من رسائلي إلى أبي رحمه الله وجعله في العليين ..

[راحيل الأيسر]

سأبدؤها بآخر ما كتبت :

( راحيل )

كان مختلفا هذا الاسم حين كان يمر من بين أوتار صوتك ثم ينبثق لحنا على شفتيك ..
كانت تخرج من عمق القلب حروفه ..

قلبك ساقية الرواء لجدب النفوس
دثار دفء يزمل ارتعاشة الروح
كم ضاق الكون بي على اتساعه ..
كم قريبا بات غريبا
كل الوجوه انطفأت
وحده وجهك قبس من حب
ما فتئ يشع حتى استحال قمرا
شاخصة أنا نحو السماء
يرفرف قلبي جريحا ندي الدمع
وعيناي نهر
وفي راحتيّ تشكلت منهما بحيرة
تلك مؤونتي وأنا أقطع صحراء عمر
أمسى بعدك قاحلا
صنعت نايي من قصب صوتك المخزون في الذاكرة
وكانت ترانيمي إليك أراجيز الحداء ..!



اللهم اجعله من ورثة جنة النعيم ..

[راحيل الأيسر]

وكانت أعيادنا تزهو ببركاتك
تفوح شذاً ببخور أنفاسك ، بطيب دعواتك ..
أيها القريب مهما بعدت ..
أيها الساكن في مجرى الوتين

فقط رائحة حضنك هي كل ما تختزله ذاكرتي في هذه اللحظة ..

رحم الله نافذتي المشرعة إلى السماء
كلما اجتاحني الصقيع
و تاقت روحي إلى الشمس
ألفيتها هناك تستدفئ ؛ حتى تضيء .. !




رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح الجنان..

[راحيل الأيسر]

عبثا نبحث امتلاءً للروح في الأماكن المأهولة ..
نكون هناك والعين تذرع الأفق ، تحملق في المدى ..
ثم تسقط منها جمرتان وهي تواسي عزلة القلب عن محيطه ..!

[راحيل الأيسر]

مذ لوحتَ بالرحيل ..
كتمت شهقتي ، و على غفلة منك حفظت بريق عينيك
لأزرعهما نجمتين في وجه السماء
كلما جن علي الشوق ..
يممت قلبي شطرهما .. !

[راحيل الأيسر]

لولا ذكريات فيها بريق وجوههم وعصف رياحينهم ..
لتوقف فينا النبض ..
أجلس على عتبة الأمس الوريف ..
يتحول قلبي إلى نافذة أشرعها للنور القادم من رواقهم شمسا ..
للمسك الذي يفوح من نسائم عبورهم ، يسكن شذاهم أناملي ؛ فأكتبهم ياسمينا ونرجسا ..
وقد سقيتُ من ذكرهم نميرا خالصا .. فأنى كتبتهم بسطت البلاغة يدها .. !

[راحيل الأيسر]

عن الشجن في قلبي من بعده والحنين
كتبت :







عتيق يا شجني كعمر المعابد
عتيق يا ربيب القلب
ساهم كطرقات الليل في برد الشتاء ..
حائر كابن السبيل يستأني العابرين يتوسل دليلا
مرهفا تذوب في حرارة دمعة انثالت مع انصهار مزق الروح
مبارك كصلاة عابد
كأكف الأمهات
إذ يضممنها بتمتمات الدعاء ..

فكن في خفقتي
في بريق العين
في همستي
في حنين لا فصال له عني ..!

[أحلام المصري]

رحمه الله رحمة واسعة وتقبله في أعلى الدرجات
وأدعو الله أن ينفعه بدعائك الجميل المخلص
وأن يمن عليك بالصبر والسلوان

راحيل الغالية
نعم الابنة أنت
فكوني دوما ريحانته التي تركها خلفه
تملأ الكون عبير الدعاء وأريج الرضا

بوركت وبورك الحرف النبيل

صباحك الخير والجمال والمحبة

[راحيل الأيسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري

رحمه الله رحمة واسعة وتقبله في أعلى الدرجات
وأدعو الله أن ينفعه بدعائك الجميل المخلص
وأن يمن عليك بالصبر والسلوان

راحيل الغالية
نعم الابنة أنت
فكوني دوما ريحانته التي تركها خلفه
تملأ الكون عبير الدعاء وأريج الرضا

بوركت وبورك الحرف النبيل

صباحك الخير والجمال والمحبة

آمين يا أحلام الغالية
رحم الله موتانا وموتى المسلمين
ورزقنا بر والدينا أحياء وأمواتا
وليجعلنا لهم عملا صالحا لا ينقطع ،

اللهم اكرمهم كرما يليق بجلالك وعظمتك
كرما أنت أهل له يا ذا المن والجود والكرم والإحسان
يا أكرم الأكرمين..

دعواتي لك بالخير وطيب العيش ورغده
محبتي وعميق امتناني لمؤازرتك ودعواتك ..
كوني بخير ورخاء وعفو وعافية 🌹

[راحيل الأيسر]

( ملأى المواجع تنحني بتهازم
والفارغات رؤوسهن شوامخ .. )


هائمة على وجهي في مدارات التيه ..
اللعبة التي كنتُ أمارسها مع ذاكرتي - كلما اثّاقلت سلالها بأزمنة مُرّة - لا تجدي الآن ..
الغيمة الحبلى التي خطفتُها معك من سماء الفأل الشاسعة علقتُها على شرفتي أنجبت ربيعا يعقبه ربيع يبسط يديه بحكايات عبأتُ منها خوابيَّ دهرا ؛ لم يأسن العمر ..

(( عماقريب ))

كنت تلقنها لي وأرددها معك
حتى صارت يقينا وسكنت عقيدة

ما التهمني الوجع كاملا
إلا يوم ( فقدِك )
كيف وفي كفك لي مرفأ
إذا ما جئتك كالبحر هادرا
فبين راحتيك أستكين ..

الذاكرة الشامخة ..
تجيد نفض الأزمنة الكئيبة عن عاتقها .. تلعب ( الاستغماية )

كيف أعصب عينيها إذا مامررت بها وأنت الساكن والمالك ..


(( عما قريب )) يازارع الفأل يابيدر الفرح نلتقي عند رب كريم
سيكرمني كما أكرمك !

عما قريب يا أبتِ
عماقريب !

[راحيل الأيسر]

والشوق يستحيل
عقيما ..
ما كل شوقٍ يلد لقاءً

اللحظات التي
يجيبك فيها الصدى على
ياءات النداء ..!



الساعة الآن : طيفك .. وشوقي العقيم .


ظلال الغيم
يشعل في الوردة الشوق
ثم لا ينبس ببنت قطرة ؛
فيطفئها ..!

يا جبلا كنت في عمق الروح راسيا
مذ رحلت وقلبي لا تكف زلازله ..!
مذ رحلت والأرض تمور ..
تصفعني ريح الفقد
أينما وليت وجهي ..!



اللهم اغفر لأبي وارفع درجاته في العليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

[راحيل الأيسر]

ورحل ..
وكأني في الأرض أول ثاكل
وكأنه أول راحل ..


أنا لا أبكيه جزعا
لا أبكي كمدا .. !

أبكي لأن في الدمع عزائي وفيه سلوى فؤادي ..

في الشارع
وبينما روحي شاردة في ذهولها المعتاد مذ فقدتك ، تلتصق عيني في وجوه المارة أبحث فيهم عن ملامحك ، أود أن أشتم في هذا الشيخ رائحتك
و في كف ذاك المسن لمستك ..

الإسكافي العجوز في آخر الحي المجاور أتعمد المرور من عنده سبعة أشواط ذهابا وإيابا ، لا يمكنني إلا أن أظل أدير إليه عنقي في كل مرة وإن بعدت عنه خطاي ..
فيه سكينتك ، في تفاصيل وجهه طمأنينة روحك ..لحيتك الوقورة ..

أتنفس عميقا ثم أغمض عيني وأظل منصتة في هدوء إلى أصوات الشيوخ هناك ..
تنساب نبراتهم لحنا رخيما في أذني تأخذ طريقها إلى أعماق روحي ..أبحث بين النبرات صوتا يشبه صوتك ..!

قد لا تصدق أو قد تصدق
فلطالما كنت توقن أني في قمة تعقلي مجنونة ..
أني هممت ذات يوم أن أستوقف شيخا كان ماضيا في حال سبيله منحنيا مثلك أثقلت السنون كاهله .. ربما له أبناء مثلنا أحنى عبؤهم استقامته ..
هممت أن أستوقفه لأقبل يديه ، لأبكي بكاءً مرا على حجره ، لأظل أمرر خدي على راحة كفه الحنون رغم خشونتها .. هممت بهذا كله وفي اللحظة الأخيرة وأنا منساقة بلاوعي أيقظتني صوت أبواق السيارات ، وضجيج حولي بين شاتم وساخط على هذه التي قطعت شارعا مزدحما دون أن تعرف أين ومتى وكيف ..
كنت أنت أمامي فقط .
كنت في روحي وعلى مرآيَ ومسمعي .. وذاك الشيخ على الجانب الآخر ..

كل يوم أنصهر دمعا ويذهب مني جزءٌ لا أظنه يعود ..
صوت أنفاسك ترتل آي كتاب الله ساعات السحر
صوتك تصحح لي مدا وتضبط لي ترقيق الراء المكسورة في ( ومن شر حاسد إذا حسد )
وطالني حسد نفسي فيك يا أبت حتى فقدتك ..!





( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ )

[راحيل الأيسر]

( على السرير الأبيض )


من غفواتك العصية تنتزعها ببالغ الجهد من فم الألم المتربص بك كنت تستيقظ مذعورا ..

عيناك المتعبتان تبحثان عني في الأرجاء ..
تنادي متلهفا فزعا .. تركتني يا ابنتي ومضيت ..
أكبّر بصوت عال وأنا قائمة من سجدتي لأعلمك أني هنا
مامضيت ، وأني لن أمضي ، وأني باقية أقبل قدميك وأغسل جسدك الطاهر المنهك بماء العين
إن كان يشفي
أو كان يجدي ..

أنا مامضيت ياروح الروح

لكنك من مضى !
لكنك من رحل !

[راحيل الأيسر]

(( تحت فيئك ))



صوتك الشجي ساعات السحر
أنفاسك الطاهرة ترقينا ؛ تستشفي لنا ..
أستحضرتُها مساء الأمس
فهبط وشاح الخدر مسترسلا حريريا على كامل بدني ..
تثاقل الجفن
غطتُ في نوم عميق لم تذقه أجفاني مذ فقدتك ..

والتقيتك في عالم الرؤى ..
كائنا نورانيا
ما أن صافحتك العين إلا وانبثق داخلي دوح فرح ، وخمائل أنس ..
ثم ذهبتَ بعيدا وابتلعك المدى ولمّا تعانق عصافير شوقي
المحلِّقة ضوءك ..
ولم أكوّر عمري لأضعه في كفك !


ذهبتَ بعيدا ولمّا أرتوِ من نوئك ..
وصرتُ أقتفيك حتى كلَّ المسير ..!






-------------------------


الساعة الآن : قلب مذهول

اخبريهم يا أماه عن ذات قلب مذهول
كلما جاءها زائر النور طيفا في المنام
هذت بتمتمة : أَجِئتَ يا أبتِ ؟؟

[راحيل الأيسر]

السهم الذي اخترق قلبي
ماكان سوى سهم اليُتم
قَلّبني في ليل كثيف الشفقة
شحيح الأمان ..
ممزق الأنين
عاجزٍ عن رتق ما فُتِق ..
يحتضر في المدى
عزفه الكليم
يتوه النعاس عن رأسه المثقل بمواويل الفراق
ويظل يدور
في غربةٍ وارتحال .. !

[راحيل الأيسر]

ليس لليتم ملامح بل له رائحة تشبه احتراقنا ..
رماد أرواحنا
يشبه ليلا طويلا نصب الأرق في زوايا خيامه
وترك في كل ركن خابية عطرية من أزمنة ماقبل اليتم ، يأتينا عبقها من دهاليز الذاكرة يحل فينا فجأة
بيد أن الصدر المحترق يأبى إلا أن يُصعِّد رائحة الاحتراق بأدخنته التي تستحث الدمع .. !

[راحيل الأيسر]

الجسد الخاوي الذي يتنقل بي بين الأحياء ..
يمر من خلاله ريح الحنين صرصرا عاتية
يرتعد ، يرتجف ، يهتز مضطرباً ..

الطفل الذي يضرب بقدمه الأرض إصراراً .
ثم يرتمي على ظهره يرفث بملء العند ..مُلحّاً لجوجاً ..

كنتُ من داخلي مثله تماما حين اجتاحتني نوبة الشوق الجارف لصوتك ، لرائحتك ، لضمك ، لعينيك الأمان ..

كنت أريد أن أصرخ ملء الكون أني أريدك لحظة ..
لحظةً يتوقف عندها الزمان عن الدوران ..
لحظةً تكون هي المنتهى ، وتكون فيها أنت كل الكون وآخر مافي الكون
ثم تنسدل أجفاني أنا لا أجفانك .. ( ربنا أفرغ علينا صبرا )

حملت شعوري الهادر ، ودسست رأسي في حضن أمي لا أدري كم لبثت !
لكني استيقظت بعدها من على سجادتي في محرابي الصغير
لا أدري من قادني ولا أذكر الأحداث بين المكانين ..

إنه الملجأ حين يضيق بنا الكون
إنه الباقي حين يرحل كل من كان ويكون !

سبحانه !

[راحيل الأيسر]

الحزن توأم الشوق العقيم الذي لايلد لقاء البتة ..
والدموع التي تنساب عفوا دون مبرر قد تكون مسبارا لعمق ما نعاني ..

تسربلت أمي الحزن أربعة أشهر وعشرا لم تكتحل ، لم تتطيب ..
وأخشى أني تشرنقته رغم تكرار محاولاتي في التحرر منه ؛ لم تسعفني أجنحتي يا أبت ِ ؛ كانت كسيرة مهشمة ..

هذا الفقد يتسلل أبدا كأفعى خبيثة تلدغ ضلعي الأيسر تبث سما باردا يسري في جسدي ..
إني أرتعش ..أفتقدك ..أفتقد دفأك يا أبتِ ..
يمضغني السهر ثم يبصقني في النهار منهكة نخرة ..

حين كنت أصطدم بنفوس الناس خارج أسوارك التي ربيتنا كنت أهرع إليك أختبىء في صفاء عينيك اللتين تعكسان طهرك .. كانت روحي تتكمكم في نفسها مرتجفة داخلهما وإن كان جسدي على هيئته ..
أنا اليوم أرتعش كثيرا ، وأنعزل أكثر .. إذ لا أجد يا أبتِ ملجأ بعدك إذا ما آذاني العالم خارج أسوارنا ..

الدمعة العالقة في زاوية عيني تأبى أن تفيض أو حتى تغيض تماما كغصتي .. رسمتني للناس وجها حزينا وشخصا هشا ضعيفا لم يستطع تجاوز حزنه رغم التشدق باليقين والاستسلام .. كما يظنون ..
لكنك تعلم يا رب من خلق الموت والحياة ليبلونا أني مؤمنة وأني مستسلمة وأن الحمد مافارق قلبي قبل اللسان ..
لكن الحزن مالح جدا يرسم أخاديد لا تنمحي في زمن يسير
وهذا الفقد على وجه التحديد يجعل العالم من حولنا رماديا
لاطعم
لالون
لا رائحة سوى رائحة احتراقنا التدريجي ..






معذرة إليك ربي وعفوا ومغفرة وبردا وسلاما .

[راحيل الأيسر]

بتوقيت خير يوم طلعت فيه الشمس .


