العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰

⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰ >>>> >>>> فنون النثر الابداعي ( نثر،خاطرة، رسائل أدبية)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-01-2024, 12:21 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ياسر سالم
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمةالأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية

الصورة الرمزية ياسر سالم

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ياسر سالم غير متواجد حالياً


افتراضي بين الشعر... والحياة..

أُكْرِهت على ذكر بعض ما معي من شهادات ، حين دمغني أحدهم بسيماء المتخلف عن ركب عصره والمنفصم عن واقعه، فلا يدري بما تدور به الحياة من حوله وتمور ، وماكنت لأذكر ذلك ولا أحبه ...

لقد كان أستاذي ومعلمي يحثنا على أن نملأ أيدينا من هذه الشهادات ما وسعنا ، حتى يُثمّن الناس أقوالنا ، ويقنعون شيئا ما بما نريده من نصح لهم ، فالناس - من أسف - قد دأبوا على المفاضلة بين الخلق على أساس هذه الأوراق الصماء التي لا تعكس في أحايين كثيرة حقيقةَ عقل من تشير إليه وتعنيه ..

* * *

المرء بأصغريه قلبه ولسانه.. هكذا يقولون ..
ويقولون أيضا :

لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده .:. فلم تبق الا صورة اللحم والدم

وأذكر أيام الجامعة (قبل عشرين سنة تقريبا ) أنني تجولت في معرض أدبي (راق ) باحدى الكليات الراقية .. وكنت وقتها أخبط في الحياة على غير غاية..
جعلت اتقلب في نواحي هذا المعرض الأدبي ، وأصعد النظر فيما يحوي ، فما وجدت إلا عبارات لا تستقيم على وزن ، ونثرا لا يمشي على ساق ، وقوافـي سمجة مهترئة ، صاخبة بالقبلات والآهات وكؤوس الهوى ، الا من النـزر اليسير
و مع تسليمي بأن الغزل الجميل الواعي لا بأس به ؛ إلا أنني قلت - بعفوية - لأحدهم ما معناه : ما ينبغي أن تكون هذه قيمتنا في قابل الأيام ، لأن من يريد أن يتعرف إلى أمة فاء إلى أدبها ..وهذا (أدب) مكشوف لا نعرفه ولا يعرفنا ولا يمثلنا ..

وكان وجه لومي هو اعتراضي على التداعي الحسي في حمأة الهوى بين شباب وشابات في فئة عمرية حرجة وبهم من النزق والفورة ما لا يحسنون معه من أمر قلوبهم إلا اجتراح الحب ونوازعه ودواعيه ، وإن لم يكن من سبيل لترشيد مسعاهم في تلك المرحلة العمرية ؛ فلا أقل من أن نمسك عن مسايرة ما تمور به صدورهم من نوازع ضارة مهلكة ، تُودي بهم وبمجتمعهم الذي يحملون مشاعله ..
كانت هذه ردة فعلي على ما يمكن أن أسميه تجاوزا ( جنوحا أدبيا ) يثلم المروءة ، ويخدش الوقار ، ويثير الرغائب .. فكيف إذا كانت البلوى من الشعراء في صلب الدين والعقيدة وتراث الأجداد ؟!

* * *

إننا أمة لها موروث تعجب منه غيرنا ، ولنا علوم كانت وما زالت أعجوبة الدهر ، بشهادة بعض فقهاء القوانين الفرنسيين .. وحري بمن ينتصب مرتديا ثوب هذه الأمة ، ومتجلببا ببُردها أن يدرك خصائصها ، ويدري ما هويتها ، حتى لا يتنكب صراطها ، ولا يستدبر قبلتها ، ولا يركل بقدم باردة كل تراثها ، أدبا وفقها وعلما ونورا ؛ لينتصر لفكرة جزئية ، لن يبلغ حرصه عليها - مهما بلغ - حرص ديننا الحنيف..
قرأت الكثير من الشعر ، وأدركت أن الشعر كثير ، والشعراء كُثُر ، ولكنهم في هذا المضمار كإبل مائة ، قلما وجدت فيها راحلة ..

لقد وقف أكثرهم عند حدود الكلمة المهيّجة ، حين تقاصرت هممهم عن تجاوز القول إلى العمل ، وحتى فِعْل أكثرهم ( إن كان ثمة فعل ) لا يَعْدُو أن يكون سعيا قد أُتِي بأفضل منه ممن هو دونهم قافية وثقافة وبهرجا

* * *

ويجدر بي أن أذكر أن للشعر - والشعر لا غيره - تأثيرا عجيبا في النفوس الوثابة إذا لم يزاحم فطرتها ، ويصبغها بكدرته ، واتسق مع مقومات الأمة وحضارتها ، ولم ينفلت من مدار شريعتها ، وليس الشعر الذي يلمع بالـ(لازورد) كبرق خالب ، وتضمخ معاقده بـ (الكولونيا) كعطر مرهف ..

وما أروع قول أبي محجن الذي امتطى الشعر مركبا تتجاسر من فوق متنه همتُه، قال لمن غمزته وقد سبق الجيش منقلبا :
إن الكرام على الجياد مقيلهم .: فدعي الحروب لأهلها وتعطري
كان فعله يسبق قوله ، ويلتصق بآلام وآمال أمته حقيقة لا ادعاء وزورا
* * *
كانت ثمة حروب طاحنة وأيام فواصل ، كان فيها المجد للسيف ، ليس المجد للكتب ، وما عرفت شعرا هَيّج المشاعر وأجج الثورات إلا ما كان ممن صاغوا قلوبهم على مقاس رغبة الدين كقصيدة أبي اسحاق الألبيري رحمه الله تعالى لأهل صنهاجة يستوثبهم على حاكم جائر قرّب اليهود، واتخذ منهم بطانة لا يألونه خبالا، وأنزل بني جلدته المنازل الدنيا، فأنتجت أبياته وأطفلت في ساحات القلوب، وأشعلت ثورة مغموسة بنخوة ...

ألا قل لصنهاجة أجمعين .:. بدور الندي وأسد العرين
لقد زل سيدكم زلة .:. تقر بها أعين الشامتين
تخير كاتبه كافرا .:. ولو شاء كان من المسلمين
فعز اليهود به وانتخوا .:. وتاهوا وكانوا من الأرذلين
إلى ان قال ...
وقد نكثوا عهدنا عندهم .:. فكيف تلام على الناكثين
وكيف تكون لهم ذمة .:. ونحن خمول وهم ظاهرون
ونحن الأذلة من بينهم .:. كأنا أسأنا وهم محسنون
فلا ترض فينا بأفعالهم .:. فأنت رهين بما يفعلون
وراقب إلهك في حزبه .:. فحزب الإله هم الغالبون

* * *

لقد كانت المعركة التي راعت اليهود ، ومزقت جلودهم ، معركة اكتوبر ، وكان أبي- رحمه اللع - ممن أكرمه الله بالعبور بعد أن قتل صديقه الذي كان يعبر معه، ولا ضير ، فقد كان - عليه سحائب الرحمات تترى - أحد عشرة أفذاذ هم أبطال الرماية على مستوى الجيش الثالث الميداني ، وكان يحكي لنا كيف كانت صيحات التكبير دليلهم إلى النصر.. وهذه الصيحات لم تكن لتولد في القلوب بكلمات الشعراء المنمقة مهما طن بها المغنيون والمغنيات ، وقد فعلوا مرارا... بل كانت نتاجا فطريا منسجما مع ما كان يتلوه علماء الأمة على مسامعهم في جبهات القتال من آثار رحمة الله بالأرض ، وسنة الدفع التى خلفت لنا إرثا بطوليا رائدا يعبق به سفر البطولة والرجولة والوفاء ....

* * *

ألا فلا قرت أعين كل شاعر آبق ، ينتحى من ديننا مكانا قصيا ، ويبكى بدمع مستعار على وطن مسلوب ، ويغفل أنه هو وأمثاله هم من سلبوه عزته ، وادعوا محبته، وتسلقوا على معالم دينه وتراثه ، وتمنوا لو يظل الوطن مسلوبا أبدا ، حتى لايتوقف سيل بكائهم (الأليم ) ...






  رد مع اقتباس
/
قديم 01-03-2024, 07:10 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ناظم العربي
فريق العمل
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فائز بالمركز الثالث
مسابقة الخاطرة 2020
العراق

الصورة الرمزية ناظم العربي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


ناظم العربي متواجد حالياً


افتراضي رد: بين الشعر... والحياة..

قرأت من أول كلمة لآخرها
وكانت مقالة قالت كل الحق بميزان الخلق القويم واسلامنا الحنيف
سلمت وبارك الله بك أخي الكريم






لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
ايُّهَا الْعَابِرُوْنَ هُنَا اشْهِدُكُمْ أَنِّيْ أُحِبُّ الْلَّهَ وَرَسُوْلَه
  رد مع اقتباس
/
قديم 02-03-2024, 05:26 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد داود الطريفي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن

الصورة الرمزية احمد داود الطريفي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


احمد داود الطريفي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بين الشعر... والحياة..

بوركت ونبضك النقي الصادق
تقديري وباقة زهر






  رد مع اقتباس
/
قديم 14-03-2024, 03:31 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ياسر سالم
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمةالأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية

الصورة الرمزية ياسر سالم

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ياسر سالم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بين الشعر... والحياة..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم العربي مشاهدة المشاركة
قرأت من أول كلمة لآخرها
وكانت مقالة قالت كل الحق بميزان الخلق القويم واسلامنا الحنيف
سلمت وبارك الله بك أخي الكريم
كم تسرني هذه المداخلة الجميلة .. ويكفي معناها لهذه المقالة قيمة وقدرا..
تحياتي لك استاذنا الجميل
وكل عام وانت والأسرة الكريمة بخير






  رد مع اقتباس
/
قديم 14-03-2024, 03:33 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ياسر سالم
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمةالأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية

الصورة الرمزية ياسر سالم

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ياسر سالم غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بين الشعر... والحياة..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد داود الطريفي مشاهدة المشاركة
بوركت ونبضك النقي الصادق
تقديري وباقة زهر
وبورك العبور المتوشح بالبياض والمُسَيٌج بحسن الظن.
تحياتي لك وكل عام انتم بخير..






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط