا إلى الأعلى. أما مشهد الندم فيتجلى في وضع الأسنان على الأصابع من شدة الغيض والندم على ما فعلت أيديهم. جمل قصيرة خالية من الصفات والظروف والروابط، ثم،الفاء" الواو" عندما" ولما" ...
استعملت الكاتبة بين الجمل نقط الحذف، دلالة على كلام طويل مسكوت عنه، تاركة الفرصة للقارئ أن يملأ تلك الفجوات الغائبة عن طريق مناقشة المبدعة والدخول معها في جدال يوصل إلى اتفاق أو تضاد. ومن خلال الإيحاءات الموجودة في النص، يمكن للقارئ أن يشعر بما يود الكاتب أن يقوله من المعاني الموجودة في مضمون النص، "فقصة "جريمة" لا تتحدث مع القارئ مباشرة، وإنما يتم إعلامه وإخباره بالتلميح والإشارة اللغوية بالتعمق في دلالات النص الداخلية مما يزيد شغفا وانشغالا بالقصة.
بناء وتركيب
وظفت الساردة كلمة " النخل " في انزياح جيد، حيث خرجت الكلمة عن معناها الأصلي إلى معنى آخر، له دلالات متعددة منها: / الطول / الصلابة / المناعة / الشموخ / الإنتاج / والمساهمة في النفع العام. جاءت الكلمة على صيغة الجمع، وهي تدل بالمعنى الواسع على الخلائق البشرية التي تتقلد المسؤولية بقوة وحزم وتدبير محكم، خلائق لها كفاءات ومقدرة على تسيير البلد نحو الأفضل، أناس لهم وزنهم الثقافي والمعرفي، لكنهم لم يحظوا باهتمام أكبر. واجهتهم عوائق كثيرة، فأبعدوا ومنعوا من إتمام عملهم على الوجه الأكمل، حيث وقف المفسدون في طريقهم، وعملوا على تنحيتهم بالقوة والعنف والتدمير. حتى يخلو لهم الجو أن يعيثوا في الأرض فسادا، بعدما وضعوا في أماكنهم كراكيز شبيهة بحشائش نبتت دون مطر، فجاءت مصفرة ذاوية خاوية من كل علم ومعرفة وكفاءة لتتحمل المسؤولية.. فتطاولت الخلائق/ الحشائش على حقوق الناس واستغلت الفرصة للاستغناء عن طريق الظلم والقهر والطغيان..والقتل والتشريد، وإخلاء الأرض من سكانها الأصليين. فندم كل من شارك في اقتلاع أصحاب الكفاءات/ النخل / بعدما أعانوا الطفيليات / الحشائش / على السيطرة والتحكم بدون جدارة واستحقاق، كأنهم حفروا حفرة فسقطوا فيها.
عَضّوا بَنَانَ النّدَم./جملة سردية منحوتة من الآية الكريمة كتناص يعزز الهدف والمراد:" ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، ياولتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا/سورة الفرقان./ فالطبقة الضعيفة تحالفت مع من تلبسوا بصفات الشيطان، وظنوا أنهم سيحققون خيرا للبلاد، لكنهم استبدلوا بما هو أدنى. فالآية الكريمة تقول" أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير". ففتحوا المجال لظهور الأقزام، وحينئذ ندم الجميع بعدما تآمروا على أصحاب المبادئ وأصحاب المواطنة الحقة، باعوا بلادهم للشيطان، وما القدس وغيرها من الدول/ العراق/ ليبيا/ سوريا/ إلا جزء من هذا البيع الماكر والجائر.
النص الغائب في الومضة
للقصة الومضة دلالتان: دلالة قريبة ودلالة بعيدة، فالنخل يعطينا الثمر، نتغذى به في حياتنا اليومية، يعطينا القوة لمباشرة أعمالنا. والعشب نافع لبهائمنا، فعندما نقضي على النخل، يجد العشب متنفسا للنمو والتزايد، منه الضار والنافع. لكن هذا العشب نما أكثر من الحد المعقول. فكلمة "تطاول" تتضمن دلالات واسعة حسب سياقها في الجملة، والمعنى الدال هنا بقوة هو /الاعتداء على حقوق الغير، وانتزاع ما في أيديهم وما يملكون،"تطاول" لا يبتعد عن التكبر والترفع، فكأنهم مدوا أعناقهم ليروا أكثر، من أجل تحقيق نوع من الانتهازية والوصولية.. صورة لا تخلو من التحريض والتشريد والقتل، ولا تبتعد عن خلق الفتنة والبلبلة والفوضى، جماعة متسلطة، بل مسخرة من جهات أخرى تكن العدائية لموطن النخل، جماعة مولدة ومصنوعة في الخفاء، تشتغل وراء الظلال. فانساقت وراء عدو مستتر كجماعة مصلحة، زينوا الكلام، وحملوا القتل فوق أكتافهم. ومن انساق وراءهم سقط في اللعبة، لكن بعدما انكشف القناع، وتعرت الوجوه الشريرة، فتبين لهم الباطل بين أعينهم، فندموا على ما اقترفت أيديهم، فلم يجدوا طعاما يقتاتون به.
خاتمة
ومضة مدهشة جمعت بين حسن الاقتصاد الدلالي واللغوي، فاكتسبت جودة في الفكرة والصياغة. اقتصاد مؤلم لتاريخ أسود إلى حد البكاء، وبذلك خلقوا تاريخا مريضا بعدما انفلتت منهم قيادة البلد للأفضل، رسمت الساردة لوحة من لوحات التخبط السياسي والاجتماعي والتدبير المرتكز على خلق الفتنة والفوضى، وهو المقصود في الومضة، فالنخل واقتلاعه/ ونمو العشب ما هي إلا صور تقريبية، تم الانتقال منها لتجسيد صور تخفي الحقيقة، فيها اعتماد على وسائط لغوية مشحونة بإيحاءات سياسية محضة. فالقصة الومضة "جريمة" تختزل رواية تاريخية في أقل الكلمات. تجري أحداثها بقوة في البلدان العربية.