للجمعة نفحات تمسح عن القلوب غبار التعب ..
سورة كهف تأوي إليه الأرواح من زحمة الأيام
ساعات نهدهد فيها الفؤاد بتمتاتٖ قبيل الأصيل ..
أقف على عتبة ذاك الوقت
ومن بقعة مباركة في أعمق الذاكرة وأعطرها مكانا
يطل عليّ وجهك ، يحلل عقدة قلب مذهول فيفيض بالدعوات ..

اللهم اكرم أبي كرما يليق بجلالك وعظمتك ..
يليق باسمك الأكرم ياجواد ..

[راحيل الأيسر]

أنا لم أخبرك ، أليس كذلك ؟


أن الكون بات شاسعا لاحد له ، تماما كوحشتي ..
وأنا فيه بعدك كابن السبيل المنزوي في ركن بارد ، تلتصق خواء روحه بصقيع غربته ..

باهتة مرتجفة كالشتاء
تجفِّفُ حزني ريحٌ باردة ..

الليل الثقيل غافٍ على صدري مذ ضل الكرى طريقه نحوي ، وضللتُ طريقي نحو كتف تأوي ملوحتي ..
ذات بؤسٍ حالكٍ مددت يداً مرتعشة أغترف من فيض الذكريات شربة أنس أبلل بها انفطاري ..
لواعج الشوق العقيم نزاعة للشوى ، تنهش شغافي بضراوة ..

أفرّ ..
ولا ساق تحملني ..!

من شواطىء أمْسِيَ الأبهى ألملم محاراً يرقد بين صدفيها مرحي ، طفولتي المدللة في كنفك ، مناوشاتي ،
شغبي ..
أتنهد بابتسامة دامعة ..
تحرقني تفاصيلها فأبيتُ كومة رماد ..

خيط دخان
تشتته هبة الريح في كل اتجاه ..

مثخنة بالعتمة
كل شىء أمامي تساوى مع نقيضه ..
فلا العشب يغدو أخضر
ولا زرقة السماء ..
ولستُ أشعر إن كان ..
هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ..

أنادم الشرود ..
أستعذب الغرق في أغوار الصمت
حيث أنا و حديث الروح معك ..
متعبة والألم قاطع طريق يسرق قوافل الفرح ، يقطع عنهم السبيل
إلى مهجتي ..
مثخنة بالعتمة
أتحسس طريقي
وأحمل على ظهري جثتي !

[راحيل الأيسر]

أولئك الراحلون ..
مذ ضمخوهم بطيب الكافور وتسلمتهم منا يد الغياب
بيضا كهيئة الملائكة..
ورائحتهم عالقة في طيات أيامنا ، نعطر بها حاضرنا ..
هبوب ضوعهم من ثنايا الحنين فرح مباغت يشبه المطر ..
يغسل القلب
يندلق الفجر -من خلالهم- بهيا في عتمة الروح ..يسَّاقط من سنا طيفهم خضل من نور يضفي على ثغر أمسياتنا حكايات تعتقت بدموعنا ..
حين تسربلوا النور ومضوا ..
تشبثنا بعرى دروبهم ..
خبأنا هناك الحلم والأمنيات والحكايات..
نعم هناك في ضفة تضمخت بتراب أقدامهم ..
في زمن اكتحل ببهائهم ودفئهم..

[محمد داود العونه]

بعد التحية الطيبة..
رحم الله والدك وادخله فسيح جنانه..
والهمكم الصبر والسلوان..
.
.
.
رحيل الأحبة دوما مؤلم..
شكرا على هذا البر والوفاء..
.
.
. دام مدادك البديع

[راحيل الأيسر]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد داود العونه

بعد التحية الطيبة..
رحم الله والدك وادخله فسيح جنانه..
والهمكم الصبر والسلوان..
.
.
.
رحيل الأحبة دوما مؤلم..
شكرا على هذا البر والوفاء..
.
.
. دام مدادك البديع

بل الشكر لك أستاذنا الموقر/ محمد داوود العونة
على كرم المرور وحسن المواساة
مرت سنوات أربع بل يزيد قليلا ونار الفقد مازالت مستعرة بين جوانحي تذيب مزقي و تصهر ندف الروح ..

اللهم اغفر لهم وارفع درجاتهم واجمعنا بهم في جناتك
جنات النعيم ..


شكرا وامتنانا لمرورك
حفظك الله لبناتك وأهل بيتك ، وحفظهم لك ، وبلغك فيهم قرة العين ، وأسعدك بهم وفيهم ومعهم ولا أراك في غال بأسا أو مكروها ..


سلمت وطبت وغنمت ..

[راحيل الأيسر]

أبدع السابقون ( من العامة ) في استخدام وتحديد الوصف الأدق ..
إذ كانوا يقولون ( مكسور القلب )
هل أحسست يوما بأنك مكسور من الداخل .
أن ضلوعك متهشمة وانحناؤك ليس إلا لتربت على نفسك.
أنت منحن كأنك تحنو على هذا الضلع المتألم ..
الألم أحناك ، قصم ظهرك
ظهرك الذي يلسعه العراء وتصقعه ريح الوحشة ..
وحشة عشعشت في حجرات القلب وامتدت حتى أتت على كل الكون من حولك ..
كون فسيح ممتد ، لكنه ممتد بالوحشة حد الضياع .

وأنت فيه طير مهيض الجناح .
يرتعش وحيدا
خائفا
متألما ..
مبتلا متكوما في حزنه .
كسيح ٌ صرعته كربته
في عينيه ذهول الهم وحيرة المصاب ..!

مصابي فيك لم يجدِ معه تصنع القوة
..
أنا مهزومة يا أبت ..
هزمتني الحياة أخيرا حين لم تجدك تسند قامتي من ذل الانحناء ..
أنا مهزومة
منخورة بالفقد
متصدعة بهمٍّ فاق طاقتي ..
سكنت العتمة فجاج الروح ..
فلا لون لشمسي
ولاطعم ليومي
ولا قيمة لغدي ..

كمتعثر يحاول النهوض وتخذله قوته ..
يتحسس طريقه
يجرجر نفسه لأن لزاما عليه أن يصل خط النهاية .

[راحيل الأيسر]

يرحلون ، ويتركون خلفهم غيابا مالحا ..
يتفشى الخواء .
والصدى يعوي .
ونحن في منفى دمائهم الباردة نتجمد .
صخبنا الزائف حافل بالموت .
أرواحنا أرجوحة مستوحدة تعبث بها رياح الليل ..
نحدق في أفق ملبد بالصمت .
الفضاء بعدهم واجم .
للذكرى دبيب ..
والذاكرة نصل ينحرنا على شفير الحنين .
يعبئنا ، ثم يفرغنا دمعا حارقا ..
ثرثار هو الحنين ..
تتناسل في هذره أطيافهم ، يوقظهم من مراقدهم واحدا واحدا ..
فيهرب منك بعده وسن كنت تعد له الجفن متكأ ..
وتظل تهذر معهم والحنين ..
والمهجع يرمقك ..


نظل نحدثهم كثيرا كما سالف عهدنا ..

تتشرب شقوقنا الظمأى تلك اللحظات ( نضحات فرح ) .
أصواتهم المتماهية داخل نبضنا ترتب إيقاعه على نبرتهم الحنون ..
حتى إذا هموا بالرحيل نستوقفهم ، وفي المدى ضوء يستحثهم أن حيعلا الخلود ..

نلملم أطيافهم في ماء المآقي نغلق عليها ..



نغمض العين .
نمتلىء شجنا .
نبتسم ...




تسقط دمعة ..!

[راحيل الأيسر]

وكلما استيقظت شمس ذكراك بين جوانحي .. وعصفتَ روحا وريحانا ، تنفستك بكاء حرى
حتى يسيج النعاس محجري
فألتقيك في عالم الرؤى
تحت خمائل رحمة المنان
ودوح رضاه ..