..............................
1 ــــــ مجدي شلبي/ الومضة القصصية / ثقافة/ تاريخ النشر/26/08/2016
2 ــــ معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي






  رد مع اقتباس
/
قديم 17-09-2020, 10:35 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبير محمد
الإدارة العليا
عضو تجمع الأدب والإبداع
تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية عبير محمد

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عبير محمد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة تحليلية لقصة "جريمة/ للمبدعة نوال البردويل/ فلسطين

قراءة واعية
وإبحار عميق لحرف يستحق هذه العناية
وهذا الاحتفاء
جسّد المعنى برقي وجمال
بأسلوب يثير الدهشة.
تحية تليق بأديبنا القدير الفرحان بو عزة
وشاعرتنا الغالية نوال البردويل
وكل الود والورد








"سأظل أنا كما أريد أن أكون ؛
نصف وزني" كبرياء " ؛ والنصف الآخر .. قصّـة لا يفهمها أحد ..!!"
  رد مع اقتباس
/
قديم 17-09-2020, 11:14 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


فاطمة الزهراء العلوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة تحليلية لقصة "جريمة/ للمبدعة نوال البردويل/ فلسطين

هنيئا لمبدعتنا الرائعة النوال
وشكرا بلا ضفاف لأستاذنا السي بوعزة الخلوق والمعطاء
قراءاتك النقدية تعلم وأتمنى لو دونتها في الكلاسيكي كمجموعة تضم جميع النصوص التي اشتغلت عليها
شكرا لكما






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/
قديم 18-09-2020, 11:12 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
العنقـــاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أحلام المصري متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة تحليلية لقصة "جريمة/ للمبدعة نوال البردويل/ فلسطين

أخي القدير أ/ الفرحان بوعزة
دوما أؤمن أن هكذا قراءات تفتح شهية المبدعين
تقدير الكلمة و البحث خلفها بكل المحتمل من المعاني لإبراز أهميتها و أهمية الغوص فيها و في وجدان مبدعها يعلمنا الكثير من الدروس التي نظل دوما في حاجة إليها

شكرا لك أخي المبدع
و الشكر موصول للغالية نوال على هذا الإبداع الراقي

كل الاحترام






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط